الأديب الأوزبكي الكبير عبد الله قهار
دخل عبد الله قهار (1907-1968) عالم الأدب
الأوزبكي ككاتب قصص رائعة وأستاذ متميز في هذا الفن الأدبي، ومع ذلك فهو كاتب وروائي،
وكاتب مسرحي. كشف في قصصه أفضل صفات الشعب الأوزبكي،من: العقل الواضح، والحكمة
الحياتية، والنزعة نحو الفكاهة. واستحق عبد الله قهار لقاء خدماته في مجال
الأدب لقب "أديب الشعب الأوزبكستاني" بعد وفاته.
سيرة حياته
يعتبر عبد الله قهار أديباً متعدد المواهب. ولد
بتاريخ 17/9/1907 بمدينة قوقند. وكان والده حداداً، يتنقل مع أسرته من قرية إلى
أخرى بحثاً عن فرص العمل المؤقته. وجلب العمل مع أبيه في الحدادة، للصبي سعادة
كبيرة. وفي الأمسيات كان والده يقرأ له صفحات تاريخية من الكتب القديمة المصورة
المهترئة. وبغض النظر عن كل الصعوبات التي واجهتها الأسرة استطاع أبيه عبد
القهار جليلوف، وأمه روحات، أن يوفرا له التعليم الإبتدائي. ومن عام
1919 وحتى عام 1920 درس عبد الله قهار في المدرسة، وبعدها استمر في تحصيله
التعليمي بالمعهد المتوسط التقني بقوقند. ومن عام 1926 وحتى عام 1930 درس في جامعة
آسيا الوسطى الحكومية (حالياً جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية
الأوزبكستانية). وأولى أشعاره "مع خسوف القمر" (1924) نشرها في مجلة
"موشتوم".
ويعتبر عبد الله قهار فناناً قومياً حقيقياً،
امتاز بأسلوبه الخاص. وأخذ مواضيعه ومضامينه الأدبية من الواقع الأوزبكي. وارتبطت
شخصياته الأدبيه بشكل وثيق بالحياة، والتقاليد، والعادات، وأخلاق، الوسط الذي قدمهم
من خلاله. وتشغل مؤلفاته: "السراب"، و"أنوار كوشتشينار"،
و"العصفور الصغير"، و"خرافات عن البياض" مكانة هامة في تطور
فن النثر الأدبي. وتحدث الكاتب في مؤلفه "خرافات
عن البياض" عن الناس الذين أبقوا أثاراً عميقة في ذاكرته. وقال عبد الله
قهار: "رسمت ما شاهدته في طفولتي. وكتبت الحقيقة، والحقيقة فقط. وإذا
كانت هذه الحقيقة تبدوا لكم، أنتم الشباب المعاصرون، رهيبة وغير واقعية، عندها
أطلق على آلامي، وحتى نهاية القصة الحقيقية، تسمية خرافة!".
ودخل عبد الله قهار عالم الأدب الأوزبكي ككاتب
قصة رائع وأستاذاً فريداً في هذا الفن الأدبي. حتى أنه أطلق عليه في الأوساط
الأوزبكية لقب تشيخوف الأوزبكي. وتحدثت قصصه عن أفضل ملامح الشعب الأوزبكي، العقل
الواضح، والحكمة الحياتية، والنزعة نحو الفكاهة. ولغة قصص عبد الله قهار موجزة
ومليئة بالأمثال الشعبية وخالية من الروتوش والتنميق التي تميز بها فن النثر الأدبي
الأوزبكي.
وكتب عبد الله قهار: "مرت سنوات طفولتي في
قرى وادي فرغانة... وعندما أتذكر طفولتي في أواسط ثلاثينات القرن العشرين، تبدوا
لي وكأنها حلماً فوضوياً غريباً... عندي الكثير من هذه الذكريات. وكثيراً ما تطفوا
على السطح، ولكنها مع ذلك بقت ولمدة طويلة في أعماق الوعي. وكان يمكن أن تبقى هناك
لولا أنطون بافلوفيتش تشيخوف. إذ منذ ثلاثين سنة مضت وقعت بين يدي مجموعة
مؤلفات تشيخوف الكاملة في 20 جزءاً. وقرأت تلك الكتب خلال بضعة أيام. وجرى
شيئاً غريباً، فمؤلف القصص الرائعة، وأستاذي الذي أحترمه بعمق أعطاني نظارته. وأضاف
عبد الله قهار "عندما وضعتها على عيني نظرت إلى سابق عهد شعبي"،...
وهكذا استيقظت في وعيي لوحات الطفولة، والحياة الماضية، ولكنها كانت أكثر وضوحاً أمام
عيني. ويمكن لهذا ولدت في أواسط ثلاثينات القرن العشرين بالكامل شخصيات الأبطال والأحزان
في قصصي: "اللص"، و"المريضة"، و"القوميين"،
و"حديقة المدينة"...".
وفي الأفكار التي قالها المبدع الكبير، والتي عمل من خلالها
دون كلل أو ملل على إغناء مضامين مؤلفاته وتوسيع ألوانها الأدبية، برز عبد الله
قهار ككاتب روائي، وكاتب مسرحي. وكانت الأكثر شهرة مسرحيته الكوميدية "سوزاني
الحريرية" (سوزاني، نوع من التطريز التقليدي الأوزبكي)، التي قدمت بنجاح على
خشبات العديد من المسارح في أوزبكستان وخارجها.
وترجم عبد الله قهار إلى اللغة الأوزبكية مؤلفات
لكتاب كلاسيكيين روس، وسوفييتيين معاصرين منها: "ابنة الكابيتان" أ.
س. بوشكين، و"المفتش العام" و"الزواج" ن. ف. غوغول،
و" الحرب والسلام" ل. ن. تولستوي، و"تيار الحديد" أ.
س. سيراموفيتش، و"جامعتي" م. غورغي، ومؤلفات أ. ب. تشيخوف،
وم. س. شاغينيان، وك. أ. ترينيوف، وغيرهم).
وتعرض الأدب الأوزبكي لخسارة كبيرة يوم 25/5/1968، حيث توفي
الأديب في واحدة من مستشفيات موسكو.. ولقاء خدماته في مجال الأدب منح عبد الله
قهار لقب "أديب الشعب الأوزبكستاني"، وقلد وسام "لقاء الخدمات
الكبيرة" بعد وفاته.
وفي عام 2007 احتفلت الأوساط الإجتماعية في أوزبكستان بذكرى
مرور 100 عاماً على ميلاد عبد الله قهار. وبقرار من رئيس جمهورية أوزبكستان
إسلام كريموف، حول الاحتفال بذكرى مرور 100 عاماً على ميلاد عبد الله
قهار أقامت الجماعات الإبداعية احتفالات بهذه المناسبة. ونظمت في المؤسسات
التعليمية لقاءآت، ومؤتمرات، وقراءآت لمؤلفاته بمشاركة النقاد الأدبيين المعروفين.
وأعلنت صحيفة "أوزبكستون أدبياتي وصنعتي" عن مسابقة لأفضل عمل مسرحي أو
موسيقي عن حياة وإبداعات عبد الله قهار. وأعدت المسارح مسرحيات جديدة من
مؤلفاته. ومن بينها: أعد مسرح حمزة في قوقند مسرحية من مسرحياته وهي
"صوت من القبر"، وجرى عرضها الأول في سبتمير/أيلول عام 2007. كما جرى
تصوير فيلم وثائقي عن حياة وإبداعات عبد الله قهار. وفي طشقند دشن نصب
تذكاري له، وأصبح بحق مبدعاً شعبياً قدم إسهامات لا تقدر في تطوير الأدب الأوزبكي.
من أعماله
القصائد الشعرية:
"مع
خسوف القمر" (1924).
القصص:
"اللص"؛
و"الرمان"؛ و"الخوف"؛ و"معلم الكلمة"؛ و"حِدادٍ
في حفل الزفاف"؛ و"محلة".
الروايات:
"السراب"
(1934)؛ و"الأنوار" (1951).
الحكايات:
"قشلاق
(القرية) تحت المحاكمة"؛ و"النجمة الذهبية"؛ و"العصفور الصغير"؛
و"الحب"؛ و"خرافات عن البياض"
المؤلفات
المسرحية:
"سوزاني
الحريرية"؛ و"الأسنان المريضة"؛ و"صوت من القبر"؛ و"أعزائي".
أعمال
أخرى:
كتب عبد الله قهار مقالات نقدية لاذعة، وترجم إلى
اللغة الأوزبكية قصة "ابنة القبطان" أ. س. بوشكين، وكوميديا "المفتش
العام" و"الزواج" ن. ف. غوغول، ورواية "الحرب
والسلام" ل. ن. تولستوي، والعديد من قصص أ. ب. تشيخوف.
ووفق التقاليد المتبعة في أوزبكستان أقيم في المنزل الذي
عاش فيه عبد الله قهار آخر أيام حياته متحف، وللراغبين بزيارته من زوار
طشقند إليكم عنوانه: أوزبكستان 700031، مدينة طشقند، شارع يونس رجبي (محطة مترو كسمانافتوف
"رواد الفضاء")، 26/1. وأبوابه مفتوحة للزوار من الساعة 10:00
وحتى الساعة 17:00 يومياً، والعطلة الأسبوعية يوم الإثنين. ورقم الهاتف: 2560804
(99871+).
بحث أعده أ.د. محمد البخاري، في طشقند، بتاريخ
11/11/2013 نقلاً عن المصدر الإلكتروني: http://www.ziyouz.uz/ru