تحت عنوان "الإسماعيليون:
تاريخهم وعقائدهم"
نشرت جريدة الغد الأردنية يوم 14/3/2014 مقالة جاء فيها: الإسماعيليون ثاني أكبر جماعة شيعية في العالم الإسلامي بعد الاثنا
عشريين. إذ يقدر عددهم اليوم بحوالي 12 مليونا، ينتشرون في أكثر من 25 بلدا في
آسيا وأفريقيا وأوروبا وأميركا. وقد بدأوا في السنوات الأخيرة يتواصلون مع العالم
ويعرفون بأنفسهم. ويعد مركز الدراسات الإسماعيلية في لندن أهم مركز للنشر
والدراسات حول الإسماعيلية، وقد أصدر كتاب "الإسماعيليون:
تاريخهم وعقائدهم"،
تأليف فرهارد دفتري؛ والذي يعتبر، كما يقول الناشر، أول تأليف شامل عن
الإسماعيليين؛ تاريخهم وتطور عقائدهم. وقد ترجم الكتاب إلى العربية، ونشر
بالمشاركة مع دار الساقي (2012(.
أقام الإسماعيليون
دولتين مهمتين في التاريخ الإسلامي: الفاطمية والنزارية (آلموت). لكنهم لم يظفروا
بأي ظهور سياسي منذ تدمير دولتهم وقلاعهم على يد المغول (1256م)، ودخلوا في مرحلة
طويلة من السرية والاضطهاد حتى منتصف القرن الثامن عشر، عندما ظهر أئمتهم إلى
العلن، وشاركوا في أحداث سياسية مهمة في إيران والهند، واكتسبوا شهرة عالمية فيما
بعد بلقبهم الوراثي الآغا خان.
ابتدأت الإسماعيلية
مجموعة شيعية مستقلة بعد وفاة جعفر
الصادق العام
756م. وضمت المجموعة التي تؤيد إمامة اسماعيل
بن جعفر الصادق. وتعتبر
الفترة الممتدة بين نشأة الإسماعيلية في منتصف القرن الثامن الميلادي/ الثاني
الهجري وحتى تأسيس الدولة الفاطمية (297هـ/ 909م) فترة غامضة، ما تزال المعلومات
عنها قليلة. وكان الإمام جعفر الصادق قد نص على الإمامة بعده لابنه إسماعيل، لكنه توفي قبل والده (حسب أغلب المصادر التاريخية). وطبقا
للرواية الإسماعيلية، فإن الإمام بعد محمد
بن اسماعيل هو ابنه
عبد الله الذي أمضى حياته متخفيا عن العباسيين، ولم يكشف هويته ومكان
إقامته إلا لعدد قليل من الموثوقين. وقد أقام فترة من الزمن في السلمية في سورية،
متظاهراً بأنه تاجر، وتوفي فيها. وخلفه ابنه أحمد، مؤلف "رسائل
إخوان الصفا"،
ثم ابنه عبد الله المهدي، مؤسس الدعوة والدولة الفاطمية/ المهدية.
وفي هذه الفترة
انتشرت الدعوة الإسماعيلية على يد الدعاة والعلماء والنشطاء الإسماعيليين في أنحاء
واسعة من العالم الإسلامي، وبخاصة في خراسان وما وراء النهر، وحققت حضورا مهما في
بلاط الدولة السامانية في بخارى )أوزبكستان(. وقامت الدولة الفاطمية في المغرب العام 909م (297هـ)، وهي أهم
مشروع سياسي للإسماعيليين؛ فقد أقاموا امبراطورية واسعة ممتدة مزدهرة، عنيت بالفكر
والعلم والعمارة والتجارة والزراعة.
بعد وفاة الحاكم
بأمر الله
(1020م)، استقلت مجموعة كبيرة من الإسماعيليين في بلاد الشام بنفسها، تحت قيادة
كبير الدعاة لدى الحاكم؛ وهو حمزة
الدرزي، وصاروا
يسمون الدروز. وبعد وفاة المستنصر (1094م)، انقسم الإسماعيليون إلى مجموعتين: النزارية أتباع نزار
بن المستنصر،
والمستعلية أتباع المستعلي بن المستنصر.
وقد لجأ النزاريون
إلى قلعة آلموت، وأقاموا من هناك شبه دولة قوية منيعة، تتخذ من القلاع محطات
ومراكز للدفاع ونشر الدعوة. وظلت هذه الدولة قائمة حتى اجتاحها المغول. لكن
الإسماعيليين النزاريين تمكنوا من البقاء والاستمرار بعد الاجتياح المغولي للعالم
الإسلامي (1256)، ودخلوا في مرحلة من السرية والتقية. وتعتبر فترة القرنين
التاليين للغزو المغولي الأكثر غموضا في التاريخ الإسماعيلي؛ فقد تطورت الجماعات
الإسماعيلية مستقلة عن بعضها، ثم ظهر الأئمة النزاريون في منتصف القرن الخامس عشر
في أنجدان بإيران. وفي القرن التاسع عشر، لجأ إمام النزارية إلى الهند، وصار يعرف بالآغا
خان. وما تزال إمامة
الإسماعيليين قائمة علنا في مومباي في الهند، وإمامهم الحالي هو الآغا
خان الرابع كريم علي.
الآغا خان مع وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة
في ظل الدولة
الفاطمية، بدأت عمليات بناء الأسس الفكرية والعلمية للمذهب الإسماعيلي. ويعتبر
القاضي النعمان الفقيه الإسماعيلي الرئيس. وكتابه "دعائم الإسلام" كان
يعتبر التشريع الرسمي للدولة الفاطمية، والمصدر الأساسي للفقه الإسماعيلي.
وتعتبر أركان الإسلام
في الإسماعيلية سبعة، هي بالإضافة إلى الأركان الخمسة لدى أهل السنة (الشهادتان،
والصلاة، والصوم، والحج، والزكاة): الولاية (تسمى لدى الشيعة الإمامة)، والطهارة.
ويدور الخلاف بين الإسماعيليين (ومعهم الشيعة) وبين السنة حول الإمامة؛ فهي
بالنسبة للشيعة المرحع النهائي لتفسير الإسلام، والإمام عند الإسماعيليين هو
المفسر الذي يؤول المعنى الباطني للقرآن والشريعة. وتعتبر آراء وتفسيرات الإمام هي
المصدر الثالث للفقه بعد القرآن والسنة، ولم يقبلوا بالإجماع والقياس، وهما
المصدران الثالث والرابع لدى أهل السنة.