تابع مراحل تكون الصحافة 14
أ.د. محمد البخاري
التبادل الإعلامي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة
طشقند -
2011
تأليف:
محمد
البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة؛ ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص: صحافة؛ بروفيسور قسم العلاقات العامة والإعلان، كلية الصحافة، جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية.
العهد الوطني: وبدأ بدخول القوات العربية إلى سورية عام 1918 وإعلان قيام المملكة السورية، واستمر حتى الاحتلال الفرنسي لسورية إثر موقعة ميسلون الشهيرة بين الجيش الوطني الفتي بقيادة وزير الدفاع في الحكومة الملكية يوسف العظمة، وقوات الاحتلال الفرنسية في 24/7/1920.
وتميز
ذلك العهد بوقوف الصحف الصادرة في دمشق، وحلب، وحماة، وحمص، واللاذقية، إلى جانب الحكم الوطني، منددة بالحكم العثماني البائد، والمطالبة بالحرية والاستقلال، ورفض الانتداب الفرنسي، ورفض تقسيم سورية الطبيعية إلى مناطق نفوذ فرنسية وبريطانية بموجب اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت. وبلغ عدد الصحف الصادرة خلال تلك الحقبة من الزمن 41 صحيفة و13 مجلة، أخذت شكلين اثنين متميزين: الأول: سياسي يخدم المصلحة الوطنية والسياسية؛
والثاني: ثقافي أدبي علمي تربوي يهدف إلى رفع المستوى الفكري للشعب؛ إضافة لصدور صحيفة العاصمة
وهي أول صحيفة رسمية ناطقة باسم الحكومة السورية آنذاك.
عهد الاحتلال الفرنسي: وبدأ بدخول الجيوش الفرنسية إلى سورية بتاريخ 27/7/1920 وامتد حتى خروجهم منها وإعلان الاستقلال بتاريخ 17/4/1946. وصدر خلال ذلك العهد 102 صحيفة، و95 مجلة، في مدن: دمشق، وحلب، وحماة، وحمص، واللاذقية. وتميزت صحف تلك الحقبة التاريخية بقصر مدة الصدور، وخضوعها للتعسف والاضطهاد الذي فرضته عليها مفوضية الاحتلال الفرنسي من خلال الرقابة الصارمة على الصحافة الوطنية، وإجراءات منع صدورها، والحكم بالغرامات المالية الكبيرة والسجن على الصحفيين الوطنيين لقاء مواقفهم الوطنية الشجاعة ومقاومتهم للاحتلال. وشهدت تلك الحقبة التاريخية أيضاً ظهور الصحافة السرية التي كانت توزع على المواطنين على شكل منشورات مطبوعة أو منسوخة باليد، وخاصة أثناء الثورة السورية الكبرى ضد الاحتلال الفرنسي ما بين عامي 1925
و1927.
وأجمعت
الصحف الوطنية خلال تلك المرحلة على التصدي لحكم الانتداب الفرنسي، والمطالبة بالاستقلال التام، والتصدي لسياسة التقسيم التي اتبعتها فرنسا لتقسيم سورية إلى دويلات صغيرة (مديريات)، وطالبت بوحدة كامل الأراضي السورية. وحثت على التمسك بالثقافة الوطنية ومحاربة الثقافة واللغة الفرنسية اللتان فرضتهما سلطات الاحتلال الفرنسية على الشعب السوري ودعت الشعب السوري إلى الثورة ضد الاحتلال، ومساندة الثورات والانتفاضات المسلحة التي شملت كل الأراضي السورية من لحظة الاحتلال واستمرت حتى خروج جيوش الاحتلال من سورية. كما وشهد ذلك العهد قيام أول تنظيمات نقابية للعاملين في مجال الصحافة، عند تأسيس نقابة أصحاب الصحف عام 1932، ونقابة عمال الطباعة عام 1934، ونقابة محرري الصحف عام 1935.
عهد الاستقلال: واستمر من 17/4/1946 وحتى قيام الوحدة الاندماجية بين سورية ومصر في 22/2/1958 وقيام الجمهورية العربية المتحدة. وتميز هذا العهد بدخول الصحافة السورية عصر الصراعات الحزبية والانقلابات العسكرية وعدم الاستقرار السياسي، وهو ما كان يؤدي إلى وقف صدور الصحف والمجلات بالجملة. وبلغ عدد الصحف الصادرة في المدن السورية دمشق، وحلب، وحمص، وحماة، والحسكة، ودير الزور، واللاذقية، والسلمية آنذاك 110 صحف، و53 مجلة. وجرت أولى محاولات دمج الصحف للإقلال من عددها وتقوية إمكانياتها الفنية والمادية خلال ذلك العهد أيضاً، ورافقها ظهور المكاتب الصحفية في بعض المدن السورية، كما وتأسست وكالة الصحافة السورية في 25/7/1952، ووكالة أنباء الجمهورية في 23/6/1957، ووكالة أنباء الشرق العربي في 6/7/1957.
عهد الوحدة السورية المصرية: واستمر منذ قيام الجمهورية العربية المتحدة في 22/2/1958، وحتى وقوع الانفصال في 28/9/1961. واقتصر صدور الصحف في سورية خلال تلك المرحلة على 4 صحف، و10 مجلات صدرت في دمشق، وحلب، وحمص، بسبب الإجراءات التي طبقتها حكومة الوحدة، ومن ضمنها إلغاء الأحزاب السياسية الذي ترتب عنه
وقف إصدار العديد من الصحف، وإلغاء رخص إصدار الصحف التي لم يتنازل أصحابها عنها طوعاً. وخلال تلك المرحلة من تاريخ سورية تم ربط الصحف السورية ولأول مرة في تاريخها بالتنظيم السياسي الوحيد آنذاك والذي أنشأته حكومة
الجمهورية العربية المتحدة
الاتحاد
القومي، وانبثق عن ذلك التنظيم السياسي نقابة الصحافة التي ضمت العاملين في الصحافة. وتميزت صحف تلك المرحلة بملامح جديدة للصحافة القومية الواعية التي تتجاوب مع مصالح الجماهير.
عهد الانفصال: واستمر من تاريخ وقوع الانفصال في 28/9/1961 وحتى قيام ثورة 8/3/1963، وكان من أول الأعمال التي قامت بها حكومة الانفصال أن ألغت كل التنظيمات والتشريعات التي صدرت خلال الوحدة السورية المصرية، وأعيدت الملكية الخاصة للصحف، ونتيجة لذلك عادت بعض الصحف التي كانت تصدر قبل الوحدة للصدور من جديد ومن بينها صحف بعض الأحزاب السياسية التي عادت للنشاط من جديد. وبلغ عدد الصحف التي صدرت خلال ذلك العهد 16 صحيفة، و7 مجلات صدرت في دمشق، وحلب، وحمص، وحماة، واللاذقية. وأعيد التنظيم النقابي للصحفيين إلى عهده السابق وهو: نقابة أصحاب الصحف، ونقابة المحررين والمراسلين الصحفيين. ومن الإجراءات البارزة خلال ذلك العهد إحداث وزارة الإعلام التي جاء ضمن أهدافها: استخدام وسائل الاتصال والإعلام لتنوير الرأي العام، وترسيخ اتجاهات القومية العربية في البلاد، ودعم الصلات مع الدول الصديقة وفقاً لسياسة الدولة.