وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية تزيد من مقدرة الأفراد على التحرك نفسياً
وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية تزيد من مقدرة
الأفراد
على التحرك نفسياً
كتبها في طشقند: أ.د. محمد البخاري.
وأن
المجتمع التقليدي مجتمع لا يساهم أفراده في النشاطات السياسية، وأن القرابة هي أساس
التعامل فيها، وأن الجماعات الصغيرة منعزلة عن بعضها البعض وعن المركز في العاصمة، وأن
حاجات المجتمع التقليدي قليلة، وليس هناك تبادل تجاري بين أجزاء المجتمع المختلفة،
وأنه من دون الروابط التي نشأت نتيجة
لاعتماد أجزاء المجتمع على بعضها البعض يضيق أفق الأفراد،
وتقلل قدراتهم
على التحليل، لأن اختلاطهم بالآخرين قليل إن لم يكن معدوماً، وأن إدراك الأفراد في
المجتمع للحوادث الجارية يقتصر على ما عرفوه من خبراتهم القليلة السابقة المحصورة
في نطاق مجتمعاتهم الصغيرة، وهم غير قادرون على فهم ما لم يجربوه بشكل مباشر، كما
أن معاملاتهم كانت مقصورة على الأفراد الذين يتصلون بهم مباشرة عن طريق علاقاتهم
الشخصية، لذلك لا تظهر أي حاجة للمناقشة بين
الأفراد والجماعات في الأمور العامة، المتعلقة بالدولة والنظريات السياسية، أي أن
الفرد لا يحتاج للنقاش وتبادل الآراء للاتفاق مع الآخرين الذين لا يعرفهم، كما أن
المجتمع لا يحتاج للفرد للوصول إلى إجماع
الرأي في
الشؤون العامة، لأن تجربة الفرد محدودة بحدود النطاق المحلي ولا يستطيع
أن يتصور ذهنه انتمائه لدولة كبيرة.
وللخروج
باستنتاجاته أجرى لرنر دراسة ميدانية تناولت عينة
مكونة من 1357
فرد من الشرق الأوسط طلب منهم الرد على تسعة أسئلة من بينها: إذا كنت رئيساً
للحكومة، أو محرراً في صحيفة، أو مديراً لمحطة إذاعية، فما الذي كنت ستفعله ؟
واكتشف أن الأفراد التقليديين يصابون بصدمة من أسئلة من هذا النوع ويستغربون توجيه
مثل هذه الأسئلة لهم، أما المتميزين بمقدرة التقمص العاطفي،
فكانت
شخصياتهم غير ثابتة، وكانوا أكثر قدرة على
التعبير عن آراء وموضوعات في مجالات كثيرة.
وتوقع
أن تزيد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من مقدرة
الأفراد على
التحرك النفساني وتخيل أنفسهم في مواقف لم يجربوها، وفي أماكن غير الأماكن
التي اعتادوا رؤيتها، كما عودت أذهانهم على تصور تجارب أوسع من تجاربهم المباشرة
المحدودة، وعلى تخيل مناطق لم يشاهدوها. وميزت هذه الخاصية الإنسان الذي تغير مع
المجتمع المتطور وتميز بشخصية تتمتع بمقدرة
على التقمص
العاطفي. وأنه
حينما يظهر عدد كبير من الأفراد القادرين على التقمص
العاطفي في
مجتمع من المجتمعات، يمكن القول أن هذا المجتمع في سبيله إلى التطور السريع.
والتقمص
العاطفي كما يراه لرنر هو خاصية تمكن عناصر جديدة متبدلة قادرة على العمل
بكفاءة في عالم متغير، ويرى أن المهارات لا غنى عنها
للشعب الذي يتحرر
من الإطارات التقليدية، وأن المقدرة على التقمص العاطفي هي في أسلوب الحياة السائد
الذي يميز الأفراد في المجتمع الحديث الذي يملك صناعة متطورة، وتعيش نسبة كبيرة من
سكانه في المدن، وترتفع فيه نسبة التعليم، ونسبة كبيرة من
أفراده يساهمون في الحياة السياسية.
وأن
وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية هي وسيلة
من وسائل مضاعفة القدرة على التحرك، وأنها
مكنت الفرد من
الانتقال نفسانيا إلى أماكن أخرى، وأصبح بإمكانه تخيل
نفسه في ظروف
غريبة وفي أماكن جديدة عليه بعد أن تمكن الفرد من الانتقال عبر وسائل الاتصال
والإعلام الجماهيرية من مكان إلى أخر في العالم الخارجي
بعيد عن أماكن سكنهم مما خلق لديهم استعدادات للتغيير والتكيف وتغيير التطلعات
والآفاق، وتقدم خدمات ضرورية تسهم في نمو المجتمع المحلي الحديث، وتطور المجتمعات التقليدية
وتساعد على التقمص العاطفي. ولتفرض العلاقة بين نظريات الإعلام والسلطة نفسها.
وواضح
من الاستنتاجات التي قدمها دانييل لرنر من المعلومات التي حصل عليها
والاستبيان الذي قام به جهله للواقع الحقيقي القائم في الشرق الأوسط ضحية السياسة
الاستعمارية وأنه يختلف تماماً عما حدث تاريخياً في الغرب المستعمر. وتفسر الغزو
الاقتصادي والثقافي والاتصالي والإعلامي والعسكري الذي تتعرض له دول الشرق الأوسط
منذ مطلع القرن العشرين لفرض مفاهيم غربية تتنافى وحاجات المجتمعات الشرق أوسطية.
وتفسرها أيضاً النظريات الإعلامية السائدة في عالم اليوم.