آفاق العلاقات الثنائية الإماراتية الأوزبكستانية
بقلم: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.
الجذور التاريخية المشتركة: بدأ التاريخ المشترك للعرب والشعب الأوزبكستاني مع بدايات الفتح الإسلامي في منتصف القرن السابع الميلادي، عندما تم ضم منطقة ما وراء النهر إلى الخلافة العربية الإسلامية في العهد الأموي. وهذا لا ينفي أبداً أن العلاقات التجارية والسياسية والثقافية بين العرب وشعوب وسط آسيا آنذاك كانت قائمة قبل الإسلام بوقت طويل، وخاصة مع بلاد الشام والرافدين. ولكن الذي حدث مع مطلع القرن الثامن الميلادي أنهم أصبحوا معاً داخل دولة واحدة امتدت في وقت ما من المحيط الأطلسي غرباً إلى أسوار الصين شرقاً.
ويحمل التاريخ حقائق كثيرة عن توجه جيوش الفتح الإسلامي العربية شرقاً عام 633م، وبعد سيطرتها على الدولة الساسانية في فارس، انطلقت منها لنشر الدعوة الإسلامية فيما وراء النهر. واعتبارا من عام 674م انتشرت جيوش الفتح الإسلامي بقيادة عبيد الله بن زياد داخل المنطقة. وبعد تعيين قتيبة بن مسلم الباهلي والياً على خراسان عام 705م دخل بخارى فاتحاً عام 709م، وخوارزم وسمرقند عام 712م، وما أن حل عام 715م حتى خضعت المنطقة الممتدة حتى وادي فرغانة للخلافة العربية الإسلامية.
ويفسر الباحثان الأوزبكيان المعاصران بوري باي أحميدوف، وزاهد الله منواروف، أسباب سرعة انتشار الفتح الإسلامي في المنطقة، بالخلافات التي كانت قائمة آنذاك بين الحكام المحليين، والاهتمام الكبير الذي أبداه القادة العرب المسلمين بالمنطقة بعد أن استقرت الأمور لصالحهم في خراسان. ويشيران إلى أن العرب "لعبوا دوراً تقدمياً في المنطقة، وكثيراً ما كانوا يلجأون إلى السبل السلمية، ويعفون معتنقي الدين الإسلامي من الخراج والجزية". ويضيفان حقيقة هامة، وهي أنه لا مجال لمقارنة الفتح العربي الإسلامي، بالغزو المغولي أو الروسي أو البلشفي من بعده. لأن الإسلام لعب دوراً إيجابياً أدى إلى توحيد المدن والدول والقبائل والشعوب المختلفة، وإلى تطوير العلاقات بين تلك الشعوب، إضافة للأثر الإيجابي الكبير في عادات وأخلاق وتقاليد الناس، والذي بفضله تم القضاء على العيوب الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك. وأشارا إلى الدور الهام الذي لعبته اللغة العربية قي تعريف شعوب آسيا المركزية وإطلاعهم على مؤلفات علماء اليونان القدامى، والمخترعات الصينية.
ولا أحد يستطيع إنكار الدور الكبير لشعوب وسط آسيا، وخاصة الشعب الأوزبكي في الثقافة العربية الإسلامية وتطوير الحضارة الإنسانية. ومعروفة أسماء أعلام إسلامية من أبناء شعوب آسيا المركزية أمثال: عالم الفلك أحمد الفرغاني (توفي عام 850م)، وعالم الرياضيات محمد بن موسى الفرغاني (783-850م)، والفيلسوف الكبير أبو نصر الفارابي (873-950م)، والطبيب الموسوعي أبو علي حسين بن سينا (980-1037م)، والعالم الموسوعي أبو ريحان البيروني (973-1048م)، والموسوعي فخر الدين الرازي، والنحوي والمحدث الكبير الزمخشري (1075-1144م)، وشيخ المحدثين الإمام البخاري، وغيرهم الكثير.
واستمر إسهام علماء المنطقة في الحضارة العربية الإسلامية والعالمية لقرون عدة، ولم تزل أثاره ماثلة للعيون حتى اليوم. وهم الذين ارتحلوا في طلب العلم مابين دمشق وبغداد والبصرة والقاهرة. وخير مثال على ذلك التراث الذي خلفه إمام المحدثين أبو عبد الله إسماعيل البخاري (809-869م)، والذي يضم أكثر من عشرين مؤلفاً في علوم الحديث أشهرها الجامع الصحيح الذي يضم 7250 حديثاً نبوياً شريفاً. وغيره من علماء الحديث الشريف أمثال: السمرقندي (785-868م)، والهمذاني (1048-1140م).
وعبر مئات السنين استقرت بعض الهجرات العربية في ما وراء النهر وأدى التفاعل والاندماج الكامل بينهم وبين شعوب وسط آسيا، إلى قيام تجمعات سكانية محلية من أصول عربية وخاصة في الولايات الأوزبكستانية: بخارى، وسمرقند، وقشقاداريا، وسورخان داريا، وغيرها ولم تزل حتى اليوم تحتفظ بطابع حياتها المتميزة.
وقد أخذت العلاقات العربية بشعوب المنطقة تضعف بالتدريج منذ الاجتياح المغولي خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، وما نتج عن قيام الدولة المغولية من تأثير على اللغة والثقافة العربية فيما وراء النهر. دون أن يتمكنوا من المساس بالثقافة الإسلامية بسبب اعتناق المغول أنفسهم للدين الإسلامي الحنيف. وقيام الدولة التيمورية التي أسسها الأمير تيمور "تيمور لانك" (1336- 1405م) والتي امتدت من وسط آسيا إلى إيران وأفغانستان والقوقاز وبلاد الرافدين وسورية وشمال الهند، تلك الدولة التي اتخذت أيام ازدهارها من سمرقند عاصمة لها. وقامت جمهورية أوزبكستان على القسم المركزي منها في تركستان.
وأدى تفكك الدولة التيمورية في تركستان إلى قيام ثلاث دول مستقلة في المنطقة هي: بخارى، وخيوة، وقوقند، وهو ما سهل الطريق أمام الأطماع الروسية للتوسع في المنطقة. حيث قام الاحتلال الروسي فيما بعد بقطع كل الصلات التي كانت قائمة بين تركستان والعالم العربي والإسلامي، سواء أثناء الحكم القيصري الروسي، أم خلال الحكم الشيوعي الروسي. واقتصرت العلاقات العربية مع دول المنطقة على العلاقات الرسمية التي كانت تمر عبر موسكو فقط. وكان من النادر جداً كما أشار الباحث الأوزبكي زاهد الله منواروف أن تتصل طشقند مباشرة بالعواصم العربية، وأن الاحتلال الروسي والبلشفي قضى على أية إمكانية يمكن أن تسمح بإقامة علاقات مباشرة بين أوزبكستان وغيرها من دول وسط آسيا مع الدول العربية. ويتابع أنه رغم ذلك فإن الروابط الثقافية والحضارية التي جمعت العرب والأوزبك استمرت، وعلى أساسها قامت العلاقات العربية الأوزبكستانية ودول وسط آسيا بعد الاستقلال.
العلاقات العربية الأوزبكستانية المعاصرة: ورغم سرعة اعتراف الدول العربية دبلوماسياً باستقلال أوزبكستان، تلبية لقرار مجلس جامعة الدول العربية في ربيع عام 1992، الذي حث الدول العربية على تنشيط الاتصالات بدول آسيا المركزية وفتح سفارات فيها، وإقامة تعاون في كل الميادين، وإقامة مراكز ثقافية عربية فيها، فإننا نرى أن مصر، والأردن، وفلسطين، والجزائر، والسعودية، والكويت، والإمارات، فقط افتتحت سفارات لها في العاصمة طشقند، وكانت مصر الدولة العربية الوحيدة التي أقامت مركزاً ثقافياً عربياً ومركزاً إعلامياً في أوزبكستان، وأن العلاقات الاقتصادية والسياسية لم تزل بطيئة ولا تتجاوب مع العلاقات التاريخية حتى الآن. ونتيجة لعمليات البحث والمراجعة التي أجرتها مؤسسات البحث العلمي، ومراكز صنع القرار العربية والأوزبكستانية للموقف الجديد الذي تكون في وسط آسيا بعد استقلال جمهورياتها الخمس، ظهر جلياً أنه هناك شبكة من المصالح المشتركة تجمع بينهم والدول العربية. وأن هذه الشبكة تحتم بناء مجموعة من السياسات التي تضمن حماية تلك المصالح. وتعتمد على:
التطور الاقتصادي والسياسي المستقل لجمهورية أوزبكستان: لأنه بدا واضحاً بعد استقلال جمهوريات وسط آسيا، أنه هناك تنافساً شديداً بين القوى الإقليمية والعالمية المختلفة، للتأثير على نمط التطور الاقتصادي والسياسي المستقل لجمهوريات وسط آسيا. وهو ما أسماه بعض المراقبين "بالمباراة الكبرى الجديدة"، تمييزاً لها عن المباراة الكبرى التي كانت في تركستان بين بريطانيا العظمى والإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وما سيترتب عن النتيجة النهائية لتلك المباراة الكبرى الجديدة من تأثير مباشر على وسط آسيا والدول العربية. سيما وأن أوزبكستان تقع في قلب المنطقة التي تربط آسيا بأوروبا، وأن ما يحدث فيها لابد وأن يؤثر بشكل ما على الأحداث الجارية في المنطقة العربية وخاصة الشرق الأوسط بشكل كامل. وتنبأ الباحث المصري إبراهيم عرفات بأن النزاعات الإقليمية في وسط آسيا، أو نشوء سباق للتسلح فيها، أو إنشاء منطقة منزوعة السلاح النووي هناك لابد وأن يكون له انعكاسات مباشرة على الأمة العربية، ومن ثم توقع أن يكون من مصلحة العرب أن تتبع دول وسط آسيا منهجاً مستقلاً للتطور يعتمد على رؤية الشعب والنخبة الحاكمة للمصالح الوطنية، وألا تهيمن قوة إقليمية أو عالمية معينة على دول وسط آسيا.
المصالح الاقتصادية: وأهمية الموقع الإستراتيجي المتميز لأوزبكستان وامتلاكها لكميات مهمة من الموارد الطبيعية والخبرات البشرية والتكنولوجية المتطورة. يمكنها من أن تكون الشريك المحتمل والمهم لاستثمار الموارد المالية العربية وتنويع البدائل الاقتصادية التقليدية، من خلال الاستفادة من الخبرات والمقدرات العربية مع دول المنطقة. وأنها تمثل عمقاً حضارياً واستراتيجياً، وهي ذات قدرات علمية وإستراتيجية أيضاً، وأن المنحى الذي سيتخذه التنافس بين القوى في الجوار الإقليمي حولها، لابد وأن ينعكس على موازين القوى في وسط آسيا وفي منطقة الشرق الأوسط بكاملها.
المصالح الإستراتيجية: خاصة وأن أوزبكستان تكاملت منذ استقلالها مع المجتمع الدولي، وأخذت تسهم بقسطها في تسوية النزاعات الإقليمية. وبادرت للسعي لإعلان وسط آسيا منطقة منزوعة السلاح النووي. وأن أية علاقات مع دول المنطقة لابد وأن تمر عبر أوزبكستان بحكم دورها التاريخي والحضاري في العلاقات العربية مع دول المنطقة.
دور أوزبكستان في إبراز الوجه المعتدل للإسلام في مواجهة حركات التطرف الديني: كما ظهرت في أوزبكستان بعد استقلالها حركات دينية متطرفة، هدفها الصدام مع النظم السياسية الدستورية، ومحاولة تغييرها بغير الطرق الديمقراطية السلمية باستخدام القوة والعنف المسلح لبلوغ الهدف. وهو ما يثبت الفهم الخاطئ للإسلام من قبل تلك القوى، وانتشارها إلى دول الجوار بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، واستقلال جمهوريات وسط آسيا ولابد أن يهدد السلام ليس في وسط آسيا وحسب، بل وأمن وسلامة الشعوب العربية أيضاً. ومن هذا المنطلق كان من مصلحة العرب الحقيقية توضيح الوجه الحقيقي للإسلام أمام شعوب وسط آسيا، عن طريق نشر الثقافة الإسلامية بوجهها المتسامح والمعتدل من خلال العلاقات والروابط الثقافية العربية مع دول المنطقة وهو ما تسعى إليه دول المنطقة نفسها. وفي مقدمتها جمهورية أوزبكستان.
الدور الحضاري لأوزبكستان: والدول العربية بالنسبة لجمهورية أوزبكستان هي الساحة والمدخل المهم للاضطلاع بدور ثقافي وحضاري فعال في العالمين العربي والإسلامي. خاصة وأن أوزبكستان تملك تراثاً ثقافياً ودينياً وحضارياً، كان له أثر بالغ في تطور الحضارة العربية. وهو ما يؤهلها لتضطلع بدور حضاري متميز في العالمين العربي والإسلامي. ولهذا كان من المنطقي جداً إعلان المنظمة الإسلامية العالمية للتعليم والعلوم والثقافة (ISESCO) طشقند عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2007.
وانطلاقاً من المصالح المشتركة والمتشابكة بدأ العرب والأوزبك بصياغة مجموعة من السياسات التي يمكن أن تكفل تحقيق وحماية مصالحهما المشتركة. ومن المنطقي أن تكون نقطة البداية إنشاء وتطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية والسياسية بين الدول العربية وأوزبكستان. ولهذا الهدف قام الرئيس إسلام كريموف ضمن أولى جولاته بعد الاستقلال بزيارة رسمية شملت كلاً من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية في عامي 1992، وأتبعها بزيارة لفلسطين عام 1998، وبزيارة للكويت عام 2004، ومن ثم زار مصر للمرة الثانية عام 2007، وخلال تلك الزيارات تم الاتفاق على تبادل العلاقات الدبلوماسية، والتوقيع على مجموعة من اتفاقيات التعاون الثنائية.
وكان الرئيس الراحل ياسر عرفات القائد العربي الوحيد الذي زار أوزبكستان بعد الاستقلال. وكما سبق وأشرنا ففي أوزبكستان سفارات لمصر والسعودية والأردن والجزائر وفلسطين والكويت والإمارات معتمدة ومقيمة في طشقند، وللمغرب واليمن وسورية سفير معتمد غير مقيم. ولأوزبكستان سفارات معتمدة مقيمة في مصر، والسعودية، والكويت، إضافة للتمثيل القنصلي المقيم في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وجدة بالمملكة العربية السعودية، وفلسطين. كما ويمثل السفير الأوزبكستاني في القاهرة بلاده كسفير غير مقيم في الأردن.
وفي إطار العلاقات الدولية تدعم الدول العربية المبادرة الأوزبكستانية لإعلان آسيا المركزية منطقة خالية من الأسلحة النووية. وقد شاركت بعض الدول العربية في أعمال المؤتمر الدولي الذي عقد في خريف عام 1997 بطشقند لإعلان آسيا المركزية منطقة خالية من الأسلحة النووية. وأعلن فيه الوفد المصري أن إنشاء تلك المنطقة يعتبر حافزاً لإنشاء منطقة مماثلة في الشرق الأوسط.
كما وبدأت الدول العربية ببناء علاقات اقتصادية مع أوزبكستان، إلا أنها لم تزل محدودة رغم أهميتها. ولابد أن الأسباب تعود لتراجع الموارد المالية لدول الخليج العربية، أو لعدم الإلمام بالفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة في أوزبكستان. وهي نفس الأسباب التي نعتقد أنها وراء إحجام الدول العربية الخليجية عن الدخول بقوة في السوق الاستثمارية الأوزبكستانية، مكتفية بالأنشطة قصيرة الأجل في التجارة والمقاولات. أما بالنسبة لباقي الدول العربية فالمعضلة الرئيسية هي في نقص مواردها بالعملات الأجنبية، ولو أننا لا نعتبرها سبباً لأن المشكلة كان يمكن حلها عن طريق التبادل التجاري بالتقاص، الذي تحميه الدولة من قبل الجانبين ودون الحاجة للقطع الأجنبي. ومن صيغ الصفقات المتكافئة بين الدول العربية وأوزبكستان نورد الاتفاقية الموقعة عام 1992 بين مصر وأوزبكستان بقيمة 30 مليون دولار أمريكي.
وفي المجال الثقافي والديني فقد نشطت كلاً من مصر، والسعودية، والكويت، من خلال الدور الذي يؤديه كلاً من الأزهر الشريف في مصر، ورابطة العالم الإسلامي في السعودية، وهيئة الإغاثة الكويتية الإسلامية التي افتتحت لها فرعاً في طشقند. إضافة لقيام أوزبكستان بإنشاء صندوق الإمام البخاري الدولي، الذي يخطط لإنشاء فروع له في مختلف الدول العربية والإسلامية.
العلاقات الثنائية العربية الأوزبكستانية: وعند الحديث عن تطور العلاقات الثنائية الأوزبكستانية العربية يتحتم علينا الإشارة إلى عام 1962 عندما شهدت الأوساط الاجتماعية في أوزبكستان مولد جمعية الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول العربية. فمنذ ذلك العام بدأت تلك العلاقات بالإطلالة الأولى التي أخذت بالتدريج بتعزيز العلاقات المشتركة عبر الدبلوماسية الشعبية بين أوزبكستان والدول العربية. وبدأت بالعلاقات الثنائية بين أوزبكستان ومصر في عام 1963 وكان أهمها تآخي مدينة تشرتشك الأوزبكستانية في غمار بناء السد العالي في مصر مع مدينة أسوان، وتبادل الوفود الرسمية بين المدينتين المتآخيتين خلال أعوام 1965، 1972، 1975. واستمرت العلاقات بالتطور مع البلدان العربية الأخرى وخاصة: سورية، وفلسطين، والأردن، واليمن، والكويت، وعمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمغرب، وتونس، والعراق، وقيام المنصف الماي (من تونس) ممثل جامعة الدول العربية في موسكو بزيارة لأوزبكستان عام 1990.
وبعد استقلال جمهورية أوزبكستان ومع اعتراف الدول العربية باستقلالها، وتبادل بعض الدول العربية للتمثيل الدبلوماسي معها، فتحت أفاقاً جديدة لتعزيز التعاون الثنائي المباشر، شمل الدبلوماسية العربية في إطار العلاقات الثقافية والصداقة أيضاً. وتم إدماج جمعية الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية مع جمعية "وطن" للعلاقات الثقافية مع المهاجرين من أصل أوزبكي المقيمين في الخارج وشكلتا معاً الرابطة الأوزبكستانية للعلاقات الثقافية والتربوية مع الدول الأجنبية، وتحولت هذه الرابطة في عام 1997 إلى مجلس لجمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية. وخطط المجلس لاستبدال رابطة الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول العربية، بجمعيات للصداقة مع الدول العربية. وبالفعل تم تأسيس جمعيتين للصداقة مع مصر، والأردن، ويجري العمل لتشكيل جمعيات للصداقة مع الدول العربية الأخرى.
كما ويحافظ المجلس على علاقات ودية مع المواطنين من أصل أوزبكي في المملكة العربية السعودية، وسورية، وفلسطين، والأردن، ومصر، منذ أواسط السبعينات، وبرزت من خلال مشاركة ممثلين عنهم في المؤتمر الشبابي الأول للمهاجرين الأوزبك من مختلف دول العالم الذي انعقد في طشقند عام 1992.
وفي خضم الاحتفالات بإعلان المنظمة الإسلامية العالمية للتعليم والعلوم والثقافة (ISESCO) طشقند عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2007 استقبل رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف يوم 14/8/2007 بمقره في قصر آق ساراي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. وأثناء اللقاء تم تبادل شامل للآراء حول مسائل مستقبل تطوير التعاون بين أوزبكستان والجامعة العربية.
العلاقات الثنائية الإماراتية الأوزبكستانية: اعترفت دولة الإمارات العربية المتحدة باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26/12/1991، وتم الاتفاق على إقامة العلاقات الدبلوماسية في 25/10/1992. وبدأت العلاقات بالتعاون الثنائي مع إمارتي دبي والشارقة.
وفي خريف عام 1992 افتتحت أوزبكستان قنصلية لها في دبي، وكانت من أولى ممثليات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الخارج، وفي ربيع عام 1994 تم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي فيها إلى قنصلية عامة. وفي عام 2005 افتتحت دولة الإمارات قنصلية لها في طشقند.
وفي شباط/فبراير 1992 بدأت "الخطوط الجوية الأوزبكستانية" بتسيير خط جوي منتظم ومباشر بين طشقند، والشارقة؛ وفي كانون أول/ديسمبر 1992 شاركت أوزبكستان في معرض "إكسبو 92" الدولي في دبي؛ وخلال الفترة الممتدة مابين 20 و22/12/1994 قام وفد رسمي عن حكومة إمارة دبي بزيارة لأوزبكستان، وأثناء الزيارة التقى الوفد الضيف بالمسؤولين في وزارات الخارجية، والعلاقات الاقتصادية الخارجية، ومؤسسة السياحة الوطنية "أوزبيكتوريزم"، ومؤسسة الطيران الوطنية "أوزبكستان هوا يولاري"، والبنك الوطني، وإدارة أملاك الدولة؛ وفي صيف عام 1997 قام وزير الداخلية الأوزبكستاني بزيارة لإمارة دبي، تم خلالها التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية الأوزبكستانية، والقيادة العامة لشرطة دبي، أعقبتها زيارة القائد العام لشرطة دبي لأوزبكستان خلال خريف عام 1997.
ومن خريف عام 1997 طورت العلاقات الثنائية على المستوى الاتحادي، حيث قام نائب الوزير الأول الأوزبكستاني بزيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة التقى خلالها بنظيره الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، وشارك خلال الزيارة في أعمال مؤتمر لرجال الأعمال. تم خلاله التوقيع على بروتوكولات للتعاون بين الشركات الأوزبكستانية والإماراتية. سبقه في ربيع عام 1997 مؤتمر مماثل في دبي عن فرص الاستثمار في أوزبكستان.
وفي خريف عام 1998 زار وزير الخارجية الأوزبكستاني دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم خلال الزيارة توقيع اتفاقية للنقل الجوي، واتفاقية لحماية الاستثمارات.
وأثناء زيارة نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الوزراء، حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لأوزبكستان استقبله رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، يوم 26/10/2007 بمقره بقصر آق ساراي، وتمت الإشارة خلال اللقاء إلى تطابق وجهات نظر الطرفين في العديد من المسائل الدولية. وصادفت الزيارة الذكرى الـ15 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وجرى خلال الزيارة النظر في أكثر من 20 مشروعاً أوزبكياً في مجالات: التعليم، والصحة، والزراعة والمياه، والطاقة، والصناعات الكيماوية، والخدمات التحتية، والبناء، والمعادن، وفي يوم 26/10/2007 تم التوقيع على: اتفاقية لتفادي الازدواج الضريبي على الدخل ومنع التهرب من دفع ضريبة الدخل وضريبة رأس المال، والتشجيع المتبادل وحماية الاستثمارات؛ ومذكرة تفاهم بين حكومة جمهورية أوزبكستان، وحكومة الإمارات العربية المتحدة حول التعاون والاستشارات بين إدارات السياسة الخارجية في البلدين.
كما واستقبل رئيس جمهورية أوزبكستان الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير داخلية دولة الإمارات العربية المتحدة بمقره يوم 5/11/2007 بقصر آق ساراي، وأجرى الضيف في نفس اليوم محادثات مع وزير الداخلية بجمهورية أوزبكستان، حول التعاون بين البلدين في مجال الأمن. وأثناء المحادثات تم التوصل إلى اتفاقية لتطوير التعاون بين وزارتي الداخلية في البلدين، وإعداد وتطبيق مشاريع جديدة في هذا المجال.
وفي المجالات الاقتصادية: تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقاتها التجارية مع أوزبكستان فقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 1997 إلى 75,671 مليون دولار أمريكي، وهو أعلى مستوى للتبادل التجاري بين أوزبكستان وأية دولة عربية أخرى. ويميل ميزان التبادل التجاري بين البلدين لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ بلغ حجم صادراتها في نفس العام 64,680 مليون دولار أمريكي نتيجة لتجارة إعادة التصدير من إمارة دبي. بواسطة الشركات التجارية المشتركة بين البلدين.
وخلال عام 1999 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 43.053.5 مليون دولار أمريكي، منها 8.637.6 مليون دولار أمريكي صادرات، و 34.415.9 مليون دولار أمريكي واردات. بينما وصل حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة عام 2006 إلى 112.4 مليون دولار أمريكي.
وتصدر أوزبكستان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة أساساً: المعادن الملونة، والحرير، والأقمشة، وخدمات النقل الجوي للمسافرين والبضائع. وتستورد من دولة الإمارات العربية المتحدة: المطاط، والكوتشوك، والملابس، والأدوات الكهربائية للاستعمال اليومي، ومواد البناء، والموبيليا، ووسائط النقل. وتعمل في أوزبكستان 66 منشأة مشتركة بمشاركة مستثمرين من الإمارات العربية المتحدة، أحدث نحو نصفها برأس مال من دولة الإمارات العربية المتحدة بالكامل.
ورغم شح المعلومات المنشورة عن التعاون الأوزبكي الإماراتي فقد تناولت الصحافة المحلية خبراً عن بدء العمل في الشركة الأوزبكية المشتركة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وسنغافورة "نوائي سيلك" لإنتاج الخيوط الحريرية بمنطقة كرمانين بولاية نوائي، التي يعمل فيها حوالي (400) شاب وشابة، وتنتج سنوياً (120) طن من خيوط الحرير وأن الشركة حتى سبتمبر 2005 أنتجت كمية (10) طن من خيوط الحرير. وكانت الشركة المشتركة قد بدأت إنتاجها في عام 2006.
وفي المجالات الثقافية والعلمية: صدر في دولة الإمارات العربية المتحدة كتاب إسلام كريموف "أوزبكستان على طريق الانبعاث الروحي"، الذي كتب مقدمته للقارئ العربي الشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم، الذي تبرع لدعم الجامعة الإسلامية في طشقند بمبلغ 100 ألف دولار أمريكي عند افتتاحها في عام 1999، وبمبلغ 150 ألف دولار أمريكي في عام 2000، أثناء زيارته لها.
كما وقام وفد عن جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكستانية برئاسة نائب رئيس الجامعة للعلاقات الدولية، بزيارة لجامعة الإمارات العربية المتحدة في نهاية عام 1998 للبحث في أوجه التعاون العلمي والثقافي المشترك. وفي ربيع عام 2000 زارت رئيسة قسم التاريخ والآثار بجامعة الإمارات العربية المتحدة، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية وألقت سلسلة من المحاضرات أمام هيئة التدريس وطلاب المعهد الذي درس فيه طالب إماراتي واحد العلاقات الدولية. وفي خريف نفس العام زار جامعة الإمارات العربية المتحدة وفد من معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية لإلقاء سلسلة من المحاضرات عن أوزبكستان.
وشاركت الإمارات العربية المتحدة بهيئة التحكيم في المؤتمر العلمي والتطبيقي الدولي "إسهام أوزبكستان في تطور الحضارة الإسلامية" الذي عقد خلال يومي 14 و15/8/2007 في مدينتي طشقند، وسمرقند، بمناسبة إعلان المنظمة الإسلامية العالمية للتعليم والعلوم والثقافة (ISESCO) طشقند عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2007. ومنذ سنوات طويلة هناك لمعهد أبو ريحان البيروني للإستشراق التابع لأكاديمية العلوم الأوزبكية علاقات وثيقة مع مركز جمعة الماجد للثقافة بدبي في مجال دراسة المخطوطات القديمة.
ومن هذا العرض السريع نقتنع بأن مستوى العلاقات الثنائية الأوزبكستانية الإماراتية لم تزل دون المستوى المطلوب وغير كافية لإحياء عرى الصداقة والتعاون الأوزبكستاني العربي الأخوي والتاريخي الذي يضرب بجذوره عمقاً عبر القرون. ونحن مقتنعون بأن الوضع يتطلب من الجانبين المزيد من العمل الدءوب لرفع مستوى العلاقات الثنائية لما فيه مصلحة الجانبين على جميع الأصعدة والمستويات. وفي العلاقات الثنائية الأوزبكستانية الإماراتية والعربية الكثير من الخبرات التي تستحق التوقف عندها بالدراسة والتحليل، للخروج بأفضل السبل لإقامة علاقات ثنائية مرجوة ومفيدة للجانبين. خاصة وأن الخطاب السياسي للمسؤولين الأوزبك أكد أكثر من مرة على الرغبة في تطوير العلاقات مع الدول العربية، ومن بينها تصريح وزير الخارجية السابق لمراسل صحيفة الاتحاد بأبو ظبي عندما أكد "بأن لدينا رغبة حقيقية في تطوير علاقاتنا مع العالم العربي، ولدينا، بالفعل، علاقات دبلوماسية مع بعض الدول العربية، أبرزها مع المملكة العربية السعودية، ولكن مع الأسف، لم تبلغ علاقاتنا حتى الآن المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه .. وباستطاعتي القول أن علاقاتنا تتطور، ونعلم أن مصر تضطلع بدور محوري في منطقتها، ونحن نرغب في تقوية علاقاتنا معها لأننا نقوم بدور مماثل في منطقتنا، كما أننا نحاول الإفادة من التجربة اللبنانية الكبيرة في مجال التصدير والتجارة الخارجية، ونفكر بفتح سفارة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير المبادلات التجارية وحركة السياحة مع العالم العربي .. لكن اسمح لي أن أسجل هذه الملاحظة هنا، فأنا لا أفهم لماذا لم يزرنا مسؤول عربي واحد منذ الاستقلال، مع أننا وجهنا دعوات رسمية عديدة إلى المسؤولين العرب لعل أبرزها تلك التي وجهها الرئيس كريموف إلى نظيره المصري حسني مبارك، وأعتقد أن على العرب أن يغزوا أوزبكستان دبلوماسياً". وهنا أستطيع أن أضيف أن يغزوا أوزبكستان باستثماراتهم الاقتصادية المفيدة للجانبين وهي التي هيأت لها الحكومة الأوزبكستانية كل الظروف الملائمة.
طشقند في 15/4/2009
بقلم: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.
الجذور التاريخية المشتركة: بدأ التاريخ المشترك للعرب والشعب الأوزبكستاني مع بدايات الفتح الإسلامي في منتصف القرن السابع الميلادي، عندما تم ضم منطقة ما وراء النهر إلى الخلافة العربية الإسلامية في العهد الأموي. وهذا لا ينفي أبداً أن العلاقات التجارية والسياسية والثقافية بين العرب وشعوب وسط آسيا آنذاك كانت قائمة قبل الإسلام بوقت طويل، وخاصة مع بلاد الشام والرافدين. ولكن الذي حدث مع مطلع القرن الثامن الميلادي أنهم أصبحوا معاً داخل دولة واحدة امتدت في وقت ما من المحيط الأطلسي غرباً إلى أسوار الصين شرقاً.
ويحمل التاريخ حقائق كثيرة عن توجه جيوش الفتح الإسلامي العربية شرقاً عام 633م، وبعد سيطرتها على الدولة الساسانية في فارس، انطلقت منها لنشر الدعوة الإسلامية فيما وراء النهر. واعتبارا من عام 674م انتشرت جيوش الفتح الإسلامي بقيادة عبيد الله بن زياد داخل المنطقة. وبعد تعيين قتيبة بن مسلم الباهلي والياً على خراسان عام 705م دخل بخارى فاتحاً عام 709م، وخوارزم وسمرقند عام 712م، وما أن حل عام 715م حتى خضعت المنطقة الممتدة حتى وادي فرغانة للخلافة العربية الإسلامية.
ويفسر الباحثان الأوزبكيان المعاصران بوري باي أحميدوف، وزاهد الله منواروف، أسباب سرعة انتشار الفتح الإسلامي في المنطقة، بالخلافات التي كانت قائمة آنذاك بين الحكام المحليين، والاهتمام الكبير الذي أبداه القادة العرب المسلمين بالمنطقة بعد أن استقرت الأمور لصالحهم في خراسان. ويشيران إلى أن العرب "لعبوا دوراً تقدمياً في المنطقة، وكثيراً ما كانوا يلجأون إلى السبل السلمية، ويعفون معتنقي الدين الإسلامي من الخراج والجزية". ويضيفان حقيقة هامة، وهي أنه لا مجال لمقارنة الفتح العربي الإسلامي، بالغزو المغولي أو الروسي أو البلشفي من بعده. لأن الإسلام لعب دوراً إيجابياً أدى إلى توحيد المدن والدول والقبائل والشعوب المختلفة، وإلى تطوير العلاقات بين تلك الشعوب، إضافة للأثر الإيجابي الكبير في عادات وأخلاق وتقاليد الناس، والذي بفضله تم القضاء على العيوب الاجتماعية التي كانت سائدة آنذاك. وأشارا إلى الدور الهام الذي لعبته اللغة العربية قي تعريف شعوب آسيا المركزية وإطلاعهم على مؤلفات علماء اليونان القدامى، والمخترعات الصينية.
ولا أحد يستطيع إنكار الدور الكبير لشعوب وسط آسيا، وخاصة الشعب الأوزبكي في الثقافة العربية الإسلامية وتطوير الحضارة الإنسانية. ومعروفة أسماء أعلام إسلامية من أبناء شعوب آسيا المركزية أمثال: عالم الفلك أحمد الفرغاني (توفي عام 850م)، وعالم الرياضيات محمد بن موسى الفرغاني (783-850م)، والفيلسوف الكبير أبو نصر الفارابي (873-950م)، والطبيب الموسوعي أبو علي حسين بن سينا (980-1037م)، والعالم الموسوعي أبو ريحان البيروني (973-1048م)، والموسوعي فخر الدين الرازي، والنحوي والمحدث الكبير الزمخشري (1075-1144م)، وشيخ المحدثين الإمام البخاري، وغيرهم الكثير.
واستمر إسهام علماء المنطقة في الحضارة العربية الإسلامية والعالمية لقرون عدة، ولم تزل أثاره ماثلة للعيون حتى اليوم. وهم الذين ارتحلوا في طلب العلم مابين دمشق وبغداد والبصرة والقاهرة. وخير مثال على ذلك التراث الذي خلفه إمام المحدثين أبو عبد الله إسماعيل البخاري (809-869م)، والذي يضم أكثر من عشرين مؤلفاً في علوم الحديث أشهرها الجامع الصحيح الذي يضم 7250 حديثاً نبوياً شريفاً. وغيره من علماء الحديث الشريف أمثال: السمرقندي (785-868م)، والهمذاني (1048-1140م).
وعبر مئات السنين استقرت بعض الهجرات العربية في ما وراء النهر وأدى التفاعل والاندماج الكامل بينهم وبين شعوب وسط آسيا، إلى قيام تجمعات سكانية محلية من أصول عربية وخاصة في الولايات الأوزبكستانية: بخارى، وسمرقند، وقشقاداريا، وسورخان داريا، وغيرها ولم تزل حتى اليوم تحتفظ بطابع حياتها المتميزة.
وقد أخذت العلاقات العربية بشعوب المنطقة تضعف بالتدريج منذ الاجتياح المغولي خلال القرنين الثاني عشر والثالث عشر الميلاديين، وما نتج عن قيام الدولة المغولية من تأثير على اللغة والثقافة العربية فيما وراء النهر. دون أن يتمكنوا من المساس بالثقافة الإسلامية بسبب اعتناق المغول أنفسهم للدين الإسلامي الحنيف. وقيام الدولة التيمورية التي أسسها الأمير تيمور "تيمور لانك" (1336- 1405م) والتي امتدت من وسط آسيا إلى إيران وأفغانستان والقوقاز وبلاد الرافدين وسورية وشمال الهند، تلك الدولة التي اتخذت أيام ازدهارها من سمرقند عاصمة لها. وقامت جمهورية أوزبكستان على القسم المركزي منها في تركستان.
وأدى تفكك الدولة التيمورية في تركستان إلى قيام ثلاث دول مستقلة في المنطقة هي: بخارى، وخيوة، وقوقند، وهو ما سهل الطريق أمام الأطماع الروسية للتوسع في المنطقة. حيث قام الاحتلال الروسي فيما بعد بقطع كل الصلات التي كانت قائمة بين تركستان والعالم العربي والإسلامي، سواء أثناء الحكم القيصري الروسي، أم خلال الحكم الشيوعي الروسي. واقتصرت العلاقات العربية مع دول المنطقة على العلاقات الرسمية التي كانت تمر عبر موسكو فقط. وكان من النادر جداً كما أشار الباحث الأوزبكي زاهد الله منواروف أن تتصل طشقند مباشرة بالعواصم العربية، وأن الاحتلال الروسي والبلشفي قضى على أية إمكانية يمكن أن تسمح بإقامة علاقات مباشرة بين أوزبكستان وغيرها من دول وسط آسيا مع الدول العربية. ويتابع أنه رغم ذلك فإن الروابط الثقافية والحضارية التي جمعت العرب والأوزبك استمرت، وعلى أساسها قامت العلاقات العربية الأوزبكستانية ودول وسط آسيا بعد الاستقلال.
العلاقات العربية الأوزبكستانية المعاصرة: ورغم سرعة اعتراف الدول العربية دبلوماسياً باستقلال أوزبكستان، تلبية لقرار مجلس جامعة الدول العربية في ربيع عام 1992، الذي حث الدول العربية على تنشيط الاتصالات بدول آسيا المركزية وفتح سفارات فيها، وإقامة تعاون في كل الميادين، وإقامة مراكز ثقافية عربية فيها، فإننا نرى أن مصر، والأردن، وفلسطين، والجزائر، والسعودية، والكويت، والإمارات، فقط افتتحت سفارات لها في العاصمة طشقند، وكانت مصر الدولة العربية الوحيدة التي أقامت مركزاً ثقافياً عربياً ومركزاً إعلامياً في أوزبكستان، وأن العلاقات الاقتصادية والسياسية لم تزل بطيئة ولا تتجاوب مع العلاقات التاريخية حتى الآن. ونتيجة لعمليات البحث والمراجعة التي أجرتها مؤسسات البحث العلمي، ومراكز صنع القرار العربية والأوزبكستانية للموقف الجديد الذي تكون في وسط آسيا بعد استقلال جمهورياتها الخمس، ظهر جلياً أنه هناك شبكة من المصالح المشتركة تجمع بينهم والدول العربية. وأن هذه الشبكة تحتم بناء مجموعة من السياسات التي تضمن حماية تلك المصالح. وتعتمد على:
التطور الاقتصادي والسياسي المستقل لجمهورية أوزبكستان: لأنه بدا واضحاً بعد استقلال جمهوريات وسط آسيا، أنه هناك تنافساً شديداً بين القوى الإقليمية والعالمية المختلفة، للتأثير على نمط التطور الاقتصادي والسياسي المستقل لجمهوريات وسط آسيا. وهو ما أسماه بعض المراقبين "بالمباراة الكبرى الجديدة"، تمييزاً لها عن المباراة الكبرى التي كانت في تركستان بين بريطانيا العظمى والإمبراطورية الروسية في القرن التاسع عشر ومطلع القرن العشرين. وما سيترتب عن النتيجة النهائية لتلك المباراة الكبرى الجديدة من تأثير مباشر على وسط آسيا والدول العربية. سيما وأن أوزبكستان تقع في قلب المنطقة التي تربط آسيا بأوروبا، وأن ما يحدث فيها لابد وأن يؤثر بشكل ما على الأحداث الجارية في المنطقة العربية وخاصة الشرق الأوسط بشكل كامل. وتنبأ الباحث المصري إبراهيم عرفات بأن النزاعات الإقليمية في وسط آسيا، أو نشوء سباق للتسلح فيها، أو إنشاء منطقة منزوعة السلاح النووي هناك لابد وأن يكون له انعكاسات مباشرة على الأمة العربية، ومن ثم توقع أن يكون من مصلحة العرب أن تتبع دول وسط آسيا منهجاً مستقلاً للتطور يعتمد على رؤية الشعب والنخبة الحاكمة للمصالح الوطنية، وألا تهيمن قوة إقليمية أو عالمية معينة على دول وسط آسيا.
المصالح الاقتصادية: وأهمية الموقع الإستراتيجي المتميز لأوزبكستان وامتلاكها لكميات مهمة من الموارد الطبيعية والخبرات البشرية والتكنولوجية المتطورة. يمكنها من أن تكون الشريك المحتمل والمهم لاستثمار الموارد المالية العربية وتنويع البدائل الاقتصادية التقليدية، من خلال الاستفادة من الخبرات والمقدرات العربية مع دول المنطقة. وأنها تمثل عمقاً حضارياً واستراتيجياً، وهي ذات قدرات علمية وإستراتيجية أيضاً، وأن المنحى الذي سيتخذه التنافس بين القوى في الجوار الإقليمي حولها، لابد وأن ينعكس على موازين القوى في وسط آسيا وفي منطقة الشرق الأوسط بكاملها.
المصالح الإستراتيجية: خاصة وأن أوزبكستان تكاملت منذ استقلالها مع المجتمع الدولي، وأخذت تسهم بقسطها في تسوية النزاعات الإقليمية. وبادرت للسعي لإعلان وسط آسيا منطقة منزوعة السلاح النووي. وأن أية علاقات مع دول المنطقة لابد وأن تمر عبر أوزبكستان بحكم دورها التاريخي والحضاري في العلاقات العربية مع دول المنطقة.
دور أوزبكستان في إبراز الوجه المعتدل للإسلام في مواجهة حركات التطرف الديني: كما ظهرت في أوزبكستان بعد استقلالها حركات دينية متطرفة، هدفها الصدام مع النظم السياسية الدستورية، ومحاولة تغييرها بغير الطرق الديمقراطية السلمية باستخدام القوة والعنف المسلح لبلوغ الهدف. وهو ما يثبت الفهم الخاطئ للإسلام من قبل تلك القوى، وانتشارها إلى دول الجوار بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق، واستقلال جمهوريات وسط آسيا ولابد أن يهدد السلام ليس في وسط آسيا وحسب، بل وأمن وسلامة الشعوب العربية أيضاً. ومن هذا المنطلق كان من مصلحة العرب الحقيقية توضيح الوجه الحقيقي للإسلام أمام شعوب وسط آسيا، عن طريق نشر الثقافة الإسلامية بوجهها المتسامح والمعتدل من خلال العلاقات والروابط الثقافية العربية مع دول المنطقة وهو ما تسعى إليه دول المنطقة نفسها. وفي مقدمتها جمهورية أوزبكستان.
الدور الحضاري لأوزبكستان: والدول العربية بالنسبة لجمهورية أوزبكستان هي الساحة والمدخل المهم للاضطلاع بدور ثقافي وحضاري فعال في العالمين العربي والإسلامي. خاصة وأن أوزبكستان تملك تراثاً ثقافياً ودينياً وحضارياً، كان له أثر بالغ في تطور الحضارة العربية. وهو ما يؤهلها لتضطلع بدور حضاري متميز في العالمين العربي والإسلامي. ولهذا كان من المنطقي جداً إعلان المنظمة الإسلامية العالمية للتعليم والعلوم والثقافة (ISESCO) طشقند عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2007.
وانطلاقاً من المصالح المشتركة والمتشابكة بدأ العرب والأوزبك بصياغة مجموعة من السياسات التي يمكن أن تكفل تحقيق وحماية مصالحهما المشتركة. ومن المنطقي أن تكون نقطة البداية إنشاء وتطوير العلاقات الاقتصادية والثقافية والعلمية والسياسية بين الدول العربية وأوزبكستان. ولهذا الهدف قام الرئيس إسلام كريموف ضمن أولى جولاته بعد الاستقلال بزيارة رسمية شملت كلاً من المملكة العربية السعودية، وجمهورية مصر العربية في عامي 1992، وأتبعها بزيارة لفلسطين عام 1998، وبزيارة للكويت عام 2004، ومن ثم زار مصر للمرة الثانية عام 2007، وخلال تلك الزيارات تم الاتفاق على تبادل العلاقات الدبلوماسية، والتوقيع على مجموعة من اتفاقيات التعاون الثنائية.
وكان الرئيس الراحل ياسر عرفات القائد العربي الوحيد الذي زار أوزبكستان بعد الاستقلال. وكما سبق وأشرنا ففي أوزبكستان سفارات لمصر والسعودية والأردن والجزائر وفلسطين والكويت والإمارات معتمدة ومقيمة في طشقند، وللمغرب واليمن وسورية سفير معتمد غير مقيم. ولأوزبكستان سفارات معتمدة مقيمة في مصر، والسعودية، والكويت، إضافة للتمثيل القنصلي المقيم في دبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وجدة بالمملكة العربية السعودية، وفلسطين. كما ويمثل السفير الأوزبكستاني في القاهرة بلاده كسفير غير مقيم في الأردن.
وفي إطار العلاقات الدولية تدعم الدول العربية المبادرة الأوزبكستانية لإعلان آسيا المركزية منطقة خالية من الأسلحة النووية. وقد شاركت بعض الدول العربية في أعمال المؤتمر الدولي الذي عقد في خريف عام 1997 بطشقند لإعلان آسيا المركزية منطقة خالية من الأسلحة النووية. وأعلن فيه الوفد المصري أن إنشاء تلك المنطقة يعتبر حافزاً لإنشاء منطقة مماثلة في الشرق الأوسط.
كما وبدأت الدول العربية ببناء علاقات اقتصادية مع أوزبكستان، إلا أنها لم تزل محدودة رغم أهميتها. ولابد أن الأسباب تعود لتراجع الموارد المالية لدول الخليج العربية، أو لعدم الإلمام بالفرص الاستثمارية الكبيرة المتاحة في أوزبكستان. وهي نفس الأسباب التي نعتقد أنها وراء إحجام الدول العربية الخليجية عن الدخول بقوة في السوق الاستثمارية الأوزبكستانية، مكتفية بالأنشطة قصيرة الأجل في التجارة والمقاولات. أما بالنسبة لباقي الدول العربية فالمعضلة الرئيسية هي في نقص مواردها بالعملات الأجنبية، ولو أننا لا نعتبرها سبباً لأن المشكلة كان يمكن حلها عن طريق التبادل التجاري بالتقاص، الذي تحميه الدولة من قبل الجانبين ودون الحاجة للقطع الأجنبي. ومن صيغ الصفقات المتكافئة بين الدول العربية وأوزبكستان نورد الاتفاقية الموقعة عام 1992 بين مصر وأوزبكستان بقيمة 30 مليون دولار أمريكي.
وفي المجال الثقافي والديني فقد نشطت كلاً من مصر، والسعودية، والكويت، من خلال الدور الذي يؤديه كلاً من الأزهر الشريف في مصر، ورابطة العالم الإسلامي في السعودية، وهيئة الإغاثة الكويتية الإسلامية التي افتتحت لها فرعاً في طشقند. إضافة لقيام أوزبكستان بإنشاء صندوق الإمام البخاري الدولي، الذي يخطط لإنشاء فروع له في مختلف الدول العربية والإسلامية.
العلاقات الثنائية العربية الأوزبكستانية: وعند الحديث عن تطور العلاقات الثنائية الأوزبكستانية العربية يتحتم علينا الإشارة إلى عام 1962 عندما شهدت الأوساط الاجتماعية في أوزبكستان مولد جمعية الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول العربية. فمنذ ذلك العام بدأت تلك العلاقات بالإطلالة الأولى التي أخذت بالتدريج بتعزيز العلاقات المشتركة عبر الدبلوماسية الشعبية بين أوزبكستان والدول العربية. وبدأت بالعلاقات الثنائية بين أوزبكستان ومصر في عام 1963 وكان أهمها تآخي مدينة تشرتشك الأوزبكستانية في غمار بناء السد العالي في مصر مع مدينة أسوان، وتبادل الوفود الرسمية بين المدينتين المتآخيتين خلال أعوام 1965، 1972، 1975. واستمرت العلاقات بالتطور مع البلدان العربية الأخرى وخاصة: سورية، وفلسطين، والأردن، واليمن، والكويت، وعمان، ودولة الإمارات العربية المتحدة، والمغرب، وتونس، والعراق، وقيام المنصف الماي (من تونس) ممثل جامعة الدول العربية في موسكو بزيارة لأوزبكستان عام 1990.
وبعد استقلال جمهورية أوزبكستان ومع اعتراف الدول العربية باستقلالها، وتبادل بعض الدول العربية للتمثيل الدبلوماسي معها، فتحت أفاقاً جديدة لتعزيز التعاون الثنائي المباشر، شمل الدبلوماسية العربية في إطار العلاقات الثقافية والصداقة أيضاً. وتم إدماج جمعية الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية مع جمعية "وطن" للعلاقات الثقافية مع المهاجرين من أصل أوزبكي المقيمين في الخارج وشكلتا معاً الرابطة الأوزبكستانية للعلاقات الثقافية والتربوية مع الدول الأجنبية، وتحولت هذه الرابطة في عام 1997 إلى مجلس لجمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول الأجنبية. وخطط المجلس لاستبدال رابطة الصداقة والعلاقات الثقافية مع الدول العربية، بجمعيات للصداقة مع الدول العربية. وبالفعل تم تأسيس جمعيتين للصداقة مع مصر، والأردن، ويجري العمل لتشكيل جمعيات للصداقة مع الدول العربية الأخرى.
كما ويحافظ المجلس على علاقات ودية مع المواطنين من أصل أوزبكي في المملكة العربية السعودية، وسورية، وفلسطين، والأردن، ومصر، منذ أواسط السبعينات، وبرزت من خلال مشاركة ممثلين عنهم في المؤتمر الشبابي الأول للمهاجرين الأوزبك من مختلف دول العالم الذي انعقد في طشقند عام 1992.
وفي خضم الاحتفالات بإعلان المنظمة الإسلامية العالمية للتعليم والعلوم والثقافة (ISESCO) طشقند عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2007 استقبل رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف يوم 14/8/2007 بمقره في قصر آق ساراي الأمين العام لجامعة الدول العربية عمرو موسى. وأثناء اللقاء تم تبادل شامل للآراء حول مسائل مستقبل تطوير التعاون بين أوزبكستان والجامعة العربية.
العلاقات الثنائية الإماراتية الأوزبكستانية: اعترفت دولة الإمارات العربية المتحدة باستقلال جمهورية أوزبكستان في 26/12/1991، وتم الاتفاق على إقامة العلاقات الدبلوماسية في 25/10/1992. وبدأت العلاقات بالتعاون الثنائي مع إمارتي دبي والشارقة.
وفي خريف عام 1992 افتتحت أوزبكستان قنصلية لها في دبي، وكانت من أولى ممثليات الدبلوماسية الأوزبكستانية في الخارج، وفي ربيع عام 1994 تم رفع مستوى التمثيل الدبلوماسي فيها إلى قنصلية عامة. وفي عام 2005 افتتحت دولة الإمارات قنصلية لها في طشقند.
وفي شباط/فبراير 1992 بدأت "الخطوط الجوية الأوزبكستانية" بتسيير خط جوي منتظم ومباشر بين طشقند، والشارقة؛ وفي كانون أول/ديسمبر 1992 شاركت أوزبكستان في معرض "إكسبو 92" الدولي في دبي؛ وخلال الفترة الممتدة مابين 20 و22/12/1994 قام وفد رسمي عن حكومة إمارة دبي بزيارة لأوزبكستان، وأثناء الزيارة التقى الوفد الضيف بالمسؤولين في وزارات الخارجية، والعلاقات الاقتصادية الخارجية، ومؤسسة السياحة الوطنية "أوزبيكتوريزم"، ومؤسسة الطيران الوطنية "أوزبكستان هوا يولاري"، والبنك الوطني، وإدارة أملاك الدولة؛ وفي صيف عام 1997 قام وزير الداخلية الأوزبكستاني بزيارة لإمارة دبي، تم خلالها التوقيع على مذكرة تفاهم بين وزارة الداخلية الأوزبكستانية، والقيادة العامة لشرطة دبي، أعقبتها زيارة القائد العام لشرطة دبي لأوزبكستان خلال خريف عام 1997.
ومن خريف عام 1997 طورت العلاقات الثنائية على المستوى الاتحادي، حيث قام نائب الوزير الأول الأوزبكستاني بزيارة رسمية لدولة الإمارات العربية المتحدة التقى خلالها بنظيره الشيخ سلطان بن زايد آل نهيان نائب رئيس وزراء دولة الإمارات العربية المتحدة، وشارك خلال الزيارة في أعمال مؤتمر لرجال الأعمال. تم خلاله التوقيع على بروتوكولات للتعاون بين الشركات الأوزبكستانية والإماراتية. سبقه في ربيع عام 1997 مؤتمر مماثل في دبي عن فرص الاستثمار في أوزبكستان.
وفي خريف عام 1998 زار وزير الخارجية الأوزبكستاني دولة الإمارات العربية المتحدة، وتم خلال الزيارة توقيع اتفاقية للنقل الجوي، واتفاقية لحماية الاستثمارات.
وأثناء زيارة نائب رئيس دولة الإمارات العربية المتحدة، رئيس الوزراء، حاكم إمارة دبي الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، لأوزبكستان استقبله رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، يوم 26/10/2007 بمقره بقصر آق ساراي، وتمت الإشارة خلال اللقاء إلى تطابق وجهات نظر الطرفين في العديد من المسائل الدولية. وصادفت الزيارة الذكرى الـ15 لإقامة العلاقات الدبلوماسية بين الدولتين. وجرى خلال الزيارة النظر في أكثر من 20 مشروعاً أوزبكياً في مجالات: التعليم، والصحة، والزراعة والمياه، والطاقة، والصناعات الكيماوية، والخدمات التحتية، والبناء، والمعادن، وفي يوم 26/10/2007 تم التوقيع على: اتفاقية لتفادي الازدواج الضريبي على الدخل ومنع التهرب من دفع ضريبة الدخل وضريبة رأس المال، والتشجيع المتبادل وحماية الاستثمارات؛ ومذكرة تفاهم بين حكومة جمهورية أوزبكستان، وحكومة الإمارات العربية المتحدة حول التعاون والاستشارات بين إدارات السياسة الخارجية في البلدين.
كما واستقبل رئيس جمهورية أوزبكستان الشيخ سيف بن زايد آل نهيان، وزير داخلية دولة الإمارات العربية المتحدة بمقره يوم 5/11/2007 بقصر آق ساراي، وأجرى الضيف في نفس اليوم محادثات مع وزير الداخلية بجمهورية أوزبكستان، حول التعاون بين البلدين في مجال الأمن. وأثناء المحادثات تم التوصل إلى اتفاقية لتطوير التعاون بين وزارتي الداخلية في البلدين، وإعداد وتطبيق مشاريع جديدة في هذا المجال.
وفي المجالات الاقتصادية: تتميز دولة الإمارات العربية المتحدة بعلاقاتها التجارية مع أوزبكستان فقد وصل حجم التبادل التجاري بين البلدين في عام 1997 إلى 75,671 مليون دولار أمريكي، وهو أعلى مستوى للتبادل التجاري بين أوزبكستان وأية دولة عربية أخرى. ويميل ميزان التبادل التجاري بين البلدين لصالح دولة الإمارات العربية المتحدة، إذ بلغ حجم صادراتها في نفس العام 64,680 مليون دولار أمريكي نتيجة لتجارة إعادة التصدير من إمارة دبي. بواسطة الشركات التجارية المشتركة بين البلدين.
وخلال عام 1999 بلغ حجم التبادل التجاري بين البلدين 43.053.5 مليون دولار أمريكي، منها 8.637.6 مليون دولار أمريكي صادرات، و 34.415.9 مليون دولار أمريكي واردات. بينما وصل حجم التبادل التجاري بين أوزبكستان والإمارات العربية المتحدة عام 2006 إلى 112.4 مليون دولار أمريكي.
وتصدر أوزبكستان إلى دولة الإمارات العربية المتحدة أساساً: المعادن الملونة، والحرير، والأقمشة، وخدمات النقل الجوي للمسافرين والبضائع. وتستورد من دولة الإمارات العربية المتحدة: المطاط، والكوتشوك، والملابس، والأدوات الكهربائية للاستعمال اليومي، ومواد البناء، والموبيليا، ووسائط النقل. وتعمل في أوزبكستان 66 منشأة مشتركة بمشاركة مستثمرين من الإمارات العربية المتحدة، أحدث نحو نصفها برأس مال من دولة الإمارات العربية المتحدة بالكامل.
ورغم شح المعلومات المنشورة عن التعاون الأوزبكي الإماراتي فقد تناولت الصحافة المحلية خبراً عن بدء العمل في الشركة الأوزبكية المشتركة مع دولة الإمارات العربية المتحدة، وسنغافورة "نوائي سيلك" لإنتاج الخيوط الحريرية بمنطقة كرمانين بولاية نوائي، التي يعمل فيها حوالي (400) شاب وشابة، وتنتج سنوياً (120) طن من خيوط الحرير وأن الشركة حتى سبتمبر 2005 أنتجت كمية (10) طن من خيوط الحرير. وكانت الشركة المشتركة قد بدأت إنتاجها في عام 2006.
وفي المجالات الثقافية والعلمية: صدر في دولة الإمارات العربية المتحدة كتاب إسلام كريموف "أوزبكستان على طريق الانبعاث الروحي"، الذي كتب مقدمته للقارئ العربي الشيخ محمد بن خليفة آل مكتوم، الذي تبرع لدعم الجامعة الإسلامية في طشقند بمبلغ 100 ألف دولار أمريكي عند افتتاحها في عام 1999، وبمبلغ 150 ألف دولار أمريكي في عام 2000، أثناء زيارته لها.
كما وقام وفد عن جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكستانية برئاسة نائب رئيس الجامعة للعلاقات الدولية، بزيارة لجامعة الإمارات العربية المتحدة في نهاية عام 1998 للبحث في أوجه التعاون العلمي والثقافي المشترك. وفي ربيع عام 2000 زارت رئيسة قسم التاريخ والآثار بجامعة الإمارات العربية المتحدة، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية وألقت سلسلة من المحاضرات أمام هيئة التدريس وطلاب المعهد الذي درس فيه طالب إماراتي واحد العلاقات الدولية. وفي خريف نفس العام زار جامعة الإمارات العربية المتحدة وفد من معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية لإلقاء سلسلة من المحاضرات عن أوزبكستان.
وشاركت الإمارات العربية المتحدة بهيئة التحكيم في المؤتمر العلمي والتطبيقي الدولي "إسهام أوزبكستان في تطور الحضارة الإسلامية" الذي عقد خلال يومي 14 و15/8/2007 في مدينتي طشقند، وسمرقند، بمناسبة إعلان المنظمة الإسلامية العالمية للتعليم والعلوم والثقافة (ISESCO) طشقند عاصمة للثقافة الإسلامية لعام 2007. ومنذ سنوات طويلة هناك لمعهد أبو ريحان البيروني للإستشراق التابع لأكاديمية العلوم الأوزبكية علاقات وثيقة مع مركز جمعة الماجد للثقافة بدبي في مجال دراسة المخطوطات القديمة.
ومن هذا العرض السريع نقتنع بأن مستوى العلاقات الثنائية الأوزبكستانية الإماراتية لم تزل دون المستوى المطلوب وغير كافية لإحياء عرى الصداقة والتعاون الأوزبكستاني العربي الأخوي والتاريخي الذي يضرب بجذوره عمقاً عبر القرون. ونحن مقتنعون بأن الوضع يتطلب من الجانبين المزيد من العمل الدءوب لرفع مستوى العلاقات الثنائية لما فيه مصلحة الجانبين على جميع الأصعدة والمستويات. وفي العلاقات الثنائية الأوزبكستانية الإماراتية والعربية الكثير من الخبرات التي تستحق التوقف عندها بالدراسة والتحليل، للخروج بأفضل السبل لإقامة علاقات ثنائية مرجوة ومفيدة للجانبين. خاصة وأن الخطاب السياسي للمسؤولين الأوزبك أكد أكثر من مرة على الرغبة في تطوير العلاقات مع الدول العربية، ومن بينها تصريح وزير الخارجية السابق لمراسل صحيفة الاتحاد بأبو ظبي عندما أكد "بأن لدينا رغبة حقيقية في تطوير علاقاتنا مع العالم العربي، ولدينا، بالفعل، علاقات دبلوماسية مع بعض الدول العربية، أبرزها مع المملكة العربية السعودية، ولكن مع الأسف، لم تبلغ علاقاتنا حتى الآن المستوى الذي ينبغي أن تكون عليه .. وباستطاعتي القول أن علاقاتنا تتطور، ونعلم أن مصر تضطلع بدور محوري في منطقتها، ونحن نرغب في تقوية علاقاتنا معها لأننا نقوم بدور مماثل في منطقتنا، كما أننا نحاول الإفادة من التجربة اللبنانية الكبيرة في مجال التصدير والتجارة الخارجية، ونفكر بفتح سفارة في دولة الإمارات العربية المتحدة لتطوير المبادلات التجارية وحركة السياحة مع العالم العربي .. لكن اسمح لي أن أسجل هذه الملاحظة هنا، فأنا لا أفهم لماذا لم يزرنا مسؤول عربي واحد منذ الاستقلال، مع أننا وجهنا دعوات رسمية عديدة إلى المسؤولين العرب لعل أبرزها تلك التي وجهها الرئيس كريموف إلى نظيره المصري حسني مبارك، وأعتقد أن على العرب أن يغزوا أوزبكستان دبلوماسياً". وهنا أستطيع أن أضيف أن يغزوا أوزبكستان باستثماراتهم الاقتصادية المفيدة للجانبين وهي التي هيأت لها الحكومة الأوزبكستانية كل الظروف الملائمة.
طشقند في 15/4/2009
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق