التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العولمة والعلاقات الدولية المعاصرة
طشقند - 2005
تأليف: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD ، اختصاص صحافة. أستاذ بقسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية
الفهرس
المقدمة
الفصل الأول: وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية: الصحافة المطبوعة؛ الصحافة المسموعة؛الصحافة المرئية؛ الصحافة الدولية؛ وظائف الصحافة الدولية؛ مشاكل الصحافة الدولية؛ الصحافة الدولية والصراعات الدولية.
الفصل الثاني: نظريات الصحافة الدولية: نظرية السلطة المطلقة؛ أسس نظرية السلطة المطلقة؛ الصحافة والسلطة المطلقة؛ الرقابة وسيطرة الأجهزة المسؤولة على الصحافة؛ التاريخ الطويل للإيديولوجية السياسية لنظرية السلطة المطلقة؛ نظرية الصحافة الحرة؛ مبادئ النظرية الحرة؛ إيديولوجية نظرية الصحافة الحرة؛ الصحافة الحرة ووسائل الإعلام الجماهيرية؛ النظرية الاشتراكية للصحافة؛ التيارات الاشتراكية؛ دعائم النظرية الاشتراكية للصحافة؛ نظرية المسؤولية الاجتماعية؛ نظرية المسؤولية العالمية للصحافة.
الفصل الثالث: وكالات الأنباء العالمية: نشأة وتطور وكالات الأنباء العالمية؛ الجمهورية الفرنسية؛ المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية؛ جمهورية ألمانيا الاتحادية؛ الولايات المتحدة الأمريكية؛ روسيا الاتحادية؛ نشأة وتطور وكالات الأنباء الوطنية؛ وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا)؛ وكالة أنباء الصين الجديدة؛ وكالتي الأنباء اليابانيتين: وكالة أنباء كيودو نيوزسرفيس، ووكالة أنباء جيجي بريس سرفيس؛ وكالة الأنباء الكورية ين خاب تخون سين؛ الوكالة العربية السورية للأنباء؛ جمهورية الهند: بريس تراست أوف إنديا، يونايتد نيوز أوف إنديا، ساماتشار بخاراتي؛ وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية؛ الوكالة السنغالية للأنباء؛ وكالة الأنباء النيجيرية؛ مؤسسة جنوب إفريقيا الصحفية؛ جمهورية غانا؛ وكالة الأنباء الكينية؛ وكالة الأنباء الإثيوبية؛ وكالة أنباء عموم إفريقيا؛ وكالة المغرب العربي للأنباء؛ الوكالة الموريتانية للإعلام؛ وكالة الأنباء السودانية؛ وكالة الأنباء السعودية؛ وكالة أنباء بترا الأردنية؛ وكالة الأنباء الأوزبكية "أوزا"؛ وكالة الأنباء الأوزبكية "جهان"؛ المكتب الصحفي لرئيس جمهورية أوزبكستان؛ اتحادات وكالات الأنباء؛ وكالات الأنباء المتخصصة.
الفصل الرابع: الصحافة الدولية المطبوعة: نشأة وتطور الصحافة الدولية؛ المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية؛ الجمهورية الفرنسية؛ جمهورية ألمانيا الاتحادية؛ الولايات المتحدة الأمريكية؛ اليابان؛ جمهورية الصين الشعبية؛ جمهورية مصر العربية؛ الجمهورية العربية السورية؛ المملكة العربية السعودية؛ المملكة الأردنية الهاشمية؛ دولة الإمارات العربية المتحدة؛ جمهورية كوريا؛ جمهورية الهند؛ جمهورية كينيا؛ جمهورية نيجيريا الاتحادية؛ جمهورية غانا؛ جمهورية السنغال؛ المملكة المغربية؛ جمهورية إثيوبيا؛ جمهورية موريتانيا؛ جمهورية السودان؛ جمهورية جنوب إفريقيا؛ جمهورية أوزبكستان.
الفصل الخامس: التدفق الإعلامي الدولي والتبادل الإعلامي الدولي. التدفق الإعلامي الدولي من وجهة نظر تحليل المضمون؛ التبادل الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر؛ التبادل الإعلامي الدولي والتعاون الدولي؛ أساليب وتقنيات وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية؛ الجوانب الثقافية للتبادل الإعلامي الدولي؛ فاعلية التبادل الإعلامي الدولي؛ وسائل الاتصال كمصدر للتبادل الإعلامي الدولي.
الفصل السادس: التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية: الصحافة الدولية في إطار السياسة الخارجية للدولة؛ التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية؛ التبادل الإعلامي والتفاهم الدولي؛ مشاكل التبادل الإعلامي الدولي؛ خصائص التبادل الإعلامي الدولي؛ الاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي؛ تأثير التبادل الإعلامي الدولي على اتخاذ القرارات.
الفصل السابع: التبادل الإعلامي الدولي في عصر العولمة: مفهوم الدولة في عصر "العولمة"؛ التبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي؛ التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية؛ المستشارون والملحقون الإعلاميون؛ الوظيفة الدولية للتبادل الإعلامي الدولي؛ العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية) كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي؛ الإعلان كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي؛ التخطيط الإعلامي والحملات الإعلامية الدولية.
المراجع المستخدمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
أصبح الحديث عن التبادل الإعلامي الدولي في حياة الأمم المعاصرة، وفي ظل النظام الدولي الراهن واحداً من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام، وذلك نظراً للإمكانيات الهائلة القائمة والمحتملة للتبادل الإعلامي الدولي على ضوء التطور الهائل في وسائل الاتصال الإلكترونية. التي تنبأ لها البروفيسور الياباني يونيجي ماسودا: أن تمكن الإنسان في نهاية القرن الحالي من الحصول على أية معلومات يريدها بمنتهى السرعة واليسر والسهولة.
وهو ما حدث فعلاً عبر شبكات الكمبيوتر العالمية، وقنوات الإذاعة المرئية الفضائية، ووسائل الاتصال الأخرى من فاكس وتلكس وبريد إلكتروني... إلخ. والتي أصبحت تستخدمها فعلاً وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، لمخاطبة العقول أينما كانـت، ومهما تباينت، وبأية لغة يفهمها الإنسان المعاصر الذي تميز بسعة الأفق والمعرفة، بفضل المعلومات التي وضعتها بين يديه وسائل الإعلام الجماهيرية أينما كان.
كما وسمحت تقنيات الاتصال الحديثة للتدفق الإعلامي الدولي أن يكون تبادلاً إعلامياً دولياً، تسيطر فيه الدول المتطورة بفضل إمكانياتها المادية والعلمية والتقنية. ولو أن أية دولة أو أية جماعة مهما كان حجمها وإمكانياتها تستطيع ولوج عالم التبادل الإعلامي الدولي بالحرف والصوت والصورة دون عوائق تذكر.
وقد التفتت الدول والتجمعات الدولية اليوم، بعد أن تجلت لها حقيقة الثورة المعلوماتية خلال العقود الثلاثة الماضية، إلى التركيز على أهداف ووظائف التبادل الإعلامي الدولي، وردم الهوة بين الدول المتطورة والغنية، والدول الأقل تطوراً والمتخلفة والفقيرة.
وأصبح المدخل لدراسة مشاكل الاتصال والتبادل الإعلامي الدولي، تدارس قضايا الإعلام والاتصال، والسعي لإقرار نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي، يهدف أساساً إلى الحد من اختلال التوازن بين الدول المتقدمة والدول النامية. ويجعل من التبادل الإعلامي الدولي المفتوح مجالاً للحوار بين الأمم والثقافات، لا السيطرة كما يرغب منها البعض.
خاصة بعد أن أحدثت ثورة المعلومات الناتجة عن التطور العلمي والتقني الهائل لوسائل الاتصال الجماهيري، تغييرات جوهرية داخل المجتمعات في مختلف الدول، بفارق سجل نسب التطور في كل مجتمع من مجتمعات الدول المتطورة والأقل تطوراً والدول النامية في العالم.
والدولة وكما كانت الحال منذ القدم هي العنصر الأساسي في العلاقات الدولية، رغم التأثر الواضح الذي بدرت ظواهره تزداد وضوحاً كل يوم، من خلال تأثير وسائل الاتصال الجماهيرية المتطورة في عملية التبادل الإعلامي الدولي.
ورغم ذلك تظل الدولة دون سواها العنصر الرئيسي في وضع وتنظيم وضبط آليات العلاقات الدولية ومن ضمنها عملية التبادل الإعلامي الدولي. خاصة وأن مفهوم قوة الدولة على الساحة الدولية، كان ولم يزل مرتبطاً منذ البداية بقوة وتماسك الدولة من الداخل، الذي تعززه وسائل الإعلام الجماهيرية الوطنية من خلال تأثيرها على الجمهور الإعلامي وتكوينها للرأي العام.
ومما لاشك فيه اليوم أن ثورة وسائل الاتصال الحديثة، وما نتج عنها من امتداد وانتشار لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بأشكالها التقليدية والحديثة، قد تركت بصماتها على دور الدولة الذي بدأ يضعف في مجتمع عصر التدفق الحر للمعلومات عبر تقنيات الاتصال الحديثة من الجانبين. ولم يعد بالإمكان التحدث اليوم عن السيادة الإعلامية ضمن الحدود السياسية للدولة، وعن التحكم بعملية تدفق المعلومات لداخل تلك الحدود، وبالتالي الإنفراد بتشكيل عقول مواطني الدول بما يضمن الولاء التام للدولة، بنفس الطريقة التي كانت مطروحةً به قبل انهيار المنظومة الشيوعية وعلى رأسها الإتحاد السوفييتي السابق.
خاصة وأن تأثير ثورة المعلومات قد شمل سلباً الدولة بكل مكوناتها من حدود سياسية معترف بها، وشعب وحكومة. وأصبحت السيطرة على عملية تدفق المعلومات شبه مستحيلة بعد أن تحولت المعلومات إلى عناصر غير ملموسة وغير مرئية يسهل تنقلها واختراقها لأي حدود سياسية أو جغرافية كانت، مهما بلغت نوعية وكمية ودرجة إجراءات الحماية ضد اختراق التدفق الإعلامي الحديث.
ولا أحد ينكر الدور الذي لعبته الصحافة المطبوعة في بلورة الشخصية القومية للأمم، عندما وفرت للشعوب إمكانية المشاركة في عنصري الزمان والمكان عن طريق اشتراك أبناء الشعب الواحد في قراءة صحيفة تتحدث بنفس اللغة، وتحمل على صفحاتها نفس الزوايا والأبواب وتصدر في مكان وزمن محدد، مما دعم الشعور القومي لدى هذه الشعوب.
أما اليوم فقد تقلص البعد الجغرافي، وزال الفاصل الزمني، وأصبحت تقنيات الاتصال الحديثة تقفز من فوق الحواجز وتخرقها. وما كان مستحيلاً في عالم الاتصال الأمس، أصبح اليوم واقعاً ملموساً، وكأن مصدر المعلومات والقائم بالاتصال والجمهور الإعلامي مهما باعدت المسافة الجغرافية بينهم، داخل ساحة إعلامية واحدة تعجز الدول عن التحكم بها، مما ترك بدوره أثاراً بالغة على الشعور الوطني والتماسك الاجتماعي، والولاء للدولة من قبل المواطنين المنتمين للدول المعرضة للاختراق الإعلامي.
فكيف ومتى بدأت ملامح هذا الوضع بالتكون؟ هذا السؤال الذي أحاول الإجابة عنه من خلال هذه الدراسة التي أتناول فيها موضوع الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي في محاولة لسد شئ من الفراغ الذي تعاني منه المكتبة العربية في هذا المجال الهام.
وقد تناولت هذه الدراسة في الفصل الأول: استعراضاً موجزاً للصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية ووظائف الصحافة الدولية ومشاكلها ودوافعها.
بينما تناول الفصل الثاني: عرضاً موجزاً لأكثر النظريات الإعلامية انتشاراً في العالم.
أما الفصل الثالث: مراحل نشوء وتطور وكالات الأنباء العالمية، التي لم تفقد من مكانتها بعد التطور العاصف لوسائل الاتصال، بل على العكس من ذلك مكنتها وسائل الاتصال الحديثة المتطورة من مضاعفة اختراقها للساحة الإعلامية الدولية وزادت من دورها في عملية التبادل الإعلامي الدولي. إن كان في جمع المعلومات، أم في إعدادها بمادة إعلامية، أم في طريقة عرضها، أم في اختيار قناة الاتصال الأكثر فاعلية لإيصالها للمتلقي أينما كان، بأقل فاقد وأكثر فاعلية وتأثير.
وتناول الفصل الرابع: مراحل نشوء وتطور الصحافة المطبوعة الدولية في بعض دول العالم المتقدمة والنامية كنماذج للمقارنة بينها.
واستعرض الفصل الخامس: التدفق الإعلامي الدولي، والتبادل الإعلامي الدولي ودورهما في التعاون الدولي وتكوين وجهات النظر، وفاعلية التبادل الإعلامي الدولي من جوانبه الثقافية والتقنية.
واستعرض الفصل السادس: فقد تناول موضوع التبادل الإعلامي الدولي ضمن إطار العلاقات الدولية، والسياسة الخارجية للدولة، وتأثيره على اتخاذ القرارات، ومشاكل التبادل الإعلامي الدولي ودوره في التفاهم الدولي، والاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي.
أما الفصل السابع: فقد تناول مفهوم الدولة في عصر "العولمة"، والتبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي، والتبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية والشعبية، وأخيراً التخطيط للحملات الإعلامية الدولية.
آملاً أن يلبي هذا الجهد العلمي المتواضع بعضاً من حاجة الباحثين وطلاب الصحافة والعلاقات الدولية للمعلومات في هذا المجال، للاستفادة منها في دراساتهم وبحوثهم عن مشاكل الإعلام والاتصال الدولي.
طشقند تموز/يوليو 2005 أ.د. محمد البخاري
الفصل الأول: وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية: الإعلام المطبوعة: تعد الصحف من أقدم وسائل الاتصال والإعلام في العالم على الإطلاق، فقد سبقت منافستيها الإذاعتين المسموعة والمرئية بعدة قرون. وللصحف خصائص تميزها عن سواها من وسائل الإعلام الجماهيرية، فالصحيفة لاتسطيع نقل الأخبار بتلك السرعة التي تنقلها بها الإذاعة، ولا يمكنها نقل وتقريب الواقع كما تفعله الإذاعة المرئية، ولكنها تقوم بذلك بشكل متميز جعل من الصحيفة جزءاً لا يتجزأ من حياة الفرد المتعلم في كل أنحاء العالم.
وبداية ظهور الصحف بشكلها المعاصر يعود إلى عام 1454م عندما اخترعت الطباعة عن طريق صف الحروف،[i] وخدم هذا الاختراع المركز الرئيسي للسلطة في العالم المسيحي آنذاك، والمتمثل بسلطة الكنيسة. بينما تأخر استخدام هذه الوسيلة الحديثة في طباعة الكتب والنصوص لعدة قرون في العالم الإسلامي بسبب التحريم الديني.
وقد خدمت المطابع الكنيسة في نشر مواضيع تهم الدين والدنيا، وأصبحت من عوامل الإصلاح الديني في العالم المسيحي خلال الفترة الممتدة مابين القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين. ونشرت المطابع روائع كتب القرون الوسطى، وكتب عصر النهضة بنسخ كثيرة، ووضعتها بمتناول الجميع بعد أن كانت حبيسة خزائن الكتب. ونقلت أخبار التجارة والاقتصاد للتجار في كل مكان. ولعل المنشورات مجهولة المصدر والهوية، التي لعبت دوراً كبيراً إبان الثورتين الفرنسية والأمريكية، من أبلغ الأمثلة على الدور الهام الذي لعبته الطباعة في تغيير العلاقات الإنسانية في المجتمع الإنساني المعاصر.
وأصبحت الصحف بالتدريج حارساً للديمقراطية، بإتاحتها الفرصة للمرشح والناخب بالتعرف إلى بعضهما البعض دون اتصال مباشر، بل عن طريق انتقال الأفكار المنشورة على صفحاتها. وأصبحت من الوسائل الهامة التي يعتمد عليها التعليم في مختلف مراحله، وساعدت الصحف من خلال الإعلانات التي تنشرها على تصريف قدر هائل من السلع المنتجة في المصانع، وإيجاد فرص العمل، وتوفير الأيدي العاملة للباحثين عنها.[ii]
وجاءت الثورة الصناعية للصحف مع مطلع القرن العشرين بالمطبعة البخارية أولاً، ومن ثم بالمطبعة الكهربائية، مما ساعد على خفض تكاليف طباعتها، وأجور الإعلانات على صفحاتها وزيادة عدد نسخها، مما ساعدها على الانتشار الواسع وتحولها إلى وسيلة اتصال جماهيرية، رخيصة الثمن توزع أعداداً ضخمة من النسخ يعتمد عليها لنشر إعلانات مربحة للمنتج والناشر في آن معاً.
ومن الميزات الهامة الأخرى التي تنفرد بها المادة المطبوعة عن غيرها من وسائل الإعلام الجماهيرية، أنها تسمح للقارئ بالتكيف مع الظروف ومطالعتها في الوقت الملائم له، وإعادة القراءة كلما أراد. إضافة إلى أنها من أفضل الوسائل لمخاطبة الجماعات والشرائح الاجتماعية الصغيرة والمتخصصة.
الأعلام المسموع ( الراديو ): تعتبر الإذاعة المسموعة من أفضل وسائل الاتصال الجماهيرية قدرة على الوصول للمستمعين في أي مكان بسهولة ويسر متخطية الحواجز الجغرافية والأمية، لأنها تستطيع مخاطبة الجميع دون تمييز وبغض النظر عن فارق السن ومستوى التعليم، ولا تحتاج لظروف وأوضاع خاصة للاستماع كما هي الحال بالنسبة للإذاعة المرئية ( التلفزيون ). حتى أنها أصبحت في بعض المجتمعات المتقدمة نوعاً من الوسائل الإعلامية التي يتعامل معها الإنسان دون اهتمام أو تركيز، كمصدر للترفيه أكثر من أنها مصدراً للمعلومات يحتاج للتركيز والاهتمام.[iii]
ومن الصعب جداً تحديد أصل الاختراعات العلمية التي أدت إلى ظهور الإذاعة المسموعة، التي تعتبر اليوم واحدة من أهم وسائل الإعلام الجماهيرية. ففي الفترة من 1890 إلى 1894 أكتشف برافلي المبادئ الأساسية للمبرق اللاسلكي، ونجحت تجارب ماركوني التي أجراها خلال الفترة من 1894 وحتى 1899 عندما نجح في إرسال أول برقية لاسلكية عبر بحر المانش.[iv]
وتطورت الأبحاث العلمية بعد ذلك، حتى استطاع المهندس الفرنسي رايموند برايار، وزميله الدكتور البلجيكي روبير فولدا سميث، من إرسال واستقبال بث إذاعي عن بعد عدة كيلو مترات عام 1914، وتوقفت التجارب بعد ذلك بسبب الحرب العالمية الأولى، إلى أن عادت مرة أخرى إلى دائرة الاهتمام بعد انتهاء الحرب مباشرة.
وبدأت أو البرامج الإذاعية اليومية المنظمة البث من ديتروا نيوز في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1920، وتبعتها بريطانيا التي نظم فيها دايلي مايل أول برنامج إذاعي في نفس العام. أما فرنسا فقد نجح الجنرال فيري من إرسال أولى البرامج الإذاعية عام 1921.
وتعتبر العشرينات من القرن العشرين فترة هامة في حياة هذا الاختراع الهام، آخذاً في التطور والتوسع. ورافقه في عام 1925 اختراع البيك آب الكهربائي، وفي عام 1934 اختراع التسجيل على الاسطوانات المرنة، وآلة التسجيل عام 1945، وتمكن الأمريكيان براتان وباردن عام 1948 من اختراع المذياع، الذي انتشر في الأوساط الشعبية اعتباراً من عام 1950وتبع هذا الاختراع عام 1958 اختراع اسطوانة التسجيل الستريو التي نقلت البث الإذاعي معها إلى مرحلة جديدة.[v]
الإعلام المرئي ( التلفزيون ): بدأت أولى التجارب لاختراع طريقة لإرسال صور ثابتة باللونين الأسود والأبيض عن بعد في منتصف القرن التاسع عشر، وتطور هذا الاختراع حتى استطاع الألماني دي كورن من اختراع الفوتوتلغرافيا عام 1905، وجاء بعده الفرنسي إدوارد بلين، الذي طور الاختراع الأول وأطلق عليه اسم البيلينوغراف عام 1907. واستمرت هذه التجارب بالتطور مستخدمة وسائل ميكانيكية أولاً ثم راديو كهربائية، حتى توصل كلاً من الإنجليزي جون لوجي بيارد والأمريكي س. ف. جنكيس إلى وسيلة إرسال تستعمل فيها اسطوانة دورانية مثقوبة عام 1923.
وقد تكللت التجارب التي جرت خلال الثلاثينات من القرن العشرين بالنجاح، حيث بدأ مركز أليكساندر بلاس البريطاني للتلفزيون بالبث الإذاعي المرئي لمدة ساعتين يومياً عام 1936، وتبعه المركز الفرنسي في لاتوريفال ببث برامج إذاعية مرئية يومية عام 1938، وتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية في العام التالي ببث إذاعي مرئي استهدف جمهور كبير. وأخرت الحرب العالمية الثانية البداية الفعلية لانتشار بث الإذاعة المرئية للجمهور العريض حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية عامي 1945 - 1946.
وبدأ في الخمسينات من القرن الحالي الانتقال التدريجي من نظام البث باللونين الأسود والأبيض إلى نظام البث الإذاعي المرئي الملون، وتبعه الانتشار العاصف للبث الإذاعي المرئي بواسطة الدارات المغلقة، ومحطات التقوية الأرضية، إلى أن انتقل البث الإذاعي المرئي عبر الأقمار الصناعية مع تطور غزو الإنسان للفضاء الكوني الذي بدأ في نفس الفترة تقريباً. ويعتقد أن للإذاعة المرئية فاعلية فريدة لأنه الوسيلة التي تعتمد على حاستي السمع والبصر في آن معاً. وقد لوحظ أنه يستحوذ على الاهتمام الكامل للجمهور، أكثر من أية وسيلة إعلامية أخرى، وخاصة في أوساط الأطفال واليافعين. وقد كشفت بعض الدراسات أن الصغار والكبار على حد سواء يميلون إلى تقبل كل ما تقدمه الإذاعة المرئية بدون مناقشة، لأنهم يعتبرون ما تقدمه الإذاعة المرئية واقعي ويعلق في أذهانهم بصورة أفضل.[vi]
والاختلاف بين الإذاعتين المرئية والمسموعة ، أن الإذاعة المرئية تحتاج لحاستي السمع والبصر وانتباهاً لا يستطيع المتفرج معه أن يفعل شيئاً آخر أثناء المشاهدة، في حين أن المستمع للإذاعة يستطيع أثناء استماعه أن يقرأ ويمشي ويعمل ويقود سيارته، أو أن يستلقي مغمضاً عينيه سارحاً في خياله. ومن المزايا التي تتميز بها الإذاعة المرئية عن سواها من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية:
أنه أقرب للاتصال المباشر، ويجمع بين الصورة والصوت والحركة واللون، ويتفوق عن الاتصال المباشر بأنه يكبر الأشياء الصغيرة، ويحرك الأشياء الثابتة؛ وينقل الأحداث فور حدوثها، وبفارق زمني طفيف؛ ويسمح بأساليب متعددة لتقديم المادة الإعلانية، مما يضاعف من تأثيرها على الجمهور؛ وأصبح وسيلة قوية بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بعد أن دخل كل بيت، ووفرت له الأقمار الصناعية المنتشرة في الفضاء الكوني انتشاراً عالمياً، مما زاد من فاعلية عملية التبادل الإعلامي والثقافي العالمي، وأصبح وسيلة تقارب بين الشعوب.
وهكذا نرى كيف تغير وضع الإنسان الذي عاش قديماً في مجتمعات صغيرة، محدودة العدد معزولة عن بعضها البعض، يصعب الاتصال فيما بينها. ليأتي القرن العشرين ليغير الوضع تماماً لسببين أساسيين نلخصهما بالتالي:
نشوب الحرب العالمية الأولى ( 1914 - 1918 )، والحرب العالمية الثانية (1939 - 19945)، وما تمخض عنهما من انتقال للقوات العسكرية عبر الدول والقارات. وهذا بحد ذاته ساعد على تطوير وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية، ومعها تطورت الطرق البرية والمائية والسكك الحديدية والموانئ البحرية والجوية.
انتشار وسائل الاتصال الحديثة، من تلغراف وتلفون وراديو وتلكس وفاكس وحاسبات إلكترونية (كمبيوتر) وبريد إليكتروني. ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، من صحف ومجلات وإذاعة مسموعة ومرئية. مما " أحدث تغيرات جذرية على تصورات المواطنين في جميع أنحاء العالم، واتسع أفق الأفراد وإطارهم الدلالي بشكل لم يسبق له نظير، بحيث لم يعد في الإمكان عزل الناس عقلياً أو سيكولوجياً عن بعضهم البعض. لأن ما يحدث في أي بقعة من بقاع العالم، يترك آثاره على جميع الأجزاء الأخرى. فالعالم اليوم هو قرية الأمس. فقد اتسعت تصورات الفرد التقليدي القديم التي كانت تتسم بالبساطة عن واقعه وأصبح عليه أن يجاهد حتى يفهم الأخبار التي تغمره بها وسائل الإعلام الجماهيرية يومياً عن أحوال الأمم والشعوب الأخرى المختلفة الألوان والعقائد ".[vii]
وخرجت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالتدريج عن إطارها المحلي لتصبح أداة اتصال وتواصل بين الأمم لها دوراً مرسوماً ومحدداً في إطار العلاقات الدولية، وعملية التبادل الإعلامي الدولي. ودخلت ضمن الأدوات والوسائل التي تحقق من خلالها مختلف الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية بعضاً من سياساتها الخارجية.
الصحافة الدولية: تعمل المؤسسات الصحفية على نشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية المختلفة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات داخل المجتمع. وعندما تخرج هذه المؤسسات عن نطاق المحلية وتجتاز وسائل إعلامها الجماهيرية الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل تلك المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني دول أخرى، لخلق نوع من الحوار الثقافي معها، متجاوزة الحواجز اللغوية، تأخذ هذه المؤسسات الصحفية ووسائلها الإعلامية صفة الإعلام الدولي.
والإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة، ووسيلة فاعلة من الوسائل التي تحقق بعض أهداف السياسة الخارجية لكل دولة داخل المجتمع الدولي. وتخدم من خلالها المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به هذه الدولة في المعادلات الدولية، وتأثيرها وتأثرها بالأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اضطرابات اجتماعية تطال تلك الدول، أو الدول المجاورة لها. أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى في أنحاء العالم. أو في حال حدوث كوارث طبيعية وأوبئة، أو أخطار تهدد البيئة والحياة على كوكب الأرض. وللإعلام الدولي دوافع متعددة، تعتمد على المصالح السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة، وينبع من المصالح الوطنية العليا للدولة، وتعمل من خلال هذا المنظور على تعزيز التفاهم الدولي والحوار بين الأمم، الذي أدى إلى خلق تصور واضح للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الدولي ويعمل على تطويره.
وكان لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية دوراً أساسياً في هذا التحول بعد التطور الهائل في تقنياتها خلال القرن الحالي. ساعدت من خلاله على إحداث تغيير ثقافي واجتماعي واضح، رغم تضارب المصالح الاقتصادية والسياسية والصراعات الإيديولوجية المؤثرة في القرار السياسي اللازم لأي تقارب أو حوار دولي.
وظائف الصحافة الدولية: من الأمور التي تميز البشر عن غيرهم من المخلوقات الحية أنهم قادرون على الإعلام والاتصال فيما بينهم، فالإنسان كان في حاجة دائماً إلى وسيلة تراقب له الظروف المحيطة به، وتحيطه علماً بالأخطار المحدقة به أو الفرص المتاحة له، وسيلة تقوم بنشر الآراء والحقائق وتساعد الجماعة على اتخاذ القرارات، وسيلة تقوم بنشر القرارات التي تتخذها الجماعة على نطاق واسع، وسيلة تقوم بنقل حكمة الأجيال السابقة والتطلعات السائدة في المجتمع إلى الأجيال الناشئة، ووسيلة ترفه عن الناس وتنسيهم المعاناة والصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
وقد عهدت القبائل البدائية بتلك المهام إلى الأفراد. فقام بعضهم بوظيفة الحراس الذين يحيطون القبيلة علماً بالأخطار المحيطة والفرص المتاحة، فقد تقترب قبيلة معادية من القبيلة الأولى، وهذا يتطلب استعداداً للدفاع عن الأرواح والأملاك، أو قد يقترب منها قطيع من الحيوانات التي يمكن أن يصطادوا بعضها للطعام والزاد، فيكون هؤلاء الأفراد، القائمون برصد الحياة من حول الجماعة أشبه بمراكز الإنذار المبكر، في حالتي الخطر والأمان. كذلك عهدت القبيلة إلى بعض الأفراد " مجلس القبيلة " بسلطة اتخاذ القرارات عن احتياجات وأهداف وسياسات القبيلة الداخلية والخارجية، والتأكد من أن تلك القرارات ستنفذ. وكان لابد من وجود مراسلين يحملون الأوامر والمعلومات من مجلس القبيلة إلى أفراد القبيلة، أو نقل الرسائل والمعلومات إلى القبائل المجاورة. وكذلك كفلت القبيلة لنفسها وسيلة تساعدها على الاحتفاظ بحكمتها وتراثها الثقافي للأجيال القادمة، ووسيلة وأسلوباً لنقل ذلك التراث الثقافي والحكمة إلى الجيل الجديد، فقام الآباء والشيوخ بتعليم الجيل الجديد، أو الأعضاء الجدد في القبيلة عادات القبيلة وتقاليدها. وعلمت الأمهات بناتهن كيف يعددن الطعام، ويحكن الملابس، كما علم الآباء أبناءهم فنون الحرب والصيد والقنص. وتولى وظيفة الترفيه الرواة الذين يحكون الحكايات والقصص عن أمجاد الآباء والأجداد، وما سلف من تاريخ القبيلة، والمغنون الذين ينشدون الأغاني المحببة، والراقصون الذين كانوا يؤدون الرقصات الدينية والفلكلورية في المناسبات المختلفة.[viii]
وبالطبع لم تكن تلك هي جميع مهام الإعلام والاتصال في القبيلة القديمة، ولكنها كانت أهمها. ومن الغريب أن تلك المهام هي نفس مهام الإعلام والاتصال في المجتمع الحديث، ولكن بفارق أن تلك المهام تؤدى اليوم بشكل جماهيري واسع جداً، وبأساليب وتقنيات حديثة متطورة بعيدة المدى أحاطت بالكرة الأرضية برمتها وتعدتها إلى الفضاء الكوني. ومع ذلك فنحن مازلنا في حاجة إلى معلومات عن الظروف المحيطة بنا، وتصلنا هذه المعلومات وبسرعة فائقة ودقة كبيرة عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية التي باتت تستخدم أحدث وسائل الاتصال المزودة بأحدث المعدات الإلكترونية والتجهيزات المتطورة باهظة التكاليف، تلك المعلومات التي تساعدنا على اتخاذ القرارات وتنفيذها في الوقت المناسب.
أي أن مهام الإعلام والاتصال التي وجدت في المجتمعات القديمة هي نفسها الموجودة من حيث المبدأ في المجتمعات الحديثة، والفارق الوحيد أنها أصبحت متعددة ومتشعبة وأكثر دقة اليوم بفضل وسائل الاتصال الحديثة المتطورة التي لم تكن معروفة من قبل. وأصبحت الدولة حالياً أكثر من ذي قبل تشارك عن طريق ممثليها في التأثير على مجرى الحياة الاجتماعية في الداخل والخارج من خلال سياساتها الداخلية والخارجية مستعينة بوسائل الإعلام الجماهيرية، وأصبحت المصالح الوطنية العليا للدولة أكثر تأثيراً في عملية اتخاذ القرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ودخلت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية القرية والمدينة والتجمعات السكانية أينما كانت، وأصبحت بذلك نظاماً مفتوحاً أمام قوى التغيير التي تأتي من الداخل والخارج ، ومعنى هذا أن الوظائف القديمة للإعلام اختلفت في درجتها وحجمها فقط وليس في نوعها. ولكن لماذا كل هذا الاهتمام بوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؟
والجواب: أن تلك الوسائل أصبحت تصل إلى جمهور واسع غفير. ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي كانت يوماً ما تصل إلى جمهور محدود وبتأثير محدود، أصبحت اليوم تصل إلى سكان العالم أجمع تقريباً، وتؤثر على آراء الناس وتصرفاتهم وأسلوب حياتهم. فالصحيفة والمجلة والكتاب الذي كان يقرؤه في الماضي عدد محدود من الأفراد، يقرؤه اليوم ملايين البشر، مطبوعاً أم منقولاً عبر البريد الإلكتروني وشبكات الكمبيوتر المتطورة. والبرنامج الإذاعي الذي كان يسمعه الناس في دائرة محدودة أصبحت تسمعه الملايين من البشر في مناطق متباعدة من العالم، والبرنامج الإذاعي المرئي الذي كان حكراً على منطقة جغرافية محدودة أصبح اليوم في متناول المشاهد عبر قارات العالم. والبريد الإلكتروني والفاكس والتلكس حلت مكان المبرقات التلغرافية القديمة، مما جعل الناس يؤمنون بأن تلك الوسائل قادرة على التأثير على المجتمع وتغييره بشكل أساسي ليس على الصعيد المحلي وحسب، بل وعلى صعيد العالم برمته. وبرز كإعلام دولي له مكانته وتأثيره ووظائفه.[ix]
وكما كان للإعلام الدولي دوافعه المحددة، كما أشرنا سابقاً، فله وظائف محددة أيضاً يؤديها تنفيذاً للدور الذي تفرده له السياسة الخارجية للدولة، وهي:
1- الاتصال بالأفراد والشرائح الاجتماعية والجماعات والكتل السياسية والمنظمات داخل الدولة التي يمارس نشاطاته الإعلامية داخلها. وتتمثل بالحوار مع القوى المؤثرة في اتخاذ القرار السياسي من شخصيات وأحزاب وكتل برلمانية، سواء أكانت في السلطة أم في المعارضة على السواء، للوصول إلى الحد الأقصى من الفاعلية التي تخدم السياسة الخارجية لبلاده. وتخضع عملية الاتصال هذه عادة لمعطيات هامة من حيث المواقف من القضايا المطروحة قيد الحوار ومواقف السلطة والمعارضة منها والخط السياسي الرسمي للدولة حيالها. وتتراوح هذه المواقف عادة مابين المؤيد التام، والمؤيد، والحياد التام، والحياد، والمعارضة التامة، والمعارضة، والعداء التام، والعداوة. ولهذا كان لابد من التحديد الدقيق للموقف السياسي للدولة، والمواقف الأخرى، للعمل على كسب التأييد اللازم لصالح القضايا المطروحة للنقاش، والعمل على زحزحة المواقف السياسية المعلنة للدولة، لصالح تلك القضايا. أو خلق مناخ ملائم للحوار الإيجابي على الأقل. كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً طبيعة النظام السياسي السائد في تلك الدولة، ومدى ديمقراطية هذا النظام، وطرق اتخاذ القرارات السياسية في ظل النظام السياسي القائم، ومدى المشاركة الفعلية لكل القوى السياسية الموجودة في اتخاذ تلك القرارات. لأن الاتصال بالجماهير الشعبية في أي دولة من دول العالم يتم من خلال تلك القوى التي تمثل النخبة المؤثرة، أولاً: بين أصحاب الحق باتخاذ القرارات، وثانياً: على الجماهير الشعبية، التي هي بمثابة قوة ضاغطة على أصحاب حق اتخاذ القرار. ومن هنا نفهم مدى أهمية إلمام خبراء الإعلام، والمخططون للحملات الإعلامية الدولية، بالنظم السياسية للبلدان المستهدفة والقوى المؤثرة فيها سلطة أم معارضة، ودور كل من تلك القوى في اتخاذ القرارات. لاستخدامها في التخطيط للحملات الإعلامية المؤيدة أو المضادة، آخذين بعين الاعتبار الحقائق الاجتماعية والثقافية التي تساعد على نجاح الحملات الإعلامية الدولية.
2- الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية، عن طريق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية ومن خلال النشرات الإعلامية، والمؤتمرات الصحفية، والمقالات، والبرامج الإذاعية المسموعة والمرئية، والعروض السينمائية والمسرحية، وأفلام الفيديو، وإقامة المعارض الإعلامية، وتشجيع السياحة وتبادل الزيارات، وغيرها من الوسائل التي تتيح أكبر قدر ممكن من الصلات المباشرة مع الجماهير، للوصول إلى تأثير إعلامي أفضل وأكثر فاعلية. وتأخذ بعض الدول لتحقيق سياستها الخارجية أسلوب مخاطبة الجماعات المؤثرة فقط، توفيراً للنفقات التي تترتب من جراء استخدام أسلوب الاتصال بالجماهير الشعبية العريضة، وتوفيراً للوقت الذي يستغرق مدة أطول من الوقت اللازم عند مخاطبة قطاعات وشرائح اجتماعية متباينة من حيث المصالح والتطلعات، ومستوى التعليم، والثقافة، والاتجاه الفكري. ومزاجية تلك الجماهير العريضة في متابعة القضايا المطروحة، المحصورة في بوتقة اهتمامات شريحة اجتماعية معينة فقط. ولأن أسلوب الاتصال الفعال بالجماهير الشعبية يحتاج أيضاً لإمكانيات كبيرة ووسائل متعددة، تفتقر إليها الدول الفقيرة والنامية بينما نراها متوفرة لدى الدول الغنية القادرة من حيث الإمكانيات المادية والتقنية والخبرات الإعلامية، التي تمكنها من استخدام الأسلوبين في آن معاً.
3- كما ويمثل الإعلام الدولي الدولة أو المنظمة التي ينتمي إليها، سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية أم متخصصة أم تجارية. كمكاتب الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة في العديد من دول العالم، ومكاتب منظمة الوحدة الإفريقية، والجامعة العربية، والأوبك، والسوق الأوربية المشتركة، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
ونحن عندما نرى اليوم الدول الغنية تستخدم كل تقنيات وسائل الاتصال الحديثة في خدمة حملاتها الإعلامية الدولية، ومن أبسط صورها قنوات الإذاعة المرئية الفضائية، بعد انتشار استعمال هوائيات استقبال بث الإذاعة المرئية عن طريق الأقمار الصناعية في المنازل. وشيوع استخدام شبكات الكمبيوتر حتى من قبل الأفراد، ومن أهم هذه الشبكات، شبكة الكمبيوتر العالمية " إنترنيت " التي تملكها وتديرها الولايات المتحدة الأمريكية، دون منافسة تذكر حتى الآن. نرى الدول النامية تتخبط بمشاكلها الإعلامية، وتعاني من الآثار المترتبة عن التطور التكنولوجي الحديث، والخلل الفاحش في التدفق الإعلامي الدولي أحادي الجانب والتوجه والتأثير.[x]
مشاكل الصحافة الدولية: ورغم الجهود الحثيثة التي بذلتها وتبذلها الدول النامية والفقيرة حتى اليوم، للخروج من المأزق الإعلامي التي تعاني منه، نراها تتخبط بمشاكلها الإعلامية التي تزداد تشعباً وتعقيداً كل يوم، بسبب التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في ميدان وسائل الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام الجماهيرية حتى على الصعيد الوطني، ومن أهم هذه المشاكل: - الخلط بين الوظيفة الإعلامية الدولية، والوظيفة الإعلامية الإقليمية، والوظيفة الإعلامية المحلية، ومتطلبات كل من تلك الوظائف وخصائصها المتميزة. - الخلط بين السياسات الداخلية والإقليمية والخارجية للدولة عند التخطيط للحملات الإعلامية الدولية، والارتباك في تحديد الأولويات. - ضعف أجهزة وتقنيات المؤسسات الإعلامية الوطنية، وافتقارها للمعدات والتجهيزات المتطورة، والإمكانيات المالية اللازمة للحملات الإعلامية الدولية، أو استخدامها للإعتمادات المالية المتاحة بشكل سيء، أو بشكل غير فعال في الأغراض المطلوبة، إضافة لسطحية المساعدات الخارجية التي تحصل عليها تلك الدول من الدول الغنية، والمنظمات الدولية المتخصصة. - النقص الفاضح في الكوادر الإعلامية المتخصصة بالإعلام المحلي والدولي، وندرة أصحاب التخصص الأكاديمي بينهم، مما يؤدي إلى: - اختيار كوادر غير كفوءة للعمل الإعلامي الدولي، لاعتبارات سياسية في أكثر الأحيان، وهذا بدوره يؤدي إلى: غياب التنسيق بين المخطط والمنفذ وأجهزة المتابعة، في الحملات الإعلامية الدولية؛ وضعف الإلمام بخصائص الجمهور الإعلامي الأجنبي، وعدم وضع أسلوب إعلامي منطقي ملائم ومتطور قادر على إيصال مضمون الرسالة الإعلامية للجمهور المستهدف من الحملة الإعلامية الدولية؛ وغياب التعاون وحتى التنسيق بين المؤسسات الإعلامية، ومؤسسات التعليم العالي المتخصصة ومؤسسات البحث العلمي، فيما يخص إعداد الكوادر الإعلامية الوطنية والبحوث العلمية التطبيقية، وخاصة فيما يتعلق بدراسة راجع الصدى الإعلامي وتأثير المادة الإعلامية، وفاعلية الخطط الإعلامية. والاكتفاء بالبحوث النظرية البحتة التي تتناول الجوانب الوصفية والتاريخية فقط، مبتعدة عن الدراسات التي تتناول جوهر التخطيط، وتحليل مضمون الرسالة الإعلامية، وتقدير راجع الصدى الإعلامي المخطط له وراجع الصدى الفعلي للمادة والوسيلة الإعلامية.
الصحافة الدولية والصراعات الدولية: يعاني عالم اليوم من صراعات سياسية ومنازعات عسكرية عديدة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي مازالت تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم منذ مدة تجاوزت النصف قرن وأدت إلى عدة حروب مدمرة منذ قيام دولة إسرائيل بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 181 عام 1947 الذي قضى بإنشاء دولتين عربية وعبرية على أرض فلسطين، التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني، وبدأت هذه الحروب بالحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948 وانتهت باحتلال إسرائيل لقسم من الأراضي المخصصة للدولة العربية في فلسطين وإعلان الهدنة، التي استمرت حتى العدوان الثلاثي الإنكليزي الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956 وانتهى بانسحاب القوات المعتدية من الأراضي المصرية المحتلة، ثم العدوان الإسرائيلي على مصر والأردن وسورية عام 1967 الذي انتهى باحتلال الجيش الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الفلسطيني الذي كان تحت الإدارة المصرية آنذاك، وكامل الضفة الغربية لنهر الأردن الفلسطينية والتي كانت آنذاك تحت الإدارة الأردنية، وهضبة الجولان السورية بعد إعلان وقف إطلاق النار. والحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 التي خاضتها مصر وسورية مدعومة من بعض جيوش الدول العربية لتحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي، وانتهت باحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي المصرية والسورية. لتعقبها المعركة السياسية من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والتي تكللت بتوقيع أول معاهدة سلام بين إسرائيل والعرب، وهي المعاهدة الإسرائيلية المصرية المعروفة بمعاهدة كمب ديفيد، التي صمدت رغم الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 واحتلالها المستمر لجزء من أراضيه. وبدأت عام 1991 المسيرة السلمية الشاملة في الشرق الأوسط عندما انعقد مؤتمر مدريد الدولي لحل قضية الشرق الأوسط بمشاركة جميع الأطراف المعنية، وأطراف دولية أخرى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وما أعقبها من اتفاقيات سلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، لتصطدم الجهود السلمية مرة أخرى بالتعنت الإسرائيلي الذي يحول دون التوصل لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يقضي بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ومن بؤر الصراع الخطيرة الأخرى في العالم، الصراع الباكستاني الهندي على مقاطعة كشمير الحدودية المتنازع عليها بين الطرفين والتي تهدد بالانفجار في أي وقت كان خاصة بعد سلسلة التجارب النووية التي نفذتها الدولتين في أيار/ مايو 1998، معلنة عن مرحلة جديدة في إطار سباق التسلح الجاري في القارة الآسيوية. والحرب الأهلية الدامية والمدمرة في أفغانستان، التي بدأت عام 1979 ضد التدخل العسكري السوفييتي في الشؤون الداخلية لأفغانستان، وتحولها بعد ذلك إلى حرب عرقية ودينية إثر انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان، تلك الحرب التي تهدد أمن واستقرار الدول المجاورة لها، وخاصة الدول المستقلة حديثاً بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، أوزبكستان وطاجكستان وتركمانستان. ورغم قيام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بغزو الأراضي الأفغانية والقضاء على حكومة طاليبان فيها بعد الهجمات الإرهابية التي تمت عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.
إضافة إلى مناطق التوتر الجديدة التي ظهرت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية، كالصراع في قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا، والصراع في الشيشان بين روسيا الاتحادية والمطالبين باستقلال جمهورية إشكيريا، والصراع في أبخازيا المطالبة بالاستقلال عن جورجيا، والحرب الأهلية في طاجكستان، والصراع بين البوسنيين، والصرب، والكروات وألبان كوسوفو، فيما كان يعرف سابقاً بيوغسلافيا الاتحادية، والوضع الشاذ في ألبانيا عندما انهارت وبسهولة، أجهزة وبنى الدولة العسكرية والسياسية.
والصراعات الكامنة الأخرى في الكوريتين الشمالية والجنوبية، والحرب الأهلية في الصومال وجنوب السودان، والخلافات الحدودية الإريترية اليمنية، والإريترية الإثيوبية، والوضع المتوتر في منطقة الخليج العربي بسبب الحرب العراقية الإيرانية المدمرة، والغزو العراقي للكويت وقيام التحالف الدولي بتحرير وطرد القوات العراقية من الكويت، ومن ثم غزو قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية العراق واحتلاله وإسقاط نظام الحكم القائم فيه حتى دون قرار من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة. وغيرها من بؤر التوتر الكثيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي بمعظمها من التركة الثقيلة للاستعمار الأوروبي الطويل في تلك المناطق.
وقد بينت السوابق التاريخية أن لكل صراع أبعاداً داخلية، وأبعاداً إقليمية، وأبعاداً دولية، وعناصر قوى يجب مراعاة التفاعل بينها، وتأثير هذا التفاعل على تطور الصراع بشكل عام، بقصد التعامل مع هذا الصراع ومعالجته بالشكل المناسب، وهذا لا يمنع وجود عناصر مشتركة بين الصراعات المختلفة، يمكن الاستفادة منها عند معالجة تلك الصراعات أو التعامل معها .[xi]
وتعتمد النتائج النهائية لأي صراع من الصراعات، على عناصر القوى المتوفرة لدى كل طرف من أطرافه، وتضم هذه العناصر القوى العسكرية، والمعلوماتية، والتكنولوجية، والإمكانيات الاقتصادية، والسياسية، والبشرية، والحالة المعنوية للقوى البشرية. كما وتعتمد على مسائل أخرى كعنصر المفاجأة، وتطوير الإستراتيجية والتكتيك، واللجوء إلى أساليب جديدة غير معروفة من قبل، مما تجعل عملية التنبؤ بنتائج الصراع صعبة جداً، وفي بعض الأحيان غير مجدية. إضافة للإمكانيات الذاتية للأشخاص القائمين على إدارة الصراع، ومدى توفر المعلومات لديهم، والتقنيات والأدوات الحديثة التي يستخدمونها في الصراع. فصانع القرار في عملية الصراع يبني قراره على معطيات ملموسة أولاً، وعناصر غير ملموسة تشمل الخصائص النفسية والحالة المعنوية للخصم ثانياً.
وتقتضي معالجة الصراع الاعتماد على العقلانية وبعد النظر، واستبعاد العواطف والانفعالات. لأن عملية معالجة أي صراع هي عملية معقدة وشاقة، ونابعة أساساً من عناصر القوى المشاركة فعلاً في الصراع من الجانبين، ومبنية على الحسابات الدقيقة والخطط الموضوعة، والمستخدمة فعلاً من قبل طرفي الصراع.
وتتنوع أدوات الصراع، عندما تقتضي ظروف الصراع اللجوء إلى القوة العسكرية تارة، وإلى القوة الاقتصادية تارة أخرى، أو إلى العمل السياسي والدبلوماسية الهادئة في حالات أخرى، أو قد يلجأ الجانبان المتصارعان إلى استخدام القوة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، والدبلوماسية في آن معاً، مستخدمين المرونة في تكتيك إدارة الصراع وفقاً لطبيعة الظروف المتبدلة محلياً وإقليمياً ودولياً.
ويبقى دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والعالمي حول وجهة النظر الرسمية للدولة من الصراع الدائر، وشرحها، وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد هذا الصراع وأسبابه، مع مراعاة أن يأخذ خبراء الإعلام والصحفيون بعين الاعتبار، خصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للدولة المعنية في هذا الصراع، واختيار اللغة المناسبة للرسالة الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية. لأن سلاح الإعلام في أي صراع كان لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، وهو الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوى البشرية في الدولة المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصم في الصراع الدائر، والإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي.
الفصل الثاني: نظريات الصحافة الدولية. إن مجموعة العوامل التي تشترك في تأسيس منطق النظرية العلمية في المجالات الإنسانية والحياتية المختلفة، إنما هي في حقيقتها تنبع من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون وفقاً لها. وقد عرف الإنسان إنسانيته فعلاً، واستطاع تشخيص تلك العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية بعد أن عرف اللغة ومفرداتها، إذ أن اللغة في شكلها الأول وبطبيعتها البسيطة البدائية كانت ضرورية لحياة الجماعة وأساساً لتكوين العلاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان، وبمرور الزمن تطورت اللغة لتصبح ذاكرة المجتمع ومكنت الإنسان من تنسيق جهوده وتوحيدها في مجرى مشترك عام وجعلت تداول الخبرة ممكناً بين الأفراد والأجيال والمجتمعات.[xii]
وهي في هذا المعنى الواسع أصبحت أداة اتصال رئيسية بين بني البشر، كما أنها في الجانب الثاني أصبحت أداة فكر وأداة لتبادل الآراء والأفكار بين الناس. ولقد جاءت المطبعة لتفتح الطريق أمام الثورة الصناعية بعد أن مهدت لها الثورة العلمية، وما أن دخلنا القرن العشرين حتى صار العالم يعيش ثورة شاملة في الاتصال والإعلام. وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لوسائل الاتصال والإعلام. ومن أجل تسخير هذه القدرات وتوظيفها لخدمة المعلومات وتبادلها بين المجتمعات فقد أخضعتها الحكومات والدول إلى نظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مما دفع علماء الإعلام والاتصال لتأسيس نظريات إعلامية مستنتجة من تلك النظريات السياسية الأوسع وتطبيقاتها العملية في المجتمعات المختلفة من رأسمالية أو اشتراكية أو هجينة أو خاصة وغيرها.
ولا غرابة أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال لاسيما وأنها ابتليت بالأوضاع التي فرضتها عليها السياسات الاستعمارية، وما تعانيه من شدة الخلافات السياسية التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية.
ورغم وقوف العالم اليوم على أعتاب القرن الحادي والعشرين، ودخوله عصر المعلوماتية ووسائل الاتصال المتطورة فإننا نلاحظ استمرار تخبط الدول النامية في مشاكلها الإعلامية والاتصالية التي ازدادت صعوبة وتعقيداً.
إذ أن الإعلام هو ظل السياسة في الحركة الاتصالية اليومية والتطبيق للمنهج السياسي والاقتصادي والفكري والتربوي والتعليمي والثقافي، في هذا البلد أو ذاك. وإن وعي الإنسان لمثل هذه العوامل والتكوينات الاجتماعية وتقديره للظروف الموضوعية والذاتية التي تحيط به، يرتبط ارتباطاً مباشراً بلغته القومية، لاسيما وأنها - أي اللغة - هي التعبير عن تقديرنا للواقع الموضوعي، وقد ظهر الوعي واللغة في مرحلة محدد من التطور الاجتماعي للبشرية، ليتمكن بنو البشر من التواصل والاتصال ببعضهم البعض.[xiii]
إن اللغة تمنح الإنسان بالإضافة إلى وراثته البيولوجية فرصة كغيره للاستثمار الأمثل للثقافة والمعرفة. وقد أتاح العلم الحديث للغة ممكنات ووسائل متعددة للتعبير عن دقائق الأحكام الفعلية في صورها النظرية والتطبيقية ولمختلف الحاجات الإنسانية. ونظراً لتعدد خصوصيات تلك الحاجات الإنسانية وأساليب إشباعها من الوجهة الاتصالية والإعلامية فقد عمد رجال الإعلام إلى إتباع النظرية المناسبة لهم في الخطاب الإعلامي والاتصالي لتجسيد المستويات الإعلامية الوظيفية المطلوبة، وهي: المستوى المعلوماتي: الذي يتوسل باللغة لتوصيل المعلومات إلى المتلقي بأسلوب مباشر وبصياغة واضحة ودقيقة. المستوى الإقناعي: وهو الذي يقصد إقناع المتلقي ودعوته إلى الالتزام الأولي ومن ثم التبني للمضمون المطروح أو الفكرة المقصودة أو الرأي المراد إيصاله ومن ثم تدعيمه عن طريق خلق القناعات لدى مجموع الجماهير. المستوى التعبيري: الذي يدخل في باب فن الأدب المستخدم في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السمعية والمرئية والمقروءة لاسيما المستندة منها على استعمال الصورة المتحركة أو الثابتة.
وسيتناول هذا الفصل عرض أولي للنظريات الإعلامية السائدة في العالم:
نظرية السلطة المطلقة: السلطة المطلقة من أنظمة الحكم وتتمثل في حكم الإمبراطور أو الديكتاتور غير المؤمن بالحرية أو الديمقراطية ولا يسمح بمشاركة الشعب في الحكم على الإطلاق، وتستند السلطة باعتبارها نظاماً من أنظمة الحكم على فكرة (الحق الإلهي المقدس) وعلى الفكرة القائلة (بأن الحاكم ظل الله وخليفته في الأرض).
مدخل لنظرية السلطة المطلقة: من المتفق عليه أن عام 1450م هو تاريخ ولادة الإعلام المطبوع حيث تشير المصادر إلى أنه تاريخ ظهور الطباعة، وقد كان الإعلام المطبوع خاضعاً للسلطة، ومقدار هذا الخضوع مرتبط بطبيعة المجتمع الذي يتواجد فيه. فإما أن يكون المجتمع يخضع للسلطة المطلقة، أو أن الفلسفة التي تحكم هذا المجتمع تدعو إلى ذلك.
وقد شهد العالم من هذه الفلسفات شتى أنواع السلطة المطلقة. وعلى سبيل المثال سيطرة الكنيسة ورجال الدين في المجتمع الأوروبي، التي خلقت من النظام السائد مجتمعاً خاضعاً للسلطة المطلقة، تحتل فيه الدولة درجة أعلى من الفرد في سلم القيم الاجتماعية ولا يستطيع الفرد في مثل هذا المجتمع أن يحقق أهدافه أو ينمي قدراته وملكاته إلا عن طريق خضوعه للدولة خضوع الخانع الذليل. وأن يكون أسمى تفكير عنده التفكير التابعي الذي يلغي الوعي والعقل والشخصية.
وفي دولة السلطة المطلقة، رجل أو رجال قليلون يشغلون مراكز القيادة، ويتمتعون بسلطات مطلقة، وعلى الآخرين الطاعة والخنوع لها ولا وجود للتمثيل الشعبي في مثل هذه الدول. ولكن ما هو مصدر الحقيقة في مجتمع السلطة المطلقة؟
وللجواب على هذا السؤال يمكن أن نعتمد على حقيقة التفويض الإلهي أو على الإدعاء العنصري في مثل هذا المجتمع. الذي يقول بوجود جنس معين يعتبر نفسه أعلى من الأجناس الأخرى ويتمتع بحكمة أكثر منهم. وباختصار فالحقيقة تتمثل في قدرة القائد أو الجماعة المعينة على تقدير الظروف وتفهم المخاطر وتشخيص إمكانيات تخطيها.
وتعتبر الحقيقة في هذا المجتمع حكراً لهذه القلة التي تعتبر نفسها حكيمة، وترى أن من حقها أن توجه الجماهير الغفيرة. أي أن الحقيقة تتمركز حول مراكز القوة والسلطة، وليس من المهم في هذه الحالة البحث عن مصدر الحقيقة التي تستمد منها الدولة المتسلطة فلسفتها وسياستها. إذ أنها مقصورة على فئة محدودة من الناس، ولا يحق لأي فرد من الأفراد أن يتخذ إليها سبيلاً، لأن من أهداف الدولة المتسلطة الحفاظ على وحدة الفكر والعمل حسب اجتهادات السلطة، لإبقاء الجماهير في حالة معينة حسبما تشاء.
أسس نظرية السلطة المطلقة: مذهب الحق الإلهي: وترجع هذه النظرية إلى أقدم عصور التاريخ، وهي النظرية التي اعتمد عليها الملوك والأباطرة في الحكم وتوارثها النبلاء للاحتفاظ بأوضاعهم ومراكزهم وامتيازاتهم في السياسة والحكم. وجاء الإسلام ملغياً لهذه النظرية لتحل الشورى والشرع الإلهي مكانها. وقد يرجع سيادة هذه الفلسفة أو النظرة إلى الإمبراطوريات الشرقية والغربية على حد سواء ما عدا بعض الاختلافات الجزئية الطفيفة التي تحدث بين كل حاكم وآخر في ممارسة السلطة على المجتمع. إذ لا ينكر أن بعضهم كان يؤمن بالحق والفضيلة وتبادل الرأي والمشورة، كما كان نقيضه يمارس الاستبداد والقسوة تحت تعبير أو فلسفة ظل الله وخليفته في الأرض، وقد كانت أوروبا تحت هذا الحكم خلال العصور الوسطى التي تحول خلالها الشعب إلى عبيد أقنان خاضعين بصورة مطلقة لهذا الحكم أو ذاك.
الصحافة والسلطة المطلقة: لم تستطع الصحافة وأساليبها من تغيير شيء في نظرية السلطة المطلقة، بل إن سطوة هذه النظرية ازدادت وظلت تمارس تسلطاً جوهرياً على الصحافة وعلاقتها بالمجتمع ووظيفتها الإعلامية التي مارستها تحت سيطرة الحكم المطلق، ودأبت السلطة على تعزيز نظرية السلطة المطلقة للحفاظ على سلطانها المطلق وأخذت تحيط نفسها، بالعقلاء والحكماء وأصحاب الامتيازات الفكرية، القادرين على إدراك أهداف الدولة في السيطرة والاستقرار. وأخذت تمنحهم المناصب المرموقة في المجتمع ليعملون كمستشارين للقادة الحاكمين ويحتكرون كل الحقائق الفكرية لأنفسهم وليسخروا فلسفاتهم وأفكارهم لخدمة الطبقة المسيطرة على جهاز الدولة. التي تعطيهم حق مخاطبة الشعب وأن يكونوا ألسنة للحكام تتصل بالجماهير عن طريق وسائل الاتصال الجماهيرية المتاحة، ومنها الإعلام المطبوع التي يحظرون عليها كل الآراء التي توقظ الشعب من سباته العميق، للإبقاء على الأوضاع القائمة.
وقد ارتبطت هذه النظرية في العصر الحديث ارتباطاً وثيقاً بأنظمة الحكم الشيوعية والفاشية والنازية، كالنظام الهتلري في ألمانيا النازية، ونظام موسوليني الفاشي في إيطاليا والنظام الفاشي في إسبانيا والبرتغال. حيث سيطرت الدولة المستبدة سيطرة تامة على أجهزة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وفرضت عليها تعبئة الشعب تعبئة عدوانية خدمة للأهداف التوسعية التي رسمتها لنفسها وتسببت في قيام الحرب العالمية الثانية التي أزهقت ملايين الأرواح البريئة لبني البشر.
الرقابة وسيطرة الأجهزة المسؤولة على الصحافة: تعتبر الرقابة من الركائز الهامة في نظرية السلطة المطلقة. ويمكن أن نرجع تاريخها إلى الرقابة الدينية في العصور الوسطى بأوروبا عندما كانت الكنيسة الرومانية في أوج قوتها. وكانت مصدر التفويض الإلهي. واستطاعت الكنيسة أن تسيطر في بلاد كثيرة، على الرأي العام وعلى حرية التعبير لعدة قرون. وسيطرت الكنيسة واستفادت من اختراع الطباعة، إلى أن قامت الحكومات بالسيطرة على الوسيلة الإعلامية الجديدة. وكانت السيطرة عن طريق إصدار التراخيص للطابعين والناشرين ومن ثم تحكمت الحكومات على من مارس هذه المهنة بشكل عام. وقد كان الترخيص آنذاك يعتبر امتيازاً يلزم الناشر بطبع وتوزيع ما يرغبه الحاكم. غير أن هذا الأسلوب لم يجد نفعاً، مما أدى إلى فرض الرقابة المسبقة وفحص جميع الأصول المخطوطة من قبل ممثلي الحكومة قبل الطبع والنشر لإصدار الترخيص بالطبع، بقصد السيطرة على ما تنشره الصحف ودور النشر بشكل محكم.
وأخضعت الحكومات الاستبدادية دائرة الاتصال بالجماهير لقيود وعقبات ومعوقات كثيرة جعلت الطريق مفتوحاً أمام الدولة فقط، وأغلقته في وجه الأفراد لاغيه بذلك أي نوع من أنواع حرية الإعلام. بحجة تحقيق أمن وسلامة الدولة. وبهذه الذريعة ألغت كل الحريات، وهو ما استقت منه الفلسفات الفاشية والعنصرية كل المبررات لإهدار حقوق الإنسان.
التاريخ الطويل للإيديولوجية السياسية لنظرية السلطة المطلقة: يرى أفلاطون أن تقسيم السلطة بالتساوي داخل الدولة يعتبر بداية تفكك وانهيار تلك الدولة. وكانت حجة أفلاطون في ذلك أنه مادام الإنسان يتحكم بغرائزه وشهواته عن طريق العقل، فإنه على الحكام في الدولة بالمقابل أن يمنعوا المصالح المادية والعواطف الأنانية للجماهير من أن تسيطر على المجتمع.
وأكد أكثر الفلاسفة في العصور اللاحقة على قوة السلطة كميكافيلي الذي دعى إلى إخضاع كل شيء لأمن الدولة. وبرروا الأعمال اللا أخلاقية التي يمارسها القادة السياسيون والرقابة الصارمة على الحوار والمناقشة وعلى نشر المعلومات في المجتمع. معتبرين أن لها ما يبررها مادامت تخدم مصالح الدولة وسلطة الحاكم، أي أن الغاية تبرر كل وسيلة.
أما جورج هيجل الذي لقب بأبو الفاشية الحديثة والشيوعية الحديثة، فقد أعطى فلسفة السلطة المطلقة لمساتها النهائية حين قال: الدولة هي: روح الأخلاق وهي الإرادة وهي العقل. والدولة كحكم أو سلطة تعتبر هدفاً في حد ذاته وبالتالي فهي تتمتع بأكبر قدر من الحقوق وهي فوق المواطنين والأفراد.
وهكذا تفرض نظرية السلطة المطلقة وجوهاً فكرية صارمة، تنبع من الإسهام الفكري للحكماء شريطة أن تخدم نظرياتهم المجتمع، الذي تسهر عليه الدولة بالرعاية والإرشاد واليقظة والرقابة. وهو ما صاغه الفلاسفة الأقدمون أمثال: سقراط وأفلاطون وأرسطو من نظريات فلسفية تخدم السلطة الاستبدادية، بدليل أن أفلاطون خلع صفة المثالية على الشكل الارستقراطي للدولة معتقداً أن طبيعة الإنسان واهتماماته المادية وعواطفه الأنانية تتسبب في تدهور الحكم من الارستقراطية إلى الديمقراطية، أي إلى التفتت والانحلال. واعتبر أن الدولة لا تجد الأمان إلا في أيدي الحكماء من رجالها، ورجال القانون من أنصارها، أصحاب المثل الأخلاقية العليا الني يتم فرضها على كل عناصر المجتمع، ليظلوا على الطريق القويم الذي رسموه لهم. معتبراً أن هذه الصفوة من البشر تجعل العقل يسيطر على عواطف القلب وغرائز الجسم.
نظرية الصحافة الحرة: سميت هذه النظرية بنظرية الصحافة الحرة كونها تؤمن بالفرد أساساً، وتعتبر أن الفرد يولد وهو مزود بحقوق طبيعية، وتؤمن وتفترض أن الفرد كائن عقلاني وأخلاقي وأن أخلاقيته تحدد له ما يجب المحافظة عليه دون قانون، أي تمتعه بالحرية المطلقة في حياته، وآرائه، والدعوة إلى العيش الكريم دون أي تدخل من السلطة. ويرى أصحاب هذه النظرية أن الفرد أسمى من الحكومة، ومن الدولة. وأن الدولة هي وسيلة فقط، أو واسطة يمارس من خلالها الفرد نشاطه، وحين تقف الدولة في وجهه فعليه محاربة تلك القوة التي تمنع تحقيق أهدافه التي يرغب الوصول إليها.
وقد ولدت هذه النظرية من صلب نظرية السلطة المطلقة، والاستبداد العبودي للإنسان متمثلة بسلطة: طبقة النبلاء؛ وطبقة الإقطاع؛ وسلطة الكنيسة. التي عانت منها الشرائح الاجتماعية على اختلاف أنواعها بالاضطهاد السياسي والاقتصادي والنفسي وحتى الديني، وكان الظلم المتمثل بنظام الأقنان من أقسى أنواع الظلم البشري، ولذلك فقد تمتع النظام الحر أو الليبرالي في بعض التسميات، بمسحة سحرية تمتع بها الفرد ومن ثم المجتمع بالديمقراطية الليبرالية والتقدم بمعايير ذلك الزمن.
مبادئ النظرية الحرة: تعتمد النظرية الحرة على مبدأين أساسيين هما: مبدأ الفردية؛ ومبدأ المنافسة. ويرتبط هذان المبدآن ارتباطاً وثيقاً بالنظريات الاقتصادية والسياسية. ويعتبر مبدأ الفردية أو الحرية الفردية من المبادئ الواضحة في مفهوم النظرية الحرة ويرتكز أساساً على حرية النشاط الفردي في المجالات الاقتصادية والسياسية، كرد فعل لما ظل سائداً لقرون طويلة من اضطهاد للفرد من قبل الإقطاع. حيث ناضل الرواد الأوائل لهذه النظرية من أجل أن تظل الحكومات بمنأى عن التدخل في شؤون الأفراد ونشاطاتهم الاقتصادية والفكرية. وفي شؤون وسائل الاتصال والإعلام أيضاً.
إيديولوجية نظرية الصحافة الحرة: وكان ظهور نظرية الصحافة الحرة نتيجة للتطورات الفكرية والأحداث السياسية الاجتماعية التي مر بها المجتمع الأوروبي. ومن أهم تلك الأحداث في التاريخ الأوروبي الحديث: اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789م التي أعلنت حقوق الإنسان وطرحت مبادئ كان لها تأثير كبير في التاريخ الإنساني، وسمحت للفرد بالتحرر ومزاولة نشاطاته الاقتصادية والفكرية دون أي نوع من أنواع التدخل من جانب الدولة. واعتبرت الدولة مسؤولة عن وظائف محددة هي: المحافظة على القضاء والأمن في الداخل؛ والدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي؛ واحترام حقوق المواطن في التفكير والعمل الاقتصادي والاجتماعي والفكري والسياسي. وساعد ظهور نظرية الحرية[xiv] على ظهور الديمقراطيات الرأسمالية، ومن ثم ظهور الاحتكارات بأوسع معانيها.[xv]
وحقق مفهوم نظرية الحرية انتصارات كبيرة على صعيد المجتمع الأوروبي وعلى صعيد الفرد فتوسع التعليم الذي لم يكن متيسراً كما هو معروف الآن قياساً بما تحقق بعد زوال العهد الإقطاعي الاستبدادي، ومنح حق الانتخاب لأكثر المواطنين ومنها حق الفرد في ممارسة نشاطاته الاجتماعية، والتنافس للحصول على أكبر قدر ممكن من الربح المادي، وزيادة الإنتاج مما حقق للمجتمعات الرفاهية والتقدم.
وظهر مفهوم الحرية بادئ الأمر في أوساط الطبقة الوسطى في المجتمع الأوروبي، التي طالبت بالحرية، وضمان حقوق الأكثرية في المجتمع. وتجلى هذا الأمر بالوضوح عندما تبنت الحركات السياسية مبدأ المناشدة بالحرية. وكان لظهور الفيلسوف جون لوك أثر كبير على تطور نظرية الحرية، عندما قال: بأن الشعب هو مصدر السلطات. ويفسر هذا القول أن الشعب يمكنه أن يسحب السلطة متى شعر بأن الحكومة لا تعمل لصالحه. وجاء جون ملتون 1644م ليقول: أن الحقيقة لا تضمن لنفسها البقاء إلا إذا أتيحت لها الفرصة لأن تتقابل وجهاً لوجه مع غيرها من الحقائق في طرح كامل وبحرية تامة. بينما رآى جون راسكين: أن كل إنسان يسعى لتنوير الآخرين لا إلى تضليلهم، ومن حقه أن ينشر كل ما يدور بعقله وما يختلج ضميره سواء أكان في الموضوعات الحكومية أم في الموضوعات الخاصة. أما جون ستيوارت فقال: أن من حق الفرد الناضج في المجتمع أن يفكر ويتصرف كما يشاء مادام لا يؤذي أحداً بتفكيره أو تصرفه. وما دام هذا التفكير والتصرف يؤدي إلى منفعة الآخرين. وانتشرت هذه الطروحات الفلسفية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وكانت ترمي في الأساس إلى ما يلي: تطبيق الحرية بمعناها الواسع؛ واحترام الإنسانية وحفظ قيمة الفرد؛ وضمان مستقبل الفرد؛ وتحقيق الرفاهية والسعادة للمجتمع. ولم تجد تلك المبادئ طريقها إلى التطبيق إلا في العقود الأخيرة من القرن العشرين، في ظل هيمنة الدول الصناعية المتقدمة وسيطرتها على الاقتصاد ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
الصحافة الحرة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية: لكل نظرية من النظريات شكلها المعين ومفاهيمها المعينة التي تسيطر من خلالها على أساليب وأنماط الإعلام. وتنبع فلسفة الإعلام عادة من فلسفة الدولة، فالإعلام في نظرية السلطة المطلقة هو إعلام استبدادي إستعاضي، أي أن الدولة كما ذكرنا تحل محل الشعب عن طريق كتابها وألسنتها الناطقة باسمها، ولا تسمح إطلاقاً إلا بما يراعي مصالحها وتوجهاتها. إضافة لفرضها رقابة قسرية على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
وقد أدى ظهور نظرية الحرية إلى صراع تمثل بين المفهوم الغربي للحرية، والمفهوم السوفييتي للحرية، إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الإتحاد السوفييتي والاختلاف المطروح كان: أيّ المفهومين أصدق أو أقرب أو أنفع للفرد والمجتمع؟ فكلا الجانبي كانا يتهمان بعضهما باضطهاد الإنسان واستغلاله وكل منهما طرح أسلوبه وأفكاره وفلسفته بين الجماهير وروج لها بين الشعوب. وقد سَخِرَ الماركسيون من الحرية النظرية التي عرفها العالم الغربي عندما أعلن ستالين: " إنه لا معنى مطلقاً للحرية بالنسبة للمتعطل عن العمل، ولا معنى للحرية بالنسبة للجائع فإن الحرية لا توجد إلا عندما يختفي الاستغلال والتسول والخوف أو يختفي شبح البطالة من المجتمع اختفاء تاماً ".[xvi]
وهذا كلام واضح لا يحتاج إلى تعليق. فالسخرية تبدو رافضة تماماً لهذه النظرية. بينما أعلن الغربيون أن صحافتهم تتمتع بالحرية المطلقة وأن الصحافة السوفييتية تنوء تحت وطأة السلطة، وأنها تخضع كل الخضوع للرقابة الحكومية أو رقابة الحزب الواحد. بينما أعلن السوفييت أن صحافتهم غير مأجورة كالصحافة الأمريكية التي اتهموها بأنها مأجورة، وأن الصحافة السوفييتية ليست خاضعة لسيطرة رأس المال والاحتكار كما هو الحال في الغرب. ووصفت الصحافة الأمريكية نفسها بأنها صحافة الخبر وأنها تساير في ذلك التطور الصحفي في البلاد المتقدمة، وأنها قادرة على نشر الأخبار بسرعة فائقة، وأنها أقدر من سواها على تسلية القارئ وإمتاعه وتزويده بالمعلومات النافعة.
بينما ردت الصحافة السوفييتية بقولها أن السبق الصحفي في الأخبار وتسلية القراء لا يعتبران جزءاً من الخدمة العامة التي تقدمها الصحافة الرشيدة للشعب. كون أن خبر التسلية والترفيه عن القراء كثيراً ما يكون منافياً للشرف الصحفي وفق المفهوم السوفييتي.
وعلى العموم فإن الغرب يضع الحرية في المرتبة الأولى والمسؤولية في المرتبة الثانية بينما السوفييت قبل الانفتاح الغورباتشوفي في ثمانينات القرن العشرين كانوا يضعون المسؤولية أولاً والحرية بعد ذلك. وتغيرت الظروف والطروحات بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي، ولاحت تباشير الانفتاح على المفهوم الغربي للحرية والديمقراطية في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المستقلة التي قامت على أنقاض الإتحاد السوفييتي السابق، وأنقاض المنظومة الاشتراكية السابقة التي كان يقودها الإتحاد السوفييتي السابق. وراحت تلك الدول تبحث عن مكان لها في النظام العالمي الجديد، منفتحة على العالم بعد سنوات طويلة من العزلة والمواجهة.
النظرية الاشتراكية للصحافة: ظهر مفهوم النظرية الاشتراكية مع بداية عام 1830 واستمر في تطوره حتى عام 1948. وخلال هذه الفترة الطويلة التي دامت أكثر من قرن، ظهر الكثير من المفاهيم والمذاهب الفلسفية والأفكار السياسية المكملة لمفهوم الاشتراكية. وكان أولها ما ظهر في فرنسا إبان الثورة الفرنسية التي اعتمدت على المنشور والمطبوع في نشر أفكارها. ولأول مرة ظهر مصطلح الاشتراكية بمعناه السياسي الحديث الدال على نظام اجتماعي واقتصادي في الصحافة عندما نشرت صحيفة (كلوب) عام 1832م مقالة عنها بقلم بيير ليرو أحد أتباع مدرسة سان سيمون الفلسفية. وأطلق تعبير الاشتراكية للتعبير عن الفلسفة الاجتماعية الإصلاحية التي آمن بها أتباع هذه المدرسة المؤمنة بالنظرة الإنسانية إلى الطبقات المعدمة. ولكن سرعان ما اتسع مدلول الاشتراكية بفضل فورييه، وبرودون، ولويس بلان، لتعبر عن التطلع إلى نوع جديد من النظم الاجتماعية.
التيارات الاشتراكية: تبلورت في أوروبا ثلاثة تيارات اشتراكية، وهي تيارات تمثل خلاصة للصراع الإنساني ضد الاحتكار الرأسمالي وفق المفهوم الاشتراكي، وهي:
الاشتراكية الإنتاجية: التي تتبنى مشاريع تنمية الثروة القومية، وإطلاق طاقات رأس المال في المشروعات الإقليمية والعالمية. داعية الناس القادرين على الإنتاج والبذل. وفق مفهوم الكل منتج دون تدخل من الدولة، تاركين الأمر للتجار والصناعيين والمثقفين والعلماء والفنيين لتحقيق الكفاية، وتزعم هذه المدرسة الفيلسوف سان سيمون وأتباعه.
الاشتراكية التعاونية: وتزعم هذا الاتجاه في إنكلترا الفيلسوف ورجل الصناعة روبيرت أوين، وفي فرنسا شارل فورييه، واعتبر أوين أن حل المشكلة يتوقف على خلق النموذج الاشتراكي الإنساني الذي سوف يجذب أصحاب النوايا الطيبة من الأغنياء ورجال المال والصناعة. وأعطى المثال بنفسه عندما أقام مستعمرة اشتراكية على أساس المساواة المطلقة والمشاركة في الجهود والأرباح، وانتفاء الأسلوب الرأسمالي الاستغلالي في التعامل.
الاشتراكية العلمية: الذي صاغ نظريتها الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية كارل ماركس، بعد استيعابه العلمي للفلسفة الجدلية لهيجل، ومذهب آدم سميث للاقتصاد الحر، والدراسات الفلسفية الاجتماعية لسان سيمون وتلاميذه.
دعائم النظرية الاشتراكية للصحافة: تقوم النظرية الاشتراكية العلمية للإعلام على دعائم أساسية هي: ملكية الشعب لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ وربط مؤسسات ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالمجتمع الاشتراكي، ربطاً وثيقاً، وتحديد دور إيجابي يلتزم به جميع العاملين في الميدان الإعلامي.
وبهذا الوضع وتطبيقاً لهذه الأفكار فإن الصحافة التي تؤمن بهذه الفلسفة هي صحافة واقعية لا عناية لها إلا بالموضوع أو الموضوعية الأكاديمية، لذلك فهي تؤمن بالواقع الملموس من المكاسب التي تحصل عليها الطبقة الكادحة. وتضع المسؤولية العامة اتجاه الطبقة أولاً والحرية ثانياً. وعلى هذا الأساس أصبح للحرية الصحفية في النظام الاشتراكي معنى مخالفاً تماماً لمعناها في النظام الرأسمالي، ووفقاً لمصالح الطبقة الكادحة[xvii] فإن النظام الإعلامي الاشتراكي يؤمن بما يلي: حرية القول؛ وحرية الاجتماع بما في ذلك الاجتماعات الشعبية؛ وحرية التجمع أو المواكبة أو التظاهرات لتحقيق غرض معين. ولم يعد في الإمكان التحدث عن نظرية إعلامية اشتراكية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، وتفكك الجمهوريات السوفييتية إلى جمهوريات مستقلة ذات سيادة واستقلال وطني، وتحول أغلبية دول المنظومة الاشتراكية إلى أنظمة ديمقراطية لها أساليبها السياسية والإعلامية الخاصة بها وعلاقاتها الدولية المبنية على مفاهيم جديدة. بل أن بعض تلك الجمهوريات الجديدة أخذت تعمل على تكييف نظرية الإعلام الحر مع ممارساتها الإعلامية الفعلية.
نظرية المسؤولية الاجتماعية: ولدت هذه النظرية نتيجة للمعاناة من النظريات التي سبقتها. وقد يكون أيضاً بسبب تأثير نتائج الحرب العالمية الثانية. وقد وجد المفكرون في المبادئ والوظائف والصيغ الجديدة انعكاساً للنظرية الليبرالية. وأعتبر القرن العشرين الميدان التطبيقي لأفكار هذه النظرية في المجتمع والدولة، وكان أمثل تطبيق لأفكار هذه النظرية الولايات المتحدة الأمريكية التي طبقت فيها ومن ثم أخذت بالانتشار في بقية أنحاء العالم. وتوجهت أفكار ومبادئ هذه النظرية بالنقد لأفكار النظرية الليبرالية (نظرية الحرية). ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية: إعطاء الحقيقة إلى الفرد ولا يحق التستر عليها ولا يجوز تزويد الفرد بمعلومات كاذبة أو ناقصة؛ وممارسة النقد البناء والقبول بأي فكرة أو طرح جديد من قبل الفرد وتقبل مناقشة ذلك الفرد، لتصحيح الخطأ إن وجد بأسلوب ديمقراطي بناء هادف وهادئ؛ ونشر أهداف المجتمع وخططه التربوية والتعليمية والاقتصادية. فالإعلام يهدف إلى خدمة المجتمع ويبشره بالرفاهية، واحترام حقوق الفرد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ وإتاحة الفرصة للفرد للحصول على المعلومة التي يستفيد منها أو يريد أن يتعلمها أو يضيفها إلى حصيلة مستواه الثقافي والسياسي من خلال فكر الدولة أو فكره الشخصي.
وتتلخص الوظائف العامة لنظرية المسؤولية الاجتماعية بما يلي: خدمة النظام السياسي المتفق عليه من قبل الأغلبية الساحقة للشعب؛ وإعلام الرأي العام وإعلاء ممارسة حكم الشعب لنفسه؛ وحماية حقوق الأفراد في المجتمع، وحقوق الدولة لخدمة المجتمع باحترام النظام العام، واحترام حق الاتصال والإعلام؛ وخدمة النظام من خلال إبراز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية؛ وتقديم البرامج المتوازنة الخاصة بالتسلية والترفيه للفرد من خلال ذلك القسط من الحرية الممنوحة من الدولة وبما يحقق راحة الجميع؛ والتركيز على مبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ولقد واجهت هذه النظرية بعض أوجه النقد للنظرية الليبرالية (الحرية) وتمثل هذا النقد في: أن الصحافة لم تؤد دورها الصحيح في عرض وجهات النظر المختلفة للأفكار المطروحة في المجتمع. بينما تؤمن نظرية المسؤولية الاجتماعية بضرورة إعطاء الحقيقة ووجهات النظر المختلفة كلها دون مراوغة أو تضليل للفرد وإنما منحه حقيقة الفكر المطروح من خلال وسائل الاتصال والإعلامي الجماهيرية؛ وأن نظرية الحرية الليبرالية تهدف إلى إثارة الأحاسيس والمشاعر في المجتمع. ولذلك فإنها لا تعطي الحقيقة كلها بل تجزئها وأحياناً تحرفها، بشكل يؤدي إلى خداع المجتمع في النهاية، وقد يساند الفرد ممارسات تلك الدولة أو تلك دون أن يعرف توجهها الصحيح، ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان أنه كان مخدوعاً. بينما تخالف نظرية المسؤولية الاجتماعية هذا الرأي وتؤكد على ضرورة ممارسة حرية إعلام المواطن بالخبر والحدث ومنحه حق منافسة الدولة والآخرين بشكل يؤدي إلى العمل والتعاون والتقدم.
وتتحمل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بقدر من المسؤولية في ممارسة البناء والنمو الاجتماعي على أساس الالتزام بحقوق الآخرين. فالحرية تنطوي على قدر كبير من المسؤولية الاجتماعية فلذلك فإن الحرية ليست حقاً طبيعياً يعطى دون مقابل، بل حقاً مشروطاً بمسؤوليات يمارسها الإنسان اتجاه نفسه واتجاه المجتمع.
ولا حق لأحد بالاعتداء على حريات الآخرين. أي أن الحكومة والشعب يعطيان لوسائل الاتصال والإعلام حقها في حرية التعبير، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يفقد هذا الحق فيما لو أسيء استعماله ولا يمكن عزل المجتمع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والدولة عن بعضهم البعض
فالتمتع بالحقيقة وحرية الرأي أمران ضروريان للأطراف الثلاثة الدولة والمجتمع ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لأن الغاية واضحة للجميع. وتبدأ عملية تفكير الفرد فور تسلمه للخبر، الذي يناقشه مع نفسه أولاً، ومن ثم مع السياسة المعلنة للدولة ووسيلة الاتصال أو الإعلام الجماهيرية المنتمية لتلك الدولة مخالفة أم مؤيدة لرأي وفكر الحكم في الدولة.
وبذلك يصبح الفرد متمتعاً بالحرية الحقيقية والقدرة على التعبير عن رأيه وأفكاره ومفاهيمه ومواقفه. إلا أن هذا لا ينفي وجود الرقابة الموضوعية على النشر. إذ أن الرقابة موجودة ولا تسمح بنشر أي شيء يتعارض وتوجه وخدمة الجماهير العريضة، ولا يهم الرقابة الآراء المتعلقة بالأفراد كأفراد، لأنها تضع مصلحة المجتمع فوق كل المصالح، وتحترم المصلحة الجماعية لذلك المجتمع.
نظرية المسؤولية العالمية للصحافة: تهدف نظرية المسؤولية العالمية، إلى: ربط أجهزة الاتصال والإعلام الجماهيرية والعاملين فيها بقضية الإنسان في كل مكان؛ ورفع مسؤولية الاتصال والإعلام الجماهيري إلى مستوى القضايا العالمية التي تحتاج إلى كلمة الحق المنزهة عن الهوى، وإلى الموضوعية التي تفتقر لها أجهزة الاتصال والإعلام الجماهيرية في المجتمعات المختلفة؛ وتحقيق المساهمة الإيجابية لأجهزة الاتصال والإعلام الجماهيرية في معركة الوجود الإنساني نفسه؛ ونبذ ومحاربة التهديدات الإنسانية المصيرية والمتمثلة في الحرب النووية والاحتكارات والمصالح الدولية.
وأهداف وغايات هذه النظرية بالأساس تنبثق من مفهوم خدمة المجتمع الإنساني ككل. وهذه النظرية تعتبر امتداداً للنظريات الإعلامية السابقة ولكنها قد تكون أكثر شمولاً منها كونها تنطلق من وإلى المجتمع الإنساني الأشمل. دون تحديد لجنس هذا المجتمع لأنها ترفض الأفكار العنصرية والعرقية والدينية وتعمل على خدمة الإنسان من كل جوانب حياته، وتؤمن بتوفير الحرية الكاملة والكافية التي تمكن الإنسان من إبداء رأيه وأفكاره، من خلال وسائل الإيصال والإعلام الجماهيرية المتاحة. وتتلخص فلسفة هذه النظرية بالعبارة التالية: (حب الإنسان للإنسان).... ومهما تكن الاختلافات بين الإنسان والإنسان الآخر، فإن شعار هذه النظرية يؤكد على التآخي، ودعوتها الصريحة تتسم بالبساطة والوضوح. فقد استندت إلى حقيقة موضوعية في ارتباط الإنسان بالإنسان الآخر، من حيث الحضارة، والمصالح، والتاريخ، والجغرافية، والديانات، وكل ذلك يستدعي من الإنسان أن يحب لأخيه الإنسان الآخر ما يحب لنفسه في العالم الإنساني الواسع الفسيح الأرجاء.
فقد تختلف أو لا تختلف الغاية من الأهداف التي تتضمنها هذه النظرية. إلا أن الغاية الأساسية تركز على تكييف طبيعة الصراع الإنساني لتحقيق الغاية الأسمى. غير أن هذه النظرية لا يمكن تحقيقها ما لم يظهر من بين دعاتها أفراداً مخلصون لمبادئ الإنسانية عموماً، لأن الذاتية كنزعة إنسانية فردية تقود بعض المنظرين والسياسيين المتزعمين لحركة المجتمع أو المتزعمين لحركته الفلسفية والفكرية إلى ضيق الأفق.
والإخلاص هنا يرتكز على مبادئ الإنسانية جمعاء، وليس على المبادئ الذاتية التي تضلل الناس المتطلعين إلى السلام والحرية. ومحاربة كل وسائل الاتصال والإعلام الرأسمالية التي تعمل على إستيلاب حياة الناس واستلاب رغيف الخبز الذي يعيشون عليه.
وتعتبر أن الإنسان المتطلع إلى مبادئ المسؤولية العالمية بحق، هو ذلك الإنسان المنادي بالحرية الحقيقية وبمفهومها الحقيقي، ومعناها المناهض للوسائل المتخلفة التي تعمل على تفكيك وتجزئة شعوب العالم من خلال النزاعات الدينية، والتوسعية، والعبودية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي في النهاية تحطم الإنسان في كل مكان. لذلك ومع توسع الثورة المعلوماتية والتكنولوجية وخضوع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للاحتكارات أو الفئات الحاكمة والسير في ركابها وعدم ارتباطها بالمجتمع وتسخير قدراتها لخدمة قضاياه، فإن تطبيق هذه النظرية العالمية يحتاج إلى أولئك الرجال الذين يستطيعون تخطي الحواجز الإقليمية والارتفاع فوق الصراعات والمصالح الشخصية والمحلية والإقليمية، والنظر إلى الإنسان كإنسان في كل مكان.
ولقد وجدت محاولات فردية كالمحاولة التي قام بها الفيلسوف البريطاني برتراند راسل، وعارض فيها الحرب الفيتنامية، وجهود بعض الكتاب الأحرار في مقاومة الاحتلال والحروب والتفرقة العنصرية.
ولكن هذا الذي يحدث هنا وهناك لم تواته القوة المؤثرة بعد، ولا زالت تلك النظرية بعيدة عن الرواج أو التأثير. كما ونجد أن الكثير من المحاولات الإعلامية والسياسية العالمية لمناصرة حقوق الشعوب المضطهدة وقضاياها العادلة، وفضح المخططات التوسعية والعنصرية في العالم، دون المستوى المطلوب.
ونرى أن الأمم المتحدة معنية في إعادة النظر في جميع الممارسات الاتصالية والإعلامية الجماهيرية الدولية المستندة على مبدأ حق امتلاك التكنولوجيا، الذي يعني حق احتكار المعلومات. فالقضايا الإنسانية وحقوق الشعوب المهضومة جميعها تمثل جوهر عملية الاتصال والإعلام الإنساني الموالي للحب والسلام والوئام بين شعوب العالم على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع والمصالح الإنسانية.[xviii]
الفصل الثالث: نشأة وتطور وكالات الأنباء العالمية. تعتبر وكالات الأنباء العالمية من المصادر الإعلامية الهامة التي تعتمد عليها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بشكل أساسي للحصول على المواد الإعلامية المختلفة وخاصة آخر الأنباء عما يجري حولنا من أحداث في العالم العاصف دائم التغير. وتدخل هذه الوكالات في إطار التبادل الإعلامي الدولي كجزءٍ من سياسات القوة التي تعتمد عليها الدول الكبرى والدول المتقدمة في العالم لتحقيق جزء هام من سياساتها الخارجية والدفاع عن مصالحها الحيوية في أنحاء العالم المختلفة.[xix] وتعتبر فرنسا المهد الذي رأت فيه النور أول وكالة أنباء في العالم عام 1845.
الجمهورية الفرنسية: في عام 1840م كتب أنوريه دي بلزاك في مجلة باريسية مقالة قال فيها: "أن الجمهور يمكنه التصديق بأنه يوجد صحف كثيرة، ولكن في الحقيقة لا توجد إلا صحيفة واحدة ..... فللسيد هافاس مراسلين في العالم بأسره، وتصله الصحف من البلدان المختلفة في الكون، وهو الأول .... لأن كل صحف باريس امتنعت، لأسباب اقتصادية عن العمل لحسابها. بسبب المصاريف، ولكن المصاريف التي يتحملها السيد هافاس أكبر، وله الآن الاحتكار. وكل الصحف التي امتنعت في الماضي عن ترجمة الصحف الأجنبية، وعن اعتماد المراسلين، تتلقى اليوم المساعدة من السيد هافاس الذي يزودها بالأخبار الأجنبية في ساعة محددة لقاء مبلغ شهري .... وتقوم كل صحيفة بصبغ تلك الأخبار التي يرسلها إليها السيد هافاس باللون الأبيض أو الأزرق أو الأخضر أو الأحمر....".[xx]
ويعتبر شارل هافاس اليهودي الفرنسي، أول من أطلق اسم وكالة الأنباء على الوكالة التي حملت اسمه أي وكالة هافاس، في باريس عام 1845م، وكانت أول وكالة تمارس تجارة الأخبار والإعلانات في العالم.[xxi] وقد استفاد هافاس من الخبرة التي تكونت منذ القرن السادس عشر لدى الصرافين في مراسلاتهم ، واستفاد خاصة من الحادثة التي سمحت لأسرة روتشيلد التي كانت تمارس المراسلة مع الصرافين أن تصبح من الأسر الثرية عندما علمت بخبر انتصار إنكلترا في معركة واترلو قبل حكومة ملك إنكلترا بثمان ساعات. واستفاد هافاس كذلك من الموقع الهام لمكتبه الذي افتتحه عام 1832م، وسط العاصمة الفرنسية باريس بالقرب من مركز البريد، وبورصة باريس التجارية، والمحكمة، ومقرات الصحف الباريسية.
ومنذ عام 1857 أخذت وكالة هافاس تتمتع بشهرة واسعة، تتناسب وشعارها (المعرفة الجيدة والسريعة)، واستعملت وكالة هافاس كل الوسائل المتاحة آنذاك لتأدية عملها. من استخدام الحمام الزاجل في الاتصالات اليومية بين باريس ولندن وبروكسل. إلى استخدام التلغراف الذي أخترع عام 1837، ووضع في الخدمة العامة أمام الاتصالات الخاصة، اعتبارا من عام 1850 عبر الكابل البحري الذي امتد تحت مياه بحر المانش عام 1851، وتحت المحيط الأطلسي عام 1866، واستخدمت كذلك التيليسكربتور من عام 1880. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية وريثة وكالة هافاس أول من استخدم الراديو تيليسكربتور في العالم عام 1950.
وعندما عانت وكالة هافاس من أزمة مالية حادة، أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية، في الثلاثينات من القرن العشرين، قامت الحكومة الفرنسية بالتدخل لمساعدتها مادياً.
ولما انهزمت فرنسا أمام ألمانيا النازية مع بداية الحرب العالمية الثانية، وقعت وكالة هافاس تحت السيطرة الألمانية، وحكومة فيشي الفرنسية التابعة لألمانيا، وأصبحت بذلك تابعة للديوان الفرنسي للإعلام، تخضع لرقابة الدولة الفرنسية وجماعة تجارية ألمانية اعتبارا من خريف 1940.[xxii] في ذلك الوقت الذي اتخذت فيه الحكومة الفرنسية الحرة من لندن مقراً لها تقود منه المقاومة ضد النازية، وليتحول بذلك مكتب وكالة هافاس في لندن وبعض مكاتبها الأخرى في العالم إلى أداة من أدوات كفاح حكومة فرنسا الحرة والحكومة المؤقتة في الجزائر[xxiii] ضد الاحتلال النازي.
وبعد هزيمة النازيين وتحرير فرنسا من احتلالهم عام 1944، صدر مرسوم عن الحكومة الفرنسية بتاريخ 30/9/1944 يقضي بإنشاء وكالة الأنباء الفرنسية أجنسي فرانس بريس AGENCE FRANCE PRESSE (AFP)، كوريثة لما تبقى من وكالة هافاس، تتمتع من الناحية القانونية باستقلال كمؤسسة عامة مستقلة مالياً، مع إمكانية حصولها على إعانات مالية من الحكومة الفرنسية.
وفي عام 1954 ترأس AFP جان ماران، وكان يعمل فيها آنذاك حوالي 2000 موظف و700 صحفي، ولها 18 مكتب في فرنسا، و 92 مكتباً في الخارج، ومراسلين في 157 دولة. وكانت توزع حوالي 500,000 كلمة يومياً، إضافة لمصالحها في 138 دولة، و12400 مشتركاً بين صحيفة ومحطة إذاعية مسموعة ومحطة إذاعية مرئية. و 447 مشتركاً خاصاً.
وتوزع AFP أنباءها باللغات الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والألمانية والعربية والبرتغالية. إضافة لامتلاكها لمراكز استماع للإذاعات الأجنبية، وخاصة إذاعة موسكو وبعض الدول الشرقية، والشرق الأوسط والشرق الأقصى. ومركزاها في ليما وسنغافورة اللذان يرسلان الأنباء الهامة مباشرة لمشتركيها في أمريكا اللاتينية وقارة آسيا دون الحاجة لإرسالها عبر باريس. وحققت أعمال AFP عام 1967 مبلغ 89,811,600 فرنك فرنسي، في الوقت الذي كانت فيه ميزانيتها لذلك العام 50 مليون فرنك فرنسي فقط.[xxiv]
وحسب مصادر AFP فإنها تنقل الأنباء بصدق وموضوعية، وتتسم بطابع استقلالي. ولكن المتابعة الموضوعية لما تنشره AFP يظهر لنا بوضوح أنها وسيلة من وسائل السياسة الخارجية الفرنسية، من خلال تركيزها في نقل الأخبار على الأولويات التي تراها مناسبة لها، بما يتناسب والمواقف الفرنسية. ومما يساعد AFP على الانتشار الواسع في العالم الخبرة الطويلة التي تتمتع بها، والمناخ السياسي العام في فرنسا، وإمكانياتها المادية والتقنية وقدرات السياسة الخارجية الفرنسية، إضافة لدعم الحكومة الفرنسية لها.
المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية: في عام 1851م افتتح جوليونس رويتر اليهودي الألماني الذي اكتسب الجنسية الإنكليزية عام 1857م، وتعلم في باريس على يد شارل هافاس، مكتباً للأنباء في لندن كشركة تجارية عادية، وسرعان ما تحول هذا المكتب إلى وكالة للأنباء ووسيلة هامة من وسائل السياسة الخارجية البريطانية، الأمر الذي ظهر جلياً واضحاً إبان الحرب العالمية الثانية.
واستفاد رويتر من مد الكابل البحري بين دوفر وكالي، ليوفر عامل السرعة في إرسال واستقبال الأنباء. ومن ثم حصل على موافقة سرية أثناء الحرب الأمريكية لمد كابل بحري عبر المحيط الأطلسي ربط بين مينائي كروك و كروكابين على ساحل ايرلندا. وسير سفناً أبحرت بمحاذاة السفن الأمريكية لتلتقط محافظ الأخبار الجاهزة منها وإيصالها لمراكز التلغراف التابعة له موفراً بذلك حوالي ثمان ساعات عن الطرق المألوفة آنذاك. وأطلق على هذه الطريقة اسم: التلغراف الناقص. وهي الفكرة التي استفادت منها الصحافة الأمريكية عندما أنشأت كبريات الصحف في نيويورك أول وكالة للأنباء اتفقت مع سفن الركاب المتوجهة عبر المحيط الأطلسي لالتقاط الأخبار الواردة من أوروبا عام 1848م بسرعة أكثر من انتظارها في نيويورك.
ومنذ العام 1941 أصبحت وكالة رويتر للأنباء مؤسسة مستقلة "تروست" وفق المفهوم البريطاني. وضم هذا التروست: نيوزبيبر بروبيتورز أسوسيشن، وشركة الصحف اللندنية، وشركة الصحافة، وشركة الصحافة الجهوية، وشركة الصحافة الأسترالية، وصحافة نيوزيلندة، وتعاونية الصحف الأسترالية والنيوزيلندية. ومعنى ذلك أن وكالة رويتر كانت ملكاً غير قابل للتجزئة لعموم الصحف في المملكة المتحدة، باستثناء الصحافة الشيوعية غير الممثلة في تلك الشركات.
وعمل في الوكالة حوالي 2000 موظف و 500 صحفي، وكان لها 75 مكتباً في 69 دولة. ووزعت حوالي 1,300,000 كلمة في اليوم على 6500 مشتركاً و4770 صحيفة في 120 بلداً في العالم. وكانت تملك أكثر مراكز الرصد الإذاعي في العالم، وأوسع خط للتيليسكربتور في العالم، يبلغ طوله 990,700 كلم حتى عام 1967 بامتياز استخدام نافذ لمدة خمسين عاماً. ومنذ عام 1961 استخدمت الكابل البحري الممتد تحت مياه المحيط الأطلسي: لندن - نيويورك.[xxv]
وأثناء الحرب العالمية الثانية تعرضت وكالة رويتر لأزمة مالية حادة، مما دعى الحكومة البريطانية لتقديم بعض المساعدات لها، إلا أنها سرعان ما استغنت عن تلك المساعدات.
ويقول الرسميون في وكالة رويترز، أن وكالتهم هي مؤسسة تمثل الصحافة البريطانية أساساً، وأنها تتوخى الموضوعية والدقة في أخبارها. ولكن تحليل مضمون موادها الإعلامية يبين أنها وسيلة من الوسائل الفعالة للسياسة الخارجية البريطانية، وأنها كسائر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية البريطانية تستخدم أساليب غاية في الدقة لإخفاء نواياها الحقيقية، الأمر الذي يساعدها للقول: أنها تعمل بموضوعية.
جمهورية ألمانيا الاتحادية: وفي برلين أفتتح اليهودي الألماني برنارد وولف الذي تتلمذ في باريس على يد شارل هافاس، مكتباً صحفياً أطلق عليه اسمه عام 1849م. ومن ثم أنشأ الخط التلغرافي للدولة البروسية الذي ربط بين برلين وأكس لاشبال. وبقيت وكالة وولف للأنباء أكبر وكالة أنباء في أوروبا حتى هزيمة ألمانيا النازية على أيدي الحلفاء.[xxvi]
وكانت هذه الوكالة واحدة من أكثر الوسائل فعالية من بين وسائل تنفيذ السياسة الخارجية الألمانية، وخاصة أثناء العهد النازي في ألمانيا، حيث أثبتت تفوقها حتى على وكالة معلمه هافاس الفرنسية. وانتهت هذه الوكالة بهزيمة ألمانيا النازية، لتحل محلها وكالة الصحافة الألمانية DPA التي تأسست عام 1949 في هامبورغ كشركة تعاونية يملكها ناشري الصحف ومحطات البث الإذاعي، على قاعدة وكالة الأنباء DENA في المنطقة الخاضعة للولايات المتحدة الأمريكية من ألمانيا، ووكالة الأنباء DPD في المنطقة الخاضعة لبريطانيا، ووكالة الأنباء SUEDENA في المنطقة الخاضعة لفرنسا، وافتتحت 46 مكتباً لها في ألمانيا و70 مكتباً في الدول الأجنبية، وتحصل DPA من مراسليها في ألمانيا ومختلف العواصم العالمية يومياً على 200 ألف كلمة توزع منها الثلث على مشتركيها عبر شبكتها الإلكترونية للتوزيع، لتصبح بذلك وسيلة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية لألمانيا الاتحادية، وفق الدور المسموح لها به في السياسة الدولية، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحلف وارسو، والمنظومة الاشتراكية، وهدم جدار برلين الشهير، وانضمام الأراضي الشرقية التي كانت تعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية إلى ألمانيا الاتحادية في مطلع التسعينات من القرن العشرين، جرت محاولة فاشلة خلال صيف 1990 لدمج وكالة الأنباء DPA مع منافستها وكالة أنباء جمهورية ألمانيا الديمقراطية AND.
وفي عام 1992 سلم مجلس الوصاية وكالة الأنباء ADN لبولكو هوفمان صاحب Effectenspiegel A G في دوسلدورف، والذي يملك أيضاً القسم الأكبر من رأس مال وكالة: DEUTSCHER DEPESCHEH - DIENST)) لتصبح بذلك وكالة الأنباء الألمانية DPA، ووكالة ADN، ووكالة DDP ((DEUTSCHE DEPESCHEN - DIENST من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية لألمانيا الاتحادية. إلى جانب وكالات الأنباء الدينية EPD و KNA و VWD.
الولايات المتحدة الأمريكية: كونت بعض الصحف الأمريكية عام 1848م في نيويورك جمعية أطلقت عليها اسم جمعية أخبار الميناء Harbour News Association هاربور نيوز أسوسيشين، لتستفيد من خدماتها الإخبارية. وفي عام 1856م تبدل اسم هذه الجمعية إلى نيويورك أسوشيتد بريس New York Associated Press وتبع ذلك قيام عدد من وكالات الأنباء الصغيرة في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الهدف من إقامة تلك الوكالات، الاقتصاد في نفقات الحصول على الأنباء، وأدى اتجاه هذه الوكالات نحو التركيز في نشاطاتها إلى نشوء الاحتكارات الإعلامية داخل السوق الأمريكية.
ويشترك في عضوية مجلس إدارة AP عدد من ممثلي الصحف والإذاعات الأمريكية، طبقاً لإسهاماتهم المالية، ويتكون مجلس الإدارة من 18 عضواً يتم انتخابهم مرة كل ثلاث سنوات، ويعين هذا المجلس المدير العام للوكالة. وتعمل الوكالة بشكل مستقل معتمدة في مواردها المالية على اشتراكات المشتركين فيها، وكان لها 34 مكتباً رئيسياً دائماً، ومئات المكاتب الصغيرة، وكانت تملك 600 ألف كم من خطوط التلغراف عبر أكثر من 100 دولة في العالم، وبلغ عدد موظفيها 7500 موظفاً. وقد تشكلت الوكالة أساساً على شكل جمعية تعاونية دون أهداف معلنة، وبلغ عدد المشتركين فيها 1778 صحيفة ومجلة أمريكية، و 2042 محطة إذاعية مسموعة ومرئية. وكانت توزع في اليوم أكثر من 3000,000 كلمة، على 8500 مشترك في العالم.[xxvii]
وفي عام 1958 اندمجت كلاً من: - United Press Association وكالة يونايتيد بريس أسوسييشين. التي تأسست عام 1907 نتيجة لاندماج عدد من وكالات الأنباء الأمريكية المحلية، ولم تشترك هذه الوكالة منذ تأسيسها في الاحتكار الدولي للأنباء مفضلة العمل بحرية داخل سوق الأنباء العالمية، كجمعية تعاونية (شركة تجارية). - و International News Service وكالة إنترناشيونال نيوز سيرفيس. التي تأسست عام 1909 وكانت عضواً في الاحتكار الدولي للأنباء. وشكلتا مع بعضهما بعد الدمج وكالة اليونيتيد بريس إنترناشيونال UPI. كمؤسسة تجارية عادية، لها 148 مكتباً في الولايات المتحدة الأمريكية، و100 مكتباً موزعة في مختلف دول العالم. وبلغ عدد موظفيها حوالي 10 آلاف موظفاً دائماً. ووزعت أكثر من 4 ملايين كلمة يومياً إلى 114 دولة في أنحاء العالم بـ 48 لغة. إضافة لامتلاكها لقناة خاصة لتوزيع الصور الفوتوغرافية (أونيفاكس) تعمل على مدار الساعة. وبلغ عدد المشتركين فيها 3609 صحف، و2325 محطة إذاعية، و 528 محطة إذاعة مرئية، و622 مشتركاً خاصاً.[xxviii]
وتعتبر وكالات الأنباء الأمريكية أداةً فعالة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، بفضل الانتشار العالمي الواسع الذي تتمتع به، ولاعتماد الكثير من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في شتى أنحاء العالم عليهم كمصدر لتلقي الأخبار العالمية. وهو ما أثبتته دراسات تحليل المضمون التي تناولت خدمات تلك الوكالات، حيث تبين أنها تعرض مختلف الموضوعات وفقاً لمفهوم السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، والأولويات التي تطرحها تلك السياسة، ومن خلال متابعتها لتطورات الأحداث من خلال الخبر والتعليق، واستخدام المصطلحات Semantics.[xxix]
ومن المعروف أن وكالات الأنباء العالمية توزع أخبارها وفقاً لأولويات سياستها الإعلامية الخاصة، فإذا كان هناك خبراً عاجلاً وضعت في مقدمته عبارة Snap أو Urgent التي ترتبط بالأصوات العالية التي تحدثها أجراس أجهزة استقبال الأخبار، بقصد التنبيه لأهمية الخبر، وأثبتت دراسات تحليل المضمون أن هذا التوزيع كان مطابقاً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في أكثر الحالات المدروسة.
وهذا يعني أن وكالات الأنباء العالمية الأمريكية تعتبر أداة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية، وتعكس الأدوات الأخرى التي تعتمد عليها السياسة الخارجية الأمريكية، إضافة لتمتع وكالات الأنباء بخصائص إضافية منها تعدد المصادر التي تستقي منها الأخبار، ومنافستها لغيرها من وكالات الأنباء العالمية في الحصول على الأخبار، وتوزيعها لتلك الأخبار على مشتركيها قبل حصول الوكالات المنافسة على تلك الأخبار. وهو ما يعرف في عالم الصحافة بالسبق الصحفي. إضافة لتمتع وكالات الأنباء الأمريكية بقدرات مالية وتكنولوجية هائلة، وكوادر مؤهلة كفوءة تجعل منها أكثر قدرة على التنافس من وكالات الأنباء العالمية في دول العالم الأخرى.
روسيا الاتحادية: أنشأ النظام الجديد في روسيا بعد استيلاء البلاشفة على السلطة عام 1917، وكالة التلغراف الروسية التي باشرت عملها ابتداء من عام 1918، وبعد قيام الاتحاد السوفييتي تغير اسمها إلى الوكالة التلغرافية للاتحاد السوفييتي TASS تاس وكانت تابعة لمجلس الوزراء في الاتحاد السوفييتي السابق ويديرها أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي السابق، وكانت تجمع الأخبار في 60 دولة، وتوزعها على المشتركين في 40 دولة، إضافة لاحتكارها تجميع وتوزيع الأخبار داخل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، باعتبارها المصدر الوحيد والإلزامي لجميع الصحف السوفييتية. وكان يعمل في هذه الوكالة حوالي 1500 موظف، ومقرها موسكو، وكانت توزع حوالي 1500 كلمة في اليوم كلها نصوص رسمية وشبه رسمية.[xxx] وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي تحولت هذه الوكالة إلى وكالة ITAR TASS بينما تحولت فروعها في الجمهوريات السوفييتية السابقة إلى وكالات أنباء وطنية للجمهوريات المستقلة.
وفي عام 1961 أنشأت الحكومة السوفييتية وكالة نوفوستي الصحفية، لإنتاج المواد الإعلامية التي تعكس أوجه الحياة في الاتحاد السوفييتي السابق، وتعد هذه الوكالة مكملة لوكالة تاس في الإعلام السوفييتي، الذي عمل في إطار السياسة السوفييتية الداخلية والخارجية.
وقد سارت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السوفييتية، في إطار النظام الشيوعي السوفييتي الذي استخدم الدعاية كوسيلة من الوسائل الأساسية لتحقيق أهدافه، من خلال الإقناع وغسل الأدمغة، والتلقين الإيديولوجي، والتركيز على وجهة النظر السوفييتية فقط، وإهمال كل وجهات النظر الأخرى. خاضعة تماماً لسيطرة الحزب الشيوعي السوفييتي، ولا سيما لجنته المركزية، ومكتبه السياسي.
ولم تعرف وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السوفييتية طيلة فترة حياتها السبق الصحفي، كما هي الحال في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في غرب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والدول السائرة على النمط الغربي. وكثيراً ما كانت تحدث أحداث جسيمة في الاتحاد السوفييتي نفسه وفي دول العالم الأخرى دون أن تنقلها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السوفييتية بناءً على تقدير السلطات السوفييتية. ولهذا كان المواطن السوفييتي ملماً بمسائل من نوع خاص يحصل عليها بناءً على حسابات السلطة السوفييتية، ولا يعرف الكثير مما يدور حوله من شؤون العالم. وكثيراً ما كانت الأخبار تذاع بتأخير كبير قد يتجاوز عدة أيام بعد وقوع الحدث.[xxxi] وكانت تلك الأخبار بعيدة عن الموضوعية، تنشر الحقائق التي تدخل في إطار السياستين الداخلية والخارجية للدولة فقط.
وبهذا كانت تاس ونوفوستي أداة طيعة من أدوات الدعاية للسياسة الخارجية السوفييتية، حتى أن الكثير من الدول غير الشيوعية كانت تتجنب الاعتماد على وكالة تاس، وأن بعض تلك الدول اشتركت في وكالة تاس مجاملة للاتحاد السوفييتي كقوة عظمى آنذاك. وكانت تنشر حيزاً ضئيلاً جداً من الأخبار التي يوزعها الإعلام السوفييتي، وخاصة تلك التي تمس بشكل مباشر الاتحاد السوفييتي السابق وحلفائه المقربين. واقتصر اعتمادها على ما توزعه وكالات الأنباء الغربية فقط.
نشأة وتطور وكالات الأنباء الوطنية: الوكالات الوطنية للأنباء هي وكالات تمارس جمع وتوزيع الأنباء الداخلية في الدولة المعنية، وترتبط بوكالات الأنباء العالمية باتفاقيات ثنائية تخولها التقاط الأخبار التي توزعها تلك الوكالات ومن ثم توزيعها داخل الدولة المعنية من خلال شبكة توزيعها الخاصة. وهناك وكالات أنباء وطنية تتمتع بشهرة دولية تتعدى حدود الدولة المعنية، ومن بين هذه الوكالات:
وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) Agenzia Nazional stamp associata (ANSA) أنشأت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا):[xxxii] على أنقاض وكالة أنباء ستفاني Stefani التي عملت دون انقطاع من عام 1853 حتى هزيمة الفاشية في الحرب العالمية الثانية. وفي 13/1/1945 بدأت أنسا عملها كشركة تعاونية ذات مسؤولية محدودة، تضم كافة الصحف اليومية الإيطالية.
وكالة أنباء الصين الجديدة Agency Hsin Hua أنشأت وكالة أنباء الصين الجديدة في 1/9/1937 لتحل مكان وكالة أنباء الصين الحمراء التي أسست عام 1929.[xxxiii] وتخضع هذه الوكالة للإشراف المباشر لمجلس الدولة والحزب الشيوعي الصيني، وهي المصدر الوحيد للأنباء بالنسبة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الصينية. مقرها في العاصمة بكين، ولها مكاتب في شنغهاي، وشن يانغ، وهان كيو، وسيان، وتشينغ كينغ، وعدد كبير من المراسلين في أنحاء الصين، و59 مكتباً خارج الصين منها 18 مكتباً في دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين. وتنشر وكالة أنباء الصين الجديدة يومياً حوالي 62 ألف كلمة، منها 32 ألف كلمة تعالج الأخبار المحلية و 30 ألف كلمة تعالج الأخبار الدولية، إضافة للتقارير الصحفية التي تعكس وجهة النظر الرسمية الصينية من الأحداث المحلية والعالمية.
ووكالتي الأنباء اليابانيتين: وكالة أنباء كيودو نيوزسرفيس Kyodo Tsushin وكالة أنباء جيجي بريس سرفيس Jiji Tsushin اللتان أسستا عام 1945 بعد اختفاء الوكالة الرسمية للأنباء Domei.[xxxiv] وتعتبر وكالة كيودو التعاونية أول وكالة استخدمت طريقة Telefax لإرسال المعلومات عام 1949، كما واستخدمت Tele type Kanji الذي أقيم بالقرب من طوكيو وافتتح نحو 50 مركزاً وشبكة من المراسلين خارج اليابان، منذ عام 1960. أما وكالة أنباء جيجي فقد تشكلت كشركة مساهمة تهتم بالأخبار الاقتصادية والمالية، ومن ثم بدأت بتوسيع خدماتها الإعلامية اعتبارا من عام 1965 لتشمل الأحداث كافة.
وكالة الأنباء الكورية ين خاب تخون سين: أول وكالة أنباء كورية كانت وكالة أنباء خيبان تخون سين التي تأسست في عام 1945 مباشرة بعد إعلان قيام جمهورية كوريا. وتبعتها العديد من وكالات الأنباء الوطنية الصغيرة التي بمعظمها لم تستطع الاستمرار في العمل لصعوبات عدة. وفي عام 1980 ونتيجة لاندماج وكالتي الأنباء الكوريتين الجنوبيتين خابتون، وتونيان ظهرت وكالة أنباء ين خاب تخون سين التي استطاعت السيطرة على الخدمات الإخبارية في كوريا بعد ابتلاعها لثلاث وكالات أنباء وطنية صغيرة، لتصبح بذلك وكالة الأنباء المسيطرة في جمهورية كوريا. ويعمل في الوكالة 100 مراسل و 300 صحفي، ولها 13 مكتباً إعلامياً في أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وتتعامل مع 45 وكالة للأنباء بينها وكالات الأنباء العالمية الكبيرة أسوشيتد بريس، و UPI، ورويتر وفرانس بريس. وتقدم خدماتها الإعلامية باللغة الكورية لـ 500 مشتركاً محلياً، وتقدم خدمات إعلامية بحدود 5000 كلمة يومياً باللغة الإنكليزية لـ 110 مشتركين أجانب.[xxxv]
الوكالة العربية السورية للأنباء: وفي الجمهورية العربية السورية أحدثت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بموجب المرسوم التشريعي رقم 150 تاريخ 24/6/1965، وباشرت أعمالها فعلياً عام 1966، باستقبال وإرسال الأخبار والصور والتعليقات كمصدر وحيد للنشر والتوزيع لكافة الأنباء والصور في الجمهورية العربية السورية. ويدير الوكالة مدير عام، ويعاونه مدير عام مساعد، ورئيس تحرير، ورؤساء تحرير مساعدون، إضافة لمدير الشؤون الإدارية في الوكالة.
الهيكل التنظيمي في الوكالة: مديرية التحرير وتضم: قسم الدراسات والبحوث، قسم الأخبار الداخلية، قسم الأخبار الخارجية، قسم أخبار وكالات الأنباء العربية والأجنبية، قسم الأرشيف، قسم الاستماع السياسي، وقسم التصوير. مديرية الشؤون الإدارية وتضم: الدائرة الإدارية وشؤون العاملين، دائرة المحاسبة، قسم المراسلين، الديوان، أمانة السر. مديرية الخدمات الفنية وتضم: قسم الإرسال، قسم محطة الإرسال، قسم الصيانة، قسم الكهرباء والميكانيك، قسم الاستقبال اللاسلكي والخدمات المصورة، وقسم اللوازم الفنية. دائرة العلاقات العامة والتخطيط وتضم: قسم العلاقات العامة، وقسم التخطيط والتأهيل. وتملك الوكالة محطة للبث اللاسلكي تمكنها من إيصال الخبر إلى كافة أنحاء العالم، إضافة لشبكة اتصالات لاسلكية هاتفية موزعة في السيارات التابعة للوكالة، وشبكة متطورة من الأجهزة الإلكترونية والحاسبات الآلية التي تؤمن للوكالة النجاح في عملها، وبث واستقبال الأخبار والصور.
وللوكالة مكاتب في بعض العواصم العربية والعالمية، منها: الجزائر، الكويت، بيروت، عمان، طرابلس الغرب، الخرطوم، بغداد، موسكو، لندن، باريس، طهران، تونس وتتابع الوكالة جهودها لافتتاح مكاتب لها في العواصم العربية والأجنبية الأخرى. وبالإضافة لمكاتب الوكالة في الخارج لها مراسلين معتمدين في بعض العواصم العربية والعالمية، من بينها: أبو ظبي، صوفيا، براغ، وارسو، كاراكاس، بخارست، برلين، نيويورك، هافانا، أثينا، بلغراد، روما، كندا، اسطنبول. والوكالة العربية السورية للأنباء عضو في اتحاد وكالات الأنباء العربية، واتحاد وكالات أنباء دول عدم الانحياز، واتحاد وكالات أنباء الدول الإسلامية، ولها علاقات مباشرة مع ثلاثين وكالة عربية وأجنبية للأنباء. وتصدر الوكالة في دمشق العاصمة السورية نشرة أنباء يومية باللغات العربية، والإنكليزية، والفرنسية، إلى جانب نشرة للأنباء الاقتصادية.
جمهورية الهند: بريس تراست أوف إنديا (PTI): تأسست عام 1947 وتعتبر من أكبر مقدمي الأخبار في الهند، إذ تمد بالأخبار أكثر من 200 صحيفة ومجلة، بالإضافة للإذاعة المسموعة والمرئية. وتملك حوالي 140 فرعاً داخل الهند. وأكثر من 200 مراسل في الخارج. ولها اتفاقيات مع أكثر من 40 وكالة للأنباء.[xxxvi] يونايتد نيوز أوف إنديا (UNI): تأسست عام 1961 كوكالة خاصة للأنباء. ولها أكثر من 500 ألف مشترك. ولها علاقات مع أشهر وكالات الأنباء في العالم. ولها أكثر من 80 مكتباً داخل الهند وخارجها. وأقامت شركة "يونيفارتا" التي توزع الأنباء باللغة الهندية في الدول الخليجية العربية حيث يعيش الكثير من الهنود.[xxxvii] ساماتشار بخاراتي: تأسست عام 1966 كوكالة أنباء خاصة. توزع الأنباء الداخلية من أجل الصحف باللغات المحلية في الهند. ولها أكثر من 200 ألف مشترك. ولها أكثر من 30 مكتب إعلامي داخل الهند وخارجها.[xxxviii] هندوستان ساماتشار: تأسست عام 1948 كوكالة أنباء تعاونية. توفر الأنباء الصحف الصادرة باللغات الهندية، ومراتهي، وكوجاراتي. ولها أكثر من 150 ألف مشترك.[xxxix] بريس إنفرميشين بيرو: وهو المكتب الصحفي الناطق باسم الحكومة الهندية، وله 40 مكتباً إقليمياً يزود من خلالها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالأنباء والصور الرسمية. وله صلات مع أكثر من 8 آلاف صحيفة. ويعتمد المراسلون المحليون والأجانب.[xl]
وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية MIDDLE EAST NEWS AGENCY (MENA) تعد وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية[xli] أول وكالة أنباء في مصر ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، وأنشأت عام 1956 كشركة مساهمة تمتلكها الصحف المصرية مناصفة مع الدولة، وانتقلت ملكيتها بالكامل عام 1962 إلى الدولة وأصبحت إحدى الشركات التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، ومن ثم انتقلت ملكيتها إلى مجلس الشورى المصري عام 1978. وللوكالة مكتبين رئيسيين في القاهرة وباريس، ويعمل فيها 1067 موظفاً منهم 390 صحفياً، وتبث الوكالة يومياً: نشرة أنباء الشرق الأوسط باللغة العربية نحو 57 ألف كلمة تقريباً؛ ونشرة أنباء الشرق الأوسط باللغتين الإنكليزية والفرنسية نحو 23,800 كلمة تقريباً؛ والنشرة الدولية الخاصة نحو 13,260 كلمة تقريباً؛ والنشرة الاقتصادية نحو 17,930 كلمة تقريباً. كما وتبث التحقيقات والصور للمشتركين في داخل مصر وخارجها، وللوكالة 4 مكاتب و21 مراسلاً داخل مصر، و 30 مكتباً ومراسلاً في العواصم العالمية. وتتبادل الوكالة الأنباء والصور مع 25 وكالة أنباء عربية وأجنبية، ولها إسهام في تطوير التعاون الإعلامي بين الدول العربية والإفريقية. وتسهم في تدريب الكوادر الإعلامية للدول العربية والصديقة عن طريق دورات تدريبية منتظمة في مجال التحرير والإدارة والهندسة الإعلامية. وتقيم الوكالة علاقات تعاون مع وكالات الأنباء العالمية ووكالات الأنباء العربية ووكالات أنباء دول عدم الانحياز ووكالات الأنباء الإفريقية عن طريق الاتفاقيات الثنائية. وهي وكالة الأنباء الوحيدة في العالم الثالث التي تسمح بتدفق الأنباء محلياً إلى وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المصرية من خلال كافة وكالات الأنباء مباشرة ودون تدخل أو وصاية منها كوكالة قومية في مصر. وقد دخلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عالم الكمبيوتر منذ عام 1990، وبدأت باستخدام الأقمار الصناعية في نقل الأخبار اعتبارا من 25/10/1994.
الوكالة السنغالية للأنباء APS: الوكالة السنغالية للأنباء APS أسستها وزارة الإعلام والمواصلات عام 1959 ومقرها داكار.[xlii]
وكالة الأنباء النيجيرية ANA: أنشئت وكالة الأنباء النيجيرية ANA عام 1976 وبدأت العمل بالفعل عام 1978، وتقوم بتوزيع الخدمات الإخبارية للمشتركين أو على أساس التبادل الإخباري.[xliii]
مؤسسة جنوب إفريقيا الصحفية: تأسست مؤسسة جنوب إفريقيا الصحفية عام 1938، ومقرها بريتوريا. وبالإضافة للمؤسسة الوطنية تعمل في جمهورية جنوب إفريقيا وكالات الأنباء الأجنبية التالية: يونيتد برس الأمريكية UPT. أسوشيتد برس AP. وكالة الأنباء الفرنسية AFP. وكالة رويتر الإنجليزية. وكالة الأنباء الإيطالية IPS.[xliv]
جمهورية غانا: تعمل في غانا وكالات الأنباء الأجنبية التالية: أسوشيتد برس، يونايتد برس الأمريكيتين، ووكالة الأنباء الألمانية، ووكالة إتار تاس الروسية، ووكالة أنباء الصين الجديدة.[xlv]
وكالة الأنباء الكينية: تأسست وكالة الأنباء الكينية بعد الاستقلال عام 1963، ومقرها في العاصمة نيروبي.[xlvi]
وكالة الأنباء الإثيوبية: تأسست وكالة الأنباء الإثيوبية "ENA" عام 1963، ومقرها في العاصمة أديس أبابا، ولها الحق بإصدار نشرات أنباء وتقارير صحفية متخصصة اقتصادية واجتماعية للتوزيع بمقابل مادي تحقيقاً لمبدأ التمويل الذاتي. إضافة لمكتب المتحدث الرسمي الذي تم تأسيسه عام 1997. وتعمل في إثيوبيا وكالات الأنباء الأجنبية التالية: وكالة أسوشيتد برس الأمريكية AP؛ وكالة الأنباء الألمانية DAP؛ وكالة الأنباء الفرنسية AFP؛ وكالة أنباء رويترز البريطانية Reuters؛ وكالة الأنباء اليوغسلافية Tan jug؛ وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"؛ وكالة أنباء إيتار تاس الروسية؛ وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية؛ وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية MENA.[xlvii]
وكالة أنباء عموم إفريقيا PANA: تأسست وكالة أنباء عموم إفريقيا PANA في جمهورية السنغال عام 1989 وأعيد تنظيمها عام 92/1993 ومقرها داكار.[xlviii]
وكالة المغرب العربي للأنباء: وكالة المغرب العربي للأنباء: وهي الوكالة الوطنية للأنباء في المملكة المغربية، وتم تأسيسها في نوفمبر/تشرين ثاني علم 1959، ثم تحولت إلى مؤسسة عامة في 19/9/1973 ومقرها الرئيسي في الرباط العاصمة، ولها ثمانية مكاتب إقليمية في المدن الرئيسية، وسبعة عشر مكتباً دولياً في أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وتضم الوكالة أربعة أقسام هي: قسم الإعلان؛ قسم الشؤون المالية والإدارية؛ القسم الفني؛ قسم العلاقات الخارجية. وتصدر الوكالة نشرتين يومياً، ونشرة دورية.[xlix]
الوكالة الموريتانية للإعلام AMT: تأسست الوكالة الموريتانية للإعلام AMT عام 1966، ومقرها نواكشوط العاصمة تحت إشراف وزارة الثقافة والإعلام والبريد والمواصلات. وبالإضافة لوكالة الأنباء الوطنية تعمل في موريتانيا الوكالات الأجنبية التالية: وكالة الأنباء الفرنسية، ووكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".[l]
وكالة الأنباء السودانية: مع تأميم الصحافة السودانية في عام 1970، أنشأت الحكومة وكالة الأنباء السودانية (سونا - SUNA)، لتعمل على التحكم بتدفق الأخبار داخلياً وخارجياً. وبعد صدور قانون وكالة الأنباء السودانية عام 1981، بدأت الوكالة بالابتعاد عن وزارة الثقافة والإعلام لتصبح هيكلاً مستقلاً ومتكاملاً، حتى غدت واحدة من أقوى وكالات الأنباء في القارة الأفريقية بفضل خدماتها المتطورة، حتى أن وكالة أنباء عموم أفريقيا "بانا - PANA" اختارتها مركزاً لها في شرق أفريقيا عام 1985. وبصدور القانون الجديد أصبحت وكالة الأنباء السودانية وكالة وطنية تزود عدد كبير من وكالات الأنباء بالأخبار عبر اتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا – FANA"، ووكالة عموم إفريقيا "بانا - PANA"، ووكالات دول عدم الانحياز. وفي عام 1985 تأسست الوكالة السودانية للصحافة التي يملكها الصحفيون ومقرها الخرطوم. كما وتعمل في السودان وكالات الأنباء الأجنبية التالية: وكالة الأنباء الفرنسية AFP؛ وكالة أنباء الصين الجديدة شينخوا؛ وكالة أنباء الشرق الأوسط MENA.[li]
وكالة الأنباء السعودية: تعتبر وكالة الأنباء السعودية التي أسست عام 1970المصدر الرئيسي للأنباء لوسائل الاتصال والإعلام في المملكة العربية السعودية. ويعمل في الوكالة حوالي 500 موظف أكثرهم من مواطني المملكة.
وكالة أنباء بترا في المملكة الأردنية الهاشمية: هي وكالة الأنباء الحكومية الرسمية تأسست عام 1965 ومقرها في العاصمة عمان. و كانت معروفة باسم وكالة الأنباء الأردنية. ومن 16/8/1980 تحول اسمها إلى وكالة بترا.
جمهورية أوزبكستان: وكالة الأنباء الأوزبكية "أوزا": تأسست وكالة أنباء "أوزا" في عام 1918 كمكتب صحفي لجمهورية تركستان، وخلال عامي 1919 و1920 أصبحت تابعة لوكالة الأنباء الروسية، وفي عام 1934 إلى وكالة آسيا الوسطى التابعة لوكالة تاس. ومن عام 1972 تحولت إلى وكالة "أوزتاغ" وخضعت لإشراف مجلس الوزراء في جمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية. وكانت تقدم خدماتها لحوالي 200 صحيفة تصدر في أوزبكستان. وافتتحت فرعاً لها في نوقوس عاصمة قره قلباقستان المتمتعة بالحكم الذاتي. وكانت "أوزتاغ" توزع يومياً حوالي المليون كلمة عن الحياة في أوزبكستان، وتغطية أنباء الحزب الشيوعي السوفييتي. ووزعت عبر وكالة تاس 1500 كلمة يومياً عن الحياة في أوزبكستان إلى خارج الإتحاد السوفييتي. وبعد استقلال أوزبكستان تحولت بموجب قرار رئيس الجمهورية بتاريخ 5/2/1992 إلى وكالة الأنباء الوطنية "أوزا"، لجمع وتوزيع الأنباء داخل وخارج الجمهورية. وكالة الأنباء الأوزبكية "جهان": تأسست وكالة أنباء "جهان" من أجل توزيع الأنباء الإيجابية عن أوزبكستان بموجب القرار الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 8/11/1995 وهي تابعة لوزارة الخارجية. ويعين مراسلوها في الخارج ضمن السفارة الأوزبكية. المكتب الصحفي لرئيس جمهورية أوزبكستان: تأسس عام 1996 لجمع وتوزيع الأنباء داخل وخارج الجمهورية.
وفي الختام يجب أن نؤكد على ملاحظة هامة مفادها أن معظم وكالات الأنباء الوطنية وخاصة في الدول النامية تتميز بخضوعها التام لسلطة الدولة الموجودة فيها، أو خضوعها للرقابة الصارمة من قبل الدولة التي تمارس نشاطها الإعلامي داخلها.[lii]
اتحادات وكالات الأنباء: وهناك تجمعات لوكالات الأنباء تأخذ إما طابعاً إقليمياً أو قارياً أو منحى سياسياً معيناً أو تخصصاً، مثال: - اتحاد وكالات الأنباء الأوروبية الذي يضم أكثر من 16 بلداً أوروبياً، - واتحاد وكالات الأنباء العربية الذي يضم وكالات أنباء الدول العربية، - واتحاد وكالات الأنباء الإفريقية، الذي يضم وكالات أنباء الدول الإفريقية. - واتحاد وكالات الأنباء الأسيوية، ...وغيرها من التكتلات والتجمعات.
وكالات الأنباء المتخصصة: أما الوكالات المتخصصة فهي التي تقدم خدمات إعلامية في موضوع معين ديني أو رياضي....الخ. أو مواد إعلامية جاهزة للنشر، أو الصور الصحفية، مثال: - وكالة فيدس في الفاتيكان، - وكالة الأنباء الإسلامية، - وكالة جويس تلغرافيك، - وكالة كيوسنون، - وكالة أجيب، - وكالة دلماس، - وكالة إنتربريس، - وكالة فاما. - وتمثل وكالة Opera Mundi مصالح: King's Features Syndicate americain في أوروبا، وهي من أقدم الوكالات الصحفية المتخصصة في تقديم النصوص الصحفية الجاهزة في العالم، وكان قد أنشأها بول وينلكار عام 1928، لتوزع المقالات بلغات العالم المختلفة عن الأحداث الهامة، ومقالات عن الشخصيات الكبيرة في العالم، واستطلاعات صحفية مصورة. وتتميز هذه الوكالات المتخصصة بفهمها العميق لأذواق الجمهور، وميوله العلمية والاقتصادية والثقافية والفنية.
وفي الختام يجب أن نؤكد على ملاحظة هامة مفادها أن معظم وكالات الأنباء الوطنية في الدول النامية تتميز بخضوعها التام لسلطة الدولة الموجودة فيها، أو خضوعها للرقابة الصارمة من قبل الدولة التي تمارس نشاطها الإعلامي داخلها.[liii] وكانت وكالات الأنباء العالمية ولم تزل من المصادر الإعلامية الهامة التي تعتمد عليها بشكل أساسي وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية للحصول على المواد الإعلامية المختلفة وخاصة آخر الأنباء عما يجري حولنا من أحداث في العالم العاصف دائم التغير. وتدخل وكالات الأنباء في إطار التبادل الإعلامي الدولي كجزءٍ من سياسات القوة التي تعتمد عليها الدول الكبرى والدول المتقدمة لتحقيق بعض أهداف سياساتها الخارجية والدفاع عن مصالحها الحيوية في أنحاء العالم المختلفة.
وكان من الطبيعي أن تهتم وكالات الأنباء العالمية وتدعم خط السياسة الخارجية للدول التي تنتمي إليها منذ ظهور أولى وكالات الأنباء في القرن التاسع عشر، وهي وكالة أنباء هافاس التي دعمت الخط السياسي للحكومة الفرنسية، ووكالة أنباء رويتر لخط السياسة الخارجية البريطانية، ووكالة أنباء وولف لخط السياسة الخارجية الألمانية.
وكان دعم السياسات الخارجية للدول التي تنتمي إليها تلك الوكالات من أسباب انهيار الاحتكار الدولي للسوق العالمية الذي اقتسمته تلك الوكالات إثر غياب وكالة وولف مع هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية، وإحراق وكالة أنباء هافاس لاتهامها بالتفريط بالمصالح القومية الفرنسية وتعاونها مع المحتل النازي، لتحل مكانها وكالة الأنباء الفرنسية AFP كوكالة أنباء دولية بارزة، بينما استمرت وكالتي رويترز البريطانية، والأسوشيتد بريس الأمريكية في العمل. وظهرت وكالة الأنباء السوفييتية تاس TASS، كوكالة أنباء دولية من نمط خاص، تغير اسمها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق إلى وكالة إتار تاس الروسية وتحولت فروعها في الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفييتي السابق، إلى وكالات وطنية للأنباء في تلك الدول.
ومن هنا نرى أنه إضافة للاحتكار وتوزيع مناطق النفوذ في عملية التبادل الإعلامي الدولي، فإن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، تحرص على نقل وتوزيع الأخبار والتعليقات والتحليلات السياسية والاقتصادية والعسكرية من منظور مجموعة المصالح التي تمثلها، أخذة مصالحها السياسية والاقتصادية الخاصة بها بعين الاعتبار. وهذه معضلة تعاني منها الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة، المضطرة لاستخدام ما يصلها من المصادر الإعلامية الدولية، متأثرة بمواقفها.
وهو ما فسر محاولات بعض الدول الأقل تطوراً والدول النامية، للتكتل عالمياً وإقليمياً لإنشاء وسائل إعلام جماهيرية قوية، يمكن أن تخلصها من هيمنة واحتكار وسائل الاتصال ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، لجمع ونقل وتوزيع ونشر الأنباء عالمياً. كمجمع وكالات أنباء دول عدم الانحياز الذي كان يضم في عهده الزاهر دولاً متقاربة في التطلعات وفي الآمال العريضة، بتجمع يأخذ باعتباره دول العالم الثالث فيرعى مصالحها ويذود عن حقوقها، ويكسر احتكارات الدول الكبرى وسيطرتها على تدفق الأخبار على النحو الذي يرضي احتكاراتها تلك، ويلبي بواعث سطوتها العسكرية ومصالحها الاقتصادية. وبرغم الآمال التي علقت على ذلك التجمع وما كان يميزه من تقارب التطلعات والمساعي إلا أنه لم يتمكن من مواجهة الوكالات الكبرى ولا استطاع أن يعدل مسار التدفق الإعلامي غير المتوازن، فظلت الأخبار تصب من الشمال الغني المتطور إلى الجنوب الفقير فتغرقه بمواقفها وتثير فيه الفتن الدينية والعرقية والقومية.
الفصل الرابع: الصحافة الدولية المطبوعة. تعد الصحف والمجلات الدولية وسيلة هامة من وسائل التبادل الإعلامي الدولي، نظراً للإمكانيات الهائلة التي تملكها. سواء أكانت تلك الإمكانيات تقنية أم بشرية، أم مالية. إضافة للعدد الضخم من النسخ التي تصدرها وتوزعها في مختلف دول العالم، وما يترتب عن هذا التوزيع من نتائج ثقافية وسياسية لصالح الدول المصدرة داخل الدول المستوردة.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، يلاحظ أن متوسط توزيع الصحف اليومية ذات الاهتمامات العامة يزيد عن 59 مليون نسخة. وتذكر بعض المراجع إلى أن أوروبا تستهلك 38% من الصحف اليومية العالم، وأن أمريكا الشمالية تستهلك 23% من تلك الصحف، وأن القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تستهلك حوالي 26% من الصحف اليومية الدولية على الرغم من أن سكان هذه القارات يشكلون 70% من سكان العالم.[liv]
ومن الصحف الدولية البارزة في الولايات المتحدة الأمريكية: صحيفة نيويورك تايمز New York Times؛ صحيفة واشنطن بوست Washington Post؛ صحيفة شيكاغو تريبيون Chicago tribune؛ صحيفة نيويورك ديلي نيوز New York Daily News. ومن الصحف البريطانية: صحيفة تايمز The Times؛ صحيفة غارديان The Guardian؛ صحيفة فايننشال تايم Financial Time؛ صحيفة صنداي تايمز The Sunday Times. ومن الصحف الفرنسية: صحيفة لوموند Le Mondde؛ صحيفة لورور L'aurore؛ صحيفة لوفيغارو Le Figaro. إضافة إلى صحيفة إنترناشيونال هيرالد تربيون التي أنشأت عام 1887م وتصدر في باريس، إلى جانب إصدارها من قبل صحيفة النيويورك تايمز، وصحيفة واشنطن بوست في الولايات المتحدة الأمريكية. وجريدة العرب الدولية: الشرق الأوسط ASHARQ AL-AWSAT التي تصدر من لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية للأبحاث والتسويق البريطانية المحدودة. وتوزع في أنحاء العالم، وتطبع في وقت واحد في كل من: الظهران، والرياض، وجدة، في المملكة العربية السعودية. والكويت، والدار البيضاء، والقاهرة، وبيروت، وفرانكفورت، ومرسيليا، ولندن، ونيويورك. وتنقل عبر شبكة الإنترنيت الدولية. ومن المجلات الدولية البارزة في الولايات المتحدة الأمريكية: مجلة تايم Time؛ مجلة نيوزويك News Week. ومن المجلات الفرنسية: مجلة باري ماتش؛ مجلة إكسبريس Express. ومن المجلات البريطانية: مجلة إيكونوميست Economist إضافة للمجلات الدولية المتخصصة بمنطقة معينة من العالم كمجلة أفريكا AFRICA التي تصدر في لندن، ومجلة جون أفريك التي تصدر في باريس. وتوزع هذه الصحف والمجلات على نطاق عالمي واسع، إذ يبلغ عدد ماتوزعه مجلة تايم الأمريكية وحدها حوالي 6,5 مليون نسخة، ومجلة نيوز ويك 2,5 مليون نسخة، ومجلة إكسبريس الفرنسية 433,000 نسخة.[lv] وعلى سبيل المثال نورد تفاصيل توزيع مجلة تايم الأمريكية متعددة الطبعات واسعة الانتشار في العالم، لعام 1968:[lvi] الولايات المتحدة الأمريكية 3,500,000 نسخة؛ كـنـدا 370,000 نسخة؛ المحيط الأطلسي (1) 280,000 نسخة؛ المحيط الأطلسي (2) 210,000 نسخة؛ القارة الأوروبية 205,000 نسخة؛ قارة آسيا 95,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (2) 90,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (3) 80,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (5) 80,000 نسخة؛ أستراليا 80,000 نسخة؛ الجزر البريطانية 70,000 نسخة؛ كـويـبـيــك 70,000 نسخة؛ الشرق الأدنى وإفريقيا 70,000 نسخة؛ السوق المشتركة 66,000 نسخة؛ شرق آسيا 60,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (4) 60,000 نسخة؛ جنوب شرق آسيا 50,000 نسخة؛ البحر الكاريبي 45,000 نسخة؛ الطبعة العسكرية (ما وراء البحار) 40,000 نسخة؛ كولومبيا (البريطانية) 38,000 نسخة؛ الطلبة في كندا 30,000 نسخة؛ الطبعة العسكرية (آسيا) 30,000 نسخة؛ نيوزيلانـده 30,000 نسخة؛ الـهـنــد 25,000 نسخة؛ جنوب إفريقيا 22,000 نسخة؛ اسكندينافيا 20,000 نسخة؛ البرازيل 18,000 نسخة؛ الـشــرق الأدنى 18,000 نسخة؛ أيرلندا 15,000 نسخة؛ إسرائيل 13,000 نسخة؛ الـفلبين 13,000 نسخة؛ جنوب المحيط الهادي 11,000 نسخة؛ اليـابـان 10,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (1) 10,000 نسخة؛ المكسيك 10,000 نسخة؛ الطبعة العسكرية (المحيط الأطلسي) 10,000 نسخة.
وتعتبر الصحف والمجلات الدولية الواسعة الانتشار، من الوسائل الفاعلة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول التي تؤثر عليها بأي شكل من الأشكال، كما وتعتبر من الوسائل التي تلجأ إليها مختلف المؤسسات والجماعات للاستفادة من خدماتها في تحقيق أغراضها الثقافية والسياسية والاقتصادية المختلفة. وعلى سبيل المثال: فإن الصحف والمجلات الأمريكية، تعد نتاجاً للنظام الأمريكي بكل جوانبه، وتعكس صورة هذا النظام وتؤثر وتتأثر به، وتساعد السياسة الخارجية الأمريكية على تحقيق أهدافها عن طريق العمل ضمن إطار المصالح الأمريكية في العالم، والدعوة لهذه المصالح، وتغطية أنباء مختلف فعاليات السياسة الخارجية الأمريكية على نطاق عالمي واسع، وتختار لذلك اللغة المفهومة للجمهور الإعلامي، والأسلوب والمنطق الإعلامي المقبول لدى الجمهور الذي تتوجه إليه. بينما أدى تركز السلطة الإعلامية في بريطانيا خلال الثمانينات من القرن العشرين إلى خلق تيار عالمي، أصبحت معه الصحف البريطانية والمصالح الإعلامية البريطانية في حالات كثيرة، مجرد مخافر حراسة متقدمة للإمبراطوريات الإعلامية على نطاق عالمي.
ومثلت صحف مردوخ البريطانية الخمس على سبيل المثال: جزءاً من سلسلة صحف تمتد على محور شمالي - جنوبي مابين لندن وأديلاند، وعلى محور شرقي - غربي مابين بودابست وبوسطن. لتتبلور إمبراطورية إعلامية كبرى تشمل شركة تونتيياث سنتشري فوكس السينمائية الأمريكية الضخمة، وشبكة فوكس TV التلفزيونية الأمريكية، ومحطة بي سكاي بي الأوروبية التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية، ودار هاربر كولينز الكبرى للنشر في بريطانيا، ودار هاربر إند رو في الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة مجلات ترتينغل واسعة الانتشار الجماهيري في الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة لسيطرة إمبراطوريتين إعلاميتين مركزهما في كندا على تلغراف، وصنداي تلغراف، ومجموعة طومسون الصحافية في بريطانيا. بينما دخلت مجموعة ميرور البريطانية ضمن مجموعة كبرى للاتصال تضم شركة TVA التلفزيونية الفرنسية، ومحطة MTV التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية، ودار بير غامون البريطانية لنشر الكتب، ودار ماكميلان لنشر الكتب في الولايات المتحدة الأمريكية، ويسيطر عليها ماكسويل مجتمعة.[lvii] وأدت الاندماجات في الصحافة البريطانية إلى خلق مصالح أساسية، ومصالح إعلامية أخرى، ومصالح غير إعلامية متعددة في عدد من الدول لكل من التجمعات التالية:
مجموعة بير غامون هولدنغ فوندايشن التي يسيطر عليها ماكسويل، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي ميرر، وصنداي ميرور، وصنداي بيبل، وديلي ريكورد، وصنداي ميل التي توزع بمجموعها 10,5 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في بريتش كابل سيرفيسز TFA في فرنسا، وببر غامون بريس في بريطانيا، ومريل بابليشينغ، وماكملان في الولايات المتحدة الأمريكية، وماغيار هيرلوب في هنغاريا. ومصالح غير إعلامية في أي. جاي. أرنولد للأثاث، وهوليس بلاسنيكس، وبولتون إنفستمانتس في بريطانيا، وجيت فيري إنترناشيونال في باناما، وميلثورب ماشينري في أوستراليا.
مجموعة نيوز كوربوريشن التي يسيطر عليها مردوخ، ولها مصالح صحافية أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: صن، نيوز أوف ذي وورلد، ذي تايمز، صنداي تايمز، توداي التي توزع بمجموعها 11,5 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في بي سكاي بي، وهاريير كولينز في فونتانا، وتشانيل تين في سيدني، وهيرالد إند ويكلي تايمز غروب في أوستراليا، وفوكس TV، وهاربر إند رو في الولايات المتحدة الأمريكية. ومصالح غير إعلامية في أنسيت ترانسبورت، وسانتوس للغاز الطبيعي، ونيوز إيغل لتصدير النفط في أوستراليا، وسنود لاند فايبرز، وايتفرايرزر إنفستمانت في بريطانيا.
مجموعة يونايتد نيوز بابيرز التي يسيطر عليها ستيفنز، ولها مصالح صحفية أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي إكسبريس، صنداي إكسبريس، ديلي ستار، يونايتد بروفيشنال نيوز بايبر، يونايتد ماغازينز، مورغان غرامبيان ماغازينز التي توزع بمجموعها 5,6 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في TV-M، وآجيان بيزنسبرس في سنغافورة، وسبيشاليست بوبليكايشنز في هونغ كونغ، وكابيتال راديو في بريطانيا، وإنترميديا غروب في الولايات المتحدة الأمريكية. ومصالح غير إعلامية في جاي. بي. أس. بروبارتيز، وإم جي إنشورنس، ومونكروفت فايننس في بريطانيا، وب. ر. ن. هولدينغز، وديفيد ماكّاي إنشورنس في الولايات المتحدة الأمريكية.
مجموعة ريد غروب التي لها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: أي. بي. سي ماغازينز، أي. بي. سيبيزنس برس، ريد ريجونال ببليشنغ التي توزع بمجموعها 500,000 نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في بترورث البريطانية، وأ. بي. سي بيزنس برس في الولايات المتحدة الأمريكية، وتريد نيوز آجيا في سنغافورة، ويوروبيان دو بوبليكاسيون أس. أ. في فرنسا. ومصالح غير إعلامية في ريد فايننس بجنوب إفريقيا، وريد كانديان هولدينغز ببريطانيا، و و. ب. م فايننس في بيرمودا.
مجموعة أسوشيتد نيوز بايبرز التي يسيطر عليها روثرمير، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي ميل، ميل أون صنداي، ويك إند، نورثكليف نيوز بايبرز التي توزع بمجموعها 5,3 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في لندن برودكاستنغ كومباني في بريطانيا، وهيرالد-صن TV في أوستراليا، وإسكواير ماغازين غروب في الولايات المتحدة الأمريكية. ومصالح غير إعلامية في بوفيري إنفستمانتس، وكونسوليدايتد باثورست في كندا، وترانسبورت غروب هولدينغز، وجيتلينك فيريز في بريطانيا.
مجموعة ذي ثومسون كوربوريشن، التي لها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ثومسون ريجينال نيوزبايبر، سكوتمان، ويسترن ميل، بيلفاست تلغراف التي توزع بمجموعها 1,5 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في ثومسون داتا ببريطانيا، و41 صحيفة يومية في كندا، و121 صحيفة يومية في الولايات المتحدة الأمريكية، وراوتليدج في بريطانيا. ومصالح غير إعلامية في ثومسون نورث سي، وثومسون ترافيل في بريطانيا.
مجموعة بيرسون التي يسيطر عليها كاودراي، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ويستمنستر برس غروب، وفايننشيال تايمز، ذي إكونوميست، نورثرن إيكو التي توزع بمجموعها 1,1 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في إلسيفيا بفرنسا، وبنغوين في بريطانيا، ويوركشاير TV N.A.L. في الولايات المتحدة الأمريكية، و بريتش سكاي برودكاستنغ في بريطانيا. ومصالح غير إعلامية في ميدهيرست كوربوريشن في الولايات المتحدة الأمريكية، ولازارد بارتنرز، ورويال دولتون في بريطانيا، وكامكو إنترناشيونال في الولايات المتحدة الأمريكية.
مجموعة لونرهو التي يسيطر عليها رولاند، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: أوبزرفر، جورج أوترام إند كومباني، سكوتيش إند يونيفرسال نيوز بايبر التي تصدر بمجموعها 1,3 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في راديو كلايد، وبوردر TV في بريطانيا، وراديو ليمتد، وتايمز نيوز بابير في زامبيا، ميلودي ركوردس في زيمبابوي. ومصالح غير إعلامية في وايت إند ماكامي فرستيل غروب في بريطانيا، وكونسوليدايتد هولدينغز في كينيا، وكونتراكشن أسوشيتد في زيمبابوي، هـ. س. س. إنفستمانتس في جنوب إفريقيا.
مجموعة هولينغر التي يسيطر عليها بلاك، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي تلغراف، صنداي تلغراف التي توزع بمجموعها 1,8 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في سترلينغ نيوز بايبر غروب بكندا، وتي. جي. إند كاي برس ميديا في الولايات المتحدة الأمريكية، وستاندرد برودكاستنغ كوربوريشن في كندا. ومصالح غير إعلامية في هانّا في الولايات المتحدة الأمريكية، ورافلستون هولدينغز في كندا، ونورسن أنيرجي في بريطانيا، وريسورسز في كندا.
وهذه التجمعات التي تعنى بالاتصال والإعلام أساساً، تنمو الآن بوتيرة متسارعة، الأمر الذي تعززه تطورات ثلاثة هي: صعود بث الإذاعة المرئية عبر الأقمار الصناعية وشبكات الدارات المغلقة عبر الكابلات؛ وانتقال أعمال الإذاعة إلى القطاع الخاص؛ وتراخي قوانين التملك الإعلامي المتقاطع على يد بعض الحكومات الديمقراطية واليمينية على حد سواء، مما سمح للأقطاب المسيطرة على وسائل الاتصال والإعلام البريطانية أن يصبحوا لوردات (القرية الكونية -Global Village غلوبال فيليجي).
والجدير بالذكر أن سائر الصحف والمجلات الدولية تختار لغتها من بين أكثر اللغات انتشاراً في العالم بسبب المواريث الاستعمارية والعوامل التاريخية التي ساعدت على انتشار تلك اللغات في أنحاء واسعة من الكرة الأرضية، كاللغة الإنكليزية على وجه الخصوص واللغات الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والإيطالية. وفي بعض الأحيان إحدى اللغات القومية كالصينية أو العربية أو الفارسية أو التركية ... وغيرها من اللغات الحية في الإعلام الموجه لتلك الشعوب تحديداً، لمخاطبة القارئ باللغة والأسلوب الذي يفهمه دون أية عراقيل تذكر.
نشأة وتطور الصحافة الدولية: في عام 1450م تمكن ميانكيس Mayencas، وجوهان جنسفليش Johann Gensfleish، الملقب بغوتينبرغ Gutenberg، وجوهان فوست Johann Fust، وبيتر شوفير Peter Shoeffer، من التوصل إلى اختراع يعتبر الأساس لنشأة الطباعة الحديثة، وهي الطباعة على الحروف المنقوشة على مادة مصنوعة من الخشب أو الحجر أو الحديد، والذي عرف بالتيبوغرافية. وكان هذا الاختراع لاحقاً من أسباب ظهور أولى الصحف الدورية في القارة الأوروبية، حيث ظهرت في: براغ وإنفسبورغ عام 1597م؛ دانيفر عام 1605م؛ بال عام 1610م؛ فيينا وفرانكفورت عام 1615م؛ هامبورغ عام 1616م؛ برلين عام 1617م؛ لندن عام 1622م؛ باريس عام 1631م؛ واستمرت هذه الدوريات في التطور والانتشار إلى أن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في المجتمع الأوروبي.[lviii] ففي:
المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلاندا الشمالية: أخذت الصحافة مكانة كبيرة في المجتمع البريطاني على الرغم من الرقابة والضغوط الحكومية عليها، حيث أصدر البرلمان الإنكليزي أول نظام للتأليف عام 1662م شدد فيه الرقابة على المطبوعات وفرض شرط الحصول على ترخيص مسبق لإصدار أي مادة مطبوعة، ومنع نشر ما يدور في جلسات البرلمان من مناقشات في الصحف. ولكن سرعان ما ألغى البرلمان هذا النظام عام 1695م، تحت ضغوط الصحافة الإنكليزية التي دافعت بشدة عن حريتها. وشهدت الفترة اللاحقة ظهور صحف إنكليزية كثيرة، نذكر منها: صحيفة ديلي، وهي أول صحيفة إنكليزية يومية صدرت عام 1702م واستمرت في الصدور حتى عام 1704م؛ وأول المجلات الأسبوعية، التي أصدرها دانيال ديفو عام 1704م؛ ومجلة تاتلير التي أصدرها كلاً من أديسون وأستيل عام 1709م. وظهرت أولى الصفحات السياسية في الصحف الإنكليزية عام 1771م بعد السماح للصحافة الإنكليزية بنشر التعليقات على جلسات البرلمان. وفي نفس الفترة بدأت بالظهور الصحف التي تعتبر أمهات الصحف الصادرة حالياً في بريطانيا، حيث ظهرت: صحيفة ديلي العالمية عام 1785م، التي أسسها جون والتير، واستقرت بعد ذلك على اسم تايمز عام 1788م، لتصبح من أكبر الصحف البريطانية اعتباراً من عام 1803م وحتى الآن.[lix]
كما ويعتبر البريطانيون اليوم من أكثر سكان العالم قراءة للصحف استناداً لتقارير اليونسكو التي نشير إلى أن نسبة عدد نسخ الصحف لكل ألف مواطن بريطاني تبلغ 488 نسخة، وأن ما يصدر في بريطانيا من صحف هو أكثر من 125 صحيفة يومية، وكلها تصدر ملاحق أسبوعية أيام الأحد، علاوة عن الصحف المتخصصة، وحوالي 1200 صحيفة محلية أغلبها أسبوعي، منها 145 صحيفة تصدر في لندن الكبرى وحدها.[lx] نشرت كلها 25,338,000 نسخة من الصحف اليومية، و26,837 مليون نسخة من صحف يوم الأحد، إضافة إلى 13,423 مليون نسخة من الصحف الأسبوعية خلال عام 1969، ومن بحث نشرته صحيفة Daily Express ديلي إكسبريس عام 1971م تبين أن كل 1000 راشد يقرؤون 181 صحيفة يومية وطنية.[lxi]
وتعتبر بريطانيا العظمى أول دولة في العالم اعترفت بحرية الصحافة عندما ألغت الرقابة على الصحف عام 1695م، وقامت بإنشاء مجلس للصحافة عام 1953 للمحافظة على حرية الصحافة، ويتكون هذا المجلس من: رئيس مستقل من خارج المؤسسات الصحفية؛ و20 عضواً يمثلون الجمعيات الصحفية البريطانية، أغلبهم من ممثلي هيئات تحرير الصحف؛ و5 أعضاء يمثلون القراء؛[lxii]
ولجأت الصحف البريطانية إلى إنشاء التجمعات Trust تروست لضمان استقلالها وتدعيم سلطتها، ومن هذه التجمعات الصحفية: تجمع سكوت تروست Scott Trust الذي يصدر صحيفة Guardian غارديان؛ وتجمع أوبزيرفر تروست Observer Trust الذي يصدر صحيفة Observer أوبزرفر؛ وتجمع بيوفر بروك Beaverbrook الذي يملك 51% من أسهم شركة بيوفر بروك نيوز بيبر ليمتد Beaverbrook Newspaper Ltd التي تصدر Daily Express ديلي إكسبريس، و Sunday Express صانداي إكسبريس، وEvening standard إيفينينغ ستاندرد (Glasgow). ويعمل هذا التجمع من خلال توجيهات اللورد بيوفر بروك، القاضية بمساندة سياسة الإمبراطورية البريطانية، ويحرص على تعيين الأشخاص المؤيدين لهذه السياسة فقط لإدارة المؤسسات الصحفية التابعة له.[lxiii] وقد رفعت التجمعات الصحفية الكبرى حصتها في مجمل سوق الصحف اليومية والأسبوعية، خلال الفترة الممتدة مابين 1947 - 1988 إلى أكثر من الثلث تقريباً. مما سمح لثلاثة من أباطرة الصحافة البريطانية، وهم: مردوخ وماكسويل وستيفنز بالسيطرة عام 1988 على 57% من مجموع التوزيع اليومي والأسبوعي للصحف البريطانية. وأدى تطور التركيز والتجمع في الصحافة إلى بروز اتجاه متزايد نحو السيطرة على صناعات وقت الفراغ. أصبحت معه خمس شركات في قطاعات الإعلام تسيطر في أواسط الثمانينات على ما يقارب 40% من مبيعات الكتب و 45% من عمليات الإرسال من محطة A TV التلفزيونية، ... الخ، والجدول التالي يوضح تركز الملكية الإعلامية البريطانية في أواسط الثمانينات من القرن العشرين:[lxiv]
حصص الشركات الكبرى في قطاعات إعلامية مختارة: برامج A TV ( عمليات الإرسال ) 45,5%؛ اليوميات الوطنية ( توزيع يومي ) 95%؛ ( توزيع أسبوعي ) 92%؛ يوميات وطنية ومحلية ( توزيع ) 75%؛ أسبوعيات وطنية ومحلية ( توزيع ) 91%؛ كتب (مبيع ) 40%؛ اسطوانات ( مبيع ) 58%؛ اسطوانات L B وشرائط تسجيل وكومباكت ديسك 60%؛ إيجار شرائط فيديو 66%.
أهم الصحف اليومية البريطانية: تصدر جميع الصحف اليومية الوطنية البريطانية في لندن، عدا صحيفة غارديان Guardian فتصدر من لندن ومانشستر في آن معاً. ويتراوح عدد صفحاتها مابين 14 و32 صفحة. وكان متوسط عدد نسخ أهم الصحف اليومية والأسبوعية الوطنية البريطانية عام 1971م كالتالي: الصحف اليومية الوطنية الصباحية: ديلي ميرور Daily Mirror 4,703,804 نسخة؛ ديلي إكسبريس Daily express 3,435,000 نسخة؛ صان Sun 2,080,000 نسخة؛ ديلي ميل Daily mail 2,035,169 نسخة؛ ديلي تلغراف The Daily Telegraph 1,454,581 نسخة؛ تايمز The Times؛ غارديان The Guardian 327,897 نسخة؛ فاينانشال تايم Financial Time 167,500 نسخة؛ سبورتينغ خرونيكال Sporting Chronicle 79,727 نسخة؛ سبورتينغ لايف Sporting Life 87,519 نسخة؛ مورنينغ ستار Morning Star 52,000 نسخة. الصحف اليومية الوطنية المسائية: إفنينغ نيوز Evening news؛ إفنينغ ستاندارد Evening Standard (1969) 560,596 نسخة. صحف الأحد: نيوز أوف ذي ورلد News of the world 6,173,000 نسخة؛ بيبول The People 4,941,738 نسخة؛ صنداي ميرور Sunday Mirror 4,686,564 نسخة؛ صنداي إكسبريس Sunday express 4,167,000 نسخة؛ صنداي تايمز The Sunday Times 1,432,946 نسخة؛ أوبزيرفر The Observer 801,000 نسخة؛ صنداي تلغراف Sunday telegraph 751,673 نسخة؛ وقد أشار الباحث الفرنسي رولان كايرول إلى أن الصحافة البريطانية تعاني من ركود وتراجع في أعداد نسخها الصادرة منذ ستينات القرن العشرين، وهذا الأمر شمل الصحف المتخصصة والشعبية على حد سواء.
وفي استطلاع أجرته صحيفة فايننشل تايمز عام 1971 تبين أن عدد قراء الصحف البريطانية يزيد عن عدد النسخ الصادرة من كل عدد، والتالي يوضح الفرق بين عدد النسخ الصادرة وعدد القراء استناداً للاستفتاء لمذكور:[lxv] ديلي ميرور 4,380,470 نسخة؛ 13,925,000 قارئ أو 318%؛ ديلي إكسبريس 3,435,000 نسخة؛ 9,857,000 قارئ أو 287%؛ صن 2,080,000 نسخة؛ 7,074,000 قارئ أو 340%؛ ديلي تلغراف 1,454,581 نسخة؛ 3,594,000 قارئ أو 247%؛ تايمز 1,153,000 قارئ؛ نيوز أوف ذي ورلد 6,173,000 نسخة؛ 16,258,000 قارئ أو 263%؛ بيبول 4,941, 738 نسخة؛ 14,840,000 قارئ أو 300%؛ صنداي ميرور 4,686,564 نسخة؛ 13,793,000 قارئ أو 294%؛ صنداي إكسبريس 4,167,000 نسخة؛ 10,734,000 قارئ أو 258%.
الهوامش:
[i] د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 365 - 366. ود. شمس الدين الرفاعي: تاريخ الصحافة السورية، ج1، العهد العثماني. دار المعارف بمصر، القاهرة 1969. ص 17-24. ود. أحمد جاد الله شلبي: تاريخ التربية الإسلامية. مطبعة دار الكتب، القاهرة. ص 150 وما بعدها. ود. خليل صابات: تاريخ الطباعة في الشرق العربي. ص 34 وما بعدها. وجرجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية، ج4 . مطبعة دار الهلال. ص 11. و
- William L: Rivers and Wilbur Schramm, Responsibility Mass Communication. New York, Harper & Row, 1969. p. 6
[ii] W. Schramm: One Day In the World's Press. pp. 3 – 6؛ - Harry Goldstein: " Reading and Listening Comprehension at Various Controlled Rates " ( N.Y.: Teachers College, Columbia University Bureau of Publications, 1940).
[iii] P. Lazarsfeld: Radio and the printed Page. ( N.Y.: Duel Sloan and Pearce, 1940); - Lazarsfeld et al: The People's Choice, McGhee, New strategies for Research in the Mass Media.( N.Y.: Bureau of Applied Social Research, Columbia University 1953); - Leo Bogart: the Age of Television. ( N.Y.: Frederick Unger, 1956 ).
[iv] رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984، ص81.
[v] نفس المصدر السابق. ص 81 - 85.
[vi] د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 368 - 369. و
- H. Blumer: Movies and Conduct. ( N.Y.: the Macmillan Company 1933); - W. Charters: Motion Pictures and Youth. (N. Y.: Macmillan 1933); - Doob, Propaganda: Its Psychology and Technique. (N.Y.: Henry, Holt and Company 1935)
[vii] د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 355.
[viii] Schramm: " Communication Development and the Development Process," in Lucian Pye (ed) Communication and Political Development. (N. J.: Princeton University Press 1963).
[ix] د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 356 -357. و
- Alan Hancock: Mass Communication (London, Longmans, 1966) pp. 1-4.
[x] جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية 1/7/1997.
[xi] د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص18.
[xii] حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983. ص 9-10.
[xiii] جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972. ص 82.
[xiv] ترتكز نظرية الحرية على الإيمان المطلق بالإنسان، على عكس نظرية السلطة المطلقة التي تنظر إلى الإنسان على أنه جزء من المجتمع تنحصر قيمته وفقاً لفهم السلطة. بحيث كان مذهب الحرية يرى أن سعادة الفرد هي الغاية من وجود المجتمع، بينما يرى أنصار مذهب السلطة المطلقة أن سعادة المجتمع هي الغاية من وجود الفرد حتى وإن كانت تلك السعادة على حساب حياته الخاصة.
[xv] أنظر نص الإعلان في مجلة الإعلام العربي ( الأليسكو) العدد 2 ديسمبر/كانون الأول 1982. ص 171 وما بعدها.
[xvi] د. جبار عودة العبيدي، و هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 21-23.
[xvii] UNESCO: Final Report. Intergovernmental Conference on Communication in Latin American & the Caribbean. San Jose Costa July 1976. p. 23.
[xviii] د. جبار عودة العبيدي، وهادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 29-31.
[xix] UNESCO: World Trends of News Agencies, in International Communication Media, Channels, Functions Edited by Heinz Dietrich Fischer and John C. Merrill. New York, Hastings House Publishers, 1970, pp. 57-65.
[xx] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر 1984. ص 101- 102.
[xxi] أنظر: نفس المصدر. ص 102؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية. القاهرة 1990. ص 110؛ ود. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. الجزء الأول، الصحافة اليومي. دار النجاح. بيروت 1972. ص80.
[xxii] أنظر: - رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 105؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 110؛ وتقارير خاصة عن وكالات الأنباء. وزارة الإرشاد القومي، القاهرة.
[xxiii] كانت الجزائر آنذاك تحت الاحتلال الفرنسي.
[xxiv] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 105-106.
[xxv] أنظر: نفس المصدر. ص 103-106، 568-569؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 111.
[xxvi] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 103-106، 568-569؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 111؛ وهيرمان ماين: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية ألمانيا الاتحادية. كوللوكيوم، ألمانيا 1996، ص 128-130. (باللغة الروسية)
[xxvii] أنظر: د. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. ج1، الصحافة اليومية. دار النجاح، بيروت 1972. ص 81-82؛ ورولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 107.
[xxviii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 107-108.
[xxix] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 107.
[xxx] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 104 – 108؛ ود. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. الجزء الأول- الصحافة اليومية. دار النجاح، بيروت 1972. ص 84-85؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 108-109.
[xxxi] أنظر:
- Charles R. Wright: Mass Communication, A Sociological Perspective, New York, Random House. 1959. pp. 26-34.
[xxxii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 544-546.
[xxxiii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 607-609.
[xxxiv] أنظر: نفس المصدر. ص 596.
[xxxv] أنظر: كوريا أرقام وحقائق. الخدمات الإعلامية لجمهورية كوريا، سيؤول 1993. ص 118-119.(باللغة الروسية)
[xxxvi] أنظر: موسوعة الجيب. موسكو: 2000. ص 219.
[xxxvii] أنظر: موسوعة الجيب. موسكو: 2000. ص 220.
[xxxviii] نفس المصدر.
[xxxix] نفس المصدر السابق.
[xl] نفس المصدر السابق.
[xli] أنظر: الكتاب السنوي 1995. وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة 1996. ص 380-382.
[xlii] معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/2001/ العدد الرابع. ص 154-155.
[xliii] معلومات أساسية عن جمهورية نيجيريا الاتحادية. مجلة آفاق أفريقية، صيف 2000/ العدد الثاني. ص 171.
[xliv] معلومات أساسية عن جمهورية جنوب إفريقيا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2001/ العدد السادس. ص 166 - 183.
[xlv] جمهورية غانا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/ العدد الثالث. ص 194-202.
[xlvi] معلومات أساسية عن جمهورية كينيا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، ربيع 2000 العدد الأول. ص 153-166.
[xlvii] معلومات أساسية عن جمهورية إثيوبيا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2001/2002 العدد الثامن. ص 134.
[xlviii] معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/2001/ العدد الرابع. ص 154-155.
[xlix] معلومات أساسية عن المملكة المغربية. القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، ربيع 2001/ العدد الخامس. ص 142.
[l]معلومات أساسية عن جمهورية موريتانيا . القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، ربيع 2002/ العدد التاسع. ص 142.
[li] معلومات أساسية عن جمهورية السودان. القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، صيف 2002/ العدد العاشر. ص 154.
[lii] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 112.
- رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 111-113.
[liii] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 112؛ ورولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 111-113.
[liv] إنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 115. و
-UNESCO: The Structure of the World's Press, in International Communication Media, Channels, functions, op. cit., p. 271.
[lv] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 116. و
- Heinz - Dietrich fischet and John C. Marrill: The International Situation of Magazines, in International Communication. Media Channels, Functions. op. cit., pp. 306-307.
[lvi] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية. القاهرة 1990. ص 116-118.
[lvii] أنظر: جيمس كورّان، و جين سيتون: السلطة من دون مسؤولية: الصحافة والإذاعة في بريطانيا. ترجمة: حازم صاغية. المجمع الثقافي، أبو ظبي. الطبعة الأولى 1993. ص 150-141؛ ومن يملك ماذا؟ 1988؛ وتقارير الشركات: التقرير السنوي للمجلس الصحفي 1990؛ وعزت السيد أحمد: العولمة وإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي. مجلة المعرفة (السورية)، 1998 العدد: 416. ص 78-94. و
- Nizar Al-Khatib: British Airways and American Airlines Strategic. MA in Business and Management. East London Business Scholl. 1997. p. 61. - James W. Botkins, Jana B. Matthews; Winning Combinations. John Wiley & Sons, Inc. New York. 1993. p. 73. - Burnard Burnes; Manging Cahge. Pitman Publishing. London. 1992. p. 65.
[lviii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 29-32.
[lix] أنظر: نفس المصدر. ص ص 32-34.
[lx] أنظر: نفس المصدر. ص 499.
[lxi] أنظر: نفس المصدر. ص 500.
[lxii] أنظر: نفس المصدر. ص 501.
[lxiii] أنظر: نفس المصدر. ص 505-509.
[lxiv] أنظر: جيمس كورّان، و جين سيتون: السلطة من دون مسؤولية: الصحافة والإذاعة في بريطانيا. ترجمة: حازم صاغية. المجمع الثقافي، أبو ظبي. الطبعة الأولى 1993. ص 145؛ والتقرير السنوي لـ A P A . 1986-1985؛ والتقرير السنوي الـ 32 لمجلس الصحافة 1985 (1986)؛ ومجلة جوردان عن معطيات النشر والتسويق والنشر. 1984؛ والكتاب السنوي للفونوغراف البريطاني.1986؛ وبريتيش فيديو غرام أسوسياشين ( غالوب - 1986)
[lxv] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 505-509.
طشقند - 2005
تأليف: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD ، اختصاص صحافة. أستاذ بقسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية
الفهرس
المقدمة
الفصل الأول: وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية: الصحافة المطبوعة؛ الصحافة المسموعة؛الصحافة المرئية؛ الصحافة الدولية؛ وظائف الصحافة الدولية؛ مشاكل الصحافة الدولية؛ الصحافة الدولية والصراعات الدولية.
الفصل الثاني: نظريات الصحافة الدولية: نظرية السلطة المطلقة؛ أسس نظرية السلطة المطلقة؛ الصحافة والسلطة المطلقة؛ الرقابة وسيطرة الأجهزة المسؤولة على الصحافة؛ التاريخ الطويل للإيديولوجية السياسية لنظرية السلطة المطلقة؛ نظرية الصحافة الحرة؛ مبادئ النظرية الحرة؛ إيديولوجية نظرية الصحافة الحرة؛ الصحافة الحرة ووسائل الإعلام الجماهيرية؛ النظرية الاشتراكية للصحافة؛ التيارات الاشتراكية؛ دعائم النظرية الاشتراكية للصحافة؛ نظرية المسؤولية الاجتماعية؛ نظرية المسؤولية العالمية للصحافة.
الفصل الثالث: وكالات الأنباء العالمية: نشأة وتطور وكالات الأنباء العالمية؛ الجمهورية الفرنسية؛ المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية؛ جمهورية ألمانيا الاتحادية؛ الولايات المتحدة الأمريكية؛ روسيا الاتحادية؛ نشأة وتطور وكالات الأنباء الوطنية؛ وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا)؛ وكالة أنباء الصين الجديدة؛ وكالتي الأنباء اليابانيتين: وكالة أنباء كيودو نيوزسرفيس، ووكالة أنباء جيجي بريس سرفيس؛ وكالة الأنباء الكورية ين خاب تخون سين؛ الوكالة العربية السورية للأنباء؛ جمهورية الهند: بريس تراست أوف إنديا، يونايتد نيوز أوف إنديا، ساماتشار بخاراتي؛ وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية؛ الوكالة السنغالية للأنباء؛ وكالة الأنباء النيجيرية؛ مؤسسة جنوب إفريقيا الصحفية؛ جمهورية غانا؛ وكالة الأنباء الكينية؛ وكالة الأنباء الإثيوبية؛ وكالة أنباء عموم إفريقيا؛ وكالة المغرب العربي للأنباء؛ الوكالة الموريتانية للإعلام؛ وكالة الأنباء السودانية؛ وكالة الأنباء السعودية؛ وكالة أنباء بترا الأردنية؛ وكالة الأنباء الأوزبكية "أوزا"؛ وكالة الأنباء الأوزبكية "جهان"؛ المكتب الصحفي لرئيس جمهورية أوزبكستان؛ اتحادات وكالات الأنباء؛ وكالات الأنباء المتخصصة.
الفصل الرابع: الصحافة الدولية المطبوعة: نشأة وتطور الصحافة الدولية؛ المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وأيرلندا الشمالية؛ الجمهورية الفرنسية؛ جمهورية ألمانيا الاتحادية؛ الولايات المتحدة الأمريكية؛ اليابان؛ جمهورية الصين الشعبية؛ جمهورية مصر العربية؛ الجمهورية العربية السورية؛ المملكة العربية السعودية؛ المملكة الأردنية الهاشمية؛ دولة الإمارات العربية المتحدة؛ جمهورية كوريا؛ جمهورية الهند؛ جمهورية كينيا؛ جمهورية نيجيريا الاتحادية؛ جمهورية غانا؛ جمهورية السنغال؛ المملكة المغربية؛ جمهورية إثيوبيا؛ جمهورية موريتانيا؛ جمهورية السودان؛ جمهورية جنوب إفريقيا؛ جمهورية أوزبكستان.
الفصل الخامس: التدفق الإعلامي الدولي والتبادل الإعلامي الدولي. التدفق الإعلامي الدولي من وجهة نظر تحليل المضمون؛ التبادل الإعلامي الدولي وتكوين وجهات النظر؛ التبادل الإعلامي الدولي والتعاون الدولي؛ أساليب وتقنيات وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية؛ الجوانب الثقافية للتبادل الإعلامي الدولي؛ فاعلية التبادل الإعلامي الدولي؛ وسائل الاتصال كمصدر للتبادل الإعلامي الدولي.
الفصل السادس: التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية: الصحافة الدولية في إطار السياسة الخارجية للدولة؛ التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية؛ التبادل الإعلامي والتفاهم الدولي؛ مشاكل التبادل الإعلامي الدولي؛ خصائص التبادل الإعلامي الدولي؛ الاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي؛ تأثير التبادل الإعلامي الدولي على اتخاذ القرارات.
الفصل السابع: التبادل الإعلامي الدولي في عصر العولمة: مفهوم الدولة في عصر "العولمة"؛ التبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي؛ التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية؛ المستشارون والملحقون الإعلاميون؛ الوظيفة الدولية للتبادل الإعلامي الدولي؛ العلاقات العامة الدولية (الدبلوماسية الشعبية) كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي؛ الإعلان كوظيفة للتبادل الإعلامي الدولي؛ التخطيط الإعلامي والحملات الإعلامية الدولية.
المراجع المستخدمة.
بسم الله الرحمن الرحيم
المقدمة
أصبح الحديث عن التبادل الإعلامي الدولي في حياة الأمم المعاصرة، وفي ظل النظام الدولي الراهن واحداً من أكثر الموضوعات إثارة للاهتمام، وذلك نظراً للإمكانيات الهائلة القائمة والمحتملة للتبادل الإعلامي الدولي على ضوء التطور الهائل في وسائل الاتصال الإلكترونية. التي تنبأ لها البروفيسور الياباني يونيجي ماسودا: أن تمكن الإنسان في نهاية القرن الحالي من الحصول على أية معلومات يريدها بمنتهى السرعة واليسر والسهولة.
وهو ما حدث فعلاً عبر شبكات الكمبيوتر العالمية، وقنوات الإذاعة المرئية الفضائية، ووسائل الاتصال الأخرى من فاكس وتلكس وبريد إلكتروني... إلخ. والتي أصبحت تستخدمها فعلاً وسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، لمخاطبة العقول أينما كانـت، ومهما تباينت، وبأية لغة يفهمها الإنسان المعاصر الذي تميز بسعة الأفق والمعرفة، بفضل المعلومات التي وضعتها بين يديه وسائل الإعلام الجماهيرية أينما كان.
كما وسمحت تقنيات الاتصال الحديثة للتدفق الإعلامي الدولي أن يكون تبادلاً إعلامياً دولياً، تسيطر فيه الدول المتطورة بفضل إمكانياتها المادية والعلمية والتقنية. ولو أن أية دولة أو أية جماعة مهما كان حجمها وإمكانياتها تستطيع ولوج عالم التبادل الإعلامي الدولي بالحرف والصوت والصورة دون عوائق تذكر.
وقد التفتت الدول والتجمعات الدولية اليوم، بعد أن تجلت لها حقيقة الثورة المعلوماتية خلال العقود الثلاثة الماضية، إلى التركيز على أهداف ووظائف التبادل الإعلامي الدولي، وردم الهوة بين الدول المتطورة والغنية، والدول الأقل تطوراً والمتخلفة والفقيرة.
وأصبح المدخل لدراسة مشاكل الاتصال والتبادل الإعلامي الدولي، تدارس قضايا الإعلام والاتصال، والسعي لإقرار نظام عالمي جديد للتبادل الإعلامي الدولي، يهدف أساساً إلى الحد من اختلال التوازن بين الدول المتقدمة والدول النامية. ويجعل من التبادل الإعلامي الدولي المفتوح مجالاً للحوار بين الأمم والثقافات، لا السيطرة كما يرغب منها البعض.
خاصة بعد أن أحدثت ثورة المعلومات الناتجة عن التطور العلمي والتقني الهائل لوسائل الاتصال الجماهيري، تغييرات جوهرية داخل المجتمعات في مختلف الدول، بفارق سجل نسب التطور في كل مجتمع من مجتمعات الدول المتطورة والأقل تطوراً والدول النامية في العالم.
والدولة وكما كانت الحال منذ القدم هي العنصر الأساسي في العلاقات الدولية، رغم التأثر الواضح الذي بدرت ظواهره تزداد وضوحاً كل يوم، من خلال تأثير وسائل الاتصال الجماهيرية المتطورة في عملية التبادل الإعلامي الدولي.
ورغم ذلك تظل الدولة دون سواها العنصر الرئيسي في وضع وتنظيم وضبط آليات العلاقات الدولية ومن ضمنها عملية التبادل الإعلامي الدولي. خاصة وأن مفهوم قوة الدولة على الساحة الدولية، كان ولم يزل مرتبطاً منذ البداية بقوة وتماسك الدولة من الداخل، الذي تعززه وسائل الإعلام الجماهيرية الوطنية من خلال تأثيرها على الجمهور الإعلامي وتكوينها للرأي العام.
ومما لاشك فيه اليوم أن ثورة وسائل الاتصال الحديثة، وما نتج عنها من امتداد وانتشار لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بأشكالها التقليدية والحديثة، قد تركت بصماتها على دور الدولة الذي بدأ يضعف في مجتمع عصر التدفق الحر للمعلومات عبر تقنيات الاتصال الحديثة من الجانبين. ولم يعد بالإمكان التحدث اليوم عن السيادة الإعلامية ضمن الحدود السياسية للدولة، وعن التحكم بعملية تدفق المعلومات لداخل تلك الحدود، وبالتالي الإنفراد بتشكيل عقول مواطني الدول بما يضمن الولاء التام للدولة، بنفس الطريقة التي كانت مطروحةً به قبل انهيار المنظومة الشيوعية وعلى رأسها الإتحاد السوفييتي السابق.
خاصة وأن تأثير ثورة المعلومات قد شمل سلباً الدولة بكل مكوناتها من حدود سياسية معترف بها، وشعب وحكومة. وأصبحت السيطرة على عملية تدفق المعلومات شبه مستحيلة بعد أن تحولت المعلومات إلى عناصر غير ملموسة وغير مرئية يسهل تنقلها واختراقها لأي حدود سياسية أو جغرافية كانت، مهما بلغت نوعية وكمية ودرجة إجراءات الحماية ضد اختراق التدفق الإعلامي الحديث.
ولا أحد ينكر الدور الذي لعبته الصحافة المطبوعة في بلورة الشخصية القومية للأمم، عندما وفرت للشعوب إمكانية المشاركة في عنصري الزمان والمكان عن طريق اشتراك أبناء الشعب الواحد في قراءة صحيفة تتحدث بنفس اللغة، وتحمل على صفحاتها نفس الزوايا والأبواب وتصدر في مكان وزمن محدد، مما دعم الشعور القومي لدى هذه الشعوب.
أما اليوم فقد تقلص البعد الجغرافي، وزال الفاصل الزمني، وأصبحت تقنيات الاتصال الحديثة تقفز من فوق الحواجز وتخرقها. وما كان مستحيلاً في عالم الاتصال الأمس، أصبح اليوم واقعاً ملموساً، وكأن مصدر المعلومات والقائم بالاتصال والجمهور الإعلامي مهما باعدت المسافة الجغرافية بينهم، داخل ساحة إعلامية واحدة تعجز الدول عن التحكم بها، مما ترك بدوره أثاراً بالغة على الشعور الوطني والتماسك الاجتماعي، والولاء للدولة من قبل المواطنين المنتمين للدول المعرضة للاختراق الإعلامي.
فكيف ومتى بدأت ملامح هذا الوضع بالتكون؟ هذا السؤال الذي أحاول الإجابة عنه من خلال هذه الدراسة التي أتناول فيها موضوع الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي في محاولة لسد شئ من الفراغ الذي تعاني منه المكتبة العربية في هذا المجال الهام.
وقد تناولت هذه الدراسة في الفصل الأول: استعراضاً موجزاً للصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية ووظائف الصحافة الدولية ومشاكلها ودوافعها.
بينما تناول الفصل الثاني: عرضاً موجزاً لأكثر النظريات الإعلامية انتشاراً في العالم.
أما الفصل الثالث: مراحل نشوء وتطور وكالات الأنباء العالمية، التي لم تفقد من مكانتها بعد التطور العاصف لوسائل الاتصال، بل على العكس من ذلك مكنتها وسائل الاتصال الحديثة المتطورة من مضاعفة اختراقها للساحة الإعلامية الدولية وزادت من دورها في عملية التبادل الإعلامي الدولي. إن كان في جمع المعلومات، أم في إعدادها بمادة إعلامية، أم في طريقة عرضها، أم في اختيار قناة الاتصال الأكثر فاعلية لإيصالها للمتلقي أينما كان، بأقل فاقد وأكثر فاعلية وتأثير.
وتناول الفصل الرابع: مراحل نشوء وتطور الصحافة المطبوعة الدولية في بعض دول العالم المتقدمة والنامية كنماذج للمقارنة بينها.
واستعرض الفصل الخامس: التدفق الإعلامي الدولي، والتبادل الإعلامي الدولي ودورهما في التعاون الدولي وتكوين وجهات النظر، وفاعلية التبادل الإعلامي الدولي من جوانبه الثقافية والتقنية.
واستعرض الفصل السادس: فقد تناول موضوع التبادل الإعلامي الدولي ضمن إطار العلاقات الدولية، والسياسة الخارجية للدولة، وتأثيره على اتخاذ القرارات، ومشاكل التبادل الإعلامي الدولي ودوره في التفاهم الدولي، والاحتكار في التبادل الإعلامي الدولي.
أما الفصل السابع: فقد تناول مفهوم الدولة في عصر "العولمة"، والتبادل الإعلامي الدولي من وجهة نظر الأمن القومي، والتبادل الإعلامي الدولي كوظيفة للدبلوماسية الرسمية والشعبية، وأخيراً التخطيط للحملات الإعلامية الدولية.
آملاً أن يلبي هذا الجهد العلمي المتواضع بعضاً من حاجة الباحثين وطلاب الصحافة والعلاقات الدولية للمعلومات في هذا المجال، للاستفادة منها في دراساتهم وبحوثهم عن مشاكل الإعلام والاتصال الدولي.
طشقند تموز/يوليو 2005 أ.د. محمد البخاري
الفصل الأول: وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية: الإعلام المطبوعة: تعد الصحف من أقدم وسائل الاتصال والإعلام في العالم على الإطلاق، فقد سبقت منافستيها الإذاعتين المسموعة والمرئية بعدة قرون. وللصحف خصائص تميزها عن سواها من وسائل الإعلام الجماهيرية، فالصحيفة لاتسطيع نقل الأخبار بتلك السرعة التي تنقلها بها الإذاعة، ولا يمكنها نقل وتقريب الواقع كما تفعله الإذاعة المرئية، ولكنها تقوم بذلك بشكل متميز جعل من الصحيفة جزءاً لا يتجزأ من حياة الفرد المتعلم في كل أنحاء العالم.
وبداية ظهور الصحف بشكلها المعاصر يعود إلى عام 1454م عندما اخترعت الطباعة عن طريق صف الحروف،[i] وخدم هذا الاختراع المركز الرئيسي للسلطة في العالم المسيحي آنذاك، والمتمثل بسلطة الكنيسة. بينما تأخر استخدام هذه الوسيلة الحديثة في طباعة الكتب والنصوص لعدة قرون في العالم الإسلامي بسبب التحريم الديني.
وقد خدمت المطابع الكنيسة في نشر مواضيع تهم الدين والدنيا، وأصبحت من عوامل الإصلاح الديني في العالم المسيحي خلال الفترة الممتدة مابين القرنين السادس عشر والسابع عشر الميلاديين. ونشرت المطابع روائع كتب القرون الوسطى، وكتب عصر النهضة بنسخ كثيرة، ووضعتها بمتناول الجميع بعد أن كانت حبيسة خزائن الكتب. ونقلت أخبار التجارة والاقتصاد للتجار في كل مكان. ولعل المنشورات مجهولة المصدر والهوية، التي لعبت دوراً كبيراً إبان الثورتين الفرنسية والأمريكية، من أبلغ الأمثلة على الدور الهام الذي لعبته الطباعة في تغيير العلاقات الإنسانية في المجتمع الإنساني المعاصر.
وأصبحت الصحف بالتدريج حارساً للديمقراطية، بإتاحتها الفرصة للمرشح والناخب بالتعرف إلى بعضهما البعض دون اتصال مباشر، بل عن طريق انتقال الأفكار المنشورة على صفحاتها. وأصبحت من الوسائل الهامة التي يعتمد عليها التعليم في مختلف مراحله، وساعدت الصحف من خلال الإعلانات التي تنشرها على تصريف قدر هائل من السلع المنتجة في المصانع، وإيجاد فرص العمل، وتوفير الأيدي العاملة للباحثين عنها.[ii]
وجاءت الثورة الصناعية للصحف مع مطلع القرن العشرين بالمطبعة البخارية أولاً، ومن ثم بالمطبعة الكهربائية، مما ساعد على خفض تكاليف طباعتها، وأجور الإعلانات على صفحاتها وزيادة عدد نسخها، مما ساعدها على الانتشار الواسع وتحولها إلى وسيلة اتصال جماهيرية، رخيصة الثمن توزع أعداداً ضخمة من النسخ يعتمد عليها لنشر إعلانات مربحة للمنتج والناشر في آن معاً.
ومن الميزات الهامة الأخرى التي تنفرد بها المادة المطبوعة عن غيرها من وسائل الإعلام الجماهيرية، أنها تسمح للقارئ بالتكيف مع الظروف ومطالعتها في الوقت الملائم له، وإعادة القراءة كلما أراد. إضافة إلى أنها من أفضل الوسائل لمخاطبة الجماعات والشرائح الاجتماعية الصغيرة والمتخصصة.
الأعلام المسموع ( الراديو ): تعتبر الإذاعة المسموعة من أفضل وسائل الاتصال الجماهيرية قدرة على الوصول للمستمعين في أي مكان بسهولة ويسر متخطية الحواجز الجغرافية والأمية، لأنها تستطيع مخاطبة الجميع دون تمييز وبغض النظر عن فارق السن ومستوى التعليم، ولا تحتاج لظروف وأوضاع خاصة للاستماع كما هي الحال بالنسبة للإذاعة المرئية ( التلفزيون ). حتى أنها أصبحت في بعض المجتمعات المتقدمة نوعاً من الوسائل الإعلامية التي يتعامل معها الإنسان دون اهتمام أو تركيز، كمصدر للترفيه أكثر من أنها مصدراً للمعلومات يحتاج للتركيز والاهتمام.[iii]
ومن الصعب جداً تحديد أصل الاختراعات العلمية التي أدت إلى ظهور الإذاعة المسموعة، التي تعتبر اليوم واحدة من أهم وسائل الإعلام الجماهيرية. ففي الفترة من 1890 إلى 1894 أكتشف برافلي المبادئ الأساسية للمبرق اللاسلكي، ونجحت تجارب ماركوني التي أجراها خلال الفترة من 1894 وحتى 1899 عندما نجح في إرسال أول برقية لاسلكية عبر بحر المانش.[iv]
وتطورت الأبحاث العلمية بعد ذلك، حتى استطاع المهندس الفرنسي رايموند برايار، وزميله الدكتور البلجيكي روبير فولدا سميث، من إرسال واستقبال بث إذاعي عن بعد عدة كيلو مترات عام 1914، وتوقفت التجارب بعد ذلك بسبب الحرب العالمية الأولى، إلى أن عادت مرة أخرى إلى دائرة الاهتمام بعد انتهاء الحرب مباشرة.
وبدأت أو البرامج الإذاعية اليومية المنظمة البث من ديتروا نيوز في الولايات المتحدة الأمريكية عام 1920، وتبعتها بريطانيا التي نظم فيها دايلي مايل أول برنامج إذاعي في نفس العام. أما فرنسا فقد نجح الجنرال فيري من إرسال أولى البرامج الإذاعية عام 1921.
وتعتبر العشرينات من القرن العشرين فترة هامة في حياة هذا الاختراع الهام، آخذاً في التطور والتوسع. ورافقه في عام 1925 اختراع البيك آب الكهربائي، وفي عام 1934 اختراع التسجيل على الاسطوانات المرنة، وآلة التسجيل عام 1945، وتمكن الأمريكيان براتان وباردن عام 1948 من اختراع المذياع، الذي انتشر في الأوساط الشعبية اعتباراً من عام 1950وتبع هذا الاختراع عام 1958 اختراع اسطوانة التسجيل الستريو التي نقلت البث الإذاعي معها إلى مرحلة جديدة.[v]
الإعلام المرئي ( التلفزيون ): بدأت أولى التجارب لاختراع طريقة لإرسال صور ثابتة باللونين الأسود والأبيض عن بعد في منتصف القرن التاسع عشر، وتطور هذا الاختراع حتى استطاع الألماني دي كورن من اختراع الفوتوتلغرافيا عام 1905، وجاء بعده الفرنسي إدوارد بلين، الذي طور الاختراع الأول وأطلق عليه اسم البيلينوغراف عام 1907. واستمرت هذه التجارب بالتطور مستخدمة وسائل ميكانيكية أولاً ثم راديو كهربائية، حتى توصل كلاً من الإنجليزي جون لوجي بيارد والأمريكي س. ف. جنكيس إلى وسيلة إرسال تستعمل فيها اسطوانة دورانية مثقوبة عام 1923.
وقد تكللت التجارب التي جرت خلال الثلاثينات من القرن العشرين بالنجاح، حيث بدأ مركز أليكساندر بلاس البريطاني للتلفزيون بالبث الإذاعي المرئي لمدة ساعتين يومياً عام 1936، وتبعه المركز الفرنسي في لاتوريفال ببث برامج إذاعية مرئية يومية عام 1938، وتبعتها الولايات المتحدة الأمريكية في العام التالي ببث إذاعي مرئي استهدف جمهور كبير. وأخرت الحرب العالمية الثانية البداية الفعلية لانتشار بث الإذاعة المرئية للجمهور العريض حتى انتهاء الحرب العالمية الثانية عامي 1945 - 1946.
وبدأ في الخمسينات من القرن الحالي الانتقال التدريجي من نظام البث باللونين الأسود والأبيض إلى نظام البث الإذاعي المرئي الملون، وتبعه الانتشار العاصف للبث الإذاعي المرئي بواسطة الدارات المغلقة، ومحطات التقوية الأرضية، إلى أن انتقل البث الإذاعي المرئي عبر الأقمار الصناعية مع تطور غزو الإنسان للفضاء الكوني الذي بدأ في نفس الفترة تقريباً. ويعتقد أن للإذاعة المرئية فاعلية فريدة لأنه الوسيلة التي تعتمد على حاستي السمع والبصر في آن معاً. وقد لوحظ أنه يستحوذ على الاهتمام الكامل للجمهور، أكثر من أية وسيلة إعلامية أخرى، وخاصة في أوساط الأطفال واليافعين. وقد كشفت بعض الدراسات أن الصغار والكبار على حد سواء يميلون إلى تقبل كل ما تقدمه الإذاعة المرئية بدون مناقشة، لأنهم يعتبرون ما تقدمه الإذاعة المرئية واقعي ويعلق في أذهانهم بصورة أفضل.[vi]
والاختلاف بين الإذاعتين المرئية والمسموعة ، أن الإذاعة المرئية تحتاج لحاستي السمع والبصر وانتباهاً لا يستطيع المتفرج معه أن يفعل شيئاً آخر أثناء المشاهدة، في حين أن المستمع للإذاعة يستطيع أثناء استماعه أن يقرأ ويمشي ويعمل ويقود سيارته، أو أن يستلقي مغمضاً عينيه سارحاً في خياله. ومن المزايا التي تتميز بها الإذاعة المرئية عن سواها من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية:
أنه أقرب للاتصال المباشر، ويجمع بين الصورة والصوت والحركة واللون، ويتفوق عن الاتصال المباشر بأنه يكبر الأشياء الصغيرة، ويحرك الأشياء الثابتة؛ وينقل الأحداث فور حدوثها، وبفارق زمني طفيف؛ ويسمح بأساليب متعددة لتقديم المادة الإعلانية، مما يضاعف من تأثيرها على الجمهور؛ وأصبح وسيلة قوية بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بعد أن دخل كل بيت، ووفرت له الأقمار الصناعية المنتشرة في الفضاء الكوني انتشاراً عالمياً، مما زاد من فاعلية عملية التبادل الإعلامي والثقافي العالمي، وأصبح وسيلة تقارب بين الشعوب.
وهكذا نرى كيف تغير وضع الإنسان الذي عاش قديماً في مجتمعات صغيرة، محدودة العدد معزولة عن بعضها البعض، يصعب الاتصال فيما بينها. ليأتي القرن العشرين ليغير الوضع تماماً لسببين أساسيين نلخصهما بالتالي:
نشوب الحرب العالمية الأولى ( 1914 - 1918 )، والحرب العالمية الثانية (1939 - 19945)، وما تمخض عنهما من انتقال للقوات العسكرية عبر الدول والقارات. وهذا بحد ذاته ساعد على تطوير وسائل المواصلات البرية والبحرية والجوية، ومعها تطورت الطرق البرية والمائية والسكك الحديدية والموانئ البحرية والجوية.
انتشار وسائل الاتصال الحديثة، من تلغراف وتلفون وراديو وتلكس وفاكس وحاسبات إلكترونية (كمبيوتر) وبريد إليكتروني. ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، من صحف ومجلات وإذاعة مسموعة ومرئية. مما " أحدث تغيرات جذرية على تصورات المواطنين في جميع أنحاء العالم، واتسع أفق الأفراد وإطارهم الدلالي بشكل لم يسبق له نظير، بحيث لم يعد في الإمكان عزل الناس عقلياً أو سيكولوجياً عن بعضهم البعض. لأن ما يحدث في أي بقعة من بقاع العالم، يترك آثاره على جميع الأجزاء الأخرى. فالعالم اليوم هو قرية الأمس. فقد اتسعت تصورات الفرد التقليدي القديم التي كانت تتسم بالبساطة عن واقعه وأصبح عليه أن يجاهد حتى يفهم الأخبار التي تغمره بها وسائل الإعلام الجماهيرية يومياً عن أحوال الأمم والشعوب الأخرى المختلفة الألوان والعقائد ".[vii]
وخرجت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالتدريج عن إطارها المحلي لتصبح أداة اتصال وتواصل بين الأمم لها دوراً مرسوماً ومحدداً في إطار العلاقات الدولية، وعملية التبادل الإعلامي الدولي. ودخلت ضمن الأدوات والوسائل التي تحقق من خلالها مختلف الدول والمنظمات الدولية والإقليمية والمحلية بعضاً من سياساتها الخارجية.
الصحافة الدولية: تعمل المؤسسات الصحفية على نشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية المختلفة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات داخل المجتمع. وعندما تخرج هذه المؤسسات عن نطاق المحلية وتجتاز وسائل إعلامها الجماهيرية الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل تلك المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني دول أخرى، لخلق نوع من الحوار الثقافي معها، متجاوزة الحواجز اللغوية، تأخذ هذه المؤسسات الصحفية ووسائلها الإعلامية صفة الإعلام الدولي.
والإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة، ووسيلة فاعلة من الوسائل التي تحقق بعض أهداف السياسة الخارجية لكل دولة داخل المجتمع الدولي. وتخدم من خلالها المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به هذه الدولة في المعادلات الدولية، وتأثيرها وتأثرها بالأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اضطرابات اجتماعية تطال تلك الدول، أو الدول المجاورة لها. أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى في أنحاء العالم. أو في حال حدوث كوارث طبيعية وأوبئة، أو أخطار تهدد البيئة والحياة على كوكب الأرض. وللإعلام الدولي دوافع متعددة، تعتمد على المصالح السياسية، والاقتصادية، والعسكرية، والاجتماعية، والثقافية، والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة، وينبع من المصالح الوطنية العليا للدولة، وتعمل من خلال هذا المنظور على تعزيز التفاهم الدولي والحوار بين الأمم، الذي أدى إلى خلق تصور واضح للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الدولي ويعمل على تطويره.
وكان لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية دوراً أساسياً في هذا التحول بعد التطور الهائل في تقنياتها خلال القرن الحالي. ساعدت من خلاله على إحداث تغيير ثقافي واجتماعي واضح، رغم تضارب المصالح الاقتصادية والسياسية والصراعات الإيديولوجية المؤثرة في القرار السياسي اللازم لأي تقارب أو حوار دولي.
وظائف الصحافة الدولية: من الأمور التي تميز البشر عن غيرهم من المخلوقات الحية أنهم قادرون على الإعلام والاتصال فيما بينهم، فالإنسان كان في حاجة دائماً إلى وسيلة تراقب له الظروف المحيطة به، وتحيطه علماً بالأخطار المحدقة به أو الفرص المتاحة له، وسيلة تقوم بنشر الآراء والحقائق وتساعد الجماعة على اتخاذ القرارات، وسيلة تقوم بنشر القرارات التي تتخذها الجماعة على نطاق واسع، وسيلة تقوم بنقل حكمة الأجيال السابقة والتطلعات السائدة في المجتمع إلى الأجيال الناشئة، ووسيلة ترفه عن الناس وتنسيهم المعاناة والصعوبات التي يواجهونها في حياتهم اليومية.
وقد عهدت القبائل البدائية بتلك المهام إلى الأفراد. فقام بعضهم بوظيفة الحراس الذين يحيطون القبيلة علماً بالأخطار المحيطة والفرص المتاحة، فقد تقترب قبيلة معادية من القبيلة الأولى، وهذا يتطلب استعداداً للدفاع عن الأرواح والأملاك، أو قد يقترب منها قطيع من الحيوانات التي يمكن أن يصطادوا بعضها للطعام والزاد، فيكون هؤلاء الأفراد، القائمون برصد الحياة من حول الجماعة أشبه بمراكز الإنذار المبكر، في حالتي الخطر والأمان. كذلك عهدت القبيلة إلى بعض الأفراد " مجلس القبيلة " بسلطة اتخاذ القرارات عن احتياجات وأهداف وسياسات القبيلة الداخلية والخارجية، والتأكد من أن تلك القرارات ستنفذ. وكان لابد من وجود مراسلين يحملون الأوامر والمعلومات من مجلس القبيلة إلى أفراد القبيلة، أو نقل الرسائل والمعلومات إلى القبائل المجاورة. وكذلك كفلت القبيلة لنفسها وسيلة تساعدها على الاحتفاظ بحكمتها وتراثها الثقافي للأجيال القادمة، ووسيلة وأسلوباً لنقل ذلك التراث الثقافي والحكمة إلى الجيل الجديد، فقام الآباء والشيوخ بتعليم الجيل الجديد، أو الأعضاء الجدد في القبيلة عادات القبيلة وتقاليدها. وعلمت الأمهات بناتهن كيف يعددن الطعام، ويحكن الملابس، كما علم الآباء أبناءهم فنون الحرب والصيد والقنص. وتولى وظيفة الترفيه الرواة الذين يحكون الحكايات والقصص عن أمجاد الآباء والأجداد، وما سلف من تاريخ القبيلة، والمغنون الذين ينشدون الأغاني المحببة، والراقصون الذين كانوا يؤدون الرقصات الدينية والفلكلورية في المناسبات المختلفة.[viii]
وبالطبع لم تكن تلك هي جميع مهام الإعلام والاتصال في القبيلة القديمة، ولكنها كانت أهمها. ومن الغريب أن تلك المهام هي نفس مهام الإعلام والاتصال في المجتمع الحديث، ولكن بفارق أن تلك المهام تؤدى اليوم بشكل جماهيري واسع جداً، وبأساليب وتقنيات حديثة متطورة بعيدة المدى أحاطت بالكرة الأرضية برمتها وتعدتها إلى الفضاء الكوني. ومع ذلك فنحن مازلنا في حاجة إلى معلومات عن الظروف المحيطة بنا، وتصلنا هذه المعلومات وبسرعة فائقة ودقة كبيرة عن طريق وسائل الإعلام الجماهيرية التي باتت تستخدم أحدث وسائل الاتصال المزودة بأحدث المعدات الإلكترونية والتجهيزات المتطورة باهظة التكاليف، تلك المعلومات التي تساعدنا على اتخاذ القرارات وتنفيذها في الوقت المناسب.
أي أن مهام الإعلام والاتصال التي وجدت في المجتمعات القديمة هي نفسها الموجودة من حيث المبدأ في المجتمعات الحديثة، والفارق الوحيد أنها أصبحت متعددة ومتشعبة وأكثر دقة اليوم بفضل وسائل الاتصال الحديثة المتطورة التي لم تكن معروفة من قبل. وأصبحت الدولة حالياً أكثر من ذي قبل تشارك عن طريق ممثليها في التأثير على مجرى الحياة الاجتماعية في الداخل والخارج من خلال سياساتها الداخلية والخارجية مستعينة بوسائل الإعلام الجماهيرية، وأصبحت المصالح الوطنية العليا للدولة أكثر تأثيراً في عملية اتخاذ القرارات على الصعيدين الداخلي والخارجي.
ودخلت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية القرية والمدينة والتجمعات السكانية أينما كانت، وأصبحت بذلك نظاماً مفتوحاً أمام قوى التغيير التي تأتي من الداخل والخارج ، ومعنى هذا أن الوظائف القديمة للإعلام اختلفت في درجتها وحجمها فقط وليس في نوعها. ولكن لماذا كل هذا الاهتمام بوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؟
والجواب: أن تلك الوسائل أصبحت تصل إلى جمهور واسع غفير. ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي كانت يوماً ما تصل إلى جمهور محدود وبتأثير محدود، أصبحت اليوم تصل إلى سكان العالم أجمع تقريباً، وتؤثر على آراء الناس وتصرفاتهم وأسلوب حياتهم. فالصحيفة والمجلة والكتاب الذي كان يقرؤه في الماضي عدد محدود من الأفراد، يقرؤه اليوم ملايين البشر، مطبوعاً أم منقولاً عبر البريد الإلكتروني وشبكات الكمبيوتر المتطورة. والبرنامج الإذاعي الذي كان يسمعه الناس في دائرة محدودة أصبحت تسمعه الملايين من البشر في مناطق متباعدة من العالم، والبرنامج الإذاعي المرئي الذي كان حكراً على منطقة جغرافية محدودة أصبح اليوم في متناول المشاهد عبر قارات العالم. والبريد الإلكتروني والفاكس والتلكس حلت مكان المبرقات التلغرافية القديمة، مما جعل الناس يؤمنون بأن تلك الوسائل قادرة على التأثير على المجتمع وتغييره بشكل أساسي ليس على الصعيد المحلي وحسب، بل وعلى صعيد العالم برمته. وبرز كإعلام دولي له مكانته وتأثيره ووظائفه.[ix]
وكما كان للإعلام الدولي دوافعه المحددة، كما أشرنا سابقاً، فله وظائف محددة أيضاً يؤديها تنفيذاً للدور الذي تفرده له السياسة الخارجية للدولة، وهي:
1- الاتصال بالأفراد والشرائح الاجتماعية والجماعات والكتل السياسية والمنظمات داخل الدولة التي يمارس نشاطاته الإعلامية داخلها. وتتمثل بالحوار مع القوى المؤثرة في اتخاذ القرار السياسي من شخصيات وأحزاب وكتل برلمانية، سواء أكانت في السلطة أم في المعارضة على السواء، للوصول إلى الحد الأقصى من الفاعلية التي تخدم السياسة الخارجية لبلاده. وتخضع عملية الاتصال هذه عادة لمعطيات هامة من حيث المواقف من القضايا المطروحة قيد الحوار ومواقف السلطة والمعارضة منها والخط السياسي الرسمي للدولة حيالها. وتتراوح هذه المواقف عادة مابين المؤيد التام، والمؤيد، والحياد التام، والحياد، والمعارضة التامة، والمعارضة، والعداء التام، والعداوة. ولهذا كان لابد من التحديد الدقيق للموقف السياسي للدولة، والمواقف الأخرى، للعمل على كسب التأييد اللازم لصالح القضايا المطروحة للنقاش، والعمل على زحزحة المواقف السياسية المعلنة للدولة، لصالح تلك القضايا. أو خلق مناخ ملائم للحوار الإيجابي على الأقل. كما ويجب الأخذ بعين الاعتبار أيضاً طبيعة النظام السياسي السائد في تلك الدولة، ومدى ديمقراطية هذا النظام، وطرق اتخاذ القرارات السياسية في ظل النظام السياسي القائم، ومدى المشاركة الفعلية لكل القوى السياسية الموجودة في اتخاذ تلك القرارات. لأن الاتصال بالجماهير الشعبية في أي دولة من دول العالم يتم من خلال تلك القوى التي تمثل النخبة المؤثرة، أولاً: بين أصحاب الحق باتخاذ القرارات، وثانياً: على الجماهير الشعبية، التي هي بمثابة قوة ضاغطة على أصحاب حق اتخاذ القرار. ومن هنا نفهم مدى أهمية إلمام خبراء الإعلام، والمخططون للحملات الإعلامية الدولية، بالنظم السياسية للبلدان المستهدفة والقوى المؤثرة فيها سلطة أم معارضة، ودور كل من تلك القوى في اتخاذ القرارات. لاستخدامها في التخطيط للحملات الإعلامية المؤيدة أو المضادة، آخذين بعين الاعتبار الحقائق الاجتماعية والثقافية التي تساعد على نجاح الحملات الإعلامية الدولية.
2- الاتصال المباشر بالجماهير الشعبية، عن طريق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية ومن خلال النشرات الإعلامية، والمؤتمرات الصحفية، والمقالات، والبرامج الإذاعية المسموعة والمرئية، والعروض السينمائية والمسرحية، وأفلام الفيديو، وإقامة المعارض الإعلامية، وتشجيع السياحة وتبادل الزيارات، وغيرها من الوسائل التي تتيح أكبر قدر ممكن من الصلات المباشرة مع الجماهير، للوصول إلى تأثير إعلامي أفضل وأكثر فاعلية. وتأخذ بعض الدول لتحقيق سياستها الخارجية أسلوب مخاطبة الجماعات المؤثرة فقط، توفيراً للنفقات التي تترتب من جراء استخدام أسلوب الاتصال بالجماهير الشعبية العريضة، وتوفيراً للوقت الذي يستغرق مدة أطول من الوقت اللازم عند مخاطبة قطاعات وشرائح اجتماعية متباينة من حيث المصالح والتطلعات، ومستوى التعليم، والثقافة، والاتجاه الفكري. ومزاجية تلك الجماهير العريضة في متابعة القضايا المطروحة، المحصورة في بوتقة اهتمامات شريحة اجتماعية معينة فقط. ولأن أسلوب الاتصال الفعال بالجماهير الشعبية يحتاج أيضاً لإمكانيات كبيرة ووسائل متعددة، تفتقر إليها الدول الفقيرة والنامية بينما نراها متوفرة لدى الدول الغنية القادرة من حيث الإمكانيات المادية والتقنية والخبرات الإعلامية، التي تمكنها من استخدام الأسلوبين في آن معاً.
3- كما ويمثل الإعلام الدولي الدولة أو المنظمة التي ينتمي إليها، سواء أكانت محلية أم إقليمية أم دولية أم متخصصة أم تجارية. كمكاتب الأمم المتحدة ومؤسساتها المتخصصة في العديد من دول العالم، ومكاتب منظمة الوحدة الإفريقية، والجامعة العربية، والأوبك، والسوق الأوربية المشتركة، وغيرها من المنظمات الدولية والإقليمية.
ونحن عندما نرى اليوم الدول الغنية تستخدم كل تقنيات وسائل الاتصال الحديثة في خدمة حملاتها الإعلامية الدولية، ومن أبسط صورها قنوات الإذاعة المرئية الفضائية، بعد انتشار استعمال هوائيات استقبال بث الإذاعة المرئية عن طريق الأقمار الصناعية في المنازل. وشيوع استخدام شبكات الكمبيوتر حتى من قبل الأفراد، ومن أهم هذه الشبكات، شبكة الكمبيوتر العالمية " إنترنيت " التي تملكها وتديرها الولايات المتحدة الأمريكية، دون منافسة تذكر حتى الآن. نرى الدول النامية تتخبط بمشاكلها الإعلامية، وتعاني من الآثار المترتبة عن التطور التكنولوجي الحديث، والخلل الفاحش في التدفق الإعلامي الدولي أحادي الجانب والتوجه والتأثير.[x]
مشاكل الصحافة الدولية: ورغم الجهود الحثيثة التي بذلتها وتبذلها الدول النامية والفقيرة حتى اليوم، للخروج من المأزق الإعلامي التي تعاني منه، نراها تتخبط بمشاكلها الإعلامية التي تزداد تشعباً وتعقيداً كل يوم، بسبب التطور العلمي والتكنولوجي الهائل في ميدان وسائل الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام الجماهيرية حتى على الصعيد الوطني، ومن أهم هذه المشاكل: - الخلط بين الوظيفة الإعلامية الدولية، والوظيفة الإعلامية الإقليمية، والوظيفة الإعلامية المحلية، ومتطلبات كل من تلك الوظائف وخصائصها المتميزة. - الخلط بين السياسات الداخلية والإقليمية والخارجية للدولة عند التخطيط للحملات الإعلامية الدولية، والارتباك في تحديد الأولويات. - ضعف أجهزة وتقنيات المؤسسات الإعلامية الوطنية، وافتقارها للمعدات والتجهيزات المتطورة، والإمكانيات المالية اللازمة للحملات الإعلامية الدولية، أو استخدامها للإعتمادات المالية المتاحة بشكل سيء، أو بشكل غير فعال في الأغراض المطلوبة، إضافة لسطحية المساعدات الخارجية التي تحصل عليها تلك الدول من الدول الغنية، والمنظمات الدولية المتخصصة. - النقص الفاضح في الكوادر الإعلامية المتخصصة بالإعلام المحلي والدولي، وندرة أصحاب التخصص الأكاديمي بينهم، مما يؤدي إلى: - اختيار كوادر غير كفوءة للعمل الإعلامي الدولي، لاعتبارات سياسية في أكثر الأحيان، وهذا بدوره يؤدي إلى: غياب التنسيق بين المخطط والمنفذ وأجهزة المتابعة، في الحملات الإعلامية الدولية؛ وضعف الإلمام بخصائص الجمهور الإعلامي الأجنبي، وعدم وضع أسلوب إعلامي منطقي ملائم ومتطور قادر على إيصال مضمون الرسالة الإعلامية للجمهور المستهدف من الحملة الإعلامية الدولية؛ وغياب التعاون وحتى التنسيق بين المؤسسات الإعلامية، ومؤسسات التعليم العالي المتخصصة ومؤسسات البحث العلمي، فيما يخص إعداد الكوادر الإعلامية الوطنية والبحوث العلمية التطبيقية، وخاصة فيما يتعلق بدراسة راجع الصدى الإعلامي وتأثير المادة الإعلامية، وفاعلية الخطط الإعلامية. والاكتفاء بالبحوث النظرية البحتة التي تتناول الجوانب الوصفية والتاريخية فقط، مبتعدة عن الدراسات التي تتناول جوهر التخطيط، وتحليل مضمون الرسالة الإعلامية، وتقدير راجع الصدى الإعلامي المخطط له وراجع الصدى الفعلي للمادة والوسيلة الإعلامية.
الصحافة الدولية والصراعات الدولية: يعاني عالم اليوم من صراعات سياسية ومنازعات عسكرية عديدة، وفي مقدمتها القضية الفلسطينية التي مازالت تهدد الأمن والاستقرار في منطقة الشرق الأوسط والعالم منذ مدة تجاوزت النصف قرن وأدت إلى عدة حروب مدمرة منذ قيام دولة إسرائيل بموجب قرار الأمم المتحدة رقم 181 عام 1947 الذي قضى بإنشاء دولتين عربية وعبرية على أرض فلسطين، التي كانت آنذاك تحت الانتداب البريطاني، وبدأت هذه الحروب بالحرب العربية الإسرائيلية الأولى عام 1948 وانتهت باحتلال إسرائيل لقسم من الأراضي المخصصة للدولة العربية في فلسطين وإعلان الهدنة، التي استمرت حتى العدوان الثلاثي الإنكليزي الفرنسي الإسرائيلي على مصر عام 1956 وانتهى بانسحاب القوات المعتدية من الأراضي المصرية المحتلة، ثم العدوان الإسرائيلي على مصر والأردن وسورية عام 1967 الذي انتهى باحتلال الجيش الإسرائيلي لشبه جزيرة سيناء المصرية وقطاع غزة الفلسطيني الذي كان تحت الإدارة المصرية آنذاك، وكامل الضفة الغربية لنهر الأردن الفلسطينية والتي كانت آنذاك تحت الإدارة الأردنية، وهضبة الجولان السورية بعد إعلان وقف إطلاق النار. والحرب العربية الإسرائيلية عام 1973 التي خاضتها مصر وسورية مدعومة من بعض جيوش الدول العربية لتحرير الأراضي العربية من الاحتلال الإسرائيلي، وانتهت باحتلال إسرائيل لمزيد من الأراضي المصرية والسورية. لتعقبها المعركة السياسية من أجل تحقيق السلام في الشرق الأوسط، والتي تكللت بتوقيع أول معاهدة سلام بين إسرائيل والعرب، وهي المعاهدة الإسرائيلية المصرية المعروفة بمعاهدة كمب ديفيد، التي صمدت رغم الاجتياح الإسرائيلي للأراضي اللبنانية عام 1982 واحتلالها المستمر لجزء من أراضيه. وبدأت عام 1991 المسيرة السلمية الشاملة في الشرق الأوسط عندما انعقد مؤتمر مدريد الدولي لحل قضية الشرق الأوسط بمشاركة جميع الأطراف المعنية، وأطراف دولية أخرى برعاية الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا، وما أعقبها من اتفاقيات سلام بين منظمة التحرير الفلسطينية وإسرائيل، ومعاهدة السلام الأردنية الإسرائيلية، لتصطدم الجهود السلمية مرة أخرى بالتعنت الإسرائيلي الذي يحول دون التوصل لسلام عادل ودائم في الشرق الأوسط يقضي بالانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من الأراضي العربية المحتلة، وقيام الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس الشريف.
ومن بؤر الصراع الخطيرة الأخرى في العالم، الصراع الباكستاني الهندي على مقاطعة كشمير الحدودية المتنازع عليها بين الطرفين والتي تهدد بالانفجار في أي وقت كان خاصة بعد سلسلة التجارب النووية التي نفذتها الدولتين في أيار/ مايو 1998، معلنة عن مرحلة جديدة في إطار سباق التسلح الجاري في القارة الآسيوية. والحرب الأهلية الدامية والمدمرة في أفغانستان، التي بدأت عام 1979 ضد التدخل العسكري السوفييتي في الشؤون الداخلية لأفغانستان، وتحولها بعد ذلك إلى حرب عرقية ودينية إثر انسحاب القوات السوفييتية من أفغانستان، تلك الحرب التي تهدد أمن واستقرار الدول المجاورة لها، وخاصة الدول المستقلة حديثاً بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق، أوزبكستان وطاجكستان وتركمانستان. ورغم قيام التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية بغزو الأراضي الأفغانية والقضاء على حكومة طاليبان فيها بعد الهجمات الإرهابية التي تمت عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية.
إضافة إلى مناطق التوتر الجديدة التي ظهرت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي والمنظومة الاشتراكية، كالصراع في قره باغ بين أذربيجان وأرمينيا، والصراع في الشيشان بين روسيا الاتحادية والمطالبين باستقلال جمهورية إشكيريا، والصراع في أبخازيا المطالبة بالاستقلال عن جورجيا، والحرب الأهلية في طاجكستان، والصراع بين البوسنيين، والصرب، والكروات وألبان كوسوفو، فيما كان يعرف سابقاً بيوغسلافيا الاتحادية، والوضع الشاذ في ألبانيا عندما انهارت وبسهولة، أجهزة وبنى الدولة العسكرية والسياسية.
والصراعات الكامنة الأخرى في الكوريتين الشمالية والجنوبية، والحرب الأهلية في الصومال وجنوب السودان، والخلافات الحدودية الإريترية اليمنية، والإريترية الإثيوبية، والوضع المتوتر في منطقة الخليج العربي بسبب الحرب العراقية الإيرانية المدمرة، والغزو العراقي للكويت وقيام التحالف الدولي بتحرير وطرد القوات العراقية من الكويت، ومن ثم غزو قوات التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية العراق واحتلاله وإسقاط نظام الحكم القائم فيه حتى دون قرار من مجلس الأمن التابع لمنظمة الأمم المتحدة. وغيرها من بؤر التوتر الكثيرة في آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية، وهي بمعظمها من التركة الثقيلة للاستعمار الأوروبي الطويل في تلك المناطق.
وقد بينت السوابق التاريخية أن لكل صراع أبعاداً داخلية، وأبعاداً إقليمية، وأبعاداً دولية، وعناصر قوى يجب مراعاة التفاعل بينها، وتأثير هذا التفاعل على تطور الصراع بشكل عام، بقصد التعامل مع هذا الصراع ومعالجته بالشكل المناسب، وهذا لا يمنع وجود عناصر مشتركة بين الصراعات المختلفة، يمكن الاستفادة منها عند معالجة تلك الصراعات أو التعامل معها .[xi]
وتعتمد النتائج النهائية لأي صراع من الصراعات، على عناصر القوى المتوفرة لدى كل طرف من أطرافه، وتضم هذه العناصر القوى العسكرية، والمعلوماتية، والتكنولوجية، والإمكانيات الاقتصادية، والسياسية، والبشرية، والحالة المعنوية للقوى البشرية. كما وتعتمد على مسائل أخرى كعنصر المفاجأة، وتطوير الإستراتيجية والتكتيك، واللجوء إلى أساليب جديدة غير معروفة من قبل، مما تجعل عملية التنبؤ بنتائج الصراع صعبة جداً، وفي بعض الأحيان غير مجدية. إضافة للإمكانيات الذاتية للأشخاص القائمين على إدارة الصراع، ومدى توفر المعلومات لديهم، والتقنيات والأدوات الحديثة التي يستخدمونها في الصراع. فصانع القرار في عملية الصراع يبني قراره على معطيات ملموسة أولاً، وعناصر غير ملموسة تشمل الخصائص النفسية والحالة المعنوية للخصم ثانياً.
وتقتضي معالجة الصراع الاعتماد على العقلانية وبعد النظر، واستبعاد العواطف والانفعالات. لأن عملية معالجة أي صراع هي عملية معقدة وشاقة، ونابعة أساساً من عناصر القوى المشاركة فعلاً في الصراع من الجانبين، ومبنية على الحسابات الدقيقة والخطط الموضوعة، والمستخدمة فعلاً من قبل طرفي الصراع.
وتتنوع أدوات الصراع، عندما تقتضي ظروف الصراع اللجوء إلى القوة العسكرية تارة، وإلى القوة الاقتصادية تارة أخرى، أو إلى العمل السياسي والدبلوماسية الهادئة في حالات أخرى، أو قد يلجأ الجانبان المتصارعان إلى استخدام القوة العسكرية، والاقتصادية، والسياسية، والدبلوماسية في آن معاً، مستخدمين المرونة في تكتيك إدارة الصراع وفقاً لطبيعة الظروف المتبدلة محلياً وإقليمياً ودولياً.
ويبقى دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في عملية الصراع متمثلاً بتعبئة الرأي العام المحلي والعالمي حول وجهة النظر الرسمية للدولة من الصراع الدائر، وشرحها، وتغطية أخبار أهم أحداثها تباعاً. وشرح وتحليل أبعاد هذا الصراع وأسبابه، مع مراعاة أن يأخذ خبراء الإعلام والصحفيون بعين الاعتبار، خصائص الجمهور الإعلامي المخاطب ثقافياً وسياسياً وتاريخياً، ومدى تعاطفه مع وجهة النظر الرسمية للدولة المعنية في هذا الصراع، واختيار اللغة المناسبة للرسالة الإعلامية لتصل إلى أقصى حد ممكن من التأثير والفاعلية. لأن سلاح الإعلام في أي صراع كان لا يقل أهمية عن القوة العسكرية والاقتصادية، وهو الوسيلة الناجعة لرفع معنويات القوى البشرية في الدولة المعنية، وتحطيم الروح المعنوية للخصم في الصراع الدائر، والإعلام الناجح هو السند القوي في الكفاح على الجبهة السياسية والعمل الدبلوماسي الهادئ والرصين والمنطقي.
الفصل الثاني: نظريات الصحافة الدولية. إن مجموعة العوامل التي تشترك في تأسيس منطق النظرية العلمية في المجالات الإنسانية والحياتية المختلفة، إنما هي في حقيقتها تنبع من بيئة الإنسان ومجموعة المنبهات والاستجابات التي تتكون وفقاً لها. وقد عرف الإنسان إنسانيته فعلاً، واستطاع تشخيص تلك العوامل البيئية والاجتماعية والنفسية بعد أن عرف اللغة ومفرداتها، إذ أن اللغة في شكلها الأول وبطبيعتها البسيطة البدائية كانت ضرورية لحياة الجماعة وأساساً لتكوين العلاقات بين الإنسان وأخيه الإنسان، وبمرور الزمن تطورت اللغة لتصبح ذاكرة المجتمع ومكنت الإنسان من تنسيق جهوده وتوحيدها في مجرى مشترك عام وجعلت تداول الخبرة ممكناً بين الأفراد والأجيال والمجتمعات.[xii]
وهي في هذا المعنى الواسع أصبحت أداة اتصال رئيسية بين بني البشر، كما أنها في الجانب الثاني أصبحت أداة فكر وأداة لتبادل الآراء والأفكار بين الناس. ولقد جاءت المطبعة لتفتح الطريق أمام الثورة الصناعية بعد أن مهدت لها الثورة العلمية، وما أن دخلنا القرن العشرين حتى صار العالم يعيش ثورة شاملة في الاتصال والإعلام. وانحسرت المسافات الجغرافية أمام القدرات التكنولوجية لوسائل الاتصال والإعلام. ومن أجل تسخير هذه القدرات وتوظيفها لخدمة المعلومات وتبادلها بين المجتمعات فقد أخضعتها الحكومات والدول إلى نظرياتها السياسية والاقتصادية والاجتماعية. مما دفع علماء الإعلام والاتصال لتأسيس نظريات إعلامية مستنتجة من تلك النظريات السياسية الأوسع وتطبيقاتها العملية في المجتمعات المختلفة من رأسمالية أو اشتراكية أو هجينة أو خاصة وغيرها.
ولا غرابة أن يكون لإعلام الدول النامية قولٌ في هذا المجال لاسيما وأنها ابتليت بالأوضاع التي فرضتها عليها السياسات الاستعمارية، وما تعانيه من شدة الخلافات السياسية التي انعكست بالنتيجة على فعالياتها الإعلامية.
ورغم وقوف العالم اليوم على أعتاب القرن الحادي والعشرين، ودخوله عصر المعلوماتية ووسائل الاتصال المتطورة فإننا نلاحظ استمرار تخبط الدول النامية في مشاكلها الإعلامية والاتصالية التي ازدادت صعوبة وتعقيداً.
إذ أن الإعلام هو ظل السياسة في الحركة الاتصالية اليومية والتطبيق للمنهج السياسي والاقتصادي والفكري والتربوي والتعليمي والثقافي، في هذا البلد أو ذاك. وإن وعي الإنسان لمثل هذه العوامل والتكوينات الاجتماعية وتقديره للظروف الموضوعية والذاتية التي تحيط به، يرتبط ارتباطاً مباشراً بلغته القومية، لاسيما وأنها - أي اللغة - هي التعبير عن تقديرنا للواقع الموضوعي، وقد ظهر الوعي واللغة في مرحلة محدد من التطور الاجتماعي للبشرية، ليتمكن بنو البشر من التواصل والاتصال ببعضهم البعض.[xiii]
إن اللغة تمنح الإنسان بالإضافة إلى وراثته البيولوجية فرصة كغيره للاستثمار الأمثل للثقافة والمعرفة. وقد أتاح العلم الحديث للغة ممكنات ووسائل متعددة للتعبير عن دقائق الأحكام الفعلية في صورها النظرية والتطبيقية ولمختلف الحاجات الإنسانية. ونظراً لتعدد خصوصيات تلك الحاجات الإنسانية وأساليب إشباعها من الوجهة الاتصالية والإعلامية فقد عمد رجال الإعلام إلى إتباع النظرية المناسبة لهم في الخطاب الإعلامي والاتصالي لتجسيد المستويات الإعلامية الوظيفية المطلوبة، وهي: المستوى المعلوماتي: الذي يتوسل باللغة لتوصيل المعلومات إلى المتلقي بأسلوب مباشر وبصياغة واضحة ودقيقة. المستوى الإقناعي: وهو الذي يقصد إقناع المتلقي ودعوته إلى الالتزام الأولي ومن ثم التبني للمضمون المطروح أو الفكرة المقصودة أو الرأي المراد إيصاله ومن ثم تدعيمه عن طريق خلق القناعات لدى مجموع الجماهير. المستوى التعبيري: الذي يدخل في باب فن الأدب المستخدم في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السمعية والمرئية والمقروءة لاسيما المستندة منها على استعمال الصورة المتحركة أو الثابتة.
وسيتناول هذا الفصل عرض أولي للنظريات الإعلامية السائدة في العالم:
نظرية السلطة المطلقة: السلطة المطلقة من أنظمة الحكم وتتمثل في حكم الإمبراطور أو الديكتاتور غير المؤمن بالحرية أو الديمقراطية ولا يسمح بمشاركة الشعب في الحكم على الإطلاق، وتستند السلطة باعتبارها نظاماً من أنظمة الحكم على فكرة (الحق الإلهي المقدس) وعلى الفكرة القائلة (بأن الحاكم ظل الله وخليفته في الأرض).
مدخل لنظرية السلطة المطلقة: من المتفق عليه أن عام 1450م هو تاريخ ولادة الإعلام المطبوع حيث تشير المصادر إلى أنه تاريخ ظهور الطباعة، وقد كان الإعلام المطبوع خاضعاً للسلطة، ومقدار هذا الخضوع مرتبط بطبيعة المجتمع الذي يتواجد فيه. فإما أن يكون المجتمع يخضع للسلطة المطلقة، أو أن الفلسفة التي تحكم هذا المجتمع تدعو إلى ذلك.
وقد شهد العالم من هذه الفلسفات شتى أنواع السلطة المطلقة. وعلى سبيل المثال سيطرة الكنيسة ورجال الدين في المجتمع الأوروبي، التي خلقت من النظام السائد مجتمعاً خاضعاً للسلطة المطلقة، تحتل فيه الدولة درجة أعلى من الفرد في سلم القيم الاجتماعية ولا يستطيع الفرد في مثل هذا المجتمع أن يحقق أهدافه أو ينمي قدراته وملكاته إلا عن طريق خضوعه للدولة خضوع الخانع الذليل. وأن يكون أسمى تفكير عنده التفكير التابعي الذي يلغي الوعي والعقل والشخصية.
وفي دولة السلطة المطلقة، رجل أو رجال قليلون يشغلون مراكز القيادة، ويتمتعون بسلطات مطلقة، وعلى الآخرين الطاعة والخنوع لها ولا وجود للتمثيل الشعبي في مثل هذه الدول. ولكن ما هو مصدر الحقيقة في مجتمع السلطة المطلقة؟
وللجواب على هذا السؤال يمكن أن نعتمد على حقيقة التفويض الإلهي أو على الإدعاء العنصري في مثل هذا المجتمع. الذي يقول بوجود جنس معين يعتبر نفسه أعلى من الأجناس الأخرى ويتمتع بحكمة أكثر منهم. وباختصار فالحقيقة تتمثل في قدرة القائد أو الجماعة المعينة على تقدير الظروف وتفهم المخاطر وتشخيص إمكانيات تخطيها.
وتعتبر الحقيقة في هذا المجتمع حكراً لهذه القلة التي تعتبر نفسها حكيمة، وترى أن من حقها أن توجه الجماهير الغفيرة. أي أن الحقيقة تتمركز حول مراكز القوة والسلطة، وليس من المهم في هذه الحالة البحث عن مصدر الحقيقة التي تستمد منها الدولة المتسلطة فلسفتها وسياستها. إذ أنها مقصورة على فئة محدودة من الناس، ولا يحق لأي فرد من الأفراد أن يتخذ إليها سبيلاً، لأن من أهداف الدولة المتسلطة الحفاظ على وحدة الفكر والعمل حسب اجتهادات السلطة، لإبقاء الجماهير في حالة معينة حسبما تشاء.
أسس نظرية السلطة المطلقة: مذهب الحق الإلهي: وترجع هذه النظرية إلى أقدم عصور التاريخ، وهي النظرية التي اعتمد عليها الملوك والأباطرة في الحكم وتوارثها النبلاء للاحتفاظ بأوضاعهم ومراكزهم وامتيازاتهم في السياسة والحكم. وجاء الإسلام ملغياً لهذه النظرية لتحل الشورى والشرع الإلهي مكانها. وقد يرجع سيادة هذه الفلسفة أو النظرة إلى الإمبراطوريات الشرقية والغربية على حد سواء ما عدا بعض الاختلافات الجزئية الطفيفة التي تحدث بين كل حاكم وآخر في ممارسة السلطة على المجتمع. إذ لا ينكر أن بعضهم كان يؤمن بالحق والفضيلة وتبادل الرأي والمشورة، كما كان نقيضه يمارس الاستبداد والقسوة تحت تعبير أو فلسفة ظل الله وخليفته في الأرض، وقد كانت أوروبا تحت هذا الحكم خلال العصور الوسطى التي تحول خلالها الشعب إلى عبيد أقنان خاضعين بصورة مطلقة لهذا الحكم أو ذاك.
الصحافة والسلطة المطلقة: لم تستطع الصحافة وأساليبها من تغيير شيء في نظرية السلطة المطلقة، بل إن سطوة هذه النظرية ازدادت وظلت تمارس تسلطاً جوهرياً على الصحافة وعلاقتها بالمجتمع ووظيفتها الإعلامية التي مارستها تحت سيطرة الحكم المطلق، ودأبت السلطة على تعزيز نظرية السلطة المطلقة للحفاظ على سلطانها المطلق وأخذت تحيط نفسها، بالعقلاء والحكماء وأصحاب الامتيازات الفكرية، القادرين على إدراك أهداف الدولة في السيطرة والاستقرار. وأخذت تمنحهم المناصب المرموقة في المجتمع ليعملون كمستشارين للقادة الحاكمين ويحتكرون كل الحقائق الفكرية لأنفسهم وليسخروا فلسفاتهم وأفكارهم لخدمة الطبقة المسيطرة على جهاز الدولة. التي تعطيهم حق مخاطبة الشعب وأن يكونوا ألسنة للحكام تتصل بالجماهير عن طريق وسائل الاتصال الجماهيرية المتاحة، ومنها الإعلام المطبوع التي يحظرون عليها كل الآراء التي توقظ الشعب من سباته العميق، للإبقاء على الأوضاع القائمة.
وقد ارتبطت هذه النظرية في العصر الحديث ارتباطاً وثيقاً بأنظمة الحكم الشيوعية والفاشية والنازية، كالنظام الهتلري في ألمانيا النازية، ونظام موسوليني الفاشي في إيطاليا والنظام الفاشي في إسبانيا والبرتغال. حيث سيطرت الدولة المستبدة سيطرة تامة على أجهزة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وفرضت عليها تعبئة الشعب تعبئة عدوانية خدمة للأهداف التوسعية التي رسمتها لنفسها وتسببت في قيام الحرب العالمية الثانية التي أزهقت ملايين الأرواح البريئة لبني البشر.
الرقابة وسيطرة الأجهزة المسؤولة على الصحافة: تعتبر الرقابة من الركائز الهامة في نظرية السلطة المطلقة. ويمكن أن نرجع تاريخها إلى الرقابة الدينية في العصور الوسطى بأوروبا عندما كانت الكنيسة الرومانية في أوج قوتها. وكانت مصدر التفويض الإلهي. واستطاعت الكنيسة أن تسيطر في بلاد كثيرة، على الرأي العام وعلى حرية التعبير لعدة قرون. وسيطرت الكنيسة واستفادت من اختراع الطباعة، إلى أن قامت الحكومات بالسيطرة على الوسيلة الإعلامية الجديدة. وكانت السيطرة عن طريق إصدار التراخيص للطابعين والناشرين ومن ثم تحكمت الحكومات على من مارس هذه المهنة بشكل عام. وقد كان الترخيص آنذاك يعتبر امتيازاً يلزم الناشر بطبع وتوزيع ما يرغبه الحاكم. غير أن هذا الأسلوب لم يجد نفعاً، مما أدى إلى فرض الرقابة المسبقة وفحص جميع الأصول المخطوطة من قبل ممثلي الحكومة قبل الطبع والنشر لإصدار الترخيص بالطبع، بقصد السيطرة على ما تنشره الصحف ودور النشر بشكل محكم.
وأخضعت الحكومات الاستبدادية دائرة الاتصال بالجماهير لقيود وعقبات ومعوقات كثيرة جعلت الطريق مفتوحاً أمام الدولة فقط، وأغلقته في وجه الأفراد لاغيه بذلك أي نوع من أنواع حرية الإعلام. بحجة تحقيق أمن وسلامة الدولة. وبهذه الذريعة ألغت كل الحريات، وهو ما استقت منه الفلسفات الفاشية والعنصرية كل المبررات لإهدار حقوق الإنسان.
التاريخ الطويل للإيديولوجية السياسية لنظرية السلطة المطلقة: يرى أفلاطون أن تقسيم السلطة بالتساوي داخل الدولة يعتبر بداية تفكك وانهيار تلك الدولة. وكانت حجة أفلاطون في ذلك أنه مادام الإنسان يتحكم بغرائزه وشهواته عن طريق العقل، فإنه على الحكام في الدولة بالمقابل أن يمنعوا المصالح المادية والعواطف الأنانية للجماهير من أن تسيطر على المجتمع.
وأكد أكثر الفلاسفة في العصور اللاحقة على قوة السلطة كميكافيلي الذي دعى إلى إخضاع كل شيء لأمن الدولة. وبرروا الأعمال اللا أخلاقية التي يمارسها القادة السياسيون والرقابة الصارمة على الحوار والمناقشة وعلى نشر المعلومات في المجتمع. معتبرين أن لها ما يبررها مادامت تخدم مصالح الدولة وسلطة الحاكم، أي أن الغاية تبرر كل وسيلة.
أما جورج هيجل الذي لقب بأبو الفاشية الحديثة والشيوعية الحديثة، فقد أعطى فلسفة السلطة المطلقة لمساتها النهائية حين قال: الدولة هي: روح الأخلاق وهي الإرادة وهي العقل. والدولة كحكم أو سلطة تعتبر هدفاً في حد ذاته وبالتالي فهي تتمتع بأكبر قدر من الحقوق وهي فوق المواطنين والأفراد.
وهكذا تفرض نظرية السلطة المطلقة وجوهاً فكرية صارمة، تنبع من الإسهام الفكري للحكماء شريطة أن تخدم نظرياتهم المجتمع، الذي تسهر عليه الدولة بالرعاية والإرشاد واليقظة والرقابة. وهو ما صاغه الفلاسفة الأقدمون أمثال: سقراط وأفلاطون وأرسطو من نظريات فلسفية تخدم السلطة الاستبدادية، بدليل أن أفلاطون خلع صفة المثالية على الشكل الارستقراطي للدولة معتقداً أن طبيعة الإنسان واهتماماته المادية وعواطفه الأنانية تتسبب في تدهور الحكم من الارستقراطية إلى الديمقراطية، أي إلى التفتت والانحلال. واعتبر أن الدولة لا تجد الأمان إلا في أيدي الحكماء من رجالها، ورجال القانون من أنصارها، أصحاب المثل الأخلاقية العليا الني يتم فرضها على كل عناصر المجتمع، ليظلوا على الطريق القويم الذي رسموه لهم. معتبراً أن هذه الصفوة من البشر تجعل العقل يسيطر على عواطف القلب وغرائز الجسم.
نظرية الصحافة الحرة: سميت هذه النظرية بنظرية الصحافة الحرة كونها تؤمن بالفرد أساساً، وتعتبر أن الفرد يولد وهو مزود بحقوق طبيعية، وتؤمن وتفترض أن الفرد كائن عقلاني وأخلاقي وأن أخلاقيته تحدد له ما يجب المحافظة عليه دون قانون، أي تمتعه بالحرية المطلقة في حياته، وآرائه، والدعوة إلى العيش الكريم دون أي تدخل من السلطة. ويرى أصحاب هذه النظرية أن الفرد أسمى من الحكومة، ومن الدولة. وأن الدولة هي وسيلة فقط، أو واسطة يمارس من خلالها الفرد نشاطه، وحين تقف الدولة في وجهه فعليه محاربة تلك القوة التي تمنع تحقيق أهدافه التي يرغب الوصول إليها.
وقد ولدت هذه النظرية من صلب نظرية السلطة المطلقة، والاستبداد العبودي للإنسان متمثلة بسلطة: طبقة النبلاء؛ وطبقة الإقطاع؛ وسلطة الكنيسة. التي عانت منها الشرائح الاجتماعية على اختلاف أنواعها بالاضطهاد السياسي والاقتصادي والنفسي وحتى الديني، وكان الظلم المتمثل بنظام الأقنان من أقسى أنواع الظلم البشري، ولذلك فقد تمتع النظام الحر أو الليبرالي في بعض التسميات، بمسحة سحرية تمتع بها الفرد ومن ثم المجتمع بالديمقراطية الليبرالية والتقدم بمعايير ذلك الزمن.
مبادئ النظرية الحرة: تعتمد النظرية الحرة على مبدأين أساسيين هما: مبدأ الفردية؛ ومبدأ المنافسة. ويرتبط هذان المبدآن ارتباطاً وثيقاً بالنظريات الاقتصادية والسياسية. ويعتبر مبدأ الفردية أو الحرية الفردية من المبادئ الواضحة في مفهوم النظرية الحرة ويرتكز أساساً على حرية النشاط الفردي في المجالات الاقتصادية والسياسية، كرد فعل لما ظل سائداً لقرون طويلة من اضطهاد للفرد من قبل الإقطاع. حيث ناضل الرواد الأوائل لهذه النظرية من أجل أن تظل الحكومات بمنأى عن التدخل في شؤون الأفراد ونشاطاتهم الاقتصادية والفكرية. وفي شؤون وسائل الاتصال والإعلام أيضاً.
إيديولوجية نظرية الصحافة الحرة: وكان ظهور نظرية الصحافة الحرة نتيجة للتطورات الفكرية والأحداث السياسية الاجتماعية التي مر بها المجتمع الأوروبي. ومن أهم تلك الأحداث في التاريخ الأوروبي الحديث: اندلاع الثورة الفرنسية عام 1789م التي أعلنت حقوق الإنسان وطرحت مبادئ كان لها تأثير كبير في التاريخ الإنساني، وسمحت للفرد بالتحرر ومزاولة نشاطاته الاقتصادية والفكرية دون أي نوع من أنواع التدخل من جانب الدولة. واعتبرت الدولة مسؤولة عن وظائف محددة هي: المحافظة على القضاء والأمن في الداخل؛ والدفاع عن الوطن ضد أي اعتداء خارجي؛ واحترام حقوق المواطن في التفكير والعمل الاقتصادي والاجتماعي والفكري والسياسي. وساعد ظهور نظرية الحرية[xiv] على ظهور الديمقراطيات الرأسمالية، ومن ثم ظهور الاحتكارات بأوسع معانيها.[xv]
وحقق مفهوم نظرية الحرية انتصارات كبيرة على صعيد المجتمع الأوروبي وعلى صعيد الفرد فتوسع التعليم الذي لم يكن متيسراً كما هو معروف الآن قياساً بما تحقق بعد زوال العهد الإقطاعي الاستبدادي، ومنح حق الانتخاب لأكثر المواطنين ومنها حق الفرد في ممارسة نشاطاته الاجتماعية، والتنافس للحصول على أكبر قدر ممكن من الربح المادي، وزيادة الإنتاج مما حقق للمجتمعات الرفاهية والتقدم.
وظهر مفهوم الحرية بادئ الأمر في أوساط الطبقة الوسطى في المجتمع الأوروبي، التي طالبت بالحرية، وضمان حقوق الأكثرية في المجتمع. وتجلى هذا الأمر بالوضوح عندما تبنت الحركات السياسية مبدأ المناشدة بالحرية. وكان لظهور الفيلسوف جون لوك أثر كبير على تطور نظرية الحرية، عندما قال: بأن الشعب هو مصدر السلطات. ويفسر هذا القول أن الشعب يمكنه أن يسحب السلطة متى شعر بأن الحكومة لا تعمل لصالحه. وجاء جون ملتون 1644م ليقول: أن الحقيقة لا تضمن لنفسها البقاء إلا إذا أتيحت لها الفرصة لأن تتقابل وجهاً لوجه مع غيرها من الحقائق في طرح كامل وبحرية تامة. بينما رآى جون راسكين: أن كل إنسان يسعى لتنوير الآخرين لا إلى تضليلهم، ومن حقه أن ينشر كل ما يدور بعقله وما يختلج ضميره سواء أكان في الموضوعات الحكومية أم في الموضوعات الخاصة. أما جون ستيوارت فقال: أن من حق الفرد الناضج في المجتمع أن يفكر ويتصرف كما يشاء مادام لا يؤذي أحداً بتفكيره أو تصرفه. وما دام هذا التفكير والتصرف يؤدي إلى منفعة الآخرين. وانتشرت هذه الطروحات الفلسفية في الولايات المتحدة الأمريكية وأوروبا، وكانت ترمي في الأساس إلى ما يلي: تطبيق الحرية بمعناها الواسع؛ واحترام الإنسانية وحفظ قيمة الفرد؛ وضمان مستقبل الفرد؛ وتحقيق الرفاهية والسعادة للمجتمع. ولم تجد تلك المبادئ طريقها إلى التطبيق إلا في العقود الأخيرة من القرن العشرين، في ظل هيمنة الدول الصناعية المتقدمة وسيطرتها على الاقتصاد ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
الصحافة الحرة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية: لكل نظرية من النظريات شكلها المعين ومفاهيمها المعينة التي تسيطر من خلالها على أساليب وأنماط الإعلام. وتنبع فلسفة الإعلام عادة من فلسفة الدولة، فالإعلام في نظرية السلطة المطلقة هو إعلام استبدادي إستعاضي، أي أن الدولة كما ذكرنا تحل محل الشعب عن طريق كتابها وألسنتها الناطقة باسمها، ولا تسمح إطلاقاً إلا بما يراعي مصالحها وتوجهاتها. إضافة لفرضها رقابة قسرية على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
وقد أدى ظهور نظرية الحرية إلى صراع تمثل بين المفهوم الغربي للحرية، والمفهوم السوفييتي للحرية، إبان الحرب الباردة بين المعسكرين الغربي بقيادة الولايات المتحدة الأمريكية، والشرقي بقيادة الإتحاد السوفييتي والاختلاف المطروح كان: أيّ المفهومين أصدق أو أقرب أو أنفع للفرد والمجتمع؟ فكلا الجانبي كانا يتهمان بعضهما باضطهاد الإنسان واستغلاله وكل منهما طرح أسلوبه وأفكاره وفلسفته بين الجماهير وروج لها بين الشعوب. وقد سَخِرَ الماركسيون من الحرية النظرية التي عرفها العالم الغربي عندما أعلن ستالين: " إنه لا معنى مطلقاً للحرية بالنسبة للمتعطل عن العمل، ولا معنى للحرية بالنسبة للجائع فإن الحرية لا توجد إلا عندما يختفي الاستغلال والتسول والخوف أو يختفي شبح البطالة من المجتمع اختفاء تاماً ".[xvi]
وهذا كلام واضح لا يحتاج إلى تعليق. فالسخرية تبدو رافضة تماماً لهذه النظرية. بينما أعلن الغربيون أن صحافتهم تتمتع بالحرية المطلقة وأن الصحافة السوفييتية تنوء تحت وطأة السلطة، وأنها تخضع كل الخضوع للرقابة الحكومية أو رقابة الحزب الواحد. بينما أعلن السوفييت أن صحافتهم غير مأجورة كالصحافة الأمريكية التي اتهموها بأنها مأجورة، وأن الصحافة السوفييتية ليست خاضعة لسيطرة رأس المال والاحتكار كما هو الحال في الغرب. ووصفت الصحافة الأمريكية نفسها بأنها صحافة الخبر وأنها تساير في ذلك التطور الصحفي في البلاد المتقدمة، وأنها قادرة على نشر الأخبار بسرعة فائقة، وأنها أقدر من سواها على تسلية القارئ وإمتاعه وتزويده بالمعلومات النافعة.
بينما ردت الصحافة السوفييتية بقولها أن السبق الصحفي في الأخبار وتسلية القراء لا يعتبران جزءاً من الخدمة العامة التي تقدمها الصحافة الرشيدة للشعب. كون أن خبر التسلية والترفيه عن القراء كثيراً ما يكون منافياً للشرف الصحفي وفق المفهوم السوفييتي.
وعلى العموم فإن الغرب يضع الحرية في المرتبة الأولى والمسؤولية في المرتبة الثانية بينما السوفييت قبل الانفتاح الغورباتشوفي في ثمانينات القرن العشرين كانوا يضعون المسؤولية أولاً والحرية بعد ذلك. وتغيرت الظروف والطروحات بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي، ولاحت تباشير الانفتاح على المفهوم الغربي للحرية والديمقراطية في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المستقلة التي قامت على أنقاض الإتحاد السوفييتي السابق، وأنقاض المنظومة الاشتراكية السابقة التي كان يقودها الإتحاد السوفييتي السابق. وراحت تلك الدول تبحث عن مكان لها في النظام العالمي الجديد، منفتحة على العالم بعد سنوات طويلة من العزلة والمواجهة.
النظرية الاشتراكية للصحافة: ظهر مفهوم النظرية الاشتراكية مع بداية عام 1830 واستمر في تطوره حتى عام 1948. وخلال هذه الفترة الطويلة التي دامت أكثر من قرن، ظهر الكثير من المفاهيم والمذاهب الفلسفية والأفكار السياسية المكملة لمفهوم الاشتراكية. وكان أولها ما ظهر في فرنسا إبان الثورة الفرنسية التي اعتمدت على المنشور والمطبوع في نشر أفكارها. ولأول مرة ظهر مصطلح الاشتراكية بمعناه السياسي الحديث الدال على نظام اجتماعي واقتصادي في الصحافة عندما نشرت صحيفة (كلوب) عام 1832م مقالة عنها بقلم بيير ليرو أحد أتباع مدرسة سان سيمون الفلسفية. وأطلق تعبير الاشتراكية للتعبير عن الفلسفة الاجتماعية الإصلاحية التي آمن بها أتباع هذه المدرسة المؤمنة بالنظرة الإنسانية إلى الطبقات المعدمة. ولكن سرعان ما اتسع مدلول الاشتراكية بفضل فورييه، وبرودون، ولويس بلان، لتعبر عن التطلع إلى نوع جديد من النظم الاجتماعية.
التيارات الاشتراكية: تبلورت في أوروبا ثلاثة تيارات اشتراكية، وهي تيارات تمثل خلاصة للصراع الإنساني ضد الاحتكار الرأسمالي وفق المفهوم الاشتراكي، وهي:
الاشتراكية الإنتاجية: التي تتبنى مشاريع تنمية الثروة القومية، وإطلاق طاقات رأس المال في المشروعات الإقليمية والعالمية. داعية الناس القادرين على الإنتاج والبذل. وفق مفهوم الكل منتج دون تدخل من الدولة، تاركين الأمر للتجار والصناعيين والمثقفين والعلماء والفنيين لتحقيق الكفاية، وتزعم هذه المدرسة الفيلسوف سان سيمون وأتباعه.
الاشتراكية التعاونية: وتزعم هذا الاتجاه في إنكلترا الفيلسوف ورجل الصناعة روبيرت أوين، وفي فرنسا شارل فورييه، واعتبر أوين أن حل المشكلة يتوقف على خلق النموذج الاشتراكي الإنساني الذي سوف يجذب أصحاب النوايا الطيبة من الأغنياء ورجال المال والصناعة. وأعطى المثال بنفسه عندما أقام مستعمرة اشتراكية على أساس المساواة المطلقة والمشاركة في الجهود والأرباح، وانتفاء الأسلوب الرأسمالي الاستغلالي في التعامل.
الاشتراكية العلمية: الذي صاغ نظريتها الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية كارل ماركس، بعد استيعابه العلمي للفلسفة الجدلية لهيجل، ومذهب آدم سميث للاقتصاد الحر، والدراسات الفلسفية الاجتماعية لسان سيمون وتلاميذه.
دعائم النظرية الاشتراكية للصحافة: تقوم النظرية الاشتراكية العلمية للإعلام على دعائم أساسية هي: ملكية الشعب لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ وربط مؤسسات ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالمجتمع الاشتراكي، ربطاً وثيقاً، وتحديد دور إيجابي يلتزم به جميع العاملين في الميدان الإعلامي.
وبهذا الوضع وتطبيقاً لهذه الأفكار فإن الصحافة التي تؤمن بهذه الفلسفة هي صحافة واقعية لا عناية لها إلا بالموضوع أو الموضوعية الأكاديمية، لذلك فهي تؤمن بالواقع الملموس من المكاسب التي تحصل عليها الطبقة الكادحة. وتضع المسؤولية العامة اتجاه الطبقة أولاً والحرية ثانياً. وعلى هذا الأساس أصبح للحرية الصحفية في النظام الاشتراكي معنى مخالفاً تماماً لمعناها في النظام الرأسمالي، ووفقاً لمصالح الطبقة الكادحة[xvii] فإن النظام الإعلامي الاشتراكي يؤمن بما يلي: حرية القول؛ وحرية الاجتماع بما في ذلك الاجتماعات الشعبية؛ وحرية التجمع أو المواكبة أو التظاهرات لتحقيق غرض معين. ولم يعد في الإمكان التحدث عن نظرية إعلامية اشتراكية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، وتفكك الجمهوريات السوفييتية إلى جمهوريات مستقلة ذات سيادة واستقلال وطني، وتحول أغلبية دول المنظومة الاشتراكية إلى أنظمة ديمقراطية لها أساليبها السياسية والإعلامية الخاصة بها وعلاقاتها الدولية المبنية على مفاهيم جديدة. بل أن بعض تلك الجمهوريات الجديدة أخذت تعمل على تكييف نظرية الإعلام الحر مع ممارساتها الإعلامية الفعلية.
نظرية المسؤولية الاجتماعية: ولدت هذه النظرية نتيجة للمعاناة من النظريات التي سبقتها. وقد يكون أيضاً بسبب تأثير نتائج الحرب العالمية الثانية. وقد وجد المفكرون في المبادئ والوظائف والصيغ الجديدة انعكاساً للنظرية الليبرالية. وأعتبر القرن العشرين الميدان التطبيقي لأفكار هذه النظرية في المجتمع والدولة، وكان أمثل تطبيق لأفكار هذه النظرية الولايات المتحدة الأمريكية التي طبقت فيها ومن ثم أخذت بالانتشار في بقية أنحاء العالم. وتوجهت أفكار ومبادئ هذه النظرية بالنقد لأفكار النظرية الليبرالية (نظرية الحرية). ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية: إعطاء الحقيقة إلى الفرد ولا يحق التستر عليها ولا يجوز تزويد الفرد بمعلومات كاذبة أو ناقصة؛ وممارسة النقد البناء والقبول بأي فكرة أو طرح جديد من قبل الفرد وتقبل مناقشة ذلك الفرد، لتصحيح الخطأ إن وجد بأسلوب ديمقراطي بناء هادف وهادئ؛ ونشر أهداف المجتمع وخططه التربوية والتعليمية والاقتصادية. فالإعلام يهدف إلى خدمة المجتمع ويبشره بالرفاهية، واحترام حقوق الفرد السياسية والاقتصادية والثقافية والاجتماعية؛ وإتاحة الفرصة للفرد للحصول على المعلومة التي يستفيد منها أو يريد أن يتعلمها أو يضيفها إلى حصيلة مستواه الثقافي والسياسي من خلال فكر الدولة أو فكره الشخصي.
وتتلخص الوظائف العامة لنظرية المسؤولية الاجتماعية بما يلي: خدمة النظام السياسي المتفق عليه من قبل الأغلبية الساحقة للشعب؛ وإعلام الرأي العام وإعلاء ممارسة حكم الشعب لنفسه؛ وحماية حقوق الأفراد في المجتمع، وحقوق الدولة لخدمة المجتمع باحترام النظام العام، واحترام حق الاتصال والإعلام؛ وخدمة النظام من خلال إبراز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية؛ وتقديم البرامج المتوازنة الخاصة بالتسلية والترفيه للفرد من خلال ذلك القسط من الحرية الممنوحة من الدولة وبما يحقق راحة الجميع؛ والتركيز على مبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ولقد واجهت هذه النظرية بعض أوجه النقد للنظرية الليبرالية (الحرية) وتمثل هذا النقد في: أن الصحافة لم تؤد دورها الصحيح في عرض وجهات النظر المختلفة للأفكار المطروحة في المجتمع. بينما تؤمن نظرية المسؤولية الاجتماعية بضرورة إعطاء الحقيقة ووجهات النظر المختلفة كلها دون مراوغة أو تضليل للفرد وإنما منحه حقيقة الفكر المطروح من خلال وسائل الاتصال والإعلامي الجماهيرية؛ وأن نظرية الحرية الليبرالية تهدف إلى إثارة الأحاسيس والمشاعر في المجتمع. ولذلك فإنها لا تعطي الحقيقة كلها بل تجزئها وأحياناً تحرفها، بشكل يؤدي إلى خداع المجتمع في النهاية، وقد يساند الفرد ممارسات تلك الدولة أو تلك دون أن يعرف توجهها الصحيح، ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان أنه كان مخدوعاً. بينما تخالف نظرية المسؤولية الاجتماعية هذا الرأي وتؤكد على ضرورة ممارسة حرية إعلام المواطن بالخبر والحدث ومنحه حق منافسة الدولة والآخرين بشكل يؤدي إلى العمل والتعاون والتقدم.
وتتحمل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بقدر من المسؤولية في ممارسة البناء والنمو الاجتماعي على أساس الالتزام بحقوق الآخرين. فالحرية تنطوي على قدر كبير من المسؤولية الاجتماعية فلذلك فإن الحرية ليست حقاً طبيعياً يعطى دون مقابل، بل حقاً مشروطاً بمسؤوليات يمارسها الإنسان اتجاه نفسه واتجاه المجتمع.
ولا حق لأحد بالاعتداء على حريات الآخرين. أي أن الحكومة والشعب يعطيان لوسائل الاتصال والإعلام حقها في حرية التعبير، ولكن في نفس الوقت يمكن أن يفقد هذا الحق فيما لو أسيء استعماله ولا يمكن عزل المجتمع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والدولة عن بعضهم البعض
فالتمتع بالحقيقة وحرية الرأي أمران ضروريان للأطراف الثلاثة الدولة والمجتمع ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لأن الغاية واضحة للجميع. وتبدأ عملية تفكير الفرد فور تسلمه للخبر، الذي يناقشه مع نفسه أولاً، ومن ثم مع السياسة المعلنة للدولة ووسيلة الاتصال أو الإعلام الجماهيرية المنتمية لتلك الدولة مخالفة أم مؤيدة لرأي وفكر الحكم في الدولة.
وبذلك يصبح الفرد متمتعاً بالحرية الحقيقية والقدرة على التعبير عن رأيه وأفكاره ومفاهيمه ومواقفه. إلا أن هذا لا ينفي وجود الرقابة الموضوعية على النشر. إذ أن الرقابة موجودة ولا تسمح بنشر أي شيء يتعارض وتوجه وخدمة الجماهير العريضة، ولا يهم الرقابة الآراء المتعلقة بالأفراد كأفراد، لأنها تضع مصلحة المجتمع فوق كل المصالح، وتحترم المصلحة الجماعية لذلك المجتمع.
نظرية المسؤولية العالمية للصحافة: تهدف نظرية المسؤولية العالمية، إلى: ربط أجهزة الاتصال والإعلام الجماهيرية والعاملين فيها بقضية الإنسان في كل مكان؛ ورفع مسؤولية الاتصال والإعلام الجماهيري إلى مستوى القضايا العالمية التي تحتاج إلى كلمة الحق المنزهة عن الهوى، وإلى الموضوعية التي تفتقر لها أجهزة الاتصال والإعلام الجماهيرية في المجتمعات المختلفة؛ وتحقيق المساهمة الإيجابية لأجهزة الاتصال والإعلام الجماهيرية في معركة الوجود الإنساني نفسه؛ ونبذ ومحاربة التهديدات الإنسانية المصيرية والمتمثلة في الحرب النووية والاحتكارات والمصالح الدولية.
وأهداف وغايات هذه النظرية بالأساس تنبثق من مفهوم خدمة المجتمع الإنساني ككل. وهذه النظرية تعتبر امتداداً للنظريات الإعلامية السابقة ولكنها قد تكون أكثر شمولاً منها كونها تنطلق من وإلى المجتمع الإنساني الأشمل. دون تحديد لجنس هذا المجتمع لأنها ترفض الأفكار العنصرية والعرقية والدينية وتعمل على خدمة الإنسان من كل جوانب حياته، وتؤمن بتوفير الحرية الكاملة والكافية التي تمكن الإنسان من إبداء رأيه وأفكاره، من خلال وسائل الإيصال والإعلام الجماهيرية المتاحة. وتتلخص فلسفة هذه النظرية بالعبارة التالية: (حب الإنسان للإنسان).... ومهما تكن الاختلافات بين الإنسان والإنسان الآخر، فإن شعار هذه النظرية يؤكد على التآخي، ودعوتها الصريحة تتسم بالبساطة والوضوح. فقد استندت إلى حقيقة موضوعية في ارتباط الإنسان بالإنسان الآخر، من حيث الحضارة، والمصالح، والتاريخ، والجغرافية، والديانات، وكل ذلك يستدعي من الإنسان أن يحب لأخيه الإنسان الآخر ما يحب لنفسه في العالم الإنساني الواسع الفسيح الأرجاء.
فقد تختلف أو لا تختلف الغاية من الأهداف التي تتضمنها هذه النظرية. إلا أن الغاية الأساسية تركز على تكييف طبيعة الصراع الإنساني لتحقيق الغاية الأسمى. غير أن هذه النظرية لا يمكن تحقيقها ما لم يظهر من بين دعاتها أفراداً مخلصون لمبادئ الإنسانية عموماً، لأن الذاتية كنزعة إنسانية فردية تقود بعض المنظرين والسياسيين المتزعمين لحركة المجتمع أو المتزعمين لحركته الفلسفية والفكرية إلى ضيق الأفق.
والإخلاص هنا يرتكز على مبادئ الإنسانية جمعاء، وليس على المبادئ الذاتية التي تضلل الناس المتطلعين إلى السلام والحرية. ومحاربة كل وسائل الاتصال والإعلام الرأسمالية التي تعمل على إستيلاب حياة الناس واستلاب رغيف الخبز الذي يعيشون عليه.
وتعتبر أن الإنسان المتطلع إلى مبادئ المسؤولية العالمية بحق، هو ذلك الإنسان المنادي بالحرية الحقيقية وبمفهومها الحقيقي، ومعناها المناهض للوسائل المتخلفة التي تعمل على تفكيك وتجزئة شعوب العالم من خلال النزاعات الدينية، والتوسعية، والعبودية الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، التي في النهاية تحطم الإنسان في كل مكان. لذلك ومع توسع الثورة المعلوماتية والتكنولوجية وخضوع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للاحتكارات أو الفئات الحاكمة والسير في ركابها وعدم ارتباطها بالمجتمع وتسخير قدراتها لخدمة قضاياه، فإن تطبيق هذه النظرية العالمية يحتاج إلى أولئك الرجال الذين يستطيعون تخطي الحواجز الإقليمية والارتفاع فوق الصراعات والمصالح الشخصية والمحلية والإقليمية، والنظر إلى الإنسان كإنسان في كل مكان.
ولقد وجدت محاولات فردية كالمحاولة التي قام بها الفيلسوف البريطاني برتراند راسل، وعارض فيها الحرب الفيتنامية، وجهود بعض الكتاب الأحرار في مقاومة الاحتلال والحروب والتفرقة العنصرية.
ولكن هذا الذي يحدث هنا وهناك لم تواته القوة المؤثرة بعد، ولا زالت تلك النظرية بعيدة عن الرواج أو التأثير. كما ونجد أن الكثير من المحاولات الإعلامية والسياسية العالمية لمناصرة حقوق الشعوب المضطهدة وقضاياها العادلة، وفضح المخططات التوسعية والعنصرية في العالم، دون المستوى المطلوب.
ونرى أن الأمم المتحدة معنية في إعادة النظر في جميع الممارسات الاتصالية والإعلامية الجماهيرية الدولية المستندة على مبدأ حق امتلاك التكنولوجيا، الذي يعني حق احتكار المعلومات. فالقضايا الإنسانية وحقوق الشعوب المهضومة جميعها تمثل جوهر عملية الاتصال والإعلام الإنساني الموالي للحب والسلام والوئام بين شعوب العالم على أساس الاحترام المتبادل وتبادل المنافع والمصالح الإنسانية.[xviii]
الفصل الثالث: نشأة وتطور وكالات الأنباء العالمية. تعتبر وكالات الأنباء العالمية من المصادر الإعلامية الهامة التي تعتمد عليها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بشكل أساسي للحصول على المواد الإعلامية المختلفة وخاصة آخر الأنباء عما يجري حولنا من أحداث في العالم العاصف دائم التغير. وتدخل هذه الوكالات في إطار التبادل الإعلامي الدولي كجزءٍ من سياسات القوة التي تعتمد عليها الدول الكبرى والدول المتقدمة في العالم لتحقيق جزء هام من سياساتها الخارجية والدفاع عن مصالحها الحيوية في أنحاء العالم المختلفة.[xix] وتعتبر فرنسا المهد الذي رأت فيه النور أول وكالة أنباء في العالم عام 1845.
الجمهورية الفرنسية: في عام 1840م كتب أنوريه دي بلزاك في مجلة باريسية مقالة قال فيها: "أن الجمهور يمكنه التصديق بأنه يوجد صحف كثيرة، ولكن في الحقيقة لا توجد إلا صحيفة واحدة ..... فللسيد هافاس مراسلين في العالم بأسره، وتصله الصحف من البلدان المختلفة في الكون، وهو الأول .... لأن كل صحف باريس امتنعت، لأسباب اقتصادية عن العمل لحسابها. بسبب المصاريف، ولكن المصاريف التي يتحملها السيد هافاس أكبر، وله الآن الاحتكار. وكل الصحف التي امتنعت في الماضي عن ترجمة الصحف الأجنبية، وعن اعتماد المراسلين، تتلقى اليوم المساعدة من السيد هافاس الذي يزودها بالأخبار الأجنبية في ساعة محددة لقاء مبلغ شهري .... وتقوم كل صحيفة بصبغ تلك الأخبار التي يرسلها إليها السيد هافاس باللون الأبيض أو الأزرق أو الأخضر أو الأحمر....".[xx]
ويعتبر شارل هافاس اليهودي الفرنسي، أول من أطلق اسم وكالة الأنباء على الوكالة التي حملت اسمه أي وكالة هافاس، في باريس عام 1845م، وكانت أول وكالة تمارس تجارة الأخبار والإعلانات في العالم.[xxi] وقد استفاد هافاس من الخبرة التي تكونت منذ القرن السادس عشر لدى الصرافين في مراسلاتهم ، واستفاد خاصة من الحادثة التي سمحت لأسرة روتشيلد التي كانت تمارس المراسلة مع الصرافين أن تصبح من الأسر الثرية عندما علمت بخبر انتصار إنكلترا في معركة واترلو قبل حكومة ملك إنكلترا بثمان ساعات. واستفاد هافاس كذلك من الموقع الهام لمكتبه الذي افتتحه عام 1832م، وسط العاصمة الفرنسية باريس بالقرب من مركز البريد، وبورصة باريس التجارية، والمحكمة، ومقرات الصحف الباريسية.
ومنذ عام 1857 أخذت وكالة هافاس تتمتع بشهرة واسعة، تتناسب وشعارها (المعرفة الجيدة والسريعة)، واستعملت وكالة هافاس كل الوسائل المتاحة آنذاك لتأدية عملها. من استخدام الحمام الزاجل في الاتصالات اليومية بين باريس ولندن وبروكسل. إلى استخدام التلغراف الذي أخترع عام 1837، ووضع في الخدمة العامة أمام الاتصالات الخاصة، اعتبارا من عام 1850 عبر الكابل البحري الذي امتد تحت مياه بحر المانش عام 1851، وتحت المحيط الأطلسي عام 1866، واستخدمت كذلك التيليسكربتور من عام 1880. وكانت وكالة الأنباء الفرنسية وريثة وكالة هافاس أول من استخدم الراديو تيليسكربتور في العالم عام 1950.
وعندما عانت وكالة هافاس من أزمة مالية حادة، أثناء الأزمة الاقتصادية العالمية، في الثلاثينات من القرن العشرين، قامت الحكومة الفرنسية بالتدخل لمساعدتها مادياً.
ولما انهزمت فرنسا أمام ألمانيا النازية مع بداية الحرب العالمية الثانية، وقعت وكالة هافاس تحت السيطرة الألمانية، وحكومة فيشي الفرنسية التابعة لألمانيا، وأصبحت بذلك تابعة للديوان الفرنسي للإعلام، تخضع لرقابة الدولة الفرنسية وجماعة تجارية ألمانية اعتبارا من خريف 1940.[xxii] في ذلك الوقت الذي اتخذت فيه الحكومة الفرنسية الحرة من لندن مقراً لها تقود منه المقاومة ضد النازية، وليتحول بذلك مكتب وكالة هافاس في لندن وبعض مكاتبها الأخرى في العالم إلى أداة من أدوات كفاح حكومة فرنسا الحرة والحكومة المؤقتة في الجزائر[xxiii] ضد الاحتلال النازي.
وبعد هزيمة النازيين وتحرير فرنسا من احتلالهم عام 1944، صدر مرسوم عن الحكومة الفرنسية بتاريخ 30/9/1944 يقضي بإنشاء وكالة الأنباء الفرنسية أجنسي فرانس بريس AGENCE FRANCE PRESSE (AFP)، كوريثة لما تبقى من وكالة هافاس، تتمتع من الناحية القانونية باستقلال كمؤسسة عامة مستقلة مالياً، مع إمكانية حصولها على إعانات مالية من الحكومة الفرنسية.
وفي عام 1954 ترأس AFP جان ماران، وكان يعمل فيها آنذاك حوالي 2000 موظف و700 صحفي، ولها 18 مكتب في فرنسا، و 92 مكتباً في الخارج، ومراسلين في 157 دولة. وكانت توزع حوالي 500,000 كلمة يومياً، إضافة لمصالحها في 138 دولة، و12400 مشتركاً بين صحيفة ومحطة إذاعية مسموعة ومحطة إذاعية مرئية. و 447 مشتركاً خاصاً.
وتوزع AFP أنباءها باللغات الفرنسية والإنكليزية والإسبانية والألمانية والعربية والبرتغالية. إضافة لامتلاكها لمراكز استماع للإذاعات الأجنبية، وخاصة إذاعة موسكو وبعض الدول الشرقية، والشرق الأوسط والشرق الأقصى. ومركزاها في ليما وسنغافورة اللذان يرسلان الأنباء الهامة مباشرة لمشتركيها في أمريكا اللاتينية وقارة آسيا دون الحاجة لإرسالها عبر باريس. وحققت أعمال AFP عام 1967 مبلغ 89,811,600 فرنك فرنسي، في الوقت الذي كانت فيه ميزانيتها لذلك العام 50 مليون فرنك فرنسي فقط.[xxiv]
وحسب مصادر AFP فإنها تنقل الأنباء بصدق وموضوعية، وتتسم بطابع استقلالي. ولكن المتابعة الموضوعية لما تنشره AFP يظهر لنا بوضوح أنها وسيلة من وسائل السياسة الخارجية الفرنسية، من خلال تركيزها في نقل الأخبار على الأولويات التي تراها مناسبة لها، بما يتناسب والمواقف الفرنسية. ومما يساعد AFP على الانتشار الواسع في العالم الخبرة الطويلة التي تتمتع بها، والمناخ السياسي العام في فرنسا، وإمكانياتها المادية والتقنية وقدرات السياسة الخارجية الفرنسية، إضافة لدعم الحكومة الفرنسية لها.
المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وايرلندا الشمالية: في عام 1851م افتتح جوليونس رويتر اليهودي الألماني الذي اكتسب الجنسية الإنكليزية عام 1857م، وتعلم في باريس على يد شارل هافاس، مكتباً للأنباء في لندن كشركة تجارية عادية، وسرعان ما تحول هذا المكتب إلى وكالة للأنباء ووسيلة هامة من وسائل السياسة الخارجية البريطانية، الأمر الذي ظهر جلياً واضحاً إبان الحرب العالمية الثانية.
واستفاد رويتر من مد الكابل البحري بين دوفر وكالي، ليوفر عامل السرعة في إرسال واستقبال الأنباء. ومن ثم حصل على موافقة سرية أثناء الحرب الأمريكية لمد كابل بحري عبر المحيط الأطلسي ربط بين مينائي كروك و كروكابين على ساحل ايرلندا. وسير سفناً أبحرت بمحاذاة السفن الأمريكية لتلتقط محافظ الأخبار الجاهزة منها وإيصالها لمراكز التلغراف التابعة له موفراً بذلك حوالي ثمان ساعات عن الطرق المألوفة آنذاك. وأطلق على هذه الطريقة اسم: التلغراف الناقص. وهي الفكرة التي استفادت منها الصحافة الأمريكية عندما أنشأت كبريات الصحف في نيويورك أول وكالة للأنباء اتفقت مع سفن الركاب المتوجهة عبر المحيط الأطلسي لالتقاط الأخبار الواردة من أوروبا عام 1848م بسرعة أكثر من انتظارها في نيويورك.
ومنذ العام 1941 أصبحت وكالة رويتر للأنباء مؤسسة مستقلة "تروست" وفق المفهوم البريطاني. وضم هذا التروست: نيوزبيبر بروبيتورز أسوسيشن، وشركة الصحف اللندنية، وشركة الصحافة، وشركة الصحافة الجهوية، وشركة الصحافة الأسترالية، وصحافة نيوزيلندة، وتعاونية الصحف الأسترالية والنيوزيلندية. ومعنى ذلك أن وكالة رويتر كانت ملكاً غير قابل للتجزئة لعموم الصحف في المملكة المتحدة، باستثناء الصحافة الشيوعية غير الممثلة في تلك الشركات.
وعمل في الوكالة حوالي 2000 موظف و 500 صحفي، وكان لها 75 مكتباً في 69 دولة. ووزعت حوالي 1,300,000 كلمة في اليوم على 6500 مشتركاً و4770 صحيفة في 120 بلداً في العالم. وكانت تملك أكثر مراكز الرصد الإذاعي في العالم، وأوسع خط للتيليسكربتور في العالم، يبلغ طوله 990,700 كلم حتى عام 1967 بامتياز استخدام نافذ لمدة خمسين عاماً. ومنذ عام 1961 استخدمت الكابل البحري الممتد تحت مياه المحيط الأطلسي: لندن - نيويورك.[xxv]
وأثناء الحرب العالمية الثانية تعرضت وكالة رويتر لأزمة مالية حادة، مما دعى الحكومة البريطانية لتقديم بعض المساعدات لها، إلا أنها سرعان ما استغنت عن تلك المساعدات.
ويقول الرسميون في وكالة رويترز، أن وكالتهم هي مؤسسة تمثل الصحافة البريطانية أساساً، وأنها تتوخى الموضوعية والدقة في أخبارها. ولكن تحليل مضمون موادها الإعلامية يبين أنها وسيلة من الوسائل الفعالة للسياسة الخارجية البريطانية، وأنها كسائر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية البريطانية تستخدم أساليب غاية في الدقة لإخفاء نواياها الحقيقية، الأمر الذي يساعدها للقول: أنها تعمل بموضوعية.
جمهورية ألمانيا الاتحادية: وفي برلين أفتتح اليهودي الألماني برنارد وولف الذي تتلمذ في باريس على يد شارل هافاس، مكتباً صحفياً أطلق عليه اسمه عام 1849م. ومن ثم أنشأ الخط التلغرافي للدولة البروسية الذي ربط بين برلين وأكس لاشبال. وبقيت وكالة وولف للأنباء أكبر وكالة أنباء في أوروبا حتى هزيمة ألمانيا النازية على أيدي الحلفاء.[xxvi]
وكانت هذه الوكالة واحدة من أكثر الوسائل فعالية من بين وسائل تنفيذ السياسة الخارجية الألمانية، وخاصة أثناء العهد النازي في ألمانيا، حيث أثبتت تفوقها حتى على وكالة معلمه هافاس الفرنسية. وانتهت هذه الوكالة بهزيمة ألمانيا النازية، لتحل محلها وكالة الصحافة الألمانية DPA التي تأسست عام 1949 في هامبورغ كشركة تعاونية يملكها ناشري الصحف ومحطات البث الإذاعي، على قاعدة وكالة الأنباء DENA في المنطقة الخاضعة للولايات المتحدة الأمريكية من ألمانيا، ووكالة الأنباء DPD في المنطقة الخاضعة لبريطانيا، ووكالة الأنباء SUEDENA في المنطقة الخاضعة لفرنسا، وافتتحت 46 مكتباً لها في ألمانيا و70 مكتباً في الدول الأجنبية، وتحصل DPA من مراسليها في ألمانيا ومختلف العواصم العالمية يومياً على 200 ألف كلمة توزع منها الثلث على مشتركيها عبر شبكتها الإلكترونية للتوزيع، لتصبح بذلك وسيلة من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية لألمانيا الاتحادية، وفق الدور المسموح لها به في السياسة الدولية، وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي، وحلف وارسو، والمنظومة الاشتراكية، وهدم جدار برلين الشهير، وانضمام الأراضي الشرقية التي كانت تعرف بجمهورية ألمانيا الديمقراطية إلى ألمانيا الاتحادية في مطلع التسعينات من القرن العشرين، جرت محاولة فاشلة خلال صيف 1990 لدمج وكالة الأنباء DPA مع منافستها وكالة أنباء جمهورية ألمانيا الديمقراطية AND.
وفي عام 1992 سلم مجلس الوصاية وكالة الأنباء ADN لبولكو هوفمان صاحب Effectenspiegel A G في دوسلدورف، والذي يملك أيضاً القسم الأكبر من رأس مال وكالة: DEUTSCHER DEPESCHEH - DIENST)) لتصبح بذلك وكالة الأنباء الألمانية DPA، ووكالة ADN، ووكالة DDP ((DEUTSCHE DEPESCHEN - DIENST من وسائل تنفيذ السياسة الخارجية لألمانيا الاتحادية. إلى جانب وكالات الأنباء الدينية EPD و KNA و VWD.
الولايات المتحدة الأمريكية: كونت بعض الصحف الأمريكية عام 1848م في نيويورك جمعية أطلقت عليها اسم جمعية أخبار الميناء Harbour News Association هاربور نيوز أسوسيشين، لتستفيد من خدماتها الإخبارية. وفي عام 1856م تبدل اسم هذه الجمعية إلى نيويورك أسوشيتد بريس New York Associated Press وتبع ذلك قيام عدد من وكالات الأنباء الصغيرة في أنحاء مختلفة من الولايات المتحدة الأمريكية. وكان الهدف من إقامة تلك الوكالات، الاقتصاد في نفقات الحصول على الأنباء، وأدى اتجاه هذه الوكالات نحو التركيز في نشاطاتها إلى نشوء الاحتكارات الإعلامية داخل السوق الأمريكية.
ويشترك في عضوية مجلس إدارة AP عدد من ممثلي الصحف والإذاعات الأمريكية، طبقاً لإسهاماتهم المالية، ويتكون مجلس الإدارة من 18 عضواً يتم انتخابهم مرة كل ثلاث سنوات، ويعين هذا المجلس المدير العام للوكالة. وتعمل الوكالة بشكل مستقل معتمدة في مواردها المالية على اشتراكات المشتركين فيها، وكان لها 34 مكتباً رئيسياً دائماً، ومئات المكاتب الصغيرة، وكانت تملك 600 ألف كم من خطوط التلغراف عبر أكثر من 100 دولة في العالم، وبلغ عدد موظفيها 7500 موظفاً. وقد تشكلت الوكالة أساساً على شكل جمعية تعاونية دون أهداف معلنة، وبلغ عدد المشتركين فيها 1778 صحيفة ومجلة أمريكية، و 2042 محطة إذاعية مسموعة ومرئية. وكانت توزع في اليوم أكثر من 3000,000 كلمة، على 8500 مشترك في العالم.[xxvii]
وفي عام 1958 اندمجت كلاً من: - United Press Association وكالة يونايتيد بريس أسوسييشين. التي تأسست عام 1907 نتيجة لاندماج عدد من وكالات الأنباء الأمريكية المحلية، ولم تشترك هذه الوكالة منذ تأسيسها في الاحتكار الدولي للأنباء مفضلة العمل بحرية داخل سوق الأنباء العالمية، كجمعية تعاونية (شركة تجارية). - و International News Service وكالة إنترناشيونال نيوز سيرفيس. التي تأسست عام 1909 وكانت عضواً في الاحتكار الدولي للأنباء. وشكلتا مع بعضهما بعد الدمج وكالة اليونيتيد بريس إنترناشيونال UPI. كمؤسسة تجارية عادية، لها 148 مكتباً في الولايات المتحدة الأمريكية، و100 مكتباً موزعة في مختلف دول العالم. وبلغ عدد موظفيها حوالي 10 آلاف موظفاً دائماً. ووزعت أكثر من 4 ملايين كلمة يومياً إلى 114 دولة في أنحاء العالم بـ 48 لغة. إضافة لامتلاكها لقناة خاصة لتوزيع الصور الفوتوغرافية (أونيفاكس) تعمل على مدار الساعة. وبلغ عدد المشتركين فيها 3609 صحف، و2325 محطة إذاعية، و 528 محطة إذاعة مرئية، و622 مشتركاً خاصاً.[xxviii]
وتعتبر وكالات الأنباء الأمريكية أداةً فعالة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، بفضل الانتشار العالمي الواسع الذي تتمتع به، ولاعتماد الكثير من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في شتى أنحاء العالم عليهم كمصدر لتلقي الأخبار العالمية. وهو ما أثبتته دراسات تحليل المضمون التي تناولت خدمات تلك الوكالات، حيث تبين أنها تعرض مختلف الموضوعات وفقاً لمفهوم السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية، والأولويات التي تطرحها تلك السياسة، ومن خلال متابعتها لتطورات الأحداث من خلال الخبر والتعليق، واستخدام المصطلحات Semantics.[xxix]
ومن المعروف أن وكالات الأنباء العالمية توزع أخبارها وفقاً لأولويات سياستها الإعلامية الخاصة، فإذا كان هناك خبراً عاجلاً وضعت في مقدمته عبارة Snap أو Urgent التي ترتبط بالأصوات العالية التي تحدثها أجراس أجهزة استقبال الأخبار، بقصد التنبيه لأهمية الخبر، وأثبتت دراسات تحليل المضمون أن هذا التوزيع كان مطابقاً للسياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية في أكثر الحالات المدروسة.
وهذا يعني أن وكالات الأنباء العالمية الأمريكية تعتبر أداة من أدوات تنفيذ السياسة الخارجية الأمريكية، وتعكس الأدوات الأخرى التي تعتمد عليها السياسة الخارجية الأمريكية، إضافة لتمتع وكالات الأنباء بخصائص إضافية منها تعدد المصادر التي تستقي منها الأخبار، ومنافستها لغيرها من وكالات الأنباء العالمية في الحصول على الأخبار، وتوزيعها لتلك الأخبار على مشتركيها قبل حصول الوكالات المنافسة على تلك الأخبار. وهو ما يعرف في عالم الصحافة بالسبق الصحفي. إضافة لتمتع وكالات الأنباء الأمريكية بقدرات مالية وتكنولوجية هائلة، وكوادر مؤهلة كفوءة تجعل منها أكثر قدرة على التنافس من وكالات الأنباء العالمية في دول العالم الأخرى.
روسيا الاتحادية: أنشأ النظام الجديد في روسيا بعد استيلاء البلاشفة على السلطة عام 1917، وكالة التلغراف الروسية التي باشرت عملها ابتداء من عام 1918، وبعد قيام الاتحاد السوفييتي تغير اسمها إلى الوكالة التلغرافية للاتحاد السوفييتي TASS تاس وكانت تابعة لمجلس الوزراء في الاتحاد السوفييتي السابق ويديرها أحد أعضاء المكتب السياسي للحزب الشيوعي السوفييتي السابق، وكانت تجمع الأخبار في 60 دولة، وتوزعها على المشتركين في 40 دولة، إضافة لاحتكارها تجميع وتوزيع الأخبار داخل جمهوريات الاتحاد السوفييتي السابق، باعتبارها المصدر الوحيد والإلزامي لجميع الصحف السوفييتية. وكان يعمل في هذه الوكالة حوالي 1500 موظف، ومقرها موسكو، وكانت توزع حوالي 1500 كلمة في اليوم كلها نصوص رسمية وشبه رسمية.[xxx] وبعد انهيار الاتحاد السوفييتي تحولت هذه الوكالة إلى وكالة ITAR TASS بينما تحولت فروعها في الجمهوريات السوفييتية السابقة إلى وكالات أنباء وطنية للجمهوريات المستقلة.
وفي عام 1961 أنشأت الحكومة السوفييتية وكالة نوفوستي الصحفية، لإنتاج المواد الإعلامية التي تعكس أوجه الحياة في الاتحاد السوفييتي السابق، وتعد هذه الوكالة مكملة لوكالة تاس في الإعلام السوفييتي، الذي عمل في إطار السياسة السوفييتية الداخلية والخارجية.
وقد سارت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السوفييتية، في إطار النظام الشيوعي السوفييتي الذي استخدم الدعاية كوسيلة من الوسائل الأساسية لتحقيق أهدافه، من خلال الإقناع وغسل الأدمغة، والتلقين الإيديولوجي، والتركيز على وجهة النظر السوفييتية فقط، وإهمال كل وجهات النظر الأخرى. خاضعة تماماً لسيطرة الحزب الشيوعي السوفييتي، ولا سيما لجنته المركزية، ومكتبه السياسي.
ولم تعرف وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السوفييتية طيلة فترة حياتها السبق الصحفي، كما هي الحال في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في غرب أوروبا والولايات المتحدة الأمريكية والدول السائرة على النمط الغربي. وكثيراً ما كانت تحدث أحداث جسيمة في الاتحاد السوفييتي نفسه وفي دول العالم الأخرى دون أن تنقلها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية السوفييتية بناءً على تقدير السلطات السوفييتية. ولهذا كان المواطن السوفييتي ملماً بمسائل من نوع خاص يحصل عليها بناءً على حسابات السلطة السوفييتية، ولا يعرف الكثير مما يدور حوله من شؤون العالم. وكثيراً ما كانت الأخبار تذاع بتأخير كبير قد يتجاوز عدة أيام بعد وقوع الحدث.[xxxi] وكانت تلك الأخبار بعيدة عن الموضوعية، تنشر الحقائق التي تدخل في إطار السياستين الداخلية والخارجية للدولة فقط.
وبهذا كانت تاس ونوفوستي أداة طيعة من أدوات الدعاية للسياسة الخارجية السوفييتية، حتى أن الكثير من الدول غير الشيوعية كانت تتجنب الاعتماد على وكالة تاس، وأن بعض تلك الدول اشتركت في وكالة تاس مجاملة للاتحاد السوفييتي كقوة عظمى آنذاك. وكانت تنشر حيزاً ضئيلاً جداً من الأخبار التي يوزعها الإعلام السوفييتي، وخاصة تلك التي تمس بشكل مباشر الاتحاد السوفييتي السابق وحلفائه المقربين. واقتصر اعتمادها على ما توزعه وكالات الأنباء الغربية فقط.
نشأة وتطور وكالات الأنباء الوطنية: الوكالات الوطنية للأنباء هي وكالات تمارس جمع وتوزيع الأنباء الداخلية في الدولة المعنية، وترتبط بوكالات الأنباء العالمية باتفاقيات ثنائية تخولها التقاط الأخبار التي توزعها تلك الوكالات ومن ثم توزيعها داخل الدولة المعنية من خلال شبكة توزيعها الخاصة. وهناك وكالات أنباء وطنية تتمتع بشهرة دولية تتعدى حدود الدولة المعنية، ومن بين هذه الوكالات:
وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا) Agenzia Nazional stamp associata (ANSA) أنشأت وكالة الأنباء الإيطالية (أنسا):[xxxii] على أنقاض وكالة أنباء ستفاني Stefani التي عملت دون انقطاع من عام 1853 حتى هزيمة الفاشية في الحرب العالمية الثانية. وفي 13/1/1945 بدأت أنسا عملها كشركة تعاونية ذات مسؤولية محدودة، تضم كافة الصحف اليومية الإيطالية.
وكالة أنباء الصين الجديدة Agency Hsin Hua أنشأت وكالة أنباء الصين الجديدة في 1/9/1937 لتحل مكان وكالة أنباء الصين الحمراء التي أسست عام 1929.[xxxiii] وتخضع هذه الوكالة للإشراف المباشر لمجلس الدولة والحزب الشيوعي الصيني، وهي المصدر الوحيد للأنباء بالنسبة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الصينية. مقرها في العاصمة بكين، ولها مكاتب في شنغهاي، وشن يانغ، وهان كيو، وسيان، وتشينغ كينغ، وعدد كبير من المراسلين في أنحاء الصين، و59 مكتباً خارج الصين منها 18 مكتباً في دول لا تقيم علاقات دبلوماسية مع الصين. وتنشر وكالة أنباء الصين الجديدة يومياً حوالي 62 ألف كلمة، منها 32 ألف كلمة تعالج الأخبار المحلية و 30 ألف كلمة تعالج الأخبار الدولية، إضافة للتقارير الصحفية التي تعكس وجهة النظر الرسمية الصينية من الأحداث المحلية والعالمية.
ووكالتي الأنباء اليابانيتين: وكالة أنباء كيودو نيوزسرفيس Kyodo Tsushin وكالة أنباء جيجي بريس سرفيس Jiji Tsushin اللتان أسستا عام 1945 بعد اختفاء الوكالة الرسمية للأنباء Domei.[xxxiv] وتعتبر وكالة كيودو التعاونية أول وكالة استخدمت طريقة Telefax لإرسال المعلومات عام 1949، كما واستخدمت Tele type Kanji الذي أقيم بالقرب من طوكيو وافتتح نحو 50 مركزاً وشبكة من المراسلين خارج اليابان، منذ عام 1960. أما وكالة أنباء جيجي فقد تشكلت كشركة مساهمة تهتم بالأخبار الاقتصادية والمالية، ومن ثم بدأت بتوسيع خدماتها الإعلامية اعتبارا من عام 1965 لتشمل الأحداث كافة.
وكالة الأنباء الكورية ين خاب تخون سين: أول وكالة أنباء كورية كانت وكالة أنباء خيبان تخون سين التي تأسست في عام 1945 مباشرة بعد إعلان قيام جمهورية كوريا. وتبعتها العديد من وكالات الأنباء الوطنية الصغيرة التي بمعظمها لم تستطع الاستمرار في العمل لصعوبات عدة. وفي عام 1980 ونتيجة لاندماج وكالتي الأنباء الكوريتين الجنوبيتين خابتون، وتونيان ظهرت وكالة أنباء ين خاب تخون سين التي استطاعت السيطرة على الخدمات الإخبارية في كوريا بعد ابتلاعها لثلاث وكالات أنباء وطنية صغيرة، لتصبح بذلك وكالة الأنباء المسيطرة في جمهورية كوريا. ويعمل في الوكالة 100 مراسل و 300 صحفي، ولها 13 مكتباً إعلامياً في أوروبا وأمريكا الشمالية والشرق الأوسط وجنوب شرق آسيا. وتتعامل مع 45 وكالة للأنباء بينها وكالات الأنباء العالمية الكبيرة أسوشيتد بريس، و UPI، ورويتر وفرانس بريس. وتقدم خدماتها الإعلامية باللغة الكورية لـ 500 مشتركاً محلياً، وتقدم خدمات إعلامية بحدود 5000 كلمة يومياً باللغة الإنكليزية لـ 110 مشتركين أجانب.[xxxv]
الوكالة العربية السورية للأنباء: وفي الجمهورية العربية السورية أحدثت الوكالة العربية السورية للأنباء (سانا) بموجب المرسوم التشريعي رقم 150 تاريخ 24/6/1965، وباشرت أعمالها فعلياً عام 1966، باستقبال وإرسال الأخبار والصور والتعليقات كمصدر وحيد للنشر والتوزيع لكافة الأنباء والصور في الجمهورية العربية السورية. ويدير الوكالة مدير عام، ويعاونه مدير عام مساعد، ورئيس تحرير، ورؤساء تحرير مساعدون، إضافة لمدير الشؤون الإدارية في الوكالة.
الهيكل التنظيمي في الوكالة: مديرية التحرير وتضم: قسم الدراسات والبحوث، قسم الأخبار الداخلية، قسم الأخبار الخارجية، قسم أخبار وكالات الأنباء العربية والأجنبية، قسم الأرشيف، قسم الاستماع السياسي، وقسم التصوير. مديرية الشؤون الإدارية وتضم: الدائرة الإدارية وشؤون العاملين، دائرة المحاسبة، قسم المراسلين، الديوان، أمانة السر. مديرية الخدمات الفنية وتضم: قسم الإرسال، قسم محطة الإرسال، قسم الصيانة، قسم الكهرباء والميكانيك، قسم الاستقبال اللاسلكي والخدمات المصورة، وقسم اللوازم الفنية. دائرة العلاقات العامة والتخطيط وتضم: قسم العلاقات العامة، وقسم التخطيط والتأهيل. وتملك الوكالة محطة للبث اللاسلكي تمكنها من إيصال الخبر إلى كافة أنحاء العالم، إضافة لشبكة اتصالات لاسلكية هاتفية موزعة في السيارات التابعة للوكالة، وشبكة متطورة من الأجهزة الإلكترونية والحاسبات الآلية التي تؤمن للوكالة النجاح في عملها، وبث واستقبال الأخبار والصور.
وللوكالة مكاتب في بعض العواصم العربية والعالمية، منها: الجزائر، الكويت، بيروت، عمان، طرابلس الغرب، الخرطوم، بغداد، موسكو، لندن، باريس، طهران، تونس وتتابع الوكالة جهودها لافتتاح مكاتب لها في العواصم العربية والأجنبية الأخرى. وبالإضافة لمكاتب الوكالة في الخارج لها مراسلين معتمدين في بعض العواصم العربية والعالمية، من بينها: أبو ظبي، صوفيا، براغ، وارسو، كاراكاس، بخارست، برلين، نيويورك، هافانا، أثينا، بلغراد، روما، كندا، اسطنبول. والوكالة العربية السورية للأنباء عضو في اتحاد وكالات الأنباء العربية، واتحاد وكالات أنباء دول عدم الانحياز، واتحاد وكالات أنباء الدول الإسلامية، ولها علاقات مباشرة مع ثلاثين وكالة عربية وأجنبية للأنباء. وتصدر الوكالة في دمشق العاصمة السورية نشرة أنباء يومية باللغات العربية، والإنكليزية، والفرنسية، إلى جانب نشرة للأنباء الاقتصادية.
جمهورية الهند: بريس تراست أوف إنديا (PTI): تأسست عام 1947 وتعتبر من أكبر مقدمي الأخبار في الهند، إذ تمد بالأخبار أكثر من 200 صحيفة ومجلة، بالإضافة للإذاعة المسموعة والمرئية. وتملك حوالي 140 فرعاً داخل الهند. وأكثر من 200 مراسل في الخارج. ولها اتفاقيات مع أكثر من 40 وكالة للأنباء.[xxxvi] يونايتد نيوز أوف إنديا (UNI): تأسست عام 1961 كوكالة خاصة للأنباء. ولها أكثر من 500 ألف مشترك. ولها علاقات مع أشهر وكالات الأنباء في العالم. ولها أكثر من 80 مكتباً داخل الهند وخارجها. وأقامت شركة "يونيفارتا" التي توزع الأنباء باللغة الهندية في الدول الخليجية العربية حيث يعيش الكثير من الهنود.[xxxvii] ساماتشار بخاراتي: تأسست عام 1966 كوكالة أنباء خاصة. توزع الأنباء الداخلية من أجل الصحف باللغات المحلية في الهند. ولها أكثر من 200 ألف مشترك. ولها أكثر من 30 مكتب إعلامي داخل الهند وخارجها.[xxxviii] هندوستان ساماتشار: تأسست عام 1948 كوكالة أنباء تعاونية. توفر الأنباء الصحف الصادرة باللغات الهندية، ومراتهي، وكوجاراتي. ولها أكثر من 150 ألف مشترك.[xxxix] بريس إنفرميشين بيرو: وهو المكتب الصحفي الناطق باسم الحكومة الهندية، وله 40 مكتباً إقليمياً يزود من خلالها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالأنباء والصور الرسمية. وله صلات مع أكثر من 8 آلاف صحيفة. ويعتمد المراسلون المحليون والأجانب.[xl]
وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية MIDDLE EAST NEWS AGENCY (MENA) تعد وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية[xli] أول وكالة أنباء في مصر ومنطقة الشرق الأوسط والقارة الإفريقية، وأنشأت عام 1956 كشركة مساهمة تمتلكها الصحف المصرية مناصفة مع الدولة، وانتقلت ملكيتها بالكامل عام 1962 إلى الدولة وأصبحت إحدى الشركات التابعة لاتحاد الإذاعة والتلفزيون، ومن ثم انتقلت ملكيتها إلى مجلس الشورى المصري عام 1978. وللوكالة مكتبين رئيسيين في القاهرة وباريس، ويعمل فيها 1067 موظفاً منهم 390 صحفياً، وتبث الوكالة يومياً: نشرة أنباء الشرق الأوسط باللغة العربية نحو 57 ألف كلمة تقريباً؛ ونشرة أنباء الشرق الأوسط باللغتين الإنكليزية والفرنسية نحو 23,800 كلمة تقريباً؛ والنشرة الدولية الخاصة نحو 13,260 كلمة تقريباً؛ والنشرة الاقتصادية نحو 17,930 كلمة تقريباً. كما وتبث التحقيقات والصور للمشتركين في داخل مصر وخارجها، وللوكالة 4 مكاتب و21 مراسلاً داخل مصر، و 30 مكتباً ومراسلاً في العواصم العالمية. وتتبادل الوكالة الأنباء والصور مع 25 وكالة أنباء عربية وأجنبية، ولها إسهام في تطوير التعاون الإعلامي بين الدول العربية والإفريقية. وتسهم في تدريب الكوادر الإعلامية للدول العربية والصديقة عن طريق دورات تدريبية منتظمة في مجال التحرير والإدارة والهندسة الإعلامية. وتقيم الوكالة علاقات تعاون مع وكالات الأنباء العالمية ووكالات الأنباء العربية ووكالات أنباء دول عدم الانحياز ووكالات الأنباء الإفريقية عن طريق الاتفاقيات الثنائية. وهي وكالة الأنباء الوحيدة في العالم الثالث التي تسمح بتدفق الأنباء محلياً إلى وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المصرية من خلال كافة وكالات الأنباء مباشرة ودون تدخل أو وصاية منها كوكالة قومية في مصر. وقد دخلت وكالة أنباء الشرق الأوسط عالم الكمبيوتر منذ عام 1990، وبدأت باستخدام الأقمار الصناعية في نقل الأخبار اعتبارا من 25/10/1994.
الوكالة السنغالية للأنباء APS: الوكالة السنغالية للأنباء APS أسستها وزارة الإعلام والمواصلات عام 1959 ومقرها داكار.[xlii]
وكالة الأنباء النيجيرية ANA: أنشئت وكالة الأنباء النيجيرية ANA عام 1976 وبدأت العمل بالفعل عام 1978، وتقوم بتوزيع الخدمات الإخبارية للمشتركين أو على أساس التبادل الإخباري.[xliii]
مؤسسة جنوب إفريقيا الصحفية: تأسست مؤسسة جنوب إفريقيا الصحفية عام 1938، ومقرها بريتوريا. وبالإضافة للمؤسسة الوطنية تعمل في جمهورية جنوب إفريقيا وكالات الأنباء الأجنبية التالية: يونيتد برس الأمريكية UPT. أسوشيتد برس AP. وكالة الأنباء الفرنسية AFP. وكالة رويتر الإنجليزية. وكالة الأنباء الإيطالية IPS.[xliv]
جمهورية غانا: تعمل في غانا وكالات الأنباء الأجنبية التالية: أسوشيتد برس، يونايتد برس الأمريكيتين، ووكالة الأنباء الألمانية، ووكالة إتار تاس الروسية، ووكالة أنباء الصين الجديدة.[xlv]
وكالة الأنباء الكينية: تأسست وكالة الأنباء الكينية بعد الاستقلال عام 1963، ومقرها في العاصمة نيروبي.[xlvi]
وكالة الأنباء الإثيوبية: تأسست وكالة الأنباء الإثيوبية "ENA" عام 1963، ومقرها في العاصمة أديس أبابا، ولها الحق بإصدار نشرات أنباء وتقارير صحفية متخصصة اقتصادية واجتماعية للتوزيع بمقابل مادي تحقيقاً لمبدأ التمويل الذاتي. إضافة لمكتب المتحدث الرسمي الذي تم تأسيسه عام 1997. وتعمل في إثيوبيا وكالات الأنباء الأجنبية التالية: وكالة أسوشيتد برس الأمريكية AP؛ وكالة الأنباء الألمانية DAP؛ وكالة الأنباء الفرنسية AFP؛ وكالة أنباء رويترز البريطانية Reuters؛ وكالة الأنباء اليوغسلافية Tan jug؛ وكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا"؛ وكالة أنباء إيتار تاس الروسية؛ وكالة أنباء ريا نوفوستي الروسية؛ وكالة أنباء الشرق الأوسط المصرية MENA.[xlvii]
وكالة أنباء عموم إفريقيا PANA: تأسست وكالة أنباء عموم إفريقيا PANA في جمهورية السنغال عام 1989 وأعيد تنظيمها عام 92/1993 ومقرها داكار.[xlviii]
وكالة المغرب العربي للأنباء: وكالة المغرب العربي للأنباء: وهي الوكالة الوطنية للأنباء في المملكة المغربية، وتم تأسيسها في نوفمبر/تشرين ثاني علم 1959، ثم تحولت إلى مؤسسة عامة في 19/9/1973 ومقرها الرئيسي في الرباط العاصمة، ولها ثمانية مكاتب إقليمية في المدن الرئيسية، وسبعة عشر مكتباً دولياً في أفريقيا وأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية. وتضم الوكالة أربعة أقسام هي: قسم الإعلان؛ قسم الشؤون المالية والإدارية؛ القسم الفني؛ قسم العلاقات الخارجية. وتصدر الوكالة نشرتين يومياً، ونشرة دورية.[xlix]
الوكالة الموريتانية للإعلام AMT: تأسست الوكالة الموريتانية للإعلام AMT عام 1966، ومقرها نواكشوط العاصمة تحت إشراف وزارة الثقافة والإعلام والبريد والمواصلات. وبالإضافة لوكالة الأنباء الوطنية تعمل في موريتانيا الوكالات الأجنبية التالية: وكالة الأنباء الفرنسية، ووكالة أنباء الصين الجديدة "شينخوا".[l]
وكالة الأنباء السودانية: مع تأميم الصحافة السودانية في عام 1970، أنشأت الحكومة وكالة الأنباء السودانية (سونا - SUNA)، لتعمل على التحكم بتدفق الأخبار داخلياً وخارجياً. وبعد صدور قانون وكالة الأنباء السودانية عام 1981، بدأت الوكالة بالابتعاد عن وزارة الثقافة والإعلام لتصبح هيكلاً مستقلاً ومتكاملاً، حتى غدت واحدة من أقوى وكالات الأنباء في القارة الأفريقية بفضل خدماتها المتطورة، حتى أن وكالة أنباء عموم أفريقيا "بانا - PANA" اختارتها مركزاً لها في شرق أفريقيا عام 1985. وبصدور القانون الجديد أصبحت وكالة الأنباء السودانية وكالة وطنية تزود عدد كبير من وكالات الأنباء بالأخبار عبر اتحاد وكالات الأنباء العربية "فانا – FANA"، ووكالة عموم إفريقيا "بانا - PANA"، ووكالات دول عدم الانحياز. وفي عام 1985 تأسست الوكالة السودانية للصحافة التي يملكها الصحفيون ومقرها الخرطوم. كما وتعمل في السودان وكالات الأنباء الأجنبية التالية: وكالة الأنباء الفرنسية AFP؛ وكالة أنباء الصين الجديدة شينخوا؛ وكالة أنباء الشرق الأوسط MENA.[li]
وكالة الأنباء السعودية: تعتبر وكالة الأنباء السعودية التي أسست عام 1970المصدر الرئيسي للأنباء لوسائل الاتصال والإعلام في المملكة العربية السعودية. ويعمل في الوكالة حوالي 500 موظف أكثرهم من مواطني المملكة.
وكالة أنباء بترا في المملكة الأردنية الهاشمية: هي وكالة الأنباء الحكومية الرسمية تأسست عام 1965 ومقرها في العاصمة عمان. و كانت معروفة باسم وكالة الأنباء الأردنية. ومن 16/8/1980 تحول اسمها إلى وكالة بترا.
جمهورية أوزبكستان: وكالة الأنباء الأوزبكية "أوزا": تأسست وكالة أنباء "أوزا" في عام 1918 كمكتب صحفي لجمهورية تركستان، وخلال عامي 1919 و1920 أصبحت تابعة لوكالة الأنباء الروسية، وفي عام 1934 إلى وكالة آسيا الوسطى التابعة لوكالة تاس. ومن عام 1972 تحولت إلى وكالة "أوزتاغ" وخضعت لإشراف مجلس الوزراء في جمهورية أوزبكستان السوفييتية الاشتراكية. وكانت تقدم خدماتها لحوالي 200 صحيفة تصدر في أوزبكستان. وافتتحت فرعاً لها في نوقوس عاصمة قره قلباقستان المتمتعة بالحكم الذاتي. وكانت "أوزتاغ" توزع يومياً حوالي المليون كلمة عن الحياة في أوزبكستان، وتغطية أنباء الحزب الشيوعي السوفييتي. ووزعت عبر وكالة تاس 1500 كلمة يومياً عن الحياة في أوزبكستان إلى خارج الإتحاد السوفييتي. وبعد استقلال أوزبكستان تحولت بموجب قرار رئيس الجمهورية بتاريخ 5/2/1992 إلى وكالة الأنباء الوطنية "أوزا"، لجمع وتوزيع الأنباء داخل وخارج الجمهورية. وكالة الأنباء الأوزبكية "جهان": تأسست وكالة أنباء "جهان" من أجل توزيع الأنباء الإيجابية عن أوزبكستان بموجب القرار الصادر عن مجلس الوزراء بتاريخ 8/11/1995 وهي تابعة لوزارة الخارجية. ويعين مراسلوها في الخارج ضمن السفارة الأوزبكية. المكتب الصحفي لرئيس جمهورية أوزبكستان: تأسس عام 1996 لجمع وتوزيع الأنباء داخل وخارج الجمهورية.
وفي الختام يجب أن نؤكد على ملاحظة هامة مفادها أن معظم وكالات الأنباء الوطنية وخاصة في الدول النامية تتميز بخضوعها التام لسلطة الدولة الموجودة فيها، أو خضوعها للرقابة الصارمة من قبل الدولة التي تمارس نشاطها الإعلامي داخلها.[lii]
اتحادات وكالات الأنباء: وهناك تجمعات لوكالات الأنباء تأخذ إما طابعاً إقليمياً أو قارياً أو منحى سياسياً معيناً أو تخصصاً، مثال: - اتحاد وكالات الأنباء الأوروبية الذي يضم أكثر من 16 بلداً أوروبياً، - واتحاد وكالات الأنباء العربية الذي يضم وكالات أنباء الدول العربية، - واتحاد وكالات الأنباء الإفريقية، الذي يضم وكالات أنباء الدول الإفريقية. - واتحاد وكالات الأنباء الأسيوية، ...وغيرها من التكتلات والتجمعات.
وكالات الأنباء المتخصصة: أما الوكالات المتخصصة فهي التي تقدم خدمات إعلامية في موضوع معين ديني أو رياضي....الخ. أو مواد إعلامية جاهزة للنشر، أو الصور الصحفية، مثال: - وكالة فيدس في الفاتيكان، - وكالة الأنباء الإسلامية، - وكالة جويس تلغرافيك، - وكالة كيوسنون، - وكالة أجيب، - وكالة دلماس، - وكالة إنتربريس، - وكالة فاما. - وتمثل وكالة Opera Mundi مصالح: King's Features Syndicate americain في أوروبا، وهي من أقدم الوكالات الصحفية المتخصصة في تقديم النصوص الصحفية الجاهزة في العالم، وكان قد أنشأها بول وينلكار عام 1928، لتوزع المقالات بلغات العالم المختلفة عن الأحداث الهامة، ومقالات عن الشخصيات الكبيرة في العالم، واستطلاعات صحفية مصورة. وتتميز هذه الوكالات المتخصصة بفهمها العميق لأذواق الجمهور، وميوله العلمية والاقتصادية والثقافية والفنية.
وفي الختام يجب أن نؤكد على ملاحظة هامة مفادها أن معظم وكالات الأنباء الوطنية في الدول النامية تتميز بخضوعها التام لسلطة الدولة الموجودة فيها، أو خضوعها للرقابة الصارمة من قبل الدولة التي تمارس نشاطها الإعلامي داخلها.[liii] وكانت وكالات الأنباء العالمية ولم تزل من المصادر الإعلامية الهامة التي تعتمد عليها بشكل أساسي وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المقروءة والمسموعة والمرئية للحصول على المواد الإعلامية المختلفة وخاصة آخر الأنباء عما يجري حولنا من أحداث في العالم العاصف دائم التغير. وتدخل وكالات الأنباء في إطار التبادل الإعلامي الدولي كجزءٍ من سياسات القوة التي تعتمد عليها الدول الكبرى والدول المتقدمة لتحقيق بعض أهداف سياساتها الخارجية والدفاع عن مصالحها الحيوية في أنحاء العالم المختلفة.
وكان من الطبيعي أن تهتم وكالات الأنباء العالمية وتدعم خط السياسة الخارجية للدول التي تنتمي إليها منذ ظهور أولى وكالات الأنباء في القرن التاسع عشر، وهي وكالة أنباء هافاس التي دعمت الخط السياسي للحكومة الفرنسية، ووكالة أنباء رويتر لخط السياسة الخارجية البريطانية، ووكالة أنباء وولف لخط السياسة الخارجية الألمانية.
وكان دعم السياسات الخارجية للدول التي تنتمي إليها تلك الوكالات من أسباب انهيار الاحتكار الدولي للسوق العالمية الذي اقتسمته تلك الوكالات إثر غياب وكالة وولف مع هزيمة النازية في الحرب العالمية الثانية، وإحراق وكالة أنباء هافاس لاتهامها بالتفريط بالمصالح القومية الفرنسية وتعاونها مع المحتل النازي، لتحل مكانها وكالة الأنباء الفرنسية AFP كوكالة أنباء دولية بارزة، بينما استمرت وكالتي رويترز البريطانية، والأسوشيتد بريس الأمريكية في العمل. وظهرت وكالة الأنباء السوفييتية تاس TASS، كوكالة أنباء دولية من نمط خاص، تغير اسمها بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق إلى وكالة إتار تاس الروسية وتحولت فروعها في الجمهوريات المستقلة عن الاتحاد السوفييتي السابق، إلى وكالات وطنية للأنباء في تلك الدول.
ومن هنا نرى أنه إضافة للاحتكار وتوزيع مناطق النفوذ في عملية التبادل الإعلامي الدولي، فإن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، تحرص على نقل وتوزيع الأخبار والتعليقات والتحليلات السياسية والاقتصادية والعسكرية من منظور مجموعة المصالح التي تمثلها، أخذة مصالحها السياسية والاقتصادية الخاصة بها بعين الاعتبار. وهذه معضلة تعاني منها الدول الأقل تطوراً والدول النامية والدول الفقيرة، المضطرة لاستخدام ما يصلها من المصادر الإعلامية الدولية، متأثرة بمواقفها.
وهو ما فسر محاولات بعض الدول الأقل تطوراً والدول النامية، للتكتل عالمياً وإقليمياً لإنشاء وسائل إعلام جماهيرية قوية، يمكن أن تخلصها من هيمنة واحتكار وسائل الاتصال ووسائل الإعلام الجماهيرية الدولية، لجمع ونقل وتوزيع ونشر الأنباء عالمياً. كمجمع وكالات أنباء دول عدم الانحياز الذي كان يضم في عهده الزاهر دولاً متقاربة في التطلعات وفي الآمال العريضة، بتجمع يأخذ باعتباره دول العالم الثالث فيرعى مصالحها ويذود عن حقوقها، ويكسر احتكارات الدول الكبرى وسيطرتها على تدفق الأخبار على النحو الذي يرضي احتكاراتها تلك، ويلبي بواعث سطوتها العسكرية ومصالحها الاقتصادية. وبرغم الآمال التي علقت على ذلك التجمع وما كان يميزه من تقارب التطلعات والمساعي إلا أنه لم يتمكن من مواجهة الوكالات الكبرى ولا استطاع أن يعدل مسار التدفق الإعلامي غير المتوازن، فظلت الأخبار تصب من الشمال الغني المتطور إلى الجنوب الفقير فتغرقه بمواقفها وتثير فيه الفتن الدينية والعرقية والقومية.
الفصل الرابع: الصحافة الدولية المطبوعة. تعد الصحف والمجلات الدولية وسيلة هامة من وسائل التبادل الإعلامي الدولي، نظراً للإمكانيات الهائلة التي تملكها. سواء أكانت تلك الإمكانيات تقنية أم بشرية، أم مالية. إضافة للعدد الضخم من النسخ التي تصدرها وتوزعها في مختلف دول العالم، وما يترتب عن هذا التوزيع من نتائج ثقافية وسياسية لصالح الدول المصدرة داخل الدول المستوردة.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية وحدها، يلاحظ أن متوسط توزيع الصحف اليومية ذات الاهتمامات العامة يزيد عن 59 مليون نسخة. وتذكر بعض المراجع إلى أن أوروبا تستهلك 38% من الصحف اليومية العالم، وأن أمريكا الشمالية تستهلك 23% من تلك الصحف، وأن القارات الثلاث آسيا وإفريقيا وأمريكا اللاتينية تستهلك حوالي 26% من الصحف اليومية الدولية على الرغم من أن سكان هذه القارات يشكلون 70% من سكان العالم.[liv]
ومن الصحف الدولية البارزة في الولايات المتحدة الأمريكية: صحيفة نيويورك تايمز New York Times؛ صحيفة واشنطن بوست Washington Post؛ صحيفة شيكاغو تريبيون Chicago tribune؛ صحيفة نيويورك ديلي نيوز New York Daily News. ومن الصحف البريطانية: صحيفة تايمز The Times؛ صحيفة غارديان The Guardian؛ صحيفة فايننشال تايم Financial Time؛ صحيفة صنداي تايمز The Sunday Times. ومن الصحف الفرنسية: صحيفة لوموند Le Mondde؛ صحيفة لورور L'aurore؛ صحيفة لوفيغارو Le Figaro. إضافة إلى صحيفة إنترناشيونال هيرالد تربيون التي أنشأت عام 1887م وتصدر في باريس، إلى جانب إصدارها من قبل صحيفة النيويورك تايمز، وصحيفة واشنطن بوست في الولايات المتحدة الأمريكية. وجريدة العرب الدولية: الشرق الأوسط ASHARQ AL-AWSAT التي تصدر من لندن باللغة العربية، عن الشركة السعودية للأبحاث والتسويق البريطانية المحدودة. وتوزع في أنحاء العالم، وتطبع في وقت واحد في كل من: الظهران، والرياض، وجدة، في المملكة العربية السعودية. والكويت، والدار البيضاء، والقاهرة، وبيروت، وفرانكفورت، ومرسيليا، ولندن، ونيويورك. وتنقل عبر شبكة الإنترنيت الدولية. ومن المجلات الدولية البارزة في الولايات المتحدة الأمريكية: مجلة تايم Time؛ مجلة نيوزويك News Week. ومن المجلات الفرنسية: مجلة باري ماتش؛ مجلة إكسبريس Express. ومن المجلات البريطانية: مجلة إيكونوميست Economist إضافة للمجلات الدولية المتخصصة بمنطقة معينة من العالم كمجلة أفريكا AFRICA التي تصدر في لندن، ومجلة جون أفريك التي تصدر في باريس. وتوزع هذه الصحف والمجلات على نطاق عالمي واسع، إذ يبلغ عدد ماتوزعه مجلة تايم الأمريكية وحدها حوالي 6,5 مليون نسخة، ومجلة نيوز ويك 2,5 مليون نسخة، ومجلة إكسبريس الفرنسية 433,000 نسخة.[lv] وعلى سبيل المثال نورد تفاصيل توزيع مجلة تايم الأمريكية متعددة الطبعات واسعة الانتشار في العالم، لعام 1968:[lvi] الولايات المتحدة الأمريكية 3,500,000 نسخة؛ كـنـدا 370,000 نسخة؛ المحيط الأطلسي (1) 280,000 نسخة؛ المحيط الأطلسي (2) 210,000 نسخة؛ القارة الأوروبية 205,000 نسخة؛ قارة آسيا 95,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (2) 90,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (3) 80,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (5) 80,000 نسخة؛ أستراليا 80,000 نسخة؛ الجزر البريطانية 70,000 نسخة؛ كـويـبـيــك 70,000 نسخة؛ الشرق الأدنى وإفريقيا 70,000 نسخة؛ السوق المشتركة 66,000 نسخة؛ شرق آسيا 60,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (4) 60,000 نسخة؛ جنوب شرق آسيا 50,000 نسخة؛ البحر الكاريبي 45,000 نسخة؛ الطبعة العسكرية (ما وراء البحار) 40,000 نسخة؛ كولومبيا (البريطانية) 38,000 نسخة؛ الطلبة في كندا 30,000 نسخة؛ الطبعة العسكرية (آسيا) 30,000 نسخة؛ نيوزيلانـده 30,000 نسخة؛ الـهـنــد 25,000 نسخة؛ جنوب إفريقيا 22,000 نسخة؛ اسكندينافيا 20,000 نسخة؛ البرازيل 18,000 نسخة؛ الـشــرق الأدنى 18,000 نسخة؛ أيرلندا 15,000 نسخة؛ إسرائيل 13,000 نسخة؛ الـفلبين 13,000 نسخة؛ جنوب المحيط الهادي 11,000 نسخة؛ اليـابـان 10,000 نسخة؛ أمريكا اللاتينية (1) 10,000 نسخة؛ المكسيك 10,000 نسخة؛ الطبعة العسكرية (المحيط الأطلسي) 10,000 نسخة.
وتعتبر الصحف والمجلات الدولية الواسعة الانتشار، من الوسائل الفاعلة لتنفيذ السياسة الخارجية للدول التي تؤثر عليها بأي شكل من الأشكال، كما وتعتبر من الوسائل التي تلجأ إليها مختلف المؤسسات والجماعات للاستفادة من خدماتها في تحقيق أغراضها الثقافية والسياسية والاقتصادية المختلفة. وعلى سبيل المثال: فإن الصحف والمجلات الأمريكية، تعد نتاجاً للنظام الأمريكي بكل جوانبه، وتعكس صورة هذا النظام وتؤثر وتتأثر به، وتساعد السياسة الخارجية الأمريكية على تحقيق أهدافها عن طريق العمل ضمن إطار المصالح الأمريكية في العالم، والدعوة لهذه المصالح، وتغطية أنباء مختلف فعاليات السياسة الخارجية الأمريكية على نطاق عالمي واسع، وتختار لذلك اللغة المفهومة للجمهور الإعلامي، والأسلوب والمنطق الإعلامي المقبول لدى الجمهور الذي تتوجه إليه. بينما أدى تركز السلطة الإعلامية في بريطانيا خلال الثمانينات من القرن العشرين إلى خلق تيار عالمي، أصبحت معه الصحف البريطانية والمصالح الإعلامية البريطانية في حالات كثيرة، مجرد مخافر حراسة متقدمة للإمبراطوريات الإعلامية على نطاق عالمي.
ومثلت صحف مردوخ البريطانية الخمس على سبيل المثال: جزءاً من سلسلة صحف تمتد على محور شمالي - جنوبي مابين لندن وأديلاند، وعلى محور شرقي - غربي مابين بودابست وبوسطن. لتتبلور إمبراطورية إعلامية كبرى تشمل شركة تونتيياث سنتشري فوكس السينمائية الأمريكية الضخمة، وشبكة فوكس TV التلفزيونية الأمريكية، ومحطة بي سكاي بي الأوروبية التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية، ودار هاربر كولينز الكبرى للنشر في بريطانيا، ودار هاربر إند رو في الولايات المتحدة الأمريكية، ومجموعة مجلات ترتينغل واسعة الانتشار الجماهيري في الولايات المتحدة الأمريكية. إضافة لسيطرة إمبراطوريتين إعلاميتين مركزهما في كندا على تلغراف، وصنداي تلغراف، ومجموعة طومسون الصحافية في بريطانيا. بينما دخلت مجموعة ميرور البريطانية ضمن مجموعة كبرى للاتصال تضم شركة TVA التلفزيونية الفرنسية، ومحطة MTV التلفزيونية عبر الأقمار الصناعية، ودار بير غامون البريطانية لنشر الكتب، ودار ماكميلان لنشر الكتب في الولايات المتحدة الأمريكية، ويسيطر عليها ماكسويل مجتمعة.[lvii] وأدت الاندماجات في الصحافة البريطانية إلى خلق مصالح أساسية، ومصالح إعلامية أخرى، ومصالح غير إعلامية متعددة في عدد من الدول لكل من التجمعات التالية:
مجموعة بير غامون هولدنغ فوندايشن التي يسيطر عليها ماكسويل، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي ميرر، وصنداي ميرور، وصنداي بيبل، وديلي ريكورد، وصنداي ميل التي توزع بمجموعها 10,5 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في بريتش كابل سيرفيسز TFA في فرنسا، وببر غامون بريس في بريطانيا، ومريل بابليشينغ، وماكملان في الولايات المتحدة الأمريكية، وماغيار هيرلوب في هنغاريا. ومصالح غير إعلامية في أي. جاي. أرنولد للأثاث، وهوليس بلاسنيكس، وبولتون إنفستمانتس في بريطانيا، وجيت فيري إنترناشيونال في باناما، وميلثورب ماشينري في أوستراليا.
مجموعة نيوز كوربوريشن التي يسيطر عليها مردوخ، ولها مصالح صحافية أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: صن، نيوز أوف ذي وورلد، ذي تايمز، صنداي تايمز، توداي التي توزع بمجموعها 11,5 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في بي سكاي بي، وهاريير كولينز في فونتانا، وتشانيل تين في سيدني، وهيرالد إند ويكلي تايمز غروب في أوستراليا، وفوكس TV، وهاربر إند رو في الولايات المتحدة الأمريكية. ومصالح غير إعلامية في أنسيت ترانسبورت، وسانتوس للغاز الطبيعي، ونيوز إيغل لتصدير النفط في أوستراليا، وسنود لاند فايبرز، وايتفرايرزر إنفستمانت في بريطانيا.
مجموعة يونايتد نيوز بابيرز التي يسيطر عليها ستيفنز، ولها مصالح صحفية أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي إكسبريس، صنداي إكسبريس، ديلي ستار، يونايتد بروفيشنال نيوز بايبر، يونايتد ماغازينز، مورغان غرامبيان ماغازينز التي توزع بمجموعها 5,6 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في TV-M، وآجيان بيزنسبرس في سنغافورة، وسبيشاليست بوبليكايشنز في هونغ كونغ، وكابيتال راديو في بريطانيا، وإنترميديا غروب في الولايات المتحدة الأمريكية. ومصالح غير إعلامية في جاي. بي. أس. بروبارتيز، وإم جي إنشورنس، ومونكروفت فايننس في بريطانيا، وب. ر. ن. هولدينغز، وديفيد ماكّاي إنشورنس في الولايات المتحدة الأمريكية.
مجموعة ريد غروب التي لها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: أي. بي. سي ماغازينز، أي. بي. سيبيزنس برس، ريد ريجونال ببليشنغ التي توزع بمجموعها 500,000 نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في بترورث البريطانية، وأ. بي. سي بيزنس برس في الولايات المتحدة الأمريكية، وتريد نيوز آجيا في سنغافورة، ويوروبيان دو بوبليكاسيون أس. أ. في فرنسا. ومصالح غير إعلامية في ريد فايننس بجنوب إفريقيا، وريد كانديان هولدينغز ببريطانيا، و و. ب. م فايننس في بيرمودا.
مجموعة أسوشيتد نيوز بايبرز التي يسيطر عليها روثرمير، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي ميل، ميل أون صنداي، ويك إند، نورثكليف نيوز بايبرز التي توزع بمجموعها 5,3 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في لندن برودكاستنغ كومباني في بريطانيا، وهيرالد-صن TV في أوستراليا، وإسكواير ماغازين غروب في الولايات المتحدة الأمريكية. ومصالح غير إعلامية في بوفيري إنفستمانتس، وكونسوليدايتد باثورست في كندا، وترانسبورت غروب هولدينغز، وجيتلينك فيريز في بريطانيا.
مجموعة ذي ثومسون كوربوريشن، التي لها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ثومسون ريجينال نيوزبايبر، سكوتمان، ويسترن ميل، بيلفاست تلغراف التي توزع بمجموعها 1,5 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في ثومسون داتا ببريطانيا، و41 صحيفة يومية في كندا، و121 صحيفة يومية في الولايات المتحدة الأمريكية، وراوتليدج في بريطانيا. ومصالح غير إعلامية في ثومسون نورث سي، وثومسون ترافيل في بريطانيا.
مجموعة بيرسون التي يسيطر عليها كاودراي، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ويستمنستر برس غروب، وفايننشيال تايمز، ذي إكونوميست، نورثرن إيكو التي توزع بمجموعها 1,1 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في إلسيفيا بفرنسا، وبنغوين في بريطانيا، ويوركشاير TV N.A.L. في الولايات المتحدة الأمريكية، و بريتش سكاي برودكاستنغ في بريطانيا. ومصالح غير إعلامية في ميدهيرست كوربوريشن في الولايات المتحدة الأمريكية، ولازارد بارتنرز، ورويال دولتون في بريطانيا، وكامكو إنترناشيونال في الولايات المتحدة الأمريكية.
مجموعة لونرهو التي يسيطر عليها رولاند، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: أوبزرفر، جورج أوترام إند كومباني، سكوتيش إند يونيفرسال نيوز بايبر التي تصدر بمجموعها 1,3 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في راديو كلايد، وبوردر TV في بريطانيا، وراديو ليمتد، وتايمز نيوز بابير في زامبيا، ميلودي ركوردس في زيمبابوي. ومصالح غير إعلامية في وايت إند ماكامي فرستيل غروب في بريطانيا، وكونسوليدايتد هولدينغز في كينيا، وكونتراكشن أسوشيتد في زيمبابوي، هـ. س. س. إنفستمانتس في جنوب إفريقيا.
مجموعة هولينغر التي يسيطر عليها بلاك، ولها مصالح أساسية في الصحافة البريطانية متمثلة في: ديلي تلغراف، صنداي تلغراف التي توزع بمجموعها 1,8 مليون نسخة من الصحف. ومصالح إعلامية أخرى في سترلينغ نيوز بايبر غروب بكندا، وتي. جي. إند كاي برس ميديا في الولايات المتحدة الأمريكية، وستاندرد برودكاستنغ كوربوريشن في كندا. ومصالح غير إعلامية في هانّا في الولايات المتحدة الأمريكية، ورافلستون هولدينغز في كندا، ونورسن أنيرجي في بريطانيا، وريسورسز في كندا.
وهذه التجمعات التي تعنى بالاتصال والإعلام أساساً، تنمو الآن بوتيرة متسارعة، الأمر الذي تعززه تطورات ثلاثة هي: صعود بث الإذاعة المرئية عبر الأقمار الصناعية وشبكات الدارات المغلقة عبر الكابلات؛ وانتقال أعمال الإذاعة إلى القطاع الخاص؛ وتراخي قوانين التملك الإعلامي المتقاطع على يد بعض الحكومات الديمقراطية واليمينية على حد سواء، مما سمح للأقطاب المسيطرة على وسائل الاتصال والإعلام البريطانية أن يصبحوا لوردات (القرية الكونية -Global Village غلوبال فيليجي).
والجدير بالذكر أن سائر الصحف والمجلات الدولية تختار لغتها من بين أكثر اللغات انتشاراً في العالم بسبب المواريث الاستعمارية والعوامل التاريخية التي ساعدت على انتشار تلك اللغات في أنحاء واسعة من الكرة الأرضية، كاللغة الإنكليزية على وجه الخصوص واللغات الفرنسية والإسبانية والبرتغالية والإيطالية. وفي بعض الأحيان إحدى اللغات القومية كالصينية أو العربية أو الفارسية أو التركية ... وغيرها من اللغات الحية في الإعلام الموجه لتلك الشعوب تحديداً، لمخاطبة القارئ باللغة والأسلوب الذي يفهمه دون أية عراقيل تذكر.
نشأة وتطور الصحافة الدولية: في عام 1450م تمكن ميانكيس Mayencas، وجوهان جنسفليش Johann Gensfleish، الملقب بغوتينبرغ Gutenberg، وجوهان فوست Johann Fust، وبيتر شوفير Peter Shoeffer، من التوصل إلى اختراع يعتبر الأساس لنشأة الطباعة الحديثة، وهي الطباعة على الحروف المنقوشة على مادة مصنوعة من الخشب أو الحجر أو الحديد، والذي عرف بالتيبوغرافية. وكان هذا الاختراع لاحقاً من أسباب ظهور أولى الصحف الدورية في القارة الأوروبية، حيث ظهرت في: براغ وإنفسبورغ عام 1597م؛ دانيفر عام 1605م؛ بال عام 1610م؛ فيينا وفرانكفورت عام 1615م؛ هامبورغ عام 1616م؛ برلين عام 1617م؛ لندن عام 1622م؛ باريس عام 1631م؛ واستمرت هذه الدوريات في التطور والانتشار إلى أن أصبحت جزءاً لا يتجزأ من الحياة اليومية في المجتمع الأوروبي.[lviii] ففي:
المملكة المتحدة لبريطانيا العظمى وإيرلاندا الشمالية: أخذت الصحافة مكانة كبيرة في المجتمع البريطاني على الرغم من الرقابة والضغوط الحكومية عليها، حيث أصدر البرلمان الإنكليزي أول نظام للتأليف عام 1662م شدد فيه الرقابة على المطبوعات وفرض شرط الحصول على ترخيص مسبق لإصدار أي مادة مطبوعة، ومنع نشر ما يدور في جلسات البرلمان من مناقشات في الصحف. ولكن سرعان ما ألغى البرلمان هذا النظام عام 1695م، تحت ضغوط الصحافة الإنكليزية التي دافعت بشدة عن حريتها. وشهدت الفترة اللاحقة ظهور صحف إنكليزية كثيرة، نذكر منها: صحيفة ديلي، وهي أول صحيفة إنكليزية يومية صدرت عام 1702م واستمرت في الصدور حتى عام 1704م؛ وأول المجلات الأسبوعية، التي أصدرها دانيال ديفو عام 1704م؛ ومجلة تاتلير التي أصدرها كلاً من أديسون وأستيل عام 1709م. وظهرت أولى الصفحات السياسية في الصحف الإنكليزية عام 1771م بعد السماح للصحافة الإنكليزية بنشر التعليقات على جلسات البرلمان. وفي نفس الفترة بدأت بالظهور الصحف التي تعتبر أمهات الصحف الصادرة حالياً في بريطانيا، حيث ظهرت: صحيفة ديلي العالمية عام 1785م، التي أسسها جون والتير، واستقرت بعد ذلك على اسم تايمز عام 1788م، لتصبح من أكبر الصحف البريطانية اعتباراً من عام 1803م وحتى الآن.[lix]
كما ويعتبر البريطانيون اليوم من أكثر سكان العالم قراءة للصحف استناداً لتقارير اليونسكو التي نشير إلى أن نسبة عدد نسخ الصحف لكل ألف مواطن بريطاني تبلغ 488 نسخة، وأن ما يصدر في بريطانيا من صحف هو أكثر من 125 صحيفة يومية، وكلها تصدر ملاحق أسبوعية أيام الأحد، علاوة عن الصحف المتخصصة، وحوالي 1200 صحيفة محلية أغلبها أسبوعي، منها 145 صحيفة تصدر في لندن الكبرى وحدها.[lx] نشرت كلها 25,338,000 نسخة من الصحف اليومية، و26,837 مليون نسخة من صحف يوم الأحد، إضافة إلى 13,423 مليون نسخة من الصحف الأسبوعية خلال عام 1969، ومن بحث نشرته صحيفة Daily Express ديلي إكسبريس عام 1971م تبين أن كل 1000 راشد يقرؤون 181 صحيفة يومية وطنية.[lxi]
وتعتبر بريطانيا العظمى أول دولة في العالم اعترفت بحرية الصحافة عندما ألغت الرقابة على الصحف عام 1695م، وقامت بإنشاء مجلس للصحافة عام 1953 للمحافظة على حرية الصحافة، ويتكون هذا المجلس من: رئيس مستقل من خارج المؤسسات الصحفية؛ و20 عضواً يمثلون الجمعيات الصحفية البريطانية، أغلبهم من ممثلي هيئات تحرير الصحف؛ و5 أعضاء يمثلون القراء؛[lxii]
ولجأت الصحف البريطانية إلى إنشاء التجمعات Trust تروست لضمان استقلالها وتدعيم سلطتها، ومن هذه التجمعات الصحفية: تجمع سكوت تروست Scott Trust الذي يصدر صحيفة Guardian غارديان؛ وتجمع أوبزيرفر تروست Observer Trust الذي يصدر صحيفة Observer أوبزرفر؛ وتجمع بيوفر بروك Beaverbrook الذي يملك 51% من أسهم شركة بيوفر بروك نيوز بيبر ليمتد Beaverbrook Newspaper Ltd التي تصدر Daily Express ديلي إكسبريس، و Sunday Express صانداي إكسبريس، وEvening standard إيفينينغ ستاندرد (Glasgow). ويعمل هذا التجمع من خلال توجيهات اللورد بيوفر بروك، القاضية بمساندة سياسة الإمبراطورية البريطانية، ويحرص على تعيين الأشخاص المؤيدين لهذه السياسة فقط لإدارة المؤسسات الصحفية التابعة له.[lxiii] وقد رفعت التجمعات الصحفية الكبرى حصتها في مجمل سوق الصحف اليومية والأسبوعية، خلال الفترة الممتدة مابين 1947 - 1988 إلى أكثر من الثلث تقريباً. مما سمح لثلاثة من أباطرة الصحافة البريطانية، وهم: مردوخ وماكسويل وستيفنز بالسيطرة عام 1988 على 57% من مجموع التوزيع اليومي والأسبوعي للصحف البريطانية. وأدى تطور التركيز والتجمع في الصحافة إلى بروز اتجاه متزايد نحو السيطرة على صناعات وقت الفراغ. أصبحت معه خمس شركات في قطاعات الإعلام تسيطر في أواسط الثمانينات على ما يقارب 40% من مبيعات الكتب و 45% من عمليات الإرسال من محطة A TV التلفزيونية، ... الخ، والجدول التالي يوضح تركز الملكية الإعلامية البريطانية في أواسط الثمانينات من القرن العشرين:[lxiv]
حصص الشركات الكبرى في قطاعات إعلامية مختارة: برامج A TV ( عمليات الإرسال ) 45,5%؛ اليوميات الوطنية ( توزيع يومي ) 95%؛ ( توزيع أسبوعي ) 92%؛ يوميات وطنية ومحلية ( توزيع ) 75%؛ أسبوعيات وطنية ومحلية ( توزيع ) 91%؛ كتب (مبيع ) 40%؛ اسطوانات ( مبيع ) 58%؛ اسطوانات L B وشرائط تسجيل وكومباكت ديسك 60%؛ إيجار شرائط فيديو 66%.
أهم الصحف اليومية البريطانية: تصدر جميع الصحف اليومية الوطنية البريطانية في لندن، عدا صحيفة غارديان Guardian فتصدر من لندن ومانشستر في آن معاً. ويتراوح عدد صفحاتها مابين 14 و32 صفحة. وكان متوسط عدد نسخ أهم الصحف اليومية والأسبوعية الوطنية البريطانية عام 1971م كالتالي: الصحف اليومية الوطنية الصباحية: ديلي ميرور Daily Mirror 4,703,804 نسخة؛ ديلي إكسبريس Daily express 3,435,000 نسخة؛ صان Sun 2,080,000 نسخة؛ ديلي ميل Daily mail 2,035,169 نسخة؛ ديلي تلغراف The Daily Telegraph 1,454,581 نسخة؛ تايمز The Times؛ غارديان The Guardian 327,897 نسخة؛ فاينانشال تايم Financial Time 167,500 نسخة؛ سبورتينغ خرونيكال Sporting Chronicle 79,727 نسخة؛ سبورتينغ لايف Sporting Life 87,519 نسخة؛ مورنينغ ستار Morning Star 52,000 نسخة. الصحف اليومية الوطنية المسائية: إفنينغ نيوز Evening news؛ إفنينغ ستاندارد Evening Standard (1969) 560,596 نسخة. صحف الأحد: نيوز أوف ذي ورلد News of the world 6,173,000 نسخة؛ بيبول The People 4,941,738 نسخة؛ صنداي ميرور Sunday Mirror 4,686,564 نسخة؛ صنداي إكسبريس Sunday express 4,167,000 نسخة؛ صنداي تايمز The Sunday Times 1,432,946 نسخة؛ أوبزيرفر The Observer 801,000 نسخة؛ صنداي تلغراف Sunday telegraph 751,673 نسخة؛ وقد أشار الباحث الفرنسي رولان كايرول إلى أن الصحافة البريطانية تعاني من ركود وتراجع في أعداد نسخها الصادرة منذ ستينات القرن العشرين، وهذا الأمر شمل الصحف المتخصصة والشعبية على حد سواء.
وفي استطلاع أجرته صحيفة فايننشل تايمز عام 1971 تبين أن عدد قراء الصحف البريطانية يزيد عن عدد النسخ الصادرة من كل عدد، والتالي يوضح الفرق بين عدد النسخ الصادرة وعدد القراء استناداً للاستفتاء لمذكور:[lxv] ديلي ميرور 4,380,470 نسخة؛ 13,925,000 قارئ أو 318%؛ ديلي إكسبريس 3,435,000 نسخة؛ 9,857,000 قارئ أو 287%؛ صن 2,080,000 نسخة؛ 7,074,000 قارئ أو 340%؛ ديلي تلغراف 1,454,581 نسخة؛ 3,594,000 قارئ أو 247%؛ تايمز 1,153,000 قارئ؛ نيوز أوف ذي ورلد 6,173,000 نسخة؛ 16,258,000 قارئ أو 263%؛ بيبول 4,941, 738 نسخة؛ 14,840,000 قارئ أو 300%؛ صنداي ميرور 4,686,564 نسخة؛ 13,793,000 قارئ أو 294%؛ صنداي إكسبريس 4,167,000 نسخة؛ 10,734,000 قارئ أو 258%.
الهوامش:
[i] د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 365 - 366. ود. شمس الدين الرفاعي: تاريخ الصحافة السورية، ج1، العهد العثماني. دار المعارف بمصر، القاهرة 1969. ص 17-24. ود. أحمد جاد الله شلبي: تاريخ التربية الإسلامية. مطبعة دار الكتب، القاهرة. ص 150 وما بعدها. ود. خليل صابات: تاريخ الطباعة في الشرق العربي. ص 34 وما بعدها. وجرجي زيدان: تاريخ آداب اللغة العربية، ج4 . مطبعة دار الهلال. ص 11. و
- William L: Rivers and Wilbur Schramm, Responsibility Mass Communication. New York, Harper & Row, 1969. p. 6
[ii] W. Schramm: One Day In the World's Press. pp. 3 – 6؛ - Harry Goldstein: " Reading and Listening Comprehension at Various Controlled Rates " ( N.Y.: Teachers College, Columbia University Bureau of Publications, 1940).
[iii] P. Lazarsfeld: Radio and the printed Page. ( N.Y.: Duel Sloan and Pearce, 1940); - Lazarsfeld et al: The People's Choice, McGhee, New strategies for Research in the Mass Media.( N.Y.: Bureau of Applied Social Research, Columbia University 1953); - Leo Bogart: the Age of Television. ( N.Y.: Frederick Unger, 1956 ).
[iv] رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984، ص81.
[v] نفس المصدر السابق. ص 81 - 85.
[vi] د. جيهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 368 - 369. و
- H. Blumer: Movies and Conduct. ( N.Y.: the Macmillan Company 1933); - W. Charters: Motion Pictures and Youth. (N. Y.: Macmillan 1933); - Doob, Propaganda: Its Psychology and Technique. (N.Y.: Henry, Holt and Company 1935)
[vii] د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 355.
[viii] Schramm: " Communication Development and the Development Process," in Lucian Pye (ed) Communication and Political Development. (N. J.: Princeton University Press 1963).
[ix] د. جهان أحمد رشتي: الأسس العلمية لنظريات الإعلام. دار الفكر العربي، القاهرة 1978. ص 356 -357. و
- Alan Hancock: Mass Communication (London, Longmans, 1966) pp. 1-4.
[x] جواد مرقة: متخذو القرار الإعلامي العربي والمتوسطي والإفريقي. صحيفة الدستور الأردنية 1/7/1997.
[xi] د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990، ص18.
[xii] حسين العودات: الإعلام والتنمية. دراسة مقدمة إلى لجنة أليسكو لدراسة قضايا الاتصال والإعلام في الوطن العربي. تونس 1983. ص 9-10.
[xiii] جيهان رشتي: نظم الاتصال والإعلام في الدول النامية. ج1. دار الحمامي للطباعة والنشر، 1972. ص 82.
[xiv] ترتكز نظرية الحرية على الإيمان المطلق بالإنسان، على عكس نظرية السلطة المطلقة التي تنظر إلى الإنسان على أنه جزء من المجتمع تنحصر قيمته وفقاً لفهم السلطة. بحيث كان مذهب الحرية يرى أن سعادة الفرد هي الغاية من وجود المجتمع، بينما يرى أنصار مذهب السلطة المطلقة أن سعادة المجتمع هي الغاية من وجود الفرد حتى وإن كانت تلك السعادة على حساب حياته الخاصة.
[xv] أنظر نص الإعلان في مجلة الإعلام العربي ( الأليسكو) العدد 2 ديسمبر/كانون الأول 1982. ص 171 وما بعدها.
[xvi] د. جبار عودة العبيدي، و هادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 21-23.
[xvii] UNESCO: Final Report. Intergovernmental Conference on Communication in Latin American & the Caribbean. San Jose Costa July 1976. p. 23.
[xviii] د. جبار عودة العبيدي، وهادي حسن عليوي: مدخل في سياسة الإعلام العربي والاتصال. مكتبة الجيل الجديد، صنعاء 1993. ص 29-31.
[xix] UNESCO: World Trends of News Agencies, in International Communication Media, Channels, Functions Edited by Heinz Dietrich Fischer and John C. Merrill. New York, Hastings House Publishers, 1970, pp. 57-65.
[xx] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية. الجزائر 1984. ص 101- 102.
[xxi] أنظر: نفس المصدر. ص 102؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية. القاهرة 1990. ص 110؛ ود. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. الجزء الأول، الصحافة اليومي. دار النجاح. بيروت 1972. ص80.
[xxii] أنظر: - رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 105؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 110؛ وتقارير خاصة عن وكالات الأنباء. وزارة الإرشاد القومي، القاهرة.
[xxiii] كانت الجزائر آنذاك تحت الاحتلال الفرنسي.
[xxiv] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 105-106.
[xxv] أنظر: نفس المصدر. ص 103-106، 568-569؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 111.
[xxvi] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 103-106، 568-569؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 111؛ وهيرمان ماين: وسائل الإعلام الجماهيرية في جمهورية ألمانيا الاتحادية. كوللوكيوم، ألمانيا 1996، ص 128-130. (باللغة الروسية)
[xxvii] أنظر: د. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. ج1، الصحافة اليومية. دار النجاح، بيروت 1972. ص 81-82؛ ورولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 107.
[xxviii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية والبصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 107-108.
[xxix] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 107.
[xxx] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 104 – 108؛ ود. عبد العزيز الغنام: مدخل في علم الصحافة. الجزء الأول- الصحافة اليومية. دار النجاح، بيروت 1972. ص 84-85؛ ود. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 108-109.
[xxxi] أنظر:
- Charles R. Wright: Mass Communication, A Sociological Perspective, New York, Random House. 1959. pp. 26-34.
[xxxii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 544-546.
[xxxiii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 607-609.
[xxxiv] أنظر: نفس المصدر. ص 596.
[xxxv] أنظر: كوريا أرقام وحقائق. الخدمات الإعلامية لجمهورية كوريا، سيؤول 1993. ص 118-119.(باللغة الروسية)
[xxxvi] أنظر: موسوعة الجيب. موسكو: 2000. ص 219.
[xxxvii] أنظر: موسوعة الجيب. موسكو: 2000. ص 220.
[xxxviii] نفس المصدر.
[xxxix] نفس المصدر السابق.
[xl] نفس المصدر السابق.
[xli] أنظر: الكتاب السنوي 1995. وزارة الإعلام، الهيئة العامة للاستعلامات، القاهرة 1996. ص 380-382.
[xlii] معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/2001/ العدد الرابع. ص 154-155.
[xliii] معلومات أساسية عن جمهورية نيجيريا الاتحادية. مجلة آفاق أفريقية، صيف 2000/ العدد الثاني. ص 171.
[xliv] معلومات أساسية عن جمهورية جنوب إفريقيا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2001/ العدد السادس. ص 166 - 183.
[xlv] جمهورية غانا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/ العدد الثالث. ص 194-202.
[xlvi] معلومات أساسية عن جمهورية كينيا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، ربيع 2000 العدد الأول. ص 153-166.
[xlvii] معلومات أساسية عن جمهورية إثيوبيا. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2001/2002 العدد الثامن. ص 134.
[xlviii] معلومات أساسية عن جمهورية السنغال. القاهرة: مجلة آفاق أفريقية، شتاء 2000/2001/ العدد الرابع. ص 154-155.
[xlix] معلومات أساسية عن المملكة المغربية. القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، ربيع 2001/ العدد الخامس. ص 142.
[l]معلومات أساسية عن جمهورية موريتانيا . القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، ربيع 2002/ العدد التاسع. ص 142.
[li] معلومات أساسية عن جمهورية السودان. القاهرة: مجلة آفاق إفريقية، صيف 2002/ العدد العاشر. ص 154.
[lii] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 112.
- رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 111-113.
[liii] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 112؛ ورولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 111-113.
[liv] إنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 115. و
-UNESCO: The Structure of the World's Press, in International Communication Media, Channels, functions, op. cit., p. 271.
[lv] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية، القاهرة 1990. ص 116. و
- Heinz - Dietrich fischet and John C. Marrill: The International Situation of Magazines, in International Communication. Media Channels, Functions. op. cit., pp. 306-307.
[lvi] أنظر: د. محمد علي العويني: الإعلام الدولي بين النظرية والتطبيق. مكتبة الأنجلو المصرية. القاهرة 1990. ص 116-118.
[lvii] أنظر: جيمس كورّان، و جين سيتون: السلطة من دون مسؤولية: الصحافة والإذاعة في بريطانيا. ترجمة: حازم صاغية. المجمع الثقافي، أبو ظبي. الطبعة الأولى 1993. ص 150-141؛ ومن يملك ماذا؟ 1988؛ وتقارير الشركات: التقرير السنوي للمجلس الصحفي 1990؛ وعزت السيد أحمد: العولمة وإعادة هيكلة الاقتصاد العالمي. مجلة المعرفة (السورية)، 1998 العدد: 416. ص 78-94. و
- Nizar Al-Khatib: British Airways and American Airlines Strategic. MA in Business and Management. East London Business Scholl. 1997. p. 61. - James W. Botkins, Jana B. Matthews; Winning Combinations. John Wiley & Sons, Inc. New York. 1993. p. 73. - Burnard Burnes; Manging Cahge. Pitman Publishing. London. 1992. p. 65.
[lviii] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة: مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 29-32.
[lix] أنظر: نفس المصدر. ص ص 32-34.
[lx] أنظر: نفس المصدر. ص 499.
[lxi] أنظر: نفس المصدر. ص 500.
[lxii] أنظر: نفس المصدر. ص 501.
[lxiii] أنظر: نفس المصدر. ص 505-509.
[lxiv] أنظر: جيمس كورّان، و جين سيتون: السلطة من دون مسؤولية: الصحافة والإذاعة في بريطانيا. ترجمة: حازم صاغية. المجمع الثقافي، أبو ظبي. الطبعة الأولى 1993. ص 145؛ والتقرير السنوي لـ A P A . 1986-1985؛ والتقرير السنوي الـ 32 لمجلس الصحافة 1985 (1986)؛ ومجلة جوردان عن معطيات النشر والتسويق والنشر. 1984؛ والكتاب السنوي للفونوغراف البريطاني.1986؛ وبريتيش فيديو غرام أسوسياشين ( غالوب - 1986)
[lxv] أنظر: رولان كايرول: الصحافة المكتوبة والسمعية البصرية. ترجمة مرشلي محمد. ديوان المطبوعات الجامعية، الجزائر 1984. ص 505-509.
أتمنى أن تعجب المادة المنشورة القراء الأعزاء
ردحذف