نظرية التبعية الإعلامية
كتبها: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب Ph.D اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية. بتاريخ 21/8/2012
ظهرت نظرية
التبعية الإعلامية في دول أمريكا
اللاتينية في حقبة ما بعد الاستقلال كرد فعل لإخفاق نظريات التحديث الغربية في تفسير أسباب تخلف الدول
النامية، وتتلخص في أن ما تقدمه الدول الصناعية
من تكنولوجيا الإتصال والإعلام، وأنظمة وممارسات مهنية إعلامية ومواد وبرامج
إعلامية لتستهلك في الدول النامية
يعمل على صنع وتعميق التبعية الإعلامية لهذه الدول، وزيادة اعتمادها على الدول الصناعية
المتقدمة.
ومن أهم منظري
هذه النظرية شيلر وماتللارات وبويد باريت، اللذين قالوا: أن
التكنولوجيا والأنظمة والممارسات الإعلامية المنقولة
من دول العالم المتقدم تعمل على تشويه البنية الثقافية في دول العالم النامي، وتسهم في إحداث سلبيات عديدة
منها:
- خلق ثقافة
مهجنة؛
- والتغريب
الثقافي؛
- والغزو
الثقافي.
وفي هذا الإطار
جاءت جهود منظمة اليونسكو لتسهم في تقديم منظور
نقدي يتميز بالشمول والموضوعية في محاولة لتجاوز الرؤى الجزئية التي تسعى إلى سيادة الرؤية الغربية (دول الشمال) في
الاتصال والإعلام الجماهيري وتجاهل وإغفال حقوق الاتصال
والإعلام الجماهيري لشعوب الجنوب.
وحرصت لجنة ماكبرايد على طرح تصور شامل يتضمن رؤية ومطالب دول الجنوب في مجال الاتصال
والإعلام الجماهيري أبرزها في تقرير اللجنة:
- ضرورة
المبادرة لتطوير المفهوم التقليدي السائد عن سياسات الاتصال والإعلام الجماهيري؛
- والعمل على
تغيير الهياكل الاتصالية
والإعلامية الجماهيرية السائدة؛
- والأخذ
بالنظام المفتوح للاتصال والإعلام الجماهيري الذي يتيح إشراك الجماهير في العملية الاتصالية.
وكشفت النظرة
المتعمقة لتجارب العالم الثالث لنا حقيقة الدور الذي
تقوم به بعض وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في تشكيل اتجاهات الرأي العام بصورة
خادعة ومضللة ومستهدفة في الأساس،
ولإضفاء الشرعية على السياسات الاستبدادية للسلطات الحاكمة، واعتمادها على
تكنولوجيا الاتصال الجماهيرية والمعلوماتية التي تتحكم فيها الشركات متعددة الجنسيات، والقوى المحلية
المتمتعة بالنفوذ السياسي والاقتصادي.
لنفهم أن نظرية
التبعية الإعلامية أعطت اهتماماً كبيراً للأبعاد الثقافية والتاريخية والدولية في
تفسيرها للعلاقة القائمة بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والسلطات السياسية ودورها في إطار التبعية
الإعلامية والغزو الثقافي. ولو أنه
يمكن أن يؤخذ عليها مبالغتها في
تقدير أهمية المتغيرات الخارجية وتأثيرها على الأنظمة والسياسات الاتصالية لدول العالم الثالث، وهو ما
يقلل من أهمية المتغيرات الداخلية، بالرغم
مما تمثله الضغوط الدولية من أهمية إلا أن صياغة السياسات الإتصالية والإعلامية
الجماهيرية تبقى مسؤولية وطنية في المقام
الأول ويفترض أن تعكس الإرادة الشعبية وتصون الشخصية الثقافية الوطنية.
ورغم ذلك
فنظرية التبعية الإعلامية بحاجة لجهود كبيرة لمراجعتها على ضوء المتغيرات الدولية
التي برزت في أواخر ثمانينيات القرن الماضي ابتداءً من انهيار الشيوعية والمعسكر الاشتراكي
الدائر في فلكها وسقوط القطبية الثنائية، مروراً بالنظام العالمي الجديد وعولمة
الاقتصاد والسياسة والثورة التكنولوجية في عالم الاتصال، وعولمة الثقافة والدفع
نحو صراع الحضارات.
خاصة وأن أنظمة
الاتصال والإعلام في العالم الثالث
تقوم على:
- نظام إتصالي
وإعلامي جماهيري تسيطر عليه الدولة في إطار مفهومي
التنمية والوحدة الوطنية، والرقابة فيه على المضمون الإعلامي صارمة؛
- ونظام إتصالي
وإعلامي جماهيري موجه من الدولة وظيفته الأساسية تعبئة الجماهير من أجل التنمية وتدعيم الوحدة الوطنية لتحل
المسؤولية الوطنية محل المسؤولية الاجتماعية؛
- ونظام إتصالي
وإعلامي جماهيري مستقل تتمتع فيه وسائل الإتصال والإعلام الجماهيرية بقدر من
الحرية بعيداً عن التدخل المباشر
للحكومة لتستطيع وسائل الإتصال والإعلام الجماهيرية في ظله أن تظهر استقلالية في
مواجهة الضغوط الحكومية.
ويعتبر هذا
التصنيف أكثر مرونة في تصنيف أنظمة الإتصال والإعلام الجماهيرية في العالم الثالث، لأنه من الصعب إخضاعها
لتصنيفات جامدة نظراً لما تتضمنه من تناقضات وتعقيدات
كثيرة.
شكرا جزيلا على هذه المعلومات القيمة التى افادتنى كثيرا فى بحثنى عن هذه النظرية :)
ردحذفسعيد جداً لأنها أفادتك، مع أطيب التمنيات
حذف