عبد الخالق غيحدواني
مجمع عبد الخالق غيحدواني في غيجدوان
يعتبر عبد الخالق غيحدواني، مؤسس مدرسة تصوف
مستقلة في وسط آسيا بالقرن الثاني عشر الميلادي. وعرف نظام حجه خان المتبع
آنذاك بتشدده وثبات وطهارة إيمانه بالإسلام. ووضع عبد الخالق غيحدواني أسس
الطريقة النقشبندية المشهورة في العالم الإسلامي. وولد العالم الإسلامي عبد
الخالق أبو الجليل غيحدواني في أسرة متدينة عام 1125م.. وكان أبوه إمام مسجد
في السوق الكبيرة بمدينة غيجدوان في ولاية بخارى (أوزبكستان). وكان عبد الخالق
غيحدواني من طفولته المبكرة محاطاً بالتقاليد الصوفية الإسلامية. وحفظ القرآن
الكريم عن ظهر قلب في سن التاسعة من عمره. ومن سن العاشرة من عمره شارك بالعبادات
التي كان يقيمها الدراويش. ولم تكد تمضي ثلاث سنوات حتى فهم أنه
يعاني من قلة المعرفه. وترك عبد الخالق غيحدواني والديه وتوجه إلى بخارى
التي كان يحكمها آنذاك القرخانيون. وكان القرخانيون من حماة السنة والإسلام
الصحيح. وكانت بخارى آنذاك من المراكز الثقافية الكبيرة في وسط آسيا. وسعى عبد
الخالق غيحدواني للدخول إلى عالم الكتب والمعرفة، ولم يقطع صلاته بالدراويش
والصوفيين الشباب.
وفي سن الـ22 حصل عبد الخالق غيحدواني على صفة
رجل دين بارز في بخارى، وكرس حياته لخدمة الله (ج). وفي بخارى التقى بالشيخ
الشهير أبو كعب يوسف الحمداني وسرعان ما أصبح من تلاميذه المحببين.
وأعجب الشيخ بذكاء هذا الشاب وقدمه لجماعة الصوفيين وسرعان ما سبق معلمه وأصبح
شيخاً للطريقة. وفي ذلك الوقت كان الشيخ الصوفي المعروف والفيلسوف والشاعر أحمد
يسوي طالباً عند الشيخ يوسف الحمداني. ودعى عبد الخالق غيحدواني
إخوته إلى خيار الفقر ووقف ضد اشتغالهم بمناصب ووظائف حكومية. وألزمهم بعدم العمل.
وفي أحد المرات وخلال أحد الأعياد الإسلامية زار الخضر (ع) عبد الخالق
غيحدواني، وعلمه الذكر الصامت، واعتبره إبناً له. ووفقاً لتعاليم عبد
الخالق غيحدواني على الدراويش الإلتزام بالتعاليم الثلاثة للنبي محمد
(ص) الواردة في القرآن الكريم السورة 33 الأحزاب الآيتين 41 و42؛ والسورة 18 الكهف
الآيتين 23 و24؛ والسورة 13 الرعد الآية 28 والتي تنص على: "يا أيها الذين
آمنو ا اذكروا الله ذكراَ كثيراً"، "وسبحوه بكرة وأصيلاً"،
"ولا تقولن لشاىء إني فاعل ذلك غداً"، "إلا أن يشاء الله واذكر ربك
إذا نسيت وقل عسى أن يهدين ربي لأقرب من هذا رشدا"، "الذين آمنوا وتطمئن
قلوبهم بذكر الله ألا بذكر الله تطمئن القلوب". واعتبر الصوفيون أن أدء الذكر
هو المطلب الرئيسي من الساعين لبلوغ الله (ج). وفي وقت لاحق وعندما ازداد
عدد الجماعات الصوفية، تحول الذكر إلى تقليد صعب.
وأكد الشيخ عبد الخالق غيحدواني في تعاليمه على أنه
قبل الذكر يجب التمكن من أسلوب التنفس (التحكم بإدامة حبس التنفس)، من أجل تركيز
الإنتباه وأداء كلمات الذكر وفقاً للشهيق والزفير وتوافق حركة الجسد. وفي ذلك
الوقت كان في العالم الإسلامي تقليدين للذكر: الذكر الفردي، الذي يقوم به شخص واحد
بصوت جهور أو بالهمس في الحجرة مع منديل على الرأس. وذكر جماعي جهري خلال إجتماعات
الجماعة (وعادة في ليلة الخميس إلى الجمعة) أو ما سمي "سماسي" أو
"حضراسي"، حيث يكون النبي (ص) حاضراً في الاجتماع. واستخدمت بعض الجماعات
وسائل مثيرة للأحاسيس، مثل شرب القهوة، والمشروبات الساخنة والمخدرات، والموسيقى،
والرقص، من أجل تغيير الحركة، وتغيير وضع الجسد، ومن أجل التركيز على اسم الله
(ج)، الذي يعاد ذكره أحياناً عشرات آلاف المرات.
وأدخل عبد الخالق غيحدواني ذكراً جديداً صامتاً
هادئ. وطور 8 طرق أساسية للتدرب على الطريقة. وأضاف عبد الخالق غيحدواني على
هذه الطرق الـ 8 المقدسة ثلاثة طرق أصبحت في وقت لاحق الأساس الروحي للطريقة
النقشبندية. واستعملت هذه الطرق خلال 500 مئة عام وحتى يومنا هذا في المناطق التي
تتبع هذه الطريقة. وتوفي يوسف الحمداني عام 1440م بعد أن بلغ سن الـ 98
سنة. وكان أول خليفة له أحمد يسوي، الذي لم يرأس الطريقة لفترة طويلة، إذ عندما
بلغ سن النبي (ص) أقسم أن يعيش منفرداً، وغادر إلى موطنه مدينة ياسي. ليخلفه عبد
الخالق غيحدواني.
وسلم المسبحة المقدسة التي ترمز للسلطة الروحية لنائبه
الشاب عبد الخالق غيحدواني. وكان الدراويش يحترمون هذه المسبحة كثيراً،
لأنها تحمل "البركة" التي وضعها فيها الشيوخ وهم يذكرون اسماء الله الحسنى
خلال حياتهم. وكان قد أحضر هذه المسبحة المقدسة يوسف الحمداني من مكة، حيث
أدى فريضة الحج 38 مرة. وحافظ عبد الخالق غيحدواني على المسبحة في صندوق
خاص بحراسة شيخ الصباح. واستمر عبد الخالق غيحدواني على نظرية معلمه
وطور نظام التسلسل الروحي للطريقة النقشبندية. وعاش عبد الخالق غيحدواني 95
سنة وتوفي في عام 1220م ودفن في مسقط رأسه.
قبر الشيخ عبد الخالق غيجدواني
وفي عام 1433م شيد ألوغ بيك مدرسة إلى جانب قبر
عبد الخالق غيحدواني. وشيدت المدرسة ضمن مخطط تشييد المباني المعمارية للقرن
الثاني عشر ميلادي. وبعد ذلك كسي القبر بألواح من المرمر وأطلق عليه اسم
"ضخم"، وتم بناء المدرسة إلى جانبه. وساحة المبنى تشبه
"حظيرة" تحيط بالقبر من كل جوانبه.
المصدر: 8 سبتمبر/أيلول 2012م / http://ziyouz.uz/ru
بحث أعده أ.د. محمد البخاري، طشقند، 20/10/2013م
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق