ناعورة الشيخ محي الدين شاهد حي على عبقرية الرياضي الدمشقي وتفوقه
طشقند 9/3/2019 أ.د. محمد البخاري
مقالة ميس العاني
"ناعورة الشيخ محي الدين شاهد حي على عبقرية الرياضي الدمشقي وتفوقه"
التي نشرتها وكالة أنباء "سانا" يوم 9/3/2019 أثارت عندي ذكريات
تعود لخمسينات القرن العشرين عندما كنت وزملائي في المدرسة الإبتدائية نتجه عمداً بعد
الخروج من المدرسة إلى حارة النواعير لسماع صرير ناعورة جامع الشيخ محي الدين وصوت
تساقط قطرات المياه من الأعلى، لأعود بعدها إلى البيت من أمام موقف الباصات وآخر
خط الترام عبر سوق الجمعة ومن جانب محل المعدنلي وجامع الشيخ محي الدين بن العربي والتكية
والمرستان ومحل البيك ومحل بوز الجدي مع توقف لشراء العوامة الفاخرة والتلذذ
بطعمها، ويالها من ذكريات جميلة تضاف إليه المعلومات التي كتبتها الزميلة ميس،
وجاء فيها:
دمشق-سانا
اكتسبت ناعورة مسجد الشيخ
الدين بن عربي شهرة كبيرة لدقة صنعها واهميتها في ذلك الزمان كشاهد حي على عبقرية
الرياضي الدمشقي وتطور العلوم العربية وخاصة الحسابية منها وأصبحت اليوم أثرا مهما
من آثار الفيحاء.
وتعد هذه الناعورة نموذجا
فريدا لا يرتبط بالنموذج العام الذي اشتهر في حماة وقرطبة ولكنها تتشابه من حيث
الوظيفة وتقبع على سفح جبل قاسيون في زقاق النواعير بحي المدارس في منطقة الصالحية
وبنيت في العقد الثاني من القرن السادس عشر ميلادي.
ويعتمد تصميم الناعورة على
دولاب ضخم يدور بقوة دفع نهر يزيد أحد فروع نهر بردى فيدور معه مسنن خشبي ضخم
ويدير هذا الدولاب دولاب آخر في قمة البرج ربطت به سلسلة حديدية علقت بها دلاء
تملأ بماء النهر وتفرغ في حوض بقمة البرج حيث يسيل الماء إلى الخزان عبر قناة رفعت
على أقواس حجرية مرتفعة هدمت منذ فترة طويلة واستعيض عنها بحجر اسمنتي.
ويستقبل الخزان الماء
ويخزنه ومن ثم يوزعه على كل من التكية والجامع والبيمارستان القيميري الملاصق
للجامع من جهة الغرب كما مدت قناة صغيرة إلى بحرة الجامع تتوسطها على شكل نافورة
وفتحت على طول جدران الخزان صنابير للمياه من أجل الوضوء لا تزال آثارها ظاهرة
للعيان.
وكانت هذه النواعير تضخ
المياه إلى المناطق المرتفعة التي لا تصلها مياه الأنهار والسواقي وظلت الوسيلة
الوحيدة حتى عشرينيات وثلاثينيات القرن الماضي قبل دخول المضخات على المازوت
والبنزين وانتشار الكهرباء.
صنعت الناعورة على يد
المهندس تقي الدين محمد بن معروف الراصد الشامي والرياضي الفلكي الذي ساهم في ذلك
الوقت بإنشاء مرصد اسطنبول وعمل به.
وتغنى شعراء كثر في وصف هذه
النواعير بأبيات جذابة اللحن سهلة المغنى حيث يقول عنها الشيخ زين العابدين بن عمر
الوردي ناعورة مذعورة ولهانة وحائرة الماء فوق كتفها وهي عليه دائرة.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق