من النماذج الهامة للاتصال الجماهيري
من
نماذج الاتصال الجماهيري الهامة
كتبها: أ.د. محمد البخاري.
ومن
النماذج الهامة للاتصال الجماهيري:
نموذج ولبر شرام:
واستخدم ولبر شرام في نموذجه الذي قام بتقديمه عام 1954، وطوره عام 1971 نفس
العناصر الأساسية لنموذج شانون وويفر لرجع الصدى والتشويش.
وأضاف
إلى النظام التركيبي الذي أشار إليه شانون النظام الوظيفي، أي تأثير التعلم على
السلوك والجوانب الدلالية وتأثيرها، وقدم في نموذجه مفاهيم هامة عن الإطار الدلالي
للمرسل والمستقبل، وأهمية الخبرة المشتركة بينهما في تسهيل عملية الاتصال وتوصيل
المعاني.
وقام
شرام بتطوير نموذجه الأول عن الاتصال الجماهيري، بعد أن مهد لذلك بسلسلة من
النماذج. احتوت على: مصدر، وأداة لوضع الفكرة في رموز، وإشارة، وأداة لفك الرموز،
وهدف. واعتبر المصدر وأداة ترميز الفكرة، جزآن منفصلان موجودان في شخص واحد، وأداة
فك الترميز والهدف هما جزآن منفصلان موجودان في شخص آخر. وهذا النموذج يبدو إلى حد
ما مماثل لنموذج شانون وويفر ولكنه لا يتضمن عنصر التشويش.
أما
في نموذجه الثاني، فقد قدم شرام فردين متصلين ضمن حالة تداخل بين خبراتهما،
فالرسالة مكونة من إشارات تعني شيئاً لكل منهما. وكلما تشابه إطارهما الدلالي زاد
احتمال تطابق معنى الرسالة الإعلامية عندهما. وهنا لابد من الإشارة إلى أن معنى كل
كلمة في أي لغة له عدة أبعاد، وهذا المعنى يختلف بين فرد وفرد، ومن ثقافة إلى
أخرى.
والرسالة
الإعلامية في نموذجه الثالث ليست سهلة وبسيطة كما يبدو للوهلة الأولى، فالكثير من
المعاني التي تتضمنها تكمن خارج إطار الكلمات المنطوقة التي نسمعها، وطريقة نطق
الكلمات والحركات الإيمائية التي يقوم بها المتحدث تعطي مدلولات ومعاني قد تختلف
وتتناقض مع ما ينطق به من كلمات.
ونفس
الشيء يحدث للرسائل الإعلامية التي تنقلها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية،
فالصفحة التي تنشر المادة الإعلامية، ومكان هذه المادة على الصفحة، والمؤثرات
المحيطة بها على الصفحة ذاتها، ونوع الحروف المستخدمة، كلها عناصر تشترك في نقل
معان تؤكد ما جاء في المادة الإعلامية، أو تسهم في إضعاف تأثير مضمونها، لأن
المادة الإعلامية تتضمن عدداً كبيراً من الدلالات غير اللفظية، تسهم في تكوين
المعنى الذي يخرج به القارئ.
واختيار
أي مادة إعلامية يتوقف على مدى صواب الاختيار، الذي يجب أن يعتمد على مدى الفائدة،
ومدى الضرر الذي ستقدمه تلك المادة للجمهور الإعلامي. وأشار ولبر شرام إلى حقيقة
هامة، وهي:
أن
التعرض للرسائل الإعلامية والأحداث كثيراً ما يحدث بالصدفة، لمجرد مصادفة وجود
الفرد في مكان الحدث، أو مكان تواجد الرسالة الإعلامية.
بينما
نرى في حالات أخرى أن الإنسان يسعى دائماً نحو المواد الإعلامية المفيدة التي سبق
وتعرض لها في الماضي، فهو يختار القنال الإذاعية أو التلفزيونية المفضلة،
والبرنامج الإذاعي أو التلفزيوني المفضل. ويقرأ للكاتب الذي يفضله، والمفكر الذي
يثق برأبه. وكلها تدخل ضمن عادات الاستماع والمشاهدة وتوقعات الفائدة التي سيجنيها
من التعرض للرسائل الإعلامية وفهمه لدلالاتها المختلفة.
ويؤكد
في نموذجه الرابع، على حقيقة مفادها أن اشتراك كل فرد في عملية الاتصال لا يقتصر
على كونه مرسلاً فقط أو متلقياً دائماً. فالفرد سواء أكان مرسلاً أم متلقياً يقوم
بترميز المنبهات، ويقوم بتفسيرها انطلاقاً من خبراته الخاصة. ومهما كانت النتائج
من عملية الاتصال فالإنسان يقوم بشكل دائم بفك رموز الرسائل الإعلامية التي
يتلقاها وعلامات الظروف المحيطة به، ويفسر تلك الرموز والعلامات على ضوء ما يدور
في ذهنه من رموز وعلامات.
ومن
الخطأ القول بأن عملية الاتصال تبدأ من نقطة، وتنتهي في نقطة، لأن عملية الاتصال
هي عملية دائمة لانهاية لها تؤثر وتغير في تفسيراتنا وعاداتنا وقدراتنا المعرفية.
ويقوم
النموذج الخامس لشرام على نظامين للاتصال الذاتي، يرتبطان بالتأثير المرتد لراجع
الصدى الذي يمر باتجاهين. فيعدل القائم بالاتصال بموجبه من رسائله الإعلامية
ويحاول التقليل من التشويش الحاصل خلال عملية الاتصال، للتقليل من التحريف في
مضمون الرسالة الإعلامية أثناء عملية نقلها.
والاتصال
الجماهيري بطبيعته هو: السعي للوصول إلى جمهور إعلامي كبير، لا تعرف المؤسسات
الإعلامية عنهم سوى القليل.
وتساعد
البحوث الإعلامية التقليل من هذه المشكلة عن طريق توفير معلومات أكثر عن الجمهور
الإعلامي للمؤسسات الإعلامية، تساعد على الاستخدام الأمثل لإمكانيات وسائل الاتصال
والإعلام الجماهيرية، وفي اختيار رسائل إعلامية أكثر فائدة، وأكثر فاعلية
وتأثيراً. بمضمون يرضي أكبر قدر ممكن من الجمهور الإعلامي. مع مراعاة المتغيرات
الحاصلة بشكل دائم. وإلا فشلت المؤسسة الإعلامية في أداء الدور المطلوب منها ضمن
النظام الاجتماعي.
والمؤسسة
الإعلامية بحد ذاتها هي عبارة عن نظام معقد، له إضافة لمشاكله الخارجية مع الجمهور
الإعلامي، مشاكله الداخلية المتعلقة بالاتصال داخل المؤسسة، والتعامل مع الأحداث
ومصادر المعلومات، وسياسات العمل واتخاذ القرارات وتنفيذها، وأقلمة العاملين الجدد
مع الجو العام للعمل... الخ.
وعملية
الاتصال الجماهيري تتم بين: مؤسسة إعلامية
تحصل على أخبار من مصادر متنوعة، تقوم بفك رموزها، وتفسيرها، ومن ثم تعبر عن
آرائها عن طريق إعادة ترميزها وإعدادها في مواد إعلامية كثيرة، توجه إلى جماهير
غفيرة، مؤلفة من أفراد في جماعات صغيرة أو كبيرة، يقوم كل متلقي منهم بتفسير مضمون
المادة الإعلامية وفهمها بطريقته الخاصة، ويتم التفسير على ضوء اتفاق أو عدم اتفاق
الفرد مع أنماط تلك الجماعة، أو الجماعات.
وتحصل
المؤسسة الإعلامية على راجع صدى، هو أقل بكثير في عملية الاتصال الجماهيري من راجع
الصدى في الاتصال الشخصي. وتمتلك وسائل الإعلام الجماهيرية قدرات هائلة لتوسيع أفق
الجمهور الإعلامي الكبير ومد سمعه وبصره إلى مسافات بعيدة بلا نهاية أو حدود،
ومضاعفة أصواتنا وكلماتنا المكتوبة لتصل إلى أماكن بعيدة جداً حيث ينتظرها الجمهور
الإعلامي، وتراقب الأحداث نيابة عنا وتخبرنا عما يجري من حولنا، ومع ذلك نجدها
تواجه صعوبات كبيرة عندما تتنبأ بمدى التأثير على الجمهور الإعلامي بشكل عام.
وأخيراً فإن نظرة ولبر شرام إلى الاتصال الجماهيري تقوم على أنها عملية دائرية
واحدة تربط بين المرسل والمتلقي وبالعكس عن طريق راجع الصدى.
المقالة التالية التحليل الوظيفي والاتصال الجماهيري
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق