نظرية حارس البوابة
نظرية
حارس البوابة
كتبها: أ.د. محمد البخاري.
ومن
تحليل وسائل الإعلام الجماهيرية كمؤسسات لها وظيفة اجتماعية، ودراسة دور ومركز
القائم بالاتصال، والظروف والعوامل التي تؤثر على اختيار مضمون المادة الإعلامية.
وكيف يصنع الصحفيون الأخبار، والجوانب الأخلاقية والمهنية التي يتمسكون بها،
وطبيعة السيطرة البيروقراطية المفروضة عليه. نرى أن دراسة "مراسلي
واشنطن" التي نفذها ليو روستن Leo Rosten عام 1937 كانت أول دراسة كلاسيكية عن سيكولوجية
المراسل الصحفي، وتناولت بالشرح والتحليل القائمين بالاتصال في الولايات المتحدة
الأمريكية.
وتتالت
الدراسات إلى أن نشر الباحث الأمريكي ديفيد مانج وايت D.M.White دراسته "حارس البوابة
وانتقاء الأخبار" أعطت دفعة قوية لبحوث القائمين بالاتصال. والفضل الأكبر
بتطوير ما عرف بعد ذلك بنظرية "حارس البوابة" يعود لعالم النفس الأمريكي
النمساوي الأصل كورت لوين Kurt
Lewin.
وذكر
لوين أن "المادة الإعلامية عبر رحلتها الطويلة حتى تصل للجمهور الإعلامي، تمر
في نقاط أو بوابات يتم فيها اتخاذ قرارات تتعلق بما يدخل وما يخرج. وأنه كلما طالت
المراحل التي تقطعها الأخبار حتى ظهورها في وسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية،
كلما ازدادت المواقع التي يصبح فيها من سلطة فرد أو عدة أفراد تقرير ما إذا كانت
المادة الإعلامية ستنقل بنفس الشكل التي هي عليه، أو بعد إدخال بعض التغييرات
عليها.
لهذا
يصبح نفوذ من يديرون هذه البوابات والقواعد التي تطبق عليها، والشخصيات التي تملك
بحكم عملها سلطة اتخاذ القرار ذات أهمية كبيرة بالنسبة لانتقال المعلومات".
أي أن دراسات "حارس البوابة" هي دراسات تجريبية ومنتظمة لسلوك أولئك
الذين يسيطرون في نقاط مختلفة على مصير المادة الإعلامية.
نظرية حارس البوابة الإعلامية:
تمر
المادة الإعلامية بمراحل عديدة وهي تتنقل من المصدر الإعلامي حتى وصولها للمتلقي
"الجمهور الإعلامي"، وتشبه هذه المراحل السلسلة المكونة من عدة حلقات.
ومن أبسط أنواع السلاسل الإعلامية، سلسلة الاتصال المباشر بين فرد وآخر. بينما
تدخل سلسلة الاتصال الجماهيري شبكة اتصال معقدة تمر عبر العديد من حلقات وأنظمة
الاتصال.
وعادة
ما تخرج المواد الإعلامية من تلك الحلقات والأنظمة أكثر مما دخل منها، مما سمح
لشانون بأن يطلق عليها تسمية (أجهزة تقوية) لأنها تضاعف وتزيد من كميات المواد
الإعلامية التي تدخل إليها وتوصلها بالتالي للجمهور الإعلامي.
ووسائل
الإعلام الجماهيرية بحد ذاتها هي شبكات من الأنظمة داخل أنظمة متصلة ببعضها بطرق
معقدة، يقوم من خلالها القائمون بالاتصال باستقبال وإعداد وإرسال المادة
الإعلامية، التي يستقبلها المتلقي الذي هو جزء من شبكة علاقات قائمة داخل الجماعة
التي ينتمي إليها. ومن دراسة أسلوب عمل هذه الشبكة نستطيع التنبؤ باستجابة
المستقبل للمادة الإعلامية.
ولنتعرف
على الطريقة التي تعمل فيها سلاسل الاتصال التي تنقل المواد الإعلامية لجميع أنحاء
المجتمع، نذكر الحقائق الأساسية التي أشار إليها كرت لوين: بأنه في كل حلقة من
السلسلة، فرداً معيناً يتمتع بحق تقرير ما إذا كان سينقل أو لا ينقل المادة
الإعلامية التي تلقاها، وما إذا كانت المادة الإعلامية التي تلقاها ستصل إلى
الحلقة التالية تماماً بنفس الشكل الذي وصلت به، أم سيدخل عليها بعض التغييرات
والتعديلات.
وحارس
البوابة تعني السيطرة على مكان استراتيجي معين في سلسلة الإتصال، بحيث يتمتع فيها
حارس البوابة بسلطة اتخاذ القرار والتحكم فيما يمر عبر بوابته، يمر أو لا يمر،
وكيف يمر، حتى نهاية السلسلة إلى الوسيلة الإعلامية ومنها إلى الجمهور الإعلامي.
وذكر
لوين أن المواد الإعلامية تمر بمراحل مختلفة حتى ظهورها على صفحات الصحف والمجلات،
أو عبر وسائل الإعلام الجماهيرية المسموعة والمرئية والإليكترونية، وأطلق على هذه
المراحل تسمية بوابات. وذكر أن هذه البوابات تقوم بتنظيم كمية وقدر المواد
الإعلامية التي تمر من خلالها. وأشار إلى أن فهم وظيفة البوابة، يعني فهم المؤثرات
والعوامل التي تتحكم في القرارات التي يتخذها حارس البوابة.
بما
معناه بأنه هناك مجموعة من حراس البوابات، يقفون في جميع مراحل سلسلة الإتصال التي
تتنقل المواد الإعلامية عبرها. ويتمتع كل منهم بحق فتح أو إغلاق بوابته أمام
المادة الإعلامية التي تصله، وأن من حق كل منهم إجراء تعديلات على المادة
الإعلامية التي ستمر عبر بوابته.
ومن
نظرة في سلسلة الإتصال التي تنقل الأخبار، نرى أن المحرر في وكالة الأنباء، أو في
الصحيفة، أو في البرامج الإذاعية المسموعة أو المرئية. يتلقى كمية كبيرة من المواد
الإخبارية التي تحتاج لاتخاذ قراراته كحارس للبوابة. ويتوقف ذلك على مدى مستوى
وموضوعية هذا المحرر، لأن له الدور الهام في توجيه الرأي العام وتحديد آرائه عن
الأحداث الجارية في أنحاء العالم المختلفة.
دراسات القائم بالاتصال:
تنقسم
دراسات السيطرة الاجتماعية، أو حراس البوابة إلى أربعة أقسام رئيسية، وهي:
1- دراسات تأثير الظروف المحيطة
على القائمين بالاتصال:
وتهتم
بالظروف التي تؤثر على اختيار الوسيلة الإعلامية لمادتها الإعلامية، وكيفية تأثير
اهتمام وسيلة إعلامية معينة بموضوع إعلامي معين على اهتمام وسائل إعلامية أخرى
بنفس الموضوع. والطريقة التي يتم فيها نقل أو توصيل السياسة إلى حجرة الأخبار
والمحررين، ومدى قبول أو رفض الصحفيين لهذه السياسة، ونتائج هذا الرفض أو القبول
عليهم. والموضوعات التي تهملها الوسيلة الإعلامية، وتتعمد عدم نشرها، وأهمية هذا
الحذف على القيم الثقافية واستمرارها. وبشكل عام على أفكار الصحفيين والضغوط التي
تفرض عليهم.
2- دراسات تأثير النواحي
المهنية على القائمين بالاتصال:
وتهتم
بالطريقة التي يؤثر بها نظام إخراج المادة الإعلامية على المحرر الذي يتلقى المادة
الإعلامية، الأمر الذي يحد من مجالات اختياره، وتأثير التدريب المهني للصحفي على
إدراكه للأخبار. وتأثير الجوانب المهنية على المادة الإعلامية. وأداء القائم
بالاتصال لعمله تحت تأثير الضغوط النفسية المختلفة.
3- دراسات الجوانب الفنية
والمادية لعمل القائمين بالاتصال:
وتتناول
أسلوب صياغة الأخبار، وانتقالها والميكانيكية التي تتحكم بنشرها.
4- دراسات اختبار وقياس
القائمين بالاتصال:
وتتناول
خصائص الصحفيين وتوافقهم مع العمل المسند إليهم.
المقالة التالية القوى المؤثرة على اختيار القائم
بالاتصال
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق