بهاء الدين النقشبندي
ولد المعلم الصوفي بهاء الدين النقشبندي بتاريخ
14 محرم عام 717 هجري بقرية قصر العريفان القريبة من مدينة بخارى، وهو مؤسس "الطريقة
النقشبندية" التي تعتبر من أهم الطرق الصوفية.
سيرة حياته
ضريح النقشبندي في بخارى
وكان أبوه نساجاً ونقاشاً ("نقشبد"، نقاش).
وكان أول معلم له الشيخ محمد بابا سيماسي. ووفقاً لتقاليد "الطريقة النقشبندية"،
فقد سلمه إياها الغيجدواني، عندما رأه بهاء الدين النقشبندي في
منامه، وأمره بأن يصبح تلميذاً للشيخ سعيد قولول في بخارى. حيث جاء بهاء
الدين النقشبندي إلى سعيد قولول مثله مثل "العويسي"
الذي بدأ الطريقة من تلقاء نفسه دون توجيهات من الشيخ. وبعد ذلك تعليم عند الشيخين
التركيين المشهورين قثامة، وخليل عطا، وأدى فريضة الحج ثلاث
مرات. وبعد عودته من الحج آخر مرة عاش في بخارى حتى آخر أيام حياته.
وتعتمد الطريقة النقشبندبة على معرفة الله (ج)،
والرغبة بالحصول على الرضا بذكر الله (ج) خفية في القلب. وفي هذا المجال
قال بهاء الدين النقشبندي: "المريد يحارب في السر وهو فعلاً موجود في
العالم"، وهذا يعني أن المريد يقوم بحرب مع نفسه، ويعمل على تطهير قلبه من
الشك دون أن يعرف الآخرون أحواله. وإذا كان المريد يتحدث واقفاً عن المقامات التي
لم يرتفع إلى مستواها وهي غير موجودة فيه أصلاً، لهذا لن يسمعه الله (ج) ولن
يرتفع إلى ذلك المقام وسيحرمه من هذا المستوى. وأهل الله الآن يتحملون كل المصاعب
والمحن، التي تقربهم من الله (ج). ولا يوجد ولي لا ينظر إلى الله
الحي الباقي، وبغض النظر عن ذلك فأن الولي قد يعرف هذا أم لا. وبغض النظر عن أنه
إلتقى بهذا الولي وحصل منه على البركات".
وكان بهاء الدين النقشبندي من أنصار البساطة
والتقشف والتواضع اللا نهائي، وكان يرفض طقوس التباهي بالتقوى. ووضع 11 مبدأ من
مبادئ التأمل (المشاهدة). وقام بنشر مبدأ "الذكر الصامت" بطريقة خاصة
عن طريق التنفس. وكان له موقف سلبي من التباهي بالصيام أربعين يوماً، والتشرد،
والبكاء علناً، والرقص مع الموسيقى والصراخ في الذكر، واعتبر مبدأ تسلسل البركة
عديم الفائدة، لأن البركة يعطيها الشيخ شخصياً ضمن خط عطاء مستمر يبدأ من المؤسس. وأكد
على أن البركة هدية من الله (ج)، وليست من الشيخ أو الراعي. وكانت مبادئ
طريقته تعتمد على الطهارة الروحية، ورفض الترف والجشع، والتوكل، والبعد عن السلطات،
والبقاء في عزلة بمحيط صغير. وعلى الصوفي أن يتبع السنة بدقة وينفذ كل متطلبات
الشريعة الإسلامية.
واعتمدت "الطريقة النقشبندية" في انتشارها منذ
البداية على سكان المدن، وبعدهم أخذت بالانتشار في أوساط البدو الرحل، وساعدت
نشاطات أتباع "الطريقة النقشبندية" علة إنتشار الإسلام في كل آسيا
الوسطى. وبالتدريج أخذت الطريقة تنتشر في تركيا العثمانية، والهند، ومن ثم بين
المسلمين في منطقة حوض الفولغا.
و"الطريقة
النقشبندية" اتخذت شعاراً لها رسم عليه قلب وخطت عليه كلمة "الله".
وتنحدر الكلمات التالية منها: "طريقنا نحو الله ليس بالتنسك، لأن التنسك يؤدي للمجد،
ووراء المجد يختفي الموت. والأعمال الطيبة يمكن رؤيتها بين الناس".
وبعد وفاته اعتبر بهاء الدين النقشبندي راعياً لبخارى. وكثيراً ماينطق البخارية بالتعويذة
التالية: "بهاء الدين بوللا غوردون" (أبعد عنا
البلاء، يا بهاء الدين).
بقايا شجرة كان يجلس النقشبندي في ظلها
وعلى
قبره في بخارى شيد ضريح غدا مزاراً للمسلمين في آسيا الوسطى. ويعتقد أن زيارة ضريح بهاء الدين النقشبندي ثلاث مرات تعادل زيارة واحدة للأماكن المقدسة في مكة المكرمة والمدينة
المنورة.
بحث أعده أ.د. محمد البخاري، في طشقند، 9/10/2013
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق