الدكتور محمد البخاري
المشرق العربي في سياسة المصالح الخارجية للدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى
طشقند - 2005
تأليف: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص صحافة. أستاذ بقسم العلاقات الدولية والعلوم السياسية والقانون، كلية العلاقات الدولية والاقتصاد، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، وأستاذ مشارك بكلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.
مخطط البحث
تمهيد
أوروبا وما يسمى بالمسألة الشرقية.
اتصالات الشريف حسين بالبريطانيين.
وعد بلفور
الأوضاع الاقتصادية في الولايات العثمانية العربية.
بدايات الاستعمار الاستيطاني.
الصراع الأوروبي الأمريكي للسيطرة على الثروات الباطنية في الولايات العربية.
التوسع البريطاني الفرنسي في المشرق العربي.
الخاتمة.
المراجع المستخدمة في الدراسة.
تمهيد
خلال لقاء القمة البريطاني الفرنسي السابع والعشرين الذي عقد في لندن خلال نوفمبر 2004 بمناسبة مرور قرن كامل على اتفاقية من القلب "أنتانته" أشار رئيس الوزراء البريطاني إلى أن التعاون البريطاني الفرنسي ضروري لإرساء الاستقرار في أوروبا. وهي نفس الظروف التي كانت سائدة في أوروبا عند عقد الاتفاقية أنفة الذكر. وهذا أمر طبعي لأن التوسع التجاري البريطاني في الشرق الأوسط، خلال القرن السادس عشر كان مرتبطاً بالتعاون البريطاني والفرنسي للحد من الصراع القائم بينهما ومواجهة التوسع الإسباني، والبرتغالي الآخذ بالتثبت آنذاك في الجزر والشواطئ الممتدة على الطريق المارة من أوروبا عبر رأس الرجاء الصالح إلى الهند وجنوب شرق آسيا.
وكانت بريطانيا العظمى قد بدأت تجارتها مع الجزر اليونانية وسورية الخاضعة للدولة العثمانية آنذاك منذ عام 1511، حيث استوردت الزبيب من اليونان، والتوابل والحرير الخام والنسيج من سورية. وكانت تبذل قصارى جهدها لإيجاد أسواق جديدة لمنسوجاتها الصوفية الفائضة عن حاجة أسواقها المحلية تجنباً لتصدير الصوف الخام الذي قد يتحول إلى مصدر لمزاحمة منتجاتها من الأنسجة الصوفية في أسواق الدول الأخرى.[1]
وإثر توقيع الحكومة الفرنسية على معاهدة عام 1535 مع السلطان العثماني حصلت فرنسا بموجبها على امتيازات تجارية على الأراضي العثمانية، وسرعان ما استفادت الدول الأخرى من تلك المعاهدة. وحصل التاجر الإنكليزي أنتوني جنكسون Antony Jenkinson على رخصة من السلطان العثماني عام 1553 تتيح للتجار الإنكليز ممارسة التجارة على الأراضي العثمانية بنفس الشروط التي كان يتاجر بها تجار فينسيا، وفرنسا ليدشن بذلك عصراً طويلاً من التنافس الأوروبي - الأوروبي على احتكار التجارة مع دول الشرق الأوسط. وبعد عودة جنكسون من جولة شملت موسكو، وبعض المناطق المحيطة ببحر قزوين، وأستراخان، وبخارى عام 1557م اقترح على بريطانيا التوسع بالتجارة مع البلاد الواقعة شرق سورية.
وبعد عقدين من الزمن قام تجار لندن عام 1578 بإرسال مندوب عنهم إلى الأستانة عبر طريق برية بعيدة عن عيون مزاحمي التجارة البريطانية في البحر الأبيض المتوسط. ورغم الجهود التي بذلها السفير الفرنسي في الأستانة لعرقلة جهود المندوب البريطاني فإنه عاد إلى لندن حاملاً رسالة من السلطان العثماني مراد إلى الملكة إليزابيث تتضمن تأكيدات كافية تسمح للتجار البريطانيين بالتجارة على الأراضي العثمانية بنفس الشروط التي كان يتمتع بها التجار الفرنسيون، والفينيسيون، والبولونيون، والألمان.
وفي عام 1581 منحت الملكة إليزابيث تجار لندن حق احتكار التجارة في بلاد السلطان العثماني، وهو ما كان إيذاناً بإنشاء شركة الشرق Levant Company، التي استمرت في عملها حتى عام 1825 رغم المعارضة الشديدة التي واجهتها في عام 1605 لمنعها من التوسع بأهدافها لتشمل أهدافاً سياسية إلى جانب الأهداف التجارية التي قامت من أجلها. واثر الجهود الناجحة التي قامت بها الشركة لإقناع الباب العالي العثماني بعدم عقد معاهدة عدم اعتداء مع إسبانيا لمنعها من سحب قواتها المرابطة على الحدود العثمانية لاستخدامها في حرب الأرمادا ضد الإنكليز في عام 1588، وليصبح القناصل البريطانيون بموجبها تابعين عملياً لشركة الشرق حتى عام 1841، وبدأت الشركة عملياً باستخدام رجال الدين المسيحي للتبشير وخدمة الجاليات البريطانية في الدولة العثمانية ومن بينهم كان المستشرق وأستاذ اللغة العربية بجامعة أكسفورد آنذاك القس إدوارد بوكوك Rev. Edward Pocock الذي أمضى خمسة أعوام بمدينة حلب يخدم الجالية البريطانية ويدرس الأوضاع في سورية إضافة للدراسات الاستطلاعية التي كان يقوم بها فعلاً القناصل البريطانيون في سورية. وسرعان ما نظمت الشركة من حلب رحلة استطلاعية ثانية ترأسها روبرت نيوبري Master Robert Newberry عبر الطريق البرية إلى مدينة البصرة، ومنها انتقل إلى جزيرة هرمز، وبندر عباس في الخليج، ومن هناك عاد إلى العاصمة العثمانية الأستانة عبر إيران، ليصل بريطانيا بعد عامين من الرحلة.
وساعدت تقارير القناصل والرحالة التوسع البريطاني في الشرق الأوسط لما تضمنته من معلومات اجتماعية واقتصادية وسياسية هامة وصفت الأوضاع الاقتصادية وحالة طرق المواصلات، ومعتقدات وعادات وتقاليد سكان المناطق التي عبروها. وتطرقت تلك التقارير وللمرة الأولى إلى ذكر البترول الذي كان يسمى وقتها بـ"زيت باكو" ليدخل رأس المال البريطاني في مجال استثماره بعد عدة قرون من تلك التقارير التي كتبها القناصل الرحالة البريطانيين، لأن البريطانيون آنذاك ركزوا استثماراتهم في البداية على جمع وزراعة وتصدير المنتجات الزراعية وخاصة عرق السوس، والتبغ. من القوقاز، وبلاد الأناضول، وسورية، والعراق.
وفي عام 1600 منحت ملكة بريطانيا العظمى إليزابيث شركة الهند الشرقية حقوق احتكار التجارة مع دول الشرق كلها، لينتهي عهد احتكار الإسبان، والبرتغال لتجارة أوروبا مع تلك الدول، وليبدأ النفوذ البريطاني يتوطد في الشرق الأوسط من أجل حماية طرق المواصلات والمصالح البريطانية المتصاعدة في الشرق. ومنذ ذلك التاريخ قامت بعثتين تجاريتين بحريتين بالإبحار في البحر الأحمر، الأولى عام 1609 بقيادة جون جوردون John Jourdain وصلت ببضائعها من الحديد والقصدير والرصاص والصوف إلى العاصمة اليمنية صنعاء. والثانية خلال عامي 1610 و1611 بقيادة هنري مدلتون Sir Henry Middlton انتهت بمواجهة مع حاكم ميناء المخا لمخالفة بحارة مدلتون التقاليد المحلية وتعرضهم للنساء وتدنيسهم للمساجد واحتساءهم الخمر.
ومع ازدياد المصالح التجارية البريطانية في المنطقة قامت شركة الهند الشرقية بتأسيس مصنع لها في البصرة، أعقبه بعد زوال المصالح البرتغالية عقد معاهدة دولية ثلاثية عام 1770 تقتسم بموجبها السفن الفرنسية حراسة طرق الملاحة في الخليج، والسفن الهولندية في البحر الأحمر، والإنكليزية في بحر العرب، متجاهلين الدولة العثمانية تماماً. إلى جانب استمرار الصراع البريطاني الروسي على مناطق النفوذ داخل أراضي الدولة الصفوية.[2]
أوروبا وما يسمى بالمسألة الشرقية
ركزت الدول الأوروبية منذ نهاية القرن السابع عشر جهودها للسيطرة على أقصر الطرق وأرخصها للتجارة مع الدول الواقعة شرق البحر الأبيض المتوسط. وبعد فشل المحاولة البريطانية لفتح طريق تجارية برية عبر مصر عام 1698، ورفض الباب العالي العثماني إبحار السفن الأجنبية في البحر الأحمر لأسباب دينية واقتصادية واستمرار هذا المنع حتى عام 1776م حتى فتح زعيم المماليك في مصر علي بيك ميناء السويس أمام الأجانب إثر فرضه استقلال مصر بزعامته عن الدولة العثمانية. ولم يستجب البريطانيون حينها للوضع الجديد في مصر خوفاً من غضب السلطان العثماني، في الوقت الذي كانت فيه فرنسا تسعى لتعزيز صداقتها معه بقصد الحفاظ على تجارتها مع دول شرق البحر الأبيض المتوسط. ولكن قيام الفرنسيين باحتلال مصر عام 1798، أربكت الوجود البريطاني في المنطقة فعلاً ودشنت الصراع الفرنسي البريطاني على ما سمي بمنطقة الشرق الأوسط، ولمواجهة الوضع الجديد الناتج عن توسع النمسا، وروسيا على حساب أراضي الدولة العثمانية التي تقلصت أراضيها نتيجة لحروبها المتواصلة معهما.[3]
وكانت فرنسا قد تحالفت مع الدولة العثمانية لإبعاد بريطانيا عن منطقة الشرق الأوسط، مما دفع ببريطانيا لتعزيز تعاونها مع روسيا، وأثمر ذلك التعاون عن انتصار البحرية الروسية على العثمانيين في البحر الأسود. مما ساعد على فرض معاهدة كيوتشوك كاينارجي عام 1774 على العثمانيين،[4] وهي المعاهدة التي عززت من النفوذ الروسي في البحر الأسود وسمحت للروس بالتدخل في الشؤون الداخلية العثمانية تحت غطاء حماية الأرثوذكس في الدولة العثمانية. ولكن إعلان الإمبراطورة الروسية كاترين[5] عن نيتها إخراج الأتراك من القسطنطينية وإحياء الإمبراطورية البيزنطية تحت التاج الروسي، والهجوم الذي قامت به القوات الروسية على شبه جزيرة القرم بعد تلك المعاهدة ببضع سنوات وانتهى بتوقيع اتفاقية السلام الروسية العثمانية عام 1791 أثار مخاوف بريطانيا ودفعها لاتخاذ سلسلة من الإجراءات دفاعاً عن مصالحا في المنطقة، ومنها قرار الحكومة البريطانية بمنع البحارة البريطانيين من الخدمة في الأسطول الروسي.
وهيأت الظروف الناشئة عن الحملة الفرنسية على مصر عام 1798 الإمكانية لإحداث تحول في السياسة العثمانية وعقد تحالف عثماني بريطاني ضد الفرنسيين، حيث قدمت بريطانيا الدعم للعثمانيين الذين انتصروا على الفرنسيين عند أسوار عكا، وأجبروا القوات الفرنسية على العودة إلى مصر. ولكن سرعان ما تصدعت العلاقات العثمانية البريطانية بعد محاولة الأسطول البريطاني الدخول إلى بحر مرمرة، وتعزيز وجودهم في الخليج العربي عن طريق تحويل الممثلين التجاريين البريطانيين إلى ممثلين سياسيين لها في المنطقة لمواجهة الخطط الفرنسية للوصول إلى الهند عبر بلاد الشام والعراق والخليج. ولم تتورع حتى عن استخدام السلاح كما حصل في الكويت خلال عامي 1798-1799 عندما قصفت مدافع البحرية البريطانية القوات السعودية التي حاولت دخول المدينة.
أما في مصر فقام محمد علي باشا بإعداد جيش قوي انتصر على القوات البريطانية التي حاولت احتلال مصر، ونتيجة لفشلها قامت بريطانيا باحتلال جزيرة بريم عند مدخل البحر الأحمر، ومنها انتقلت إلى عدن في محاولة منها لمواجهة الخطر الفرنسي الذي بات يهدد مصالحها في الهند. وبدأت بريطانيا تهتم جدياً بتحسين وضعها في الخليج، وإثر مساندة سلطان مسقط للبريطانيين عام 1793 ضد الفرنسيين والهولنديين، وقعت الدولتان في عام 1800 معاهدة مكتوبة سمح لبريطانيا بموجبها بتأسيس مقر لممثل سياسي بريطاني في مسقط، ولتعاون الجانبين في مسح شواطئ الخليج بحثاً عن قراصنة البحر الذين كانوا يستولون على السفن التجارية التابعة لشركة الهند الشرقية، وضربهم لأسطول عمان التجاري، وحملتهم ضد القواسم عام 1805، وقيام البحرية البريطانية عام 1809 بتدمير وقتل سكان مدينة رأس الخيمة.[6] وبعد ترسخ السيطرة البريطانية على الهند في أواخر القرن الثامن عشر، حاول البريطانيون فرض حمايتهم بشتى الطرق على حكام الخليج العربي منذ مطلع القرن التاسع عشر الميلادي.
وبعد استقلال اليونان عن الدولة العثمانية عام 1832 إثر تعاون الأساطيل الفرنسية والروسية والبريطانية لتدمير الأسطول العثماني في موقعة نافارينو، وانسحاب جيش محمد علي باشا من اليونان بعد تهديد الأسطول البريطاني له بضرب الإسكندرية إن لم ينسحب.[7] أعلن محمد علي باشا الحرب ضد السلطان العثماني، وكادت قواته أن تحتل الأستانة. ونتيجة للأوضاع الجديدة التي ساند الفرنسيين فيها محمد علي باشا، وامتناع البريطانيين عن مساندة السلطان العثماني إرضاء لخاطر فرنسا اضطر السلطان العثماني للسماح بإنزال قوات روسية في البوسفور لمواجهة خطر الأسطول البريطاني الذي كان راسياً آنذاك في الدردنيل، ووقع معها معاهدة أنكير اسكليسي عام 1833 التي أعطت روسيا حق التدخل بالشؤون الداخلية للدولة العثمانية.[8] واستمرت تلك الحال إلى أن أجبر محمد علي باشا على الانسحاب إلى مصر نتيجة لضغوط بريطانيا العظمى، وروسيا، والنمسا، وبروسيا، الدول التي وقعت اتفاقية لندن لعام 1840 مع الدولة العثمانية.[9]
وكانت بريطانيا العظمى قبل ذلك قد استفادت من حملة محمد علي باشا على شبه جزيرة العرب، واتجاه قوات إبراهيم باشا نحو اليمن، فأسرعت بإرسال قواتها لاحتلال ميناء عدن عام 1830، وجزيرة بريم عام 1857م، وقصفت عجمان عام 1866،[10] وأخذت بريطانيا العظمى كغيرها من الدول العظمى آنذاك بتوسيع احتلالها لمناطق أخرى في بحر العرب والخليج[11] والبحر الأحمر في الوقت الذي كانت فيه الاستعدادات تجري لشق قناة السويس.
وأدى خوف بريطانيا العظمى من اندلاع حرب أوروبية تهدد طرق مواصلاتها مع الهند نتيجة لانهيار محتمل للدولة العثمانية إلى اعترافها بحقوقها الإقليمية، وعملت على مساعدتها للحفاظ على تلك الحقوق، حفاظاً على مصالحها، واتساع تجارتها إثر توقيعها لمعاهدة عام 1838 التجارية في الدولة العثمانية التي وجدت بريطانيا العظمى فيها سوقاً مربحة لمنتجاتها، ومصدراً وفيراً للمواد الخام الرخيصة.[12]
إلا أن بريطانيا العظمى عادت وأرسلت بوارجها الحربية مع البوارج البحرية الفرنسية والروسية والبروسية وعدد من الدول الأخرى إلى ميناء بيروت، وأنزلت فيه قوة فرنسية تحت غطاء دولي بحجة حماية المسيحيين في لبنان ودمشق إثر الاضطرابات الطائفية التي جرت هناك. وأجبرت الدولة العثمانية على منح لبنان حكماً ذاتياً تحت إدارة حاكم عثماني عام ينتخب من قبل المسيحيين، وتوافق الدول العظمى عليه.
ووضع احتلال جزيرة قبرص، ومن ثم مصر نهاية للصداقة العثمانية البريطانية، وبدا أن الدولة العثمانية تبحث عن حليف قوي تعتمد عليه في علاقاتها الأوروبية فلم تجد أمامها سوى ألمانيا التي أوفدت فون درغولتز في عام 1882 لإعادة تنظيم الجيش العثماني، وتعززت تلك الصداقة بعد زيارة الإمبراطور الألماني ولهلم الثاني للدولة العثمانية عام 1889، وفي عام 1898 عندما وقف أمام قبر صلاح الدين الأيوبي معلناً صداقته الأبدية للعالم الإسلامي. ومنح السلطان العثماني شركة سكك حديد الأناضول التي يملكها الألمان امتياز مد خط للسكك الحديدية من قونية إلى الخليج عام 1902. وكان من المقرر أن يصل هذا الخط إلى ميناء البصرة، ومنها إلى نقطة معينة على الخليج، ولهذا حاولت الدولة العثمانية إخضاع شيخ الكويت لسلطتها. إلا أن شيخ الكويت آثر الاتفاق مع البريطانيين عام 1899 لحماية مصالح بلاده. بينما اعتبرت بريطانيا العظمى، وروسيا، وفرنسا ذلك الخط الحديدي تهديداً مباشراً لمصالحها في الخليج. وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية البريطاني عام 1903 أنه: "يجب أن يعتبر تأسيس أية قاعدة بحرية، أو أي مركز محصن، في الخليج الفارسي (العربي)، من قبل أية دولة من الدول، تهديد خطير لمصالحنا".[13] غير أن روسيا بادرت إلى سحب اعتراضها على مد الألمان لسكة حديد بغداد مقابل اعتراف ألماني بالمصالح الروسية في إيران.
وفي عام 1914 عقدت الدولة العثمانية حلفاً مع ألمانيا. وأعطت بريطانيا وفرنسا في نفس العام لألمانيا جميع الضمانات التي تؤمن مصالحها في المنطقة. وطبعاً هذا لم يكن بتلك السهولة، بل جاء عقب مفاوضات دامت سنوات بين الأطراف وشملت الوضع القانوني للمؤسسات البريطانية الدينية والتعليمية في الدولة العثمانية، وموقف السلطان العثماني من القروض التي تحصل عليها مصر، ومشاكل الحدود الإيرانية العثمانية، وحقوق الملاحة في نهري دجلة والفرات، والوضع الراهن آنذاك في الكويت، وبذلك توصلت بريطانيا العظمى لاتفاق مع منافستها يحمي مصالحها ويبعد ألمانيا عن الخليج. وأدى إلى استقرار التعاون الألماني البريطاني في مجال النفط عندما حصلت شركة النفط التركية التي تمتلك بريطانيا ثلاثة أرباعها، وألمانيا الربع المتبقي على وعد من الصدر الأعظم بمنحها امتياز جميع الحقوق المتعلقة بالنفط في ولايتي بغداد والموصل.[14]
وليس سراً أن أقوى دولة استعمارية في نهاية القرن التاسع عشر في الشرق الأوسط كانت بريطانيا العظمى، وخاصة بعد شق قناة السويس في عام 1897م. فقد استولت بريطانيا عملياً على مصر عام 1882، وسعت للسيطرة المباشرة أو غير المباشرة على شبه الجزيرة العربية بعد أن وثقت علاقاتها مع سلطنة عمان، وإمارات ساحل عمان المتصالحة، وقطر، والبحرين، وبدأت بالاتجاه نحو الكويت التي كانت تخضع اسمياً لسلطة العثمانيين. وكان 40 % من صادرات بلدان الخليج العربية، تصدر إلى بريطانيا، و63 % من وارداتها تأتي من بريطانيا وتنقل كلها على سفن تحمل العلم البريطاني، إضافة لسيطرة الأسطول الحربي البريطاني على الخليج والمحيط الهندي.
وكان يطلق على المندوب السامي البريطاني في منطقة الخليج لقب "المعتمد السياسي لصاحب الجلالة ملك بريطانيا في الخليج الفارسي والقنصل العام في فارس وخوزستان" حتى أن نائب الملك في الهند كيرزون أطلق عليه لقب "ملك الخليج الفارسي (العربي) غير المتوج".[15]
اتصالات الشريف حسين بالبريطانيين
وقبل إعلان الحرب العالمية الأولى بدأت اتصالات بين الشريف حسين[16]، شريف مكة، واللورد كشنر في القاهرة، عبر عبد الله بن الحسين. واستهدف الشريف حسين من تلك الاتصالات معرفة موقف الحكومة البريطانية من العرب فيما لو أعلنوا الثورة على العثمانيين الأتراك. وتنفيذاً للسياسة التقليدية البريطانية التقليدية التي كانت تقضي بإبقاء الكيان العثماني دون تصدع، أعطى اللورد كشنر جواب غير مشجع للشريف. غير أن تلك الاتصالات والمحادثات أخذت شكلاً هاماً مع تبدل الظروف العالمية بعد ذلك بقليل.
وما أن بدأت الحرب العالمية الأولى حتى أعلنت بريطانيا العظمى حمايتها على مصر، وضمت قبرص لإمبراطوريتها، وقام الجيش البريطاني باحتلال مناطق من الاسكندرونة شمال ولاية سورية لقطع خطوط المواصلات العثمانية مع العراق ومصر، ولكن هذا التصرف البريطاني لم يعجب فرنسا التي كانت تعتبر سورية من مناطق نفوذها وتسعى لإبعاد الجميع عن سورية.
وبدأت بريطانيا العظمى بتكثيف اتصالاتها مع الشريف حسين، بعد أن أخرتها المفاوضات البريطانية الروسية الفرنسية حول مصير الدولة العثمانية. والهدف الرئيسي طبعاً من تلك الاتصالات كان التوصل إلى صيغة تحافظ على مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة العربية.[17] وتم خلال الفترة ما بين عامي 1915م و1916 تبادل ثمان رسائل بين الشريف حسين والمندوب السامي البريطاني بالقاهرة عرفت بمراسلات الحسين ماكماهون، وكانت مثالا للغموض والتناقض في المراسلات الدبلوماسية. ففي الوقت الذي كان يفهم العرب من تلك المراسلات حصول بلادهم على الاستقلال الكامل، كانت بريطانيا العظمى تعزل أجزاء من سورية غرب خط دمشق وحمص وحماة وحلب عن الدولة العربية، ولا تتطرق للمناطق الواقعة جنوب ولاية الشام. ورغم كل ذلك الغموض أعلن الشرف حسين الثورة ضد الأتراك العثمانيين في 10/6/1916 دون أن يعلم باتفاقية سايكس بيكو التي منحت روسيا اسطنبول وأراض على جانبي البوسفور، ومعظم الأراضي العثمانية المتاخمة لروسيا، واعترفت بالمطالب الفرنسية والبريطانية الواردة في تلك الاتفاقية.
وعد بلفور
ولم يكد ينقضي عاماً ونيفاً على الثورة العربية، ودخول العرب الحرب إلى جانب الحلفاء، حتى سددت بريطانيا العظمى ضربة ثانية لحلفائها العرب بإعلانها لوعد بلفور عام 1917 الذي جاء فيه: "إن حكومة جلالته تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين. وستستعمل أجدى محاولاتها لتسهيل تحقيق هذا الهدف. ومن المفهوم أنه لن يؤت بأي عمل من شأنه أن يمنع المجتمعات غير اليهودية في فلسطين من ممارسة حقوقهم المدنية والدينية، أو أن يضر بالحقوق والأوضاع السياسية التي يتمتع بها اليهود في كثير من الأقطار".[18] وأوفدت الضابط البريطاني هوغارث Commander Hogarth لإيصال رسالة خاصة للشريف حين ملك الحجاز، تتضمن التأكيدات التالية: أن حكومة جلالته قررت ألا يخضع شعب إلى سيطرة شعب آخر في فلسطين؛ وأن الأماكن المقدسة في فلسطين يجب أن تخضع إلى نظام خاص تؤيده مختلف الأقطار؛ وأن جامع عمر لن يخضع لأية سلطة غير مسلمة.
واختتمت الرسالة بالتالي: "لما كان الرأي العام اليهودي في العالم يؤيد العودة إلى فلسطين، وما دام هذا الرأي يجب أن يظل عاملاً ثابتاً، ولأن حكومة جلالته ترغب بتحقيق هذا الحلم، وما دام ذاك الحلم لا يتعارض وحرية السكان الموجودين، اقتصادية كانت تلك الحرية أم سياسية، فإن حكومة جلالته عازمة على إزالة أي عائق يحول دون تحقيق ذلك الهدف".[19] بينما كانت الحقيقة هي تأمين المصالح البريطانية، والاحتفاظ بحصن للدفاع عن قناة السويس، والفوز بتأييد الرأي العام اليهودي المهيمن في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم.
ورداً على إعلان شريف مكة نفسه ملكاً على العرب، اعترفت بريطانيا وفرنسا به ملكاً على الحجاز فقط، رغم احتلال قواته بقيادة الأمير فيصل لميناء العقبة عام 1917، وقطع طرق المؤن عن الجيش العثماني التركي المحاصر في المدينة المنورة بعد تدمير السكك الحديدية بأمر من لورنس وغيره من الضباط البريطانيين. وما أن دخلت القوات البريطانية فلسطين حتى سارع اليهود للتطوع في الجيش البريطاني، وشكلت منهم كتائب النقل الصهيونية التي عملت في صفوف جيش الاحتلال البريطاني، وسارع اليهود القاطنين في مناطق خلف الخطوط العثمانية التركية بتزويد الجيش البريطاني بالمعلومات القيمة.[20]
وفي الطرف الشرقي من بلاد العرب، أخذت تظهر قوة جديدة، قدر لها أن تخرج الحسين من الحجاز وتنقذ مناطق واسعة من شبه الجزيرة العربية من الاحتلال الأوروبي، مع بزوغ نجم عبد العزيز آل سعود الذي عرف في العالم بابن سعود. ففي عام 1902 استرد ابن سعود بطريقة شجاعة غريبة لم يعرفها التاريخ من قبل، الرياض عاصمة أجداده. وكان والده قد طرد منها يوم أن احتلها قطب أعداء السعوديين ابن الرشيد الذي جاءها من حائل. وبعد أن استتب الملك لابن سعود في الجزيرة ، طرد الحامية العثمانية من الإحساء عام 1913، ومن المدن الواقعة على ساحل نجد. ولم يستطع العثمانيون الأتراك صد ابن سعود لما أصابهم من ضعف وخور من جراء حربهم مع الإيطاليين، ومع دول البلقان. على أن الحكومة البريطانية وإن كانت راغبة بتدخل السعوديين في شؤون مدن الخليج، إلا أنها عرضت وساطتها على الطرفين المتنازعين. ورغم أن تلك الوساطة ارتضاها الطرفان، إلا أن الاتفاق الذي تم بينهما ترك لابن سعود ما حرره من الأراضي، وأطلق عليه لقب الحاكم العام لنجد والإحساء. وحاولت الحكومة العثمانية منحه رتبة والي، مقابل موافقته على إبقاء حامية عثمانية تركية صغيرة في ساحل الخليج للإبقاء على سلطتها في المنطقة.[21]
وفور إعلان الشريف حسين الثورة على العثمانيين الأتراك، أعلن عبد العزيز آل سعود الذي تحالف مع بريطانيا العظمى في عام 1915، عن استعداده للتعاون معه، إلا أن الشريف حسين لم يقبل بذلك، رغم الدور الكبير الذي يقوم به عبد العزيز آل سعود في حربه ضد العثمانيين الأتراك وأسرة ابن الرشيد المناصرة لهم. وتذكر بعض المصادر أنه لو تسلم آل سعود الأسلحة والذخائر التي وعدته بريطانيا العظمى بها لقام بدور أكبر في الثورة العربية ضد العثمانيين الأتراك.
وحسمت المعارك ضد العثمانيين الأتراك في موقعة فلسطين عام 1918 التي قام بها جيش عربي نظامي، ومتطوعين عرب، وكتيبة جزائرية بقيادة ضابط فرنسي، وكتائب نقل مصرية، بمشاركة لورنس وضباط بريطانيين آخرين. وفي 1/10/1918 استقبلت دمشق القوات العربية استقبالاً منقطع النظير، وفي نهاية الشهر نفسه عقدت هدنة مع الأتراك العثمانيين في جزيرة مودروس. وفي الوقت الذي كان فيه الأمير فيصل مشغولاً في تشكل حكومة وطنية في دمشق كانت القوات البريطانية تعزز احتلالها لفلسطين، والقوات الفرنسية لاحتلالها للبنان.[22]
الأوضاع الاقتصادية في الولايات العثمانية العربية
تركت السياسة الاقتصادية العثمانية في الولايات العربية آثاراً مدمرة. لأن الدوائر الحكومية العثمانية صبت اهتمامها على خلق الظروف المناسبة لسحب أكبر قدر ممكن من الأموال للإنفاق على الجيش، وتلبية المطامع المتنامية للطبقة الحاكمة. وازداد سلب المناطق الخاضعة للحكم العثماني بسبب الإخفاقات العسكرية المتتالية وفساد الحكم، والصراع بين الحكام المحليين وتسابقهم في نهب المناطق الخاضعة لإدارتهم. مما أدى إلى انحطاط الاقتصاد في الولايات العربية من الدولة العثمانية. وخاصة الاقتصاد الزراعي مما أدى لتقلص مساحات الأراضي المزروعة في الولايات العربية، وهو ما أشار إليه أحد الرحالة الأوربيون الذين زاروا بلاد الشام في نهاية القرن التاسع عشر، نقلاً عن تجار أوربيين عاشوا هناك خلال عشرين عاماً، وشاهدوا كيف تحولت الأراضي الزراعية المتاخمة لمدينة حلب إلى صحراء قاحلة، بعد أن تشتت المزارعون منها.[23] ولم يبق من ثلاثة آلاف قرية كانت موجودة فعلاً في تلك المنطقة في منتصف القرن السادس عشر سوى أربعمائة قرية في نهاية القرن الثامن عشر. وهو الوضع الذي كان شاملاً لبلاد الشام والعراق. إضافة لتحول الكثير من الحضر والفلاحين إلى حياة البداوة والترحال وتربية المواشي.[24]
وتأثر الحرفيون في المدن من تلك الأوضاع، وأصيبت الحرف بالركود وقيدت بقانون الحرف العثماني لعام 1773 مما أدى إلى عجزها عن مسايرة التقدم الصناعي.[25] وكانت الطريقة الوحيدة المضمونة التي يمكن للتجار وأغنياء المدن بها حماية أموالهم من تسلط ونهب الحكام العثمانيين هو كنزها وسحبها من التداول. وكانت التجارة الخارجية هي المجال الوحيد الذي يطمئن له رأس المال المحلي، ولكنه سرعان ما تحول من أيديهم إثر المنافسة الشديدة التي لقوها من التجار الأوربيين المحميين من تعسف السلطات العثمانية، والمشمولين بحماية السفراء والقناصل الأوربيين.[26]
ووصلت أزمة الاقتصاد العثماني ذروتها مع الثورة الصناعية في أوروبا مع نهاية القرن الثامن عشر. وأصبح ميزان التجارة الخارجية للدولة العثمانية خاسراً للمرة الأولى.[27] بعد أن استولى رأس المال الأجنبي بالتدريج على المواقع القيادية في جميع المجالات الاقتصادية. مما أدى إلى تحول الدولة العثمانية إلى شبه مستعمرة أوروبية تحت وطأة الديون والاحتكارات الأوروبية.
وكما هو معروف رافق التوسع الاقتصادي الأوروبي في الدولة العثمانية، تدفق المنتجات الصناعية الرخيصة بالمقارنة مع المنتجات الحرفية التقليدية في الولايات العثمانية، مما أدى إلى تدهور الحرف التقليدية، وقضى على أية إمكانية لتطورها نحو الإنتاج الصناعي الحديث. وقد أشار بعض المعاصرين الذين زاروا الولايات العربية الآسيوية من الدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر إلى الأزمة العميقة التي عانت منها الحرف التقليدية وتلاشي الكثير من الصناعات اليدوية الهامة، كإنتاج الأقمشة القطنية، والشاش الذي ازدهر إنتاجهما في البصرة خلال القرن التاسع عشر، وتدهورت حياكة قماش الموصلين الشهير في الموصل وعدد من مدن ولايتي العراق والشام.
وكتب القنصل الروسي في بيروت خلال أربعينات القرن التاسع عشر إلى أنه "كانت المدن السورية قبل أربعين عاماً تملك حوالي خمسين ألف نول لحياكة الأقمشة الحريرية، ونصف الحريرية، والمخملية. أما الآن فلا يكاد يصل هذا العدد إلى ألفين وخمسمائة نولاً. وحلت أردأ الأنواع من أقمشة مانشستر القطنية مكان المنتجات الحرفية الشعبية والجميلة في جميع أنحاء الدولة العثمانية".[28] وكرر ذلك القنصل الروسي بالبصرة في بداية القرن العشرين الذي كتب أن "المنسوجات الأوروبية الرخيصة قضت بالتدريج على إنتاج النسيج المحلي".[29] وأشارت مراجع أخرى إلى تدني أو توقف إنتاج الزجاج، والاستخراج اليدوي للحديد الخام في ولاية الشام، والاستخراج اليدوي للنفط في ولايات العراق، وتضاؤل إنتاج الأحذية الجلدية.[30]
وبالتدريج تحولت المدن العربية في الولايات العثمانية من مراكز للإنتاج الحرفي والتجارة الداخلية، إلى مراكز لخدمة التجارة الأوروبية. وتحولت أسواقها إلى مراكز لتوزيع الواردات الأوروبية، وشراء الخامات والمنتجات الزراعية والحيوانية المعدة للتصدير إلى أوروبا. وعلى سبيل المثال زاد حجم التبادل التجاري للولايات العراقية عن طريق ميناء البصرة خلال الفترة من عام 1864 وحتى عام 1913 بمقدار 12 مرة.[31]
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر بدأ رأس المال الأوروبي يتجه نحو بناء طرق مواصلات جديدة تخدم المصالح العسكرية والسياسية والتجارية الأوروبية في الشرق الأوسط، وتسهيل تدفق السلع والبضائع من وإلى أوروبا. وسيطر ممثلو الشركات الأوروبية الذين تمركزوا في الموانئ البحرية إما بشكل مباشر أو عن طريق عملائهم المحليين على جميع تجهيزات ومستودعات ومراكب التفريغ في تلك الموانئ. وقامت شركة فرنسية ببناء ميناء بيروت القادر على استقبال السفن الحديثة على ساحل ولاية الشام، وكانت تلك الشركة تملك كافة أرصفة الميناء وكل تجهيزات الملاحة والأبنية والمستودعات الرئيسية.[32]
وزاحمت أساطيل النقل البحري الأوروبية والأمريكية، سفن النقل العثمانية في موانئ ولاية الشام. وكمثال بلغت نسبة الخدمات المقدمة في موانئ ولاية الشام عام 1910، من حيث التفريغ فقط 97,8 % لسفن بريطانيا العظمى، وروسيا، وفرنسا، والنمسا، والمجر، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الأجنبية، بينما بلغت 2,2 % فقط للسفن التجارية العثمانية. واختفت تقريباً السفن الشراعية العثمانية من موانئ ولاية الشام وبلغت حمولة ما توقف منها هناك 3 % من حمولة الأسطول التجاري العثماني. بينما كانت الحال أفضل قليلاً في ميناء البصرة الذي قدم خدماته لسفن شراعية وبخارية عثمانية تبلغ نسبتها 6,2 %، ولسفن بريطانية والمستعمرات البريطانية بنسبة 77,2 %، ولسفن ألمانيا وفرنسا وروسيا 14,3 %.[33] في الوقت الذي كانت فيه إيطاليا تحتكر النقل البحري من وإلى موانئ طرابلس الغرب، وبني غازي في ليبيا، وفرنسا إلى موانئ تونس والجزائر ومراكش. بينما كانت بريطانيا العظمى، وإيطاليا تسيطران تماماً على النقل والملاحة البحرية في البحر الأحمر.
ولم تقتصر الاحتكارات الأوروبية على السيطرة على النقل البحري من أوروبا إلى الموانئ العربية فقط، بل سيطرت أيضاً على قسم كبير من النقل البحري بين الموانئ العربية نفسها. وأخذت الاحتكارات بدعم وجودها على الموانئ البحرية العربية، عن طريق السيطرة على المنشآت والمعدات البحرية في تلك الموانئ، واستمر هذا الوضع لما بعد انهيار الدولة العثمانية. وفي العقد الأول من القرن العشرين بدأت الشركات الفرنسية والألمانية بتجديد موانئ اسكندرونة، وحيفا ويافا، وبالفعل بدأ تشغيل ميناء اسكندرونة قبل الحرب العالمية الأولى بعد تجديده. وفي عام 1908م حصلت شركة فرنسية على امتياز خاص لبناء ميناء حديث في الحديدة بولاية اليمن.[34]
وسرعان ما امتدت الامتيازات الأجنبية للسيطرة على النقل والمواصلات البرية الداخلية في الولايات العربية من الدولة العثمانية. ففي عام 1841 حصل الأخوان لانش البريطانيان على امتياز لتنظيم النقل النهري ما بين بغداد والبصرة، وأسسا "الشركة الملاحية عبر الدجلة والفرات"، وعملت حينها إلى جانب الشركة العثمانية الحكومية "أومان عثمان" والمراكب الشراعية للسكان المحليين. ومع نهاية القرن التاسع عشر حاولت شركة الأخوين لانش شراء ممتلكات الشركة الحكومية للسيطرة على النقل في نهر الدجلة. وفي نفس الوقت تقريباً سيطرت الشركات الفرنسية على الخط الحديدي الذي يربط بين دمشق وبيروت، والخط الذي يربط بين طرابلس، وحمص، وحماه اللذان كان ينقل عبرهما القسم الأعظم من البضائع من داخل سورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط.[35]
وقد ركز رأس المال الأجنبي على مشاريع بناء طرق النقل الحديثة في الدولة العثمانية منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر، عندما قامت شركة بريطانية خلال الفترة من عام 1835 وحتى عام 1837 بدراسة ميدانية لمد خط بالسكك الحديدية يربط أحد المواني في ولاية الشام على البحر الأبيض المتوسط، بأحد موانئ الخليج العربي. وهو المشروع الذي كان موضع اهتمام وتنافس فيما بعد بين رجال الأعمال الإنكليز، والألمان، والفرنسيين، والأمريكيين، والروس.[36]
وحتى نهاية القرن التاسع عشر انحصر تغلغل رأس المال الأوروبي في الولايات العربية من الدولة العثمانية، في تنفيذ مشاريع بمناطق محددة تخدم الاستثمارات والمصالح الأوروبية في المنطقة بشكل عام. وقد كان أول امتياز لمد خط حديدي في ولاية الشام، الامتياز الذي منح لشركة فرنسية عام 1889م لبناء خط حديدي يربط ميناء حيفا بمدينة القدس، وتم بناؤه خلال سنوات انتهت عام 1892. وخلال الفترة من عام 1890 إلى عام 1895 قامت الشركة الفرنسية بمد خط حديدي ربط بين ميناء بيروت، ودمشق، وحوران (مزيريب). بينما اهتمت بريطانيا ببناء خط لنقل البضائع بالسكة الحديدية من منطقة دمشق إلى ميناء عكا.[37] ومع مرور الوقت أصبح الحصول على امتيازات مد السكك الحديدية سلاحاً قوياً لبسط النفوذ الاقتصادي والسياسي في الدولة العثمانية، وتحول إلى صراع حقيقي بين الدول الاستعمارية الأوروبية.
وفي خضم هذا الصراع زار الإمبراطور الألماني ويلهلم الثاني الدولة العثمانية مع نهاية القرن التاسع عشر وأعلن "أن مستقبل الإمبراطورية الألمانية في آسيا هو في كليكيا، وحوض نهر العاصي، ونهري الفرات ودجلة".[38] وبدأت ألمانيا بشن حملة إعلامية كبيرة للتمهيد لمشاريع بناء السكك الحديدية الألمانية لربط الولايات العثمانية ببعضها البعض، ومن ثم ربط الدولة العثمانية بأكملها بالإمبراطورية الألمانية. وتمكن الألمان عام 1903 من الحصول على اعتراف الدول الاستعمارية الأخرى لبناء خط برلين، اسطنبول، بغداد للسكة الحديدية وشرع بتنفيذه اعتباراً من عام 1910 وحتى نيسان/أبريل عام 1913 أنجزت شركة خط حديد بغداد مد 408 كم من الخط. وحتى بداية الحرب العالمية الأولى كانت ألمانيا قد مدت 370 كم من السكك الحديدية عبر أراضي الولايات العربية في الدولة العثمانية منها 135 كم في العراق، و235 كم في الشام. إضافة لمشاركة الخبراء الألمان في بناء الخط الحديدي الحجازي ما بين عامي 1900 و 1908.[39]
وكانت فرنسا خلال الفترة الممتدة من عام 1901 وحتى عام 1911 وفقاً لامتياز عام 1893 قد مدت خطوطاً حديدية من الرياق على خط بيروت دمشق، إلى حلب مع تفرع من حمص إلى ميناء طرابلس الشام، وفي عام 1908 بدأت فرنسا بمد خط حديدي من ميناء الحديدة إلى صنعاء في اليمن.[40]
وهنا يجب أن نشير إلى أنه عدا الخط الحديدي الحجازي الذي كان ملكاً للدولة العثمانية، فقد كانت كل الخطوط الحديدية في الدولة العثمانية ملكاً للأجانب، الذين أحاطوها بمؤسسات النقل الداخلي البري والنهري والبحري وأحواضها الخاصة، وورشات الصيانة، والمستودعات، وخطوط التلغراف.[41]
وحتى الحرب العالمية الأولى كانت بعض الدول الأوروبية قد سيطرت على اقتصاد والتجارة الخارجية للولايات العربية من الدولة العثمانية وكيفته وفق متطلبات السوق الأوروبية. وبالتدريج بدأت الشركات الأوروبية بالتسلل المنظم للسيطرة على التجارة الداخلية في تلك الولايات، واستخدمت سياسة القروض قصيرة الأجل التي كانت تمنحها تلك الشركات لرجال الأعمال المحليين الفرصة حتى للتدخل في تحديد أسعار السوق المحلية. فقد أجبرت الشركات البريطانية في البصرة على سبيل المثال الكثير من صغار التجار المحليين على إعلان إفلاسهم بعد أن غيرت مواعيد تصدير التمور عام 1913.[42] إضافة إلى أن الشركات الأجنبية في الساحل والمناطق الداخلية من الولايات العربية تقوم بشراء المنتجات الزراعية بشكل مباشر من المزارعين مما ألحق خسائر فادحة بالمؤسسات التجارية الوطنية. وسرعان ما أخذت الشركات المشتركة التي كانت تحتكر شراء المنتجات الزراعية وتهيئتها وتصديرها ونقلها إلى الخارج تحل مكانها.[43]
وأخذت وطأة التوسع الاقتصادي الأوروبي في الولايات العربية من الدولة العثمانية تزداد عن طريق المصارف، ففي بداية القرن العشرين كانت هناك فروعاً لمصارف عثمانية شكلاً وأوروبية فعلاً، مثال: المصرف السلطاني العثماني (برأس مال فرنسي، بريطاني مشترك)، ومصرف سالونيك (رأس مال فرنسي، نمساوي مشترك)، والمصرف التجاري الفلسطيني. إلى جانب المصارف الأجنبية: ليون كريديه (فرنسا)، ودوتشه بنك (ألمانيا)، المصرف الألماني الفلسطيني (ألمانيا)، ومصرف الشرق (بريطانيا).[44] والشركة الإنكليزية الفلسطينية (بريطانيا) التي كانت تمول المستوطنات الصهيونية فقط، إضافة لمنح القروض للقطاعات التي تسمح لها بالتأثير على الاقتصاد الوطني تلبية لمصالحها الخاصة.[45] بينما احتكر البريطانيون والفرنسيون عمليات التأمين في الولايات العربية من الدولة العثمانية بالكامل.[46]
ولم ينس رأس المال الأجنبي قطاع الإنتاج الزراعي في الدولة العثمانية الذي كان مصدراً رئيسياً للمواد الخام الرخيصة لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وقامت إدارة التسليف العثمانية (المؤسسة المالية الأوروبية التي كانت تمنح القروض للدولة العثمانية آنذاك) نشاطاً ملحوظاً في الأراضي العراقية والسورية، وكانت هذه الإدارة تقوم نيابة عن الأجهزة الحكومية المختصة بتحصيل الضرائب في طرابلس الشام، والقيروان بما فيها ضريبة العشر عن إنتاج شرانق الحرير مما أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في الولايتين. وعلى سبيل المثال كان نشاط شركة "الريجي" الفرنسية مدمراً في جميع الولايات العراقية والسورية واليمنية باستثناء سنجق لبنان المتمتع بإدارة حكومية خاصة. فقد قامت الشركة المذكورة باحتكار إنتاج التبغ، وكانت من أجل ذلك تفرض مناطق زراعة التبغ، وتحدد مساحة الأراضي لزراعته، وتراقب تحضير المحصول وتجبر المزارعين على تسليم إنتاجهم لها بالكامل، وتفرض الأسعار ورسوماً خاصة كانت تجبى لصالحها.[47] بالإضافة لفرض زراعات معينة لتلبية حاجة السوق الأوروبية على حساب المزروعات الأخرى التي تحتاجها السوق المحلية، وهكذا تخصص جبل لبنان في إنتاج شرانق الحرير، والتبغ، وجنوب العراق لإنتاج التمور، وفلسطين لإنتاج الحمضيات، وسورية ومصر لإنتاج القطن وكلها كانت معدة للتصدير فقط مما أدى لارتباطها بتقلبات أسعار السوق العالمية وهو ما أدى إلى تدهور الزراعات الأخرى كما حصل في بلاد الشام عندما أقدم الفلاحون على قطع أشجار التوت والزيتون للتوسع بزراعة الحمضيات، وقطع أشجار البن في اليمن عندما عجز البن اليمني عن منافسة البن البرازيلي منذ مطلع القرن الثامن عشر.[48]
والأكثر من ذلك أن الإمبراطورية الألمانية وضعت مخططات لجعل الولايات العراقية والسورية قاعدة لتموين الإمبراطورية الألمانية بالحبوب والأقطان، وهو ما أشار إليه باول رورباخ عندما قال "إن سهل بابل يمكن أن يصبح أعظم مصدر للقمح والقطن في العالم، إضافة لمراعي ملايين الأغنام في ما بين النهرين"[49] بينما قام الفرنسيون بطرح مشاريع مشابهة للولايات السورية.[50] في الوقت الذي راحت فيه بريطانيا العظمى أبعد من ذلك حيث خططت لاستعمار العراق وفلسطين وربطهم بمشاريع تطوير الزراعة والثروة الحيوانية بما يتلاءم وحاجات الاقتصاد البريطاني.
بدايات الاستعمار الاستيطاني
كما ووضعت مشاريع استيطانية عديدة للولايات العربية في الدولة العثمانية، فخططت بريطانيا لتهجير الفائض من سكان الهند إلى العراق،[51] ومنذ بداية القرن التاسع عشر بدأ الاستيطان الاستعماري الألماني في فلسطين، وقام حوالي 2500 مستوطن ألماني ببناء مستعمرات زراعية في فلسطين،[52] وكانت إيذاناً ببداية الاستعمار الصهيوني لفلسطين،[53] وقد أشار الخبير الزراعي الألماني لمشاكل الاستيطان الألمانية في سورية بقوله: "أن المشكلة الأهم بالنسبة لتطوير سورية هي المشكلة الاستيطانية. إذ لا فائدة من أية مشاريع لتحسين الاقتصاد إذا لم يكن هناك أناس قادرون على تنفيذها. ولقد فعل الألمان الكثير دون شك من أجل نهضة البلاد الثقافية والترويج للاستيطان ولهم في هذا المجال فضل كبير. فهم الذين بينوا كيفية الاستيطان، ولكن ليس في وسع الألمان تقديم الأموال اللازمة من أجل الاستيطان الواسع المطلوب في سورية. وإذا أسقطنا من الاعتبار هجرة الشراكس المتوقعة مستقبلاً بحجوم صغيرة فقط، يبقى أن نلفت الانتباه إلى الحركة الصهيونية، التي يمكن أن يكون لها أهمية كبرى بالنسبة لبلاد خالية" كما كانوا يزعمون.[54] وحتى بداية الحرب العالمية الأولى انتقلت ملكية 14 ألف هكتار من الأراضي المروية، و8 آلاف هكتار من الأراضي البعلية للمستوطنين اليهود والألمان، إلى جانب مساحات أخرى من الأراضي الزراعية التي انتقلت ملكيتها للبعثات الدينية الأجنبية والمواطنين الأجانب. وأدى شراء الأراضي من قبل المنظمات الصهيونية والألمانية إلى تحول عدد كبير من الفلاحين العرب إلى عمال زراعيين، أو محاصصين للملاك الجدد.[55]
الصراع الأوروبي الأمريكي للسيطرة على الثروات الباطنية في الولايات العربية
وضعت الدولة العثمانية في عام 1881 صناعة استخراج الملح تحت سيطرة إدارة الديون العثمانية، وكان ذلك إيذاناً بسيطرة رأس المال الأجنبي على صناعة استخراج الثروات الباطنية في أراضي الولايات العراقية والسورية وخاصة النفط. وفي عام 1889 قامت بعثة جيولوجية سويسرية بالتنقيب عن النفط في لواء اسكندرونة، وخلال الفترة من عام 1912 وحتى عام 1913 قامت بعثة جيولوجية من شركة "سيربان إيكسبلوريشين كومباني ليمتد، لندن" البريطانية بالتنقيب في جنوب ولاية الشام، إضافة لعزم الشركة الأمريكية "ستاندارد أويل كومباني" التنقيب عن البترول في فلسطين. ومع نهاية القرن التاسع عشر حصل رجال الأعمال البريطانيين والألمان على امتيازات التنقيب واستخراج الفوسفات في منطقة السلط جنوب ولاية الشام، وانضمت إليهم شركة إيطالية عام 1911. في الوقت الذي كانت فيه المنظمات الصهيونية تبدي اهتماماً كبيراً بثروات البحر الميت.[56]
وفي تموز/يوليو 1904 منح الباب العالي البنك الألماني "دوتشه بانك" حق اختيار القطاعات النفطية في ولايتي الموصل وبغداد تمهيداً لحصوله على الامتيازات المطلوبة للتنقيب والاستخراج. ولكن سرعان ما بدأت الصراعات على حق التنقيب واستخراج النفط في الولايات العراقية، فدخلت حلبة الصراع الشركات البريطانية "رويال دوتش – شل"، و"اتحاد النفط العثماني"، و"مجموعة دي أر سي التي تحول اسمها منذ عام 1909 إلى شركة "أنغلو بيرشين أويل كومباني". وممثل غرفة تجارة نيويورك اللواء في البحرية الأمريكية تشيستر، و"شركة التنمية العثمانية الأمريكية" التي تأسست عام 1910، و"ج. وايت كوربوريشين". وبعد منافسات شديدة تأسست شركة "توركش بتروليوم كومباني" التي تقاسمت أسهمها الاحتكارات البترولية العالمية بمشاركة رؤوس الأموال البريطانية والألمانية. ومنحت وزارة المالية العثمانية لهذا التجمع النفطي الدولي في 28/6/1914 امتيازاً للتنقيب واستثمار النفط في ولايتي الموصل وبغداد، إلا أن اندلاع الحرب العالمية الأولى عطل استثمار الثروات النفطية العراقية مؤقتاً.[57]
واقتصرت الاستثمارات الصناعية الأجنبية على تجهيز الخامات الزراعية للتصدير، وخدمة وصيانة وسائل المواصلات والآليات والمعدات الزراعية المستوردة من الدول المستثمرة، بهدف منع أية إمكانية لقيام صناعة وطنية تنافس المنتجات الصناعية الأجنبية. وفي الولايات العراقية على سبيل المثال كانت الشركات الأجنبية تسيطر تماماً على ورشات تنظيف وتجهيز الصوف للتصدير، وورشات الصيانة التابعة للخط الحديدي، ولشركات النقل البحري والنهري. أما في الولايات السورية فقد كانت الشركات الألمانية تملك في عدد من المدن ورشات لصيانة مضخات المياه، والمطاحن، وفي يافا مصنعاً لتجهيز المطاحن. وفي بيروت قام أحد المستثمرين الفرنسيين بتأسيس ورشة آلية لمعالجة شرانق الحرير عام 1840، تبعته الشركات الفرنسية، بتأسيس عدد من المؤسسات الصناعية لإنتاج الخيوط الحريرية تمهيداً لتصديرها إلى مصانع النسيج في ليون، بالإضافة لاهتمام رأس المال الفرنسي بصناعة استخراج الزيوت النباتية. كما واهتمت المنظمات الصهيونية بإنشاء مؤسسات لإنتاج الزيوت النباتية والطيارة وأدوات الزينة والخمور في الولايات السورية [58]
وفي مجال الخدمات ركزت الامتيازات الفرنسية والبلجيكية والألمانية على توظيف الأموال في إنشاء خطوط حافلات نقل الركاب الكهربائية في دمشق وبيروت، وإنشاء شبكة للكهرباء في دمشق، وإنشاء شبكة لتوزيع المياه في بيروت. وحتى مطلع القرن العشرين بلغ حجم الاستثمارات الفرنسية وحدها في الولايات السورية أكثر من مائتي مليون فرنك فرنسي.[59]
وأخذت ديون الدولة العثمانية بالتعاظم مع زيادة عمليات النهب المركز والمستمر من قبل الاستثمارات الأجنبية للاقتصاد العثماني. ولم تجد الحكومة العثمانية أمامها سوى أن تصدر مرسوم عام 1881 الذي أعطى إدارة الديون العثمانية المؤلفة من ممثلي كلاً من بريطانيا العظمى، وفرنسا، والنمسا، والمجر، وإيطاليا، حق فرض وجمع الضرائب في الولايات العربية من الدولة العثمانية وهو ما جعل لعمليات النهب الأجنبي غطاء رسمياً عبر موازنة الدولة، وعلى سبيل المثال: مر عن طريق صندوق إدارة الديون العثمانية خلال السنة المالية 1909/1910 واردات بلغت 7.4 مليون ليرة عثمانية، من أصل 25.1 مليون ليرة عثمانية الواردة للخزينة العامة للدولة، وضع منها تحت تصرف الدولة 1.3 مليون ليرة فقط، وحول باقي المبلغ وهو 6.1 مليون ليرة عثمانية لحسابات الدائنين في الخارج. هذا إن لم نتحدث عن النفقات التي دفعتها خزانة الدولة لتامين جهاز الإدارة الكبير لصندوق إدارة الديون العثمانية والبالغ عددهم أكثر من 5000 موظف.[60] إضافة لسحب الأرباح الضخمة التي كانت تجنيها الشركات الأجنبية نتيجة لفرض الأسعار الاحتكارية على المواد الأولية التي تصدرها تلك الشركات، أو البضائع الأجنبية التي كانت تستوردها تلك الشركات، أو أسعار الخدمات التي كانت تقدمها تلك الشركات.[61]
التوسع البريطاني الفرنسي في المشرق العربي
وأفسح الانتصار في الحرب العالمية الأولى الفرصة لبريطانيا وفرنسا لتوسيع إمبراطوريتيهما الاستعماريتين. وكان التوسع الأكبر على حساب الأملاك العربية للدولة العثمانية المهزومة في الحرب، وتطلب التثبت في تلك الأراضي مواجهة التناقضات الآخذة في الازدياد بين الحلفاء داخل الأنتانتا[62] وهي كلمة فرنسية "Entente cordiale" وتعني اتفاقية القلوب، وهي الاتفاقية التي عقدت بين إنكلترا، وفرنسا، وروسيا. كما وسميت بـ"الاتفاقية الثلاثية"، أو"الاتفاقية الرباعية" بعد انضمام إيطاليا إليها عام 1915، واستكمل تأسيسها على أعتاب الحرب العالمية الأولى. في الوقت الذي كانت فيه ألمانيا تسعى لإقامة تحالف تهيمن من خلاله على العالم، فعقدت عام 1882م تحالفاً مع الدولة الهنغارية النمساوية، وإيطاليا، وتم بعثه من جديد عام 1891. وكرد على ذلك قامت فرنسا وروسيا بالتوقيع على اتفاقية عام 1893. وكان العالم منقسماً منذ عام 1871 وحتى عام 1893 إلى معسكرين يضمان فرنسا وروسيا من جهة، وألمانيا والنمسا من جهة أخرى. وكانت بريطانيا خلال الفترة من 1880 وحتى مطلع القرن العشرين تحاول الوصول لأهدافها من خلال اللعب على تناقضات الطرفين والحفاظ على دور الحكم لحل الخلافات بينهما. ولكن تعاظم التناقضات الألمانية الإنكليزية أجبرت الأخيرة على التقارب مع فرنسا أولاً ومن ثم مع روسيا، ووقعت على اتفاقية تحالف مع فرنسا عام 1904، ومع روسيا عام 1907 وهي التي أعادت للأذهان التنافس الاستعماري الذي كان أكثر حدة بالنسبة لموضوع سورية ولبنان. والدور الكبير في هذه القضية لعبته الحركة القومية العربية، التي نمت مع الانتفاضة ضد للأتراك العثمانيين خلال أعوام 1916 و1918، والتي لمع خلالها اسم الأمير فيصل بن الحسين (1885 – 1933).[63]
وقبل اندلاع الحرب العالمية الأولى كانت في الدولة العثمانية"مجالات للمصالح"[64] غير معترف بها رسمياً للدول العظمى آنذاك[65] وهو مصطلح كان القصد منه الدول الكبرى التي تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في العلاقات الدولية، والتي تتحمل مسؤولية محددة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في النظام والأمن العالميين. وبغض النظر عن المبدأ المعلن في القانون الدولي حول مساواة الدول بغض النظر عن حجمهم، وسياستهم، وتأثيرهم، وقدراتهم العسكرية والاقتصادية، ففي الواقع الدولي ومن القديم كان يعترف بالدور الخاص للدول العظمى. وقد أشار مؤتمر فيينا (1814-1815) إلى وجود خمس دول عظمى هي: روسيا، وبروسيا، والنمسا، وإنكلترا، وفرنسا. وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ازداد دور بعض الدول الأخرى في العلاقات الدولية. وبعد الحرب الأمريكية الإسباني عام 1898 تم الاعتراف بالولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى، وفي نهاية القرن التاسع عشر بإيطاليا، وبعد الحرب الروسية اليابانية عام 1905 تم الاعتراف باليابان كدولة عظمى. وبانتهاء الحرب العالمية الأولى انتهى دور الدولة النمساوية الهنغارية كدولة عظمى، واختفت ألمانيا، ونتيجة لتوحيد الأراضي برزت في عام 1871 بروسيا كدولة عظمى. ومع بداية مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945 برزت خمس دول عظمى هي: الاتحاد السوفييتي (روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي)، والولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وفرنسا، وبريطانيا العظمى، والتي بموجب نظام منظمة الأمم المتحدة أصبحت الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي وألقي على عاتقها مهمة الحفاظ على الأمن والسلام العالمي كمكافأة لها لقاء دحر ألمانيا النازية. وشملت المناطق التي وظفت فيها رؤوس أموال الدول العظمى آنذاك والتي كانت من وجهة نظر تلك الدول مجالاً للمصالح الاستعمارية المستقبلية. وبعد دخول ألمانيا دون سابق إنذار في "مجالات المصالح"[66] الذي استخدمته الدول العظمى في اتفاقياتها وسياساتها الخارجية في نهاية القرن التاسع عشر كذريعة لتبرير سياستها الاستعمارية، وتبعية بعض الدول لها. وأخذت الدول الاستعمارية بمبدأ مجال المصالح عملياً في نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين من أجل تقسيم القارة الإفريقية، مثال اتفاقية بريطانيا العظمى مع ألمانيا لأعوام 1890-1898، واتفاقيات بريطانيا العظمى مع فرنسا لأعوام 1890- 1898-1899- 1904)، وتقسيم الهند الصينية وغيرها من مناطق العالم. وفي تلك الاتفاقيات اعترفت الدول العظمى بمصالح بعضها البعض "الحقوق الخاصة لكل منها في منطقة جغرافية محددة، كاتفاقيات أنتانتا لتقسيم أملاك الإمبراطورية العثمانية ولألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى على سبيل المثال، وكان الاعتراف بمجالات المصالح خطوة أولى لضم تلك الأراضي للدولة العظمى المعنية وأصبحت واحدة من أسباب الحرب العالمية الأولى. وكان المجال الأساسي للمصالح البريطانية يشمل منطقة الخليج العربي "الفارسي (العربي)"، وبلاد الرافدين، والمصالح الفرنسية تشمل شرق البحر الأبيض المتوسط (وبالدرجة الأولى لبنان، وسورية وكليكيا). حتى أن بعض السياسيين الفرنسيين كانوا يحلمون بالسيادة على "سورية الكبرى" من جبال طوروس إلى الصحراء العربية.[67] واستندت فرنسا في مطالبها على "الحقوق التاريخية"، التي استندت بدورها على "المصالح المادية" (رؤوس الأموال الضخمة التي وظفت في اقتصاد دول ليفانتا[68]) و"المصالح الأخلاقية" (بعثات التبشير المسيحية التي استمرت لسنوات، والأعمال الثقافية، والحماية التقليدية للكاثوليك[69] من السكان المحليين، والمارونيين[70] والملكيين[71] وغيرهم من الذين يعتبروا من الموالين لفرنسا في الشرق. وأقام الفرنسيون عملياً في سورية نظاماً تعليمياً موازياً للنظام العثماني (في المدارس الفرنسية عام 1914 كان يدرس 58000 طالب)[72] وكانت قمتها جامعة الأب جوزيف في بيروت للجزويت[73]. وليس من الغريب أن نواة الحزب الاستعماري في فرنسا تشكلت بمشاركة فعالة من قبل الغرف التجارية في ليون ومرسيل، ومن قبل الأوساط الكاثولوليكية.
أما التحرك البريطاني في إطار ليفانتا فقد انحصر في إطار إنشاء عدد محدود من المدارس للمبشرين البروتستانت[74]. وكانت الولايات المتحدة الأمريكية المنافس الرئيسي لفرنسا في المجال "الإنساني". واعتمد في ذلك التنافس على المبشرين البروتستانت، والصليب الأحمر الأمريكي. ونظام التعليم الأمريكي أيضاً الذي ضم مؤسسات تعليمية من مختلف المستويات التعليمية، وكانت قمتها الكلية البروتستانتية السورية. أما الحياد الذي أتبعته الولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 1917 وتمثل بعدم المشاركة بالحرب ضد تركيا فقد وفر لها إمكانية الحفاظ على تواجد هام في المنطقة استمر حتى عقد الصلح بين المتحاربين، بينما أغلقت كل المؤسسات الفرنسية مع بداية الحرب.
وأثناء الحرب العالمية الأولى حدد الحلفاء في أنتانتا خططهم لتقسيم التركة العثمانية في سلسلة من الاتفاقيات السرية ثبتت أساساً فيها مناطق النفوذ التقليدية. والأهم منها كان الاتفاق الفرنسي البريطاني لعام 1916 المعروف باسم اتفاقية سايكس بيكو[75]، وهي الاتفاقية السرية التي عقدتها الدولتين في عام 1916 لتقسيم القسم الأسيوي من الدولة العثمانية، عن طريق تبادل الرسائل بين فرنسا، وروسيا. وفرنسا في نيسان / أبريل، وبريطانيا العظمى في أيار/مايو؛ واكتسبت تسميتها من واضعي مشروعها، الدبلوماسي البريطاني م. سايكس، والدبلوماسي الفرنسي ف.ج. بيكو. وفي تشرين ثاني/نوفمبر انضمت إيطاليا للاتفاقية. والاتفاقية تضمنت 5 مناطق: زرقاء، وضمت غرب سورية، ولبنان، وكليكية مع جزء من جنوب شرق الأناضول، وخضعت للسيادة الفرنسية؛ وحمراء، وتضم جنوب ووسط العراق والموانئ الفلسطينية حيفا وعكا وتخضع للسلطة البريطانية؛ وبنية، وتضم بقية فلسطين وتخضع للإدارة الدولية بالاتفاق مع روسيا وغيرها من الدول. شرق سورية وولاية الموصل ضمن منطقة المصالح الفرنسية (المنطقة A)؛ شرق الأردن والقسم الشمالي من ولاية بغداد ضمن منطقة المصالح البريطانية (المنطقة B). في هذه المناطق بريطانيا العظمى وفرنسا احتفظت لنفسها بحقوق الأفضلية التجارية، ومد السكك الحديدية، والإمداد بالسلاح، وتعيين المستشارين وغيرها. وناقضت هذه الاتفاقية بشدة التزامات بريطانيا العظمى اتجاه العرب بموجب اتفاقية ماك ماهون مع الشريف حسين. وتبادلت روسيا المراسلات مع بريطانيا خريف عام 1916، ولم يكن لها أية مطالب في البلدان العربية ولقاء الانضمام لاتفاقية التحالف وعدت روسيا بولاية أرمينيا التركية وشمال كردستان، مع التأكيد على حقوقها في اسطنبول وحماية حقوق الأرثوذكس في فلسطين. والأراضي التي كانت يجب أن تنتقل لروسيا أشير إليها بالمنطقة الصفراء. بعد إعلان إيطاليا الحرب ضد ألمانيا عقدت دول أنتانتا معها في 20/4/1917 اتفاقية سين جان دي مورين، وبالنتيجة ظهرت على الخارطة المنطقة الخضراء، وتضم جنوب غرب الأناضول، و(المنطقة C)، وتضم قسم من غرب ووسط الأناضول، وتخضع للسلطة الإيطالية. ونصت الاتفاقية وغيرها من المباحثات السرية التي جرت بين الحكومة المؤقتة في الإمبراطورية الروسية، وبريطانيا العظمى ونشرتها الحكومة السوفييتية في نهاية عام 1917 وأعلنت إلغائها. ونتيجة لأوضاع القوة الجديدة التي ظهرت بين الحلفاء وتشكلت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، أعيد النظر بالاتفاقية لصالح بريطانيا العظمى، بموجب اتفاقية سيفيرس للسلام لعام 1920، ومؤتمر سان ريمو لعام 1920. وأخضعت الدول العربية لانتداب عصبة الأمم وهي التي سلمت المناطق الملونة ومنطقتي A, B للانتداب البريطاني والفرنسي. وهذا يعني الاعتراف بحقوق فرنسا باحتلال لبنان، والساحل السوري، وكليكيا، وقسم من كردستان تركيا، وقسم من مركز الأناضول بما فيه مدينة سيواس (المنطقة الزرقاء)، والاعتراف بحقوق بريطانيا العظمى في احتلال جنوب ومركز بلاد الرافدين بما فيه مدينة بغداد (المنطقة الحمراء)، وبين تلك المناطق أراضي واسعة خصصت لإقامة دولة عربية أو فيدرالية لدول عربية. قسمها الشمالي بما فيها مدينة الموصل كان يجب أن تقع تحت النفوذ الفرنسي (المنطقة A)، وجنوبية تحت النفوذ البريطاني (المنطقة B). وفي فلسطين (المنطقة البنية) كان يجب إقامة إدارة دولية.[76]
وقد أساءت الاتفاقيات السرية وخاصة اتفاقية سايكس بيكو للتعهدات الخطية التي أعطاها باسم بريطانيا العظمى في عام 1915 المندوب السامي البريطاني في مصر غ. ماكماهون، لشريف مكة حسين الهاشمي الذي أعلن نفسه في عام 1916 ملكاً على الحجاز المستقلة.[77] وهي التي أدت إلى مشاركة العرب في الحرب العالمية الأولى، وتوصل إليها الجانبان في حزيران/يونيو 1915 وآذار/مارس 1916 عن طريق تبادل الرسائل بين المندوب السامي البريطاني في القاهرة غ. ماكماهون، وحاكم ولاية مكة الشريف حسين بن علي الهاشمي. تعهد فيها الحسين بإعلان الثورة العربية ضد الأتراك، وتعهدت بريطانيا العظمى بالاعتراف باستقلال العرب. وطالب الحسين بأن تضم الدولة العربية المزمع إقامتها سورية، وكليكيا، والعراق، وكامل الجزيرة العربية، باستثناء عدن. وبريطانيا العظمى حذفت من هذه القائمة غرب سورية، ولبنان، وولايتي البصرة وبغداد في العراق، والمناطق الواقعة تحت الحماية البريطانية في شبه الجزيرة العربية. وطالب ماكماهون بتسليم بريطانيا العظمى الدفاع عن الدولة العربية المزمع إقامتها، وتثبيت مناصب المستشارين والموظفين الإنكليز في الحكومة العربية المزمع إقامتها. وهو ما رفضه الحسين. ولو أن الاتفاقية لم تشر بوضوح لحدود الدولة العربية وعلاقاتها ببريطانيا العظمى، فإنها ساعدت على إعلان الثورة العربية ضد الأتراك في حزيران/يونيو 1916. وبريطانيا العظمى لم تفي بتعهداتها للعرب. وبدلاً عن ذلك تم عقد اتفاقية سايكس بيكو السرية في عام 1916 لاقتسام البلدان العربية. رغم أن ماكماهون كان قد وعد بوضع الأراضي المحررة من السلطة العثمانية التركية تحت تصرف الأسرة الهاشمية في الدولة العربية الجديدة وللحقيقة كان البريطانيون لا يعتبرون الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط بالكامل عربياً. وكانت الوعود التي أعطاها البريطانيون موجهة لدعم انتفاضة العرب ضد الأتراك العثمانيين فقط، وكانت الانتفاضة بقيادة الأمير فيصل ابن الحسين الذي أظهر نفسه كقائد قادر على جمع شمل مختلف الجماعات العربية من حوله. ولم بكن خاف عن أحد الدور الكبير الذي لعبه الجاسوس البريطاني العقيد ت.إ. لورانس في تنظيم تلك الانتفاضة.[78]
وفي عام 1917 وعد وزير خارجية بريطانيا العظمى أ. بلفور[79] في رسالته للبارون روتشيلد[80] باسم الحكومة البريطانية بإقامة وطن قومي لليهود في فلسطين،[81] وكان بمثابة إعلان عن سياسة بريطانيا العظمى في فلسطين، ونشر بتاريخ 2 تشرين ثاني/نوفمبر 1917 على شكل رسالة من وزير خارجية بريطانيا العظمى ا.ج. بلفور للمصرفي اللورد روتشيلد. ذكر فيها أن الحكومة البريطانية "تنظر باهتمام لإقامة وطن قومي في فلسطين (national home) للشعب اليهودي وستبذل كل جهودها من أجل تسهيل الوصول لهذا الهدف. وأشار إلى أنه في ذلك "يجب أن لا تتضرر الحقوق المدنية والدينية القائمة في فلسطين للجماعات غير اليهودية، وأن لا يتضرر الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي دولة أخرى". وفي عام 1918 اعترفت فرنسا بإعلان بلفور واعترفت الولايات المتحدة الأمريكية به، وبعد ذلك وبإصرار من بريطانيا جرى إدخاله في معاهدة سيفر للسلام. وفي قرار الانتداب على فلسطين، مما أعطاه قوة الالتزام الدولي. ورسمياً كانت خلفية إعلان بلفور هي الحصول على تأييد ومساعدة يهود الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا في الحرب ضد ألمانيا، ولكن الهدف الواقعي كان حصول إنكلترا على إمكانية التهرب من الالتزام بتطبيق اتفاقياتها المعقودة مع العرب في عام 1915 (فيما يعرف بمراسلات مكماهون الحسين)، ومع فرنسا وروسيا في عام 1916 (فيما يعرف باتفاقية سايكس بيكو)، ولتبرير احتلالها لفلسطين. واعتمدت إنكلترا على إعلان بلفور لمنع إدخال فلسطين ضمن الدولة العربية، وعن وضع فلسطين تحت الإدارة الدولية. وقد أثار إعلان بلفور احتجاج العرب، وفي كانون ثاني/يناير 1918 أرسلت الحكومة البريطانية، المهتمة بمساعدة العرب في الحرب البروفيسور هوغارت لمقابلة ملك الحجاز الحسين من أجل "شرح" إعلان بلفور وتمخض عن الزيارة بيان هوغارت. واحتفظ إعلان بلفور بقوته القانونية كالتزام دولي لبريطانيا العظمى طيلة فترة الانتداب البريطاني على فلسطين حتى تشرين ثاني/نوفمبر 1947، ولو أنه تعرض للشرح والتأويل في بيان تشرتشل عام 1922، وتحدث بيان تشرتشل لعام 1922 عن سياسة حكومة بريطانيا العظمى في فلسطين وكان أعلنه وزير شؤون المستعمرات ونستون تشرتشل بتاريخ 3 حزيران/يونيو في محاولة منه لتبرئة ساحة السياسة البريطانية في فلسطين في أعين المجتمع الفلسطيني والعربي في الشرق الأوسط، من الوعود التي وردت في إعلان بلفور لعام 1917، ومن أجل الإسراع في الحصول من عصبة الأمم على الانتداب البريطاني على فلسطين. وأشار البيان إلى الصدامات التي تحصل بين المنظمات العربية واليهودية في فلسطين وغيرها من الشكوك حول الأهداف والمهام الحقيقية للحكومة البريطانية التي ازدادت في الأوسط الاجتماعية العربية واليهودية في فلسطين بعد نشر إعلان بلفور، وتعتبر نتيجة لما يمكن أن يكون من سوء فهم لمضمونه. وفي البيان أشير جزئياً إلى أن تخوف العرب الفلسطينيين حول "ميل" حكومة بريطانيا العظمى نحو فكرة إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين، ليس له أي أساس؛ وان ضبط الهجرة اليهودية إلى فلسطين سيخضع للضوابط الاقتصادية الصارمة وللحاجة إلى اليد العاملة وفي حدود تشغيل اليهود المهاجرين؛ وأن كل سكان فلسطين دون استثناء سيحتفظون بوضعهم القانوني؛ ونفى تخوف زعماء المنظمات العربية الفلسطينية من "الاختفاء" التدريجي للعرب ولغتهم وثقافتهم وخضوعهم لليهود. وأما ما يتعلق بالسكان اليهود في فلسطين فأشار البيان إلى تخوف البعض من إمكانية تراجع الحكومة بريطانيا العظمى عن الخط المرسوم في إعلان بلفور من أنه لا أساس لها من الصحة. ودعى البيان إلى إصدار ضمانات دولية من أجل إقامة وطن قومي لليهود في فلسطين والاعتراف به. وهكذا أصبح البيان حلقة في السياسة البريطانية في فلسطين والتي بدأت منذ مراسلات الحسين مكماهون عام 1915، واستمرت حتى نهاية انتداب بريطانيا العظمى على فلسطين. وفي 18/6/1922 أرسلت اللجنة التنفيذية للمنظمات الصهيونية في فلسطين ردها على البيان، عبرت فيه عن تأكيدها على أن نشاطات تلك المنظمات يهدف أن إقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين. وتبعه مشروع بيل عام 1937، ومؤتمر لندن حول المسألة الفلسطينية عام 1939. وعقد وعد بلفور بالنتيجة العلاقات العربية البريطانية كثيراً. وظهرت أهمية خاصة لبرنامج السلام الذي أعده الرئيس الأمريكي ولسون[82] وعرف بالنقاط الـ 14[83] وتضمنت شروط السلام التي وضعها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويلسون في رسالته للكونغرس الأمريكي بتاريخ 8 كانون ثاني/يناير 1918، كأساس لمعاهدة السلام، التي تنهي الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 النقاط التالية: اتفاقية علنية للسلام؛ والحرية الكاملة للملاحة البحار؛ وحرية التجارة، وإزالة الحواجز الجمركية؛ ووضع الضمانات اللازمة لخفض التسلح؛ وتسوية مسائل المستعمرات؛ وتحرير كل الأراضي الروسية التي تحتلها ألمانيا، وتوفير الفرصة لروسيا لاختيار سياستها القومية، والانضمام لمجتمع القوميات الحرة؛ وتحرير وإعادة إعمار بلجيكا؛ وإعادة الأراضي الفرنسية التي تحتلها ألمانيا لفرنسا، بما فيها الإلزاس ولوتارينغ؛ وتصحيح حدود إيطاليا بما يتفق والحقائق القومية؛ وإعطاء شعوب النمسا وهنغاريا الحكم الذاتي؛ وتحرير أراضي رومانيا، وصربيا، والجبل الأسود التي تحتلها ألمانيا؛ وتأمين مخرج على البحر لصربيا؛ والبقاء المستقل لتركيا، والحكم الذاتي لقوميات أجزاء الإمبراطورية العثمانية؛ وإنشاء الدولة البولونية المستقلة؛ وإنشاء اتحاد للأمم بهدف تأمين الضمانات المتبادلة للاستقلال السياسي، ووحدة الأراضي، والمساواة بين الدول الكبيرة والصغيرة.
وقبلت دول أنتانتا شكلياً بهذه النقاط كأساس للحلول السلمية. واستناداً لذلك البرنامج "كان يجب أن يحصل القسم التركي المعاصر من الإمبراطورية العثمانية في وضعها القائم على سيادة قوية وحقيقية، ولكن القوميات الواقعة آنذاك تحت سلطة الأتراك كان يجب أن تحصل على ضمانات واضحة لإقامة ظروف غير قابلة للتبديل للتطور الذاتي"[84] وحتى نهاية الحرب العالمية الأولى توصلت الدول العظمى لملف كبير من الاتفاقيات المتناقضة، والوعود والبيانات حول مستقبل أملاك الإمبراطورية العثمانية. وتطبيق أي منها كان لابد أن يستدعي تناقضات هامة حتى داخل بلدان المنتصرين في الحرب.
والعمليات العسكرية في المرحلة الأخيرة للحرب العلمية الأولى على مسرح الشرق الأوسط قام بها وبشكل رئيسي الجيش البريطاني بقيادة الجنرال إ. أللنبي بمساندة الثائرين العرب بقيادة الأمير فيصل بن الحسين. وكان لفرنسا حتى نهاية الحرب وجود عسكري صغير في الشرق الأوسط مؤلف من 8000 جندي، في الوقت الذي كان فيه التواجد البريطاني في سورية ولبنان فقط يتألف من 45000 عسكري وضابط. ودارت المعركة خلف الكواليس للسيطرة على سورية ولبنان قبل الصلح. بعد وبعد الاستيلاء دون إراقة دماء على دمشق في 30/9/1918 لأن البريطانيين دفعوا بالثوار العرب إلى المقدمة، وبدأ الأمير فيصل بتشكيل حكومته الوطنية وتم رفع علم الحجاز في شوارع المدن المحررة من السلطة العثمانية ولكن محاولة الأمير لتوسيع سلطته إلى المناطق المطلة على البحر ولبنان[85] قوبلت بعدم رضا المسيحيين الموارنة ووجهت بإنزال عسكري فرنسي محدود. وفي 5/10/1918، قام الأمير فيصل وعلى ما يبدوا بموافقة أللنبي بتوجيه كلمة للشعب العربي وعد فيها بتشكيل "حكومة دستورية عربية، والحصول على الاستقلال التام والناجز، باسم سيدنا السلطان حسين" ونشر سلطته على "كل سورية" بما فيها لبنان، وفلسطين.[86] في نفس الوقت رد أللنبي بحزم على أي اعتراض من قبل الأمير فيصل ضد الوجود الفرنسي على الساحل، مستنداً إلى الحفاظ على الوضع العسكري الراهن وهيبته كقائد عام لقوات التحالف.[87]
في 30/10/1918 تم التوقيع على صلح مودروس،[88] الذي عقد على ظهر السفينة الحربية البريطانية "آغاممنون"، في ميناء مودروس (جزيرة ليمنوس) بين ممثلي بريطانيا العظمى (كدولة مفوضة من قبل دول أنتانتا) والحكومة السلطانية العثمانية. بعد أن انهزمت عسكرياً في الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918، وكانت الدولة العثمانية مضطرة لقبول الشروط الصعبة المفروضة عليها من فتح ممرات البحر الأسود أمام السفن الحربية لدول أنتانتا مع حقهم في احتلال قلاع البوسفور والدردنيل، وباكو، وباطومي؛ وتسليم المواقع العسكرية العثمانية الواقعة خارج الدولة العثمانية، وسحب القوات العثمانية المتواجدة على الأراضي الإيرانية، ومن المواقع الموجودة فيها تلك القوات في ما وراء القوقاز، وكيليكيا؛ وحل الجيش وتسليم السفن الحربية التركية الموجودة في المياه العثمانية، أو في مياه الأراضي الموجودة فيها البحرية العثمانية وغيرها لدول الأنتانتا. وكان هذا يعني في الواقع استسلام الإمبراطورية العثمانية. ووفقاً لبنود اتفاقية الصلح احتلت الدول المتحالفة كافة الأراضي الممتدة حتى خط شمال حلب، وبالإضافة إلى ذلك كان باستطاعتهم دخول أية أراض أخرى إذا رأوا أن ذلك ضرورياً. وفي 7/11/1918 تم نشر الوثيقة البريطانية الفرنسية حول العمل على الساحة السورية ووادي الرافدين والوثيقة وعدت شعوب تلك المناطق بإقامة "حكومات قومية وإدارات للحكم تستمد سلطاتها من الانتخابات الحرة ومبادرة السكان الأصليين". "وفي نفس الوقت لم ترغب بفرض أي شكل من أشكال الحكم على سكان تلك المناطق "، ووعد الحلفاء بتقديم الدعم والمساعدة لإقامة الحكومات الوطنية وفي التطور الاقتصادي المستقل لتلك الدول. ومن الواضح أن هذه الوثيقة صدرت من أجل تلطيف الانطباعات الثقيلة، التي خلفها نشر اتفاقية سايكس – بيكو في بداية عام 1918 على العرب.[89]
وفي تشرين ثاني/نوفمبر 1918 وبأمر من أللنبي ووفقاً لقرار قيادة الحلفاء بتاريخ 30/10/1918 وضع نظام لإدارة "الأراضي المعادية المحتلة"، التي قسمت إلى عدة مناطق نفوذ. المنطقة الجنوبية (فلسطين) ووضعت تحت الحكم العسكري البريطاني والمنطقة الشمالية الشريط الساحلي من شمال فلسطين إلى ميناء اسكندرون ضمناً وضعت تحت السلطة الفرنسية ولكنها كانت عملياً تحت احتلال القوات البريطانية التي تفوق القوة الفرنسية المحدودة. والمنطقة الشرقية وتضم المناطق الداخلية من سوريا بما فيها مدن دمشق، وحماه، وحمص، وحلب، وأيضاً خلف نهر الأردن بما فيه مدينة عمان وضعت تحت حكم الأمير فيصل. وفي كانون أول/ديسمبر قامت القوات البريطانية وبمشاركة فرنسية باحتلال كيليكيا[90] التي أصبحت المنطقة الشمالية، والسواحل اللبنانية والسورية سميت بالمنطقة الغربية. وسلمت الإدارة المدنية في كيليكيا للفرنسيين.[91] والسلطة العسكرية على "جميع الأراضي المعادية المحتلة" كانت خاضعة لأللنبي وقيادته العسكرية، والسلطة المدنية على الساحل وكيليكية للإدارة الفرنسية، وفي المناطق الداخلية من سوريا سعى العرب والفرنسيون والأمير فيصل للسيطرة على سورية بكاملها، مما هيأ أرضية لصراعات شديدة مما سمح للبريطانيين بلعب دور الوسيط والحكم بين الفرنسيين والعرب وفق مصالحهم الخاصة.
وكما سبق وأشرنا لم يتجاوز عدد القوات الفرنسية في المنطقة 8000 عسكرياً، منهم 7000 قوات برية وهي القوات الفرنسية في سورية وفلسطين (DFPS)، و1000 جندي أنزلوا على جزيرة أرواد[92] التي احتلها الفرنسيون في عام 1915. وفي تشرين ثاني/نوفمبر أعيد تسمية كل تلك القوات بـ"القوات الفرنسية ليفانته" (TFL). وأكثر من نصف أفضل قوات TFL كانت من "اللواء الشرقي"، الذي قسم في نهاية عام 1918 إلى "اللواء الأرميني"، و"اللواء السوري"، والمؤلف من الأسرى الأتراك والقوميون الأرمن والعرب والمهاجرين فبل الحرب من تلك القوميات والانضباط في تلك القوات كان ضعيفاً والضباط الفرنسيون في أكثر الحالات كانوا لا يفهمون لغة جنودهم.[93]
ولم يسمح البريطانيون لفرنسا بإرسال أية إمدادات لقواتها[94] ولم يسمحوا لها بتعيين أوربيين في إدارة الحكم المدني. وهكذا بقيت السلطة الإدارية في المناطق الشمالية والغربية على عاتق عدد قليل من ضباط قوات TFL.[95] وكانت تنقص الفرنسيين وسائل المواصلات وكانوا مضطرون في كل مرة للتوجه إلى طلب المساعدة من البريطانيين.[96] وكان الضباط الإنكليز يرددون في أكثر من مرة أن الوجود الفرنسي في سورية غير مرغوب فيه، وفي أي وقت سيجمعون حقائبهم ويرحلون حتى أن أحد الملاك الزراعيين السوريين الكبار "النوتابل"[97] قال أننا "نحن نعرف جيداً كيف نبعد سورية عن فرنسا، ونبعد فرنسا عن سورية".[98]
والأوضاع العسكرية التي خلقتها الإدارة العسكرية البريطانية كانت سبباً لتعقيد أي نشاط عملي تقوم به فرنسا في الشرق الأوسط، ولتحافظ في نفس الوقت على التفوق الممكن لوجودها في المنطقة. وقد استبدلت العملة التركية في بداية عام 1919 بالجنيه المصري المرتبط بنظام النقد البريطاني.[99] وبدء البريطانيون ببناء ميناء في حيفا، ولم يسمحوا بترميم واستخدام ميناء بيروت لأغراض تجارية وكان الأجانب يصلون إلى بيروت عبر القاهرة فقط، وكان يجب عليهم الحصول على جواز سفر ورخصة لممارسة أي عمل تجاري. وكان البريطانيون يؤخرون التجار الفرنسيون ولمدة طويلة في القاهرة والقدس، بمختلف الحجج والذرائع، ويؤخروا تسليمهم الوثائق اللازمة، وكانوا يسمحون ودون أية عقبات لمواطنيهم بدخول سوريا وكانت الرقابة البريدية البريطانية لا تسمح بدخول كاتالوكات ونشرات الشركات التجارية الفرنسية إلى سورية وفلسطين.[100]
والمشكلة الثانية في العلاقات الثنائية بين سلطات الاحتلال البريطانية والفرنسية كانت "الدعاية" فالفرنسيون كانوا على حق عندما اشتبهوا بالإنكليز بأنهم يؤججون الروح المعادية للفرنسيين في سورية وخاصة في أوساط الأكثرية السنية، لأن العرب عرفوا جيداً خطط فرنسا في سورية وأساليب الإدارة الاستعمارية الفرنسية وخاصة سياستها في مراكش التي كانت خاضعة منذ مدة للحماية الفرنسية. ونشطت المنظمات القومية للمهاجرين السوريين واللبنانيين في القاهرة تحت أنظار السلطات البريطانية.[101] وفي دمشق أصبح "النادي العربي" مركز الدعاية المعادية للفرنسيين وقام بتنظيم المظاهرات المعادية لفرنسا وتوجيه العرائض للسلطات. وكان زعماء النادي يوجهون السكان على كل أراضي البلاد باستخدام الخداع والقوة أحياناً حسب ادعاءات الشهود الفرنسيين.[102] ولم تعيق السلطات البريطانية نشاطات النادي، بغض النظر عن المنع الشكلي لكل الدعايات السياسية. وتجاوز زعماء المسلمين في بيروت السلطات الفرنسية وتوجهوا بطلباتهم إلى القائد البريطاني المحلي.[103]
باريس لم تضع كل ثقلها من أجل تدعيم سلطات الاحتلال الفرنسية حتى أن سفن البريد الفرنسية نادراً ما كانت تصل بيروت من مرسيليا،[104] وتركت عملياً كل الأمور لرجال الأعمال والسياسيين وكان من بينهم ف. جورج بيكو، "أحد مؤلفي" الاتفاقية المعروفة لاقتسام التركة العثمانية والخبير بقضايا الشرق الأوسط، والذي عين في تشرين ثاني/نوفمبر 1918 مفوضاً سامياً لفرنسا في سورية ولبنان.
ولما كانت العواصم الأوروبية تستعد لعقد مؤتمر الصلح، أسرعت القيادة الفرنسية بإعلان مطالبها في الشرق الأوسط وفي 29/12/1918 أعلن وزير الشؤون الخارجية الفرنسي س. بيشون أمام مجلس النواب: "أنه لنا في الإمبراطورية العثمانية حقوق غير قابلة للجدل، ويجب الدفاع عنها. ونحن لنا حقوق في لبنان، وفي سورية، وفي فلسطين. تستند على الظروف التاريخية والاتفاقيات المعقودة. وأيضاً على رغبات وحاجات السكان المحليين، الذين خلال فترة طويلة يعتبرون من زبائننا. وأضاف نحن يجب علينا وبكل الأشكال الحازمة الدفاع عن حقوقنا. ولكننا نعتبر أن الاتفاقية المعقودة مع بريطانيا تستمر بربطنا بهم وأن تلك الحقوق المعترف بها والتي سنطالب بحلها في المؤتمر الآن مضمونة بشكل كامل".[105] وهذه الكلمة كانت موجهة قبل كل شيء للبريطانيين لأنها اعتمدت على الاتفاقيات السرية غير القابلة للجدل. ولكنها لم تتفق ومضمون إعلان تشرين ثاني/نوفمبر الذي أثار حالة من عدم الرضا والسخط في سورية وعقدت بشدة أوضاع السلطات الفرنسية فيها.
وفي كانون أول/ديسمبر 1918 جرت محادثات حكومية بريطانية فرنسية تمهيدية في لندن شملت المسائل المهمة للحل السلمي وشارك فيها مندوبون أمريكيون. ولما لم يكن هناك أي محاضر لتلك الجلسات فنحن يمكن أن نستند إلى تصريحات المشاركين في تلك الجلسات ومعاصريها وفي إحدى الجلسات غير الرسمية أعطى جورج بنيامين كليمنصو،[106] لديفيد لويد جورج[107] اتفاقية يتم بموجبها تسليم الموصل لإنكلترا.[108] ووافق كليمنصو حينها على احتكار السيطرة البريطانية على فلسطين واعتبر المعاصرون تنازل كليمنصو في مسألة الموصل والتي أثارت الكثير من التساؤلات والغموض وعدم الفهم.[109] ولكن ديفيد لويد جورج بالنتيجة قدم للفرنسيين حينها تنازلات كمبادرة طيبة من جانب واحد،[110] وأشار كليمنصو خلال حديثه مع سكرتيره مارتيه إلى أنه قدم التنازل عن الموصل كدفعة أولى لتسلم كليكيا.[111]
وفي 18/1/1919 أفتتح في باريس رسمياً مؤتمر السلام[112] الذي استمر حتى 21/1/1920 بفترات توقف دعت إليه الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 من أجل إعداد اتفاقيات للسلام مع الدول المهزومة. والدور الهام في المؤتمر لعبه "مجلس الأربعة" ممثلاً بشخص رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويلسون، والوزير الأول الفرنسي كليمنصو، والوزير الأول البريطاني ديفيد لويد جورج، والوزير الأول الإيطالي أورلانو. وخلال جلسات المؤتمر نوقشت اتفاقية السلام مع ألمانيا ورافقت المناقشات خلافات كبيرة بين أعضاء مجلس الأربعة، وحاولت فرنسا إضعاف ألمانيا إلى أبعد الحدود من النواحي الجغرافية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، في محاولة منها لتأمين موقع الهيمنة في أوروبا؛ أما الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى فقد حاولتا الاحتفاظ بألمانيا كقوة لمجابهة زيادة الهيمنة الفرنسية في أوروبا، ولتلعب دوراً هاماً في مواجهة الاتحاد السوفييتي. وعند مناقشة موضوع الأراضي الألمانية كانت هناك خلافات حادة حول الأراضي البولونية، ففرنسا سعت دون جدوى لإقامة دولة بولونية قوية "على حدود عام 1772"، والتي تمكنها من لعب دور حليفتها في شرق أوروبا ضد ألمانيا، وضد الاتحاد السوفييتي. وخلال المؤتمر تم إقرار نظام عصبة الأمم في جلسة 7/5/1919، وتم إعداد عدد من معاهدات السلام ومن بينها اتفاقية سفير للسلام التي وقعت عام 1920 وهي واحدة من اتفاقيات نظام فرسال التي وقعتها في سفير شمال باريس بتاريخ 10/8/1920 بريطانيا العظمى، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وأرمينيا (الدشناق)، وبلغاريا، واليونان، وبولونيا، والبرتغال، ورومانيا، ومملكة الصرب، وكرواتيا، وسلوفينيا، ويوغسلافيا عام 1929، والحجاز التي ضمت للمملكة العربية السعودية عام 1932، وتشيكوسلوفاكيا من جهة، والحكومة السلطانية العثمانية من جهة ثانية ارتبطت المعاهدة بشروط الاحتلال المفروضة على حكومة السلطان العثماني من قبل الحلفاء لمجموعة من المناطق الهامة من الدولة العثمانية بما فيها استانبول، وممرات البحر الأسود، وأزمير، والصراع اليوناني العثماني، وهزيمة الدولة العثمانية في الحرب، وأوضاعها الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية الصعبة التي استخدمها الحلفاء في أنتانتا ليس لتحقيق واحدة من أهدافهم الرئيسية في تقسيم الإمبراطورية العثمانية طبقاً للعديد من الاتفاقيات السرية المعقودة فيما بينهم، ولكن من أجل تقسيم تركيا ما بعد الحرب نفسها، ومن أجل خنق الثورة الكمالية. وضمت المعاهدة 13 قسماً، و433 مادة، القسم الأول تعلق بدور عصبة الأمم. ومصير الأراضي التركية حدده القسم الثاني من المعاهدة، أما القسم الثالث فتناول الأوضاع السياسية. شرق فراقيا، وادرنة، والشاطئ الأوروبي من الدردنيل، وكامل شبه جزيرة غالبول، وقد سلمت أزمير لليونان، واسطنبول وشريط ضيق من الأرض أبقي شكلاً لتركيا بشرط في حال عدم تقيدها بالمعاهدة "احتفظ الحلفاء بحقهم بتغيير الوضع القائم". وأبقيت منطقة الممرات بحدود دنيا ضمن الأراضي التركية، وخضعت بالكامل للحياد، ورقابة "لجنة الممرات الدولية"، التي تمتعت بحقوق بغض النظر عن السلطات المحلية بإخضاع الممرات المائية وشواطئ البوسفور، وبحري مرمرة والدردنيل، واستخدام الحلفاء للموانئ من أجل أساطيلهم. أما المواد المتعلقة بالأراضي العربية في غرب آسيا فاعتبرت أن سورية، ولبنان، وفلسطين، وبلاد الرافدين مناطق خاضعة لإدارة الانتداب. وفقدت الدولة العثمانية أملاكها في الجزيرة العربية وتعهدت بالاعتراف بمملكة الحجاز. وأما تخطيط الحدود بين تركيا وأرمينيا فخضع لقرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حول تركيا ما بعد الحرب وتم فصل كردستان عن تركيا، وشكلت لجنة من أجل تخطيط حدود كردستان ضمت إنكلترا وفرنسا وإيطاليا. وكان الوضع كالتالي: إذا اعترف مجلس عصبة الأمم بأن سكان هذه المناطق "مهيأين للاستقلال"، فيقام للأكراد "حكم ذاتي". وتنازلت الدولة العثمانية عن كامل حقوقها في مصر واعترفت "بوضعها تحت الحماية" وبتبعيتها لبريطانيا، ومنذ 18/12/1914م. فقدت الدولة العثمانية كل الحقوق في السودان، واعترفت بضم قبرص الذي تم في 5/11/1914 لبريطانيا، والحماية الفرنسية على مراكش وتونس، وتخلت عن كافة الحقوق والامتيازات في ليبيا والجزر لصالح إيطاليان وخضعت لنظام الاستسلام الكامل. ومن أجل السيطرة على أموال وموازنة تركيا ما بعد الحرب شكلت لجنة من ممثلي فرنسا، وبريطانيا العظمى، وإيطاليا، ومن ممثل لتركيا بصوت استشاري فقط. واعترفت تركيا بإلغاء كل معاهداتها المبرمة مع ألمانيا، والنمسا، وهنغاريا، وبلغاريا، وروسيا وغيرها من الدول والحكومات التي كانت سابقاً جزءاً من روسيا قبل دخول المعاهدة حيز التنفيذ. والأوضاع العسكرية والبحرية والجوية تناولتها المعاهدة في الجزء الخامس، وتم تسريح كامل القوات المسلحة. على أن لا يتجاوز عدد أفراد الجيش التركي عن 50 ألف جندي وضابط، بما فيهم 35 ألف من رجال حفظ الأمن الداخلي. والمعاهدة عملياً حرمت تركيا الناشئة من حقوق الدولة ذات السيادة ولهذا رفضت حكومة أنقرة والسلطان تصديقها.
ولكن الاهتمام الرئيسي وجه خلال جلسات المؤتمر منذ البداية للمشاكل الأوروبية أما مصير البلدان "المحررة" من الحكم الألماني والتركي في آسيا وإفريقيا فكانت ضمن اهتمامات المشاركين في المؤتمر وبغض النظر عن التفوق العسكري والسياسي لبريطانيا العظمى مقابل فرنسا فديفيد لويد جورج لم يتسرع في إعداد شروط اتفاقية السلام مع الإمبراطورية العثمانية. ولم يعترف رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويلسون بأي اتفاقيات سرية وأصر على الإقرار السريع لنظام عصبة الأمم الذي سيحدد مصير المستعمرات الألمانية والأملاك العثمانية السابقة. واستخدم ديفيد لويد جورج عندها فكرة رئيس وفد جنوب إفريقيا سميتس واقترح أن تقوم عصبة الأمم وفقاً لشروط خاصة بإعطاء بعض الدول المعينة "انتداب"[113] لإدارة الأراضي المحررة لتهيئة أفضل الظروف من أجل تطورها ووافق ويلسون، وكليمنصو على هذا الاقتراح الوسط. وكان من الممكن نظرياً توفيق هذا الاقتراح مع برنامج ويلسون للسلام، ولكن من ناحية ثانية كان يمكن استخدام "الانتداب" كستار للسيادة الاستعمارية وحتى عام 1919 لم يستطع أحد تحديد مفهوم "الانتداب" بدقة.
واعتبر الانتداب عبارة عن نظام للإدارة وضعته الدول العظمى المتحالفة في أنتانتا، لإدارة المستعمرات الألمانية، التي استولوا عليها نتيجة للحرب العالمية الأولى 1914م – 1918م، وبعض الأراضي العربية التي كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية. ومن الناحية القانونية استمد نظام الانتداب قوته من المادة 22 من نظام عصبة الأمم، التي تسمح بانتداب دول للوصاية باسم عصبة الأمم على شعوب الأراضي التي خرجت نتيجة للحرب من تحت سيادة الدول التي حكمتها سابقاً، والتي لا يمكنها أن تحكم نفسها بنفسها. وقسم الانتداب إلى ثلاث أنواع: الأول: وطبق على الأملاك العثمانية السابقة، والتي كان وضعها قريب من التبعية؛ والثاني: وطبق على المستعمرات الألمانية السابقة في إفريقيا المركزية، التي سلمت للإدارة الكاملة من قبل الدول المنتدبة مع الحفاظ على شيء من الحكم الذاتي؛ الثالث: وطبق على دول جنوب غرب إفريقيا وجزر المحيط الهادئ وبموجبه تم ضم تلك الأراضي للدول المنتدبة.
وقسمت المستعمرات الألمانية خلال جلسة المجلس الأعلى لأنتانتا بتاريخ 7/5/1919، أما الأملاك السابقة للدولة العثمانية فقد تم توزيعها خلال مؤتمر سان ريمو عام 1920. وتسلمت بريطانيا العظمى الانتداب من النوع الأول على العراق، وفلسطين، وشرق الأردن. ومن النوع الثاني على تنجانيقا، وقسم من التوغو، والكاميرون؛ أما فرنسا فقد تسلمت الانتداب من الصنف الأول على سوريا ولبنان، والانتداب من الصنف الثاني على قسم من التوغو، والكاميرون؛ وتسلمت بلجيكا الانتداب من الصنف الثاني على رواندا، وأوروندي في عام 1923. وتسلمت اليابان الانتداب من الصنف الثالث على الجزر في المحيط الهادئ شمال خط الاستواء؛ وتسلم اتحاد جنوب إفريقيا الانتداب من الصنف الثالث على جنوب غرب إفريقيا وأعلن جزءاً لا يتجزأ من أراضيها؛ أما استراليا فتسلمت الانتداب من الصنف الثالث على جزر ناورو بالاشتراك مع بريطانيا العظمى، ونيوزيلنديا، وعلى غينيا الجديدة الألمانية وجزر المحيط الهادئ جنوب خط الاستواء؛ وتسلمت نيوزيلنديا الانتداب من الصنف الثالث على جزر غرب ساموا.
ووفقاً لمبادئ ويلسون فإن أية أراض انفصلت يجب أن تعتمد على إرادة سكانها، وقبل بداية أعمال المؤتمر بدأت بالوصول عرائض وطلبات ممثلي البلدان والشعوب الصغيرة. وقد أعطاها ديفيد لويد جورج وجورج بنيامين كليمنصو أهمية كبيرة وتم الاستماع لكلمات تلك الوفود، لأنها أضافت وزناً إضافياً لحججها الخاصة وللتأثير على آراء ويلسون. ومع ذلك سعى البريطانيون والفرنسيون لإبعاد الوفود المؤيدة لخصومهم.
وأراد الأمير فيصل أن يعرض طلباته شخصياً. واعتبر الإنكليز طلبه هذا قانونياً تماماً، ولكن فرنسا لم تعترف بحق فيصل بالتحدث باسم سورية. ووصل الأمير فيصل يوم 26/11/1918 إلى مرسيليا ولكنه لم يستطع التحدث أمام المؤتمر إلا بعد أن طافوا به في المدن الفرنسية كسائح مهم من ما وراء البحار، وبعد ذلك وبكل أدب تم استقباله في مكاتب المسؤولين الكبار في باريس ولندن واقتصرت تلك اللقاءات على المجاملات الدبلوماسية، ولو أنه في ذلك الوقت كانت تجري المحادثات المبدئية بين رؤساء الحكومات الأوروبية التي أشرنا إليها أعلاه.[114]
واغتنم اليهود الفرصة وحاولوا الحصول على اعتراف الأمير فيصل بمطالبهم في فلسطين، وتوصلوا في 3/1/1919 إلى اتفاق وقعه الأمير فيصل نيابة عن مملكة الحجاز، والدكتور حاييم وايزمان نيابة عن المنظمة الصهيونية العالمية، وتضمن الاتفاق إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولة العربية وفلسطين، والسماح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين، وأن أية خلافات يمكن أن تنشأ عن تطبيق الاتفاق يعرض على الحكومة البريطانية للفصل فيه. وذيل الأمير فيصل توقيعه بالملاحظة التالية: "أوافق على الاتفاق في حالة واحدة فقط، وهي إذا ما حصل العرب على استقلالهم، كما هو موضح في المذكرة المقدمة إلى وزارة الخارجية في الرابع من كانون الثاني/يناير، وهو ما لم يحدث.[115]
وفي 1/1/1919 أرسل الأمير فيصل إلى سكرتارية المؤتمر مطالبه يطالب فيها بإقامة دولة عربية موحدة، تضم شبه الجزيرة العربية (مستثنياً منها عدن الواقعة فعلاً تحت الاحتلال البريطاني)، وفلسطين، وبلاد الرافدين، وسورية حتى خط إسكندرون ديار بكر. ودخل الأمير فيصل المؤتمر بصحبة الضابط البريطاني لورنس وهو يرتدي ملابس شيخ عربي. ولكن الذي حدث أن مطالب الأمير فيصل قد تم نسيانها لعدة أسابيع زار خلالها الأمير فيصل الخبراء البريطانيين والفرنسيين، فركز البريطانيون نصيحتهم له على ضرورة القبول بواقع السيطرة الفرنسية على سورية، لأن بريطانيا العظمى لا ترغب بالخلاف مع حلفائها بسبب سورية. بينما ركز الفرنسيون اهتمامهم الزائد على البريطانيين وأبدوا اللوم عليهم لاستخدامهم الأمير فيصل من أجل أهدافهم الخاصة، ونصحوا الأمير فيصل بأن يأخذ في اعتباره قوة فرنسا والامتناع عن "سماع نصائح المتهورين من الضباط العرب، والبريطانيين".[116] وتم النظر في مطالب الأمير فيصل من قبل مجلس العشرة بعد 29/1/1919 مع غيرها من الوثائق المتعلقة بالإمبراطورية العثمانية. وفي 6/2/1919 فقط تمكن الأمير فيصل من طرح أفكاره شخصيا أمام المجلس وبغض النظر عن الضغوط الزائدة التي تعرض لها كرر الأمير فيصل الأفكار التي أوردها في مطالبه الخطية. وأحدثت كلمة الأمير فيصل انطباعاً مهماً لدى ولسون، ولهذا أحس كلاً من جورج بنيامين كليمنصو وستيفان جان ماري بيشون[117] بضرورة الوقوف ضده.
وفي 30/1/1919 اتخذ المجلس قراراً بانتزاع أرمينيا[118]، وسورية، وفلسطين، والجزيرة العربية، وكردستان[119] من الإمبراطورية العثمانية، دون أن يتخذ أي قرارا حول مستقبل هذه المناطق. وفي نفس اليوم تمت الموافقة على قرار استند إلى المادة 22 من نظام عصبة الأمم، وهو الذي أعد قبل 14/2/1919 وفقاً لتلك المادة وتضمن أن "بعض الشعوب التي كانت تابعة للإمبراطورية العثمانية سابقاً، وصلت إلى مستوى من التطور الذي يمكنها من الحياة كأمة مستقلة يمكن أن يعترف بها مبدئياً في حال دعم ومشورة المجالس الإدارية من قبل الجهة المنتدبة في ذلك الوقت، إلى أن تستطيع تلك الشعوب العيش باستقلال. ويجب أن تؤخذ بعين الاعتبار رغبات تلك الشعوب بالدرجة الأولى لدى اختيار المنتدب". وهكذا كان يجب أن يطبق على أراضي الشرق الأوسط انتداب الفئة (A)، الذي يسمح بتمتع تلك المناطق الخاضعة للانتداب بمستوى كبير من الاعتماد على النفس.
وحتى 13/2/1919 تحدث أمام مجلس العشرة كخبير أمريكي الدكتور غ. بليس، مدير الكلية البروتستانتية السورية في بيروت الذي طالب بإرسال لجنة من الحلفاء إلى الشرق الأوسط لاستطلاع الحقائق الميدانية و"رغبات" السكان المحليين وفقاً للنظام بالكامل. عند ذلك قدم كليمنصو للمشاركين في المؤتمر وفد سوري برئاسة رئيس اللجنة المركزية السورية في باريس شكري غانم من أجل عرض رغبات السكان المحليين وضم الوفد أربع أشخاص مسلم، وملكيت، وماروني، ويهودي، رغبة في تمثيل كل الطوائف الدينية في سورية أعلن شكري غانم[120] مضمون رسالة طويلة جوهرها تحويل سورية الكبرى من طوروس إلى الصحراء العربية، إلى فيدرالية لمناطق ذاتية الحكم تحت الحماية الفرنسية. وانتقد بشدة مبدأ توحيد سورية مع الدولة العربية في دولة واحدة، لأنه كان يعتبر البدو العرب كعنصر غريب تماماً عن سورية. وخلال القراءة همس أحد الخبراء البريطانيين لويلسن، بأن شكري غانم لم يزر وطنه منذ 35 عاماً مما أدى لعدم اكتراثه بما يجري.[121]
وفي 15/2/1919 مثل وفد المجلس الإداري اللبناني برئاسة الماروني داوود أمون أمام مجلس العشرة. واستطاع هذا الوفد الوصول إلى باريس بعد تأخير متعمد لبضعة أيام في بور سعيد بأمر من أللنبي بحجة عدم صلاحية جوازات السفر التي منحها لهم بيكو. وتم "إطلاق سراح" الوفد بعد مصادمة دبلوماسية فقط. وجاءت مطالب الوفد بمشاركة مباشرة من بيكو، وعلى ما يبدو بموافقة كيد أوريس. وضمت منطقة واسعة للحكم الذاتي اللبناني في إطار الفيدرالية السورية تحت الانتداب الفرنسي، وتوسيع الحدود على حساب المدن الساحلية وسهل البقاع. وكان مطلب استقلال لبنان عن سورية منتشر جداً في ذلك الوقت بين اللبنانيين، وكان هذا في غير صالح الإدارة الفرنسية التي كانت تخطط لفرض سيطرتها على كل سورية. وقدمت المطالب الخطية للوفد اللبناني للمجلس يوم 8/3/1919.[122]
وللمرة الأولى في ذلك الوقت تم النظر في مسألة توزيع مناطق الاحتلال. بعد شكوى ديفيد لويد جورج من أن بريطانيا العظمى لم يعد بإمكانها الإنفاق على جيش كبير متواجد على الأراضي التركية، وتم دعوة للممثلين العسكريين إلى لقاء خرج في 5/2/1919 بخريطة جديدة لمناطق الاحتلال، وبموجبها بقي الجيش البريطاني في فلسطين وبلاد الرافدين، والفرنسيين في مناطق أدالي والقوقاز، والأمريكيون (في حال موافقتهم) في شرق الأناضول.[123] وكان إقرار هذا المخطط مقرراً له أن يتم في يوم 11/2/1919 ولكن ذلك لم يحدث. وبدلاً عن ذلك التقى كليمنصو بوزير المستعمرات البريطانية اللورد ميلنر الذي صرح بأنه "ولو أننا غير راضون عن مخطط سايكس - بيكو، … فنحن غير راغبين بإخراج فرنسا من سورية أو محاولة احتلال سورية. لأننا مهتمون فقط بتوسيع بلاد الرافدين نحو فلسطين وإقامة خطوط مواصلات جيدة بينهما". وبعد ذلك تحدث ميلنر عن علاقات فرنسا مع الأمير فيصل، وأشار إلى أن كل "صعوباتها" نابعة من أن فرنسا "غير مرغوب بها من قبل العرب". ولهذا لابد من إجراء محادثات بين الأمير فيصل وكليمنصو وكأساس للمباحثات اقترح ميلنر الخطة التالية: ترك مخرج على البحر للأمير فيصل مقابل انتداب فرنسي "خفيف" على كل سورية. وطالب كليمنصو بحضور ممثلين عن الإنكليز في المحادثات وعلى ما يبدوا لدعم حججها.[124] وفي تقريره عن مضمون تلك المناقشات لديفيد لويد جورج، كتب ميلنر: "إذا كنا نحن نقوم بدور وسيط مستقل بين فرنسا وفيصل ونساعد فرنسا للخروج من الصعوبات الحالية من خلال إقناع فيصل بالتوصل إلى اتفاق معها، فنحن يجب أن نعمل من أجل أن تقوم فرنسا بدورها بتنفيذ وعدها لنا فيما يتعلق بالموصل وفلسطين وبنفس الوقت أن تقوم بإيضاح واسع حول ذلك".[125] ولكن كليمنصو امتنع عن لقاء الأمير فيصل على حدى وطالب بحضور ممثلين عن الإنكليز والأمريكيين.[126]
وفي 20/3/1919 تم في شقة لويد جورج اجتماع ضم رؤساء الوفود المشاركة في مناقشة المسألة العثمانية ودار الحديث أساساً حول سورية، وأعلن ديفيد لويد جورج المدعو للاجتماع والجنرال ألنبي أن تسليم سورية للانتداب الفرنسي سيؤدي إلى اضطرابات وحتى إلى الحرب، لأن ذلك يناقض اتفاقية بريطانيا مع الملك حسين، فرد بيشون بأن الوعود الإنكليزية للعرب لا تهم فرنسا وطالب باحترام اتفاقية سايكس بيكو وخاصة ما يتعلق منها بسورية. فرفض ويلسون كل الاتفاقيات السرية واقترح تطبيق فكرة الدكتور بليسا حول إرسال لجنة من الحلفاء إلى سورية. ووافق الإنكليز والفرنسيين "على مضض".[127] وبعد أسبوع عاد مجلس الأربعة لمناقشة موضوع اللجنة. فأبدى ديفيد لويد جورج معارضته للفكرة، ولكن ويلسون أصر عليها. فوافق كليمنصو على موقف الرئيس وأسرع لمناقشة موضوع الراين.[128] وعاد موضوع اللجنة إلى الظهور مرة أخرى يوم 11 أو 25/4/1919 وأعلن ديفيد لويد جورج وجورج بنيامين كليمنصو لأول مرة أمام ويلسون أنهما يودان معرفة موقف كل منهما بشكل مسبق، وفي 25/4/1919 أعلن ديفيد لويد جورج أن الحكومة قررت نهائياً عدم قبول الانتداب على سورية. لأن "الصداقة مع الفرنسيين تساوي سورية عشرة مرات" بالنسبة لإنكلترا. ولاحظ أن ويلسون لا يرغب بمثل هذا الانتداب للولايات المتحدة الأمريكية على سورية، ولكن يجب إرسال اللجنة من أجل عدم التنازل عن مبادئ عصبة الأمم.[129]
وأجبر ديفيد لويد جورج، جورج بنيامين كليمنصو على قبول إرسال اللجنة بعد أن أقنعه بأنه هناك إمكانية لحل كل المسائل في المحادثات الثنائية. ففهم جورج بنيامين كليمنصو أن إرسال اللجنة إلى سورية عملياً هي تحت سيطرة الأمير فيصل، ويمكن أن تدفن أمل الفرنسيين في الانتداب. ولهذا كان جاهزاً "لتنسيق المواقف" مع الزملاء البريطانيين. إلا أنه نضجت خطة لدى القيادة البريطانية تقضي بـ"تقليص" "المنطقة" الفرنسية المحتملة في سورية من أجل تأمين المواصلات بين بلاد الرافدين وفلسطين على أراضي خاضعة "بالكامل للبريطانيين"، ولذلك خطط لضم واحة تدمر ومدينة تدمر للمنطقة البريطانية، وجزءاً من محافظة حوران التي يسكنها بالأساس الدروز.[130] ومن أجل الموافقة الفرنسية كان من الممكن تغيير الحدود لأن الإنكليز من أجل ذلك كانوا مستعدين للتضحية بفيصل ووضع ما تبقى من سورية تحت الإدارة الفرنسية المباشرة.
وجرت المحادثات بين الأمير فيصل وجورج بنيامين كليمنصو في 14/4/1919 حيث أخبر الوزير الأول الفرنسي الأمير فيصل بأن القوات الفرنسية يجب أن تحل مكان القوات البريطانية في سورية، وهو ما عارضه الأمير فيصل بشدة، ولكن جورج بنيامين كليمنصو أعلن أن الامتناع عن إرسال قوات إلى سورية سيكون "إهانة قومية لفرنسا".[131] وبغض النظر عن الخلاف الكبير في وجهات النظر اتفق الزعيمان على الإعراب عن علاقاتهما الإيجابية حيال بعضهما البعض من خلال تبادل الرسائل الرسمية.
وكان مضمون تلك الرسائل إيجابياً رغم أنها كانت تتحدث عن مواضيع مختلفة تماماً، وفي 17/4/1919 كتب جورج بنيامين كليمنصو معرباً عن استعداد فرنسا "للاعتراف بحق سورية بالاستقلال على شكل فيدرالية لمحليات ذات حكم ذاتي وفقاً للتقاليد ولرغبات السكان". وعن استعداد فرنسا لتقديم "المساعدة المادية والمعنوية" لسورية، وإرسال المستشارين، فشكر الأمير فيصل في رسالته التي وجهها في 21/4/1919 جورج بنيامين كليمنصو على موافقته بإرسال لجنة من الحلفاء إلى سورية، وأنهى رسالته بالكلمات التالية: "أنا واثق من أن شعب سورية سوف يعرف كيف يعبر لكم عن تقديره". ولكن لم يذكر أية كلمة عن أنه ينتظر أية مساعدة من فرنسا.[132] وبشكل عام عند الإشارة إلى سكان سورية كان كليمنصو يستخدم تعبير الجمع ("Ies populations")، والأمير فيصل تعبير المفرد ("the people of Syria") وحتى في هذه الإيماءات اللغوية كانت تظهر الخلافات في وجهات نظر الاثنين حول طبيعة البلاد التي يتحدثون عنها.
والرسالتين تم استلامهما وقراءتهما من قبل أصحاب العلاقة ولكن بشكل رسمي لم يكن أي أثر. وكانت المراسلات تتم بالشكل التالي: جورج بنيامين كليمنصو يكتب رسالته بشكل غير رسمي ويرسلها للأمير فيصل مع طلب الرد. والأمير فيصل كان أيضاً يكتب الرد لجورج بنيامين كليمنصو بشكل غير رسمي أيضاً ويعبر بصراحة عن مطالبه السياسية. وكانت هذه الوثائق لوقت محدد في أيدي مستشار بيشون ورئيس لجنة "آسيا الفرنسية" روبرت دي كيه الذي على ما يبدو أسندت له مهمة الاتصال بالأمير، ورفض روبرت دي كيه مطالب الأمير فيصل شكلاً ومضموناً، وطالبه بكتابة رسالة جديدة. وعلى ما يبدوا الرسالة التي أشرنا لنصها أعلاه كان قد كتبها الأمير فيصل ووصلت لجورج بنيامين كليمنصو ولكنها لم تعجبه، ولهذا لم يرغب بالرد عليها رسمياً.[133] ورغم ذلك فقد تم عرض الرسالتين كاتفاقية حقيقية مع الأمير فيصل في خضم الخلاف مع ديفيد لويد جورج حول سورية.
وكان تاريخ محادثات الأمير فيصل من خلال كتاباته لجورج بنيامين كليمنصو مبهم جداً. لأن الأمير فيصل بعد عودته إلى دمشق وحديثه مع المستشار السياسي لأللنبي الجنرال كليتون كان قد أكد على "نصيحة لورنس" بأن يعقد اتفاقية شفهية مع جورج بنيامين كليمنصو يعترف فيها بالانتداب الفرنسي بشرط "استقلال سورية" وعلى ما يبدوا الحديث دار حول الحكم الذاتي.[134] ويمكننا أن نحكم على شروط هذه الاتفاقية من خلال المقترحات التي أعدت بمشاركة لورنس من أجل محادثات الأمير فيصل مع جورج بنيامين كليمنصو. وكان من المتوقع فرض الانتداب الفرنسي على سورية وفق الشروط الشبيهة بأوضاع مصر وعلاقتها ببريطانيا العظمى. وكان يجب أن يحصل لبنان ومن الممكن منطقة سكن الدروز[135] على الحكم الذاتي. ولكن الأمير فيصل أعلن أنه لا يرغب أبداً بتنفيذ تلك الاتفاقية رغبة منه بالانتداب البريطاني في حال رغبة الإنكليز بذلك.[136]
ووافق جورج بنيامين كليمنصو خلال جلسات المؤتمر على مبادرات ديفيد لويد جورج حول آسيا الصغرى ونزول قوات يونانية في سميرنه يوم 15/5/1919، وانتظر الرد على شكل تنازلات في المسائل الألمانية والسورية مع أنه ولكنه لم يحاول إثارة قضية الشرق الأوسط، كي لا يعكر المحادثات الحساسة غير الرسمية حول ألمانيا. واستمرت الأوضاع على هذا الشكل حتى تسلم الألمان نص الاتفاقية يوم 7/5/1919 وطالب جورج بنيامين كليمنصو باحتلال المناطق الداخلية في سورية، رغم اعتراض ديفيد لويد جورج لأن اتفاقية سايكس بيكو لا تسمح لفرنسا بذلك ورد جورج بنيامين كليمنصو بأن ذلك سيتم بالتبادل لقاء التنازل عن الموصل وانتظر مساعدة الإنكليز فيما يتعلق بدمشق وحلب. ولكن المسألة السورية جرت الزعيمين الأوروبيين خلال 21 و22/5/1919 نحو خلاف مفتوح، لأن جورج بنيامين كليمنصو كان يطالب بانسحاب قوات اللنبي من سورية وكليكيا، في الوقت الذي كان فيه ديفيد لويد جورج يقترح الانتظار حتى تسلم النتائج النهائية التي ستتوصل إليها اللجنة، ووافق على منح فرنسا الانتداب على سورية مؤقتاً. ولكن جورج بنيامين كليمنصو رد على ذلك بغضب ومما أثار غضبه على ما يبدو نتائج المحادثات التي جرت بين مفوضي الحكومتين أ. تارديه، و غ. ويلسون حول مناطق الاحتلال، حيث اقترح المندوب الإنكليزي اقتطاع أجزاء من المنطقة الفرنسية.[137] وامتنع ديفيد لويد جورج عن متابعة النقاش، فأخذ ويلسون دور المصالح بينهما ونصحهما بتأجيل اتخاذ القرار فأعلن جورج بنيامين كليمنصو أنه لا يرى أية فائدة من إرسال المستشارين الفرنسيين طالما أن سورية ستبقى تحت الاحتلال البريطاني، وامتنع ديفيد لويد جورج عن إرسال ممثليه إلى اللجنة، في حال مشاركة الفرنسيين فيها، رغم أنه كان مستعداً لقبول قرار المستشارين الأمريكيين في الوقت الذي كانت فيه سورية خاضعة لنظام إدارة الاحتلال.[138]
وبدأ ويلسون بعد ذلك بالإعداد "للمشاركة الأمريكية في لجنة الحلفاء حول الانتداب في تركيا". وكان ديفيد لويد جورج بحاجة للجنة من أجل كسب الوقت، أما الفرنسيين فكانوا غير متحمسين لها ولكنهم كانوا مضطرين لإظهار تعاطفهم مع اللجنة، أما الأمير فيصل فعلى العكس كان يعقد عليها آمالاً كبيرة لأن معظم أراضي البلاد كانت تحت سيطرته، ولهذا حصر اهتمامه بتنظيم استقبال اللجنة وإقناعها بتأييد السكان المحليين لخططه. ليصبح بذلك مصير سورية ولبنان متعلق مباشرة بما ستتوصل إليه اللجنة الأمريكية اعتباراً من صيف عام 1919م.
وبعد عودة الأمير فيصل من أوروبا في 30/4/1919 ألقى كلمة أمام اجتماع حاشد بدمشق أعلن فيه عن قرار المؤتمر بإرسال اللجنة، ودعا السوريين بأن يطالبوا اللجنة بالاستقلال "الكامل والناجز" لبلدهم[139] وأعلن عن نيته دعوة المؤتمر السوري العام الذي يملك الحق التحدث باسم الشعب. وفي 9/5/1919 دعا الأمير فيصل ملاك الأراضي السوريين وزعماء الأقليات الدينية من دروز، ويهود، ومسيحيين. المعروفون بمساندتهم للأمير فيصل رغم أن الزعماء المسيحيين للملكيين، والبطريركية الأرثوذكسية كانوا قد لمحوا ببعض الشروط قبل مساندتهم له.[140]
وفجأة دعى الأمير فيصل، جورج بيكو لزيارة دمشق في أواسط أيار / مايو لإجراء محادثات حول موافقته على الانتداب الفرنسي، الذي يجب أن يقتصر على المساعدة المالية وإرسال المستشارين إلى سورية، على أن تشمل سلطة الحكومة العربية الساحل، وطالب فرنسا بإصدار بياناً بذلك قبل وصول اللجنة يتضمن وحدة الأراضي السورية، والفلسطينية، وكليكيا، والموصل، ومساندة مطالب استقلال عرب جنوب العراق. ولكن تلك الشروط كانت غير مقبولة بالنسبة لفرنسا وغير قابلة للتنفيذ، وهو ما أخبر به بيكو، الأمير فيصل رسمياً بعد شهر من ذلك التاريخ.[141] ولكن حقيقة المحادثات بين الأمير فيصل والفرنسيين ألد أعداء القوميين العرب كانت غريبة. وفي المناقشات الخاصة والمراسلات مع الشخصيات الرسمية الإنكليزية كالرسالة التي وجهها لأللنبي بتاريخ 12/6/1919، كرر الأمير فيصل دون ملل أن أفضل حل له ولكل "الشعب السوري" هو الانتداب البريطاني، بغض النظر عن الرفض الرسمي لبريطانيا العظمى لهذا الانتداب.[142] ولكن من المحتمل أن يكون الأمير فيصل قد استخدم ذلك خلال محادثاته مع بيكو كورقة ضغط لإثارة الخلافات بين الحلفاء في أنتانتا.
وفي حزيران / يونيو 1919 استعدت كل الجهات المعنية لاستقبال اللجنة الأمريكية. وسعى جورج بيكو لضمان تأييد المطالب الفرنسية في المنطقة الغربية، لأن حقيقة المحادثات التي أجراها الفرنسيون مع الأمير فيصل في باريس وفي دمشق أثارت الشكوك حول الاعتماد على موارنة جبل لبنان حلفاء فرنسا المقربين الذين حددوا عملياً سياسة مجلس إدارتهم للسنجق السابق. وحتى 20/5/1919 أعلنت تلك الإدارة استقلال البلاد "في الحدود الجغرافية والتاريخية" وهذا يعني بما فيها المدن الساحلية وسهل البقاع دون أي إشارة إلى الانتداب الفرنسي. واضطر بطريرك الموارنة إلياس حايك تحت الضغوط القوية لأبناء طائفته الذين أقنعوه بالتوجه إلى باريس للدفاع عن استقلال لبنان عن سورية. وحاول البطريرك إقناع جورج بيكو بأنه على حق، وأرسل الكثير من البرقيات إلى وزارة الخارجية الفرنسية ولجورج بنيامين كليمنصو شخصياً، وعلى ما يبدوا دون فائدة تذكر من تلك الجهود وهو ما أجبره على التوجه سراً إلى أللنبي باقتراح إقامة الانتداب البريطاني على لبنان مقابل ضمان استقلاله عن سورية، ولكن الإنكليز نصحوه بالتوجه إلى اللجنة الأمريكية. وحتى أواسط حزيران / يونيو اقتنع البطريرك إلياس حايك بأن الفرصة الوحيدة لإقامة الدولة اللبنانية بحدودها الموسعة ممكنة بالاعتماد على فرنسا.[143]
وحاول جورج بيكو الاستفادة من هذا التوجه عند القادة اللبنانيين أثناء لقاءه من جديد بالأمير فيصل في 18/6/1919. ومقابل المساعدة للحفاظ على لبنان كمنطقة ذات حكم ذاتي ضمن سورية طلب جورج بيكو من الأمير فيصل أن يخبره "عن موقفه الذي يخطط لعرضه أمام اللجنة الأمريكية"، وذكره بوعده بقبول مساعدة المستشارين الفرنسيين، فتهرب الأمير من الجواب المباشر وأخذ على فرنسا رفضها الاعتراف بوحدة أراضي واستقلال سورية، فتحجج بيكو بعدم إمكانية تنفيذ مثل تلك الخطوات الانفصالية وعلى ما يبدو كان يريد إضعاف صلات الأمير بالإنكليز، وأشار إلى أن الإصرار الفرنسي فقط خلال المؤتمر أنقذ سورية من فقدان محافظة حوران والأراضي الواقعة بين دمشق والفرات التي سعت إلى ضمها بريطانيا للمناطق الخاضعة لسيطرتها. وأضاف بيكو أن اللجنة الأمريكية لا تملك الصلاحيات اللازمة من مؤتمر السلام وستعمل فقط بأوامر من الرئيس ويلسون.[144] وبعد هذا الحديث صرح جورج بيكو للمندوب البريطاني في دمشق المقدم كورنوليس، أنه حتى ولو كان كل سكان المنطقة الشرقية ضد فرنسا بالكامل تقريباً أمام اللجنة، وحتى لو اضطرت فرنسا للقيام باقتحام عسكري لعمق سورية فإنها لن تلقى أية مقاومة ملحوظة.[145] وفي الوقت الذي فشلت فيه محادثات جورج بيكو والأمير فيصل، وقفت فرنسا ضد انفصال لبنان عن سورية. وفي 10/6/1919 اتخذ مجلس إدارة الحكم في لبنان قراراً بمساند الانتداب الفرنسي، ضمن شروط تحددها الحكومتين اللبنانية والفرنسية بشكل مشترك.[146]
وفي الوقت الذي كان فيه جورج بيكو لا يستطيع الاعتماد على الأقليات الدينية وخاصة الكاثوليك، كان الأمير فيصل يعتمد على الأكثرية الإسلامية في البلاد. ولهذا طالب الأمير ليس بـ "ركوب" الحركة الشعبية العفوية فقط بل وتوجيهها نحو الاتجاه المطلوب عندما جاءت أخبار من الممثل الحجازي[147] في باريس تقول بأن الدول العظمى قررت نهائياً إقامة نظام الانتداب في سورية، فما كان من السياسيين الدمشقيين وفقاً لتقرير المقدم كورنوليس الذي أرسله إلى لندن إلا أن أظهروا ميولاً واضحة نحو انتداب أمريكي أو بريطاني على بلادهم، لأنه "كانت لديهم قناعتين: الأولى يريدون فيها الاستقلال؛ والثانية أنهم لا يريدون الانتداب الفرنسي"، ولهذا لم يستطع الأمير فيصل التقارب مع فرنسا حتى ولو أراد ذلك.[148] فالحكومة القومية في دمشق أيدت العداء السافر لفرنسا على الساحل بكل الطرق المتاحة وكانت الانتفاضة الهامة من بين تلك الانتفاضات التي عنت سورية انتفاضة العلويين[149] حول مدينة اللاذقية. وكان هدفها الحصول على الحكم الذاتي للمنطقة العلوية، ولكن زعيم الانتفاضة الشيخ صالح العلي سرعان ما أعلن عن تضامنه مع حكومة الأمير فيصل، مفضلاً ذلك عن الحكم الفرنسي.[150]
وفي نهاية حزيران / يونيو انعقد المؤتمر السوري العام في دمشق وكان أعضاءه من العرب المنتخبين لعضوية المجلس العثماني الأخير، واعتبر المؤتمر نفسه مفوضاً بالتحدث باسم سكان المناطق المحتلة الثلاث. وحتى 2/6/1919 اتفق المؤتمر على برنامج موحد لتقديمه للجنة الأمريكية، وعرف هذا البرنامج باسم "برنامج دمشق". وبموجبه يجب أن تحصل سورية بالكامل "على الاستقلال التام" كدولة ملكية دستورية فيدرالية وعلى رأسها الأمير فيصل وتضم كافة الأراضي من طوروس إلى الصحراء العربية، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الفرات ونهر الخابور. مع الموافقة على انتداب يأخذ شكل تقديم المساعدات التقنية والمالية، والتي يمكن أن تقدمها الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا العظمى، ولكن ليس فرنسا. وكانت هناك أصوات تطالب بإلغاء كل الاتفاقيات والالتزامات التي توصلت إليها الدول العظمى وقضت بتقسيم الأراضي العربية، بما فيها وعد بلفور، والاحتجاج على أية محاولة لفصل فلسطين أو لبنان عن سورية، ورفض المادة 22 من نظام عصبة الأمم، والمطالبة باستقلال بلاد الرافدين واتحادها الجمركي مع سورية.[151]
واعتمدت علاقة بريطانيا العظمى على الموقف السائد في سورية قبل وصول اللجنة إلى سورية على عدة حقائق. ونجح الإنكليز باستثناء بلاد الرافدين من خط اللجنة، ولكن فلسطين بقيت فيها كأول نقطة. وتضمن تقرير اللجنة شواهد عن المقاومة الشديدة للسكان المحليين لخطة إقامة "وطن قومي لليهود" في فلسطين، وهو ما وضع بريطانيا العظمى موضع الشك من إمكانية الإدارة السلمية لفلسطين. وفي نفس الوقت كان الإنكليز مهتمين بالحفاظ على حكومة الأمير فيصل الصديقة في سورية. ولم يسعوا لإقامة انتدابهم عليها، ولكن الكثير من الضباط في أماكن تواجدهم لم يستطيعوا القبول بضرورة ترك البلاد التي تحتلها القوات البريطانية. وكان الأمير فيصل ينظر لوجود القوات البريطانية كضمانة رئيسية ضد الغزو الفرنسي. وفي هذا الوضع حاولت الحكومة البريطانية المناورة وأكدت مساندتها في نفس الوقت لفرنسا والعرب.[152] ولم تستطع أي من الجهتين القبول بمثل هذه السياسة مزدوجة المعايير. فالمندوب العسكري البريطاني في حلب عرض كلمات فيصل في تقريره: من أن "فرنسا بالكامل تعتمد على إنكلترا وأمريكا في وجودها المستقبلي ويعرف هذا الأمير فيصل بشكل ممتاز ولا يستطيع فهم تخوف إنكلترا من صدم البلد انطلاقاً من منطق الحاجات بأن تكون مستعدة تقريباً لأي تضحية من أجل تجنب العداء مع فرنسا، وبالنتيجة بدرت شكوك غير مرئية عند الأمير فيصل بأنهم يبيعون العرب".[153]
وبغض النظر عن الفوائد التي حصلت عليها بريطانيا العظمى من الخلافات بين الحكومة الفرنسية والأمير فيصل، فقد ظهرت للإنكليز مصادر جديدة للقلق نتجت عن الأوضاع الجديدة التي ترتبت في الشرق الأوسط اعتباراً من ربيع 1919 بعد تأزم الأوضاع المفاجئ في مصر، وهي التي نعتبر أهم قلعة لبريطانيا العظمى في المنطقة. مما سبب مخاوف كثيرة للسلطات البريطانية نتجت عن احتمالات توحيد الحركة القومية المصرية، والفلسطينية، والسورية تحت شعارات المجددين العرب.[154] وعرض أللنبي مخاوفه في رسالته التي وجهها إلى فورين أوفيس بتاريخ 30/5/1919 وذكر فيها أن الأمير فيصل يمكنه إنهاض العرب ضد الإنكليز وضد الفرنسيين في حال عدم قدوم اللجنة.[155] وحذر الجنرال كلينتون، اللورد كيرزون الذي أدار عمليا فورين أوفيس أثناء غياب أ. بلفور في 1/6/1919، بأن تقسيم سورية العشوائي بدون أخذ تقرير اللجنة في الاعتبار سيثير في البلاد حالة من عدم الرضا.[156] وأظهر كليتون قلقاً خاصاً كغيره من الضباط الكبار البريطانيين حيال التصرفات الفرنسية غير المسؤولة، وخاصة تصرفات جورج بيكو بسبب قدوم اللجنة، ولهذا طلب من لندن السماح له بالتصريح العلني بأن المجلس الأعلى لأنتانتا يعير أهمية خاصة لمقترحات اللجنة. وحول كيرزون هذا الطلب إلى غراف أرتور جيمس بلفور، الذي أعطاه رداً واضحا، بأن الفرنسيين لا يوافقون على مثل هذا البيان.[157]
ولهذا لم يكن البريطانيون سعداء لوصول اللجنة وتوقعوا أن يكون ظهورها من العوامل المساعدة على تجنب حالة عدم الرضا العامة في الشرق الأوسط وأن تؤخر اتخاذ أي قرار حول أوضاع الأراضي العربية المحتلة. ورأي المؤرخ الأمريكي ب. هيلمريتش، أن الإنكليز كانوا يعرفون أن اللجنة في أي مكان ستتوقف فيه كان من الممكن أن تواجه روحاً معادية لبريطانيا، ولكن عداء السكان لفرنسا كان أقوى بكثير. ولهذا كان الإنكليز مقتنعين: بأن كل العرب عدا اللبنانيين كانوا أمام خيار اختيار الانتداب البريطاني بدلاً عن الانتداب الفرنسي. وأنه من الممكن أن يختار الكثيرون الانتداب الأمريكي، ولكن ويلسون استبعد بشكل واضح أية إمكانية لزيادة دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي. ولو أن النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة يمكن أن تكون غير مرضية لبريطانيا العظمى، ولكن تلك النتائج ستكون بالنسبة لفرنسا أسوأ بكثير. واعتقد أن غياب توقيع المندوبين البريطانيين على مثل ذلك التقرير يمكن أن تزيده قناعة بذلك.[158]أما الفرنسيون فلم ينتظروا من اللجنة أي شيء جيد وكانوا مستعدين لعدم الاستجابة لنتائج تقرير اللجنة، ولكن العرب وخاصة المسلمين رأوا في نتائج تقرير اللجنة الإمكانية الأخيرة للوصول إلى طريق السلام والاستقلال.
في الوقت الذي كانت فيه المنظمات الإنسانية والتعليمية الأمريكية قد بدأت حملة دعائية نشيطة في سورية، لعب فيها الصليب الأحمر الأمريكي، والكلية البروتستانتية السورية الدور الرئيسي. بينما كانت الوسيلة المباشرة للدعاية الأمريكية العصبة القومية السورية الجديدة، وقد حثت هذه المنظمة السوريين للسعي للحصول على الاستقلال الكامل، والاعتماد على "مساعدات" الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى وحيدة "ليست لها اهتمامات أو مصالح" في شؤون الشرق الأوسط.[159] ولم يعيق الإنكليز هذه الدعاية بل عل العكس كانوا يشجعونها،[160] تحقيقاً لفوائد إضافية لبريطانيا العظمى وللتأثير على الموقف الفرنسي الضعيف بحد ذاته. بينما توفرت معطيات تذكر أن فرنسا حاولت أن تدفع للإنكليز بنفس تلك العملة التي يدفعون بها، من خلال إقناعها الفلسطينيين العرب بأن فرنسا بعكس بريطانيا العظمى ليس لها علاقات بالمخططات الصهيونية، وأنها أكثر ملائمة كدولة منتدبة على فلسطين.[161]
ونزلت اللجنة الأمريكية المنتظرة في 10/6/1919 في ميناء حيفا الفلسطيني، وكانت برئاسة الدكتور هنري كينغ المتخصص في الشؤون الدينية، والتعليم، والفلسفة، وعضوية تشارلز كرين، من صناعيي شيكاغو، والعضو السابق في عام 1917م في البعثة الدبلوماسية الخاصة لويلسون في روسيا. ودخلت اللجنة التاريخ كلجنة كينغ – كرين. حتى أن ويلسون نفسه قال عن أعضاء اللجنة بأنهم "أعدوا جيداً للسفر إلى سورية، لدرجة أنهم لا يعرفون عنها أي شيء".[162] ورافقهم خمسة مستشارين، اعتبروا من المختصين في شؤون الشرق الأوسط. بينهم الكابتن وليام ييل، الذي مثل تريست "ستندارد ويل" لفترة طويلة في الشرق الأوسط.
وبدأت اللجنة عملها بزيارة فلسطين وانتقلت إلى دمشق في 26/6/1919، ومن ثم انتقلت إلى الجنوب، وزارت عمان ودرعا، وعادت إلى دمشق 2/7/1919، وبعد ذلك قامت بجولة شملت: بعلبك، وبيروت، وجبيل، وبكركي، وصيدا، وصور، وبعبدا، وزحلة، وطرابلس الشام، وإسكندرونة،[163] واللاذقية، وحمص، وحماه، وحلب، وأضنة، وطرسوس، ومرسين. ومن مرسين غادرت اللجنة إلى اسطنبول يوم 21/7/1919، وهكذا شملت زيارتها كافة الأراضي والمناطق المحتلة الأربعة، بما فيها لبنان، والمناطق الداخلية لسورية، وكليكية.[164] وشمل أسلوب عمل اللجنة جمع أكبر كمية ممكنة من مطالب السكان المحليين الشفهية والخطية وبشكل رئيسي من الشخصيات التي تتحدث باسم مجموعة سياسية أو دينية أو قومية أو قبلية أو عائلية. واعترف أعضاء اللجنة بتأثير الدعاية وشككت بالكثير من العرائض، واعتبروا أن مثل تلك الظواهر كانت متساوية من قبل كل الأطراف ومتشابهة مع بعضها البعض، وأن الاستنتاجات الأخيرة ستكون واقعية.
وعملت اللجنة في ظروف صعبة تصاعدت فيها حدة الأجواء السياسية. وكانت كل الجهات المعنية تحاول التأثير على الاستنتاجات التي ستتوصل إليها اللجنة عن طريق الدعاية و"الإمكانيات الإدارية"، والضغوط وتوجيه الوفود القادمة لمقابلة اللجنة. ولم تخرج الدعاية البريطانية من إطار المنطقة الجنوبية (فلسطين)، ولكن أنصار فيصل كانوا يدعون بنشاط "لبرنامج دمشق" في المناطق البريطانية والفرنسية. ولم يضع الإنكليز لهم أية عقبات، ولكن الفرنسيين حاولوا تحييدهم أو تجميدهم. أما الأمير فيصل نفسه فصرح بأنه لا فرق عنده بين الانتداب البريطاني أو الأمريكي، رغم أن أعضاء اللجنة عرفوا بشكل جيد توجهه الإنكليزي.[165] وكان مصدر الضغط الأكبر على السكان المحليين فرنسا. وبالإشارة إلى "الملاحق السرية" لتقرير اللجنة التي ذكرت أنهم أرهبوا وأخافوا وهددوا واشتروا الزعماء المحليين، ولم يسمحوا بمقابلة اللجنة للشخصيات غير المرغوبة من قبلهم، واستبدلوا أعضاء الوفود غير الموالين لهم بأنصارهم وحتى أنهم اعتقلوا خصوم الانتداب الفرنسي للحيلولة دون مقابلتهم للجنة.[166]
وأشار المعاصر الفرنسي غونتونت بيرون، إلى عكس ذلك وذكر أن الأفعال غير المقبولة كانت للإنكليز وحلفائهم العرب، الذين أجبروا السكان المحليين على التوقيع على أوراق بيضاء، وبعد ذلك كتبوا عليها العرائض. وأن الضباط الإنكليز الذي رافقوا اللجنة في فلسطين، أعطوا تعليماتهم لمقدمي العرائض، قبل أن يمثلوا أمام اللجنة،[167] وفي بعض المناطق العربية أخافوا السكان وهددوهم.[168] وحاولت السلطات العربية والبريطانية في حلب عدم السماح لوفد قبيلة "عنزة"[169] المؤيدة لفرنسا بمقابلة اللجنة، وكادت هذه الحادثة أن تتحول إلى خلاف كبير، ووصلت أخبارها إلى لندن وباريس. وشهد زعيمهم و11 شيخاً أمام اللجنة لصالح الانتداب الفرنسي، وتم اعتقالهم على الطريق من حلب إلى بيروت من قبل الإنكليز بتهمة التجسس لصالح القوميين الأتراك، وبتهمة "النهب على الطريق".[170] وتم اعتقال أنصار فرنسا أيضاً وخاصة بعض المنحدرين من المناطق التي تحتلها فرنسا في الشمال الإفريقي، وخاصة الجزائريين منهم.[171]
وجمعت اللجنة 1863 عريضة في المناطق الأربعة، منها 80 % تطالب بوحدة سورية الكبرى، و73 % تطالب بالاستقلال التام، و59 % أرادت أن تكون سورية مملكة ديمقراطية بقيادة الأمير فيصل. وطالبت بالانتداب الأجنبي بعض العرائض القليلة منها: الانتداب البريطاني 4.5 %، الانتداب الفرنسي 14.5 %، الانتداب الأمريكي 3 %. بينما أيدت في الوقت نفسه 57 % من العرائض "المساعدات" الأمريكية. وفي حال رفض الولايات المتحدة الأمريكية تقديم المساعدة 55 % من العرائض طلبت "المساعدة" من بريطانيا العظمى، وهو الاختيار الثاني. أما 60 % من العرائض فكان مضمونها معادي لفرنسا.[172] وتميزت مواقف المستفتين حسب مكان الإقامة، والدين، والانتماء القومي. وكان حلفاء فرنسا من بين السكان من الكاثوليك، والموارنة. وكان أكثر خصوم التدخل الفرنسي من المسلمين السنة. أما الجماعات الأرثوذكسية فقد انقسمت إلى: قسم يؤيد فرنسا، وقسم يؤيد الأمير فيصل وبريطانيا العظمى. أما جماعات الشيعة والدروز والعلويين والمتاولة[173] فكان همهم الحصول على منصب أو على الحكم الذاتي الخاص بكل منهم، وفي نفس الوقت حافظ الدروز على علاقاتهم التقليدية مع بريطانيا العظمى.[174] وخرجت مقترحات اللجنة ببعض الاستنتاجات البسيطة التي تقول بأن كل سورية بما فيها لبنان وفلسطين، يجب أن توضع تحت انتداب الدول العظمى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. وفي حال عدم إمكانية ذلك يجب أن يكون الانتداب لبريطانيا العظمى، ولكن ليس لفرنسا بأي حال من الأحوال، وإذا كانت المسألة السورية ستهدد علاقات فرنسا بالحلفاء، فعند ذلك يمكن منحها الانتداب على لبنان في حدود ما قبل الحرب، وهو ما لم توصي به اللجنة.[175]
وأعد الكابيتان ييل تقريره الخاص وكان رأيه مختلف تماماً عن رأي كينغ وكرين. فقد وصف الوضع في سورية على الشكل التالي: "البريطانيون يريدون الاحتفاظ بفلسطين، وهم راغبون بالسيطرة على سورية ولا يريدون رؤية الفرنسيين حتى في جبال لبنان، ولكنهم يفهمون أنه دون مقاطعة مكشوفة مع فرنسا لا يستطيعون إجبارها على الامتناع عن مطالبها، وكانوا سعداء لو أن الولايات المتحدة الأمريكية جاءت إلى هنا وأخذت سورية. هذا وقد شجع البريطانيون دعاية الشباب العرب ( the Young Arabs ) من أجل سورية موحدة ولو أن هذا قد يكلفهم فلسطين، كي يهيئوا الظروف التي تجبر الولايات المتحدة الأمريكية على تقبل الانتداب على سورية".[176]
وبغض النظر عن وجهة نظر السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية من تقرير اللجنة، فمن الواضح أن الأمريكيين لم تكن عندهم أية رغبة "باحتلال" أراض واسعة في الشرق الأوسط كما أشار بعض المؤرخين السوفييت خلال خمسينات القرن العشرين.[177] كينغ وكرين لم يقترحوا إرسال قطعات كبيرة من القوات الأمريكية إلى البلدان العربية. وكل ما توقعوه هو إرسال مستشارين وخبراء تقنيين للحكام المحليين. وحتى هذا ظل غامضاً بسبب الموقف الانعزالي في مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة الأمريكية.
أما بالنسبة لإنكلترا وفرنسا فكانت لجنة كينغ وكرين إلى حد ما أبدت تنازلاً "حسب الظروف" مع ضرورة الأخذ "بآراء السكان المحليين" بعين الاعتبار عند اتخاذ أي قرار حول النزاع على الأراضي المحتلة. ولهذا حاولتا بكل الطرق إيجاد الظروف المناسبة لهم أمام "الرأي العام". ولكن في الواقع كان حل المسألة السورية يجري بطريقة أخرى، وكاد تقرير اللجنة على ما يبدوا أن "يوضع على الرف"، لأن النتائج العملية لعمل اللجنة أدت إلى تأخير مسألة الأملاك التركية في المناطق العربية لبضعة أشهر من أجل تأجيج العداء ضد فرنسا في تلك الأراضي.
ومع نهاية تموز / يوليو 1919 بدأت الصحافة الفرنسية بشن حملة معادية لبريطانيا بسبب المسألة السورية. بدأت بمقالة الصحفي الشهير وأحد نشطاء "الحزب الاستعماري" روبير دي كي، في مجلة " Bulletin d'Asie Francaise " الصادر بتاريخ 26/7/1919، اتهم فيها إنكلترا بتشجيع الروح المعادية لفرنسا من قبل السلطة الشريفية (ويقصد بها حكومة الأمير فيصل) وتهيئة الظروف الاقتصادية المثلى لأنفسهم في سورية على حساب المصالح الفرنسية. وترددت في وقت لاحق نفس الاتهامات من قبل الصحيفة المؤثرة Le Temps.[178] وطالبت الصحافة الفرنسية بإرسال قوات فرنسية إلى سورية لتحل مكان القوات البريطانية. وفي نفس الوقت بدأ فورين أوفيس[179] بتسلم رسائل وتصريحات من وزارة الخارجية الفرنسية حول إدانات مشابهة للسياسة البريطانية في سورية. وفي 28/7/1919 تستلم غراف أرتور جيمس بلفور مثل هذه الرسالة من بيشون، وفي 1/8/1919 وأرسل كيرزون، لبلفور رسالة السفير الفرنسي ب. كامبون. وإلى جانب تكرار الإدانات القديمة اشتكى بيشون وكامبون من اعتقال السلطات البريطانية العرب المؤيدين لفرنسا وتسليح القطعات العسكرية الشريفية الجديدة في الحجاز.[180]
وكانت ردود الفعل البريطانية قاسية جداً حيث تم استدعاء سكرتير السفارة الفرنسية دي فليريو، إلى فورين أوفيس وتم إبلاغه، بأن بريطانيا العظمى كانت تساند المطالب الفرنسية في سورية دائماً، وأكثر من مرة رفضت الانتداب عليها. وأن فرنسا هي المسؤولة وحدها عما يجري وهو ما يعتبر غير ملائم، وأن مقاومة أللنبي لتبديل القوات البريطانية بقوات فرنسية تم شرحها في حينه بأنها فقط من أجل تجنب الصدام مع العرب. ومن الممكن بقاء بعض الضباط البريطانيين في أماكن تواجدهم إذا كانت عندهم قناعات غير معادية للفرنسيين. ومع ذلك استمرت الحملة المعادية لبريطانيا في الصحافة، حتى أنه ظهرت شكوك بأنها موجهة من قبل الحكومة الفرنسية. وأجاب دي فليريو بأنه لا لبيشون، ولا الحكومة أية علاقة بحملة الصحافة. وإذا كان العملاء البريطانيون في سورية لا يتقيدوا بسياسة الحكومة، فهذا يعني انه في باريس من الممكن وجود أشخاص يكتبون مقالات دون أن يأخذوا في اعتبارهم نصائح قادة الدولة.[181]
وبسرعة استقبل س. بيشون المبعوث البريطاني في باريس ج. غريم وكرر له كل ما سمعه دي فليريو في لندن. ورد بيشون: "ملفاتي مليئة بتقارير عن الدعاية المعادية لفرنسا، التي يقوم بها العملاء البريطانيون والسوريون، وأضاف أن هذه التقارير مفصلة بشكل كافي ومطابقة لبعضها البعض، حتى أنه من غير الممكن عدم تصديقها من قبل الحكومة الفرنسية". واخبر غريم بأنه وفق معلوماته الخاصة فإن القيادة البريطانية في سورية قلقة فقط من تجنب أية دعاية، ولفت نظر بيشون إلى حملة الصحافة. فرد بيشون بأن الصحافة تعكس الرأي العام فقط، والمسألة السورية أصبحت في فرنسا هامة إلى حد أن الحكومة "ستسقط" إذا تجاهلتها، وكان يجب على بريطانيا العظمى أن تقوم بخطوات لتلبية المطالب الفرنسية، إذا كانت مشاعر الصحافة الفرنسية لا تعجبهم.[182]
وحتى نهاية صيف عام 1919 بدأ الفرنسيون يفقدون صبرهم بسبب المماطلة البريطانية في حل المسألة السورية. ولوحظت خلافات في وجهات النظر في القيادة البريطانية. ولم يسارع كيرزون[183] لتقبل مطالب الحلفاء، ولكن بلفور كان مستعداً لهذا من أجل الحفاظ على أنتانتا. وفي قمة نشاط اللجنة الأمريكية 26/6/1919، قدم للمجلس اتفاق قصير مع مخطط جاهز لتوزيع الانتداب: فرنسا على سورية. بريطانيا العظمى على بلاد الرافدين، وفلسطين. الولايات المتحدة الأمريكية على أرمينيا. ومن الممكن إيطاليا على القوقاز. على أن يشمل الانتداب الفرنسي اسكندرونة، باستثناء كليكية، تجنباً لإثارة حقد الإيطاليين. ووافق كيرزون على المبادئ الرئيسية في الاتفاق واقترح عدم إعلانه قبل قرار كونغرس الولايات المتحدة الأمريكية حول الانتداب.[184] وفي 11/8/1919 قدم بلفور اتفاقية أكثر تفصيلاً حللت بالتفصيل وبالدقة المنطقية كل تاريخ المسألة العربية، وعن الوضع حول سورية كتب: "نفكر نحن أم لا في مبدأ أن نأخذ في الاعتبار مطالب السكان ؟ نحن لا نفكر في أي شيء من هذا القبيل. وانطلاقاً من الرأي المشترك، هناك فقط الانتدابات الممكنة، إنكلترا، أمريكا، وفرنسا. .. إنكلترا رفضت. أمريكا ستمتنع. وهكذا ومهما كانت رغبات السكان، فهم من دون أي شك سيحصلون على فرنسا. وهم بحرية يمكنهم أن يختاروا ، ولكن عملياً لا يوجد أي اختيار". وفي هذه الظروف اقترح غراف أرتور جيمس بلفور المخطط التالي: الحفاظ على المبادئ الرئيسية لاتفاقية سايكس بيكو المجال الفرنسي حول سورية والمجال البريطاني حول الفرات ودجلة، "الوطن القومي" لليهود في فلسطين؛ إقامة دولة عربية في الشرق الأوسط تحت سيطرة الانتداب ولكن دون الاحتكار الاقتصادي للدول المنتدبة مكان أماكن السيطرة التامة للدول العظمى المشار إليها في المناطق "الحمراء" و"الزرقاء"؛ وحل مسألة كليكية سيكون وفق مصير الانتداب على أرمينيا ومطالب إيطاليا؛ وضم الموصل للمنطقة البريطانية.[185]
وعندما اقتنع الأمير فيصل بعدم إمكانية التوصل لأية نتائج عملية من عمل اللجنة الأمريكية بدأت تساوره الشكوك. وأخبر لورنس في 15/7/1919 بلفور بأنه تسلم رسالة من فيصل يخبره فيها عن نيته السفر إلى باريس.[186] وفي 17/7/1919 ترددت أخبار عن أن فيصل كان مستعداً للبدء بالاستعدادات العسكرية في حال إلغاء سفره إلى أوروبا أو تأجيلها لأسباب غير مبررة.[187] وطلب بلفور من أللنبي إعلام الأمير فيصل بأنه ليست هناك ضرورة لسفره إلى باريس قبل أيلول / سبتمبر، لأنه لن يتم إقرار أي شيء قبل ذلك التاريخ. وفي 21/7/1919 كتب كيرزون، لبلفور يخبره عن أوضاع العسكريين: الجنرال كلينتون وكورنوليس يعتبران، أن سفر فيصل إلى باريس سيؤدي إلى حدوث صعوبات جديدة، ويجب أن تتم دعوته من أجل التعرف على القرار النهائي لأنتانتا فقط. [188] وساند أللنبي طلب الأمير فيصل بمواجهة فرنسا. أما كيرزون فقد اقترح "إبقاء هذا الوضع على ما عليه حالياً وإلقاء تبعة الرفض على فرنسا".
وفي آب / أغسطس 1919 ومن أجل أن يتثبت الوجود الفرنسي في سورية وكليكيا قرر جورج بنيامين كليمنصو استغلال المسألة الأرمينية. لأن الإنكليز بدءوا بسحب قواتهم من القوقاز،[189] واخبر كلا من المفوض الأعلى للحلفاء في داشناق أرمينيا، والضابط الأمريكي هسكيل في باريس عن الوضع البائس وطلب إرسال قوات اتحادية من اجل تأمين أمن الأرمن وضمان وصول المساعدات لهم. ولرفض إرسال قوات إلى أرمينيا استند جورج بنيامين كليمنصو على أن الإنكليز لم يسمحوا بدخول فرنسا إلى آسيا الصغرى. وعندما أعرب غراف أرتور جيمس بلفور عن استعداده لإعطاء موافقته على الحملة الفرنسية، ورد جورج بنيامين كليمنصو بأنه "مضطر" لدراسة هذه المسألة وإعطاء الأمر اللازم لوزارة الحرب. وخلال بضعة أيام أعلن عن استعداده لإرسال 12000 جندي بشرط الحصول على مساعدة ومساندة بريطانيا. وأن القوات يجب أن تنزل في موانئ كليكيا، وأضنة، ومرسين، وأن تتوجه إلى أرمينيا عبر أنتاليا.[190] ووعد غراف أرتور جيمس بلفور ببذل كل الجهود الممكنة، دون أن ينتبه إلى أن توجه الحملة إلى القوقاز كان من الأفضل أن تستخدم ميناء باطومي، وأرسل عدة طلبات إلى عدة إدارات في لندن لتقديم المساعدة والدعم لخطة فرنسا. ولكن مجلس الوزراء البريطاني تلقى هذه الفكرة دون حماس.[191] ، وتوقع المفوض الأعلى البريطاني ر. دي روبيك في اسطنبول من خلال برقية أرسلها لكريزون بأن الفرنسيين فقط يريدون تعزيز قواتهم في كليكيا، وبعد ذلك الامتناع عن الحملة على أرمينيا.[192]
وفي أيلول / سبتمبر 1919 وصل ديفيد لويد جورج إلى فرنسا للتوقيع على اتفاق سان جيرمان مع النمسا. وفي 9/9/1919 سلمه أللنبي رسالة الأمير فيصل، التي كانت "صيحة يأس" حقيقية، ذكر فيها الأمير فيصل الوزير الأول بمساعدة العرب للإنكليز أثناء الحرب وحذره من أن تقسيم الأرض العربية بين المنتدبين من دون أخذ رغبات السكان المحليين بعين الاعتبار، ستستدعي الغضب العام وضياع الثقة تماماً بكل الحلفاء. والأكثر من ذلك أن مثل هذا القرار سيثير "انتفاضة عامة" في العالم الإسلامي قد تهدد أساس الإمبراطورية البريطانية. وأن بريطانيا العظمى لا يجب أن تقدم على مثل هذه المخاطر من أجل مصالح "الأحزاب التجارية المغامرة في بعض الدول الأخرى". وأصر الأمير فيصل على سفره العاجل إلى لندن من أجل المشاركة في اتخاذ القرار النهائي. وذكر أنه يقف أمام خيار: ضمان شعبه ووحدة البلاد، أو "غسل يديه"، وترك البلاد في حالة من الفوضى.[193]
وفي نفس اليوم 9/9/1919 وخلال اللقاء الذي عقده الوزير الأول مع أللنبي، اللورد وحافظ أختام ورئيس مجلس النواب إيه. وبونار لو، والمدير التنفيذي لشركة Anglo – Persian Oil ف. بليك، وعدد من ضباط القيادة العامة تم اتخاذ قرار مبدئي يقضي بانسحاب القوات البريطانية من سورية وكليكيا.[194] وفي 11/9/1919 أرسل ديفيد لويد جورج برقية قصيرة للأمير فيصل تدعوه للقدوم إلى باريس.[195] وفي نفس الوقت أرسل رسالة لجورج بنيامين كليمنصو يخبره فيها عن أسباب تأخر إعداد اتفاقية السلام مع تركيا، لأن بريطانيا العظمى لا يمكنها الإنفاق على جيش مؤلف من 400 ألف جندي مرابط في الإمبراطورية العثمانية، وهي مضطرة إلى سحب قواتها من العديد من الأراضي. ولهذا اقترح ديفيد لويد جورج مناقشة الاقتراح البريطاني حول هذا الموضوع وأخبره عن دعوة الأمير فيصل إلى باريس، مشيراً للوعد الذي قطعته الذي قطعته الحكومتان على نفسهما بالسماح للأمي فيصل بحضور المناقشات لاتخاذ قرار حول سورية. "ولما كان من الممكن أنه لن يلحق الحضور إلى باريس قبل الثلاثاء 16/9/1919 يوم سفر ديفيد لويد جورج إلى لندن، لهذا آمل أنكم لا تعارضون زيارته لي في لندن".[196] وفي رده أشار جورج بنيامين كليمنصو إلى أن المسألة السورية يجب أن تبحث مع غيرها من المسائل المتعلقة بالقضاء على الإمبراطورية العثمانية بما فيها اسطنبول، وآسيا الصغرى، وبلاد الرافدين. وكرر التذكير بقراره إرسال 12000 جندي إلى أرمينيا عبر كليكيا، وموافقة غراف أرتور جيمس بلفور على ذلك، وعبر عن أمله بالحصول على الموافقة الرسمية لبريطانيا العظمى على ذلك. واعتبر جورج بنيامين كليمنصو أن موضوع تبديل القوات البريطانية في سورية يجب أن يحل بين الحكومتين فقط، ولهذا اعتبر حضور الأمير فيصل دون فائدة.[197]
وفي 13/9/1919 قدم ديفيد لويد جورج بياناً لجورج بنيامين كليمنصو توافق بموجبه الحكومة البريطانية على نزول القوات الفرنسية في مرسين واسكندرونة لمساعدة "الشعب الأرميني". ولكن لم يشر البيان عن أي أرمن تحديداً يقصد كليكية أم القوقاز. في نفس البيان تمت الإشارة إلى الإسراع بسحب القوات البريطانية من كليكية والذي بدأ فعلاً في 1/11/1919 من سورية ولبنان ومن الساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط وتوقع وضعها بالكامل تحت سيطرة القوات الفرنسية، ووضع المناطق الداخلية في سورية تحت سيطرة القوات العربية للأمير فيصل. واقترح أن يوافق الفرنسيون على مد الحكومة البريطانية بخط للسكك الحديدية وأنابيب للنفط من حيفا إلى بلاد الرافدين عبر أراضي الدولة العربية الواقعة تحت الانتداب الفرنسي "وفق مبادئ اتفاقية سايكس بيكو".[198]
وفي 15/9/1919 بدأت المباحثات حول المسألة الشرقية بين ديفيد لويد جورج، وجورج بنيامين كليمنصو. وفي بداية اليوم وصل خبر وصول الأمير فيصل السريع إلى مرسيليا. فأعطى كليمنصو أوامره لإرساله مباشرة إلى كال، حيث يجب أن يركب السفينة إلى إنكلترا. ولم يعارض الوزير الأول البريطاني ذلك.[199] وصرح ديفيد لويد جورج بأن موضوع توزيع الانتداب لم يحن موعد مناقشته بعد لأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحدد موقفها بعد. ويمكن التحدث فقط عن الاحتلال العسكري لبعض الأراضي على أساس البيان الذي قدمه. وكرد على ذلك أعلن جورج بنيامين كليمنصو أن عدة أسابيع قبل إعلان القرار الأمريكي المتوقع لا يمكن أن تغير شيئاً، لأن إقامة دولة عربية يحتاج لوقت طويل، وهو مستعد فوراً لإرسال قوات إلى سورية وكليكية ولكن هذا لا يعني القبول بكل ما قدمه ديفيد لويد جورج. وبعبارة أخرى لاحت الفرصة لجورج بنيامين كليمنصو لاحتلال سورية وكليكية من دون التزامات إضافية، ورفض جورج بنيامين كليمنصو خطة مساعدة الأرمن. فأكد ديفيد لويد جورج لزميله الفرنسي بأن احتلال كليكيا وجزء من سورية لا تفرض على فرنسا أي التزامات، بعد أن وقعت "اتفاقية مؤقتة عن الاحتلال العسكري الفرنسي لكليكيا وجزء من سورية في انتظار القرار المتعلق بالانتداب".[200] وأصبحت نقطة التحول في حل المسألة السورية. وأصبحت كليكيا والشاطئ السوري الآنde fsacto تحت السيطرة الفرنسية، وغسلت بريطانيا العظمى يديها وببساطة من كل ما يتعلق بتلك الأراضي.
وأثبتت الأحداث التالية أن مسألة تقسيم الأراضي العربية عملياً كان محلولاً من قبل الدول العظمى في أيلول / سبتمبر، وكان موضوع بسط السيادة الفرنسية على المناطق الداخلية مسألة وقت لا أكثر. ولم يجد الأمير فيصل مساندة من لندن، ولهذا كان مضطراً في كانون ثاني / يناير 1920 لعقد اتفاقية مجحفة مع فرنسا، حولت سورية عملياً إلى دولة تابعة لفرنسا. وفي المؤتمر الذي بدأ أعماله في لندن بعد ذلك كانت الشروط المعدة لاتفاقية السلام مع الإمبراطورية العثمانية، تشير إلى المسألة السورية وكأنها قد حلت ولم يسأل أحد عن حق فرنسا بالانتداب على سورية. ومع ذلك اقتنع الأمير فيصل عند عودته إلى دمشق بعدم إمكانية تنفيذ الاتفاقية التي وقعها مع فرنسا بسبب تصاعد الروح المعادية لفرنسا في البلاد، وبسبب البدء باستبدال القوات البريطانية بقوات فرنسية. وكان مضطراً "للسباحة مع التيار"، وقرر الأمير فيصل نسيان اتفاقية كانون ثاني / يناير ودعا مرة أخرى لانعقاد المؤتمر السوري العام، المؤتمر الذي أعلنه في 8/3/1920 ملكاً على سورية المستقلة.[201] مما أجبر الأمير فيصل على إحراق كل الجسور التي كانت تربطه بدول أنتانتا. فأطلقت المخالفة العلنية للملك فيصل لاتفاقية كانون ثاني / يناير أيدي الفرنسيين اللذين أصبحوا ينتظرون القرار الرسمي لمؤتمر السلام حول الانتداب فقط. وعندما انتقل اجتماع المجلس الأعلى لأنتانتا إلى سان ريمو من 18 وحتى 26/4/1920، لم يظهر حول موضوع الانتداب أية خلافات تذكر. ووطدت فرنسا من وجودها في سورية ولبنان، وإنكلترا في بلاد الرافدين، وفلسطين. مما أثار عاصفة لاهبة من الغضب في دمشق تبشر بحتمية الصدام العسكري المكشوف بين الحكومة السورية وفرنسا. وانتظر القائد العام للقوات الفرنسية الجنرال غورو[202] الذريعة المناسبة، واستخدم من أجلها الاتصالات التي كانت جارية من وراء الكواليس بين أنصار الملك فيصل وبعض ممثلي مجلس الحكم الإداري في لبنان، ووجه الإنذارات القاسية الواحد وراء الآخر لحكومة الملك فيصل، ولو أن حكومة الملك فيصل قبلت الإنذارات، إلا أن غورو تظاهر بأنه لم يستلم الرد في الوقت المحدد، وبعد مواجهة مع القوات العربية غير المؤهلة بقيادة وزير الدفاع في الحكومة العربية يوسف العظمة بالقرب من قرية خان ميسلون[203] دخلت القوات الفرنسية دمشق في 25/7/1920 وغادرها الملك فيصل إلى حيفا، وشكل الفرنسيون حكومة جديدة تابعة لهم في دمشق ، لتقع سورية نهائياً تحت الانتداب الفرنسي.[204] وبعد شهر ونصف في 1/9/1920 احتفل غورو في بيروت بإعلان إقامة لبنان الكبير تحت الانتداب الفرنسي في حدوده الموسعة.
وبذلك انتهت القضية السورية كقضية دولية[205] وتحولت إلى شأن داخلي فرنسي. وتطلب موضوع تثبيت الأوضاع في سورية لصالح فرنسا وقتاً طويلاً استمر لأكثر من سنة ونصف كانت خلالها المشكلة السورية واحدة من أوائل المشاكل التي لعبت دوراً كبيراً في انشقاق العلاقات الخارجية لفرنسا وبريطانيا العظمى الحليفين الرئيسيين في أنتانتا.
وكان هدف فرنسا الوحيد آنذاك التثبت في سورية بأي ثمن. بينما كانت سياسة بريطانيا العظمى تحددها ظاهرتين الأولى تتعلق بالمسؤولين في مجلس وزراء بريطانيا العظمى وفورين أوفيس اللذان من البداية فهموا أن سورية عاجلاً أم آجلاً ستصبح فرنسية. ومع ذلك عملوا على خلق الصعوبات أمام تثبت فرنسا في سورية، ومن أجل إضعاف اهتمامها بالمسائل الأوروبية الهامة، وللحصول على تأييد فرنسا في أجزاء أخرى من الإمبراطورية العثمانية. وكان الملك فيصل الوسيلة المثالية لتحقيق مثل تلك الأهداف، ولو أنه لم يكن لعبة في أيدي البريطانيين بل كان يأمل بصدق في أن يصبح بمساعدة بريطانيا العظمى على رأس الدولة العربية. ولكن حتى أيلول / سبتمبر 1919، حاول الإنكليز لعب دور "الوسيط الخاص" بين الملك فيصل وفرنسا ولكنهم وجدوا أنفسهم أمام حقيقة إجراء خيار، واختاروا فرنسا لأن التحالف معها كان هاماً جداً، وليس من المعقول التضحية بهم من أجل أمير عربي وأنصاره، وكان ذلك الأمير من دون المساندة البريطانية مجرداً من القوة تماماً، خاصة وأن الفرنسيين منذ البداية حصلوا وببساطة على توقيعه على الشروط التي أملوها عليه أولاً ومن ثم طردوه من دمشق. وبعد سنة ذكر وزير المستعمرات ونستون تشرتشل أن مصير حكومة الملك فيصل لقيت في إنكلترا المشاعر "وتحولت إلى مصدر عميق للألم عند السياسيين والعسكريين الذين كانت لهم علاقات معها. ولكن لنا علاقات قوية مع فرنسا ويجب علينا أن نكن لهم الاحترام، خاصة وأننا لا نستطع أن نفعل شيئاً من أجل مساعدة العرب في هذا الاتجاه".[206]
ولكن مشاعر الكثيرين من الضباط البريطانيين المتمركزين في المواقع التي قاتلوا منها مع العرب ضد الأتراك دون مشاركة فعلية من فرنسا، كانت ترفض أي مطالب لفرنسا في هذه الأراضي. ومع ذلك لم يستطيعوا فهم حساسيات الدبلوماسية الأوروبية، وأن حقيقة احتلال سوريا من قبل القوات البريطانية بالنسبة لهم كان أساساً كافياً لتثبيت التأثير البريطاني فيها. وكان سلوك أولئك الضباط في سورية كأصحابها، وكانوا بكل الوسائل يحاولون إضعاف مركز الممثلين الفرنسيين، ويخلقون العقبات للفرنسيين في النشاطات التجارية والسياسية وحتى الإنسانية الخيرية، وكانوا بالنسبة للسكان المحليين الأمل في إضعاف فرنسا وعدم تمكينها من التثبت في سورية أبداً.
وكانت الخلافات الإنكليزية الفرنسية حول سورية مجرد بداية لخلافات بين المتحالفين. ولكن المسألة التركية والمسألة الألمانية أعطت المزيد من الأسباب لزيادة الخلافات. وبدأت منذ ذلك الوقت تظهر ملامح العلاقات الإنكليزية الفرنسية الهامة وكأنها في مرحلة بين حربين، وأضحت العلاقة تجمع بين مظاهر حب الصداقة والتأكيد على الوفاء للتحالف وإخفاء الصراعات القاسية في الكثير من المسائل الهامة. ومع ذلك كانت مبادرات 1919-1920 من دون شك لإنكلترا. ولهذا لم تصل تلك الصراعات الخفية إلى حد القطيعة، لأن الدولتين العظميين كانتا مهتمتين في الحفاظ على وضعهما القيادي في النظام الجديد للعلاقات الدولية، والتي كانت غير ممكنة في حال انهيار الأنتانتا.
وكما سبق وأشرنا فإن بريطانيا العظمى سبق وأعلنت نيتها سحب جنودها من المناطق المحتلة، وتسريحهم من الخدمة العسكرية رغبة منها في خفض نفقات تلك القوات. وما أن سحبت قواتها من العراق حتى اشتعلت ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1920، مما اضطرها لإعادة قواتها إلى هناك لإخماد الثورة. وبقيت أمام مطالب دافعي الضرائب البريطانيين التي تطالب بسحب القوات البريطانية من العراق وفلسطين. ولهذا عهدت الحكومة البريطانية بهذه المهمة الصعبة لوزير المستعمرات آنذاك ونستون تشرتشل، الذي أحدث لهذه الغاية "دائرة الشرق الأوسط". وفي عام 1921 دعى لعقد مؤتمر القاهرة الذي ضم الخبراء البريطانيين في شؤون الشرق الأوسط الذين خرجوا بمقررات تشمل مستقبل العراق وشرق الأردن وفلسطين؛ ونقل مهمة حفظ الأمن والنظام في الشرق الأوسط من وزارة الحربية إلى وزارة الطيران، بموجب اقتراح لورنس، الذي اقترح إيجاد قوة جوية صغيرة تدعمها بضعة سيارات مصفحة تقوم بمهمة قوات الاحتلال. ولكن سرعان ما أثبتت هذه القوة عجزها عن تحقيق الأمن والاستقرار، ووجدت إدارة الاحتلال في فلسطين نفسها عاجزة عن مواجهة الحركة العربية عام 1929، واضطرت لطلب النجدة التي وصلتها من الدول المجاورة.
وبدأ كفاح العرب ضد حلفائهم السابقين، بعد أن تلاشت أحلامهم بالاستقلال التام التي عقدوها على الوعود التي أعطتها لهم بريطانيا العظمى للتخلص من الحكم العثماني التركي. وأخذ العرب يطالبون بالشعارات البراقة، من الحرية والديمقراطية وحق تقرير المصير التي غذاهم بها الحلفاء أثناء حربهم ضد العثمانيين الأتراك كما ذكر السفير البريطاني السابق في إيران. فحصلت العراق على استقلال شكلي، وتابعت بريطانيا التزامها بإقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين. ولم تخف بعض الصحف البريطانية بأن دعم إقامة حكومة عربية في دمشق كان الهدف منها رغبة الحكومة البريطانية الالتفاف على المصالح الفرنسية لتحقيق أهداف الصهيونية ليس في فلسطين وحسب، بل وفي سورية أيضاً. [207]
وشرعت فرنسا بتثبيت احتلالها لسورية ولبنان، بعد أن حققت مشروعها بفصل لبنان عن سورية. وواجهت الثورات المتلاحقة للشعب السوري ضد الاحتلال، وأشهرها الثورة السورية الكبرى عام 1927.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد طالبت أن يكون لها نفس الحقوق الممنوحة للدول الأعضاء في عصبة الأمم في مناطق الانتداب فئة (A). وحصلت الولايات المتحدة على تلك الحقوق، وطالبت بنشر مسودة نصوص الانتداب قبل إقرارها من قبل عصبة الأمم. وساندت انتداب بريطانيا على فلسطين رغبة منها في إنهاء المشكلة اليهودية لدوافع دينية وسياسية. واشترطت نقل ربع أسهم شركات النفط في بغداد والموصل إلى شركات النفط الأمريكية قبل الموافقة على انتداب بريطانيا على العراق. وهكذا بدأ عهد التدخل الأمريكي في أعمال شركات النفط في الشرق الأوسط. وقد تطورت نسبة مساهمة الشركات الأمريكية في امتيازات النفط في الشرق الأوسط خلال بضعة سنوات من 25 % إلى 100 %.
بينما اختفت روسيا السوفييتية من ساحة الشرق الأوسط، ولم يكن لها تمثيل سياسي سوى مع المملكة العربية السعودية واليمن، وسرعان ما أغلقت تلك القنصليتين السوفييتيتين عام 1938. وأعادت روسيا السوفييتية المناطق التي احتلتها روسيا القيصرية عام 1878 إلى تركيا، وسحبت قواتها من إيران بعد توقيع معاهدة عام 1921.
الخاتمة
وهكذا حققت السياسة البريطانية المعروفة بسياسة "فرق تسد" من خلال استغلال فخ الدوافع القومية عند العرب، وسلخهم عن الدولة العثمانية أولاً، ومن ثم تجزئة العرب لدويلات صغيرة تحت غطاء عصبة الأمم التي منحت الدول المنتصرة صكوك الانتداب. وفرضت عليهم الحدود السياسية، وجوازات السفر، وتأشيرات الدخول، والرسوم الجمركية .. الخ. وأخيراً أوحت إليهم بفكرة الجامعة العربية، وتركت مهمة تحقيقها للحكومات العربية الحليفة لبريطانيا العظمى آنذاك الحكومات التي تقاربت مواقفها لمواجهة أهداف الصهيونية العالمية. وحققت بريطانيا العظمى أهدافها من الجامعة العربية كاملة، من تثبيت الحدود السياسية وإلهاء الحكومات العربية في صراعات لا تنتهي، وصرفت أنظارهم عن القضايا الاقتصادية الملحة للعرب، وحولته نحو الصراع الذي أوجدته ولم ينتهي مع الصهيونية العالمية حتى اليوم. ولم يكتشف العرب الخديعة الكبرى التي بدأتها بريطانيا العظمى "صديقة العرب" منذ احتلالها لمصر عام 1831، وتركيزها وتشجيعها على تشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وحتى أنها عهدت لأول قنصل بريطاني يعين في القدس عام 1838 بمهمة حماية اليهود الموجودين في فلسطين مهما كانت أصولهم، وساعدت ودعمت المشاريع الاستيطانية التي كان يغذيها السير موزس مونتفيور Sir Moses Montefiore والبارون أدموند دي روتشلد Baron Edmond de Rothechild من أجل مضاعفة عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين. تحقيقاً لما أعلنه الدكتور حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية عن الوطن القومي لليهود أمام مؤتمر فرساي بأن "فلسطين يهودية، كما إنكلترة إنكليزية". في الوقت الذي كان فيه المؤتمر السوري العام يعلن وهو ينتخب الأمير فيصل ملكاً على سورية الطبيعية معارضته الشديدة للهجرة اليهودية إلى أي جزء من سورية وخاصة فلسطين.[208]
وهكذا نرى أنه وعلى الرغم من مرور 100 عاماً على أنتانته اتفاقية من القلب، نرى أن التعاون البريطاني الفرنسي لم يزل ضرورياً لإرساء الاستقرار ليس في أوروبا وحسب كما ذكر رئيس الوزراء البريطاني خلال لقاء القمة البريطاني الفرنسي السابع والعشرين الذي عقد في لندن خلال نوفمبر 2004 فقط، بل وفي المستعمرات البريطانية الفرنسية السابقة في العالم.
المراجع المستخدمة في البحث
1) أخبار وزارة الخارجية. العدد 4/1914. (باللغة الروسية)
2) أخبار القيادة العسكرية في القوقاز. العدد 19/1907. (باللغة الروسية)
3) آداموف أليكساندر: موسم التمور عام 1902 في البصرة (تقارير القنصل الروسي في البصرة)، س ك د، 1903. الإصدار الرابع. (باللغة الروسية)
4) آداموف أليكساندر: الملاحة النهرية في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. (باللغة الروسية)
5) آداموف أليكساندر: العراق العربي. ولاية البصرة سابقها وحاضرها. س ب ب، 1912. (باللغة الروسية)
6) أرشيف بولكوفنيك هاوزا. موسكو: 1944. (باللغة الروسية)
7) أليتوفسكي س.ن.: المسألة الزراعية في العراق المعاصر. موسكو: 1966. (باللغة الروسية)
8) أفيريانوف: تقرير إتنوغرافي وعسكري وسياسي لأملاك الإمبراطورية العثمانية في آسيا. إس بي بي، 1912. (باللغة الروسية)
9) أوغاغين هوبيرت: مقالات عن الطبيعة والزراعة في سورية وفلسطين. ترجمت من الألمانية إلى الروسية تحت إشراف بروتكيسا يو.د.، بطرسبرغ، 1918. (باللغة الروسية)
10) إينوزيمتسوف ن.ن.: سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في عصر الإمبريالية. موسكو: 1960. (باللغة الروسية)
11) بازيلي ك.م.: سورية وفلسطين الحكم التركي من النواحي التاريخية والسياسية. موسكو. 1962. (باللغة الروسية)
12) البرازي، د.نوري خليل: البداوة والاستقرار في العراق. القاهرة: 1969.
13) برتسكيس ب. د.: المركز القومي اليهودي في فلسطين. دراسة اجتماعية سياسية. بطرس بورغ: 1919. (باللغة الروسية)
14) بروكس، مايكل: النفط والسياسة الخارجية. موسكو: 1949. (باللغة الروسية)
15) بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956.
16) بوتسخفيريا ب.م.: اللجنة الأمريكية في تركيا عام 1919 // ملاحظات علمية، معهد الاستشراق، أكاديمية العلوم السوفييتية. الإصدار 17. موسكو، 1959. (باللغة الروسية)
17) بوندراريفسكي غ.: السياسة البريطانية والعلاقات الدولية في حوض الخليج (نهاية القرن التاسع وبداية القرن العشرين). موسكو، 1968. (باللغة الروسية)
18) بيزأبرازوف ب.: الاستعمار والدعاية الاستعمارية في فلسطين في السنوات الأخيرة. س ي ب ب و، 1908، المجلد XIX. (باللغة الروسية)
19) التاريخ الحديث لتركيا. موسكو: 1968. (باللغة الروسية)
20) توتل اليسوعي فرديناند: وثائق تاريخية عن حلب أخذاً عن دفاتر الأخويات وغيرها // مجلة المشرق 1948 / 1949.
21) جيلتياكوف أ.: الصحافة في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في تركيا (1729-1908). موسكو: 1972. (باللغة الروسية)
22) الداوود، د. محمود علي: محاضرات عن الخليج العربي والعلاقات الدولية 1890 – 1914. القاهرة: 1961.
23) دروجينينا يي.ي.: سلام كيوتشوك كايناردجا عام 1774م (التحضير والتوقيع). موسكو: 1955. (باللغة الروسية)
24) رانشيسكي ف. ب.: المجتمعات المسيحية في سورية قبل الانتداب الفرنسي // الدين، والوضع الفكري، الإيديولوجيا والتاريخ. بريانسك، 1996. (باللغة الروسية)
25) روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. (باللغة الروسية)
26) شبيلكوفا ف.ي.: المسألة التركية في مؤتمر باريس للسلام 1919 // ملاحظات علمية، معهد ف.إ. لينين للمعلمين بموسكو. الجزء 109. الإصدار السادس. موسكو، 1957. (باللغة الروسية)
27) شتيبات، فريتس Fritz Steppat: بدايات العصر الحديث في الشرق الأدنى، آفاق جديد أمام المؤرخين // مجلة الأبحاث، السنة 20، ج 1، آذار 1967. (باللغة الروسية)
28) شولتسيه إ.: الصراع حول نفط فارس وبلاد الرافدين. موسكو: 1924. (باللغة الروسية)
29) غاتاأولين م. ف.: العلاقات الزراعية في سورية. موسكو: 1957. (باللغة الروسية)
30) غراسيموف و.: النفط العراقي. موسكو: 1969. (باللغة الروسية)
31) فاسيلي أ.: تاريخ العربية السعودية. موسكو: دار التقدم، 1986.
32) فخري، د. أحمد: اليمن، ماضيها وحاضرها. القاهرة: 1957.
33) الفواز د. كليب سعود: المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين بن علي والعثمانيين 1908 - 1918. عمان: المطابع العسكرية 1997.
34) فومين أ.م.: سورية ولبنان في العلاقات البريطانية الفرنسية (1918 – 1920).موسكو: الشرق، 2/2003. (باللغة الروسية)
35) فومين ا.م.: العامل الديني في سياسة الدول العظمى في سورية ولبنان في عام 1918-1920 // طريق الشرق. مواد المؤتمر العلمي الرابع للشباب في مشاكل الفلسفة، والثقافة، والدين في الشرق. سلسلة "سيمبوزيوم ". الإصدار، 10. س ب ب.، 2001. (باللغة الروسية)
36) فولني ك.ف.: رحلة فولني إلى سورية ومصر خلال 1783-1784 و1785. ترجمة عن الألمانية. جزأين. موسكو: 1791. (باللغة الروسية)
37) القاموس الدبلوماسي. المحرر الرئيسي: أندريه غروميكو. في 3 أجزاء. موسكو: ناووكا، 1986. (باللغة الروسية)
38) كايزر ج.: أوروبا وتركيا الجديدة. موسكو: 1925. (باللغة الروسية)
39) كريمسكي أ.: الإسلام ومستقبله. ماضي الإسلام، والوضع المعاصر للشعوب الإسلامية، وقدراتهم الفكرية، وعلاقتهم بالحضارة الأوروبية. موسكو، 1899. (باللغة الروسية)
40) كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981.
41) كلوتشنيكوف يو.ف.، سابانين أ.ف.: السياسة الدولية للوقت الجديد في الاتفاقيات، والمراسلات، والوثائق. القسم 2، موسكو: 1924. (باللغة الروسية)
42) كلوتنيكوف يو. ف.، سابانين أ. ف.: السياسة الدولية. ج. 2. (باللغة الروسية)
43) لازارييف م.س.: انهيار الدولة التركية في الشرق العربي، 1914-1918. موسكو: 1960. (باللغة الروسية)
44) لوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو: 1965. (باللغة الروسية)
45) لوتسكي ف.ب.: المسألة العربية والدول المنتصرة أثناء مؤتمر باريس للسلام (1918-1919) // الدول العربية. تاريخ. اقتصاد. موسكو، 1966. (باللغة الروسية)
46) لوتسكي ف.ب.: حرب التحرير الوطنية في سورية (1925-1927). موسكو، 1964. (باللغة الروسية)
47) لويد جورج ديفيد: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. (باللغة الروسية)
48) لويد جورج ديفيد: فهرس المؤلفات. (باللغة الروسية)
49) لينين فلاديمير إيليتش: نهاية الحرب التركية الإيطالية. ج22. (باللغة الروسية)
50) مصطفى كمال: طريق تركيا الجديدة، 1919-1927. موسكو: 1929. (باللغة الروسية)
51) ميللر أ.ف.: مقالات في التاريخ تركيا الحديث. موسكو، ليننغراد: 1948. (باللغة الروسية)
52) الموسوعة السوفييتية الكبيرة. في ثلاثين جزءاً. المحرر الرئيسي: ا.م. بروخوروف. موسكو: سفيتسكايا إنسيكلوبيديا، 1978. (باللغة الروسية)
53) المنجد في الأعلام. الطبعة 11. بيروت: دار المشرق، 1981.
54) نوفيتشيف أ.د.: دراسات في اقتصاد تركيا حتى الحرب العالمية. موسكو/ليننغراد: 1937. (باللغة الروسية)
55) نيكولسون غ.: كيف صنع السلام عام 1919. موسكو: 1945. (باللغة الروسية).
56) Baedeker Karl. Palestine and Syria. With Routes through Mesopotamia and Babilonia and Island of Cyprus. Handbook for Travelers, Leipzig ete, 1912.
57) British White Paper. Cmd. 1785, L., 1922.
58) Bein Alex. The History of Jewish Agricultural Settlement in Palestine, Jerusalem, (b.g.).
59) Combon P. Correspondence. 1870-1924. P., 1946.
60) Coke Richard. Baghdad, the City of Peace, London, 1927.
61) Conference of 1919 – 1920. Columbus (Ohio) 1974.
62) “Das Turkiche Reich”, - Kurse fur Internationale Privatwirtschaft (Lander-Reiche), Hf I, Berlin, 1918.
63) De Martens G.F. Nouveau recueil general de traites…, ser. 3, t. 10.
64) Documents on British Foreign Policy, 1919-1939 (DBFP). Ser. 1. V. 4. L., 1958.
65) Faisal’s Kingdom in Syria. Beirut, 1960.
66) Gontaut-Biron R. Comment la France c’est installée en Syrie (1918-1919), P., 1922.
67) Geere H. Valentine. By Nile and Euphrates. A Record of Discovery and Adventure, Edinburgh, 1904.
68) “Great Britain. Foreign Office. Diplomatic and Consular Reports on Trade and Finance”. No 4720.
69) Horewitz J.C. (ed.). Diplomacy in the Near and Middle East. 1914-1956. Princeton, 1956. V. 2.
70) Helmreich P. C. From Paris to Sevres. The Parturition of the Ottoman Empire at the Peace Conference of 1919 – 1920. Columbus (Ohio) 1974.
71) Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938.
72) Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Syria, Beirut, 1936.
73) Himadeh Sa’id B.: (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938.
74) Ibid.
75) Khoury G. La france et I’orient Arabe. Naissance du Liban moderne. p., 1993.
76) Khoury Ph. S. Syria and the French Mandate. The Politics of Arab Nationalism. 1920-1945. L., 1987.
77) Khoury Ph. S. Urban Notables and Arab Nationalism. The Politics of Damascus, 1860-1920. Cambridge, 1983.
78) Kirchner Iwan. Der Nahe Osten, Brumm, 1943.
79) Langley, Kathleen M. The Industrialization of Iraq, Cambridge, Massachusetts, 1961.
80) Mears Eliot Grinnel. Modern Turkey. A Politico-Economic Interpretation, 1908 – 1923, inclusive, with Selected Chapters by Representative Authorities, New York, 1924.
81) Montoux P. Les deliberations du Conseil des Quatre. 28 Mars – 28 Juin 1919. P., 1954.
82) Sachau Eduard. Vom Asiatischen Reich der Turkei, Weimar, 1915.
83) Twentieth Century. L., 1971.
84) Watson D. R. The Making of the Treaty of Versailles // Troubled Neighbours. Franco-British in the Twentieth Century. L., 1971.
85) Zamir M. The Formation of Modern Lebanon. L., 1985.
86) Zeine Zeine N. The Struggle for Arab Independence. Western Diplomacy and the Rise and Fall of Faisal’s Kingdom in Syria. Beirut, 1960.
عناوين إلكترونية87) http://raven.cc.ukanS.edu/~kan-site/ww_one/doks/postkc.htm
88) http://www.cc.ukanS.edu/~kansite/ww_one/docs/kncr.htm.
هوامش البحث[1] بولارد، سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 9 وما بعد.[2] بولارد، سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 9 - 25.[3] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 29.[4] أنهت اتفاقية كيوتشوك كايناردجا الموقعة في تموز/يوليو 1774م الحرب الروسية العثمانية التي بدأت عام 1768م. للمزيد أنظر: القاموس الدبلوماسي. ج2. ص 128 – 129؛ دروجينينا يي.ي.: سلام كيوتشوك كايناردجا عام 1774م (التحضير والتوقيع). موسكو: 1955.[5] كاترين الثانية (1729-1796م): إمبراطورة روسيا من عام 1762م. للمزيد أنظر: القاموس الدبلوماسي. ج1. ص357 – 358.[6] فاسيلي أ.: تاريخ العربية السعودية. موسكو: دار التقدم، 1986. ص 128.[7] للمزيد أنظر: اتفاقية لندن المعقودة عام 1827 بين بريطانيا العظمى، وفرنسا، وروسيا. القاموس الدبلوماسي. ج2. ص 158. مارتينس ف.: ج11. ص 355-362.[8] القاموس الدبلوماسي. ج3. ص 499-500؛ معاهدات روسيا مع الشرق. ص 89-92.[9] القاموس الدبلوماسي. ج2. ص 158-159؛ تاريخ الدبلوماسية.ج1. ص 558-561؛ المسألة الشرقية في السياسة الخارجية الروسية. نهاية القرن 18 وبداية القرن 20. المحرر المسؤول: ن.س. كينيابينا. موسكو: 1978. ص 107-113.[10] فاسيلي أ.: تاريخ العربية السعودية. موسكو: دار التقدم، 1986. ص 229.[11] نفس المصدر السابق: ص 218-221.[12] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 36.[13] نفس المصدر السابق: ص 64.[14] نفس المصدر السابق: ص 65-66.[15] بوندراريفسكي غ.: السياسة البريطانية والعلاقات الدولية في حوض الخليج (نهاية القرن التاسع وبداية القرن العشرين). موسكو، 1968. ص 17.[16] الحسين بن علي (1856-1931): شريف مكة. ولد ونشأ في الآستانة. عين شريف مكة والحجاز 1908 – 1916. فعرقل التدخل التركي مدافعاً عن حقوق العرب، رافضاً التجنيد الإجباري قبل الحرب وأثناءها. اتصل سراً بالإنكليز وبالجمعيات السرية في مصر وسورية. أعلن الثورة العربية في صيف 1916م وطرد الأتراك من مدن الحجاز وأعلن نفسه ملكاً على الحجاز عام 1916م ثم خليفة عام 1924م. لكن سياسة الحلفاء واتفاقية سايكس بيكو حالت دون تحقيق هدفه: بإنشاء دولة عربية آسيوية واحدة تحت التاج الهاشمي. هاجمه بن سعود 1924م فاضطر إلى ترك الحجاز وأقام في نيقوسيا. توفي في عمان ودفن بالحرم الشريف. كان له أربعة أبناء منهم ثلاثة: علي، وفيصل، وعبد الله. (المنجد في الأعلام ص 237-238)[17] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 87.[18] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 90.[19] نفس المصدر السابق. ص 90-91.[20] نفس المصدر السابق: ص 93.[21] نفس المصدر السابق: ص 81-82.[22] نفس المصدر السابق: ص 94-95.[23] فولني ك.ف.: رحلة فولني إلى سورية ومصر خلال 1783-1784 و1785. ترجمة عن الألمانية. موسكو: 1791. ج1، ص202-203.[24] لوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو: 1966. ص 21.[25] فولني ك.ف.: رحلة فولني إلى سورية ومصر خلال 1783-1784 و1785. ترجمة عن الألمانية. موسكو: 1791. ج2، ص 556.[26] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 15.[27] شتيبات فريتس: بدايات العصر الحديث في الشرق الأدنى. آفاق جديدة أمام المؤرخين. مجلة الأبحاث، السنة 20، ج1، آذار/مارس 1967. ص 26-27.[28] بازيلي ك.م.: سورية وفلسطين الحكم التركي من النواحي التاريخية والسياسية. موسكو. 1962. ص 243.[29] آداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. ص 511.[30] نفس المصدر السابق.آداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. ص 508؛ وروبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 157؛ وكريمسكي أ.: الإسلام ومستقبله. ماضي الإسلام، والوضع المعاصر للشعوب الإسلامية، وقدراتهم الفكرية، وعلاقتهم بالحضارة الأوروبية. موسكو، 1899. ص 100؛ وشولتسيه إ.: الصراع حول نفط فارس وبلاد ما بين النهرين. موسكو: 1924. ص 56؛ و
Geere H. Valentine. By Nile and Euphrates. A Record of Discovery and Adventure, Edinburgh, 1904. P. 108; Kirchner Iwan. Der Nahe Osten, Brumm, 1943. P. 574.[31] أليتوفسكي س.ن.: المسألة الزراعية في العراق المعاصر. موسكو: 1966. ص 11.[32] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 261-262؛ و
“Das Turkiche Reich”, - Kurse fur Internationale Privatwirtschaft (Lander-Reiche), Hf I, Berlin, 1918. P. 92.[33] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 285-286؛ وآداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع؛ و
“Great Britain. Foreign Office. Diplomatic and Consular Reports on Trade and Finance”. No 4720, p. 17.[34] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 262-263؛ د. أحمد فخري: اليمن، ماضيها وحاضرها. القاهرة: 1957. ص 24.[35] آداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. ص 291-294؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 265؛ د. محمود علي الداوود: محاضرات عن الخليج العربي والعلاقات الدولية 1890 – 1914. القاهرة: 1961. ص 49؛ . ص 271-272؛ و
Coke Richard. Baghdad, the City of Peace, London, 1927. P. 271-272.[36] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 21؛ نوفيتشيف أ.د.: دراسات في اقتصاد تركيا حتى الحرب العالمية. موسكو/ليننغراد: 1937. ص123-149؛ عبد الرزاق الحسني: تاريخ العراق السياسي الحديث.. ج1. صيدا: 1957. ص 43-44؛ و
- Coke Richard. Baghdad, the City of Peace, London, 1927. P. 272-273.[37] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 270-278؛ و
- Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938. P. 315; Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Syria, Beirut, 1936. P. 181-184.[38] Sachau Eduard. Vom Asiatischen Reich der Turkei, Weimar, 1915. P. 5.[39] نوفيتشيف أ.د.: مقالات في اقتصاد تركيا حتى الحرب العالمية الأولى. موسكو، ليننغراد، 1937. ص 280؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 270 – 273.[40] فخري د. أحمد: اليمن ماضيها وحاضرها. القاهرة، 1957. ص 34؛ مجلة روسكويه باغاتستفا، العدد 4/1912. ص 2؛ و
- Mears Eliot Grinnel. Modern Turkey. A Politico-Economic Interpretation, 1908 – 1923, inclusive, with Selected Chapters by Representative Authorities, New York, 1924. P. 402;[41] أفيريانوف: تقرير إتنوغرافي وعسكري وسياسي لأملاك الإمبراطورية العثمانية في آسيا. إس بي بي، 1912. ص 37؛ آداموف أ.: الملاحة النهرية في شط العرب والدجلة (تقرير القنصل في البصرة)، - إس كي دي، 1902، الإصدار الرابع. ص 302؛ غوركو – كريجين ف. أ.: الشرق الأوسط والدول العظمى. موسكو، 1924. ص 26؛ آخر المعلومات عن الدول المجاورة، التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات. العدد 45/1913. ص 9.[42] آداموف أ.: موسم التمور عام 1902 في البصرة (تقارير القنصل الروسي في البصرة)، س ك د، 1903. الإصدار الرابع. ص 221.[43] آداموف أليكساندر: العراق العربي. ولاية البصرة سابقها وحاضرها. س ب ب، 1912. ص 497-499؛ توتل اليسوعي فرديناند: وثائق تاريخية عن حلب أخذاً عن دفاتر الأخويات وغيرها. مجلة المشرق 1948 ص 588، 1949 ص 345؛ أخبار وزارة الخارجية الروسية 1914 العدد 4، ص 55.[44] آداموف أليكساندر: العراق العربي. ولاية البصرة سابقها وحاضرها. س ب ب، 1912. ص 84، 527، 531؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 243؛ و
- Baedeker Karl. Palestine and Syria. With Routes through Mesopotamia and Babilonia and Island of Cyprus. Handbook for Travelers, Leipzig ete, 1912. P.11.[45] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة سعيد أحمد. منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1981. ص 26.[46] آداموف أ.: الملاحة النهرية في شط العرب والدجلة (تقرير القنصل في البصرة)، - إس كي دي، 1902، الإصدار الرابع. ص 298.[47] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 35.[48] غاتاأولين م. ف.: العلاقات الزراعية في سورية. موسكو: 1957. ص 90؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 43-50؛ شتيبات، فريتس Fritz Steppat: بدايات العصر الحديث في الشرق الأدنى، آفاق جديد أمام المؤرخين – مجلة الأبحاث، السنة 20، ج 1، آذار 1967. ص27.[49] لوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو 1966. ص 289.[50] لوتسكي ف.ب.: حرب التحرير الوطنية في سورية (1925-1927). موسكو، 1964. ص 78.[51] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي (منتصف القرن التاسع عشر – 1908). ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 29.[52] بيز أبرازوف ب.: الاستعمار والدعاية الاستعمارية في فلسطين في السنوات الأخيرة. س ي ب ب و، 1908، المجلد XIX. ص 546؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 76.[53] للمزيد أنظر: كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي (منتصف القرن التاسع عشر – 1908). ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 29؛ و
- Bein Alex. The History of Jewish Agricultural Settlement in Palestine, Jerusalem, (b.g.). p. 6-26.[54] أوغاغين هوبيرت: مقالات عن الطبيعة والزراعة في سورية وفلسطين. ترجمت من الألمانية إلى الروسية تحت إشراف: بروتكيسا يو.د.، بطرسبرغ، 1918. ص 93.[55] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 76 - 82.[56] أوغاغين هوبيرت: مقالات عن الطبيعة والزراعة في سورية وفلسطين. ترجمت من الألمانية إلى الروسية تحت إشراف: بروتكيسا يو.د.، بطرسبرغ، 1918. ص 26؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 119-121؛ و
- Himadeh Sa’id B.: (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938. p.59.[57] بروكس، مايكل: النفط والسياسة الخارجية. موسكو: 1949. ص 103-104؛ وغراسيموف و.: النفط العراقي. موسكو: 1969. ص 9-13.[58] برتسكيس ب. د.: المركز القومي اليهودي في فلسطين. دراسة اجتماعية سياسية. بطرسبرغ: 1919. ص 20؛ وروبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرسبرغ، 1919. ص 123-150.[59] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرسبرغ، 1919. ص 309-311؛ ولينين ف.إ.: نهاية الحرب التركية الإيطالية. ج22، ص 67.[60] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي (منتصف القرن التاسع عشر – 1908). ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 34 - 35؛ ونوفيتشيف أ.د.: دراسات عن الاقتصاد التركي قبل الحرب العالمية الأولى. موسكو/ليننغراد: 1937. ص 197-200.[61] كريمسكي أ.: الإسلام ومستقبله. ماضي الإسلام، والأوضاع المعاصرة للشعوب الإسلامية، وإمكانياتهم الفكرية، وعلاقاتهم مع الحضارة الأوروبية. موسكو: 1899. ص 107؛ وأخبار وزارة الخارجية. العدد 4/1914، ص 54. وأخبار القيادة العسكرية في القوقاز. العدد 19/1907. ص 6؛ وشولتسيه إ.: الصراع حول النفط الفارسي وبلاد الرافدين. موسكو: 1924. ص 61؛ وجيلتياكوف أ.: الصحافة في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في تركيا (1729-1908). موسكو: 1972. ص 280؛ و
Langley, Kathleen M. The Industrialization of Iraq, Cambridge, Massachusetts, 1961. P. 26.[62] الأنتانتا: للمزيد أنظر: القاموس الدبلوماسي. ج1. ص 85؛ والعلاقات الدولية في عصر الإمبريالية. موسكو: 1931-1940. (باللغة الروسية)[63] فيصل الأول: ولد في الطائف. ابن الشريف حسين. ثار على العثمانيين في الحرب العالمية الأولى وكان قائداً عاماً للجيش العربي المحارب في فلسطين. نودي به ملكاً على سورية 1920 وانسحب بعد دخول الجيش الفرنسي. جلس على عرش العراق 1921. وقع مع إنكلترا صك الاستقلال لبلاده 1930. توفي في سويسرا ودفن في بغداد. (المنجد في الأعلام. ص 536.)[64] تعود الامتيازات للمعاهدة الفرنسية العثمانية المعقودة في عام 1535. للمزيد راجع: بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 56 وما بعد.[65] الدول العظمى. للمزيد أنظر القاموس الدبلوماسي ج 1 ص 178.[66] مبدأ مجال التأثير، أو المصالح، للمزيد أنظر القاموس الدبلوماسي ج 3 ص 440.[67] Gontaut-Biron R. Comment la France c’est installée en Syrie (1918-1919), P., 1922. P. 27-28.
كتب هذا الكتاب ضابط فرنسي خدم في صفوف الإدارة العسكرية الفرنسية في سورية خلال عامي 1918م-1919م. وبغض النظر عن تقيد الكاتب بظروف تلك المرحلة، فهو يعتبر من الذين قاموا بتقييم الشواهد التاريخية عن الأشهر الأولى للوجود العسكري البريطاني- الفرنسي في الشرق الأوسط. ومع الأسف لم نتمكن هنا من التحقق من الحقائق التي ذكرها غيوتو-بيرون من خلال مصادر أخرى.[68] ليفانت: بالفرنسية Levant، وبالإيطالية Levante، وتعني الشرق، وهي تسمية عرفت به كلاً من: سورية، ولبنان، ومصر، وتركيا، واليونان، وغيرهم من دول شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي حالات أخرى سورية ولبنان تحديداً.[69] الكنيسة الكاثوليكية: هي الجماعة التي أسسها السيد المسيح ورتب مؤمنيها تحت سلطان الرسل والأساقفة من بعدهم يرئسهم القديس بطرس هامة الرسل والحبر الأعظم خليفته. وهي تتفرع، في وحدة الإيمان والسلطة، إلى طوائف تتباين بطقوسها ولغاتها. (المنجد في الأعلام. ص 578)[70] مار مارون توفي حوالي عام 410م): راهب قديس. تنسك في القورشية (سورية الشمالية). ذاع صيت فضائله فأصبح منسكه مزاراً.اتصل به يوحنا فم الذهب في منفاه. كتب سيرته ثيودوريتس. عيده في 9 شباط/فبراير. إليه ينتسب الموارنة وتلاميذ مار مارون هم رهبان دير مار مارون الـ 350، قتلهم المونوفيزيون لأمانتهم لمجمع خلقيدونية 516م. (المنجد في الأعلام ص 626)[71] الملكيون: هو الاسم الذي أطلقه العرب على مسيحيي سورية الذين خضعوا لقرارات المجمع الخلقيدوني 451م وهم في ذلك من جهة الإمبراطور. انضم فرع منهم إلى الكنيسة الكاثوليكية القرن 18. والفرع الثاني هم الروم الأرثوذكس. لغتهم الطقسية اليونانية والعربية. (المنجد في الأعلام. ص 684)[72] رانشيسكي ف. ب.: المجتمعات المسيحية في سورية قبل الانتداب الفرنسي // الدين، والوضع الفكري، الإيديولوجيا والتاريخ. بريانسك، 1996. ص 44. (باللغة الروسية)[73] الجزويت: أعضاء جماعة رهبان كاثوليكية، اسمها باللاتينية "Societas Jesu" أو جمعية المسيح. أسسها في باريس عام 1534م الأرستقراطي الإسباني إغناتيو لويولي واعترف بها البابا بافل الثالث في عام 1540م. هدفها نشر الكاثوليكية في العالم والدفاع عنها. (الموسوعة السوفييتية الكبيرة. ج 10 ص 44)[74] الكنائس لبروتستانتية: هي الكنائس الغربية التي انفصلت عن الكنيسة الكاثوليكية تحت تأثير لوتر وكلفين. انتشرت في ألمانيا والبلدان الاسكندينافية واسكتلندا وسويسرا ثم في أمريكا الشمالية. وهي متشعبة إلى كنائس يختلف بعضها عن بعض في عقائدها وقوانينها. أهم فروعها اللوثرية والكلفينية والأنكليكانية. وتعرف الفروع الأولى بالكنائس الإنجيلية. وتعتبر هذه الكنائس الكتاب المقدس مصدراً وحيداً للوحي، ولا تعترف بالكهنوت. (المنجد في الأعلام ص 128)[75] سايكس بيكو: للمزبد أنظر القاموس الدبلوماسي الجزء 3، ص 7-8. كلوتشنيكوف يو.ف.، سابانين أ.ف.: السياسة الدولية. القسم 2، ص 40-43، 54-56. باللغة الروسية، و
De Martens G.F. Nouveau recueil général de traites…, ser. 3, t. 10, p. 350.)[76] السياسة الدولية للوقت الجديد في الاتفاقيات، والمراسلات، والوثائق. القسم 2، موسكو؛ 1924. ص 37-43. (باللغة الروسية)[77] اتفاقية ماكماهون الحسين: للمزيد أنظر: القاموس الدبلوماسي ج 2. ص 174-175. ولازارييف م.س.: انهيار الدولة التركية في الشرق العربي، 1914-1918. موسكو: 1960. ص 101- 110؛ ولوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو: 1965. ص 335-342. (باللغة الروسية)[78] توما لورنس (1888 – 1935): ضابط وكاتب إنكليزي. كان معتمد دولته السري لدى زعماء العرب وخاصة الشريف حسين في الحرب العالمية الأولى وبعدها. شجع الثورة على الأتراك وناصرها 1916 – 1918م لقبته الصحافة "ملك العرب غير المتوج". له "أعمدة الحكمة السبعة". (المنجد في الأعلام ص 615)[79] غراف أرتور جيمس بلفور (1848 – 1930): دبلوماسي ورجل دولة بريطاني. عضو البرلمان 1874 – 1922؛ من عام 1922 عضو مجلس اللوردات. في عام 1878 – 1880 السكرتير الشخصي لوزير خارجية بريطانيا العظمى اللورد ساليسبيري، شارك في رحلات ساليسبيري وديزرائيلي (ب. بيكونسفيلد) إلى برلين عام 1878؛ من عام 1885 عضو المجلس السري، خلال عامي 1885 – 1886 وزير شؤون الإدارة المحلية، خلال عامي 1886 – 1887 لشؤون سكوتلانديا، خلال أعوام 1887 – 1891 لشؤون إيرلاندا؛ خلال أعوام 1891 – 1892، و1895 – 1906 وزير المالية وزعيم مجلس النواب؛ خلال 1892 – 1895 زعيم الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين؛ خلال أعوام 1902 – 1905 الوزير الأول، وأحد المبادرين للاتحاد الإنكليزي الياباني 1902 1921 والاتفاقية الإنكليزية الفرنسية 1904، التي كانت الأساس لتحالف أنتانتا؛ خلال 1915 – 1916 وزير الحرب والبحرية، خلال 1916 – 1919 وزير الخارجية، خلال 1919 – 1922 و 1925 – 1929 لورد ورئيس المجلس. وضع مشروع تأسيس "وطن قومي لليهود" في فلسطين. وكان أحد منظمي الحملة المعادية للسوفييت خلال 1917 – 1922. وكان نائب رئيس الوفد البريطاني الذي ترأسه ديفيد لويد جورج خلال أعوام 1919 – 1920 لمؤتمر السلام في باريس؛ ترأس وفد بريطانيا العظمى لمؤتمر عصبة الأمم عام 1920، ومؤتمر واشنطن 1921 – 1922. (القاموس الدبلوماسي ج 1. ص 111 – 112)[80] ينتمي لأسرة المصرفي اليهودي الألماني الأصل ماير أنسلم روتشيلد (1743 – 1812). (المنجد في الأعلام. ص 311)[81] إعلان بلفور 1917: للمزيد أنظر:القاموس السياسي ج، 1. ص 112) وللمزيد أنظر: كلوتشنيكوف يو.ف.، سابانين أ.ف.: السياسة الدولية. القسم 2، ص 87؛ و
- British White Paper. Cmd. 1785, L., 1922.[82] وودرو (توماس) ويلسون (1856 – 1924): سياسي ورجل دولة في الولايات المتحدة الأمريكية. خلال أعوام 1911 – 1913 حاكم ولاية نيوجرسي؛ خلال أعوام 1913 – 1921 رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. خلال فترة حكمة وسعت الولايا المتحدة الأمريكية من وجودها في أمريكا اللاتينية. خلال أعوام 1914 – 1917 حافظ على حياد الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى. في عام 1917 أعلن الحرب على ألمانيا. أحد مؤسسي عصبة الأمم ورئيس لجنة إعداد نظامها. شارك في مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920. (القاموس الدبلوماسي الجزء 1. ص 202)[83] نقاط ويلسون الـ 14: للمزيد أنظر: القاموس الدبلوماسي ج، 3. ص 574. وأرشيف بولكوفنيك هاوزا. موسكو: 1944. ج. 4؛ إينوزيمتسوف ن.ن.: سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في عصر الإمبريالية. موسكو: 1960. ص 141 – 146. (باللغة الروسية)[84] نفس الصدر السابق. ص 109.[85] من عام 1860 لبنان تمتع بحكم ذاتي محدود بضمانات من الدول الكبرى الأوروبية. سنجق لبنان المتمتع بالحكم الذاتي أداره مجلس للحكم الذاتي، شكل على أساس التمثيل الطائفي، وتمتع المارونيون في المجلس بالأكثرية، وكانت توجهاته فرنسية. وشملت حدود السنجق المناطق الجبلية، ولم يشمل المدن الساحلية بيروت، وصيدا، وصور، وطرابلس، وسهل البقاع. نتيجة لإصراره توصل مجلس الحكم الذاتي لضم تلك المناطق إلى سلطته رغم أنها كانت ذات أغلبية مسلمة. في عام 1915 حلت السلطات التركية مجلس الحكم الذاتي ولم يعاود ممارسة سلطاته سوى بعد الصلح.[86] Zeine Zeine N. The Struggle for Arab Independence. Western Diplomacy and the Rise and Fall of Faisal’s Kingdom in Syria. Beirut, 1960. P. 32-33.[87] Ibid. p. 25-30.[88] صلح مودروس لعام 1918: للمزيد أنظر: القاموس السياسي ج2. ص 255. وكلوتنيكوف يو. ف.، سابانين أ. ف.: السياسة الدولية. ج. 2. ص188 – 189. (باللغة الروسية)[89] Ibid. p. 47-48.[90] كيليكية أو قيليقية Cilicie : منطقة في جنوب غربي تركيا الآسيوية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. من مدنها أضنه وطرسوس وسيس. عرفت بأرمينيا الصغرى، وكانت مملكة مستقلة في العهد الصليبي 1198م – 1375م. المنجد في الآداب. ص 604 – 605.[91] Gontaun-Biron R. Op. Cit. P 65.[92] أرواد: هي أرفاد الفينيقية، وأردوس اليونانية. ورد اسمها في التوراة. جزيرة سورية يسكنها 3 آلاف نسمة. على بعد 3 كم من شاطئ طرطوس. طولها 800 م، وعرضها 500 م. كانت قديماً مملكة فينيقية وصلت حدودها إلى جهات حمص وحماة، وقد ناصر أسطولها الفرس في معركة سلامين 480 ق.م. وفيها آثار فينيقية وصليبية. المنجد في الآداب. ص 37.[93] Ibid. p. 61.[94] Ibid. p. 71.[95] Ibid. p. 109.[96] Ibid. p. 87.[97] مصطلح "نوتابل (إقطاعي)" استخدمه المستعمرون أخذاً من مصطلحات أوروبا في القرون الوسطى، وطبق في الشرق الأوسط خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ودخل في الأدبيات العلمية. ويفهم من نوتابل كبار ملاك الأراضي الذين يعيشون في المدن على حساب الدخل الذي توفره لهم تلك الأراضي التي يؤجرونها. الحياة الاجتماعية في المدن السورية كانت تحت السيطرة التامة للعائلات الكبيرة صاحبة النفوذ ومنها الأسر الإقطاعية. للمزيد أنظر:
- Khoury Ph. S. Urban Notables and Arab Nationalism. The Politics of Damascus, 1860-1920. Cambridge, 1983.[98] Gontaun-Biron R. Op. Cit. P 70.[99] Ibid. p. 122-123.[100] Ibid. p. 133. 135-136.[101] Ibid. p. 189.[102] Ibid. p. 200-201.[103] Ibid. p. 206.[104] Ibid. p. 137.[105] Ibid. p. 199-200.[106] جورج بنيامين كليمنصو (1841 – 1929): دبلوماسي فرنسي، ورجل دولة. خلال أعوام 1871 – 1893 عضو في المجلس القومي، من عام 1902 سيناتور. خلال آذار/مارس، أكتوبر/تشرين أول 1906 وزير الداخلية؛ خلال أعوام 1906 – 1909 الوزير الأول الفرنسي، لعب دوراً هاماً في تأسيس الأنتانتا. خلال أعوام 1917 – 1920 الوزير الأول ووزير الحربية الفرنسي. رئيس مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920، كان له دوراً كبيراً في تعزيز المكانة العسكرية والسياسية الفرنسية في أوروبا، ولعب دوراً كبيراً في صياغة اتفاقية فيرسال للسلام. القاموس الدبلوماسي. ج2. ص49. (باللغة الروسية)[107] ديفيد لويد جورج (1863 – 1945): غراف دوفور، دبلوماسي ورجل دولة بريطاني. عضو مجلس العموم خلال أعوام 1890 – 1945. خلال أعوام 1905 – 1908 وزير التجارة، خلال أعوام 1908 – 1915 وزير المالية، في عام 1916 وزير الحربية، خلال أعوام 1916 – 1926 الوزير الأول في بريطانيا العظمى. خلال أعوام 1926 – 1931 زعيم الحزب الليبرالي. من عام 1945 عضو مجلس اللوردات. لعب دوراً كبيراً خلال مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920 وفي إعداد اتفاقية فرسال للسلام عام 1919. (القاموس الدبلوماسي. ج 2. ص 149)[108] Watson D. R. The Making of the Treaty of Versailles // Troubled Neighbours. Franco-British in the Twentieth Century. L., 1971. P. 72.[109] كايزر ج.: أوروبا وتركيا الجديدة. موسكو: 1925. ص 25. (باللغة الروسية)[110] ديفيد لويد جورج: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. الجزء الثاني. ص 227. (باللغة الروسية)[111] مصطفى كمال: طريق تركيا الجديدة، 1919-1927. موسكو: 1929. الجزء الأول. ص 291. (باللغة الروسية)[112] مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920: (القاموس الدبلوماسي. ج2. ص 340 – 341؛ وتاريخ الدبلوماسية. ج3. ص140 – 166)
اتفاقية سفير للسلام 1920: (القاموس الدبلوماسي. ج3. ص 26 – 27. والتاريخ الحديث لتركيا. موسكو: 1968. ص 33 – 44. ميللر أ.ف.: مقالات في التاريخ تركيا الحديث. موسكو، ليننغراد: 1948. ص 97 – 99.)[113] نظام الانتداب: (القاموس السياسي. ج2. ص 177 – 178.)[114] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 54-56.[115] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 107.[116] Ibid. p. 60, 66.[117] ستيفان جان ماري بيشون: (1857 – 1933): دبلوماسي ورجل دولة فرنسي. خلال أعوام 1885 وحتى 1893 عضو مجلس النواب؛ خلال أعوام 1894 وحتى 1896 سفير فرنسا في هاييتي، خلال الفترة من 1896 وحتى 1898 في البرازيل، ومن عام 1898 وحتى 1901 في الصين، من عام 1901 وحتى 1906 المقيم السامي الفرنسي في تونس. من عام 1906 وحتى 1924 سيناتور. من عام 1906 وحتى 1911 وفي عام 1913 وخلال أعوام 1917 وحتى 1920 وزير الخارجية الفرنسي. لعب دوراً هاماً في تأسيس الأنتانتا. ساهم بنشاط في مؤتمر السلام في باريس 1919 – 1920، وفي إعداد معاهدة فرسال للسلام 1919. القاموس السياسي. ج2. ص 384. (باللغة الروسية)[118] أرمينيا: هي أنجاد وجبال (ذروتها أرارات) تتخللها سهول مرتفعة في آسيا الصغرى جنوبي القفقاس (القوقاز)، بين أنجاد إيران شرقاً والأناضول غرباً، وبين بحر قزوين ومسيل الفرات الأعلى. يجتازها نهر أراس. كانت أرمينيا دولة مستقلة منذ أقدم العصور وبلغت أوج العز على أيام تغران الكبير، ثم تنازعها البيزنطيون والعباسيون في ولاية أمرائها البغراطيين 885 – 1079. وبعد الفتح السلجوقي وانقراض الإمبراطورية البيزنطية تقاسمتها روسيا وإيران والدولة العثمانية. وأرمينيا منطقتان: تركية (ولايات قرص، أرضروم، موش، بتلس، وان)، وجمهورية أرمينيا، وجزء من جمهورية أذربيجان اللتان استقلتا عن الاتحاد السوفييتي السابق. وأرمينيا الصغرى: وهي مناطق من الأناضول وقيليقية، نزح إليها الأرمن زرافات، ابتداء من 1080م في عهد الصليبيين هرباً من وجه السلجوقيين والمغول فأسسوا الإمارات ثم مملكة أرمينيا الصغرى 1198م بمساعدة الفرنج. قضى عليها المماليك عام 1375م. المنجد في الآداب. ص 36 – 37.[119] كردستان: منطقة جبلية بين الأناضول وأرمينيا وأذربيجان تتقاسمها الدول المجاورة لها. سكانها من الأكراد. المنجد في الآداب. ص 586.[120] شكري غانم (1861 – 1929): أديب وسياسي لبناني ولد في بيروت وأقام في فرنسا حيث توفي. نظم الشعر بالفرنسية. كان من الداعين لاستقلال لبنان عن الدولة العثمانية. المنجد في الآداب. ص 503.[121] Ibid. p. 70.[122] Zamir M. The Formation of Modern Lebanon. L., 1985. P. 53.[123] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 29.[124] Helmreich P. C. From Paris to Sevres. The Partitition of the Ottoman Empire at the Peace Conference of 1919 – 1920. Columbus (Ohio) 1974. P. 29 – 31.
ديفيد لويد جورج في البداية عرف عن مضمون هذا النقاش عن طريق سكرتيره ف. كيررا. ميلنر الذي كان قد أرسل للوزير الأول تقريراً خطياً يوم 8 آذار/مارس. ويمكن الإطلاع على النص في: ديفيد لويد جورج: فهرس المؤلفات. الجزء 2. ص 232-235. (باللغة الروسية)[125] ديفيد لويد جورج: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. الجزء الثاني. ص 235-236. (باللغة الروسية)[126] Combon P. Correspondence. 1870-1924. P., 1946. T. 3. P. 320.[127] Horewitz J.C. (ed.). Diplomacy in the Near and Middle East. 1914-1956. Princeton, 1956. V. 2. P. 50-59;
ديفيد لويد جورج: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. الجزء الثاني. ص 241-254. (باللغة الروسية)؛ نيكولسون غ.: كيف صنع السلام عام 1919. موسكو: 1945. ص 123. (باللغة الروسية).[128] Montoux P. Les deliberations du Conseil des Quatre. 28 Mars – 28 Juin 1919. P., 1954. T. 1. P. 50-51.[129] Ibid. p. 228-229; 378-379.[130] الإشارة إلى هذه الخطة موجدة في تقرير ميلنر الذي سبق وأشرنا إليه حول المناقشات مع كليمنصو في 11 شباط/فبراير. وعن هذه الخطة بالنتيجة وتحت مختلف الظروف تحدثوا وكتبوا: كليمنصو في خلافاته مع لويد حورج 22 أيار/مايو. أنظر:
Mantoux P. Op. Cit. P., 1954. T., 2. P. 160,
ف. جورج بيكو في حديثه مع فيصل 18 حزيران/يونيو، أنظر:
Khoury G. La france et I’orient Arabe. Naissance du Liban moderne. p., 1993. P. 239-242,
و أ. بلفور، رئيس مكتب فورين في بيان ديوان الوزراء بتاريخ 11 آب/أغسطس، أنظر:
Documents on British Foreign Policy, 1919-1939 (DBFP). Ser. 1. V. 4. L., 1958. P. 341.[131] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 80.[132] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 251-253.[133] Ibid. p. 253.[134] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 86-87.[135] الدروز: فرقة أسسها الداعيان درزي، وحمزة بن علي بن أحمد في أيام الخليفة الفاطمي الحاكم. انتشرت في سورية (حلب وبانياس). استوطن الدروز لبنان منذ أواخر القرن 12 وسكنوا في وادي التيم. اندمج تاريخهم بتاريخ الجبل منذ القرن 15. وهاجر منهم عدد إلى سورية في أواخر القرن 17 وقطنوا اللجاه ومرتفعات حوران الني سميت بعد ذلك بجبل الدروز. المنجد في الأعلام. ص285.[136] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 86-87.[137] غ. ويلسون قدم خريطة لمناطق الاحتلال وأعلن أنه "لا يملك تعليمات" حول أية تعديلات لها. ومع الأسف هذه الخارطة لم تنشر في أي مكان، وعن مضمونها يمكننا التحدث من خلال المعلومات غير المباشرة.[138] Montoux P. Op. Cit. T. 2. P. 131-143; 158-164.[139] لوتسكي ف.ب.: المسألة العربية والدول المنتصرة أثناء مؤتمر باريس للسلام (1918-1919) // الدول العربية. تاريخ. اقتصاد. موسكو، 1966. ص 26. (باللغة الروسية)[140] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 265-272.[141] لوتسكي ف.ب.: المسألة العربية والدول المنتصرة أثناء مؤتمر باريس للسلام (1918-1919) // الدول العربية. تاريخ. اقتصاد. موسكو، 1966. ص 27-28. (باللغة الروسية)[142] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 275.[143] Zamir M. Op. Cit. P. 62-63.[144] Khoury G. La france et I’Orint Arabe. P. 239-242.[145] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 291.[146] Zamir M. OP. Cit. P. 66.[147] الحجاز: إقليم في المملكة العربية السعودية، 400 ألف كم2، 3 ملايين نسمة. قاعدته مكة المكرمة. يحده خليج العقبة شمالاً والبحر الحمر غرباً ونجد شرقاً وعسير جنوباً. تتكون أرضه من سهل ساحلي ضيق (تهامة) وسلسلة جبال السراة وهضاب داخلية وواحات وأودية تقوم حولها الزراعة. سكانه ينتمون إلى قبائل متعددة منها الحويطات وجهينة وحرب. استقل عام 1916م. وضم إلى المملكة العربية السعودية في عام 1926. أهم مدنه: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والطائف، وتبوك شمالاً وهي أول منزلة من منازل الحج، وتيماء، والوجه، وينبع، وجدة. المنجد في الآداب. ص 229 – 230.[148] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 265.[149] العلويون: هم المنتسبون إلى علي بن أبي طالب بالسلالة من بنيه وبناته. وإليهم ينتسب الأشراف أو "السادة" وأطلق هذا الاسم لاحقاً بمعنى آخر على طائفة النصيرية في سورية. (المنجد في الآداب ص 473) النصيرية: طائفة تقطن جبل العلويين وشمالي سورية (سهول حمص وحماة وحلب). دعوا كذلك نسبة إلى محمد بن نصير مؤسس الطائفة أو راعيها (توفي عام 873). كان يعتبر الحسين الخصيبي أكبر متكلميها في القرن العاشر. المنجد في الآداب. ص710)[150] Khoury Ph. S. Syria and the French Mandate. The Politics of Arab Nationalism. 1920-1945. L., 1987. p. 100-102.[151] Hurewitz J.C. (ed.) Op. Cit. P. 63-64[152] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 95.[153] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 291.[154] المجددين العرب:[155] Ibid. P. 256-257.[156] Ibid. p. 263.[157] Ibid. p. 272-277.[158] Helmreich P.C. Op. Cit. P. 77-78.[159] Gontaut-Biron R. Op. Cit. P. 247-251.[160] Ibid. p. 256-257.[161] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 271-272 (note).[162] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 94.[163] اسكندرونة: مدينة سورية على البحر الأبيض المتوسط تقع على خليج اسكندرون. 70 ألف نسمة، أسسها الإسكندر. وضعت تركيا يدها عليها مع سنجقها عام 1939. ميناء هام. المنجد في الآداب. ص 43.[164] تقرير اللجنة كينغ – كرين (KCR : King-Crane Report). أنظر:http://www.cc.ukanS.edu/~kansite/ww_one/docs/kncr.htm.
الملاحق السرية ( Confidential Appendix ) للتقرير مخصصة للأمريكيين فقط ( KCR CA ). أنظر:http://raven.cc.ukanS.edu/~kan-ite/ww_one/doks/postkc.htm
[165] KCR CA.[166] Ibid.[167] Gontaut-Biron R. Op. Cit. P. 266-267.[168] Ibid. p. 273-275.[169] عنزة: من أكبر قبائل العرب في وقتنا الحاضر. تمتد منازلهم من الحجاز إلى بادية الشام. يقيمون صيفهم في صحراء سورية إلى حدود حلب وجبال شمر شرقي الفرات. المنجد في الأعلام. ص480.[170] Ibid. p. 284-293.[171] Ibid. p. 48.[172] KCR.[173] متاولة: لقب كان يطلق على الشيعة الساكنين في لبنان والمهاجرين منهم إلى دمشق. والكلمة مأخوذة من الموالاة أو من قولهم في هتافات الحرب: مت ولياً لعلي. المنجد في الآداب. ص 632.[174] تفاصيل علاقات الجماعات الدينية مع الدول العظمى، يمكن مراجعة: فومين ا.م.: العامل الديني في سياسة الدول العظمى في سورية ولبنان في عام 1918-1920 // طريق الشرق. مواد المؤتمر العلمي الرابع للشباب في مشاكل الفلسفة، والثقافة، والدين في الشرق. سلسلة "سيمبوزيوم ". الإصدار، 10. س ب ب.، 2001. (باللغة الروسية)[175] KCR. – Hurewitz J.C. (ed.) Op. Cit. P. 66-74.[176] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 103.[177] شبيلكوفا ف.ي.: المسألة التركية في مؤتمر باريس للسلام 1919 // ملاحظات علمية، معهد ف.إ. لينين للمعلمين بموسكو. الجزء 109. الإصدار السادس. موسكو، 1957؛ بوتسخفيريا ب.م.: اللجنة الأمريكية في تركيا عام 1919 // ملاحظات علمية، معهد الاستشراق، أكاديمية العلوم السوفييتية. الإصدار 17. موسكو، 1959. (باللغة الروسية)[178] عن هذه المقالات يمكن قراءة ما كتبه الموفد الإنكليزي في باريس ج. غريم في رسالته الموجهة للورد كيرزون. في
DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 319.[179] فورين أوفيس Forein Office: وزارة خارجية بريطانيا العظمى. (القاموس الدبلوماسي. ج3، ص 517)[180] Ibid. p. 321-322; 327-328.[181] Ibid. p. 337.[182] Ibid. p. 346-351.[183] كيرزون جورج ناتانيل (1859 – 1925): دبلوماسي ورجل دولة بريطاني. من عام 1891 وحتى 1892 نائب وزير شؤون الهند؛ من عام 1895 وحتى 1898 نائب وزير الشؤون الخارجية؛ من عام 1898 وحتى 1905 نائب ملك الهند. من عام 1911 عضو مجلس اللوردات. من عام 1915 وحتى 1916 و 1924 وحتى 1925 لورد حافظ الأختام؛ في عام 1916 وزير الطيران؛ من عام 1916 وحتى 1919 لورد رئيس المجلس؛ من عام 1919 وحتى 1924 وزير الشؤون الخارجية لبريطانيا العظمى. زعيم مجلس اللوردات من عام 1916 وحتى 1924. (القاموس الدبلوماسي. ج2، ص 31)[184] Ibid. p. 303.[185] Ibid. p. 340-346.[186] Ibid. p. 314.[187] Ibid. p. 315.[188] Ibid. p. 316.[189] قوقاز: جبال جنوب الاتحاد السوفييتي السابق بين بحر قزوين والبحر الأسود، تمتد بطول 1.200 كم أعلى قممها بركان البرز 5.633 م. المنجد في الأعلام. ص 555.[190] Ibid. V. 1. L., 1947. p. 389, 390, 508-509, 574.[191] Ibid. V. 4. P. 743, 745-748, 756.[192] Ibid. p. 760.[193] Ibid. p. 383-388.[194] Ibid. p. 384.[195] Ibid. p. 379.[196] Ibid. p.379-380.[197] Ibid. p. 380.[198] Ibid. p. 701.[199] Ibid. p. 685-686.[200] Ibid. p. 690-693.[201] Ibid. p. 224-225.[202] هنري غورو (1867 – 1946): جنرال فرنسي. قائد الجيش الرابع في حملة الدردنيل في الحرب العالمية الأولى. المندوب السامي لسورية ولبنان 1919 – 1923. (المنجد في الأعلام. ص 510)[203] ميسلون: موضع في غربي دمشق (سورية). جرت فيه معركة شهيرة بين الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال غورو والسوري بقيادة وزير الدفاع في الحكومة السورية يوسف العظمة انتهت باستشهاد الأخير وإلزام فيصل بالتخلي عن عرش سورية عام 1920. (المنجد في الأعلام. ص 700)[204] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 169-187.[205] الحدود بين مناطق الانتداب الفرنسية والبريطانية حددت بموجب اتفاقية ليغا-غاردين 23/12/1920. في القسم الجنوبي لم تختلف كثيراً عن الحدود المحددة في اتفاقية سايكس بيكو (بدون التمييز بين "ألوان" المناطق). هذه الحدود بقيت حتى الآن. للمزيد أنظر: السياسة الدولية. تش. 3. موسكو: 1926. ص 74-75.[206] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 188.[207] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 113-117.[208] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 123-124.