أ.د. محمد البخاري: الدول العربية
في الساحة
الإعلامية
الدولية
16
من
كتابي "التبادل
الإعلامي
في
ظروف
العلاقات
الدولية
المعاصرة".
16
الدول العربية
في الساحة
الإعلامية
الدولية
وهذا
في دولة عظمى سابقة بينما الوضع أشد قسوة في الوطن العربي حالياً الذي يعيش نكبة ليست أقل من نكبة فلسطين عام 1948 عندما قامت القوات الأمريكية والبريطانية بتدمير البنية التحتية للعراق واحتلاله، وهو الذي كان مهداً للحضارة العلمية والفنية والأدبية للإنسانية في عصر بابل وحمورابي، وهو الذي كان في العصر الإسلامي العباسي مركز العالم ومنارته وأداة تقدمه العلمية والثقافية والحضارية، وهو الذي كان أحد أعمدة الوطن العربي المعاصر، وأحد أهم البلدان النامية في حقبة ما بعد التحرر من الاستعمار الأوروبي. والاجتياحات البربرية التي تستبيح من خلالها القوات الإسرائيلية بدعم كبير من الولايات المتحدة الأمريكية،
وحلف الناتو، وتدمر البنية التحتية لفلسطين ولبنان وتعمل القتل والتشريد واقتلاع شعبين من مساكنهم وأرضهم على مرأى ومسمع من دول العالم دون أن يحركوا ساكناً. حتى أن مؤتمر روما في تموز/يوليو عام 2006 خرج بما معناه تفويض لإسرائيل يطلق يدها لإبادة ما تستطيع من الشعبين الفلسطيني واللبناني واستكمال تدمير بنيتيهما التحتيتين وتدمير اقتصادهما بالكامل. ليشهد العالم ميلاد الشرق الأوسط الجديد الذي يريدونه دون أي مراعاة لمصالح شعوب المنطقة. وما أعقبها
من أحداث أدت إلى تغيير أنظمة الحكم في تونس ومصر واليمن، وإلى تدمير ليبيا وتغيير
نظام الحكم فيها، والأحداث المأساوية المستمرة في سورية، والتي قد تنتقل إلى دول
الجوار الإقليمي، بالإضافة للأحداث المأساوية الجارية في البحرين.
وهذه
النكبة
ليست عربية فقط وإنما هي نكبة للإنسانية وللنظام الدولي وللمنظمة الدولية التي تعتبر عنوانا له وهي الأمم المتحدة التي لم تعبأ بها لا الولايات المتحدة الأمريكية ولا إسرائيل الخارجة على النظام الدولي بحماية ودعم الولايات المتحدة الأمريكية في الشأن الفلسطيني واللبناني والعراقي، وبقراراتها بشأنهم، حتى وصلت الأمور إلى قصف المقرات التابعة لهذه المنظمة الدولية في العراق ولبنان بالصواريخ، وهدم تلك المقرات وقتل وجرح من كانوا فيها بمن فيهم الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة في العراق لا لشيء إلا لتصريحه بأن الاحتلال الأمريكي للعراق مذل وجارح للعراقيين، ولابد أن الهدف الأساسي من اجتياح العراق كان تحطيم البنية الأساسية لقطاع البحث العلمي العراقي واعتقال وتصفية كبار علمائه. ووقف الاختراق العلمي الذي حققه العراق ويمكن أن يضمن القوة والمنعة للدول العربية ويضمن لها التقدم العلمي والتكنولوجي والاقتصادي والقدرة علي المنافسة في الأسواق الدولية التي يتزايد انفتاحها بشكل تدريجي في ظروف العولمة.
وللمقارنة نرى
أن إسرائيل خصصت خلال الفترة الممتدة من عام 1989 وحتى عام 2000 نحو 2.38% من دخلها القومي الإجمالي للبحث والتطوير العلمي في الوقت الذي خصصت فيه مصر أقل من 0.2% من ناتجها القومي للبحث والتطوير العلمي، وسورية 0.18%، والإمارات العربية المتحدة 0.45%، والكويت 0.2%، والأردن 0.26%، أما بقية الدول العربية فلم تكن هناك أية مؤشرات عن إنفاقها على البحث والتطوير العلمي، وهذا أقل بكثير من المعدلات الدولية المخصصة للإنفاق في هذا المجال، وأقل بكثير مما تنفقه إسرائيل العدو المصيري للعرب التي أنفقت 3.8 مليار دولار أمريكي علي البحث والتطوير العلمي في عام 2002 فقط، وهذا ضعف ما أنفقته الدول العربية مجتمعة في هذا المجال، بالإضافة إلى ترهل الأجهزة الإدارية المشرفة على البحث العلمي التي تستنزف القسم الأكبر من المخصصات الموجهة للبحث العلمي في موازنة الدولة في أغلب الدول العربية. ومن مقارنة بسيطة ليس لثمار البحث العلمي التطبيقية بل في مجال نشر المقالات والدراسات العلمية في مجال التقدم العلمي والتكنولوجي والتقني نرى أن: الدول العربية مجتمعة نشرت خلال عام 1999 حوالي 3416 مقالة وبحثاً علمياً؛ بينما نشرت إسرائيل وحدها 5025 بحثاً ومقالة علمية وهو ما يساعدها على تبادل نتائج البحث العلمي المتكافئ نوعاً ما لتبادل المصالح في مجال التطوير العلمي مع الدول المتقدمة، خاصة وأن إسرائيل استطاعت خلال عام 2001 تصدير منتجات عالية التقنية بلغت قيمتها 7.456 مليون دولار أمريكي ومن
بين مستورديها الولايات المتحدة الأمريكية والفيدرالية الروسية؛ بينما بلغت صادرات مصر من تلك المنتجات في ذلك العام نحو 12 مليون دولار أمريكي؛ وتونس 154 مليون دولار أمريكي؛
واستوردت الدول العربية مجتمعة منتجات عالية التقنية بقيمة 314 مليون دولار أمريكي.
وهذا
يعني وبكل بساطة أن الدول العربية ليست منتجة وليست مستهلكة لمنتجات التقنية العالية وهذا الأمر لا يحتاج لأي تعليق. ولكن لا بد من القول أن الدول العربية مجتمعة دون استثناء بحاجة لتطوير مداخلها وتوجهاتها نحو البحث والتطوير العلمي والتكنولوجي ودخول عالم التكنولوجيا المتقدمة التي يفرضها دخول عالم اليوم عصر العولمة الشاملة وتتطلب تفعيل مراكز البحث العلمي القائمة وترشيد عملها وإيجاد الناقص منها لتتكامل دائرة التعليم والإعلام والبحث العلمي وإنتاج واستهلاك التكنولوجيا المتقدمة وتنسيق الجهود على صعيد الوطن العربي. وكمثال أورد الإعلام الذي يعتبره البعض متفوقاً على الساحة العربية دون أي إشارة لمدى الخروقات الغربية للساحة الإعلامية العربية، وعجز الإعلام العربي عن مخاطبة الساحة الإعلامية الدولية، وعجزه عن إيصال الخبر والصورة في موعدها دون تأخير وفق منطق ومفهوم وتفوق وسائل الاتصال والتقنيات الرقمية المتطورة عبر الأقمار الصناعية التي استخدمتها بنجاح كبير وسائل الاتصال والإعلام الأمريكية لتغطية أخبار الأحداث الإرهابية التي وقعت عام 2001 في الولايات المتحدة الأمريكية، والحرب التي خاضها ويخوضها الجيش الأمريكي حتى الآن في أفغانستان والعراق.
وشهدت
عمليات
التغطية
الإعلامية
تطورات
هائلة في القرن الحادي والعشرين، وأصبحت لا تعترف لا بالحدود الجغرافية ولا بالحدود السياسية لدول العالم، هذا إن لم نتطرق لبنوك المعلومات وطرق التعامل معها بعد تدشين موقع الإعلام الجديد www.ekateb.net الذي اعتبره البعض أول موقع عربي متخصص في مجال الاتصال والإعلام الجديد يجري تحديثه بشكل دائم بهدف تزويد الإعلاميين العرب بكل ما يحتاجون معرفته عن الاتصال والإعلام الجديد New Media،
والتكنولوجيا
المرتبطة
به ومدى تأثيرها على الصناعة التي يعملون بها سواء كانت إعلاماً مقروءاً أو مرئياً أو مسموعاً. ولكن تلك المصادر (حسنة النية) لم تشر ولو بالتلميح لا لمصادر تمويل الموقع ولا لمصادر تلك المعلومات التي ستلبي وجهة نظر مموليها لتمريرها عبر موقع الاتصال والإعلام الجديد، ولا لتوجهات تلك المصادر التي سيكون لها تأثير كبير دون شك على الوعي العربي وخاصة وعي الإعلاميين البسطاء الذين سينقلون عن موقع الاتصال والإعلام الجديد عن حسن نية.