تابع مراحل تكون الصحافة 3
أ.د. محمد البخاري
التبادل الإعلامي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة
طشقند -
2011
تأليف:
محمد
البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة؛ ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص: صحافة؛ بروفيسور قسم العلاقات العامة والإعلان، كلية الصحافة، جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية.
ومعروف
أن الصحافة أخذت مكانة كبيرة في المجتمع البريطاني على الرغم من الرقابة والضغوط الحكومية عليها، حيث أصدر البرلمان الإنكليزي أول نظام للتأليف عام 1662م شدد فيه الرقابة على المطبوعات وفرض شرط الحصول على ترخيص مسبق لإصدار أي مادة مطبوعة، ومنع نشر ما يدور في جلسات البرلمان من مناقشات في الصحف. وسرعان ما ألغى البرلمان
الإنكليزي هذا النظام عام 1695م تحت ضغوط الصحافة الإنكليزية التي دافعت بشدة عن حريتها.
وشهدت
الفترة
اللاحقة
ظهور صحف إنكليزية كثيرة، نذكر منها:
-
صحيفة ديلي، وهي أول صحيفة إنكليزية يومية صدرت عام 1702 واستمرت في الصدور حتى عام 1704؛
- وأول
المجلات
الأسبوعية،
التي أصدرها دانيال ديفو عام 1704؛
-
ومجلة تاتلير التي أصدرها كلاً من أديسون وأستيل عام 1709؛
وظهرت
أولى الصفحات السياسية في الصحف الإنكليزية عام 1771 بعد السماح للصحافة الإنكليزية بنشر التعليقات على جلسات البرلمان، وفي نفس الفترة بدأت بالظهور الصحف التي تعتبر أمهات الصحف الصادرة حالياً في بريطانيا، حيث ظهرت:
-
صحيفة ديلي العالمية عام 1785، التي أسسها جون والتير، واستقرت بعد ذلك على اسم تايمز عام 1788، لتصبح من أكبر الصحف البريطانية اعتباراً من عام 1803 وحتى الآن.
كما
ويعتبر
البريطانيون
اليوم أكثر سكان العالم قراءة للصحف استناداً لتقارير اليونسكو التي تشير إلى أن نسبة عدد نسخ الصحف لكل ألف مواطن بريطاني تبلغ 488 نسخة، وأن ما يصدر في بريطانيا من صحف هو أكثر من 125 صحيفة يومية، وكلها تصدر ملاحق أسبوعية أيام الأحد، علاوة عن الصحف المتخصصة، وحوالي 1200 صحيفة محلية أغلبها أسبوعي، منها 145 صحيفة تصدر في لندن الكبرى وحدها. نشرت كلها 25,338 مليون نسخة يومية، و26,837 مليون نسخة من صحف يوم الأحد، إضافة إلى 13,423 مليون نسخة من الصحف الأسبوعية خلال عام 1969.
ومن
بحث نشرته صحيفة ديلي إكسبريس عام 1971م تبين أن كل ألف راشد يقرؤون 181 صحيفة يومية وطنية، وتعتبر بريطانيا العظمى أول دولة في العالم اعترفت بحرية الصحافة عندما ألغت الرقابة على الصحف عام 1695م، وقامت بإنشاء مجلس للصحافة عام 1953م للمحافظة على حرية الصحافة، ويتكون هذا المجلس من: رئيس مستقل من خارج المؤسسات الصحفية؛ و20 عضواً يمثلون الجمعيات الصحفية البريطانية، أغلبهم من ممثلي هيئات تحرير الصحف؛ و5 أعضاء يمثلون القراء.
كما
ولجأت الصحف البريطانية إلى إنشاء التجمعات (Trust تروست) لضمان استقلالها وتدعيم سلطتها، ومن هذه التجمعات الصحفية:
- تجمع
سكوت تروست الذي يصدر صحيفة غارديان؛
- وتجمع أوبزيرفر تروست الذي يصدر صحيفة أوبزرفر؛
- وتجمع بيوفر
بروك الذي يملك 51% من أسهم شركة بيوفر بروك نيوز بيبر ليمتد التي تصدر ديلي إكسبريس، وصانداي إكسبريس، وإيفينينغ ستاندرد (غلاسكو). ويعمل هذا التجمع من خلال توجيهات اللورد بيوفر بروك، القاضية بمساندة سياسة الإمبراطورية البريطانية، ويحرص على تعيين الأشخاص المؤيدين لهذه السياسة فقط لإدارة المؤسسات الصحفية التابعة له.
وقد
رفعت التجمعات الصحفية الكبرى حصتها في مجمل سوق الصحف اليومية والأسبوعية، خلال الفترة الممتدة مابين 1947م – 1988م إلى أكثر من الثلث تقريباً. مما سمح لثلاثة من أباطرة الصحافة البريطانية، وهم: مردوخ وماكسويل وستيفنز بالسيطرة عام 1988 على 57% من مجموع التوزيع اليومي والأسبوعي للصحف البريطانية. وأدى تطور التركيز والتجمع في الصحافة إلى بروز اتجاه متزايد نحو السيطرة على صناعات وقت الفراغ، وأصبحت معه خمس شركات في قطاعات الإعلام تسيطر في أواسط الثمانينات على ما يقارب 40% من مبيعات الكتب و 45% من عمليات الإرسال من محطة ATV للإذاعة
المرئية... الخ، وتصدر جميع الصحف اليومية الوطنية البريطانية في لندن، عدا صحيفة غارديان فتصدر من لندن ومانشستر في آن معاً، ويتراوح عدد صفحاتها مابين 14-32 صفحة.
وقد
أشار الباحث الفرنسي رولان كايرول إلى أن الصحافة البريطانية تعاني من ركود وتراجع في أعداد نسخها الصادرة منذ ستينات القرن الماضي، وهذا الأمر شمل الصحف المتخصصة والشعبية على حد سواء. وفي استطلاع أجرته صحيفة فايننشل تايمز عام 1971م تبين أن عدد قراء الصحف البريطانية يزيد عن عدد النسخ الصادرة من كل عدد.