‏إظهار الرسائل ذات التسميات ترجمة. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات ترجمة. إظهار كافة الرسائل

الخميس، 18 أبريل 2019

خطة البلاشفة الناجحة لاحتلال إمارة بخارى

خطة البلاشفة الناجحة لاحتلال إمارة بخارى
طشقند 18/4/2019 ترجمها وأعدها للنشر أ.د. محمد البخاري
تحت عنوان "إجتياح بخارى. الحمر ضد الإقطاعيين" نشرت الصفحة الإلكترونية  www.centrasia.ru يوم 26/8/2015 مقالة كتبها: فاليري شامباروف، تروي قصة التخطيط لاحتلال بخارى حتى قبل قيام السلطة السوفييتية في تركستان الروسية، ومنها مد السكك الحديدية وإقامة البؤر الاستيطانية داخل أراضي إمارة بخارى واتباع سياسة فرق تسد وجاء فيها:
بدأ الحمر (الجيش الأحمر، المترجم) قبل قبل 95 عاماً مضت حربهم ضد آخر دولة إقطاعية في وسط آسيا، إمارة بخارى. وفي البداية كانت هناك دولتان أخريتان في المنطقة، هما خانيتي: قوقند وخيوة. وكانوا (البلاشفة، المترجم) يعتبرونهم أعشاشاً لحيوانات مفترسة، إذ منهما كانت تشن غارات مدمرة على الأراضي الخاضعة للحكم الروسي، وخلال ستينات القرن التاسع عشر قامت الحكومة القيصرية بتنظيم حملة عسكرية ضدهم، بهدف إبعادهم نحو جنوب خط الحصون الروسية. وكان رد الحكام الآسيويون الحرب. وفي أفغانستان تمركز الإنكليز، الذين استمالوا المعادين للروس ووضعوهم تحت جناحهم، ومدوهم بالسلاح. لأن الدول الثلاث لم تكن مهزومة بعد. واعترفت (الدول الثلاث) بوضعها تحت حماية "القيصر الأبيض"، وحظرت تجارة الرقيق. وهذا لم يعجب نبلاء قوقند. فقاموا بالأطاحة بالخان خودايار الخاضع لروسيا، وجددوا الحرب ضد "الكفار". ولكن محافظ تركستان كاوفمان والجنرال سكوبليف قاما بتدميرهم مرة أخرى، وتم القضاء على الخانية بالكامل.


تجمع العمال والوحدات الثورية في بخارى بعد إسقاط الأمير 2 سبتمبر/إيلول 1920
ولكن تصرف بخارى وخيوه كان أكثر حكمة، فقد أصبح حاكميهما تابعان للقيصر، ولكنهما حافظا على استقلالهم الذاتي، وعاشوا وفق قوانينهم الخاصة. وهكذا انتقلوا من زمن الحجي نصر الدين إلى القرن العشرين مع القصور والحريم والأسوق ومقرات القوافل التجارية. وفي بخارى حملت الرشاشات على فيلة معدة للحرب. وفي خيوه كان أساس الجيش من قبائل التركمان الرحل. وعبر أراضي بخارى امتدت السكك الحديدية الروسية. واعتبرت غير تابعة لدولة بخارى، وحتى طريق السكك الحديدية والمحطات وقرى العمال كانت تابعة لروسيا أيضاً.
وقبل الحرب العالمية الأولى قامت تركيا بأعمال تخريبية في وسط آسيا، وسعت لانهاض تأثيرها على الشعوب المسلمة. وزاد تأثير حزب الشباب التركي الماسوني، الذي نظم أحزاب تابعة له، على مثال: شباب بخارى، وشباب خيوه. وكانوا ثواراً منضوين تحت جناح تركيا الجديدة، ولكن تلك الأحزاب كانت ضعيفة، وقليلة العدد، ولم تكن لها أيديولوجية واحدة. ووقفت الشخصيات المعتدلة وراء مطلب إقامة حكم دستوري في الإمارة والخانية، وكان المتزمتون يؤيدون إقامة جمهورية إسلامية. وفي هاتان الدولتان منعت تلك الأحزاب. وقطعت الرؤوس وسلخت الجلود، عقاباً على الإنتماء لهذه الأحزاب وفقاً لرغبة الحكام.
وفي عام 1917 عمت الفوضى الثورية والحرب الأهلية روسيا, وانهارت السلطة في وسط آسيا. وأقيمت في طشقند السلطة السوفييتية، وظهرت حكومتها المؤلفة من مجلس نواب الشعب. وحصلت بخارى وخيوه على الاستقلال التام. وفي منطقة ما وراء بحر القوقاز (تركمانيا) قضي على البلاشفة وتم دعوة الإنكليز. وأيد الكوزاك سلطة البيض (الجيش الأبيض، المترجم). وفي فرغانه وقوقند ظهرت عصابات الباسماتشي (الجماعات المحلية المسلحة، المترجم). وبقرار من مؤتمر فرسال وضعت آسيا الوسطى تحت الإنتداب الإنكليزي، وقام الإنكليز بدعم وتسليح الباسماتشي، ووضعوا خيوه وبخارى تحت حمايتهم. ولكن الحرب الأهلية هنا لم تأخذ طبيعة "طبقية" فقط، بل وحرب بين القوميات. وقامت عصابات القورباشيين المحليين بقتل الروس بغض النظر عن وجهات نظهرهم. وساعدهم على ذلك حكام خيوه وبخارى. ولهذا كان السكان الروس في تركستان والسكان المحليين الموالين للروس إلى جانب الحمر.
وحاول البلاشفة في طشقند شد بخارى وخيوه للثورة. وتحويل شباب بخارى وشباب خيوه لحلفاء لهم، وتشكيل أحزاب شيوعية على قاعدتهم. ومن بين القادة الشباب في بخارى كان المغامر الكبير فايز الله حجاييف، الذي سافر إلى موسكو وتحدث هناك مع سفيردلوف، وأكد له ولبلاشفة طشقند أن سلطة الأمير معلقة على شعرة، وعلى الحمر التوجه إلى بخارى لأن 15 ألف ثائر سيتمردون هناك. وعلى مايبدو كان القيام بذلك ليس صعباً، فعلى أراضي بخارى كانت هناك المستوطنات الروسية: بخارى الجديدة (كاغان)، وتشارجو الجديدة (تشارجو)، وترمذ (كيركي) وكانت خارج سلطة إمارة بخارى، وأقيمت فيها السلطة السوفييتية.
وتحمس لذلك رئيس مجلس مفوضي الشعب كوليسوف وأرسل إلى بخارى بضعة آلاف من جنود الجيش الأحمر مزودين بالمدافع. فقام الأمير سيد عالم خان بالتظاهر وأعلن عن أنه موافق على الإستسلام وتسليم السلطة للجنة الثورية بقيادة حجاييف. ودعا وفداً لإجراء المحادثات في بخارى وأمر بتقطيعهم إرباً إرباً. وأسرع لمغادرة المدينة مع جيشه وانقض على المهاجمين. وبالكاد حرك كولوسوف وحجاييف وبقايا الجيش أقدامهم. وعاشت خيوه بهدوء تحت حماية أهوار قره قوم، وقزل قوم، وأموداريا. حيث لم يذهب أحد إلى هناك حتى ذلك الوقت.
وفي عام 1919 ومن أجل تطهير الطريق في آسيا الوسطى أمام روسيا السوفييتية تم إحداث جبهة تركستان بقيادة ميخائيل فاسيليفيتش فرونزة، وضمت الجبهة القوات الموجودة داخل تركستان. وكان عدد الخصوم متفوق بعدة مرات ولكنهم كانوا مفككين. وواجه فرونزة بشكل مباشر كوزاك الأورال بقيادة الجنرال تولستوف، وكوزاك أورنبورغ بقيادة دوتوف. وفي الشرق قاتل كوزاك سيميريتش. ودافع الحرس الأبيض بقيادة الجنرال ليتفينوف والخاضعين لدينيكين عن ما وراء بحر قزوين. وسيطر الباسماتشي على فرغانة ولم يقتلوا الروس فقط هناك، بل تصارعوا فيما بينهم بسبب الظروف الصعبة. ووقع أمير بخارى الذي هزمه الحمر على اتفاقية سلام معهم على أمل الحصول على مساعدة من الإنكليز لاحقاً. وكانت خيوه في البداية متحالفة مع بخارى وكانت تحت حكم أسفانديار قريب وصديق سيد عالم. وبعد ذلك أزاحه الخان جنيد عن السلطة. وطبعاً اختلفت الدولتان.
وفي البداية سحق الحمر خصومهم على التوالي. وبينما كان فرونزة مشغولاً بعملياته في الأورال، قاد تركستان عضو المجلس العسكري للجبهة كويبشيف. ووجه الضربة الأولى إلى منطقة ما وراء بحر قزوين، وأخرج البيض بقيادة ليتفينوف من عشق آباد، وقيزل أروات. وحاولوا التمركز وبنوا مواقع إلى جانب خط السكك الحديدية، ولكن الحمر قاموا بالتفافات نحو العمق عبر الصحراء ووصلوا إلى تولا. وخطوة خطوة أجبروا البيض على الإنسحاب نحو كراسنوفودسك. ودافع البيض عن مواقعهم لفترة طويلة ولكن لم يستطع أحد تقديم المساعدة لهم ووقعوا في الحصار. وهناك كان من استطاع الإنسحاب بالسفن إلى إيران، بينما استسلم الآخرون.
وموقع الضربة التالية كانت خيوه وشكلت للعملية الموجهة ضدها مجموعة من القوات بقيادة شايداكوف. وساند الحمر كوزاك أموداريا، من قناعتهم أن الروس "إخوتنا"! والخان "غريب". وحتى ذلك الوقت كان جنيد مغتصباً وتسلم كرسي الحكم منذ عدة أشهر مضت. وداخل الخانية كان له الكثير من الخصوم. الذين استخدموا حزب شباب خيوة برئاسة مللوأرزو خوجاماميدوف. وزودوه بالسلاح والمال.
وفي ديسمبر/كانون أول 1919 تمرد شباب خيوه ووجهوا طلب مساعدة إلى الجيش الأحمر التركستاني. وأصدر كويبيشيف أمراً للقوات بدخول حدود خانية خيوه. وتحركت مجموعة شايداكوف عبر نهر أموداريا على متن سفن الركاب والسفن الحربية. وتضمن النداء الذي وزع أثناء الإجتياح: "يا شعوب خيوه نحن نعلم أن جنيد أصبح للكثيرين منكم عدواً ومغتصباً. ونتوجه ضده وحده للحفاظ على السلام الطيب مع الجميع، وكل الذين لا يدعمونه بالكلام والسلاح، ونحن نتمنى ليس كأعداء بل كأصدقاء تلقي الدعم الصادق الطيب من القلب. الموت للسارق جنيد! تحيا خيوه حرة مستقلة!" وانضمت إليهم قبائل ماشيريبوف وشايداروف الرحل المعادية لقبيلة جنيد بسلاحها.
وتم القضاء على قوات خيوه بالقرب من خوجيلي. وبتاريخ 2/1/1920 واحتل الحمر كونيا-أورغينيتش، وبعدها نوفوأورغينيتش. وبتاريخ 1 فبراير/شباط سقطت خيوه. وغادر جنيد إلى قره قوم. ولكن الصراع ضده استمر طويلاً، وتحول إلى زعيم للباسماتشي كواحد من الكثيرين. وتحولت الخانية إلى جمهورية خوارزم الشعبية السوفييتية.
وأنهى فرونزة العملية ضد كوزاك الأورال وأورينبورغ. وأظهر نفسه كقائد حربي رائع، وسياسي حكيم، وشخص نبيل وإنساني. وقبل الهجوم الحاسم سافر إلى موسكو وإستطاع هناك الحصول من لينين على عفو عن المستسلمين. وأثبت أنه بهذه الطريقة يمكن إنهاء الصراع الطويل في صحارى الأورال. وفي نفس الوقت بدأ عملياته الحربية، وعلى هذا الشكل تمكن من كسر الكوزاك. وتوجه الأورنبورجيين مع دوتوف نحو الشرق، إلى سيميريتش ومن هناك إلى الصين. وانسحب الأوراليون في شتاء البوادي والصحارى إلى جبهة أليكساندروفسك، ونقلوا بقايا قواتهم بالسفن إلى فارس المجاورة.
وبعد تلك الانتصارات وصل فرونزة إلى تركستان. وكان على رأس السلطة وليس قائد للجبهة فقط، وممثل مطلق الصلاحية لمفوض اللجنة التنفيذية المركزية لعموم روسيا ومجلس مفوضي الشعب. وهو الذي ولد وترعرع في هذه المناطق، وعرف بشكل رائع التقاليد المحلية. وفهم بشكل جيد أن "الشرق – مسألة حساسة". واستطاع الحصول على إحترام عميق وحقيقي من السكان. وزار الأماكن المقدسة المحلية، وقبر تيمور تيمورلانغ، و"عرش سليمان" في أوش. والتقى مع الشيوخ وبحث معهم المسائل الهامة.
وفي فرغانة بدت الحرب وكأنها دون نهاية. فالقوات السوفييتية احتلت دون مقاومة المدن والقرى، ومع اقترابهم منها غادرها الباسماتشيون، ولكنهم عادوا بعد ذلك مجدداً. ولعبوا على الأجهزة السوفييتية، والمليشيات. وعلى جميع المتعاطفين مع "الكفار". ولكن انتشرت العداوات بين قادة القورباشيين كما في السابق. وتصارعوا على مجالات النفوذ. وتمكن فرونزة من اللعب على ذلك. وبدأ بإستمالة البعض إلى جانبه، وعين القورباشيين قادة للأفواج. وظهر في الجيش الأحمر الفوج الأوزبكي المرغيلاني الأول، وفوج فرسان الترك الأول. وحتى تسميات فرونزة أخذت طابع غرور مؤلم. ولم يكن هناك أي فوج "ثاني"، كلها كانت "الأول". وأصبح بعضها مباشرة قطعات سوفييتية جيدة. ولكنها تصرفت بشكل مخادع، وأظهرت أمزجة مهتزة، ولم يكن هذا خطراً كبيراً. لأن الأفواج وضعت تحت المراقبة. وأحاطت بها قوات مضمونة، وعند الخطر نزع سلاحها واعتقل قادتها.
وأنهى فرونزة المعركة في سمرقند تقريباً بنفس الشكل، كصراع مع كوزاك الأورال. وقام بالهجوم وخلال الإستيلاء على المحطات لم يكن هناك تجاوزات ونهب وإطلاق نار. وتضمن أمر قائد الفرقة بيلوف في هذا المجال: "...كل شيء يتعلق بكم – أو يمكن إنهاء الجبهة، أو دفع الكوزاك نحو حرب جديدة". الكوزاك متعبون جداً من الحرب المستمرة دون آفاق. وأدهشهم تغير سلوك البلاشفة، ولم يصدقوا عيونهم. وقالوا: "الحمر أوقفوا الحرب ضد الكوزاك" – وبدأوا بتخزين أسلحتهم. واستسلمت قلعة كوبال الجبلية الحصينة، التي صدت عدة هجمات. حتى أن جزءاً من القوزاق بدؤوا بالعودة، رغم أنه كان لديهم الوقت الكافي للتوجه إلى الخارج.
ولم تزل هناك بخارى. ومعها كما سبق وأشير وقعت اتفاقية سلام. حتى أن فرونزة قام بزيارة الأمير، وكإشارة لـ"الصداقة" أهداه 4 مدافع (والحقيقة، "نسي" قذائفها). ومع ذلك لم تخدع الأمير "الصداقة" وهو الذي أعطى على أراضيه ملاذاً للباسماتشيين، وأطعمهم وسلحهم. وتسكع حول الأمير عملاء البريطانيين، وأجروا محادثات لتنتقل الدولة رسمياً إلى تحت حماية إنكلترا. ولم يوقع سعيد عالم حتى ذلك الوقت على الاتفاقية، فقط لخوفه من أن تكون صفقة سيئة. ولكنه كان يمكنه عدم الشك والتوقيع. وكان يجب الإسراع بذلك...
وفي صيف عام 1920 بدأ فرونزة يستعد للحرب ضد بخارى. وعزز أسطول أموداريا، وبلغ عدد سفنه 38 مع 26 مدفع على متن كل سفينة. وأضاف 6 قوارب وفرقة طائرات مائية أرسلت من سامارة بناء على طلبه. والمهمة الرئيسية للأسطول كانت قطع الطريق بين بخارى وغيرها من دول الشرق، والتي اعتمدت أساساً على الطرق المائية، نهر أمودريا إلى أفغانستان. وعلى هذا الشكل حرم الأمير من إمكانية الحصول الدعم من خارج الحدود.
وأعيد تشكيل الجناح اليساري لحزب البخارية الشباب ليصبح "حزب بخارى الشيوعي". وبلغ عدد أعضائه 5 آلاف شخص، وتولى قيادته فايز الله حجاييف. وأرسلت لهم الأسلحة، والأموال، والمواد الدعائية. وأصبحت المحطات غير الخاضعة للدولة والقرى التي أنشأت على طول السكك الحددية كقواعد للتحضير للهجوم. وفي تشارجو السوفييتية الجديدة عقد مؤتمر لشيوعيي بخارى، وأعلنوا عن هدفهم، القيام بانتفاضة مسلحة. وهنا أيضاً بدأ في القرى غير الخاضعة لسلطة الدولة تشكيل "جيش بخارى الأحمر". وحتى أغسطس/آب وصل عدد أفراده نحو 7 آلاف شخص. وبتاريخ 12 أغسطس/آب أصدر فرونزة أمراً كما كان من المنتظر "قيام شعب بخارى على طريق المعركة المفتوحة ضد الأمير".
وحصل سيد عالم على إشارات تنبؤ بالخطر، ولكنه تعامل معها باستهتار إلى حد ما. آملاً أن يتمكن من التعامل مع الأوضاع. لأنه في الواقع وكما حصل في الحرب السابقة أخرجوا الحمر بسهولة كالغبار! وعلقوا رؤوسهم على الآوتاد! وكما كان واضحاً لم يلاحظ الأمير تدهور الأوضاع. ففي البداية منع المواطنين السوفييت من تخطي حدود مناطق سكنهم. وبعدها أمر بردم الجداول التي تزود مناطق سكن الروس غير الخاضعة للدولة بالمياه ومنع فلاحيه من حمل المنتجات إلى هناك. وأعلن التعبئة العامة. وكان عدد جيش بخارى يبلغ نحو 60 ألف شخص، مع الباسماتشيين، ومفارز البكوات التابعين له (معتبراً، أنهم باسماتشي).
وبلغت قطعات النخبة في الجيش النظامي للأمير 16 ألف حربة وسيف. وجمع فرونزة ضدهم 17 ألف جندي أحمر، إضافة لـ 7 آلاف من "جيش بخارى الأحمر". ولكن جاهزيتهم القتالية كانت موضع شك، وقسم كبير منهم كانوا عبارة عن حشد فوضوي. ولكنهم كانوا يشكلون أهمية للـ"تمثيل"، وكانوا كافين لتغطية المناطق الثانوية. وتفوق الجانب السوفييتي كان بالطائرات والمدرعات والمدفعية الجيدة. وحتى الجنود مع خبرة حرب أو حربين. ومع ازياد التوتر أمر الأمير جنوده بتفكيك "مصدر كل البلاوي" طريق السكك الحديدية ولكن القطارات المدرعة للحمر كانت عليها ومنعت بإطلاق النار كل محاولات الإقتراب من السكك الحديدية. واختار فرونزة محطة نوفي كاغان التي تبعد عن مدينة بخارى مسافة 20 كيلو متر نقطة إنطلاق لتركيز حشد قواته.
وبتاريخ 28 أغسطس/آب بدأ تنفيذ السيناريو الموضوع. الشيوعيون البخارية بدأوا بالإنتفاضة في بازار السكر بالقرب من تشارجو. ومن تشارجو الجديدة السوفييتية "لمساعدة الإخوة" مباشرة بدأ "الجيش الأحمر البخاري"بالهجوم. ومن دون قتال سيطروا على تشارجو القديمة، وبعدها شهريسابز، وكيرمان. وبسرعة أعلنوا تأسيس الحكومة التي طلبت المساعدة من تركستان السوفييتية. وهنا كاد حدوث خلل! فقد وقف تروتسكي فجأة ضد الحملة. وفي اللجنة المركزية التركستانية أثار مناصريه والقوميين فضيحة. واتهموا فرونزة وكويبشيف بالمغامرة. وصرخوا بأنهم "بأعمالهم تلك أثاروا البخارية للهجوم".
ولكن لم تستطع مثل هذه الإحتجاجات والمحاولات تعطيل حملة ميخائيل فاسليفيتش. ووقفت قطعاته عند مواقع الهجوم، وأعطى أمراً تضمن: "في صفوف البخارية المحليين بدأت حركة ثورية. القطعات التي ولدت من الجيش الأحمر البخاري تقدمت لمساعدة شعبها الأصيل. وعلى القطعات الحمراء والعمال والفلاحين الروس الوقوف إلى جانبهم. وأمر كل القوات المسلحة بتقديم المساعدة للشعب البخاري في ساعة الحسم...".
ومساء 29 أغسطس/آب تقدمت قطعات الحمر نحو الأمام. ولم يكن تمركزهم في كاغان الجديدة صدفة. وبقفزة واحدة وصلت القوات إلى أسوار مدينة بخارى. وخلال بضع ساعات من بداية الحرب تم قطع الأمير عن تابعيه! وقطعت عن العاصمة الوحدات العسكرية التي أرسلها سيد عالم للقضاء على الإنتفاضة. وفي صباح اليوم التالي بدأ الهجوم. والدفاع كان مهياً جيداً، وهيأت المواقع بشكل مبكر. والقلعة كانت قوية. وأحاطت بالمدينة الأسوار الطينية بإرتفاع 5 أمتار مع 11 بوابة و130 برج.
ولم تستطع قذائف مدفعية الميدان فتح ثغرات في الجدار، ولم يحرز اليوم الأول من الهجوم أي نجاح. ولو أن القتال في بعض المواقع وصل للإشتباك بالأيدي، وتم صدهم في كل الأماكن. وبلغت الخسائر أكثر من 550 شخص. وبتاريخ 31 غسطس/آب أحضرت مدافع إضافية وبدأت بالقصف الشامل. وبقي كويبشيف في طشقند وعمل على إرسال كل ماهو ضروري بشكل سريع إلى الجبهة. وأرسل الاحتياطيات التي طلبها فرونزة، لواء المتربين، ومركبات مدرعة.
وحتى المساء تمكنوا من إحداث ثغرة في الحائط. وخلال الليل أغلقها البخاريون، ومع ذلك بدأ هجوم جديد في اليوم التالي. والمركبات المدرعة سارت تحت أسوار المدينة، دون التعرض لخطر المدافعين. وفي أحد الأماكن وتحت حمايتها فجر سلاح المهندسين السور. ومن خلال الفجوة اندفعت فرقة الوحدت الخاصة ... وحتى الساعة الـ 6 وتحت دعم مدفعي قوي احتلوا بوابة مزار شريف. وفي الساعة الـ 10 احتلت قطعات لواء التتار بوابة قارشي. وانتقل القتال إلى الشوارع. واشتعلت النيران في المدينة، وهرب السكان. ومن تبقى من المدافعين تحصنوا داخل القلعة – أرك.
وبتاريخ 2 سبتمبر/أيلول بدأ الحمر اجتياح القلعة. وبعد معركة استمرت 12 ساعة وقعت القلعة في أيديهم. وغادر الأمير المدينة ليلاً عبر البوابة الشمالية، التي لم تزل حرة وهرب إلى قرية دوشمبة. وفي هذا الوقت أعلن أنه يوافق على إعطاء الإمارة جنسية بريطانيا العظمى. ولكنه تأخر بذلك قليلاً. وعملياً لم يعد لهذا التصرف أية عواقب، لأن سيد عالم فقد السلطة واقعياً، وفقد دولته. ومكان الإمارة شكلت جمهورية بخارى السوفييتية الشعبية. وكانت حكومتها من مجلس النظراء الشعبيين، وترأسها فايز الله حجاييف البالغ من العمر 24 عاماً. وإلى جانبه كان السفير المفوض السوفييتي ف.ف. كويبيشيف. الذي نظم وصحح سياسته. أما الجيش الأحمر البخاري فبدأ الكفاح ضد الباسماتشيين.
فاليري شامباروف. 25/8/2015
المصدر: الصفحة الإلكترونية زافترا. العنوان الدائم للمقالة باللغة الروسية: http://www.centrasia.ru/newsA.php?st=1440572160

الجمعة، 20 يناير 2012

مرور 20 عاماً على تأسيس المركز الثقافي الأممي بجمهورية أوزبكستان

نص الكلمة التي وجهها رئيس جمهورية أوزبكستان للمشاركين في الإجتماع الإحتفالي بمناسبة مرور 20 عاماً على تأسيس المركز الثقافي الأممي بجمهورية أوزبكستان. نقلاً عن وكالة أنباء UZA، يوم 20/1/2012.
مواطني المحترمين! أصدقائي الأعزاء!
لمن دواعي سروري الكبيرة أن أهنئكم وبصدق، ومن خلالكم أهنئ كل شعب وطننا متعدد القوميات بمناسبة مرور 20 عاماً على تأسيس المركز الثقافي الأممي بجمهورية أوزبكستان.
الرمز العميق لهذه المناسبة الهامة أننا نحتفل بها مباشرة بعد الإحتفال بالذكرى الـ 20 لإستقلال أوزبكستان. ونرى فيها قبل كل شيء شهادة حقيقية للأهمية التي أعطيت من الأيام الأولى للإستقلال لتطور التفاهم القومي في بلادنا.
ونحن نحتفل بهذه المناسبة كممثلين لمختلف القوميات التي تعيش في أوزبكستان، نعطي إحترامنا لأولئك الذين عبر تاريخ آلاف السنين لوطننا الخير المعطاء المضياف عاشوا بسلام وتفاهم ويمثلون مختلف الثقافات والحضارات. وهذا وفر الظروف الملائمة لتشكل طريقة تفكير خاصة بشعبنا، تتميز بروح التسامح، والطيبة، وحب السلام، والكرم.
ومثل هذا التنوع القومي مع وحدة شعبنا، ليس فقط خاصية فريدة، ولكنه أهمية للغنى العظيم، والكرم، والغنى المشترك الذي من الصعب أن لا يعطيه كل واحد منا حق قدره.
وأنا على ثقة من أنكم جميعاً تتفقون معي بأن الغنى الكبير والأهم لنا هو قبل كل شيء العيش تحت سماء وطننا السلمية، وفي أجواء التفاهم القومي والوطني، والصداقة والتعاضض، السائدة في المجتمع.
اليوم يعيش في الجمهورية كأسرة واحدة، بصداقة وتفاهم ممثلون لأكثر من 130 قومية وشعب، وجميعهم يتمتعون بحقوق وإمكانيات متساوية تساعد على تطور خصائصهم العرقية، واللغوية، والعادات والتقاليد، والغنى الشامل المشترك لها. ونحن نقيم عالياً أعمالهم المعطاءة التي يقدمونها للإسهام في الحفاظ على الحياة الهادئة والمستقرة في البلاد، وإجراء تغييرات واسعة في جميع المجالات من أجل مستقبل إزدهار وطننا، وزيادة مستواه على الساحة الدولية.
وتجب الإشارة إلى أنه خلال سنوات الإستقلال أحدثت في أوزبكستان الأسس الحقوقية وكل الظروف الضرورية لتطور التفاهم بين القوميات والأديان. وتربية وتعزيز مستقبل ثقافة التسامح التي غدت واحدة من أفضليات إتجاهات السياسة الحكومية.
ومما يستحق الإهتمام أنه ينظر في بلادنا اليوم لثقافة التنوع القومي كجزء لا يتجزء من حياتنا، وعاملاً يخدم الإستقرار ويلعب دوراً هاماً في حركة تقدم مجتمعنا على طريق تعميق الإصلاحات الديمقراطية، وتشكيل لوحة غنية لا تتكرر لمختلف الثقافات القومية في بيتنا المشترك الذي نطلق عليه اسم أوزبكستان.
وأريد أن أعبر عن عميق إحترامي واصدق تهاني للمسؤولين ونشطاء كل المراكز الثقافية القومية على عملهم الخير والطيب من أجل الحفاظ على السلام والتوفيق على أرضنا من أجل مستقبل أولادنا وأحفادنا، ومستقبل تعزيز التفاهمن والإنسانية، والطيبة في مجتمعنا. وليسعدني أن النشاطات المتعددة للمركز الثقافي الأممي بجمهورية أوزبكستان التي بلغت الـ 20 عاماً بجوهرها أصبحت بيتاً للصداقة وتعتبر عملياً إنعكاساً لمثل هذه الأهداف والمهام العالية.
من كل قلبي أتمنى لكم جميعاً أصدقائي الأعزاء الصحة والعافية والسعادة والنجاح لأسركم، ونجاحات جديدة في نشاطاتكم الطيبة والمسؤولة من أجل حاضر ومستقبل القوميات والشعوب التي تعيش في أوزبكستان.
إسلام كريموف رئيس جمهورية أوزبكستان

الأحد، 2 أكتوبر 2011

تهنئة رئيس جمهورية أوزبكستان للمعلمين والمربين

تهنئة رئيس جمهورية أوزبكستان للمعلمين والمربين في أوزبكستان.
المعلمون والمربون المحترمون !
لمن دواعي إرتياحي العظيمة أن أهنئكم بصدق ومن كل قلبي بيوم المعلم والمربي وأن أعبر لكم عن أفضل تمنياتي الطيبة.
في هذا العام نحتفل بهذه المناسبة المضيئة والعزيزة على الجميع في أجواء خاصة، وبتوجهات عالية أعطتنا إياها إحتفالاتنا بالذكرى العشرين لإستقلال وطننا.
وهكذا مر 15 عاماً وبلادنا تحتفل بشكل واسع في الـ 1 من أكتوبر/تشرين أول كعيد شعبي عام – يوم المعلم والمربي.
ومثل هذه المناسبة لا تصادف في العالم دائماً، وهذا العيد من دون شك يعتبر يوماً للإحترام العميق والإعتراف بالإسهام الذي لا يقدر بثمن في إزدهار الوطن أوزبكستان، واليوم آلاف وآلاف المعلمين والمربين المخلصين، يشكلون جزءاً هاماً ونشيطاً من المثقفين – عماد القوة المحركة لتطورنا المعنوي.
وأثناء اللقاءآت والمحادثات مع مندوبي الأوساط الإجتماعية في أماكن تواجدهم مرة أخرى أقتنعت بأنه ألقى بجذوره لدى الشعب وبعمق تصور عن أنه إذا كان أعظم بناء في العالم هو حرم التنوير – المدرسة، فهذا يعني وسط كل المهن الأكثر إحتراماً – مهنة المعلم. ومما يسعدنا أنها ليست كلمة بسيطة، ولكنها أصبحت حقيقة في حياتنا، حقيقية تعكس نمو الإحترام للعمل الطيب للعاملين في التنوير.
ومن هذه الفكرة أعتبر طبيعياً أنه بين مندوبي مختلف المجالات والقطاعات، إستحق الكثير من المعلمين والمربين المحترمين أعلى تكريم في وطننا لقاء نشاطاتهم عملهم المثمر على طريق زيادة مقدرات وقدرة بلادنا. وبعملهم الدؤوب ومن خلال المطالب العالية الحديثة لتطور مجال التعليم والتربية، التي تعتبر عاملاً حاسماً في يومنا هذا وفي المستقبل، يربون الجيل الشاب المتعلم المتطور القادر على التفكير الذاتي وبسعة الآفق.
واليوم وليس في بلادنا فقط ولكن على الصعيد الدولي يحصلون على إعتراف جدير بالنتائج العالية المحققة في أوزبكستان وفي الكثير من النماذج القومية الفريدة للتعليم، التي تعطي في النهاية "فاعلية متفجرة" إيجابية.
وبموجب البرنامج القومي لإعداد الكوادر في بلادنا طبق نظام جديد بالكامل يتالف من 12 عاماً للتعليم المستمر، ويتضمن قاعدة التعليم العام في المدرسة، والكوليج، والليتسيه الأكاديمية، حيث يحصل أولادنا على معارف حديثة ومهن، ويحصلون رمزياً على توجه في الحياة ويعتبر إسهاماً عملياً عظيماً في إزدهار البلاد. وهذا بدوره إثبات ساطع لصحة نموذج التعليم الذي إخترناه في الحياة.
في بلادنا وفي إطار البرامج الحكومية القومية العامة يتطور التعليم المدرسي، وإجتزنا أعمالاً واسعة في بناء، وترميم، وإعادة بناء وتزويد 8832 مدرسة، وتم بناء 1537 ليتسيه أكاديمية وكوليج مهني. وخلال سنوات الإستقلال زاد عدد مؤسسات التعليم العالي بنحو المرتين تقريباً– ووصل عددها إلى 65 مؤسسة للتعليم العالي، ويجري فيها إعداد المتخصصين عالي المستوى الذين نحتاجهم، والمستوعبين بعمق لآخر منجزات العلوم والتكنولوجيا الحديثة. وكل هذا يشهد على المستويات العالية التي وصلنا إليها في هذا المجال، وبحق حصلت على إعجاب الكثيرين.
ولا يمكن أن لا تسرنا أنها أصبحت تعطي أولى ثمار عملها في تعزيز القاعدة المادية والتقنية بمدارس الموسيقى والفنون، وفي تطوير رياضة الأطفال، التي نقوم بها إلى جانب تطبيق البرامج المشار إليها أعلاه في حياتنا وأصبحت جزءاً لا يتجزأ من الإصلاحات الجذرية في مجال التعليم.
وما يثبت ذلك حقيقة أنه خلال العشر سنوات الأخيرة قدم تلاميذنا لإستقلال أوزبكستان الكثير، وبجدارة شاركوا في المسابقات الدولية بالمواد الدراسية وفازوا بأكثر من 150 ميدالية ذهبية، وفضية، وبرونزية، وفي المهرجانات الدولية الهامة ومسابقات الفنون حصلوا على أكثر من 670 جائزة، وفي المباريات الرياضية الدولية حصلوا على 1280 ميدالية ذهبية، و1170 ميدالية فضية، 1590 ميدالية برونزية.
وكما هو معروف في الوقت الحاضر لا يمكن تصور عمليات التعليم من دون تكنولولجيا المعلوماتية والإتصالات الحديثة، والإنترنيت. ومن اجل هذا الهدف أحدث مركز تطوير برامج الإتصالات المرئية التعليمية العامة، وجرت أعمال لإحداث وسائط الإتصالات المرئية، وتجهيز نسخ إلكترونية من الكتب والمواد التعليمية، وتم توصيل كل المدارس بشبكة Л«Ziyonet» وهو ما سمح بتعزيز الصلات الدائمة بين عملية التعليم والتربية، والتقدم العلمي والتكنولوجي، ومنجزات التطور القومية والإنسانية، وزيادة نوعية وفاعلية الدراسة.
وتعزز ثقتنا بيوم الغد حقيقة أنه من أجل تطوير هذه النظم المعاصرة الجديدة للتعليم خصصت الدولة موارد مالية ضخمة ومعدات من أجل زيادة حجمها وعددها من سنة إلى أخرى.
ووفقاً للقرار الذي تم إتخاذه من وقت قريب للتصديق على المقاييس الأساسية المعدة لعام 2012 وتشمل برامج بناء وترميم وإعادة بناء الليتسيهات الأكاديمية، والكوليجات المهنية، ومدارس التعليم العام، ومدارس الموسيقى والفنون، وتزويدها بمعدات جديدة، ومعدات وتجهيزات لرياضة الأطفال، من المقرر تخصيص أكثر من 527 مليار صوم لهذا الغرض، وهو ما يشهد على سعة الأعمال المنتظرة.
وإلى جانب هذا يخطط في القريب العاجل توجيه 300 مليار صوم لتنفيذ برامج ترشيد القاعدة المادية والتقنية لمؤسسات التعليم العالي في البلاد، وتزويدها بالأسس الحديثة، وتطوير عملية إعداد الكوادر، وتشجيع عمل المعلمين والمدرسين. ومن دون شك أن هذا سيكون أحد الخطوات الحاسمة على طريق رفع نظم التعليم في أوزبكستان إلى نوعية ومستوى جديد.
المواطنين الأعزاء !
تجب الإشارة إلى أن الطريق للأهداف والمهام التي تقف أمام بلادنا، أصبحت بلادنا تشعل مكانة هامة إلى جانب الدول المتطورة والديمقراطية في العالم، وفي بناء حياة حرة وناجحة/ ولهذا علينا أن نفهم كلنا وبعمق حقيقة واحدة: يمكن بناء المدن والقرى المزودة بأحدث التقنيات المعاصرة، وبناء المنشآت الضخمة، التي تعتبر قاطرة للإقتصاد، وإستيراد التكنولوجيا العالية والفريدة من الخارج. ولكن القوة البناءة والدافعة لكل هذا، أطفالنا، والجيل الشاب الجديد، الذي يعتمد على معارفه، ومواهبه، وقدراته، ولا يتخلف عن أحد وينضم بثقة لغمار الحياة.
وعلينا دون تردد أن نشكركم، أيها المعلمون والمربون المخلصون، الذين أخذوا على عاتقهم المهمة العظيمة والصعبة لتربية جيل متطور من كل الجوانب، ولم يبخلوا بأنفسهم، ويعملون دون تعب في هذا المجال.
ومعروف لنا جميعاً، أنه خلال الوقت الراهن غير الهادئ، عندما تقوم مختلف القوى المضادة بزيادة محاولاتها للسيطرة على وعي الناس، وخاصة الشباب، وتؤثر سلباً عليهم. وفقط الجيل الشاب، الذي يملك معنويات عالية، وقناعات ثابتة، ووعي عميق، ويعتبرون أنفسهم أحفاد الأجداد العظام الذين يمثلون التاريخ العظيم والثقافة، ويعيشون ويحسون بالحب والإخلاص للوطن، قادر على تطوير البلاد من كل الجوانب وحمايتها من مختلف الهجمات.
وأنا على ثقة من أنكم أعزائي المعلمين والمربين إلى جانب تعليم أولادنا المعارف الحديثة والمهن لن تبخلوا بقوتكم وطاقتكم ومعارفكم ومهاراتكم المهنية من أجل بث هذه الأحاسيس الطيبة والنوعية فيهم، والحفاظ على القيم المعنوية والأخلاقية العالية عند شعبنا.
وأنتهز المناسبة وأعتبر من المناسب مرة أخرى أن أعبر عن: أننا دائماً مدينون لكم، أيها المعلمون والمربون المحترمون، وأنتم تملئون القلوب الشابة بنور المعرفة والطيبة، وتوجهونهم نحو الحياة التي تعتمد على الذات. وأنا كقائد للدولة أعي وبعمق أنكم دائماً تقدمون إسهاماً قيماً لمنجزاتنا العالية، وأن عملكم المخلص يعتبر أساساً لتعزيز الإستقلال، ولرفعة وطننا في العالم كله، وأعتبركم رفاق الدرب ومن أخلص المساعدين.
مرة أخرى أهنئكم بالعيد الهام، وأتمنى لكم الصحة، والنجاح، والسعادة، والسلام، والتوفيق لأسركم.
النجاح لكم، ولتتمتعوا بالصحة، أعزائي المربين والمعلمين !
إسلام كريموف،
رئيس جمهورية أوزبكستان.
نقلاً عن وكالة أنباء UZA، يوم 1/10/2011.

الثلاثاء، 20 سبتمبر 2011

تهاني بمناسبة يوم إستقلال أوزبكستان

بمناسبة الذكرى العشرين لإستقلال جمهورية أوزبكستان تلقي قائد الدولة إسلام كريموف التهاني من قادة الدول والحكومات الأجنبية، ومن المنظمات الدولية، والشخصيات السياسية والإجتماعية، عبروا من خلالها عن تهانيهم الصادقة وعن أطيب تمنياتهم للرئيس والشعب الأوزبكستاني. وأشارت وكالة أنباء JAHON، في خبر نشرته يوم 28/8/2011 نقلاً عن صحيفتي نارودنويه صلوفا، وبرافدا فاستوكا إلى أنه تلقى رسائل تهنئة من: خادم الحرمين الشريفين، ملك العربية السعودية عبد الله بن عبد العزيز آل سعود؛ وولي العهد، نائب رئيس مجلس الوزراء، وزير الدفاع والطيران، المفتش العام في العربية السعودية سلطان بن عبد العزيز آل سعود؛ ورئيس الإمارات العربية المتحدة خليفة بن زايد آل نهيان؛ ونائب الرئيس، الوزير الأول في الإمارات العربية المتحدة، حاكم إمارة دبي محمد بن راشد آل مكتوم. هذا ولا تزال رسائل التهنئة مستمرة بالوصول.
وأشار الخبر الذي نشرته وكالة أنباء UZA، يوم 31/8/2011 إلى وصول تهاني من: رئيس الولايات المتحدة الأمريكية باراك أوباما؛ ورئيس الفيدرالية الروسية ديميتري ميدفيديف؛ ورئيس جمهورية ألمانيا الفيدرالية كريستين فولف؛ ورئيس جمهورية كوريا لي ميون باك؛ الإمبراطور الياباني أكيخيتو؛ وملكة بريطانيا العظمى إلزابيت الثانية؛ ورئيس الكنيسة الكاثولوكية في روما البابا بينديكت السادس عشر؛ وملك ماليزيا نوانكو ميزان أبيدين بن المرحوم سلطان محمود الموكتافي بيلان شاه؛ ورئيس الجمهورية الإسلامية الإيرانية محمود أحمدينيجاد؛ ورئيس الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية عبد العزيز بوتفليقة؛ ورئيس الجمهورية الشعبية البنغلاديشية زيلور رحمان؛ ورئيس جمهورية سريلانكا الديموقراطية الشعبية ماخيندا راجاباكسا؛ والأمين العام لخارطة الطاقة أندريه ميرني؛ ورئيس البنك الإسلامي للتنمية أحمد محمد علي؛ ورئيس غرفة التجارة والصناعة الكورية سون كيونغ شيك؛ وبطريرك موسكو وسائر روسيا كيريل؛ ورئيس مجموعة الصداقة "فرنسا-وسط آسيا" في مجلس الشيوخ الفرنسي، سيناتور منطقة دي سيفر أندريه ديولي؛ ورئيس مجموعة الصداقة "فرنسا-أوزبكستان" في المجلس القومي الفرنسي، النائب عن منطقة بوش-ديو-رون، النائب الأول لرئيس بلدية مدينة مارسيل رولان بليوم؛ وبروفيسور جامعة سوربون، عضو أكاديمية الأراضي الفرنسية في ما وراء البحار، مؤلف كتاب "السياسية الجغرافية لأوزبكستان" جاك بار؛ الرئيس المشارك للمجلس الأوزبكستاني البريطاني للتجارة والصناعة، رئيس الجمعية البريطانية الأوزبكستانية الدكتور خارتلي بوت.
كما ونشرت وكالة أنباء UZA، ووكالة أنباء JAHON، يوم 29/8/2011 خبر تسلم الرئيس إسلام كريموف رسائل تهنئة من المنحدرين من أصول أوزبكية في العربية السعودية صفوح خون جلال خون توره مارغيلاني، ومحمد أمين مقيم وغيرهم. وتلقى قائد الدولة إسلام كريموف تهاني بمناسبة الذكرى العشرين لإستقلال جمهورية أوزبكستان من قادة الدول الأجنبية، والحكومات، والمنظمات الدولية، والشخصيات السياسية والإجتماعية، عبروا من خلالها عن تهانيهم الصادقة وأطيب التمنيات للرئيس والشعب الأوزبكستاني. وأشارت وكالة أنباء UZA، يوم 2/9/2011 إلى أنه تسلم من بين الرسائل ورسالة تهنئة من الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني أمير دولة قطر.

الجمعة، 14 يناير 2011

مدرسة النحو العربى في ما وراء النهر


مدرسة النحو العربى في ما وراء النهر
بقلم: أ.د. مليكة أنوروفنا ناصيروفا، أستاذة مساعدة، كلية الآداب الشرقية وتاريخ الدول الأجنبية، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية.
تعريب: أ.د. محمد البخاري: سوري مقيم في أوزبكستان. بروفيسور، قسم العلاقات العامة والدعاية، كلية الصحافة، جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية.
هذه المقالة محاولة جدية تتناول بالبحث بدايات نشوء علم النحو العربي فى بلاد ما وراء النهر خلال القرون الوسطى، وفي مدارسه النحوية وأعلامه ومذاهبه وكتبه. لماذا ؟ لأن لكل علم تاريخه وأعلامه. ولعلم النحو العربي في ما وراء النهر تاريخ قديم يمتد للقرون الوسطى المبكرة ولم يزل يثير الإهتمام حتى الآن.
وكما هو معروف كانت نشأة علم النحو العربي مرتبطة بتطوره وكماله من خلال عدة مدارس نحوية نشأت وترعرعت في البصرة، والكوفة، وبغداد، ومصر، والأندلس.[1]
ومن المعروف أن نور الإسلام أخذ بالسطوع حول شبه الجزيرة العربية مع الفتوحات الإسلامية، ودخل الفرس والروم في دين الله أفواجاً، واستمرت الفتوحات الإسلامية في عهد الخلفاء الراشدين ووصلت في عهد الخليفة الراشد سيد نا عمر بن الخطاب رضي الله عنه، شرقاً إلى ضفاف نهري السند، وجيحون، وإلى بلاد الشام شمالاً، ومصر غرباً. وتوالت الفتوحات الإسلامية في عهد بني أمية ووصلت إلى الهند والصين شرقاً، وإلى سيبيريا شمالاً، وإلى جبال البرنس والأندلس غرباً، وإلى السودان جنوباً، وشملت جزر البحر الأبيض المتوسط كلها.
وارتفعت راية الإسلام خفاقة على امتداد الدولة الإسلامية مترامية الأطراف كعامل من عوامل تآخي المسلمين جميعاً على اختلاف ألوانهم وأجناسهم، يوحدهم دين السلام والمحبة، والقرآن الكريم، واللغة العربية التي أنزل بها القرآن الكريم. وذكر يوهان فك أسباب ذلك بأنها "ترجع إلى أن العرب لم يلتفتوا إلى الأخطاء اللغوية باختلاطهم بسكان البلاد المفتوحة، واستخدامهم للعبيد والجواري لإدارة منازلهم في العصور الإسلامية المبكرة".[2]
ومع اعتناق أبناء البلاد المفتوحة في ما وراء النهر، وخوارزم، الدين الإسلامي الحنيف في القرون الوسطى المبكرة، بدأت بالظهور دراسات في اللغة العربية. وشمل تطور تلك المرحلة المبكرة تطور حر شمل مجالات مختلفة من العلوم الإنسانية وتبادل القيم المعنوية العالمية عن طريق الكتب المكتوبة باللغة العربية التي هيأت الفرصة لظهور علماء بارزين في ماوراء النهر أسهموا في إثراء العلوم والثقافة الإسلامية العربية. وكانت الإنطلاقة لعباقرة في العلوم والشعر والفلسفة والتاريخ من الأتراك والفرس.
وكان لتطور الإنتاج الفكري لأبناء آسيا الوسطى آنذاك، أن هيأ السبل الكفيلة لحفظ التقاليد الثقافية الأصيلة، وتوفير سبل تطوير علوم وآداب وثقافة شعوب ما وراء النهر في المرحلة التاريخية الجديدة. وكان من أهم عوامل نمو الحياة المدنية والمدن، ونشر التعليم والثقافة والمعرفة بين أبناء المدن والقرى المنتشرة في ما وراء النهر. ورافقها وللمرة الأولى في التاريخ، تأسيس مدارس أخذت بالإنتشار السريع في جميع أرجاء الدولة الإسلامية مترامية الأطراف.
وذكر المستشرق الروسي المعروف برتولد أن "المدرسة كمؤسسة تعليمية ظهرت في عاصمة العالم الإسلامي آنذاك بغداد في النصف الثاني من القرن الحادي عشر الميلادي، بينما لم تكن بشيء جديد في ما وراء النهر".[3] وفي مكان آخر تطرق برتولد إلى أن المدرسة ذكرت للمرة الأولى إثر الحريق الذي شب في بخارى عام 937 م وأشار إليه محمد النرشحي (899-959م) في كتابة "تاريخ بخارى" وذكر أن الحريق أتلف مدرسة فرادجاك الكبيرة.[4]
وذكر الشيخ محمد الطنطاوي في كتابه "لم يكن عصر الدولة السلجوقية بعد الدولة البويهية في العراق أقل نصرة للنحو وعلوم اللغة العربية. وكان للمدرسة النظامية التي أنشأها في بغداد نظام الملك (أبو علي الحسن بن اسحاق بن العباس، وزير السلطان ألب أرسلان، وولده السلطان ملك شاه، الذي قتل رحمة الله عليه سنة 485هـ) الأثر الحسن في توجيه العلماء إلى التعليم، ونبغ بفضله عدد كبير من العلماء، وهي أول مدرسة بنيت في بغداد وكانت متخصصة بالتدريس، في حين كان قبلها التعليم يجري في المساجد الجامعة، وجعلت الرواتب للمدرسين والطلبة في المدرسة".[5]
ومن المعروف أن تعليم اللغة العربية كان إلزامياً، وشكل القوة النابضة لتطور علوم اللغة العربية في ما وراء النهر، وبهذه الطريقة اشتغل العلماء بعلوم النحو والصرف باللغة العربية، وكتبوا في تلك المدارس رسائل عديدة منها: "الأنموذج في النحو"، و"الحركات"[6] للزمخشري، و"المصباح في النحو" للمطرزي، و"تصريف الأفعال" لمحمد المعزي، و"مقدمة الضريري" لحميد الدين الضريري، و"شرح ملا" لعبد الرحمن الجامي.
وبالإضافة لذلك سافر علماء ما وراء النهر لدراسة علم النحو واللغة العربية إلى بلاد العرب في الشام، والعراق، والحجاز. وكان من بينهم: ابن الخياط، ويوسف البرقي، وأحمد البرقاني، وغيرهم.
-  وكان محمد الخوارزمي البرقي (الإمام أبو عبد الله) محمد بن أحمد بن يوسف بن إسماعيل بن شاه الخوارزمي البرقي، أحد العلماء والخطباء الفصحاء، وسافر إلى العراق وحج لبيت الله الحرام ومن ثم سكن بخارى، وكان إماماً في الفقه والشعر واللغة والنحو وعلم المعرفة.[7]
-  وكان أبو بكر أحمد بن محمد بن منصور بن الخياط النحوي (توفي عام 320هـ، 932م) من سمرقند، وقدم منها إلى بغداد، نحوياً، ولغوياً، وشاعراً، ومؤرخاً، ومحدثاً. وقال عنه القفطي "أخذ عن المبرد، ونقل عن ثعلبي، وله تصنيف حسن". وترك ابن الخياط بعد وفاته مصنفات مفيدة منها في النحو "كتاب النحو الكبير"، و"كتاب المقنع"، و"كتاب الموجز". كما صنف كتاب "معاني القرآن". وتوفي أبو بكر بن الخياط بالبصرة. ويشير علماء اللغة العربية في كتبهم إلى أن ابن الخياط كان من علماء المدرسة البغدادية.[8]
-  وكان أحمد البرقاني (325-436هـ، 948-1034م) أبو بكر الحافظ الإمام أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب الخوارزمي البرقاني الشافعي، عالماً بالقرآن والحديث والفقه والنحو، ودرس في بلاد كثيرة منها جرجان، وخراسان، وغيرهما، وسكن بغداد ودرس فيها، وكتب العلماء أنه كان له باع في علوم اللغة العربية.[9] وكان حريصاً على تحصيل العلوم، منصرفاً إليها بهمة. ومن تصانيفه وكتبه الكثيرة، التي بلغت ثلاثة وستين صفطاً وصندوقين، وصنف مسنداً اشتمل على صحيح البخاري ومسلم.
وظهرت أسماء جديدة لعلماء من ما وراء النهر في العالم الإسلامي أمثال: محمود الزمخشري، وإسحاق البخاري، وابن الخياط، وإسحاق الصفار البخاري، ومحمد الخوارزمي، وعمر الجندي، ومسعود التفتازاني، وأبي السعيد المطرزي، وغيرهم. وكتبت مصنفات أساسية في علم اللغة العربية كـ: "المفصل في النحو"، و"مقدمة الأدب"، و"أساس البلاغة" لمحمود الزمخشري؛ و"الإقليد" لعمر الجندي؛ و"المصباح في النحو"، و"الإقناع في اللغة" للمطرزي؛ و"المطول" لمسعود التفتازاني؛ و"النحو الكبير" لابن الخياط؛ و"التخمير"، و"كتاب سحر الإعراب"، و"الإعجاب في علم الإعراب" لمحمد الخوارزمي، وغيرهم.
-  وتمتعت مؤلفات محمود الزمخشري (467-538هـ - 1075-1144م) بشعبية كبيرة في الأوساط الثقافية بالعالم الإسلامي، واستخدمت في جميع الفهارس الشهيرة خلال القرون الوسطى، كفهارس: ابن القفطي (توفي عام 646هـ )، وياقوت الحموي (توفي عام 626هـ) وابن خلكان (توفي عام 681هـ)، وحاجي خليفة (توفي عام 1068هـ) وغيرهم. وتضمنت أعمال محمود الزمخشري مجموعة من العلوم الأدبية التي عاصرها. [10]
وبلغ عدد المصنفات التي كتبها الزمخشري نحو سبعين مصنفاً في مختلف العلوم عرف منها أكثر من 45 مصنفاً، وبقيت حتى يومنا هذا مخطوطة أو مطبوعة وكان من أبرزها تفسير "الكشاف"، وكتابه في علم النحو "المفصل في النحو". حتى بلغ رتبة الإمام المعلم في الكثير من العلوم وذاعت شهرته في جميع أنحاء العالم الإسلامي. وكان لمصنفات محمود الزمخشري وخاصة في النحو تأثيراً كبيراً على تطور علم نحو اللغة العربية، وغدت نقطة البداية لبحوث كثيرة تصدت لشرحها، ودخلت ضمن العديد من أبواب كتب التعليم التي تعلمتها عشرات الأجيال من بعده.
-  أما صدر الأفاضل أبو الفتح ناصر بن المكارم عبد السيد بن علي المعروف بالمطرزي (538-610هـ - 1143-1213م) فقد ولد في السنة والبلدة التي مات فيها الزمخشري، ولهذا أطلق عليه لقب "خليفة الزمخشري". وبعد موت الزمخشري حصل على اللقب الشريف "إمام علم النحو". وصنف المطرزي عدداً من المصنفات النافعة في النحو واللغة والأدب، منها: "المصباح في النحو"، و"المقدمة المطرزية"، و"الإقناع في اللغة"، و"مختصر الإقناع في اللغة"، و"المغرب"، و"المعرب في شرح المغرب". وتناول في "المغرب" الألفاظ التي وردت على ألسنة الفقهاء من الغريب. وهنا لابد من التنويه بأن المشتغلين بتاريخ اللغة العربية يعتبرون أن أبي الناصر المطرزي، وأستاذه محمود الزمخشري من علماء المدرسة البغدادية. [11]
-  أما القاسم الخوارزمي (555-617هـ - 1160-1220م) وهو القاسم بن الحسين بن محمد الخوارزمي، فقد ولد بخورزم وقتله التتار. وهو عالم مشهور في علم نحو وصرف اللغة العربية، لقب بـ "صدر الأفاضل". وكان فقيهاً ونحوياً وأديباً وناظماً للشعر وناثراً ولغوياً ومبيناً. ومن مصنفاته: "الزوايا والخبايا في النحو"، و"كتاب الروايا في النحو"، و"كتاب سحر الإعراب"، و"كتاب شرح الأبينية"، و"المحصل للمصلحة في البيان"، و"المختصر"، و"كتاب المجمرة في شرح المفصل"، و"التخمير" وهو شرح لـ "كتاب المفصل في النحو" للزمخشري، وشرح "الأنموذج في النحو" للزمخشري، و"الأحاجي في النحو" للزمخشري، وترجمة الأسماء الأربعين... وغيرها. [12]
-  وكان تاج الدين أحمد بن محمود بن عمر الجندي، نحوياً اشتغل بالصرف، ومن تصانيفه: "شرح المفصل" للزمخشري، وأطلق عليه "الإقليد"، وشرح "المصباح المطرزي" وأطلق عليه "المقاليد" وكلاهما في النحو، و"عقود الجواهر في علم التصريف". وله أيضاً شرح "الكافية في النحو" لابن الحاجب. وتوفي أحمد الجندي عام 700هـ - 1301م.
وأخذ نحاة ما وراء النهر بشرح رسائل ومؤلفات علماء المدارس النحوية الأخرى، أمثال:
-  صفار البخاري وله "المدخل إلى سيبويه"؛
-  وإسماعيل الفقائي وله "عمدة المقيد وعدة المجيد في معرفة لفظة التجويد"؛
-  ومقصود التفتزاني وله "شرح مختصر الزنجاني"، و"حل المقائد في شرح الفوائد"؛
-  وصالح بن محمد التمورتاشي وله "شرح الألفية في النحو" لابن مالك؛
-  ومحمود الزمخشري وله "شرح أبواب كتاب سيبويه"، و"شرح الفصيح" لأبو العباس أحمد بن يحيى بن زيد بن يسر الشيباني المعروف بلقب "الثعلبي"؛
-
وأبو الناصر المطرزي وله "شرح مقامات الحريري"؛
-  ومحمد الخوارزمي (توفي عام 425هـ - 1034م) وله "شرح ديوان المتنبي"، وغيرهم. [13]
وبعد فترة من الزمن شرح النحاة في أماكن أخرى مؤلفات ورسائل نحاة ما وراء النهر ومنهم:
-  أبو الحسن الصخاوي الذي شرح "المفصل" للزمخشري وأطلق عليه "المفضل"؛
-  وشرح ابن الحاجب المشهور بانتمائه لمدرسة مصر النحوية "المفصل" لمحمود الزمخشري وأطلق عليه "الإيضاح في شرح المفصل للزمخشري"؛
-
وأبو علي بدر الدين الحسن المرادي (690-749هـ -1245-1291م) الذي كتب حاشية "شرح المفضل في شرح مفصل الصخاوي".[14]
-  وكان أبو محمد جمال الدين بن هشام الأنصاري (708-761هـ - 1245-1291م) آخر المنتمين للمدرسة المصرية قد شرح "الكشاف" لمحمود الزمخشري وأطلق عليه "تلخيص الأنصاف في تفسير الكشاف".
واستمرت تقاليد مدرسة ما وراء النهر التي أسسها محمود الزمخشري بالتطور خلال القرون التالية، وكان من بين أعلامها:
-  محمد البخاري (895هـ - 1490م) وهو شمس الدين، عبد الحميد، محمد بن محمد البخاري الرامتاني وهو نحوي وفقيه، وكان إماماً لحنفية مكة المكرمة. ومن مؤلفاته: "شرح مقدمة أرجومية"، و"شرح تنقيح اللباب"،[15] وتضمنا شرحاً للنحو العربي.
-  وعناية الله أخوند بن عبد الله الوبكندي البخاري الحنفي، ومن مؤلفاته النحوية: "حاشية على شرح الكافية"، و"حاشية على شرح حكمة العين" لمبارك شاه، و"حاشية على تفسير سورة البقرة" للبيضاوي، و"حاشية على شرح العضدية" للديواني، و"حاشية على شرح الإثبات الواجب".[16] وكتب عناية الله أخوند حاشية لشرح عبد الرحمن الجامي وأطلق عليها "حاشية على شرح الكافية".
-  وعلي القنوجي (1248-1307هـ - 1882-1890م) وهو علي بن حسن بن علي بن لطف الله الحسيني القنوجي البخاري، أطلق عليه الناس لقب "صديق حسن". ومن رسائله النحوية المشهورة: "الخطة في ذكر الصحاح الستة"، و"تخريج الوصايا من حبايا الزوايا"، وغيرها. [17]
-  ومحمد بن صالح بن محمد بن عبد الله بن أحمد الغزي التمرتاشي (1035هـ 1626م) الذي اشتغل بنحو وصرف اللغة العربية وعلم الفرائض. وكان أديباً وشاعراً، تعلم بغزة والقاهرة، وتوفي بغزة, ومن مؤلفاته النحوية: "نظم ألفية في النحو"، و"شرح الرحبية في الفرائض"، و"رسالة في تفضيل الإنسان"، ومنظومة في المناسخات، وله أشعار كثيرة.
-  وصالح بن محمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد الخطيب الغزي التمرتاشي الحنفي (980هـ 1572م -1055هـ 1645م) وهو فقيه وأديب شارك في بعض العلوم، واشتغل بنحو اللغة العربية. ومن رسائله النحوية: "شرح الألفية في النحو"، و"العناية في شرح النقايا" و"زواهر الجواهر"، و"النضائر على الأشباه والنظائر في الفقه الحنفي"، و"أبكار الأفكار وفاكهة الأخيار".[18]
وكتب الباحث الروسي البارز في تاريخ العلوم والثقافة بآسيا الوسطى بولغاكوف: "ترك تعدد أسماء علماء آسيا الوسطى ونشاطهم أثراً عميقاً في تاريخ العلوم الطبيعية والأدبية لفترة طويلة جداً... ولعظمة نشاطهم ذاعت شهرتهم خارج أراضي آسيا الوسطى. ولعل تعدد أسماء علماء آسيا الوسطى وخدماتهم للعلوم كانت القوة العظيمة التي حركت العلوم نحو التطور وأخذت صفحات كثيرة".[19]
وفي الختام أتمنى أن أكون قد قدمت شيئاً من المعلومات عن مدرسة اللغة العربية في ما وراء النهر، والتي تشكلت في القرن الحادي عشر. رغم قناعتي بأن مقالة واحدة لا يمكن أن تشمل كل المراحل من النشأة إلى التكوين وحتى التطور الكامل لمدرسة علمية واحدة. ولكن المعلومات التي قدمتها من دون شك ستسلط الضوء على مدرسة اللغة العربية في ما وراء النهر وتعطيها حقها الكامل والمشرف بين مدارس اللغة العربية الأخرى في البصرة، والكوفة، وبغداد، ومصر، والأندلس.
المراجع:
1- ابن خلكان: وفايات الأعيان. بولاق: 1881.
2- ابن عماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب. ج.3.
3- آخونجانوف أ.أ.: تأريخ الكتب فى تركستان. في القرون الوسطى. تشليابنسك: 2009 . (باللغة الروسية)
4- برتولد فاسيلي فلاديميروفيتش: عن دفن تيمور.// نشرة دورية للقسم الشرقى للجمعية الأثرية روسيا. ج. 18. بتراغرد: 1915. (باللغة الروسية)
5- برتولد فاسيلي فلاديميروفيتش: علماء عصر النهضة الأسلامية // نشرة دورية لهيئة المتشرقين في المتحف ألآسيوى بأكديمية العلوم بالأتحاد السوفياتى. ج. 5. لينينغراد: 1930. (باللغة الروسية)
6- بولغاكوف ب. غ.: حياة وكتب البيرونى. طشقند: 1972. (باللغة الروسية)
7- تأريخ مذهب تعليم علم اللغة. في الشرق فى القرون الوسطى. لينينغراد: 1981. (باللغة الروسية)
8- حاجى خليفة: كشف الظنون. ج.6. بيروت: 1981.
9- زفيغينتسوف فلارديمير أندريفيتش: تأريخ مذهب التعليم اللغوى علم اللغة. بالشرق في القرون الوسطى، لينينغراد: 1981. (باللغة الروسية)
10- زفيغينتسوف فلارديمير أندريفيتش: تأريخ علم اللغة العربية. موسكو: 1958. (باللغة الروسية)
11- عبد الكريم سمعانى: كتاب الأنساب. ج.1. بيروت: 1988.
12- صلاح رواي: النحو العربي: نشأته, تطوره, مدارسه, رجاله. مصر: دار الغريب، 2003.
13- عبد الله عبد الحميد سعد: موسوعة علماء آسيا الوسطى. طشقند: 2007م. (باللغتين الأوزبكية والعربية)
14- عمر كحالة: معجم المؤلفين. ج.2. ج.3. دمشق: 1957.
15- غرغاس و.: دراسات فى النظام النحوى للعرب. سانكت بيتيربورك: 1873. (باللغة الروسية(
16- مازن المبارك: النحو العربى. العلة النحوية: نشأتها وتطورها. بيروت: 1971.
17- مبشر الكاسانى: تأريخ آسيا الوسطى. المملكة العربية السعودية: 1992.
18- محمد الطنطاوى: نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة. مصر: دار المعارف، 2005.
19- ياقوت الحموى: معجم الأدباء. ج.2. مصر: 1924.
20 - ياقوت الحموى: معجم البلدان. مصر: 1906.
21- يوهان فك: العربية. ترجمة: د. عبد الحليم النجار. مصر: 1951.
هوامش"
[1] أنظر: محمد الطنطاوى: نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة. مصر. 2005. ومازن المبارك: النحو العربى. العلة النحوية: نشأتها وتطورها. بيروت. 1971. وصلاح رواى: النحو العربى: نشأته, تطوره,  مدارسه, رجاله. مصر. دار الغريب. 2003. وغرغاس و.: دراسات فى النظم النحوى للعرب. سانكت بيتيربورغ. 1873. وزفيغينتسوف و.ا.: تأريخ علم اللغة العربية. موسكو. 1958. وتأريخ مذهب التعليم اللغوى علم اللغة. بالشرق في القرون الوسطى، لينينغراد. 1981.
[2] أنظر: يوهان فك: العربية. ترجمة: د. عبد الحليم النجار الخانجي. مصر: 1951. ص 10.
[3] أنظر: برتولد و.و.: عن دفن تيمور// نشرة دورية للقسم الشرقية للجامعة الأثرية روسيا. ج 18. بتروغرد. 1915. ص 9.
[4] أنظر: برتولد و.و: علماء عصر النهضة الأسلامية // نشرة دورية لهيئة المتشرقين في المتحف ألآسيوى بأكديمية العلوم بالأتحاد السوفيلتى. ج. 5 لينينغراد. 1930 – ص 6.
[5] أنظر: الشيخ محمد الطنطاوى: نشأة النحو وتاريخ اشهر النحاة. مصر. دار المعارف. 2005 . ص. 197
[6] الحركات: الكلمة الأولى فى القسم الرابع من "مقدمة الأدب" لمحمود الزمخشرى. هذا القسم عن إعراب الأسماء ونسخ كرسالة مستقلة فى دراسة نحو اللغة العربية.
[7] أنظر: عبد الكريم سمعانى: كتاب الأنساب. ج.1. بيروت. 1988. ص. 325.
[8] أنظر: محمد الطنطاوى. نشأة النحو وتاريخ أشهر النحاة. مصر. 2005. ومازن المبارك. النحو العربى. العلة النحوية: نشأتها وتطورها. بيروت. 1971. وصلاح رواي: النحو العربى: نشأته, تطوره, مدارسه, رجاله. مصر. دار الغريب. 2003.
[9] أنظر: ابن عماد الحنبلي: شذرات الذهب في أخبار من ذهب. ج. 3. ص 228.
[10] انظر: معجم الأدباء وأنباه الرواة؛ ووفيات الأعيان؛ ونزهة الألباء وبغية الوعاة.
[11] انظر: د. صلاح رواى: النحو العربى: نشأته, تطوره, مدارسه, رجاله. مصر: دار الغريب، 2003؛ والشيخ محمد الطنطاوى: نشأة النحو وتأريخ أشهر النحاة. مصر: دار المعارف، 2005؛ ومازن مبارك: النحو العربى.العلة النحوية: نشأتها وتطورها. بيروت: 1971.
[12] انظر: ياقوت الحموى: معجم الأدباء. مصر: 1924. ج.2. ص 640.
[13] انظر: عمر كحالة: معجم المؤلفين. دمشق: 1957. ج.3. ص 494.
[14] 
انظر: د. صلأح رواي. النحو العربى: نشأته, تطوره, مدارسه, رجاله. مصر: دار الغريب، 2003. ص 625.
[15] أنظر: حاجى خليفة: كشف الظنون. ج.6. بيروت: 1981. ص 216.
[16] أنظر: عمر كحالة: معجم المؤلفين. ج.2. دمشق: 1957. ص 587.
[17] أنظر: المصدر السابق. ج.1. ص.833.
[18] أنظر: عبد الله عبد الحميد سعد: موسوعة علماء آسيا الوسطى. طشقند: 2007. ص. 113.
[19] أنظر: بلغاكوف ب.غ.: حياة وكتب بيرونى. طشقند: 1972. ص. 10-12.