إسماعيل الجرجاني عالم عظيم خصص حياته للطب
إسماعيل الجرجاني (1042-1136م) من أشهر العلماء، وأكثر الأطباء شهرة في
عصره، ولهذا لقب بـ"أبقراط الثاني".
وإسماعيل الجرجاني ولد بمدينة جرجان، وعاش معظم سنين حياته في خوارزم، ولهذا
أضيفت كلمة "الخوارزمي" لاسمه الكامل ليصبح زين الدين أبو الفضل إسماعيل
بن حسين الجرجاني الخوزارزمي.
وشغل الجرجاني منصب الطبيب الأعظم في قصر خوارزم شاه كتب الدين محمد
بن أنوشتاغين (1097-1127م)، وفي قصر إبنه علاء الدولة (1127-1156م).
وصب الجرجاني جل إهتمامه للتعمق في دراسة أعمال قدماء الطب اليوناني
القديم، والأطباء الذين سبقوه جالينوس، وابقراط، وأبو بكر الرازي،
وابن سينا.
وكتب المؤرخ الشهير في القرن
الثاني عشر ميلادي ظهير الدين أبو الحسن بيهاقي في كتابه "تتمة ثواني
الحكمة" عن الجرجاني: "شاهدت هذا الإنسان وهو في سن متقدمة، عام
531 هجري (1136 وفق التقويم الغريغوري) بمدينة سراخس. ومؤلفاته الفريدة أحيت الطب
وغيرها من العلوم".
وعند وصول الجرجاني إلى خوارزم بدعوة من حاكمها،
ألف فيها أعمالاً حصلت على شهرة كبيرة وانتشاراً ليس في الشرق وحده، بل وفي الغرب
أيضاً. ومن بينها "زبدة الطب"، و"كتاب في الرد على
الفلسفة"، و"الطب الملوكي"، و"كتاب الظاهرة
الخوارزمشاهية"، و"كتاب تدبير يوم وليلة"، و"كتاب
في الأورام والبثور"، و"رسالة في أمراض العين"، وغيرها
من المؤلفات في الطب والفلسفة.
والأكثر قيمة بين هذه المؤلفات
"زبدة الطب"، و"كتاب الظاهرة الخوارزمشاهية".
والمؤلف الأول نسخ بعدة نسخ، والثاني محفوظ اليوم في مخازن الكتب بالعديد من الدول
الأجنبية. والعمل الأول مؤلف من ثلاثة أجزاء: "مقدمة في معرفة أسس الطب
وعوارض شفاء المريض"، و"التشريح الجراحي لأعضاء جسم الإنسان"، و"معالجة
الأمراض والحمية". وأحد نسخ القسم الأخير محفوظة اليوم في مكتبة الإسكندرية بمصر.
والعمل الثاني هو مؤلف هام كما أشير
إليه أعلاه وهو "كتاب الظاهرة الخوارزمشاهية". ونسختين مخطوطتين
منه، إحداها مترجمة إلى اللغة العربية، والأخرى باللغة الفارسية، وهي محفوظة بمكتبة
المسجد الجامع الكبير في استنبول. والعمل عبارة عن موسوعة مؤلفة من عشرة أجزاء، عرض
المولف فيها معارف عصره الطبية، مضيفاً عليها نتائج ملاحظاته الشخصية. وجزئياً عكس
فيها بعض جوانب مختلف العلوم، وشملت: مهام الطب، وآراء العالم حول الطبيعة والكون،
وكذلك العناصر الأساسية التي يتألف منها جسم الإنسان. واعار الجرجاني إهتماماً خاصاً لمختلف أنواع الأمراض، وأعراضها وتشخيصها
عن طريق النبض أو غيرها من الأساليب، وكذلك إمكانية التنبؤ بمستقبل تطور المرض. ووصف
العالم أمراض: الملاريا، والسرطان، وشرح أسباب الإصابة بها، وطرق علاجها. وأشار
إلى عدم إمكانية شفاء جملة من الأمراض، وقدم مقترحاته لعزل المريض عن تأثير الوسط
المحيط.
وإلى جانب ذلك وصف الجرجاني
بالتفصيل مناخ وجغرافية خوارزم، والأمراض المنتشرة فيها. وبقي هذا العمل متعدد
الأجزاء ولعدة قرون المصدر الرئيسي في الطب، وحصل منه أطباء الشرق على معارفهم.
وتمت ترجمته إلى اللغة العبرية، ولغة الأوردو، واللغة التركية. وهناك ترجمة غير
كاملة إلى اللغة الأوزبكية القديمة (بالحروف العربية)، أنجزت في القرن الثامن عشر
الميلادي. وأجزاء منها ترجمت إلى اللغة الأوزبكية الحديثة (بالحروف الكيريلية).
وعلى هذا الشكل يعتبر "كتاب
الظاهرة الخوارزمشاهية" من تحفة من تحف القرون الوسطى في علوم الطب. وتم وضعه
على مستوى واحد مع أعمال: جالينوس، وأبو بكر الرازي، وابن سينا،
وغيرهم من قدماء علماء الطب المخضرمين.
بحث
أعده أ.د. محمد البخاري في طشقند بتاريخ 6/10/2015 بتصرف عن مقالة: عالم
عظيم خصص حياته للطب. // طشقند: وكالة أنباء Jahon، 5/10/2015