‏إظهار الرسائل ذات التسميات أعلام من وسط آسيا. إظهار كافة الرسائل
‏إظهار الرسائل ذات التسميات أعلام من وسط آسيا. إظهار كافة الرسائل

الثلاثاء، 23 فبراير 2021

من المعالم التاريخية الرائعة في أوزبكستان مدرسة كوكيلداش في طشقند

 من المعالم التاريخية الرائعة في أوزبكستان مدرسة كوكيلداش في طشقند 

من المعالم التاريخية الرائعة في أوزبكستان مدرسة كوكيلداش في طشقند

كتبها في طشقند أ.د. محمد البخاري.

 


على تلة مرتفعة في الساحة التي تحيط بها المباني الحديثة وسوق تشارصو في العاصمة الأوزبكية طشقند شيد مجمع مباني مدرسة كوكيلداش. التي بنيت في عهد سلالة الشيبانيين من قبل الوزير درويش خان المقرب من سلطان طشقند باراك خان، واسمه المستعار هو كوكيلداش أي "الشقيق بالرضاعة".



 

وضم المجمع المعماري على الجانب الأيسر عند المدخل مسجد، وعلى اليمين غرف الدراسة وتحت القبة اليمنى فناء (درس خانة). وحول الفناء الواسع حجر الاقامة للدرسين وشرفة أرضية مفتوحة. ويبلغ عدد الحجر 38 حجرة، وغرف الدراسة متصلة بالمسجد.

 


وتشير المراجع إلى أنه في السابق كان المبنى مكونًا من ثلاثة طوابق، بقي منهم حتى اليوم طابقان فقط.

 


وبعد استقلال جمهورية أوزبكستان، حصلت مدرسة كوكيلداش على صفة نصب معماري تاريخي وأخذت شكلها الصحيح. ومنذ عام 1999 تعمل فيها مؤسسة للتعليم الثانوي الإسلامي المتخصص.



 

ولم تزل مدرسة كوكيلداش من أقدم المدارس القائمة في مدينة طشقند، وتم الحفاظ عليها بشكل جيد، وهي قيد الاستثمار منذ ستينيات القرن السادس عشر الميلادي بعد أن شيدها درويش خان المقرب من الوزير حاكم طشقند باراك خان، ولقب بـ "كوكيلداش" أي الـ"شقيق الرضاعة" كما سبق وأشرت.

 


وسبق وأشرنا أيضاً إلى أن مدرسة كوكيلداش تقع  على تل مرتفع في منطقة ساحة تشارصو بمدينة طشقند القديمة التاريخية. والهندسة المعمارية لمدرسة كوكيلداش تقليدية كما هو متبع في سائر البلدان الإسلامية. وتضم الواجهة الرئيسية بوابة أمامية مقوسة عالية(بشتاق) بارتفاع 20 متراً ومزينة (بالمجوليكا)، وفيها لوج مؤلف من طابقين وأبراج وزاوية (غولداستا)،  وجهزت النوافذ بقضبان واقية من الشمس (بانجارا)، وزودت بأنماط من الزخارف الدينية المقدسة عند المسلمين تشمل أسماء الله الحسنى واسم النبي محمد (ص). وبعد اجتياز (البيشتاك)، ندخل إلى الفناء المستطيل المحاطً بالغرف المقببة (الحجرات)، الموجهة نحو الداخل. ويغطي الفناء قبة كبيرة ويستخدم كقاعة للدراسة. والحجرات هي بمثابة سكن للطلاب. وتتكون كل حجرة من غرفة ومدخل وخصصت كل غرفة لسكن طالبين أو ثلاثة طلاب. ومن الأبراج القائمة  في زوايا البوابة الرئيسية يرفع المؤذن الأذان داعياً المؤمنين للعبادة والصلاة.

 


وفي نهاية القرن الثامن عشر، استخدامت مدرسة كوكيلداش كمحطة للقوافل، وفي عام 1860م استخدمت بمثابة حصن لخان قوقند، وكمكان للإعدام (كانت تلقى الزوجات المدانات بالخيانة في حقائب من الحاجز العلوي إلى الساحة المرصوفة بالحجارة). وخلال العهد السوفييتي، استخدمت المدارس الدينية بشكل عام كمستودعات. أما اليوم فالمدرسة هي مدرسة عاملة تؤدي وظائفها المباشرة: ويعيش الطلاب ويدرسون فيها. ويقصدها المؤمنون لأداء صلاة الجمعة. كما ويمكن للسياح أيضا زيارة المدرسة مقابل رسوم رمزية.

وتضم المجموعة المعمارية القائمة اليوم في ساحة تشارصو إلى جانب مدرسة كوكيلداس مسجد الجمعة حج أحرار والي، ومركز تسوق كبير وفندق تشارصو الشاهق الحديث. ويقع إلى جانب المدرسة سوق تشارصو أكبر أسواق مدينة طشقند.

 

الخميس، 17 ديسمبر 2020

رسام المنمنمات الاسلامية الشهير كمال الدين بيهزاد

 

رسام المنمنمات الاسلامية الشهير كمال الدين بيهزاد

رسام المنمنمات الاسلامية الشهير كمال الدين بيهزاد

كتبها في طشقند: أ.د. محمد البخاري.

يعتبر كمال الدين بيهزاد من أكبر اساتذة مدرسة للمنمنمات الاسلامية في هيرات والمشهورة في كل أنحاء العالم.

وعاصر كمال الدين بيهزاد الحكم التيموري في هيرات (الدولة الصفوية 1535م-1536م)، ومارس رسم المنمنمات من عام 1468م وحتى عام 1506م.

 


كما ويعتبر بيهزاد في تاريخ الفنون الجميلة الفارسية شخصية شبه أسطورية. ولم يتمكن المعاصرون والباحثون اللاحقون من خلال دراستهم لعدد كبير من أعماله المنمنمة والرسوم التي نفذها من اكتشافها بالكامل حتى الآن. لأن الإمكانيات الفنية لبهزاد كانت عالية جداً لدرجة أن مؤسس سلالة بابور التيمورية في هيرات ذكره في مذكراته، وحتى مؤرخي الفنون الجميلة مثل دوست محمد، وقاضي أحمد. وفي وقت لاحق وجه انتقاد كببر لمعظم الدراسات التاريخية التي تناولته. وتعتبر المعلومات الأكثر موثوقية المعلومات التي ذكرها المؤرخ الشهير  خوندايمير في أعماله التي كتبها أثناء حياة بهزاد خلال الأعوام 1499م و1524م.

والتاريخ الدقيق لولادة الفنان التشكيلي الكبير بهزاد غير معروف، وكل ما يوجد هو تاريخ تقريبي يشير إلى أنه ولد ما بين عام 1455م وعام 1460م في هيرات. ويعتقد أن بهزاد انحدر من أسرة حرفيين فقراء. وأشارت بعض المصادر أن بهزاد كان يتيماً منذ وقت مبكر من عمره. وتربى على يد الخطاط المشهور والفنان التشكيلي ميرك نقاش الخورساني، الذي شغل في قصر السلطان حسين بايقره المنصب الرفيع (كاتب دار، ورئيس المكتبة). وأشارت بعض المصادر إلى بر سعيد أحمد تبريزي أحد الفنانين التشكيليين الذين يدين لهم بيهزاد بفنه الرفيع. ولم يتم اكتشاف أي عمل فني رسمه بر سعيد أحمد تبريزي حتى الآن، ولهذا لا يمكن تحديد مدى تأثيره على أساليب بيهزاد الشاب والطرق الفنية التي اتبعها.

 


وتشير بعض المصادر إلى أن الوزير والشاعر الكبير علي شير نوائي، لعب دوراً كبيراً في تشكيل شخصية ووجهات نظر بيهزاد، وهيأ له الأجواء الفنية التي كانت سائدة في حياة القصر في هيرات أثناء حكم السلطان حسين بايقره. كما واعتبر المؤرخون أن علي شير نوائي كان حامياً بشكل مباشر للشاب الموهوب.

وأكد خوندامير على أن بيه زاد أصبح أستاذاً ماهراً للفنون الجميلة في هيرات بسن الثالثة والعشرين.

وفي ثمانينات القرن الـ 14، ظهرت في خزائن (كتاب خانة) السلطان حسين بايقرة، العديد من المخطوطات ورأى الباحثون أت كمال الدين بهزاد شارك في رسم منمنماتها، وأظهر بهزاد فيها أنه سيد المناظر الطبيعية وسيد مشاهد المعارك، ومبدع لصور الشخصيات البشرية وخصائصها الفردية. بالإضافة لإمتلاكه العديد من الابتكارات الفنية.

 


وفي تسعينات القرن الـ14، وبأمر من السلطان حسين بايقرة، تم تعيين بهزاد رئيسًا لمكتبة السلطان وورشة نسخ الكتب. وهكذا استطاع بهزاد من رسم المنمنمات والرسومات وأدار أيضًا المشاريع، ووجه أعمال الفنانين الآخرين.

وفي عام 1506م، توفي السلطان حسين بايقرة، وبعد شهر من وفاته، استولت قوات خانية بخارى بقيادة زعيمها محمد شيباني خان على هيرات. وترك مؤسس إمبراطورية المغول العظام بابور في "ملاحظاته" ذكرى عنه ذكر فيها أنه: "... بعد استيلاء شيباني خان على هيرات، أساء معاملة زوجات وأطفال الحكام (كلهم) بشكل سيئ، وليس معهم فقط، ولكن مع جميع الناس. ومن أجل الفوائد العابرة في حياتنا القصيرة، ارتكب جميع أنواع الفظاظة والفواحش ... وأعطى شيباني خان جميع الشعراء والموهوبين لسلطة الملا بيناي ... على الرغم من جهله، وعلم القاضي بذلك واحتار محمد مير يوسف، وعلماء هرات المشهورين والموهوبين في تفسير القرآن الكريم؛ وأخذ بيده الريشة وصحح كتابات ورسوم السلطان علي ومشهدي والفنان بيهزاد". ومع ذلك، وعلى الرغم من أوصاف بابور، بقي بهزاد على رأس (كيتاب خانة) بصفته السابقة، وكان يمثل شيباني خان منذ ذلك الوقت، وبقيت صورة ممتازة لشيباني خان، كما رسمها الفنانون.

 


ويعتقد الباحثون أن بيهزاد أمضى الأعوام 1507-1510 في بخارى، وتبع شيباني خان مع فنانين آخرين من هيرات (على الرغم من أن بابور أفاد أنه كان في هيرات خلال تلك السنوات). وهزمه مؤسس السلالة الصفوية، شاه إسماعيل الأول (حكم 1501-1524) وقتل شيباني خان في عام 1510، وبعد ذلك انتقل بهزاد إلى تبريز، عاصمة الإمبراطورية الفارسية التي تم إنشاؤها آنذاك، والتي تشكلت هذه المرة من خلال فتوحات السلالة الصفوية. ووصل مجد بهزاد خلال هذه الفترة إلى أوجها. وتم الحفاظ على قصة أشبه بالأسطورة في التاريخ أنه خلال معركة كلديران في عام 1514، هزم الأتراك العثمانيون الجيش الفارسي، وخبأ شاه إسماعيل بهزاد والخطاط شاه محمود نيشابوري في كهف ككنوز.

 


ووصل بهزاد إلى بلاط شاه إسماعيل مابين عام 1520 وعام 1522. ويقول المؤرخ الصفوي بوداغ مونشي أنه: "... في الوقت الذي وصل فيه السيد بهزاد إلى العراق، كان السلطان محمد قد أقام بالفعل عمل (ديوان كيتابانا) ..." أي أن بهزاد وصل إلى ورشة العمل النهائية لإنتاج المخطوطات. وأفاد خوندامير أنه بموجب مرسومه الصادر في 24 أبريل/نيسان 1522 م، عين شاه إسماعيل بهزاد رئيسًا (لشاه كيتابهان). وفي مرسومه، المكتوب بأسلوب مميز ومنمق، ذكر أنه: "... وفقًا لهذه المعجزة في قرننا، عينت للرسامين وصائغي الذهب، السيد كمال الدين بهزاد، الذي خجل ماني نت فرشاة وقلم رسامه وأهانوا صفحات أرزانج ... "و كذلك" نأمر بتكليفه بمهام الإشراف والمراقبة على موظفي مكتبة القيصر، والخطاطين، والرسامين، والطلائين، والرسامين في مجالات المخطوطات، والأساتذة الذين يذوبون الذهب ويجهزون المنشورات الذهبية، وسادة المهن المذكورة أعلاه في جميع ممتلكاتنا ... ""ومن جانبه، يجب علبه أن يرسم ويكتب على طاولة قلبه وعلى صفحة عقله المستنير صورة للذات وشكل من أشكال الأمانة ". ومع ذلك، وبعد ذلك بسنتين، في عام 1524 م، توفي شاه إسماعيل بشكل غير متوقع في سن الـ 37 عاماً، وبعد ذلك ارتبط عمل بهزاد عادةً باسم الحاكم الصفوي التالي، شاه طهماسب الأول (حكم في 1525-1576)، والذي استمر برعاية بهزاد في خدمته بورشة الشاه حتى وفاته. ويصفه المؤلفون الصفويون: خوندامير، وقازي أحمد، وإسكندر مونشي، بدقة بأنه فنان شاه طهماسب.

 


وعن هذه الفترة من حياة بهزاد، ذكر المؤرخ بوداج مونشي ما يلي: "تم جلبه [إلى القصر] من خراسان ، ولعدة سنوات كان مع الملك كمحاور. وكانت لديه دائما محادثات لائقة. [في نفس الوقت] أخذ باستمرار رشفة [من النبيذ] ولم يستطع للحظة الاستغناء عن النبيذ الياقوتي والشفاه المشرقة للخادم. وعاش حتى السبعين من عمره، وبالتالي حافظ على شبابه. وعلى الرغم من الحظر المفروض على شرب الخمر، [لم يلمسه]، لأنهم كانوا يحتاجون له، وكان جلالته (أي شاه طهماسب) يعتقد أن السيد رجل عجوز ذو أسلوب حياة نظيفة". وأصدر طهماسب في 16 سبتمبر/أيلول 1534م قراراً بإغلاق جميع أماكن شرب الخمر وغرف تدخين الأفيون وبيوت الدعارة وجميع أنواع المؤسسات الترفيهية، أي قبل عام ونصف من وفاة الفنان. ومع ذلك، ووفق تقرير المؤرخ الصفوي، لم يطبق هذا المرسوم على السيد. في كيتابهان، وبقيادة بهزاد، عمل ابن أخيه، والخطاط رستم علي، واثنين من أبناء أخيه، والفنانين محب علي، ومظفر علي، الذين تبعوا عائلة بهزاد بأكملها في تبريز إلى قصر شاه إسماعيل.

وتوفي كمال الدين بهزاد عام 1535 أو 1536. وذكر مكان وفاته في "مقال عن الخطاطين والفنانين" من قبل قاضي أحمد. وكتب: "وفاته في العاصمة هيرات بمنطقة كوه المختار. ودفن في سياج مليء بالصور الخلابة". ومع ذلك، أفاد دوست محمد أن الفنان دفن في تبريز، بجانب قبر الشاعر الصوفي الشيخ كمال. ومع ذلك، فإن هذا المؤلف هو الوحيد الذي أفاد بأن بهزاد دفن بالضبط في تبريز.

إبداعاته

 


لا يزال التراث الفني الذي خلفه بهزاد يمثل مشكلة للباحثين، سواء فيما يتعلق بالإسناد أو فيما يتعلق بإعادة بناء تطوره الإبداعي. وهناك مخطوطة واحدة فقط تحتوي على منمنمات وُضع عليها توقيعه وهي "البستان" للشاعر سعدي، المحفوطة الآن في مكتبة القاهرة الوطنية. وأُنشأت المخطوطة لمكتبة حسين بيكار، وهي تحتوي على أربع منمنمات تحمل توقيع بهزاد؛ وتم العثور على آثار توقيعه أيضا في الجزء الأمامي من الكتاب. وفي نسخة البيانات، التي كتبها السلطان علي مشهدي، عام 1488م، ومع ذلك، تحتوي اثنتان من المنمنمات على تاريخ مختلف 1489. وحتى في هذه الحالة التي تبدو غير قابلة للجدل، هناك باحثون يشككون في صحة التوقيعات. وتُعزى المنمنمات الأخرى للمخطوطات بدرجات متفاوتة من الثقة إلى فرشاة بهزاد بناءً على التحليل المقارن. وهذه المخطوطات هي:

ظفر نامة (كتاب الانتصارات لشرف الدين علي اليزدي)، المخصص لحسين بيكار، والمؤرخة بعام 1467م، والمنمنمات عام 1480م (بالتيمور، مكتبة غاريت)

 


"خمسة" (خمس قصائد) لعلي شير نوائي وهي مكرسة من السلطان حسين بايقره لابنه بديع الزمان (1485م، وتنقسم المخطوطة إلى جزأين، أحدهما في أكسفورد، مكتبة بودليان، والآخرى في مانشستر)

منطق الطير (محادثات الطيور) للشاعر العطار (1486م، نيويورك، متحف المتروبوليتان للفنون).

غوليستان (حديقة الورود) لسعدي (1486م، مجموعة خاصة)

"خمسة" (خمس قصائد) للشاعر نظامي، نسخت من عام 1495م وحتى عام 1496م (لندن، المكتبة البريطانية)

"خمسة" لنظامي، نسخة مؤرخة عام 1442م، ولكن مع إضافة صور مصغرة بتاريخ 1490م (لندن ، المكتبة البريطانية).

 


أما مجموعه السبع مخطوطات. ثلاثة منها - "ظفرنامي" و"غوليستان" و"خمسة" لنطامي من 1495-1496. فتحتوي على نقوش تركها الإمبراطور المغولي جهانغير (حكم في 1605-1627)، والذي كان هاويًا وخبيرًا في الرسم. وينسب إلى بهزاد جميع المنمنمات في طفرنامة، ستة عشر من أصل 21 منمنمة، خمسة لنظامي، وفيما يتعلق بغولستان يقول أنه لا يستطيع تحديد يد الفنان. ويشارك معظم العلماء المعاصرين رأي جهانغير فيما يتعلق بمخطوطة ظفرنامة، لكنهم يشككون في خمسة نظامي، حيث تُنسب منمنماتها أيضًا إلى ميريك، وعبد الرزاق، وقاسم علي. أحدهم كان مدرساً لبهزاد، وكان الاثنان الآخران من أتباعه، لذلك من الصعب جدًا تمييزهما عن بهزاد. لكن هذه المخطوطات الثلاثة كانت مصدر إلهام لفناني البلاط المغولي. وتم استخدام المخططات الأيقونية لظفرنامة لإنشاء قصص السلالة المغولية مثل أكبرنامة. وتحتوي بعض المخطوطات المغولية الأخرى على تركيبات منسوخة مباشرة من منمنمات خمسة لنظامي من عام 1495- 1496.

وبالإضافة إلى تلك المدرجة أعلاه، هناك مخطوطان يعود تاريخهما إلى بداية القرن السادس عشر، تم إنشاؤهما للشاه طهماسب الأول، حيث يخمن الباحثون أنها بيد بهزاد "شاهنامه" فردوسي (مجموعة خاصة)، ونسخة أخرى من "خمسة" لنظامي من المكتبة البريطانية في لندن. وتحتوي بعض منمنماتهم على سمات تركيبية مماثلة لمنمنمات سعدي البستان التي أنشأها بهزاد. ومع ذلك، فإن مسألة تأليفها لم تزل مفتوحة.

وأفاد خوندامير، وقاضي أحمد، أن بهزاد قام بالرسم ليس فقط في المخطوطات، ولكن على أوراق منفصلة أيضًا. ومن دون شك، أن هذه الصور تنتمي إلى يده منها صورتين، لشيباني خان وحسين بيقرة، وكذلك تم تصويرها في التوندو "شاب وعجوز" (”(طهران، مكتبة قصر جوليستان). وبالإضافة إلى ذلك، هناك العديد من الرسومات المنفصلة المنسوبة إلى بهزاد، والتي انتشرت في مجموعات مختلفة في أنحاء العالم، ولكن تأليفها موضع شك.

وتستند المناقشات حول الأسلوب الفني الفردي لبهزاد إلى المنمنمات في "بستان" لسعدي في القاهرة. وتعتبر هذه المنمنمات نقطة البداية لفهم أعماله.

وفي فن تصوير المعارك، ابتكر بهزاد مخططات أيقونية جديدة، على الرغم من قسوة المعارك المصورة، ويصل توازن التكوين ومخطط الألوان إلى مستوى الزخرفة الشرقية، مما يرضي العين ويهدئها، ولكن لا يتحول إلى تنويع. وتتميز حلولها التركيبية بتوازن وتناغم خاصين. وقبل ظهور بهزاد، كان من شبه المستحيل العثور على فنان فارسي آخر، بمثل هذا الذوق الرفيع والشعور بالتناسب، وترتيب الشخصيات البشرية والعناصر التركيبية الأخرى. وامتلك الخط بشكل رائع، لذلك تتميز شخصياته بحس الحركة. وبالإضافة لذلك، عند تصويره للبشر، حقق بهزاد تشابهًا للصورة، لذلك وجد الباحثون في العديد من المنمنمات، أشخاصًا مكررين، وعلى سبيل المثال، السلطان حسين بيقرة. كما يُنسب إليه الفضل في كونه أول من ينقل لونًا مختلفًا للبشرة، كما رسم الناس الحقيقيون. ويلاحظ العديد من المؤلفين بشكل خاص حقيقة أن بهزاد كان يحب إدراج مشاهد من الحياة الواقعية وإن لم تكن مرتبطة مباشرة بالحوادث في المنمنمات من أجل إحيائها وتنويعها. ولاحظوا أيضًا روح الفكاهة المتأصلة لدى بهزاد، والتي ظهرت غالبًا في المنمنمات. ومن الأمثلة على ذلك، منمنمة "هارون الرشيد في الحمام"، التي تم تصويرها حول موضوع مثال خليفة بغداد الشهير هارون الرشيد والحلاق. وفي الصورة هناك منمنمة مع الملابس أخذت في الحمام، ويمكن رؤية التاج الملكي.

وكان لدى بهزاد العديد من الأتباع والتلاميذ. ومن بين أكثر الموهوبين، يجب ذكر قاسم علي، ومير سيد علي، وآغا ميريك، ومظفر علي. وكان لفن بهزاد صدى طويل، وكان له تأثير على آسيا الوسطى (بخارى وسمرقند)، والرسوم الصفوية والمغولية.

ويحمل اليوم اسم كمال الدين بهزاد، (كمال الدين بهزود) في أوزبكستان:

المعهد الوطني للفنون والتصميم، والحديقة التذكارية لمتحف كمال الدين بهزاد في طشقند، ومتحف كمال الدين بهزاد للفنون في بخارى.

وفي طاجكستان حمل اسمه أيضا المتحف الوطني الطاجيكستاني في دوشنبة حتى عام 2011

كما ورد اسم بهزاد في رواية "اسمي أحمر" لأورهان باموك كواحد من أعظم رسامي المنمنمات.

 

الأربعاء، 9 مايو 2018

العثور على كنوز محمد بارسا البخاري في باريس

طشقند 9/5/2018 أعده للنشر أ.د. محمد البخاري:
تحت عنوان "العثور على كنوز محمد بارسا البخاري في باريس" نشرت وكالة أنباء أوزبكستان يوم 8/5/2018 خبراً باللغة العربية جاء فيه:

أجرى وفد أوزبكي مكون من مندوبي مركز أوزبكستان للحضارة الإسلامية ومركز الإمام البخاري الدولي للأبحاث العلمية وأكاديمية أوزبكستان الإسلامية الدولية لقاء في المركز الوطني الفرنسي للأبحاث العلمية.
وتم خلال اللقاء مناقشة مسائل التعاون مع مراكز استحدثت في أوزبكستان لدراسة تراث أجدادنا العظماء الذين ساهموا مساهمة بالغة في تطوير الحضارة الإسلامية والعلوم.
ويهتم الجانب الأوزبكي بجمع صور للمخطوطات العائدة للعلماء الأوزبك والتي تحتفظ بها مختلف مكتبات العالم.
وأفاد الجانب الفرنسي بأن مكتبة فرنسا الوطنية تحتفظ بـ6 مخطوطات تعود لمكتبة محمد بارسا البخاري أحد تلاميذ العلامة الشهير بهاء الدين نقشبند.
والجدير بالذكر أن محمد بارسا البخاري كان يملك مكتبة كبيرة بعنوان "دار الفقهاء" حيث كانت تحفظ آلاف الكتب النادرة الخاصة بالحديث والفقه والتصوف فضلا عن القرآن الكريم.
ومع مرور الوقت فقدت المكتبة وحتى الآن تم العثور على 144 كتابا تحمل ختم محمد بارسا البخاري في مختلف مكتبات العالم.

الاثنين، 10 يوليو 2017

الشاعر وعالم الرياضيات الأوزبكي كامل الخوارزمي (1825م-1899م)


الشاعر وعالم الرياضيات الأوزبكي كامل الخوارزمي (1825م-1899م)

الإسم الحقيقي للشاعر والموسيقي وعالم الرياضيات الأوزبكي كامل الخوارزمي (1825م-1899م). هو محمد نياز ميرزه باشي. ودرس في بداية حياته مدرسة خيوة، وتربى في مدرسة آغاحي، وعمل لدى محمد رحيم خان الثاني أميناً للسر ومديراً للديوان.
واخترع كامل الخوارزمي نظاماً للسلم الموسيقي عرف باسم "الخوارزمية"، وألف ألحاناً موسيقية أوزبكية كلاسيكية. وترجم كتاب "كليلة ودمنة" من اللغة الفارسية إلى اللغة الأوزبكية. وكان فناناً تشكيلياً موهوباً وخطاطاً بارعاً.
وعندما كان مديراً لديوان خان خوارزم، علم أكثر من 50 تلميذاً فنون الخط والموسيقى.
وقدم كامل الخوارزمي أثناء خدمته لدى الخان إسهاماً لائقاً لتطوير الثقافة الروحية في خوارزم. وبمشاركته وتحت رعاية محمد رحيم خان أسس داراً للنشر بمدينة خيوة.
وفي عام 1883م زار كامل الخوارزمي مع محمد رحيم خان مدن موسكو، وسانت بيتربورغ، وهناك درس حياة وثقافة الشعب الروسي. وبعد عودته من الرحلة افتتح كامل الخوارزمي في خيوة المدرسة الروسية المحلية ونظم فيها أمسيات أدبية وموسيقية.
واستخدم إبنه وتلميذه محمد رسول ميرزة باشا (1870م-1916م) تدوينات الطنبور وكتب 6 مقامات. ويحفظ مخطوط ديوان كامل الخوارزمي اليوم في معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية بجمهورية أوزبكستان.
* * * * *
طشقند 10/7/2017 دراسة مختصرة أعدها بتصرف: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية (DC)، تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة. بروفيسور. عن المادة المنشورة في الرابط الإلكتروني Ziyonet.


الخميس، 6 يوليو 2017

المتصوف العظيم بهاء الدين نقشبند


المتصوف العظيم بهاء الدين نقشبند

تحت غطاء الدين الإسلامي المقدس تبذل محاولات في مختاف زوايا العالم لسفك دماء الناس الأبرياء، وزعزعزعة الأوضاع. ولهذا السبب تظهر ضرورة نشر القيم الحقيقية للإسلام أكثر إلحاحاً. ولهذا هناك أهمية كبيرة لدراسة خبرة المدرسة الدينية الأوزبكية بعمق.
وهذه المدرسة بنيت على تراث عقول عظيمة، أبقت لأحفادها إرشادات وأفكار قيمة. والمفكرين البارزين الذي ولدوا على أرضنا قدموا إسهاماً ضخماً لتطوير العالم الروحي ليس في الشرق وحسب، بل وفي الغرب أيضاً، وأعمالهم الخالدة أصبحت في متناول الإنسانية جمعاء.
ومن أجل خلق الظروف المناسبة لدراسة الكنوز الروحية للشعب الأوزبكي بعمق والدعوة الواسعة لها وقع رئيس جمهورية أوزبكستان شوكت ميرزيوييف يوم 23 يوليه/تموز من العام الجاري على قرار "حول إحداث مركز الثقافة الإسلامية في أوزبكستان وإتباعه لديوان الوزراء بجمهورية أوزبكستان". وورد في الوثيقة إسم المبدع في العالم الإسلامي بهاء الدين نقشبند.
وكما هو معروف أسس رجل الدين الفاضل في القرن الـ 14 الميلادي واحدة من أضخم طرق التصوف "النقشبندية". ورغم مرور سبعة قرون لم يزل المسلمون ملتزمون بالمبادئ والأفكار التي وضعها، والتي تدعوا إلى الطهارة الروحية والعدالة والأمانة. وخلال حياة المتصوف كلها، كل منهم يقدم مثالاً بأفعاله، ويزيد من دور الدين في حياة المجتمع وفي أعماله الصالحة.
ومع الأسف القسم الأكبر من قصة حياة بهاء الدين نقشبند غير معروف عملياً، لأنه نهى تلاميذه عن تدوين أعماله. ومن المعلومات القليلة التي وصلت إلينا، أنه ولد في قرية قصري هندوان القريبة من بخارى في عام 1318م. وفي ما بعد أعيد تسمية هذه القرية على شرفه بقصر العرفان، وكان أبيه سعيد جلال الدين حرفي يمارس النقش والحياكة. واشتهرت أمه بيبي عارفه بسعة معارفها العلمية الكبيرة. وكلاهما كانا ملتزمان بالإسلام وتعاليمه. ومن دون شك انتقلت صفات والديه مثل: حب العمل، وصفاء الضمير، والسعي لتحصيل المعرفة، إلى إبنهم الذي بدأ تحت إشراف الصوفي حجي محمد بوبو ساموسو، ومن بعده الشيخ البارز في ذلك الوقت سيد أمير قولول، بدراسة أسس التصوف بجد واجتهاد.
وفي البداية اتبع الطريقة النقشبندية أبناء بلده، وسرعان ما ذاعت شهرتها في أوساط البدو الرحل. ولاحقاً أصبحت دراساتها تلعب دوراً كبيراً في الحياة الإجتماعية والسياسية والروحية والثقافية والأخلاقية لشعوب وسط آسيا، والشرقين الأدنى والأوسط. وكانت غريبة على هذه الطريقه الظواهر السلبية مثل: العنف الإجتماعي، والتطفل، والا مبالاة. وسرعان ما أصبح من أتباع هذه الطريقة أبرز ممثلي العلوم، والثقافة، والأدب في ذلك العصر، من المعبرين عن الآراء الإنسانية. وعكسوا في إبداعاتهم أفكار ومبادئ رجل الدين العظيم. مثل: الصراحة، والصدق، والحقيقة، والأدب، وحب العمل، والعدالة، وحب الوطن، والتسامح، والإحساس بالألم، وحب الإنسان والتساهل، التي لم تفقد أهميتها حتى اليوم.
وبعد وفاة بهاء الدين نقشبند في عام 1389م ألحق بصفوف القديسين واعترف به كراع لبخارى، و"قبلة للإسلام في الشرق"، والمناطق التي قضى فيها حياته، وعلى قبره الذي شيد عام 1544م ضريح، أصبحت مكاناً يحج إليه المسلمون من كل أنحاء العالم.
وخلال السلطة السوفييتية تعرض الضريح للخراب. ولكن بعد حصول أوزبكستان على الإستقلال اتخذ خطاً عرف بخط إحياء القيم القومية، والثقافية،والروحية، وترميم الآثار التاريخية. وهكذا جرى في عام 1993م وبمناسبة مرور 675 عاماً على ميلاد جدنا العظيم وبالكامل ترميم وإعادة الملامح الأولى للمجمع الأثري في بخارى وقام الرئيس شوكت ميرزيوييف في مارس/آذار من عام 2017 بزيارة الضريح وأعطى الأوامر المناسبة للشخصيات المسؤولة لتحويل المجمع التذكاري إلى مكان من أكثر الأماكن جمالاً.
وبالكامل يظهر مثال بهاء الدين نقشبند أن السعي نحو العلم والتوصل إلى الأهداف النبيلة يؤدي ليس إلى التطور الذاتي والغناء الروحي وحسب، بل وإلى التقدم الإنساني. وأن دراسة "النقشبندية" تساعد على الحفاظ وتقدم القيم الإسلامية المقدسة وتعزيز التضامن بين الشعوب.
* * * * *
طشقند 6/7/2017 دراسة مختصرة أعدها: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية (DC)، تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة. بروفيسور. بتصرف عن المادة التي نشرتها وكالة أنباء "Jahon" يوم 2/7/2017.

الاثنين، 3 يوليو 2017

القائد العسكري والأمير البخاري يلنغتوش بهادر


القائد العسكري والأمير يلنغتوش بهادر (1576-1656)

ولد القائد العسكري، والبيك، والسياسي، وحاكم الميراث الضخم، وأمير لخانات بخارى على سمرقند يلنغتوش بهادر (بالأوزبكية Yalangto'sh Bahodir) عام 1576م في جيزاخ وتوفي عام 1656م. وعلى ما يبدو أن اسم يلنغتوش بهادر في السجلات يعني لقب يمنح مدى الحياة ويترجم "بطل بصدر مفتوح".
ونصادف اسم يلنغتوش كقائد عسكري مثل: يلنغتوش بيه بالمصادر المكتوبة في خانية بخارى، وفي الدولة الصفوية.
وأطلق عليه في علم التاريخ بروسيا قبل الثورة اسم يلنغتوش بيه فقط. وفي المعجم الموسوعي بروكغاوز وبفرون أطلق عليه "يلنغتوش بهادر" أيضاً.
واستخدم في المراجع الإستشراقية العالمية اسم يلنغتوش بيه فقط.
وعلى شواهد القبور الحجرية التي شيدها أحفاده نحت اسم يلنغتوش بيه.

وعلى اللوحة الحجرية المشيدة على قبره نقش اسمه باللغة الأوزبكية الحديثة بالحرف الكيريلي على الشكل التالي "Ялангтуш Боходур".
ووفقاً للمصادر المكتوبة انحدر يلنغتوش بهادر من السلالة الأوزبكية ألتشين، وأطلق على أبيه اسم باي خوجه، والأب وإبنه كانا من تلاميذ خوجه هاشم داغبيدي حفيد الزعيم الصوفي الشهير في الحركة النقشبندية مخدومي أعظم (1461م-1542م). ويلنغتوش بهادر ودفت ابنتيه (إكليمه بانو، وأويبيبي) في مقبرة بداغبيتي عند قدمي خوجه هاشم داغبيدي. ووفقاً لوثيقة مؤرخة في عام 1643م كان لديه ابن اسمه بويبيك، وكان متعلماً أيضاً وتوفي قبل أبيه، وفي وثيقة تعود لنفس العام كتب أنه توفي عام 1650م.
وأطلق المؤلفون الروس قبل الثورة وفي العهد السوفييتي عليه أيضاً اسم يلنغتوش بهادر وصفة قائد أوزبكي. وأشار أ.ب. خوروشخين خاصة إلى أن: "...تيلا قاري وشيردار شيدهما قبل أكثر من 200 سنة مضت حاكم سمرقند يالانغ بيه أو يالانغ تاش بهادر بالأموال والكنوز التي نهبها من مدينة مشهد بفارس. انحدر يالانغ تاش (الحجر الأملس) من سلالة ألتشين الأوزبكية".

وأشار د.إ. إيفارنيتسكي إلى أن: "مسجد تيلا قاري شيده في عام 1618 ميلادية يلنغتوش بهادر من السلالة الأوزبكية ألتشين. ومسجد شيردار شيد عام 1616م بأمر من أبو طاهر خوجه، المشار إليه أعلاه يلنغتوش بهادر، من السلالة الأوزبكية ألتشين، ويعتبر من أروع المباني بين المساجد الثلاث المشيدة في ريغيستان".
وأشار ف.إ. ماسالسكي إلى أن: "مسجد ومدرسة تيلا قاري (وهذا يعني أنهما منفصلان) شيدهما عام 1647م الأمير يلنغتوش بهادر (قائد وإمام كوليخان) من السلالة الأوزبكية "ألتشين". وعلى يمين تيلا قاري وعلى زاوية مستقيمة منه يقع مسجد شيردار (أي المزين بالأسود)، وشيده نفس الأمير يلنغتوش عام 1618م".
وكتب ب.ب. إيفانوف أنه: "رافق إنهيار الأهمية السياسية للأشتارخانيين في بخارى نمو القوة العسكرية والسياسية لبعض الإقطاعيين البخاريين من بين النبلاء الأوزبك، المنتمين على سبيل المثال للشخصية الكبيرة المعروفة في عهد (آتاليك) خان عبد العزيز (1645م-1680م)، بيه يالانتوش، مشيد مدرستي شيردار وتيلاقاري الشهيرتان في سمرقند".

والسؤال المطروح للنقاش هو اسم والد يلنغتوش بهادر، فوفق الروايات الشفهية القازاقية ينطق سييتقول، وفي الوثائق القانونية المكتوبة، كانت تسمية أباه باي خوجا. ومن المتوقع أن الحديث يدور حول شخصين مختلفين. إذ ترك جالانتوس باطير أحفاداً كثيرون، بينما كان ليلنغتوش بيه إبناً واحداً، توفي ولم يترك بعده أحفاداً من الذكور.
ووفقاً للروايات المتداولة تربى يلنغتوش من سن الـ 12 في محيط خان بخارى دين محمد. و حصل على تعليمه الأولي في المدرسة. كما ودرس في المدرسة الحربية الخاصة، التي تعلم فيها حكام المستقبل والقادة العسكريون. وبالنتيجة حصل بشكل مبكر على علوم الإدارة والشؤون العسكرية. وفي عام 1593م وهو بسن الـ 17 أختير يلنغتوش بيكاً على قطعات سلالة علي ملا. ووفق المعلومات أنه تعلم بمدينة بغداد خلال السنوات الممتدة من عام 1595م وحتى عام 1598م.
وفي المصادر المكتوبة تشكل سلم يلنغتوش بيك الوظيفي بشكل آخر: إذ كان أبوه باي حجي أميراً ومن كبار شخصيات خانية الأشتارخانيديين، وعلى هذا الشكل تربى يلنغتوش بيك من طفولته في قصر خانات بخارى.
وعرف يلنغتوش بشكل ممتاز اللغتين الفارسية والعربية. وكل الوثائق الحقوقية التي بقيت بإسمه ومن ضمنها الكتابات على جدران واحدة من مدارس ساحة ريغستان كتبت باللغة الفارسية.
وبعد وفاة حاكم الأشتارخانيديين البيك محمد خان عام 1605م، دعم يلنغتوش في البداية والي محمد خان، وبعدها وقف ضده في عام 1611م، ودعم حاكماً آخر للأشتارخانيديين هو الإمام قولي خان. وبالنتيجة عين الخان الجديد يلنغتوش أميراً على سمرقند في عام 1612م، وبعدها على أتاليك أيضاً.
وملك يلنغتوش أراضي واسعة في مختلف مناطق وسط آسيا. وعلى سبيل المثال: حررت بتاريخ 30 أبريل/نيسان عام 1650م وثيقة الشراء التالية: "يلنغتوش باي بن بوي حجي باي، اشترى من نيوز بيك وحجي بيك، أبني عاشور قوشبيغي سدسي بستان وسدسي قطعة الأرض، الكائنة في محلة بوسارتشاك في تومان شوفدور بسمرقند لقاء 1000 تانغه".
وتميز يلنغتوش بهادر بالصمود والبراغماتية العسكرية وحصل على لقب باطير.
وفي عام 1612م على رأس قوات إمام قولي خان استولى على طشقند وتركستان.
وفي عام 1612م أرسله إمام قولي خان على رأس قواته لمحاربة يسيم خان.
وفي عام 1614م قام يلنغتوش بحملة على خوراسان، وفي عام 1618م على هيرات. وخلال عشرينات ذلك القرن قاتل على أراضي أفغانستان المعاصرة، وقام بحماية الحدود الجنوبية لدولة الأشتارخانيين.
وفي عام 1621م تولى قيادة قوات الأشتارخانيين لمواجهة هجمات قوات تورسون سلطان القازاقية.
وفي عام 1628م وبأمر من إمام قولي خان قضى يلنغتوش على قوات تورسون سلطان القازاقي بالقرب من طشقند وأجبره على الفرار إلى قشغار.
وفي عام 1636م قامت قوات إمام قولي خان بقيادة يلنغتوش بيه بحملة على سايرام، وبالقرب منها هاجمت القبائل القازاقية. واستمرت الحملة حتى سهوب ديشتي كيبتشاك.
وفي عام 1640م قضت تلك القوات بقيادة يلنغتوش على المهاجمين في أراضي القازاق والأوزبك الرحل الجونغار. وبعدها حصل جالانتوس (بالقازاقية) على رتبة تومان باشي (قائد فرقة من 10 آلاف عسكري). ولم يتوقف التوسع العسكري للجونغار بل قاموا بنهب أراضي جيتيس. وجاء جالانتوس بهادر من سمرقند لمساعدة القازاق على رأس مفرزة يبلغ عدد أفرادها 30 ألف عسكري مسلحين بشكل جيد. وساعدت قوات جالانتوس على وقف التوسع في سيميريتش وجونغارام بقيادة باتور خان تاجي.
وفي عام 1643م وصل يلنغتوش بهادر لمساعدة الخان القازاقي جانغير خان في معركة أوربولاق. وفي هذه المرة كانت قواته المؤلفة من 20 ألف عسكري كافية للتأثير الإيجابي على نتائج المعارك الجارية.
وفي عام 1646م نشب صراع بين خان بخارى عبد العزيز خان، وشاه جاهان. وتطلعت خانية بخارى ودولة المغول العظام نحو السيطرة على المدن الإستراتيجية خوراسان وبالخ. وبالنتيجة اشتعلت الحرب بينهم.  ووفقاً للمعلومات التاريخية الواردة في المرجع "تاريخي كيبتشاك خاني" لخوجه مقولي بيك بالخي، دعى عبد العزيز خان القادة العسكريين وقادة القطعات العسكرية الأوزبكية إلى قورلتاي (مؤتمر) عظيم. وبعد المشاورات والتخمينات تقرر أنه دون إسهام سلاطين الفازاق لايمكن التصدي لهذه الهجمات. وتوجه الشيوخ والعلماء والنيونيون مع الخان إلى طشقند، حيت نظم الأوزبك والقازاق والقره قلباق إجتماعاً كبيراً. وبعد المجلس أقام 300 ألف شخص مع لاق من الفرسان القازاق (اللاق يضم 100 ألف فارس) حزاماً للمساعدة. وفي النهاية قضى هذا الإتحاد الذي ضم عبد العزيز خان مع توره القازاقي، ويلنغتوش آتاليك وآلتشين بيك أوغلي بيه على قوات شاه جاهان.
وكان يلنغتوش في حالة عداء مع عبد العزيز خان ورغم الإتفاق العسكري المبرم، لم يتوقف هذا العداء حتى أثناء حملتهم العسكرية المشتركة ضد شاه جاهان.
وبعدها قام يلنغتوش بحملات ناجحة كثيرة استولى خلالها ونهب مشهد، ومن هناك جلب الكثير من الحرفيين الأسرى.
كما اشتهر يلنغتوش باهادور بإسهامه في بناء منشآت جديدة وبدعمه للفنون.
وفي قلب سمرقند وعلى ساحة ريغستان وبإسهام من يلنغتوش بهادر شيدت مدرسة شيردور (مدرسة الأسود)، التي تحولت فيما بعد إلى موقع أثري تاريخي وثقافي.
وأشارت الكتابات المكتوبة باللغتين الفارسية والطاجيكية على جدران مدرسة شيردور إلى أن "مؤسسها هو الأمير والقائد العسكري العادل يلنغتوش بهادر".
كما شيد في سمرقند تيلاقاري (المزينة بالذهب). وتعتبر هذه المشيدات المعمارية زينة  لسمرقند المعاصرة وتجذب السياح من كل أنحاء العالم.
وتشغل هذه المباني من حيث مهارة تشييدها مكانة عالية في كل الفنون المعمارية التاريخية الشرقية.
ودفن يلنغتوش بهادر في داغبيتي الواقعة على مسافة 12 كم عن سمرقند عند أقدام مربيه الروحي. كما ودفنت هناك بناته أيضاً. وبوفاة بوي بيك من سلالة يلنغتوش بهادر الذكور لم يبقى أحد من سلالته، ووفقاً لمعلومات م.يي. ماسون، أن واحدة من بناته تابعت بناء المدرسة على ساحة ريغستان.
ووفق المصادر التاريخية القازاقية يعيش أحفاد جالانتوس بهادور في سمرقند وفي محافظة قيزل أوردة ومنطقة قازالين في قازاقستان المجاورة.
كما وأطلق اسم يلنغتوش بهادر على أحد الشوارع الرئيسية في سمرقند المعاصرة. وأطلق اسم جالانتوس على شوارع في المدن القازاقستانية: ألما أتا، وسيمبلاتينسك، وقزل أوردة، كذلك.
وفي قزيل أوردة أطلق اسمه على مدرسة جالانتوس بهادر سيتكولولي الداخلية بمحافظة قزيل أوردة للأطفال الرياضيين الموهوبين.
وفي منطقة قيزل بمحافظة قزل أوردة أطلق اسمه على المركز السكاني الريفي "جلانتوس باطير".
وفي عام 2001 نظم بمدينة قيزيل أورده مؤتمر علمي نظري بموضوع "جلانتوس بهادر والدولة القازاقية في القرون الوسطى". وشارك في المؤتمر علماء، وسياسيون، وكتاب، من قازاقستان وأوزبكستان وغيرهم من الدول. كما وجرت في قيزيل أورده مسابقة خصصت للذكرى السنوية الـ 425 للباطير الشهير.
وفي الوقت الراهن شيد بمدينة قيزل أورده (قازاقستان) نصب جالانتوس بهادر التذكاري.
وفي عام 2014 جرى في سمرقند تقديم لوحة للفنان التشكيلي أ. عماروف "حاكم سمرقند يلنغتوش بهادر أثناء تشييد مدرسة شيردور".
* * * * *
طشقند 3/7/2017 دراسة مختصرة أعدها بتصرف: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية (DC)، تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة. بروفيسور. عن المادة المنشورة في الرابط الإلكتروني Ziyonet.