الأحد، 14 أغسطس 2011

تعديل نظام بيع تذاكر الطائرات في أوزبكستان

تحت عنوان "في أوزبكستان وضع نظام جديد لتسويق بطاقات السفر بالطائرة" نشرت صحيفة UzReport الإلكترونية يوم 8/8/2011 الخبر التالي: أصدر ديوان مجلس الوزراء القرار رقم 224 تاريخ 1/8/2011 القاضي بتنظيم تسويق شركات الطيران ومندوبيهم ووكلائهم تذاكر السفر بالطائرة على أراضي جمهورية أوزبكستان بالعملة الأجنبية فقط إعتباراً من 5/8/2011. ويشمل القرار المقيمين في جمهورية أوزبكستان عندما تكون نقطة إنطلاق رحلتهم الجوية من خارج أراضي جمهورية أوزبكستان ولجميع الناقلين الجويين، وشمل غير المقيمين في جمهورية أوزبكستان في كل حالات النقل الجوي. وكانت شركات الطيران ووكلائها تسوق تذاكر السفر بالطائرة للمقيمين وغير المقيمين في جمهورية أوزبكستان في السابق وفقاً للفقرة 2 من قرار ديوان مجلس الوزراء رقم 235 الصادر بتاريخ 28/6/2002. وبموجبه كانت تسوق تذاكر السفر بالطائرة بالعملات الصعبة للمشاركين في رحلات النقل الجوي التي تبدأ وتنتهي خارج أراض جمهورية أوزبكستان. وفي حال قيام شركات الطيران أو ممثلياتهم أو وكلائهم ببيع تذاكر السفر لرحلات النقل الجوي المشار إليها أعلاه بالعملة المحلية، فتفرض مصلحة الضرائب الحكومية بجمهورية أوزبكستان غرامة مالية تعادل 100% من قيمة التذكرة تدفع لصالح موازنة الدولة. وفي حال إمتناع شركات الطيران أو ممثلياتهم أو وكلائهم عن دفع الغرامة طوعاً تحال للمحاكم المختصة لإتخاذ قرار بذلك. ووفقاً للأنظمة المتبعة تقدم شركات الطيران الأجنبية أو ممثلياتهم أو وكلائهم معلومات لأجهزة الضرائب الحكومية تثبت إعادة مواردهم إلى الوطن الأم، وتقوم ممثليات ووكلاء شركات النقل الجوي بإدخال كافة المداخيل المحصلة عن بيع تذاكر السفر لرحلات النقل الجوي بالعملة الوطنية والعملات الأجنبية إلى حساباتهم المصرفية. وتحويل المبالغ المقبوضة من بيع تذاكر السفر بالطائرة على أراضي جمهورية أوزبكستان إلى حسابات ممثليات شركات الطيران المفتوحة في البنوك الأوزبكستانية بعد خصم عمولة الوكيل. على أن يتم خصم عمولات الوكلاء بالعملة الوطنية وفق الأسعار المحددة للعملات من قبل البنك المركزي الأوزبكستاني يوم بيع تذكرة السفر بالطائرة. وتلزم الأنظمة المتبعة ممثلي شركات الطيران الأجنبية بتقديم كشف حساب وفق النموذج المقرر خلال العشر أيام الأولى من كل شهر لأجهزة مصلحة الضرائب الحكومية في منطقة إقامتها. كما ويحق لأجهزة مصلحة الضرائب الحكومية تدقيق صحة المعلومات المقدمة وطلب معلومات إضافية وفق الأنظمة المحددة لموارد ممثليات شركات الطيران الأجنبية القابلة للتحويل إلى حسابات شركات الطيران الأجنبية في الخارج. ووفق الأنظمة المتبعة يلزم ممثلو شركات الطيران الأجنبية بإدخال الأموال لحساب الممثلية كمؤسسة مقيمة ومسجلة في مصلحة الضرائب الحكومية ويشملها نظام الإعفاءآت من دفع ضريبة الدخل.
ويجري إفتتاح ممثليات شركات الطيران الأجنبية في أوزبكستان بعد إعتمادها وفق الأنظمة والقوانين السارية من قبل وزارة العلاقات الإقتصادية الخارجية والإستثمار والتجارة بجمهورية أوزبكستان. وحصولها على شهادة الإعتماد وفق الأصول المرعية. وتخضع أنظمة تقديم البيانات عن حسابات ممثليات شركات الطيران الأجنبية وقيامها ببيع تذاكر السفر لأجهزة مصلحة الضرائب الحكومية وتستفيد من الإعفاءآت الضريبة الدخل كمؤسسة مقيمة وفق الإتفاقيات الدولية اليت انضمت إليها جمهورية أوزبكستان.

الأحد، 3 يوليو 2011

زيادة فاعلية التعليم العالي

تحت عنوان "زيادة فاعلية التعليم العالي" كتبت غولميرا كاميلوفا خبراً نشرته صحيفة فيستي بلوس الأسبوعية على الصفحة 12 في عددها 1 (2) الصادرة بطشقند يوم 9/6/2011 جاء فيه: منذ وقت قريب صدر المنهاج التعليمي "طرق البحث العلمي" الذي أقره مجلس المناهج التعليمية في جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية، وكلية الصحافة. من تأليف دكتور العلوم السياسية، بروفيسور كلية الصحافة محمد البخاري. وهذا المنهاج التعليمي أعد على شكل مقترحات في الأساليب ويعتبر مدخلاً جيداً لإختيار مواضيع الرسائل العلمية لطلاب مرحلة الماجستير في تخصصات مجالات المعرفة: الصحافة (أشكال النشاطات)، الصحافة الدولية، الإذاعتين المسموعة والمرئية، أعمال النشر والتحرير، والعلاقات العامة والإعلان. وتضمن المنهاج شرحاً متسلسلاً ومنظماً لمراحل إعداد وكتابة الرسائل العلمية. ويعلم طلاب الماجستير طريقة إعداد العمل بشكل صحيح، ووضع خطة العمل، ووضع الأسس المنطقية لخطة البحث العلمي، والعمل بفاعلية مع المصادر الإعلامية بما يتفق وموضوع البحث، ويحث على الإهتمام بالحقائق المفيدة. وأثناء الحوار مع محمد البخاري أشار إلى أن: "المطالب المعاصرة للتعليم العالي في أوزبكستان موجهة قبل كل شيء نحو إعداد كوادر عالية المستوى قادرة على القيام بفعالية بإجراء أبحاث علمية وتطبيقية على المستوى العلمي المطلوب. والهدف من هذا المنهاج التعليمي هو اكتساب المهارات والطرق العامة الخاصة بالبحث العلمي والتحليل العلمي أثناء كتابة الرسالة العلمية وفي النشاطات العلمية والبحثية. ومهمتنا نحن الأساتذة والمدرسين هي أن يمتلك طلاب الماجستير طرق واساليب البحث العلمي التي تساعدهم على تحديد الأهداف والإتجاهات والمضامين في رسائلهم العلمية. وهذا المنهاج التعليمي مقرر لطلاب الماجستير السنة الأولى ممن سبق وحصلوا على تعليم أساسي في الصحافة.

الجمعة، 10 يونيو 2011

صفحات من تاريخ الجالية الأوزبكية في الجمهورية العربية السورية

صفحات من تاريخ الجالية الأوزبكية في الجمهورية العربية السورية



Suriya Arab Respublikasidagi o’zbeklar
Страницы из истории Узбекских эмигрантов в САР
طشقند - 2010
تأليف:
Авторы:
- Мухаммад аль-Бухари: Профессор, кафедрой свозы с общественности и реклама, факультета журналистики Национального университета Узбекистана имени М.Улугбека.



أ.د. محمد البخاري: بروفيسور قسم العلاقات العامة والإعلان بكلية الصحافة في جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية.
- Эмад аль-Армаши: специалист по арабско-исламской истории.



عماد الأرمشي: متخصص بالدراسات التاريخية العربية والإسلامية.

الأوزبك في سورية

بضعة آلاف من المواطنين السوريين البخارية (الأوزبك)، يعيشون اليوم في سورية ويشاركون في تقدمها وإزدهارها ومنعتها ووحدة أراضيها، ومن بينهم: أطباء، ومحامون، ومعلمون، وموظفون، وعسكريون، وتجار، وحرفيون. وهم من أبناء وأحفاد أولئك الذين قدموا إلى سورية في مراحل متعددة، منهم من جاءها طلباً للعلم في شام شريف المقدسة لديهم واستقروا فيها، ومنهم من أسس المدارس لاستقبال أبناء قومه الوافدين إلى شام شريف لتلقي العلم ولأبناء دمشق على حد سواء، وكان آخرها المدرسة التي أغلقت أبوابها خلال خمسينات القرن العشرين، بعد أن خرجت شخصيات لامعة في التاريخ السوري الحديث، وتم هدمها فيما بعد ليبني مكانها مسجد الأفرم المعروف اليوم في منطقة شورى بدمشق، ومنهم من جاءها لخدمة حجاج بيت الله الحرام وأقام المساجد والتكايا التي لا يزال بعضها قائماً حتى اليوم.



وكان آخر المنتمين بأصولهم إلى أوزبكستان المعاصرة، وقصدوا دمشق هرباً من سلسلة الإجتياحات الروسية لتركستان (قسمت روسيا تركستان بعد احتلالها إلى خمسة جمهوريات استقلت بعد انهيار الإتحاد السوفييتي السابق وهي: أوزبكستان، وقازاقستان، وتركمانستان، وقرغيزستان، وطاجكستان)، حاكم خانية قوقند خودايار خان وأسرته ولم يزل أحفاده يعيشون في دمشق حتى اليوم، وكان آخر من قصد دمشق، أبناء إمارة بخارى بعد أن احتلها الروس بتاريخ 2/9/1920 وشردوا الكثيرين من سكانها ومن بينهم كانت شخصيات هامة وضباطاً وعسكريون من جيش إمارة بخارى من بينهم عبد الستار بن عبد القادر والد أ.د. محمد البخاري، وتجاراً وحرفيون آثروا أن يجدو الملاذ فيها، وأسس بعضهم حي البخارية ضمن بساتين الميدان الذي لم تعد له أية آثار اليوم ولم يزل يذكره أ.د. محمد البخاري، ومنهم من سكن أحياء دمشق مثل أحياء: الأزبكية، والمهاجرين، والنبعة على سفح جبل قاسيون، والصالحية، وسوق ساروجة، والميدان، والقدم وغيرها من الأحياء الدمشقية. ومنهم من سكن التكية المرادية في حارة الورد حتى آخر أيام حياته (حوار أجراه أ.د. محمد البخاري في طشقند مع فاطمة ابنة خودايار خان المقيمة في دمشق مع أولادها واحفادها، أثناء زيارتها لأوزبكستان عام 1980 بدعوة من جمعية وطن للعلاقات الثقافية مع الأوزبك المقيمين في الدول الأجنبية.). وكان للبخارية الذين استقروا في دمشق محلاتهم التجارية، وورشاتهم الحرفية في المهاجرين، والصالحية، وسوق ساروجة، والميدان، وجانب محطة الحجاز.


شخصيات من أصول أوزبكية تركت أثاراً في التاريخ السوري المعاصر


وشارك الأوزبك منذ قدومهم لدمشق مثلهم مثل أبناء سورية الآخرين في الحياة العامة، ومن بينهم كان نصوحي البخاري، الذي ولد بمدينة دمشق عام 1881 وتوفي فيها بتاريخ 1/7/1962 وتزوج عام 1919 من فتاة من الأسر الدمشقية العريقة وهي رفيقة بنت ممدوح. وتخرج من المدرسة الحربية العثمانية في اسطنبول، ومن مدرسة الأركان وحصل على رتبة رئيس، وشارك كقائد عسكري في حرب البلقان، والحرب العالمية الأولى وأسر خلالها وأرسل إلى سيبيريا حيث بقي هناك لمدة تسعة أشهر وتمكن من الهرب والعودة إلى الدولة العثمانية في مطلع عام 1916، وشارك برتبة عقيد في حرب القفقاس، وحرب غزة، وتولى قيادة الفرقة السابعة حتى تم انسحاب القوات العثمانية من سورية. وتولى في عهد الملك فيصل الأول قيادة فيلق حلب برتبة زعيم، وتولى رئاسة ديوان الشورى الحربي الثاني، وعين معتمداً لحكومة الملك فيصل الأول لدى مصر في أوائل عام 1920، ومن ثم مديراً عاماً للشؤون الحربية في أواخر العام نفسه واستمر في هذا المنصب حتّى عام 1921، ومن ثم تقلّد رئاسة الوزارة في عهد الرئيس هاشم الأتاسي في 6/4/1939 واستمر في منصبه حتّى تموز من نفس العام، واستقال من منصبه لعدم قيام الفرنسيين بتحقيق الشروط التي اُتفق عليها الطرفان، وتقلّد عدة وزارات فيما بعد منها: وزارة الداخلية، ووزارة الدفاع الوطني، ووزارة المعارف، رغم أنه لم ينتمي لأي حزب سياسي.



ونصوحي البخاري هو شقيق جلال البخاري الذي حوكم في عاليه وأُعدم في بيروت يوم 6/5/1916 مع الشهداء الوطنيين المطالبين باستقلال سورية. وابن العلامة سليم البخاري رئيس علماء دمشق الذي حوكم أمام الديوان العرفي العثماني في عاليه ونُفي إلى بروسية. وكان عضواً مؤسساً للجمعية الخيرية بدمشق، وهي جمعية إسلامية خيرية مارست العمل السياسي، أسسها الشيخ طاهر الجزائري في أواخر القرن التاسع عشر، ودعت لإعادة العمل بالدستور العثماني الذي كان معطلاً آنذاك، وجعل الحكم في الدولة العثمانية والبلاد العربية حكماً يعتمد على الشورى (يوسف الحكيم: سورية والانتداب الفرنسي. ص 332.).
وفي مطلع القرن الحادي والعشرين فقدت الجالية الأوزبكية المقيمة في سورية أحد أبرز رجالها الموسوعيين بوفاة برهان بخاري يوم 30/4/2010، وهو مواطن سوري من أصول أوزبكية هاجر والداه من وادي فرغانة مثلهم مثل الكثيرين من الأوزبك للعيش في سورية،أمه أوزبكية ولدت في أنديجان، وأبوه أوزبكي ولد في مرغيلان، واستقرا بمدينة دمشق حيث ولد برهان بخاري عام 1941. وتعلم في مدارسها، ودرس الفلسفة واللغة الانكليزية بجامعة دمشق، وخلف وراءه إرثا من الكتابة والتاريخ والموسوعات المتنوعة. وأنجز مشاريع للترجمة الآلية، ولا تزال مشاريع أخرى له تنتظر الدعم لتحويلها إلى واقع ملموس، ونعتقد أنها كلها جديرة بالتأمل والتقدير.



ومارس برهان بخاري التعليم في سن مبكرة وابتكر عددا من الوسائل التعليمية الميسرة لطلاب المدارس. وفي بداية سبعينات القرن العشرين قام بمشروعه الخاص لمحو أمية الكبار في سورية، وقام بجولات وعقد لقاءات في القرى السورية واللبنانية ومخيمات اللاجئين الفلسطينيين، وكان يقدم الدروس ويوزع مؤلفاته مجانا، وقام بنشر سلسلة من المقالات عن محو الأمية نشرتها له صحيفة البعث الدمشقية. وأعد مناهج لتعليم اللغة العربية للأجانب وتعليم اللغات الأجنبية للعرب.وكان إلى جانبه في تلك الجولات التطوعية صديقه الودود الأستاذ عدنان بغجاتي (عدنان بغجاتي: ولد في دمشق عام 1934 تلقى تعليمه في دمشق وتخرج في جامعتها حاملاً الإجازة في اللغة العربية عام 1957 ونال دبلوم التربية عام 1958. عمل مدرساً ومديراً للتربية، ومديراً عاماً لمؤسسة الوحدة ورئيس تحرير جريدة الثورة، وأميناً عاماً لوزارة التربية ووزيراً للتربية ووزير دولة لشؤون مجلس الوزراء، ورئيساً لتحرير جريدة البعث، ورئيساً لاتحاد الكتاب العرب، وعضواً في مجلس الشعب، ومستشاراً ثقافياً في مجلس الوزراء. رئيس تحرير الموقف الأدبي؛ رئيس تحرير الآداب الأجنبية؛ رئيس تحرير الأسبوع الأدبي. عضو قيادة فرع دمشق لحزب البعث العربي الاشتراكي 1967-1968. عضو جمعية البحوث والدراسات. توفي في 9/10/1992.) الذي شغل سابقاً منصب وزير التربية ومنصب رئيس اتحاد الكتاب العرب، والتقى أ.د. محمد البخاري به أكثر من مرة في بيت برهان بخاري في دمشق.
وفي عام 1979 وصل برهان بخاري إلى طشقند عاصمة أوزبكستان بدعوة من جمعية وطن للعلاقات الثقافية مع الأوزبك المقيمين في الدول الأجنبية للاشتراك في العيد الألفي لابن سينا، وكانت تلك الدعوة بداية لدخوله خضم العمل الأكاديمي، حيث ترجم ولأول مرة قطعا أدبية من اللغة الأوزبكية إلى اللغة العربية مباشرة بعدما كانت الترجمة قبل ذلك تمر عبر اللغة الروسية. وتحولت تلك الزيارة إلى دعوة مفتوحة وجهتها له أكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان واستمرت لبضعة أشهر، وضع خلالها أسساً علمية لأول معجم أوزبكي/عربي، وعربي/أوزبكي، وكتب عددا من الدراسات حول بنيوية اللغة الأوزبكية وعلاقتها التاريخية مع اللغة العربية، ونال عليها عددا من شهادات التقدير (حوار أجراه في طشقند أ.د. محمد البخاري مع برهان بخاري رحمه الله، أثناء زيارته لأوزبكستان في عام 1979 بدعوة من جمعية وطن للعلاقات الثقافية مع الأوزبك المقيمين في الدول الأجنبية.). وبعد عودته إلى دمشق بدء مشروعاً روائياً طويلاً تحدث فيه عن الأوزبك ودمشق خلال أربعينات وخمسينات القرن الماضي وضم المشروع معلومات كثيرة غير منشورة ولم يتمه وبقي مخطوطاً. وترك وراءة مكتبة ضخمة تضم إرثا من الكتابة والتاريخ والموسوعات المتنوعة. ومشاريع للترجمة الآلية، ولا تزال مشاريع أخرى له تنتظر الدعم لتحويلها إلى واقع قائم، وتحوي مكتبته أكثر من 5000 كتاب، ومع الأسف فقد منها الكثير من إصداراته وكتبه لمحو الأمية، وكتبه الأدبية وقصصه الأولى.
وتعززت جهوده الأكاديمية بعمله أستاذاً زائراً وخبيراً في جامعة الكويت عام 1983، حيث ساهم في تطوير بحث حول الصوتيات العربية بما يعرف بالكلام المركب صناعياً والحاسوب. وكان أول من عمل على تحويل الكلمات المكتوبة إلى صوتية بواسطة الحاسوب، وتوصل إلى تقطيع الأوزان الشعرية (عروضيا) بواسطة الحاسوب.‏
وبعد ذلك أمضى برهان بخاري ثلاث سنوات في أوروبا امتدت ما بين عامي 1984 و1986 متنقلا بين مراكزها العلمية وجامعاتها وشارك في عدد من المؤتمرات والمعارض الدولية الخاصة بالترجمة الآلية. كما وضع أسساً لنظريته الخاصة بالترجمة الآلية، التي عرفت فيما بعد بنظرية اللغة العليا (سوبر لنغوا) القادرة على الترجمة الفورية إلى جميع لغات العالم ومن بينها اللغة الأوزبكية دفعة واحدة عدا الصينية واليابانية. وقام بتصميم لوحة مفاتيح كومبيوتر قادرة على تنضيد جميع أبجديات العالم والتعامل معها، وقامت بتنفيذها شركة مونوتايب البريطانية، وعرفت بلوحة مفاتيح البخاري.
وعاد برهان بخاري إلى سوريا في 1986 وعكف على إنجاز مشروعه الضخم المعروف بإسم "إعادة بناء التراث العربي والإسلامي على الحاسوب" ويتألف هذا المشروع بشكل أساسي من عشر موسوعات، أهمها موسوعة الحديث النبوي الشريف ويتجاوز عدد أجزائها المائة, طبع الجزء الأول منها فقط ولا تزال البقية رغم إنجازها قيد النشر. ومن أبرز أعمال برهان بخاري أيضا الموسوعة الشعرية لنزار قباني، وموسوعة شعرية للشعراء من العصر الجاهلي وحتى العصر الحديث بالتعاون مع مجمع أبوظبي بدولة الإمارات العربية المتحدة، وأعمال أخرى.
أما في الجانب الفكري والأدبي فقد مارس برهان بخاري كتابة النقد الأدبي والقصة القصيرة والرواية والشعر والمسرح، وكتب للصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح.‏ وبدأ منذ عام 1995 بكتابة سلسلة مقالات أسبوعية في صحيفة تشرين السورية، كما كتب سلسلة مقالات أخرى في صحيفة الثورة بين عامي 2002 و2007. وقد أثارت مقالاته ضجة واسعة نظرًا للجرأة الفكرية والعلمية التي اتصفت بها، وكان من بينها رسائل موجهة إلى رؤساء العالم ومنها رسالة مفتوحة إلى الرئيس الأميركي الأسبق بيل كلينتون.
ويقول عرفان نجل برهان بخاري أن والده امتاز بالتحليل المسبق للكثير من المتغيرات العالمية، حيث أطلق مصطلح "إسلام فوبيا" في مقال نشر له عام 1996 في جريدة تشرين مستبقا أحداث 11 سبتمبر/أيلول في الولايات المتحدة الأمريكية بخمس سنوات. ورغم أن شهرته الحقيقية ابتدأت مع أول مقال له في صحيفة تشرين الدمشقية بتاريخ 15/10/1995 إلا أن تاريخه العلمي يجعل المرء حائرا من أين يبدأ مع هذا الإنسان الموسوعي حتى أن من يعرف إنجازاته العلمية يتساءل كيف له أن يبرز في مجالات متعددة، وهو الذي قال له الصحفي البريطاني المعروف باتريك سيل الذي التقاه أثناء زيارته لبريطانيا: "مكانك هنا في التوثيق وليس في التنظير، أنا مع عملك التوثيقي ولست مع عملك الإعلامي".
ونظراً لممارسة برهان بخاري كتابة المقال والنقد الأدبي والقصة القصيرة والشعر والمسرح وكتابته للصحف والمجلات والإذاعة والتلفزيون والسينما والمسرح. نشرت الصحف والمجلات والإذاعتين المسموعة والمرئية والإلكترونية العربية مقالات عنه بعد وفاته، وكلها موجودة اليوم على صفحات الإنترنيت.



آثار تاريخية بناها الأوزبك في دمشق


وعند الحديث عن الآثار المعمارية التي تركها الأوزبك الأوائل في دمشق لابد أن نذكر أنهم كانوا دعاة لنشر العلم والتعليم، وتشير المراجع التاريخية إلى تواجد الأوزبك في دمشق منذ القرن السابع عشر الميلادي، ومن بين تلك المراجع بحث المساجد العثمانية في دمشق الذي أعده الباحث عماد الأرمشي المتخصص بالدراسات التاريخية العربية والإسلامية وتناول فيه الجامع المرادي الذي شيده عام 1108هـ، مراد بن علي بن داوود بن كمال الدين بن صالح بن محمد البخاري النقشبندي المتوفى عام 1132هـ.



الجامع المرادي




ويقع الجامع المرادي الذي اشتهر بالتكية المرادية، وجامع النقشبندي عام 1899، وهو وقف إسلامي خارج أسوار مدينة دمشق القديمة في حارة الورد من حي سوق ساروجا، وهو صغير الحجم ولم يزل قائماً وعليه لوحة رخامية معلقة على جداره كتب عليها: مسجد المرادي، بناه محمد مراد المرادي سنة 1108 هجرية. وجعله تكية ومدرسة، وكان له باب كبير، سـد اليوم ولا تزال آثاره موجودة، والباب الذي يدخل منه اليوم الى الجامع هو باب صغير والى جانبه منارة مستديرة مبنية من الحجارة السوداء والبيضاء، وكتب على قاعدتها المربعة سنة 1179هـ النص التالي (راجع ذيل ثمار المقاصد ص 251.):
منارة للهدى شيدت بحق بأعلى رأسها الله يذكر
بسم الله أبدأ في بناها وحمديا علي لمن تشكر
وسهم للقضا اضمرت فيها بتاريخ لمن بالسوء أبصر
اجيبوا داعياً لله نادى ونادى للصلاة الله أكبر
بنى هدا الجامع سنة 1108 مراد بن علي بن داوود بن كمال الدين بن صالح بن محمد البخاري النقشبندي المتوفى سنة 1132 للهجرية.
وتتألف المدرسة من صحن ومصلى ومدفن. والصحن مفروش بالموزاييك، وعلى أطرافه الشمالية والغربية سبعة غرف للمجاورين (أي العابدين المنقطعين للعبادة فقط) بنيت من الحجارة السوداء. وسكن هذه الغرف فيما بعد لاجئون من إمارة بخارى منذ مطلع عشرينات القرن العشرين، وكانت مقراً للجمعية الخيرية البخارية بدمشق، التي رأسها الشيخ موسى خوجه آخر مسؤولي صك النقود وبيت مال أمير بخارى، وكانت مكاناً ثابر اللاجئون من إمارة بخارى على الإلتقاء فيه حتى وفاة آخرهم في ستينات القرن العشرين. ولم يزل يتذكر أ.د. محمد البخاري تلك اللقاءات التي شارك فيها في صباه يقدم مع أقرانه الرز البخاري والشاي للكبار خلال جلساتهم في بهو المدرسة التي توقفت عن العمل بسبب إقامة اللاجئين البخارية فيها. وإلى الجنوب من المدرسة هناك ثلاثة قناطر، ومن ورائها المصلى وهو مؤلف من غرفة واسعة لها قوس عظيم، ومن فوق القوس سقف عادي، والمحراب والمنبر عاديان، والى يمين المحراب قبة فخمة بحيطان مزخرفة تحتها قبران كبيران يعتقد أنهما لمراد البخاري وشقيقه، وعلى أحدهما لوحة خطت عليها سنة 1160هـ الأبيات التالية:
ضريح مولى منيب لله في كل مشهد
قطب الزمان وغوث للكل في كل مقصد
النقشبندي من قد نال المقام المؤصلا
تاريخه جاء بيتاُ مسدد السبك مفرد
وأشار عماد الأرمشي إلى أن المؤرخ الدكتور أكرم العلبي أوضح في كتابه "خطط دمشق": أن الجامع جزء من المدرسة المرادية البرانية التي أنشأها الشيخ مراد بن علي البخاري النقشبندي في نفس تاريخ بناء الجامع. وذكر العلامة الكبير الشيخ محمد أحمد دهمان أن مئذنة الجامع القديمة سقطت أثر زلزال دمشق الشهير سنة 1173 هـ الموافق 1759م أيام سلطنة السلطان العثماني عبد الحميد الأول، وأعيد بنائها من جديد. وأكد ذلك الدكتور قتيبة الشهابي بسياق حديثه عن المساجد العثمانية وذكر أن مئذنة جامع المرادي هي من المآذن المشيدة في العهد العثماني على الطراز الشامي بتأثير مملوكي أرقش (الأرقش: أي المنقط بسواد وبياض وهو غير الأبلق. ورَقَشَ الشيء رقشاً أي نقشه. والرقش والرقشة أي لون فيه كدرة بياض وسواد)، جذعها مثمن الأضلاع كثيف الرقش بالأشرطة البسيطة والأشكال الهندسية الحجرية بلون أسود كالمثلثات والمسدسات وأشباه المنحرف والنجوم ثمانية الرؤوس، ويحمل هذا الجذع شرفة مثمنة، وينتهي رأس المئذنة بذروة صنوبرية الشكل. وتم بناء المئذنة من الطراز الشامي بتأثير مملوكي أرقش غير أن عناصرها الزخرفية أضعف من عناصر مثيلاتها من نفس الطراز مثل جامع العجلوني وجامع القاري في دمشق.



جامع المرادية في باب البريد


ويذكر عماد الأرمشي أن جامع المرادية القديم المندثر في باب البريد بمحلة العصرونية في دمشق بناءه مراد بن علي بن داوود بن كمال الدين بن صالح بن محمد البخاري النقشبندي أيضا، المتوفى سنة 1132 هـ الموافق 1719م، وقال شيخنا عبد القادر بن بدران في كتابه "منادمة الأطلال" أن مدرسة المرادية بباب البريد مشهورة ومعروفة وهي ذات مدرستين صغرى وكبرى، والثانية ذات حجرات سُفلى وعليا، كانت محط الرجال الأفاضل معمورة بالعلماء، وكان بها مكتبة عظيمة حتى كان يقال عنها أنها أزهر دمشق. ثم إن نظارها باعوا جانباً منها ومن أوقافها، وقطعوا راتب الطلبة، وأمست في عصرنا (1921م) كأمثالها خالية من دراسة العلم. ويضيف طلس من بعده قوله: لم يبق اليوم منها (1942م) إلا بابها المتين، وما عدا ذلك فمتهدم وغلب على أمره.
ويتابع الباحث عماد الأرمشي أني من ضمن أبحاثي عن مساجد دمشق قمت بدراسة تاريخية مفصلة مخصصة لمنتدى ياسمين الشام وبحثت عن جامع المرادية القديم في باب البريد بمحلة العصرونية المتاخمة لسوق الحميدية ولم أجده، ولعل باحث أخر يبلغنا مكانه. رحم الله الحاج الشيخ مراد بن علي بن داوود بن كمال الدين بن صالح بن محمد البخاري النقشبندي الذي انشأ هذين الجامعين سنة 1108هـ طيب الله ثراه. ولقد وجدت أثناء بحثي عن مراد بن علي البخاري كتاب اسمه "سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر" لأبي الفضل محمد خليل بن علي المرادي مؤلف هذا الكتاب، وهو أبو المودة المولى محمد خليل بن السيد علي بن السيد محمد بن السيد محمد مراد بن علي المرادي الحسيني الحنفي، البخاري الأصل، الدمشقي المولد.
وولد بدمشق، ونشأ في كنف والده، وقرأ القرآن على الشيخ سليمان الدبركي المصري، وأخذ العلم عن فضلاء عصره، وطالع في العلوم والأدبيات واللغة التركية والإنشاء والتوقيع. ولما عُزل ابن عمه السيد عبد الله بن السيد طاهر المرادي عن إفتاء دمشق، وُجِّه إليه هذا المنصب ونقابة الأشراف في اليوم السابع من شهر شعبان سنة 1192هـ، وكان إذ ذاك في الآستانة (القسطنطينية)، فرحل عنها إلى دمشق حيث قام بمهام الفتوى، وبقي فيها إلى سنة 1205هـ حيث انتقل إلى حلب الشهباء وهناك كانت وفاته رحمه الله في صفر سنة 1206هـ، وهو في شرخ شبابه.
وكتاب «سلك الدرر في أعيان القرن الثاني عشر» هو مرجع هام في تراجم أعيان وعلماء القرن الثاني عشر الهجري لما حواه من تراجم ناهزت الـ 750 ترجمة. ويقع الكتاب في أربعة أجزاء طبعت أجزاؤه الثلاثة الأولى في استانبول عام 1291هـ ثم طبع الجزء الرابع في القاهرة عام 1301هـ. ومن هذه الطبعة أعيد تصويره مرتين الأولى في بغداد والثانية في بيروت. والكتاب نادر الوجود، ويحتاج إلى تصحيح وتحقيق لتعم الفائدة منه، ولا غنى لدارس التاريخ العثماني في القرن الثاني عشر الهجري في البلاد العربية ، وخصوصاً بلاد الشام، عن هذا الكتاب.



جامع ومدرسة الأفرم



ومن الأبحاث التي أعدها الباحث عماد الأرمشي المتخصص بالدراسات التاريخية العربية والإسلامية عن المساجد المملوكية في دمشق بحثاً تناول فيه جامع الأفرم وذكر فيه أن جامع الأفرم يقع خارج أسوار مدينة دمشق القديمة غربي الصالحية بحي المهاجرين منطقة الأفرم عند التقاء جادة الأفرم نفسها بجادة الحواكير (للمزيد من المعلومات عن المساجد ومدارس دمشق القديمة راجع الخريطة الالكترونية في منتدى ياسمين الشام على هذا الرابط http://yasmin-alsham.com/dmasmap/). وقد شَـَّيد هذا الجامع المبارك نائب السلطنة المملوكية في الشام الأمير جمال الدين آقوش الدواداري المنصوري الأفرم عام 706 للهجرة الموافق 1306 للميلاد. وأكد المؤرخ الدمشقي الكبير الحافظ ابن كثير: أنه في مستهل ذي القعدة من سنة ست وسبعمائة اكتمل بناء الجامع الأفرم الذي أنشأه الأمير جمال الدين نائب السلطنة عند الرباط الناصري بالصالحية وقد رتب فيه خطيباً يخطب يوم الجمعة وهو القاضي شمس الدين محمد بن أبي العز الحنفي وحضر نائب السلطنة والقضاة ومد الصاحب شهاب الدين سماطاً بعد الصلاة، (انتهى).
وحول ترجمة صاحب الوقف ذكر أنه: الأمير جُل الدين وفي روايات أخرى: جول الدين آقوش الأفرم نائب دمشق، وهو شركسي الأصل من مماليك الملك المنصور قلاوون وكان يحب الفروسية من صغره والتمس أستاذه قلاوون أن يرسلهُ أميراً إلى الشام فأبى وقال له: ليس ذلك في أيامي. ثم تولى نيابة دمشق بعد فرار قبجق إلى التتار وفي أيامه كانت حملات ملك التتار قازان على بلاد الشام فدافع الأفرم عن دمشق رحمه الله قدر طاقته، وانسحب منها حينما احتلها التتار إلى مصر وكان يقول معجباً بدمشق: لولا القصر الأبلق والميدان الأخضر ما خليت بَيْبَرس وسالاد ينفردان بمملكة مصر. وبالرغم من إحسان الملك الناصر إليه، وإبقائه نائباً في دمشق إحدى عشر سنة متوالية فقد جحد نعمة مولاه، وانحاز إلى بيبرس الجاشنكير لأنه شركسي مثله، وكانا يشعران بأنهما كالغرباء بين الأتراك لما كانا صغيرين، ثم هرب مع قراسنقر والزردكاش إلى خَرْ بنده ملك التتار، فأقطع ملك التتار مراغمة لقراسنقر، وهمذان للأفرم، ونهوند للزردكاش وهو تركماني على الأغلب، (انتهى).
وذكر المؤرخ أحمد بن طولون الصالحي المسجد في "القلائد الجوهرية" واصفاً مئذنة الجامع بان غالبها من الآجر، ومن طبقة واحدة. وذكر الباحث عماد الأرمشي أنه من ضمن أبحاثه عن مساجد دمشق، هناك دراسة تاريخية مفصلة منشورة بمنتدى المنعكس الثقافي، وأن وصف ابن كثير وابن طولون للمسجد أو المئذنة لم يعطيا هذا البناء الجميل حقه من الوصف، وكل ما علمناه وفهمناه أنهما كانا من الحجارة والآجر وربما كانا من الخشب أو اللبن، ولا نملك أية معلومات إضافية لإلقاء الضوء على شكل البناء وهندسة بنائه وكمال منظره. وأثناء بحثه عن المئذنة وجد ما أورده فضيلة الأستاذ محمد أحمد دهمان في كتابه "رحاب دمشق" أن المئذنة تضررت أثر زلزال دمشق الشهير سنة 1173 هـ الموافق 1759م أيام السلطان العثماني عبد الحميد الأول، ومن ثم رممت. ثم هُدم الجامع كلياً أيام الوالي العثماني المصلح مدحت باشا عام 1295هـ الموافق 1878م، واستعملت حجارته لرصف الشوارع، وكانت الأبنية المحيطة به أصلاً مهدمة منذ غزو تيمورلنك لدمشق سنة 803هـ الموافق 1401م، ولم يقم أحد بإعادة بنائها لبعدها عن الشام وعن قرية الصالحية نفسها. واستمر حال الجامع والمئذنة مخربين حتى عام 1327هـ الموافق 1909م، حين أعيد أعماره من جديد. وما لبث أن هُدم الجامع، وأعيد بناءه مرة ثالثة عام 1375هـ الموافق 1955م. وذكر المستشرقان الألمانيان كارل ولتسينجر، وكارل واتسينجر (Carl Watzinger & Karl Wulzinger) في كتابهما "الآثار الإسلامية في مدينه دمشق" الصفحة رقم 241 والصفحة رقم 248، أن بناء جامع الأفرم يقع في زقاق الزيتون، وهو مسجد حديث يحتفظ جزء منه بحجارة المسجد القديم، ولا يزال مستعملا، ولكننا لم نتفقده. ولا بد أنه كان عامراً في هذه المنطقة ويعود الى سنة 706هـ (انظر صفحة 25 لكريمر / ألفريد فون كريمر (1828 ـ 1889م) مستشرق ودبلوماسي ورجل سياسة نمساوي قام برحلة إلى سوريا دامت عامين (بين 1849 ـ 1851م) وكان من ثمار رحلته هذه كتابه "طوبوغرافية دمشق". وهذا الكتاب يعد بالنسبة لموضوعنا مصدراً لا يستهان به ، استفاد منه الباحثان الألمانيان ولتسينجر وكارل واتسينجر وأحالا إليه مراراً في كتابهما كتاب "الآثار الإسلامية في مدينه دمشق".).
وذكر الشيخ الفاضل عبد القادر بن بدران في سياق حديثه عن جامع المزة: رأيت في هامش "تنبيه الطالب" نقلا عن النعيمي ما محصلته أن جامع المزة، قد خرب وبطلت الصلوات فيه سنين، الى أن أمر السلطان سليمان بعمارة جامعه والتكية (التكية السليمانية) مكان قصر الملك الظاهر بيبرس (أي القصر الأبلق). فأخذت آلات هذا الجامع الى عمارته، وأخذت أيضا آلات جامع النيرب، ولم يبق بالمزة جامع غير جامع المرجاني فقط، ومثله جامع الافرم وقد كان غربي الصالحية، بناه الافرم نائب السلطنة سنة ست وسبعمائة ورتب له خطيبا يخطب فيه وقد أصبح اليوم لا أثر له وكان باتجاه الرباط الناصري وكل منهما يسلم على الآخر سلام الوداع.
ونوه الدكتور أسعد طلس عندما أحصى مساجد دمشق ضمن تحقيقه "لثمار المقاصد في ذكر المساجد" ان هذا المسجد قد تهدم ولم يبق من بنائه شيء إلا الحجارة التي بني بها مجدداً سنة 1327هـ الموافق 1909م بعناية أحد وجهاء مهاجري بخارى المرحوم داوود بن عبد الجبار حفيد الشيخ أحمد اليسوي ابن مولانا شمس الدين ازكندي، وأحفاده لا يزالون مقيمين في دمشق حتى هذا اليوم.
وللمسجد صحن مفروش بالتراب وفي جنوبه المصلى المكتوب على بابه: ((بو جامع شريف بخارا اشرافندن شيخ احمد يسوي سليمان ولي مولانا شمس الدين از كندي سلاسندن علما ومشايخ ندن داود بن الشيخ عبد الجبار طرفندن بنا وتأسيس اولنمشدي سنة 1328 تاريخندن)) والمصلى مؤلف من غرفة فيها قاعدتان حجريتان من فوقهما سقف خشبي، وفيها محراب من الجبس وثماني نوافذ صغيرة، وفي كل جهة من الجهات الأربعة شباكان آخران، والى جانب المصلى الأيمن حديقة صغيرة فيها قبر مجدد المسجد المتوفى سنة 1335هـ، وللمسجد منارة حجرية حسنة أنشأها الشيخ داوود المذكور بمعاونة السيد رضا أفندي القوتلي، وفي الصحن ثلاث غرف اتخذها أولاد المجدد بيتاً لسكنهم ومدرسة يعلمون فيها الأطفال والأيتام. (انتهى ماذكره طلس).
والجدير بالذكر أن البيت كان لم يزل قائماً والمدرسة ظلت مستمرة في نشاطاتها حتى أواسط خمسينات القرن العشرين وخرجت مجموعة من الأعلام الدمشقيين من بينهم وزير الاقتصاد السوري السابق محمد العمادي، وأغلقت عندما وضعت وزارة الأوقاف يدها عليها كونها من الأوقاف الإسلامية. وتم هدم البيت والمدرسة والمسجد بالكامل وأعيد بناء المسجد من جديد على شكله الحالي القائم اليوم (حوار أجراه في طشقند أ.د. محمد البخاري مع علاء الدين البخاري حفيد داوود بن عبد الجبار رحمه الله، والمقيم بمدينة دمشق أثناء زيارته لأوزبكستان عام 1986 بدعوة من جمعية وطن للعلاقات الثقافية مع الأوزبك المقيمين في الدول الأجنبية).
وتابع الباحث عماد الأرمشي أنه ضمن أبحاثه عن مساجد دمشق هناك دراسة تاريخية مفصلة نشرت بمنتدى المنعكس الثقافي ذكر فيها: أنه في كل مرة كان يتم إعادة إعمار أي أثر تاريخي، أو مدرسة أو مسجد أو جامع، كان لا يمكن إعادة الأثر إلى ما كان عليه في الماضي، فما بالكم إذا أعيد اعمار هذا الجامع ثلاث مرات وبفترات زمنية متباعدة وبعيده جداً عن جذوره المملوكية التي ضاعت مع أعماق الزمن، وضاعت معها معالم جامع الأفرم القديم ؟؟ وعند زيارتي الميدانية للجامع سنة 2007 وسنة 2010 لم أشتم رائحة الأفرم، ولا رائحة العصر المملوكي للجامع، ولا حتى العثماني، بل وجدت مسجداً مستجداً مستحدث بواجهة حجرية عريضة صماء خالية من كافة العناصر الجمالية والتزينية يتخللها نافذتان عريضتان على حرم الصلاة، ومن فوقهما نافذتان صغيرتان تتوسطهما نافذة جميلة نوعا ما محمولة على عامودين، وتم زخرفة النافذة بزخرفة حجرية أنيقة ويعلو النوافذ طنف كامل من المقرنصات، وفي منتصف الواجهة لوحة حجرية كتب عليها بخط نسخي جميل: جامع الأفرم.



وعلى بوابة المسجد ظهرت بعض التزيينات الطفيفة ولكنها ليست بالقدر الكافي كما هي الحال في المساجد التي بنيت بنفس الحقبة التاريخية. والمئذنة مجددة بالكامل وأخذت شكل المآذن ذات الطراز الشامي بتأثير مملوكي غني بالزخارف جذعها مثمن الأضلاع بطبقة واحدة، أحادية الشرفة، ومزخرفة بالمقرنصات الجميلة، وأسفل الشرفة أشرطة تزيينية رومانية، وهي مثمنة الأضلاع يحيط بها درابزين حجري مفرغ بالرسوم الهندسية، وتنتهي المئذنة بجذع ومنه إلى ذروة بصلية متوجة بتفاحتان وهلال مغلق وكأنها بنيت عام 1990م. وحرم الصلاة، حرم عادي لا يوجد فيه أي أثر مملوكي، ومحرابه ومنبره كبقية المساجد الحديثة العهد المبنية في منتصف القرن العشرين.
وجرى توثيق الجامع بالنص والصورة والخارطة عام 2006 ضمن المباني الأثرية العالمية في مدينة دمشق تحت اسم جامع الأفرم برقم 221 في مجلد كتاب العمارة والمجتمع العثماني في مدينة دمشق بالقرنين التاسع عشر والعشرين الميلاديين للباحثين الألمانيين ويبر، وستيفان، وتحقيق البروفسور الدكتور جودرن كريمر، والبروفسور الدكتور دورثي ساسك. والموثق هذا موجود في جامعة برلين بألمانيا. واختتم عماد الأرمشي بقوله: جامع الأفرم مازال قائما حتى يومنا هذا في حي المهاجرين وهو الذي شيده نائب السلطنة المملوكية في الشام الأمير جمال الدين آقوش الدواداري المنصوري الأفرم رحمه الله تعالى فترحموا عليه. واختتم دراسته بقوله: أن جامع الأفرم كان من أعظم جوامع دمشق، وكيف ندرسه ولم يبق منه إلا حجراً واحداً ؟
ولم يزل يذكر أ.د. محمد البخاري الجامع والمدرسة التي كان يزورهما مع أبيه في خمسينات القرن الماضي والطريق التي كانا يتبعانها سيراً على الأقدام من حي المحكمة في الصالحية إلى حارة قنارة ومن ثم إلى حارة بير التوته وحارة الأولياء وحارة الحواكير حيث كان يصنع الحرفيون المهرة فيها الأدوات الفخارية المتنوعة من صحون وأباريق ومشربيات وغيرها، ومنها إلى طلعة شورى ومن ثم السير في ممر غير عريض ممتد بين منزل الشخصية السياسية المعروفة فارس الخوري ونهر كانت مياهه وفيرة في تلك الأيام حتى الوصول في النهاية إلى مدخل الجامع والمدرسة الواقعان بين الأشجار الباسقة قبل إنشاء الجامع الحديث وحديقة المالكي والبنايات الحديثة بالقرب منهما في نهاية خمسينات القرن الماضي. وفي واحدة من تلك الزيارات أذهله أن الرجال اجتمعوا لذبح حصان كبير توزعت الأسر البخارية الدمشقية لحمه بعد ذبحه وتقطيعه، وطبخوا من لحمه في ذلك اليوم الرز البخاري وأنواع اللحم المسلوق والمشوي. وكانت المرة الأولى في حياته التي تذوق فيها لحم الحصان. ويتذكر زيارات التجار البخارية المقيمين في لبنان والأردن والعراق والسعودية لدمشق بقصد زيارة أقاربهم والراحة والتسوق والعودة إلى أماكن إقامتهم محملين بالبضائع الدمشقية.
وفي هذا المختصر نكون قد استعرضنا جانباً من حياة وآثار الأوزبك في سورية وقدمنا من خلالها خدمة للباحثين في هذا المجال الإنساني، وسلطنا الضوء على صفحات من العلاقات التي ربطت الشعبين الأوزبكي والسوري منذ قرون عديدة. وأن الأوزبك أنشأوا في دمشق الأحياء الخاصة بهم والعديد من دور العبادة والمدارس، وأنهم مارسوا كل المهن المعروفة آنذاك وكان من بينهم شخصيات اجتماعية وسياسية بارزة تركت آثاراً واضحة في التاريخ السوري المعاصر.

الخميس، 12 مايو 2011

اللغة الأمازيغية واللغة العربية

تحت عنوان "مواطن الاتصال والانفصال اللغة الأمازيغية واللغة العربية" نشر ديوان اصدقاء المغرب في الإنترنيت دراسة كتبها جميل حمداوي ولأهميتها من وجهة نظري أضعها في متناول قراء صفحتي الإلكترونية من المهتمين بالدراسات اللغوية والعرقية. 12/5/2011
تمهــيد: تطرح اللغة الأمازيغية كثيرا من الإشكاليات والقضايا عندما نحاول استكناه أعماقها ودراسة مستوياتها اللسانية أو مقاربتها من الناحية الفيلولوجية (فقه اللغة) أو مقارنتها باللغة العربية، ومن ثم يتساءل الكثير من الباحثين والدارسين والمهتمين بالشأن الأمازيغي عن العلاقات الموجودة بين اللغة الأمازيغية واللغة العربية: ماهي مظاهر الاتصال والانفصال بينهما ؟ ومهما قدمنا من إجابات لهذه الأسئلة تبقى غير كافية ولا تشفي الغليل، وتتسم أيضا بالنسبية والتقريب والتخمين والافتراض لانعدام الأدلة العلمية الحقيقة وغلبة الهوى والذاتية والإيديولوجيا على الباحثين الذي يخوضون في هذا المضمار. لذا سنحاول قدر الإمكان أن نقدم بعض الإجابات التي نعتبرها نسبية من الوجهة العلمية لقلة الوثائق والمصادر الأكاديمية الحقيقة، وبعد الفترة الزمنية المدروسة عن التوثيق الموضوعي والتدوين المحايد النزيه.
1. أصــول الأمازيغ: يختلف كثير من الدارسين في تحديد جذور الأمازيغ، فقد جمع محمد خير فارس آراء مجموعة من الأنتروپولوجيين، فحصرها في عدة نماذج بربرية: "أحد هذه النماذج يمت إلى شعوب البحر المتوسط، والثاني يعود إلى أصول مشرقية، والثالث إلى أصول آلبية. وكما يقول ديبوا: هناك أيضا نموذج رابع هو النموذج الأبيض الأشقر، ولايمكن ربطه بالاحتلال الوندالي، فهو موجود منذ القديم". إذاً، هناك من الباحثين من يرى بأن الأمازيغ من أصول مشرقية عربية حميرية هاجروا بسبب الجفاف وتغير المناخ وكثرة الحروب إلى شمال أفريقيا من اليمن والشام عبر الحبشة ومصر، فاستقروا في شمال أفريقيا وبالضبط بالمغرب، والجزائر، وتونس، وليبيا، وغرب مصر، وشمال السودان، ومالي، والنيجر، وبوركينا فاصو، وجزر الكناريا، والأندلس، وجزر صقلية بإيطاليا. وقديما قال ابن خلدون: إن الأمازيغ كنعانيون تبربروا، أي إن البربر هم أحفاد مازيغ بن كنعان. وفي هذا المقام يقول ابن خلدون:" والحق الذي لاينبغي التعويل على غيره في شأنهم؛ إنهم من ولد كنعان بن حام بن نوح؛ كما تقدم في أنساب الخليقة. وأن اسم أبيهم مازيغ، وإخوتهم أركيش، وفلسطين إخوانهم بنو كسلوحيم بن مصرايم بن حام".
وقد قال قديما القديس الجزائري الأمازيغي أوغسطين قولة مأثورة وهي أن الأمازيغ كنعانيو الأصل:" إذا سألتم فلاحينا عن أصلهم؛ سيجيبون: نحن كنعانيون" ويؤيد هذا الطرح الباحث الفلسطيني الدكتور عز الدين المناصرة الذي أرجع الأمازيغيين وكتابتهم إلى أصول كنعانية إما فلسطينية وإما فينيقية لبنانية: "لقد أخذت الأمازيغية نظام تربيع الحروف من هذه اللغات (يقصد اللغات السامية) كما أخذت نظام الحركات (الإشارات والتنقيط) من النظام الفلسطيني والنظام الطبراني. لكن أقرب مصدر للأمازيغية (حروف التيفيناغ التواركية) هو اللغة الكنعانية الفينيقية القرطاجية. فالمصدر الأساسي للأمازيغية – إذاًً هو الألفبائية الكنعانية التي تفرعت منها كل لغات العالم. وقد أثرت الكنعانية مباشرة في اليونانية، ومن اليونانية، ولدت اللاتينية والسلاﭭية. فالأمازيغية لغة سامية حامية. والكنعانية هي اللغة الأولى في العالم التي مكنت الإنسان من تصوير كل صوت من أصوات اللغة برمز (المبدأ الأكروفوني).وصارت مجموعة الرموز تعكس كلمات بألفاظها وأصواتها. واحتفظ اليونانيون بأسماء الحروف الكنعانية. ولا خلاف على جغرافية بلاد كنعان فهي (فلسطين ولبنان وسوريا والأردن)، لكن فلسطين كانت هي المركز…." ويرى الدكتور أحمد هبو أن الكتابة البربرية القديمة (تيفيناغ) استوحت مبادئها من الكنعانية الفينيقية. ولا علاقة للأمازيغية باللاتينية من قريب أو بعيد."
وهناك من يقول بأن الأمازيغ شعب أتى من أوروپا والدليل على ذلك شعرهم الأشقر، وفي هذا يقول عثمان الكعاك: "يذهب البعض من العلماء إلى أن البربر من أصل هندي أوروبي، أي من الأصل اليافتي المنسوب إلى يافت بن نوح عليه السلام، خرجوا في عصور متقادمة من الهند ومروا بفارس ثم بالقوقاز، واجتازوا شمال أوروپا من فينلاندا إلى إسكندينافيا ثم بريطانيا الفرنسية ثم إسبانيا، ويستدلون على ذلك بالمعالم الميغالينية أو معالم الحجارة الكبرى من المصاطب (الدولمين) والمسلات (المنهيد) والمستديرات (الخرومليكس) التي بثوها على طول هذه الطريق وهي توجد بشمال أفريقيا وتنتهي بالمفيضة. كما يستدلون بأسماء قبائل الكيماريين بفينلاندا والسويد وبني عمارة في المغرب وخميس بتونس فالأسماء متشابهة جدا؛ أو بالحرف الروني المنقوش على المعالم الميغالينية فإنه يشبه الخط اللوبي المنقوش على الصخور بشمال أفريقيا ولبعض الخصائص البشرية كبياض القوقازي وزعرة الشعر المتصف بها الشماليون". بيد أن هناك من الدارسين من يدافع عن الأصول الأفريقية للسكان الأمازيغ، ويعتبرونهم وحدهم السكان الأقدمين الذين استوطنوا شمال أفريقيا منذ زمن قديم.
وأنه من العبث البحث في جذور الأمازيغيين مثل ماذهب إلى ذلك محمد شفيق حينما قال: "إن المؤرخين العرب كادوا يجزمون، في العصر الوسيط، أن "البربر" من أصل يماني، أي من العرب العاربة الذين لم يكن لهم قط عهد بالعجمة؛ وعلى نهجهم سار المنظرون للاستعمار الفرنسي الاستيطاني في القرن الماضي وأوائل هذا القرن، فأخذوا يتمحلون البراهين على أن البربر أوربيو المنبت، خاصة الشقر والبيض منهم. ومن الواضح أن الحافز في الادعاءين كليهما سياسي، سواء أكان صادرا عن حسن نية أم كان إرادة تبرير للاستيطان.
ومع تراجع الاستعمار الأوروپي عن أفريقية الشمالية، أخذت هذه المسألة العلمية تفرض على الباحثين كل تحفظ لازم، لاسيما تجاه المصادر المكتوبة، ما لم تدعهما معطيات أخرى أكثر ضمانا للموضوعية. وقد عمل بجد، خلال الأربعين سنة الأخيرة، على استغلال الإمكانيات الأركيولوجية والأنتروپولوجية واللسانية في البحث عن أصل الأمازيغيين، أو عن أصول المغاربة على الأصح. والنتائج الأولى التي أفضت إليها البحوث أن سكان أفريقية الشمالية الحاليين في جملتهم لهم صلة وثيقة بالإنسان الذي استقر بهذه الديار منذ ما قبل التاريخ، أي منذ ما قدر بــ9.000 سنة، من جهة؛ وأن المد البشري في هذه المنطقة، كان دائما يتجه وجهة الغرب انطلاقا من الشرق، من جهة أخرى. وبناء على هذا، يمكن القول إن من العبث أن يبحث لــ"بربر" عن موطن أصلي، غير الموطن الذي نشأوا فيه منذ مايقرب من مائة قرن. ومن يتكلف ذلك البحث يستوجب على نفسه أن يطبقه في التماس موطن أصلي للصينيين مثلا، أو لهنود الهند والسند، أو لقدماء المصريين، أو لليمانيين أنفسهم وللعرب كافة، ليعلم من أين جاؤوا إلى جزيرة العرب". وهناك رأي آخر يقول بالأصل المزدوج للبربر، فهم حسب هذا الرأي يجمعون بين السلالتين: السلالة السامية والسلالة الهندو أورپية، "فالسلالة الأولى هي الهندية الأوروپية التي نزحت إلى إفريقيا من آسيا ثم أوروپا على الطريق الذي ذكرنا وبالأسلوب الذي ذكرناه في قولة سابقة؛ والسلالة الثانية سامية أولى كما وصفنا، ثم التقت السلالتان بالمغرب، وهذا ما يفسر لنا اختلاف الخصائص البشرية عند البربر في السحنة ولون الشعر والعيون وشكل الجمجمة وحتى اللهجات، وهذا ما يفسر أيضا الخلاف القائم بين مصمودة وصنهاجة مثلا."
وعلى أي حال فالأمازيغ والعرب - في اعتقادنا - من جذور سلالية وجينيولوجية واحدة وهي الجذور الكنعانية السامية، ومن موطن واحد هو شبه الجزيرة العربية. وفي هذا السياق يقول ليون الأفريقي في كتابه "وصف أفريقيا": "لم يختلف مؤرخونا كثيرا في أصل الأفارقة، فيرى البعض أنهم ينتمون إلى الفلسطينيين الذين هاجروا إلى إفريقيا حين طردهم الأشوريون، فأقاموا بها لجودتها وخصبها، ويزعم آخرون أن أصلهم راجع إلى السبئيين (أي الحميريين) الذين كانوا يعيشون في اليمن قبل أن يطردهم الأشوريون أو الإثيوبيون منها، بينما يدعي فريق ثالث أن الأفارقة كانوا يسكنون بعض جهات آسيا، فحاربتهم شعوب معادية لهم، وألجأتهم إلى الفرار إلى بلاد الإغريق الخالية آنذاك من السكان، ثم تبعهم أعداؤهم إليها، فاضطروا إلى عبور بحر المورة واستقروا بإفريقيا، بينما استوطن أعداؤهم بلاد الإغريق. كل هذا خاص بالأفارقة البيض القاطنين في بلاد البربر ونوميديا.
أما الأفارقة السود بمعنى الكلمة فإنهم جميعا من نسل كوش بن حام بن نوح. ومهما اختلفت مظاهر الأفارقة البيض والسود، فإنهم ينتمون تقريبا إلى نفس الأصل، ذلك أن الأفارقة البيض، إما أتوا من فلسطين – والفلسطينيون ينتسبون إلى مصرائيم بن كوش-، وإما من بلاد سبأ، وسبأ بن هامة بن كوش-." وعلى العموم، فالأمازيغ يشتركون مع العرب في الأصل السامي الكنعاني وفي موطن الانحدار والانطلاق الذي يتمثل في الجزيرة العربية. وهذا الرأي هو أقرب إلى الصواب في رأينا المتواضع، وبعد ذلك تفرق سكان الجزيرة العربية شذر مذر لأسباب مناخية واجتماعية ودينية، وأيضا بسبب الحروب والنزاعات الفردية والجماعية وبسبب الفتوحات والهجرات شرقا وغربا وشمالا وجنوبا.
2. الفصيلة اللغويـة:
من المعروف أن الفصيلة السامية تشمل مجموعة من اللغات أولها: الكنعانية التي كان يتكلم بها سكان الشام (الأردن، وفلسطين، ولبنان، وسوريا)، وهي بدورها تضم مجموعة من اللهجات كالأجريتية والكنعانية القديمة، والمؤابية، والفينيقية، والعبرية. واللغة الثانية هي الآرامية ومقرها الجزيرة والعراق والشام أيضا. وشملت هذه اللغة المجموعة الشرقية بمافيها اللهجات السائدة في العراق، وشملت المجموعة الغربية منها اللهجات الباقية المستخدمة في سورية وفلسطين وشبه جزيرة سيناء. ومن اللغات الأخرى للفصيلة السامية نذكر: العربية الشمالية والعربية الجنوبية، فالعربية الجنوبية تضم اللغة القحطانية أو اليمنية القديمة، وهي بدورها تضم أربع لهجات ألا وهي: المعينية، والسبئية، والحضرمية، والقتبانية. وتشمل كذلك لغة الحبشية السامية التي تنقسم كذلك إلى الجعزية، والأمهرية، والتيجرية.
أما العربية الشمالية" فإننا لانكاد نعرف شيئا عن نشأتها والمراحل التي اجتازتها في عصورها الأولى، وهي قسمان: العربية البائدة التي لايتجاوز أقدم ماوصلنا من نقوشها القرن الأول ق.م، والعربية الباقية التي لا تجاوز آثارها القرن الخامس بعد الميلاد."
أما الفصيلة الحامية فتتكون من البربرية والكوشيطية والمصرية. ومن هنا، فاللغة العربية لغة سامية، بينما البربرية لغة حامية.
وعلى الرغم من هذا التمييز في شجرة اللغات واللهجات، فثمة روابط متينة وكثيرة بين اللغات السامية واللغات الحامية مادامت مشتقة من نفس الشجرة السامية الحامية، ومادام البرابرة من أصول حميرية يمنية، ومادامت اللغة العربية والأمازيغية تنتميان إلى اللغة التحليلية "المتصرفة التي تتغير أبنيتها بتغير المعاني وتحلل أجزاؤها المترابطة فيما بينها بروابط تدل على علاقاتها."
وإذا كان الكثير من الدارسين اللغويين في مداخلاتهم وأبحاثهم اللسانية يذهبون إلى أن البربرية متفرعة عن لغات الفصيلة السامية، فأحمد بوكوس يرى أنها "لغة مستقلة من حيث العلاقة الوراثية بالنسبة للعربية الفصحى،إذ تنتمي الأمازيغية إلى ما يسمى بفصيلة اللغات الحامية، بينما تدخل العربية ضمن فصيلة اللغات السامية، وإن كانت هاتان الفصيلتان تشتركان على مستوى أعلى في إطار فصيلة الحامية- السامية وفي الفصيلة الإفريقية – الآسيوية."
أما الباحث الجزائري سالم شاكر فيرى أن اللغة الأمازيغية أقدم من اللغة العربية بكثير وأقدم من الفصيلة السامية نفسها، وهي لغة مستقلة تنتمي إلى فصيلة اللغات الأفراسية وهي سابقة على السامية. ومن هنا يرى سالم شاكر بأن اللغة الأمازيغية:" ظهرت ما بين 10000 و9000 سنة قبل اليوم، وبأنها لم تتفرع عن أي من اللغتين الأخريين (المصرية والسامية) حتى ولو كانت هذه العائلات اللغوية الثلاث(المصرية والأمازيغية والسامية) تتداخل في تعبيراتها المعجمية.
وهناك افتراض آخر يرى أن اللغة الأمازيغية هي التي تفرعت أولا من الكوشية ثم جاءت بعد ذلك اللغة المصرية، وفي آخر هذه التفريعات تأتي اللغة السامية.
وانطلاقا من مختلف هذه الآراء تحصل على فترة زمنية خاصة ببروز اللغة الأمازيغية تتراوح ما بين 10000و8000 سنة ماقبل الميلاد(أي مابين 12000و10000 سنة قبل اليوم)."
وعلى أي حال، يتبين لنا بأن هناك من يدرج الأمازيغية ضمن الفصيلة الحامية، ومن يدرجها ضمن الفصيلة السامية، ومن يدرجها ضمن الفصيلة اليافتية، وهناك من يعتبرها كيانا لغويا مستقلا بنفسه.
3. كتـــابة تيفيناغ:
تسمى كتابة الأمازيغيين بتيفيناغ أو تفنغ Tifinag أي خطنا أو كتابتنا أو اختراعنا، وقد وصلتنا هذه الكتابة مخطوطة عبر مجموعة من النقوش والصخور وشواهد القبور منذ آلاف من السنين، ولدينا من ذلك أكثر من ألف نقش على الصفائح الحجرية، بل يفوق 1300 نصا.
ومن ناحية أخرى، يذهب بعض الدارسين إلى أن تيفيناغ مشتقة من فنيق وفينيقيا. ويعني هذا أن اللغة الأمازيغية فرع من الأبجدية الفينيقية الكنعانية. وفي هذا يقول عبد الرحمن الجيلالي "لقد أقبل البربر على اللغة الكنعانية الفينيقية، عندما وجدوا ما فيها من القرب من لغتهم وبسبب التواصل العرقي بينهم وبين الفينيقيين".
ويذهب الدكتور عزالدين المناصرة إلى أن اللغة الأمازيغية وأبجديتها فينيقية الأصل وكنعانية النشأة وعربية الجذور والأصول:" اللغة الأمازيغية متعددة اللهجات وهي قابلة للتطور إلى لغة راقية كالعربية وكتابتها بالحروف الطوارقية (التيفيناغ) هو الأصل، فالمفرد المذكر هو كلمة (أفنيق) مما يوحي فورا بكلمة فينقيا، وهذا يدلل على الأرجح أن اللغة الأمازيغية كنعانية قرطاجية، ولم تكن الكنعانية القرطاجية الفينيقية لغة غزاة، لأن القرطاجيين الفينيقيين هم الموجة الثانية من الكنعانيين. وبما أن أصل البربر الحقيقي هو أنهم كنعانيون فلسطينيون ولبنانيون على وجه التحديد، فإن السكان الأصليين للجزائر، البربر الأمازيغ، أي الموجة الأولى الكنعانية استقبلوا أشقاءهم الكنعانيين الفينيقيين ليس كغزاة، بل بصفتهم استكمالا للموجة الأولى. ومن الطبيعي بعد ذلك أنهم امتزجوا بالرومان والإغريق واللاتين. فالأصل أن تكتب الأمازيغية بحروف التيفيناغ التوارگية الكنعانية القرطاجية الفينيقية، وأصل هذه الحروف يعود إلى الكنعانية الفينيقية والعربية اليمنية الجعزية."
وقد تأثر خط تيفيناغ في مساره التاريخي بالكتابة الفينيقية الكنعانية والكتابة المصرية والكتابة اليونانية والكتابة الليبية والكتابة اللاتينية والكتابة العربية خاصة على مستوى الحركات والصوائت. ويرى بوزياني الدراجي أن "شيئا من الشبه يجمع بين الأمازيغية (الليبية) وما اكتشف من كتابة في جنوب إسبانيا بالإضافة إلى التشابه بينها وبين خط الاتروسگ وخطوط يونانية فرعية أخرى…. وربما هذا نتيجة الاحتكاكات التي حدثت عبر فترات تاريخية مختلفة. ولكن الراجح فيما ذكر هو الارتباط القوي بين اللغة الأمازيغية واللغات الحامية بالدرجة الأولى، ثم اللغات السامية في درجة ثانية."
هذا، وتكتب الأمازيغية القديمة كما هو معلوم من الأعلى إلى الأسفل في البداية كما يتجلى ذلك في النقوش والصخور والكهوف، ليتم تطويعها من جميع الجهات، من الأعلى إلى الأسفل، ومن الأسفل إلى الأعلى، ومن اليمين إلى اليسار، ومن اليسار إلى اليمين. واستمر وضع الكتابة على هذا الشكل إلى أواخر القرن التاسع عشر الميلادي إلى أن غير الطوارق صيغة الكتابة من اليمين إلى اليسار على غرار اللغة العربية. بيد أن الباحث الجزائري بوزياني الدراجي يرى أن هذا التغيير بدأ مع الفينيقيين: "وفي العهد الفينيقي أضحت كتابة "تفنغ" تكتب من اليمين إلى الشمال؛ مثلها مثل الخط الفينيقي."
ومن المعلوم أن الكتابة الأمازيغية عبارة عن حروف صامتة وغير صائتة، كانت في البداية تتكون من 16 حرفا صامتا، وصار بعد ذلك 23 حرفا في عهد المملكة المازيلية النوميدية. وستضاف إليها بعض الحروف الصائتة مع الفتح العربي لشمال أفريقيا وتسمى:" تيدباكين"، وهذه الصوائت هي: الفتحة والضمة والكسرة. وتسمى الأبجدية الأمازيغية "أگامك"، لتصبح تيفيناغ اليوم عبارة عن 33 حرفا، منها 29 حرفا صامتا و4 صائتا. ويعني هذا أن الأمازيغية تشترك مع اللغة العربية في احتوائها على الصوائت والصوامت، بل أخذت الصوائت (الفتحة، والضمة، والكسرة، والسكون ) من شقيقتها العربية، كما استخدم حرف الهمزة العربي بكثرة في الأمازيغية (أغيور/الحمار،أسيمي/ الرضيع، أيندوز/العجل….)، وكان ذلك مع بدايات الفتوحات الإسلامية، كما اتخذ خط اللغة العربية في كتابة الأمازيغية وترجمة النصوص العربية ولاسيما الدينية والفقهية والفلسفية منها.
ومن خصائص الخط الأمازيغي القديم أنه خط صامتي يشبه الكتابة الأيقونية الإديوگرامية التي تعبر عن فكرة أو شيء أو صورة على غرار الكتابة الكنعانية. كما يخلو الخط من العلامات الصائتية، ويحضر هذا الخط في أشكال هندسية كدوائر ومثلثات ونقط وخطوط مفتوحة ومنغلقة ومتقاطعة وخطوط مائلة ومتنوعة.
هذا، وقد ترك لنا الأمازيغيون في شمال أفريقيا أكثر من ألف نقش على الصخور والكهوف والشواهد، و"تركوا عددا من النقوش التذكارية في تونس والجزائر خاصة، فيها ماهو مصحوب بترجمته اللاتينية أو الفينيقية؛ وقد قام الباحث جورج مارسي George Marcy بمحاولة جادة من أجل شرحها. لكن معظم النقوش الأمازيغية القديمة لاتزال تنتظر اختصاصيين يشترط فيهم أن يتقنوا الأمازيغية أولا، ثم إحدى اللغات الميتة الآتية: الفينيقية أو اليونانية أو اللاتينية."
ومن ناحية أخرى، فقد كتبت الأمازيغية بخط تيفيناغ منذ فترة قديمة جدا ولم تصلنا نقوشها إلا مع عصر الجمل، كما كتبت الأمازيغية بالخط اللاتيني مع الرومان قديما والاستعمار الأوروپي حديثا، وكتبت كذلك بالحرف العربي لمدة طويلة أيضا وبالضبط منذ القرن الثاني والثالث عشر مع ابن تومرت الذي ترجم كتاب "التوحيد" أو كتاب "العقيدة" إلى اللغة الأمازيغية بواسطة الخط العربي. بيد أنه في القرن الثامن عشر الميلادي، ستنتشر الكتابات الأمازيغية المكتوبة بالخط العربي وبالضبط في منطقة سوس كالشعر الأمازيغي المنسوب إلى سيدي حمو الطالب وغيرها من كتب الشعر والدين والتصوف والتاريخ والسير. وقد واكب هذا التأليف المرحلة الإسلامية والفتوحات العربية لشمال أفريقيا، وكذلك مع تأثر المثقفين الأمازيغيين بالعلماء المسلمين في شتى المعارف والفنون والعلوم. وفي هذا الصدد يقول أحمد بوكوس:" أما عن المرحلة الإسلامية فإن المؤرخين، وخصوصا منهم مؤلفي الحوليات والسير، يتحدثون عن عدد غير يسير من المراجع المكتوبة باللسان الأمازيغي، منها الأدبيات الدينية للخوارج والبورغواطيين والموحدين ولكن جلها اندثر. لم نعد نحتفظ منها سوى ببعض أسماء الأعلام البشرية وأعلام الأمكنة وبعض الجمل المتناثرة. وحتى أشعار سيدي حمو الطالب التي قد تساعد على استقراء السمات العامة لأمازيغية القرن الثامن عشر لم يصل إلينا بعضها إلا عبر الرواية الشفوية. وهكذا، فإن من أقدم المؤلفات الموضوعة بالأمازيغية هي من إنجاز الفقهاء من أمثال أزناگ وأوزال. ولعل من أشهر هذه المؤلفات كتابي الفقيه محمد ؤعلي أوزال (الهوزالي) أي كتاب الحوض وكتاب بحر الدموع، أولهما يتناول قواعد الفقه وفق المذهب المالكي، وثانيهما في قضايا التصوف. لقد ألفا في القرن الثامن عشر بلسان تاشلحيت ودونا بالحرف العربي. والجدير بالذكر أن لغة هذه النصوص لاتختلف في شيء عن الأمازيغية الحديثة من حيث صرفها ومعجمها وتركيبها."
ونستنتج من كل هذا أن اللغة الأمازيغية عبر مسارها النضالي وعبر تاريخها الطويل استعانت في فرض وجودها وكينونتها باللغة العربية وبخطوطها المتنوعة لتدوين المعارف والفنون والعلوم وكل الإبداعات الشخصية والجماعية لتنتقل من جيل إلى آخر لتعريف الأحفاد الأمازيغ بالتراث الذي خلفه الأسلاف والأجداد. والفضل بطبيعة الحال يعود بكل جدارة واستحقاق إلى ماقدمته اللغة العربية للغة الأمازيغية من تسهيلات على مستوى المشافهة والتحبير والتصنيف والتواصل.
3. المستويات اللسانيـة:
أ‌- المستوى الصوتي والإيقاعي:
إن الصوامت والصوائت الموجودة في اللغة الأمازيغية توجد أيضا في اللغة العربية، وتكاد تتشابه اللغتان في عدد الحروف والصوائت (28 حرفا بالنسبة للغة العربية، و29 بالنسبة اللغة الأمازيغية زائد أربع صوائت (33حرفا) أخذت من اللغة العربية كما يظهر ذلك في كتابات سكان الطوارق مع الفتح العربي الإسلامي).
ومن الأصوات التي تتميز بها اللغة الأمازيغية وغير موجودة في العربية نلفي: حرف الگاف G /في كلمة: أرگاز/الرجل، وحرف الزاي المشددة بثلاث نقط: ژ: أ ژرو / الحجر،، وحرف گو/ġ مثل: تاگورت(الباب)، أگجديف(نخلة). وهناك حروف موجودة في اللغة العربية وغير موجودة في اللغة الأمازيغية كالضاد والثاء (باستثناء اللهجة الريفية ينطق أبناؤها الثاء بشكل جيد: ثرايثماس: اسم امرأة).
كما أن الهمزة لاتنطق قاطعة في الأمازيغية إلا عند الابتداء كالعربية، أي في أول الكلام. فإن كانت مفتوحة كتبت على الألف (أضار/الرجل- أضار ئنو: رجلي)، وإن كانت مضمومة كتبت على الواو(ؤدم/الوجه- سيرد ودم نك: اغسل وجهك)، وإن كانت مكسورة كتبت على الياء(ئزم/الأسد- تنغام ئزم/قتلتم الأسد). أما في وسط الكلام فتحذف الهمزة كتابة ونطقا، ولايثبت إلا حرفها بصفته حركة لآخر حرف في الكلمة التي قبله.
ومن حيث الإيقاع العروضي، فقد تأثر الشعر الأمازيغي تأثرا كبيرا بالإيقاع العربي من حيث استعمال التصريع في البيت الأول، وتشغيل القافية الموحدة، واستخدام البيت المستقل ونظام الشطرين والرباعيات في الإيزري الأمازيغي الريفي، كما تأثر به على مستوى الهيكلة والبناء الشكلي؛ إذ يمكن الحديث اليوم في القصيدة الأمازيغية الحديثة والمعاصرة عن الشعر العمودي والشعر التفعيلي والقصيدة النثرية والموشحات الأمازيغية.
وعلى الرغم من ذلك، فالعروض الأمازيغي يتسم بخصوصيات محلية على مستوى البحور، فأوزانه غير موجودة في اللغة العربية. ففي الريفية يمكن التنصيص على إيقاع سداسي المقاطع:
لايارا لايارا لايارا لابويا
بينما في الشعر الأمازيغي السوسي نجد 11 وزنا عروضيا أصيلا حسب الرايس الحاج محمد الدمسيري وتسمى بــ" يان دمراون واسيف"، ولكل آسيف (جمع ءيسافن) قياس يسمى بآسقول، ولكل قياس تفاعيل تسمى بتالالايت.
ب‌- المستوى المورفو- تركيبي:
هناك من الباحثين اللسانيين الأمازيغ كالدكتور محمد الشامي وغيره من يثبت بأن تركيب الجملة الأمازيغية يشبه كثيرا تركيب اللغات الهندو أوربية التي تبتدئ بالاسم الذي يعقبه الفعل :sujet + verbe، والمقصود بهذا أن الجملة الأمازيغية أساسها الجملة الاسمية لا الفعلية كما في اللغة العربية.
مثال: يفاغ أورگاز: خرج الرجل / Urgaz، فمورفيم (إ/u ) عبارة عن فاعل/ sujet وكلمة فاغ بمثابة فعل، أما أرگاز فهو فضلة توسيعية تأكيدية أو زائدة. ويعني هذا أن الجملة الأمازيغية جملة محمولية اسمية تصاغ على غرار اللغات الأجنبية التي تبتدئ بالاسم وبعدها الفعل.
أما الأستاذ محمد شفيق فيثبت بأن هناك تشابها كبيرا بين اللغة الأمازيغية واللغة العربية على مستوى أنماط التركيب الجملي والمقولات الصرفية إلا أن المثنى في الأمازيغية يقترن بالعدد، بينما في العربية يحدد بالألف والنون في حالة الرفع، والياء والنون في حالتي النصب والجر. يقول محمد شفيق في كتابه:"أربعة وأربعون درسا في اللغة الأمازيغية":" نلاحظ أن التركيب الأمازيغي والتركيب العربي متشابهان، إلا أن الأمازيغية ليس فيها مثنى…
ويستخلص من النظر في الأمثلة المرصودة أن الفعل الأمازيغي تابع لفاعله، دائما، من حيث التذكير والتأنيث والإفراد والجمع، سواء أكان الفاعل اسما ظاهرا أم كان ضميرا عائدا، أكان عاقلا أم غير عاقل". كما تتشابه اللغة الأمازيغية مع اللغة العربية على مستوى التداول، فهناك في اللغتين معا: الجملة التقريرية التأكيدية، والجملة الأمرية، والجملة الطلبية، والجملة التعبيرية البوحية الإفصاحية، والجملة الإعلانية التصريحية، والجملة الوعدية. وتستلزم اللغتان أيضا على مستوى التداول والتخاطب الكفاءة التواصلية (كفاءة لغوية، ومكون خطابي، ومكون مرجعي، ومكون سوسيوثقافي). كما تستوجب الكفاءة الخطابية بدورها في اللغتين معا التعرف على الخطاب الإخباري، والخطاب الوصفي، والخطاب السردي، والخطاب الحجاجي، والخطاب الشعري، والخطاب الدرامي.
ت‌- المستوى البلاغي:
هناك تشابه تام بين اللغة الأمازيغية واللغة العربية على المستوى البلاغي والجمالي والفني في استعمال نفس الصور الشعرية أو الفنية كالتشبيه والاستعارة والكناية والمجاز المرسل والمجاز العقلي والرمز والأسطورة، وتشغيل المحسنات البلاغية كالتوازي والتجانس الصوتي والتكرار والطباق والمقابلة والمماثلة والاقتباس والتضمين والتناص، واستخدام الجمل الخبرية والإنشائية تقريبا بنفس السياقات التعبيرية مقالا ومقاما وبلاغة وفصاحة…كما تشترك اللغتان في توظيف التقرير والحقيقة في مقابل المجاز والانزياح الإيحائي.
ث‌- المستوى الدلالي والمعجمي:
من يتأمل مفردات اللغة الأمازيغية ومعجمها الدلالي، فسيجد أن معظم هذه الكلمات لها أصول عربية أو لها مقابلات في اللغات السامية كاللغة الكنعانية (العبرية والفينيقية….)، واللغات الحامية كالمصرية على سبيل التمثيل. ومن المؤكد أن اللغة القريبة من اللغة الأمازيغية هي اللغة العربية، وهذا ما أثبته گرينييه الذي قال بأن:" اللغة العربية هي الوحيدة التي نفذت كثيرا إلى اللغات البربرية."
وقد خصص الباحث المغربي محمد البومسهولي كتابا قيما تحت عنوان: "عروبة الأمازيغي بين الوهم والحقيقة" بين فيه عروبة الكثير من المفردات والأسماء والأرقام والأفعال في اللغة البربرية المغربية مؤكدا بأن:" اللهجة الأمازيغية عامة عبارة عن مفردات عربية صريحة فصيحة، أو مفردات مصرية قديمة أو عربية منسية، متروكة أو دخيلة وتارة غريبة تحتاج إلى وقت لإرجاعها إلى الأصل. يبقى رأس مال الأمازيغية: اللكنة، والصيغة والنطق، وبإمكان الأمازيغ أن يبربروا جميع لغات العالم باستعمالهم: اللكنة + الصيغة والتفعيلة + النطق وبعض حروف الربط."
ومن هنا، فقد جمع الكاتب 271 كلمة أمازيغية لها أصل عربي في جميع سياقاتها اللغوية والدلالية، وخضعت في مسارها الفيلولوجي لخاصيات: الحذف والاستبدال والقلب والتصحيف والتحريف والتغيير الفونيتيكي. وأتبع الباحث معجمه الأمازيغي العربي بجدول للأسماء العلمية والأرقام التي بين عروبتها وانتماءها للغة العربية اعتمادا على الاشتقاق والمقابلة المعجمية. وانتهى بحثه بقوله: "وفي النهاية أكون قد رصدت نموذجا لبعض الألفاظ الأمازيغية التي استمدت جذورها من اللغة العربية الفصحى، تلك الألفاظ التي نالها أحيانا التحريف، ألفاظ يتبادر إلى الذهن أنها أمازيغية قحة بينما هي عربية صرفة".
ومن جهة أخرى، ألف الدارس الليبي علي فهمي خشيم كتابا بعنوان: "الدارجة المغربية بين العربية والأمازيغية" يرد فيه على كتاب الأستاذ محمد شفيق: "الدارجة المغربية مجال توارد بين الأمازيغية والعربية"، وهو معجم متوسط جمع فيه محمد شفيق كلمات الدارجة المغربية التي هي من جذور أمازيغية في الأصل. ومن ثم، فكتاب علي فهمي خشيم تصحيح لماذهب إليه محمد شفيق حيث أرجع الباحث الكلمات الأمازيغية إلى أصولها العربية على امتداد 213 صفحة من الحجم الكبير. وفي هذا السياق يقول الباحث الليبي:" المشكلة التي يعانيها الأستاذ محمد شفيق تكمن في أنه لايرى، خاصة في السنوات الأخيرة من عمره المديد، أية علاقة ما بين العربية والأمازيغية، ويتوهم أن المفردات والتعبيرات في الدارجة المغربية وغيرها بالطبع من دارجات الشمال الأفريقي المتفقة وما في الأمازيغية انبثقت عن هذه الأخيرة. إنه يورد- على سبيل المثال- كلمات كأفراك (السياح)، أكوال (الدرابگة)، تاكرا (الإناء)، المزوار (النقيب)، السكيفة (الجرعة)، الدربالة (المرقع من الثياب)، أومليل (الأبيض)، أزنضار (الطوال)، أكلزيم (المعول)، أنفا (المرتفع)، آسفي (النهر)، أگادير(السور)، أماكدول (الصويرة- اسم مدينة).
ومن أسماء المواضع: إفران (الكهوف)، أزمور(الزيتون)، واليلي (الدفلى)، تافيلالت (الجرة)، أساسيس (الأرض المنبسطة)، تانسيفت (النهير) وغيرها كثير، فيرى أنها أمازيغية صرفة لاصلة لها بالعربية. وقد أثبتنا بالدليل أن هذه المفردات عروبية خالصة تشارك بها الأمازيغية والعربية العدنانية في انتمائهما إلى تلك الدوحة العظيمة: العروبية الأولى".
ويعني هذا أن اللغة الأمازيغية تعتمد على الكثير من مفردات اللغة العربية من باب قانون التأثر والتأثير، بل تأثرت الأمازيغية بمجموعة من اللغات القديمة كالفينيقية واليونانية واللاتينية، كما تأثرت بمجموعة من اللغات الأجنبية المعاصرة كالفرنسية والإسپانية والهولندية والألمانية والإنجليزية واللهجات والعاميات المحلية…. أضف إلى ذلك أن اللغة الأمازيغية تتشابه مع اللغة العربية في احتوائهما على الدلالتين: الحرفية والمجازية، أوالدلالة التقريرية المباشرة والدلالة الانزياحية. كما تشمل اللغتان على حد سواء على الدلالة المفهومية الحدودية، والدلالة الإيحائية، والدلالة الاجتماعية، والدلالة العاطفية، والدلالة الانعكاسية، والدلالة التراتبية، والدلالة التيماتيكية (الموضوعية).
خاتمة: تلكم – إذاً- نظرة مقتضبة حول مواطن الاتصال والانفصال بين اللغة الأمازيغية واللغة العربية، فقد أثبتنا أن هناك تشابها بين اللغتين على مستوى الجذور والفصيلة والمستويات اللسانية والكتابة، كما يمكن الحديث أيضا عن تعايش وتجاور بينهما على مستوى النحت والاشتقاق والتمزيغ والاستدخال اللغوي. فقد استعانت اللغة الأمازيغية بالخط العربي وصوائته وصوامته في انكتاب إبداعاتها وعلومها وفنونها. بيد أن هناك خصائص تميز اللغة الأمازيغية وتفردها عن اللغة العربية كمعيار الأقدمية (10000سنة)، ومعيار التداول الحيوي الذي يتجلى في كون اللغة الأمازيغية هي لغة التداول والتواصل في رقعة جغرافية تبلغ 9 ملايين من الكيلومترات المربعة، بينما اللغة العربية أصبحت من اللغات الكلاسيكية المدرسية التي لا نستعملها سوى في الكتابة الأكاديمية والتواصل الرسمي والتراسل الإداري للدولة. في حين نجد الأمازيغية لغة لا تتصف بالمعيارية كاللغة العربية، إذ "إن قواعدها تبقى ضمنية وغير متجلية في كتب ترسم معيار النطق السليم والمعنى الصحيح كما هو الحال بالنسبة لتلقي اللغات المدرسية".
وعلي أي حال، فاللغة الأمازيغية واللغة العربية تشكلان لحمة مترابطة وآصرة لغوية متشابكة على مستوى ترابط الجذور واختلاطها اتساقا وانسجاما وتوارثا، كما أنهما توأمتان لايمكن الفصل بينهما نظرا للعلاقات الجوارية الطبيعة الموجودة بينهما والقائمة على التعايش والتكامل والانصهار الحضاري لغة وكتابة وتداولا على مر العصور.
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ
مراجع استخدمت في البحث:
- ابن خلدون: العبر وديوان المبتدإ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر،دار الكتاب اللبناني، بيروت،طبعة 1968م، المجلد السادس، ص:191؛
- أحمد هبو: الأبجدية: نشأة الكتابة وأشكالها عند الشعوب، منشورات دار الحوار، اللاذيقية، سوريا، الطبعة الأولى، سنة 1984؛
- أحمد بوكوس: الأمازيغية السياسة اللغوية والثقافية بالمغرب، مركز طارق بن زياد،، طبعة1، نونبر2003م، مطبعة فيديبرانت، الرباط، ص:15، 37؛
- بودريس بلعيد: (تدريس الأمازيغية والمقاربة التواصلية)، مجلة حفريات مغربية، عدد خاص، يونيو 2003م، ص:34-38؛
- بوزياني الدراجي: القبائل الأمازيغية،الجزء الأول، ص:35؛
- د. صبحي الصالح: دراسات في فقه اللغة، دار العلم للملايين، بيروت، لبنان، الطبعة التاسعة، 1981م، ص:54، 46؛
- عبد الرحمن الجيلالي: تاريخ الجزائر العام، دار الثقافة، طبعة رابعة، بيروت، 1980، ص:30-141؛
- عثمان الكعاك: البربر، مطبعة النجاح الجديدة بالدار البيضاء، الطبعة الأولى، 2003م، ص: 58، 59-60؛
- د. عز الدين المناصرة: المسألة الأمازيغية في الجزائر والمغرب، دار الشروق، الأردن، الطبعة الأولى 1999م، ص: 77، 76، 69، 95-96؛
- علي فهمي خشيم: الدارجة المغربية بين العربية والأمازيغية، منشورات مجلة فكر، مطبعة النجاح الجديدة، الدار البيضاء، المغرب، الطبعة الأولى سنة 2008م، ص:15-16؛
- عمر أمير: الشعر الأمازيغي المنسوب إلى سيدي حمو الطالب،مكتبة بروﭭانس بالدار البيضاء، الطبعة الأولى سنة 1987م، ص:145-148؛
- ليون الأفريقي: وصف أفريقيا،الجزء الأول،دار الغرب الإسلامي، بيروت، لبنان،، الطبعة الثانية1983، ترجمة عن الفرنسية:محمد الأخضر ومحمد حجي،ص:35؛
-- محمد البومسهولي: عروبة الأمازيغ بين الوهم والحقيقة، المطبعة والوراقة الوطنية، الطبعة الأولى مارس2001م، ص:33، 132؛
- محمد خير فارس: تنظيم الحماية الفرنسية (1921-1939) في المغرب، دمشق، ص:192-456؛
- محمد شفيق: لمحة عن ثلاثة وثلاثين قرنا من تاريخ الأمازيغيين، دار الكلام الرباط، الطبعة الأولى 1989م، ص:19-20، 6، 61-62؛
- محمد شفيق: أربعة وأربعون درسا في اللغة الأمازيغية، إصدارات إنفوبرانت، فاس، المغرب،الطبعة الثانية، 2003م،ص:113-115؛
- مصطفى أعشي: جذور بعض مظاهر الحضارة الأمازيغية خلال عصور ماقبل التاريخ، طارق بن زياد، الرباط،الطبعة الأولى 2002م، ص:76، 82؛ - E.F. Gautier: Le passé de l’Afrique du Nord,(les siècles obscures), Payot,Paris,1952, p:139;

الجمعة، 29 أبريل 2011

الثورة المعلوماتية فجرت الحواجز القائمة بين الشعوب والدول


الثورة المعلوماتية فجرت الحواجز القائمة بين الشعوب والدول




بحث كتبه أ.د.محمد البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية. في طشقند بتاريخ 25/4/2011.


مخطط البحث: تأثير الانترنيت على تطور المجتمعات؛ الثورة المعلوماتية فجرت الحواجز القائمة بين الشعوب والدول؛ شبكات الانترنت عامل حيوي في حياة البشر؛ إنطلاقة شبكات الحاسبات الإلكترونية العالمية؛ المعلوماتية حققت معالجات متقدمة للغة في إطار تطبيق أساليب الذكاء الصناعي؛ الشبكات العالمية شكلت عالم الفضاء الواقعي الجديد؛ الانترنيت مجال جديد للعمل التجاري؛ نظم الاتصالات الإلكترونية هي نظم جديدة للمدفوعات المالية؛ سلبيات التطور التكنولوجي للمعلوماتية؛ ضرورة مكافحة جرائم الحاسبات الإلكترونية؛ شبكات الانترنيت من أدوات التأثير النفسي والسلوكي على المجتمع الإنساني؛ المنظمات السياسية والهيئات الدولية ومنظمات الجريمة المنظمة تستخدم الشبكات الإلكترونية العالمية؛ شبكات الانترنيت والأجيال الصاعدة؛ شبكات الانترنيت والتأثير على العقول؛ البحث العلمي ضروري لمواجهة تداعيات سلبيات التطور التكنولوجي للمعلوماتية؛ الثورة المعلوماتية وبراءات الاختراع؛ تقارب وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ عوامل التحولات في اقتصاد الإعلام؛ التغييرات الإستراتيجية الحديثة في مجال الإعلام؛ مصطلحات ومبادئ الأمن المعلوماتي الدولي.

تأثير الانترنيت على تطور المجتمعات: غدت المجتمعات في القرن الحادي والعشرين أسيرة لأساليب الخداع والتضليل المعلوماتي الناتج عن تطور الحاسبات الإلكترونية وتكنولوجيا المعلوماتية الحديثة خلال القرن العشرين، التطور الذي فرض على البشرية عالم جديد لم تشهده من قبل، ورافق هذا التطور سيل عارم من المعلومات الصحيحة والملفقة والمضللة في آن معاً، إنصبت كلها على العقول البشرية عبر قنوات وشبكات الاتصال المتطورة الحديثة، وترك هذا السيل العارم نتائج غير منتظرة في مختلف المجتمعات المتطورة والنامية على حد سواء. ودخلت المعلوماتية في صلب التفاعلات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية بعمق، وغدت تمثل "ثورة معلوماتية" شاملة وضعت البشرية أمام تحديات أخطار الصراعات التي باتت تهدد الأجيال الصاعدة بعد أن أطبقت عليها الثورة المعلوماتية في الوقت الحاضر ولا يعرف ما ينتظر الأجيال من أخطار مستقبلية. ورافقت الثورة المعلوماتية مفاهيم وقيم جديدة، فرضت على المجتمعات من خارج المؤسسات المدنية الوطنية المؤثرة في المجتمعات الوطنية وهي التي كانت تسيطر تقليدياً على مختلف نواحي الحياة الاجتماعية والسلوكية للأفراد داخل المجتمع الواحد. وجاءت الثورة المعلوماتية بأفكار جديدة طالت جوهر الفرد وشخصيته وبدأت معها تهتز القيم والتقاليد المتوارثة على وقع سيل المعلومات العالمية الصحيحة والملفقة والمضللة والمخالفة للقوانين الوطنية المنهمرة عليه من كل حدب وصوب لأغراض تحريضية بحتة دون قيد أو حدود، وأظهرت المشكلة حالة من التنافس الفوضوي غير المتوازن بين كل ما هو إنساني وحضاري وثقافي ووطني وعالمي.

الثورة المعلوماتية فجرت الحواجز القائمة بين الشعوب والدول: واستطاعت الثورة المعلوماتية فعلاً تفجير الحواجز القائمة بين الشعوب والدول، وغدت المسارات الإلكترونية تتجاوز الحدود القانونية الدولية القائمة في مختلف دول العالم، ووحدت سبل الاتصال والحوار القائمة بين سكان مختلف مدن العالم وبلغاتهم المتعددة. وأضحت الثورة المعلوماتية واحدة من الأدوات التي تسمح للتطور التاريخي البشري بالخروج من المستويات المعتادة إلى مستويات جديدة لم تكن متوقعة. وجاء ذلك تحت تأثير تقنيات شبكات الإتصال INTERNET (INTERnational NETwork) الأمريكية التي ارتبطت بها أهم مراحل الثورة المعلوماتية خلال القرن العشرين، لأنها كانت شبكات عالمية فعلاً تمكنت من ربط الحواسب الإلكترونية المؤسساتية والشخصية، ووحدت ملايين البشر ومئات الدول اتصالياً، بفضل قدرتها الخارقة على تجاوز الحدود السياسية والجغرافية القائمة بين الدول، وقليصت المسافات الجغرافية الفاصلة بين بني البشر، وقضت على الحواجز التي كانت تعترض سبل الحوار الإنساني في مختلف المجالات العلمية والثقافية والسياسية وحتى مستويات التعليم بكل مراحله.

شبكات الانترنت عامل حيوي في حياة البشر: وأضحت شبكات الانترنت عاملا أساسيا وحيوياً في حياة الكثيرين، حتى أطلق على الجيل الجديد تسمية "الجيل الرقمي"، لأن شبكات الإنترنت مثلت تحديا ثقافيا قاسيا للمسلمين والعرب من بين الكثير من التحديات والهجمات التي يتعرض لها المسلمون والعرب كل يوم وعلى مختلف الأصعدة الحضارية والثقافية والتكنولوجية والعسكرية. ولا يخفى عن أحد ما يتمتع به قطاع المعلومات والاتصالات من جاذبية متزايدة في أدبيات التنمية المعاصرة، إضافة لعوامل الجذب التي زادت من الطبيعة التكاملية لقطاع تكنولوجيا المعلوماتية والحاسبات الإلكترونية الحديثة في الدول الإسلامية والعربية. حتى أضحت شبكات الإنترنت من أهم أدوات خلق وتطوير التفاعل التكاملي على الصعيد الإسلامي والعربي، وأداة للاتصال والتكامل الاقتصادي في العالمين الإسلامي والعربي. وعلى ضوء الطفرة الحاصلة في عالم الاتصالات والمعلومات في العالم خلال السنوات العشر الأخيرة أصبحت الدول النامية ومن بينها بعض الدول الإسلامية والعربية على قائمة الدول المرشحة خلال السنوات الخمس القادمة لتقديم خدمات تكنولوجيا المعلوماتية للشركات العالمية الكبرى بعد تأثرها بالأزمة المالية والاقتصادية العالمية. الأمر الذي دفع بمصر لتقديم طلب لتسجيل نطاق "دوت مصر" لدي المؤسسة العالمية المسؤولة عن تسجيل الأسماء والأرقام على الشبكة الدولية للإنترنت "الإيكان"، وبهذا تكون مصر أول دولة عربية طلبت تسجيلها في هذا النظام متجاوزة هيمنة الحروف اللاتينية. خاصة وأن مجموعة المواقع العربية هي عملياً أقل عددا من المواقع الإسرائيلية اليوم، لأن إسرائيل تقدمت على العالم في مجال برامج معالجة اللغة العربية وترجمتها، وحققت صناعة البرمجيات الإسرائيلية طفرة كبيرة بعد البداية المتواضعة التي بدأت بخمسة ملايين دولار أمريكي في عام 1984 ووصلت إلى 8.5 مليار دولار في عام 1999، وتجاوزت العشرة مليارات دولار أمريكي فيما بعد. ورافقها تطور الصادرات الإسرائيلية من المنتجات الإلكترونية المتطورة، لتقفز من 9.1 مليار دولار أمريكي في عام 1999، إلى 15.3 مليار دولار أمريكي في عام 2004.

وأظهرت نتائج الأبحاث التي نفذتها وزارة التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية أن الإذاعة المسموعة احتاجت إلى 30 عاماً من أجل الوصول إلى ساحة إعلامية بلغت 50 مليون مستمع، وأن الإذاعة المرئية احتاجت لـ 13 عاماً من أجل الوصول إلى ساحة إعلامية بلغت 50 مليون مشاهد، أما الانترنيت فاحتاجت فقط لـ 4 سنوات من أجل الوصول إلى ساحة إعلامية بلغت 50 مليون مشترك. وأن حجم المعلومات المرسلة عبر شبكات الإنترنت يتضاعف كل 100 يوم، وزاد عدد مستخدمي شبكات الانترنيت حتى عام 2001 إلى 700 مليون مشترك.

ويعود تاريخ شبكة الانترنيت بجذوره لبداية ستينات القرن العشرين، عندما واجهت وزارة الدفاع بالولايات المتحدة الأمريكية مشكلة إستراتيجية صعبة، تتمثل بإدارة البلاد في حال نشوب صراع نووي مع الاتحاد السوفييتي السابق. ومواجهة إمكانية توجيه ضربة نووية لمركز الاتصالات القومي الأمريكي لتعطيله، وليصبح غير قادر على توفير الاتصالات اللازمة بين القادة العسكريين والقوات الإستراتيجية الأمريكية، ليتمكن الخصم بالنتيجة من تجنب الضربة الجوابية. وعملت وكالة أبحاث مشاريع الصعوبات الخاصة (ARPA) في وزارة الدفاع بالولايات المتحدة الأمريكية، على حل هذه المشكلة. ونتيجة لأعمال البحث التي أجرتها، تمكنت من إنشاء نظام غير مركزي، مؤلف من أجزاء مستقلة عن بعضها البعض، لتبادل المعلومات من خلال مظاريف الاتصال، التي يمكن إرسالها إلى عقدة المستلم بمختلف الطرق (كشبكة عنكبوتيه) باستخدام مختلف قنوات الاتصال. وظهر من خلال العمل وضع مثير يتمثل بأن هذا النظام مثل أسهل طريق لإرسال مختلف المعلومات وهو ما سمي بـ"البريد الإلكتروني".

إنطلاقة شبكات الحاسبات الإلكترونية العالمية: ويعتبر عام 1986 بداية لشبكات الحاسبات الإلكترونية العالمية. التي ازدادت شهرتها بشكل دائم حتى الآن، مع زيادة في عدد مستخدميها بنسب مؤوية شهرياً. وتعتبر الولايات المتحدة الأمريكية الرائدة في هذا المجال، وبلغت حصتها أكثر من نصف شبكات أنظمة الحاسبات الإلكترونية وأكثر من ربع سيل المعلومات. وأصبحت شبكات الانترنيت وسطاً للتواصل والعمل المشترك والراحة عند الناس. وأصبح معها غير القادرين على العمل والمعاقين يملكون "كل العالم تحت أيديهم". وقارن بيل غيتس شبكات الانترنيت بـ"نظام الأعصاب الإلكترونية، الذي يملك القدرة على الاستجابة السريعة لأي تغيير في العالم المحيط وتحليل الأوضاع الراهنة، ومساعدة الناس على اتخاذ قرارات سريعة وصحيحة". من خلال هذه النافذة على العالم الجديد، عالم المعرفة، وعالم تكنولوجيا المعلوماتية الحديثة. وأصبح الإنسان المعاصر غير قادر على تصور نفسه دون شبكات الانترنيت. وتنبأ البعض بأن التطور القريب للشبكات سيلعب في تاريخ الإنسانية الدور الذي لعبه في وقته تطور الإنتاج في المصانع، الذي رافق الثورة الصناعية في القرن الـ 18. ومثل هذا الاستنتاج جاء في أبحاث "تأثير اقتصاد الانترنيت على أوروبا المعاصرة"، التي أجرتها شركة Henley Centre، ووفق رأي مؤلفي البحث، أن "ثورة الانترنيت" الحالية تكرر الكثير من التغييرات التي جرت في أوروبا خلال القرن الـ 18، والفرق فقط في أن تفاعلات الثورة المعلوماتية تجري اليوم أسرع بخمس مرات من سابقتها. وغدت الشبكات العالمية حتى اليوم توحد أكثر من 143 مليون مستخدم في كل القارات. عبر شبكات الاتصال الهاتفي، وكابلات الألياف الضوئية، وقنوات الاتصال عبر الأقمار الصناعية للاتصالات.

ومما سرع تطور شبكات الاتصال إنشاء منظمات لإدارة الشبكات العابرة للقارات، ففي عام 1989 أحدثت في أوروبا RIPE (Resaux IP Europeans) لإدارة وتنسيق عمل الشبكات. ومن أجل تنسيق عمل بنية الشبكة العامة لـ Europeans. ومن أجل تنسيق عمل البنية التحتية العامة ركزت الجهود لإعداد وإقرار إجراءات تنظيمية تخدم المنظمة، وتضمنت الأجهزة التالية: الجهاز المركزي IAB (Internet Activities Board) المؤلف من لجنتين تابعتين هما لجنة الأبحاث IRTF (Internet Research Task Force)، واللجنة القانونية IETF (Internet Engineering Task Force). وتعتبر IETF الخدمة الإدارية الأساسية للإنترنيت، وتهتم بمسائل المقاييس وتتخذ القرارات في مجالات مقاييس RFC (Request For Comments). وتتألف هذه اللجنة التابعة من أقسام متخصصة، وتقسم إلى فرق عمل وفق المهام. وكل المقاييس التي أقرتها IETF من أجل RFC وضعت في متناول الجميع. وبالإضافة إلى ذلك شملت شبكات الإنترنيت منظمة حملت اسم NIC (Network Information Center)، تعمل على نشر المعلومات التقنية، وتسجيل وإيصال المستخدمين للشبكات، وإقرار المهام الإدارية مثال: نشر العناوين في الشبكات. أما خدمات الحاسبات الإلكترونية الخاصة للانترنيت في الأقاليم والمنظمات المحلية وبعض الأشخاص فتقدمها خدمة ISP (Internet Service Providers).

المعلوماتية حققت معالجات متقدمة للغة في إطار تطبيق أساليب الذكاء الصناعي: وقد حققت المعلوماتية معالجات متقدمة للغة في تطبيق أساليب الذكاء الصناعي لإعطاء الآلة المهارات اللغوية من اشتقاق، وتصريف، واختصار، وفهرسة، وترجمة أولية. وبذلت اليابان جهودا هائلة لكسر عزلتها اللغوية في المعالجة والترجمة الإلكترونية. والجدير بالذكر أن ما نسبته 60% من مستخدمي الإنترنت باللغة العربية في عام 2007 كان في الدول الخليجية العربية، وهذا يرجع إلي أنها واكبت التقنية بشكل مستمر وقامت بتطوير البنية التحتية للإنترنت. بينما انخفضت بشكل ملحوظ في الدول الإفريقية، ولا توجد دولة عربية اليوم إلا وقدمت معلومات حكومية أو خاصة على شبكة الإنترنت. وتمخض عن هذا ارتفاع عدد مستخدمي الإنترنت للناطقين باللغة العربية، وفقا لأحدث إحصاءات عام 2009 ليصل لنحو 50 مليونا ونصف المليون، أي نحو 17.3% من تعداد الناطقين باللغة العربية، و2.9% من تعداد المستخدمين في العالم، وهي المرتبة الثامنة بين لغات العالم الأخرى، بعد اللغة الإنجليزية التي بلغت نسبتها 28.9%، والصينية 14.7%. وتعد تونس أول بلد عربي أدخل الإنترنت حيز الخدمة في عام 1991، بينما كانت الإمارات العربية المتحدة الدولة الوحيدة التي قامت بتوقيع معاهدة التجارة الإلكترونية، لحماية معلوماتها الإلكترونية، وطموحاتها لإيجاد سوق اتصالات مجانية لجميع سكانها بحلول عام 2015.

وتشير بعض التقديرات إلى تراوح عدد مستخدمي الإنترنت في الدول العربية ما بين 10 و12 مليون مستخدم في نهاية علم 2002، وبمقارنتها بعام 2000 تصل نسبة النمو إلى 140%، ويخفي هذا تفاوتا كبيرا بين الدول العربية. ومن الجدير بالذكر أن خريطة مستخدمي الإنترنت في العالم العربي تغيرت تماما في عام 2009. ووفقا لآخر الإحصاءات، تجاوز عدد مستخدمي الإنترنت في العالم العربي الـ38 مليون مستخدم، وسجلت دولة الإمارات العربية المتحدة أعلى معدل للانتشار بلغ 49.8% من إجمالي عدد سكانها، تلتها دولة قطر 34.8%، ومملكة البحرين 34.7%، وجمهورية مصر العربية 15.9% من إجمالي عدد السكان. وكشفت إحصاءات 2009 عن أن مصر مثلت 18.7% من نسبة المستخدمين في القارة الإفريقية، وإسرائيل 9.2% ، وإيران 56.1% بالنسبة للشرق الأوسط، بينما احتلت الصين أعلى نسبة استخدام في آسيا وبلغت 48.8%، تلتها كوريا الجنوبية بنسبة 5.5%. بينما مثلت الولايات المتحدة الأمريكية 13.1% من مستخدمي الإنترنت في أمريكا الشمالية. ومثلت تركيا 6.3% من المستخدمين في القارة الأوروبية. أما نسب ترتيب مراكز الدول على مستوى العالم، فتظهر أن الصين احتلت المركز الأول بنسبة 20.8%، ثم الولايات المتحدة في المرتبة الثانية بنسبة 13.1%، وكوريا الجنوبية في المرتبة العاشرة بنسبة 2.2%، تلتها إيران بنسبة 1.9%، ومن ثم تركيا بنسبة 1.5% لتأخذ المرتبة السابعة عشرة على مستوى العالم. وأوضحت تقديرات عام 2009 أن نسبة مستخدمي الإنترنت في العالم بلغت نسبة 25.6% من عدد سكان العالم، أي أكثر من 6 مليارات نسمة، وبذلك تكون نسبة النمو من عام 2000 وحتى عام 2009 بنحو 380.3%.

وبدأت شبكات الحاسبات الإلكترونية عملها في روسيا عام 1986. ودخل المواطنون الروس لشبكات الإنترنيت في نهاية عام 1990. وقدمت خدمات الانترنيت حينها خدمة قيمة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أثناء التمرد الذي حصل في روسيا عام 1991، لأن شبكات الانترنيت في موسكو لم تكن تحت الرقابة ولهذا استطاعت أن تنشر أخبار إيجابية عن الأحداث الجارية. وخلال أيام التمرد في آب/أغسطس 1991 تم من خلال شبكة الانترنيت نشر 46 ألف خبر لكل أنحاء روسيا والدول الأجنبية. وتتضمن صفحات الانترنيت الروسية اليوم الكثير من الأخبار الهامة والمفيدة وتشمل عملياً كل أوجه حياة المجتمع، ولكن الوصول لخدمات شبكات الانترنيت في روسيا يشمل نحو 3% من السكان. في الوقت الذي كان يتم فيه الوصول إلى الثقافة في ظروف الثورة الاتصالية في العالم العربي عن طريق الإذاعتين المرئية والمسموعة بنسبة 46% وعن طريق شبكة الإنترنت بنسبة 0.026% رغم أن عدد المواقع العربية المسجلة في الانترنيت وصل إلى 41745 موقعا إلا أن نسبة استخدام الإنترنت في دولة الإمارات العربية المتحدة لا يتجاوز الـ 33%، وفي دولة قطر 26%، وفي المملكة العربية السعودية 11%، وفي جمهورية مصر العربية 7%، وفي الجمهورية العربية السورية 7%.

الشبكات العالمية شكلت عالم الفضاء الواقعي الجديد: وكان تطور الشبكات العالمية سبباً لظهور عالم الفضاء الواقعي الجديد، الذي نمت فيه بشدة عملية تداخل المجتمعات وبعض الشخصيات من مختلف المجتمعات إذ لا توجد حتى الآن توقعات علمية لمستقبل تطور الفضاء العالمي، ولا تتوفر الخبرات لمنظمات الفضاء العالمي بعد. وأمام سعة وصعوبات وتصرفات نظم الفضاء العالمي خرجت تلك النظم عن إطار بداياتها في المشروع الأمريكي منذ زمن بعيد. ويجري اليوم التصدي لحل مسائل الخطوات القادمة لتطوير شبكات الانترنيت. واعتبر مدير تجمع W3C تيم بيرنيرس لي أن طبيعة المرحلة الجديدة لتطور شبكات الإنترنيت تتميز بالعمل المشترك للحواسب الإلكترونية عبر الشبكات دون تدخل الإنسان. ويجري العمل بشكل واسع لترشيد البنية التحتية لشبكات الحاسبات الإلكترونية العالمية مستقبلاً. وهناك بعض المشاريع لإقامة بنية تحتية موحدة للاتصالات عالية السرعة في القرن الـ 21. ومن تلك المشاريع مشروع INTERNET2 الذي أعد بدعم من UCAID (University Corporation for Advanced Internet Development). ويشمل شركات معروفة مثل: IBM, Fore Systems, Cisco, 3Com, بمشاركة الصندوق العلمي القومي، ووزارة الدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية. ويخطط للمرحلة الأولى من المشروع توفير سرعة لنقل المعلومات تبلغ 2.4 غيغا بايت في الثانية، وتوحيد شبكات كبريات الجامعات في أمريكا الشمالية، والمخابر، ومراكز الحاسبات الإلكترونية. ومن الملاحظ أن مثل هذه المشاريع بدأت اليوم بالتأثير على عمل الفضاء العالمي للقرن الـ 21. وأن أوروبا لم تزل متخلفة عن اللحاق بالولايات المتحدة الأمريكية في مجال قنوات الاتصال عالية السرعة.

الانترنيت مجال جديد للعمل التجاري: وبالإضافة إلى ذلك كانت شبكات الانترنيت مجالاً جديداً تماماً للعمل التجاري. إذ سمحت للشركات بالعمل بسرعة ودون وسطاء ومن دون استخدام قنوات الاتصال التقليدية عالية التكاليف، ووفرت إمكانيات متساوية للجميع في كل أنحاء العالم، وفرضت حدوداً إقتصادية، ووفرت فرصاً للأمن في عملية تبادل المعلومات داخل المؤسسة الواحدة أو بين مختلف المؤسسات والشركات والمنظمات البعيدة جغرافياً عن بعضها البعض مما وسع دائرة المستهلكين. إضافة للحركة التي وفرتها الشبكة وسمحت من جديدة بالنظر للأشكال الجديدة من الخدمات والبضائع. ومن الأمثلة على ذلك: يمكن من خلال الشبكة في الكثير من دول العالم حجز التذاكر لحضور الألعاب الرياضية، والنشاطات الترفيهية، والسفر بالطائرات والسفن والقطارات. ويعمل بنجاح في روسيا نظام للحجز المسبق لبطاقات خطوط السكك الحديدية للسفر على خطوط دول رابطة الدول المستقلة، وبطاقات (www.express.tsi.ru). ووفر ظهور التسويق عبر شبكات الإنترنيت إمكانيات جديدة رخيصة، وسريعة، وعملية من خلال الشبكات، لأنه يمكن تجديد صفحات الـ Web خلال ثوان لا أكثر. وتعتبر بعض صفحات الـ Web أنه كلما وصلت المعلومات بسرعة للمشترين، كان اتخاذ القرار بالشراء أسرع. ووضع هذا الأسلوب في التسويق قيد الاستخدام من خلال الأبحاث العلمية التي جرت في هذا المجال، وأظهرت الأبحاث أن الكثير من المستخدمين يزورون الصفحات في البداية من أجل التعرف على المنتجات الجديدة، وسرعان ما يتخذون قرارات من خلال المعلومات التي يحصلون عليها. وينتظر الخبراء حدوث تطورات كبيرة في مجال التجارة الإلكترونية، التي وفرتها عقد الـ Web في مجال تجارة المفرق. وصناعة الإعلان والتسويق، التي كانت موجهة للمستهلكين قبل ذلك عن طريق الصحف، والإذاعتين المسموعة والمرئية، إلا أنها بدأت تأخذ ملامحها الخاصة في شبكات الانترنيت، وتطورت معها إستراتيجية التسويق التي أصبحت جديدة تماماً عما كانت عليه في السابق.

نظم الاتصالات الإلكترونية هي نظم جديدة للمدفوعات المالية: ولا يمكن اليوم تصور السوق المالية العالمية دون استخدام نظم جديدة للمدفوعات المالية الإلكترونية. ووفق توقعات المختصين سيستخدم 7 آلاف بنك صفحات الـ Web الخاصة بهم حتى بداية القرن الـ 21. وأن عدد البنوك التي تستخدم شبكات الانترنيت في نشاطاتها فعلاً كان لا يتعدى الألفين فقط. وأن الصفقات التي تمت عن طريق شبكات الإنترنيت تمت دون استخدام البنية التحتية للاتصالات التقليدية عالية الكلفة في البنوك. ومن الأمثلة على استخدام البنوك لشبكات الانترنيت البرنامج الجديد الذي أعده ووضعه قيد الخدمة Nations Bank (رابع بنك في الولايات المتحدة الأمريكية)، بعد أن تأكد من عدم فعالية التكنولوجيا القديمة في خدمة الزبائن بالسرعة والنوعية الجيدة. وشمل البرنامج تنظيم خمس مراكز للخدمات المعلوماتية وزعت في مختلف مناطق الولايات المتحدة الأمريكية، بحيث تمكن أي زبون من الاتصال عن طريق الهاتف أو الانترنيت للتأكد من أوضاع حسابه، والحصول على خدمات البنك. ومن المنتظر مستقبلاً توفير تقديم الخدمات للزبائن عبر الحاسبات الإلكترونية الشخصية، وأجهز الهاتف المزودة بخدمات الصوت والصورة، ومن الأكشاك الخاصة بتلك الخدمات المزودة بأجهزة صغيرة مع شاشات ويمكن من خلالها الحصول على النقود أو صرف الشيكات، ويمكن للزبون الدخول بحوار مع موظفي البنك وتزويدهم بتوجيهاته ومراقبة صحة إملاء الوثائق الضرورية للعملية المصرفية من خلال شاشته. وفي آخر نموذج لتلك الأكشاك المخصصة للعمليات المصرفية يمكن إدارة العملية بكل تفاصيلها من خلال اللوحات المثبتة فيها، والمطلوب من الزبون فقط الضغط بإصبعه على الصورة المطلوبة.

سلبيات التطور التكنولوجي للمعلوماتية: وإلى جانب الايجابيات التي حصلت وتحصل عليها الإنسانية من تطور تكنولوجيا المعلوماتية الرفيعة كشبكات الانترنيت، يواجه العالم جوانب سلبية لهذه الظاهرة منها: التضليل والزيادة العاصفة للجرائم المرتكبة عن طريق الحاسبات الإلكترونية، وخاصة في المجالات الاقتصادية والإقراض المالي. ومن المعلومات التي نشرتها وزارة الداخلية الروسية عام 1997، أن حصة الجرائم المرتكبة عن طريق الحاسبات الإلكترونية بلغت نسبة 0.02 % من عدد الجرائم في المجال المالي. وأن الخسائر المادية بلغت أكثر من 20 مليار روبل. ووفر انفتاح الشبكات إمكانيات أكبر للمسيئين الذين استطاعوا من خلالها الوصول إلى المعلومات الخاصة والسرية، ونسخها وإجراء تعديلات عليها أو حتى إتلافها، إضافة لإمكانية معرفة كلمات السر، وعناوين الصفحات الإلكترونية وغيرها، وحتى الدخول إلى الشبكات بأسماء مسجلة لمستخدمين آخرين. ونتيجة لتلك التصرفات تضررت شركات معروفة بشكل كبير، وتضررت قدرتها التنافسية، وعرضتها لفقدان ثقة الزبائن. مما أضطر شركات الحاسبات الإلكترونية الكبيرة لتنظيم مجموعات عمل خاصة ذات طبيعة أخلاقية، للتسلل العلني لنظم مختلف الشركات وتحليل نظم الحماية فيها وإعطاء مقترحات لإزالة أماكن الضعف في تلك الأنظمة.

إضافة للأخطار الناتجة عن فصل الموظفين من العمل، لأنهم يملكون إمكانيات كبيرة للوصول إلى عمليات شبكات المؤسسات المفصولين منها، ويعرفون أسرار تركيبتها وحدود حمايتها. وأشار المتخصص بجرائم الحاسبات الإلكترونية المصرفية الفيدرالية في الولايات المتحدة الأمريكية دين نيلسين في كلمته أمام المشاركين في مؤتمر RSA Data Security، إلى مسؤولية "أولائك الناس عن الجرائم وليس طبيعة العمل لأن القسم الأكبر من الجرائم المرتكبة كانت من خلال الحاسبات الإلكترونية للشركات الأمريكية". وأدين جورج ماريو بارنيتيه، تقني الحاسبات الإلكترونية السابق في شركة Forbs Inc.، بالتسلل للشبكات الداخلية للشركة وتخريب ما تحتويه من المعلومات، وأدى تسلله لتوقف خمسة شبكات من أصل ثمانية شبكات عن العمل، وتحمل الشركة خسائر وصلت إلى 100 ألف دولار أمريكي. وأكد مندوبو Forbs أن التخريب التكنولوجي حصل مباشرة بعد فصل بارنيتيه عن العمل. ونتيجة للإجراءات التي قامت بها خدمة جرائم الحاسبات الإلكترونية المصرفية الفيدرالية عثروا في منزل المجرم على معلومات خاصة عن نشاطات Forbs، ومن ضمنها موازنة قسم تكنولوجيا المعلوماتية لعام 1997 وعدد من قوائم الخدمة الخاصة بنائب رئيس الشركة.

وطالت جرائم التسلل غير القانونية صفحات شبكات الانترنيت لإدارة الأسلحة النووية والأجهزة العسكرية. ومن أخطر الجرائم كان التسلل الذي حدث في أكتوبر/تشرين أول عام 1997 لنظم وكالة المعلومات الخاصة بالدفاع في الولايات المتحدة الأمريكية، وسرقة البرامج العملياتية للرقابة على شبكات المعلوماتية منها. وتستخدم البرامج المسروقة في شبكة نظم الأقمار الصناعية الأمريكية، لتوجيه الصواريخ إلى أهدافها، وتوجيه القوات البرية والبحرية والجوية ومتابعة تحركاتها وتقديم المعلومات إليها عن الأوضاع المترتبة في مناطق العمليات. ويشمل النظام أماكن تمركز القوات، وإدارة قواعد الدفاع الجوي في كولورادو، وتخدمها عشرات الأقمار الصناعية الموضوعة في مساراتها حول الكرة الأرضية. وتعتبر من أهم القواعد المتقدمة للولايات المتحدة الأمريكية في حال نشوب عمليات عسكرية في الفضاء الكوني.

ومن الأمثلة الأخرى على التسلل لنظم شبكات الحاسبات الإلكترونية. التسلل الذي قام به المواطن الكندي جيسون ميوخيني البالغ من العمر 22 عاماً إلى شبكات المركز الدفاعي لـ NASA. مما أجبر إدارة المركز على إعادة تنظيم المركز من جديد وتغيير نظمه الأمنية، وبلغت الخسائر الناتجة عن هذا التسلل أكثر من 70 ألف دولار أمريكي. ومن حوادث التسلل الأخرى قيام متسللين روس بأعمال جماعية ضد إدارات الولايات المتحدة الأمريكية، حيث تمكنوا خلال ثلاثة أيام من بدء حرب الناتو ضد يوغوسلافيا من تنفيذ أكثر من 40 عملية تسلل لمراكز الحاسبات الإلكترونية للبيت الأبيض، ووزارة الدفاع، وشبكات إتصالات الحاسبات الإلكترونية في الولايات المتحدة الأمريكية. ووفق ما صرح به المتسللون أن أكثر من ثلثي محاولاتهم لإدخال فيروسات أو تخريب الشبكات تكللت بالنجاح. وأكد متخصصون عاملون في مجالات غزو الفضاء صحة هذه المعلومات. وجاء في تقييماتهم أن عمليات المتسللين لشبكات مراكز الحاسبات الإلكترونية هدفت زعزعة نظم GPS، وجلبت وراءها صعوبات بالغة، في نظم الحاسبات الإلكترونية لملاحة السفن البحرية والطائرات. وتنبؤا بأن مثل هذه الأعمال تستطيع عملياً إخراج النظم الأمريكية لتوجيه الصواريخ والقذائف لأهدافها بالكامل من ساحة العمليات، وهو ما يمكن أن يؤدي إلى كوارث وصراعات عالمية. واعتبر الخبراء أن المتسللين لشبكات مراكز الحاسبات الإلكترونية أرادوا إظهار قدراتهم التي أتاحها لهم التطور الحاصل خلال قرن المعلوماتية، وإظهار قوتهم ومقدرتهم على التسلل بسهولة إلى أي منظمة حكومية أو أي تجمع كبير للشركات العالمية. وبدوره اعتبر يوجين سبافورد الخبير في الأمن المعلوماتي بجامعة بارديو "أن المتسللين إذا كانوا يحاولون بأعمالهم تلك جذب الانتباه فهم مخطؤن، لأن أعمالهم تلك لن تساعدهم على الوصول إلى أهدافهم".

ورافق ظهور شبكات لها مخارج توصلها بقنوات الاتصال المفتوحة، زيادة محاولات التسلل إليها من أي نقطة على الكرة الأرضية. وكل ما تحتاجه توفر مستخدم طفيلي مع حاسب آلي مزود بجهاز اتصال يمكنه من الاتصال بالشبكات. وفي هذا الصدد أعلن تشارلز بالمير، رئيس مخبر الأبحاث العالمية للأمن في شركة IBM. أنه هناك "نحو 100 شخص في العالم لا يرغب بأي شكل من الأشكال أن يصلوا إلى حاسبه الإلكتروني الشخصي. وأنه هناك في الوقت الحاضر نحو 100 ألف متسلل لشبكات الحاسبات الإلكترونية في العالم منهم 9.99% يمكن استخدامهم كمحترفين للمشاركة في عمليات التجسس الصناعي، و0.01% من مجرمي شبكات الحاسبات الإلكترونية على المستوى العالمي. والبقية 90% من هواة استخدام الفضاء المعلوماتي للتسلية".

ضرورة مكافحة جرائم الحاسبات الإلكترونية: ومشكلة جرائم الحاسبات الإلكترونية أصبحت عالمية ومن الضروري بذل جهود مشتركة للدول، من أجل مكافحتها ووضعها تحت الرقابة الشديدة والسيطرة عليها. ولمواجهة أخطار جرائم الحاسبات الإلكترونية الدولية أعدت ثمانية دول صناعية رائدة مبادئ مشتركة وخطط محددة لمكافحتها. وتم التوصل لاتفاقيات حولها أثناء اللقاء الأول الذي عقده وزراء الداخلية، والعدل، لألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا، وروسيا، وفرنسا، وكندا، والولايات المتحدة الأمريكية، واليابان، للنظر في مسألة إعداد إجراءات لمكافحة جرائم الحاسبات الإلكترونية. وتضمنت النشرة الصحفية الختامية للقاء أنه تم التوصل لاتفاق يقضي بتنسيق الخطوات المشتركة من أجل: - إدخال عدد كاف من المتخصصين القادرين على توفير التعاون التقني في مجال مكافحة الجريمة بمجالات التكنولوجيا الرفيعة في صفوف أجهزة قوات حفظ الأمن؛ - وإعداد طرق لمتابعة الهجمات على شبكات الحاسبات الإلكترونية واكتشاف المتسللين خلال أقصر وقت؛ - وإجراء تحقيقات في الدول التي يختفي فيها متهمون في حال عدم إمكانية تسليمهم؛ - وإتباع إجراءات كفيلة بالحفاظ على شبكات المعلوماتية والحاسبات الإلكترونية ومنع التطاول عليها؛ - وإعداد طرق جديدة لاكتشاف ومنع جرائم الحاسبات الإلكترونية؛ - واستخدام تكنولوجيا جديدة مثل: خطوط الاتصالات التي تسمح بالحصول على شهادات شهود من الدول الأخرى.

وأدخلت الفيدرالية الروسية حيز التنفيذ قانون عقوبات جنائية جديد اعتباراً من 1/1/1997 تضمن فصلاً عن الجرائم المرتكبة في مجالات المعلوماتية والحاسبات الإلكترونية، شمل: - الوصول غير القانوني للمعلومات المخزنة في الحاسبات الإلكترونية، المادة 272؛ - وإعداد واستخدام ونشر برامج مسيئة للحاسبات الإلكترونية، المادة 273؛ - ومخالفة نظم استخدام الحاسبات الإلكترونية، ونظم الحاسبات الإلكترونية وشبكاتها، المادة 274. ورغم ذلك لاحظ الخبراء أن القبض على مجرم ارتكب جرماً في مجال الحاسبات الإلكترونية واقعياً صعب جداً. لأنه وفقاً للقوانين النافذة الدخول غير المصرح به لنظم المعلوماتية للآخرين من خلال الانترنيت دون التأثير عليها لا يعتبر فعلاً مخالفاً للقانون ولا يخضع للعقوبات. وعندما يثبت القيام بمحو أو تغيير أو نسخ المعلومات المحفوظة إلكترونياً فقط، يمكن النظر في تحميل الفاعل المسؤولية الجنائية. وتشير الإحصائيات إلى أن ضحايا جرائم الحاسبات الإلكترونية أساساً هم من رجال الأعمال والمصرفيين الذين لا يرغبون الإعلان عن مشاكلهم للأجهزة الحكومية المختصة خوفاً على سمعتهم التجارية.

شبكات الانترنيت من أدوات التأثير النفسي والسلوكي على المجتمع الإنساني: ومع ظهور شبكات الانترنيت ظهرت مشكلة هامة جديدة لم تدرس بشكل كامل بعد، وتتمثل باستخدام الشبكات كأداة للتأثير المعلوماتي والنفسي والسلوكي على المجتمعات الإنسانية، كما هو جار اليوم في بعض الدول العربية. ورافقه ظهور وسط معلوماتي جديد، يجري فيه تداول المعلومات، وحفظها، ونسخها، بسرعة هائلة. وغير هذا الوسط أفكار وقيم ومفاهيم وأواصر انتقال القواعد الأخلاقية التي تشكلت في المجتمعات عبر القرون من جيل إلى جيل. ومن الأمثلة على ذلك ما قام به الطبيب الخاص للرئيس الفرنسي فرانسوا ميتران خلافاً للقواعد الأخلاقية الطبية، من نشر كتاب عن الأمراض التي كان يعاني منها الرئيس الفرنسي بعد وفاته مباشرة. ورغم حصول أسرة فرانسوا ميتران على قرار قضائي بسحب الكتاب من البيع في نفس اليوم، إلا انه الإجراء كان متأخراً لأن بعض الأشخاص أدخلوا نص الكتاب في شبكات الانترنيت، حيث لا يمكن سحبه عملياً.

المنظمات السياسية والهيئات الدولية ومنظمات الجريمة المنظمة تستخدم الشبكات الإلكترونية العالمية: وأصبح استخدام المنظمات السياسية، ومنظمات الجريمة المنظمة، للشبكات الإلكترونية العالمية أمراً طبيعياً ولا يثير الدهشة لدى مستخدمي شبكات الإنترنيت. وأصبحت الهيئات الدولية والأجهزة الحكومية تعتبر من الضروري أن يكون لها صفحاتها في شبكات الانترنيت، ومنها صفحة الاتحاد الأوروبي www.europa.eu.int، وصفحة الأمانة العامة لمجلس التعاون لدول الخليج العربية http://www.gcc-sg.org/، وصفحة أجهزة السلطة الحكومية في الفيدرالية الروسية www.gov.ru، وصفحة المنظمات الحكومية في الولايات المتحدة الأمريكية www.fortnet.org/FortNet/gov/index.html). وصفحات الأحزاب والتجمعات السياسية وغيرها. وتستخدم السلطات الرسمية شبكات الإنترنيت عادة لإرسال معلومات رسمية، بينما نرى الساعين للسلطة ومن بينهم الناشطين تحت غطاء من السرية يستخدمون شبكات الانترنيت لتبادل المعلومات لأغراض أخرى. وعلى سبيل المثال ما قام به مايكل غيل، السكرتير الخاص السابق لنائب رئيس الولايات المتحدة الأمريكية إل غور، في بداية حملته الانتخابية، بنشر نيابة عن إل غور في الصفحة الإلكترونية www.gore2000.org أرقام الهاتف وعناوين البريد الإلكتروني، التي يمكن من خلالها للراغبين بالتوجه إلى إل غور، وتقديم الدعم المادي له كمرشح للديمقراطيين. ومثال آخر تمثل باستخدام منظمة "رابطة بيرما الحرة" FBC، لشبكة الإنترنيت لتحقيق أهدافها التي تكافح من أجلها منذ سنوات. وكان من أولى تلك الأهداف تهيئة الظروف لفرض مقاطعة اقتصادية وسياسية لإسقاط حكم النظام العسكري الذي استولى على السلطة في البلاد عام 1988. وبتأسيس منظمة FBC، لصفحتها الإلكترونية www.freeburma.org تحولت إلى واحدة من أهم المجموعات السياسية المؤثرة عن طريق الانترنيت. ولمنظمة FBC مؤيدين في 28 دولة من دول العالم. وتحت تأثير دعايتها تم فرض حصار اقتصادي ضد ميانما (بيرما اليوم) من قبل الولايات المتحدة الأمريكية، وكندا. وللتأكيد على دور شبكات الانترنيت في تقوية مركز المنظمة قال أونغ ناينغ أو من حركة "الجبهة الديمقراطية لجميع طلاب بيرما" التابعة لمنظمة FBC، "عندما كنا نعيش في الغابات طبعنا المنشورات على الآلة الكاتبة في بداية كفاحنا مع نهاية ثمانينات القرن العشرين. ولكن الحاسبات الإلكترونية غيرت حياتنا بالكامل. وباستخدامنا لشبكات الانترنيت منذ عام 1994 أصبح سهلاً علينا مخاطبة بعضنا البعض، وأصبحت نشاطاتنا أكثر تشاوراً".

ومن المشاكل الأخرى التي تعاني منها شبكات الإنترنيت استخدامها من قبل منظمات الجريمة المنظمة لنشر معلومات عن الإرهاب، والجاسوسية، وتجارة وتهريب المخدرات والأسلحة، ونشر الخلاعة، وكل البضاعة السيئة. ومن بين تلك المنظمات مجموعة مقاتلين بروانيين تحمل اسم "الطريق المشرق" (Shining Path)، سبق وقتلت آلاف الناس خلال عشرات السنين من الاغتصاب المسلح. وأظهرت بعض الدراسات أن المشترك في الانترنيت يصرف وسطياً نحو 40% من وقته في البحث عن الإصدارات الخلاعية الممنوعة. وأن بعض الدول أخذت في حسابها مقدرات وإمكانيات الوسط المعلوماتي الجديد، وأخذت تبحث عن حلول قانونية وتكنولوجية لهذه المشاكل. وفي الدول الخليجية العربية مثلاً أجرت السلطات المختصة محادثات مع موفري خدمات الانترنيت ومجموعات المستخدمين لوضع أسس متفق عليها للوصول واستخدام شبكات الانترنيت. وأصدرت وزارة الاتصالات في دولة الكويت قراراً يفرض على موفري خدمات الإنترنيت ضمان عدم ظهور الخلاعة والتعليقات السياسية السيئة داخل الكويت. وقرر نادي الانترنيت في إمارة أبو ظبي أن تخضع المواد الجنسية والخلاعية والسياسية والدينية في الانترنيت للقوانين المحلية. ولكن حل هذه المشاكل صعب جداً انطلاقاُ من الخصائص والأوضاع السياسية والاقتصادية الداخلية لدول العالم المختلفة.

شبكات الانترنيت والأجيال الصاعد: ولا تقل أهمية عن غيرها مشكلة الجيل الصاعد، لأن صغار السن أكثر تقبلاً للأشياء الجديدة من كبار السن. ومن الطبيعي أن يستوعب صغار السن الانترنيت بسرعة، قبل أن يستوعبها أولياء أمورهم ويقدرون جوهر ما يجري ضمنها. ومن أجل مساعدة الكبار في السيطرة على الأوضاع ووضعها تحت مراقبتهم، أحدثت برامج للتصفية مهمتها مراقبة الوصول إلى مواد الانترنيت، وتسمح بزيادة الرقابة على تصرفات صغار السن في شبكات الانترنيت. وبمساعدة هذه البرامج أصبح ممكناً متابعة ما يشاهده صغار السن، ومراقبة الوقت الذي يتعاملون فيه مع شبكات الانترنيت، ووضع قوائم بالعناوين الممنوعة، وتقوم بعض البرامج بتجديد تلك القوائم أوتوماتيكياً شهرياً. ومنها على سبيل المثال برنامج Cyber Patrol (www.microsys.com) المستخدم للرقابة ومنع وصول بعض الفئات العمرية إلى المعلومات التي يمكن أن تؤثر سلباً على السلوك والتصرفات. ومن هذه البرامج Net Nanny (www.netnanny.com)، و Littlebrother (www.kansmen.com)، وغيرها.

شبكات الانترنيت والتأثير على العقول: وتستخدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية شبكات الانترنيت عادة ليس كأداة للحصول على المعلومات والتعامل معها فقط، بل ومن أجل نشر أخبار ملفقة للتحريض وإجراء تجارب على التأثير النفسي للمعلومات الكاذبة، والملفقة، والشائعات، والدعاية، والدعوة، وغيرها. وأمام هذا الواقع الذي فرض زيادة في دور وإمكانيات المواجهات المعلوماتية التي تهدد نظم الأمن الوطني في مختلف الدول، لم تبق مخابرات دول العالم جانباً ومن بينها كانت المخابرات الأردنية التي اعتبرت أن صفحتها الإلكترونية في شبكات الانترنيت كانفتاح جديد على السياسة. وهذا مثال يؤكد استخدام شبكات الانترنيت للدعاية والدعوة السياسية.

ومشاكل إدارة سيل المعلومات المؤثرة على عقول الإنسانية أصبحت تأخذ طابعاً فوق الدول. ونجحت بعض الدول بالتعامل معها، لأن العلاقات بين البشر، والجماعات الاجتماعية، والدول كانت سابقاً مبنية على مبادئ وقيم الحقوق الطبيعية، والأخلاقية، والدينية، التي تشكلت وصقلت عبر القرون. بينما نرى اليوم أنه لابد من العودة للبدء من نقطة البداية لأن الثورة المعلوماتية خربت تلك العرى وسهلت نشر الأنباء الملفقة والكاذبة والمحرضة. وأصبحت الحاجة ملحة لقوانين وبرامج جديدة للحماية، ونظام مركزي دولي للعمل المشترك بين الأجهزة الحكومية والخاصة، لأنها إلى جانب الأسر والمجتمع تحدد قواعد تربية الأجيال الصاعدة. وأصبح عالم اليوم يحتاج لقوانين دولية للتعامل مع الشبكات الإلكترونية العالمية الجديدة. ونعتقد أن هذه المهمة تتمتع بالأفضلية لدى كل الدول، ومن دونها ستخلق ظواهر جديدة تتحول معها المعلومات من خدمة الإنسان، ليصبح الإنسان خادماً لتلك المعلومات. ولابد من التصدي للمشكلة بشكل عاجل قبل أن تخرج الأوضاع من تحت السيطرة. خاصة وأن المؤسسات المخولة بحماية المعلومات وتعمل على حماية المعلومات الخاصة، التي يملكها شخص معين ولها طابع فردي، لم تزل تنظر إلى المسائل الأخلاقية لمضامين تلك المعلومات كمشكلة من الدرجة الثانية.

ونعتقد أنه حان الوقت للنظر في قضية تشكيل لجان حكومية خاصة لحماية المجتمع، وتراثه الثقافي والمعنوي في شبكات المعلوماتية. وإسناد مهمة تحديد ومراقبة المستوى والخصائص الأخلاقية للمعلومات، الدائرة في فلك شبكات المعلوماتية الإلكترونية للاستخدام العام لهذه اللجان. وإقامة شبكات أو شبكات موازية لمنع دخول المعلومات غير الأخلاقية التي تطال الحالة النفسية والسلوكية للأفراد وتؤدي إلى تحلل القيم الثقافية وأسس المجتمع الإنساني بالكامل، إلى شبكات النظام العام. ونعتبر أنه من الضروري إصدار قوانين تحدد النشاطات، وتلقي المسؤولية على الأجهزة والإدارات والأشخاص الطبيعيين في هذا المجال، ومن ضمنها تلك اللجان من جانب، ومن جانب آخر إعادة تشكيل البنى التحتية للجان المختصة باستقلالية عن أكثرية السلطات. وأن تخضع تلك اللجان لقائد الدولة المعنية مباشرة وتعد له وللسلطة التشريعية في البلاد تقريراً سنوياً عن مضامين المعلومات المتداولة عبر شبكات المعلوماتية والحاسبات الإلكترونية. بعد أن أصبحت تكنولوجيا المعلوماتية هي محور التنمية العلمية، ولابد من وضع إستراتيجية حقيقية في السنوات المقبلة للخروج من هذا الوضع. وإذا لم تتفاعل الثقافة العربية مع الثقافة المعلوماتية وتوفير المعاجم الإلكترونية، والترجمة الإلكترونية، والتوثيق والبرمجة، فستحدث فجوة لغوية حادة بين اللغة العربية واللغات الأخرى تفصلها عن الاستخدام والتداول. وقد يتحول التعليم والثقافة في الدول العربية إلى اللغات الأجنبية بسبب التقنيات والتسهيلات المتاحة للغات الأجنبية والتي جعلت اللغة العربية مهمشة في عالم شبكات الاتصال الإلكترونية. وهذا يحتاج قبل كل شيء إلى إرادة سياسية وطنية وبحوث ودراسات علمية تعيد للغة العربية عنفوانها.

البحث العلمي ضروري لمواجهة تداعيات سلبيات التطور التكنولوجي للمعلوماتية: يمثل الإنفاق علي البحث العلمي نقطة هامة، لأن البحث والتطوير مرتبطان بالإمكانيات البشرية والمادية، ويتأثران بالمنهجية الفكرية المتبعة والسياسات الإستراتيجية التي تضعها الدولة، وتتضمن برامج التعاون الإقليمية والدولية للاستفادة من الاكتشافات العلمية وتطويرها. والحقيقة أن الأبحاث والدراسات موجودة في الوطن العربي الذي يزخر بمئات الباحثين والعلماء، ولكن تطبيق نتائج أبحاثهم والاستفادة منها شبه غائب اليوم عن الواقع العملي، الأمر الذي دفع الكثيرين منهم للهجرة إلى الدول التي تستفيد من جهودهم العلمية. وتكلف هذه الهجرة الدول العربية ما لا يقل عن 200 مليار دولار سنوياً، بينما الدول الغربية الرأسمالية تكون "الرابح الأكبر" من هجرة ما لا يقل عن 450 ألفا من الأدمغة إليها سنوياً.

ويفيد تقرير صادر عن معهد اليونسكو للإحصاء أن نسبة الاستثمارات المخصصة للبحث العلمي والتطوير من الناتج المحلي الإجمالي ارتفعت عالميا. وكانت نسبة 1.74% من الناتج المحلي الإجمالي في عام 2007 مخصصة لهذا البند، مقابل 1.71% في عام 2002، وكانت أكثر البلدان النامية تستثمر في هذا المجال أقل من 1% من ناتجها المحلي الإجمالي. وكانت الصين تخصص نسبة 1.5%، ولكنها سرعان ما قررت تخصيص 2% من ناتجها المحلي للبحث والتطوير حتى عام 2010، و2.5% حتى عام 2020. بينما خصصت خطة العمل الإفريقية الموحدة 1% من الناتج المحلي الإجمالي لأغراض البحث العلمي والتطوير. في الوقت الذي تتركز فيه نفقات البحث العلمي والتطوير في البلدان الصناعية المتقدمة، حيث بلغ مجموع إنفاق دول الاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة واليابان 70% من مجموع الإنفاق العالمي في هذا المجال الهام. أما في العالم العربي، فتعتبر إشكالية التمويل أو الإنفاق على أغراض البحث العلمي من الموضوعات الشائكة. فلا يتجاوز الإنفاق على البحث العلمي عن الـ 0.05% من الميزانيات العامة، وهي أرقام هزيلة جداً إذا قورنت بالبلدان الصناعية وحتى ببعض دول الجوار الإقليمي مثل تركيا، وإيران. وفي مصر مثلاً كان إجمالي الميزانية لعام 1996 يبلغ نحو 840 مليون جنيه، وخصص منها للصرف على البحث العلمي ما مقداره 165 مليون جنيه، أي 20%.

وأكدت إحصاءات اليونسكو لعام 2004 أن الدول العربية مجتمعة خصصت 1.7 مليار دولار فقط للبحث العلمي، أي ما يعادل نسبة 0.3% من الناتج الإجمالي، في الوقت الذي أنفقت فيه إسرائيل على البحث العلمي، عدا العسكري نحو 9.8 مليار شيكل، أي 2.6% من إجمالي الدخل القومي لعام 1999. أما في عام 2004، فقد وصلت هذه النسبة إلى 4.7% من ناتجها القومي. بينما استطاعت كوريا الجنوبية أن تزيد إنتاجها من البحث العلمي لثمانية أضعاف، في حين كانت نسبة النمو في العالم تعادل 30% فقط. وفي الدول العربية يقوم القطاع الحكومي بتمويل 80% من مجموع التمويل المخصص للبحث والتطوير، مقابل 3% يقوم به القطاع الخاص، عكس الدول المتقدمة التي تتراوح فيها حصة القطاع الخاص ما بين 70% في اليابان، و52% في إسرائيل والولايات المتحدة.
وعند الحديث عن تكلفة إعداد الطالب في الجامعات العربية فإنه لا يزيد عن 2500 دولار في السنة، يقابله 45 ألف دولار في الجامعات الغربية. وأن البحث العلمي لا يتجاوز نسبة 0.03% في العالم العربي، مقابل 4% في إسرائيل، أي ما يعادل 12 ضعفا من نسبة الناتج الإجمالي العام. وإذا قارنا الإنفاق العلمي الإسرائيلي، مع الإنفاق العلمي في الدول العربية بالنسبة لعدد السكان، فنجد أن الإنفاق على البحث العلمي هو أكثر بـ 30 مرة في إسرائيل منه في الدول العربية مجتمعة. وانعكس هذا الواقع على ترتيب مستوى الجامعات في العالم، وجاء في التصنيف الذي أعدته جامعة "جياو تونج" في شنغهاي بالصين، وشمل 500 جامعة، وحصلت فيه الجامعات الأمريكية على حصة كبرى شملت 67 من أفضل مائة جامعة في العالم منها جامعات: هارفارد، وستانفورد، وبيركلي، وكاليفورنيا، ثم جامعة كامبردج البريطانية. وشمل التصنيف 208 جامعات أوروبية. وحصلت الجامعة العبرية في إسرائيل على الترتيب 64، بينما جاء ترتيب جامعة الملك سعود في المملكة العربية السعودية في المركز 428 من بين 500 جامعة، وهي الجامعة العربية الوحيدة التي حصلت على تقييم عالمي رغم وجود 350 جامعة عربية في الوطن العربي. ومن حيث النشاط العلمي احتلت إسرائيل المركز الرابع عالميا، من خلال نشرها لمقالات علمية في دوريات غربية مرموقة، بينما جاءت الولايات المتحدة في الترتيب الثاني عشر، وتلتها ألمانيا.

الثورة المعلوماتية وبراءات الاختراع: وعند الحديث عن براءات الاختراع نجد أن براءة الاختراع أنشئت للحفاظ على الملكية الفكرية، وتمنحها السلطات المختصة في الدولة للمخترع لتثبت حقوقه الفكرية والمالية والمعنوية في اختراعه. وسجلت في مصر خلال الفترة الممتدة من عام 1995 وحتى عام 1997 نحو 1210 براءة اختراع، بينما سجلت في الولايات المتحدة خلال نفس الفترة 236692 براءة اختراع. وفي عام 2000 وصلت براءات الاختراع العربية السعودية المسجلة في الولايات المتحدة إلى 171 براءة اختراع، في الوقت الذي سجلت إسرائيل 7652 براءة اختراع. وفي عام 2008 سجلت المنظمة العالمية للملكية الفكرية التابعة للأمم المتحدة في جنيف 61 براءة اختراع لجمهورية مصر العربية، و47 براءة اختراع للمملكة العربية السعودية، و22 براءة اختراع لدولة الإمارات العربية المتحدة، و12 براءة اختراع للمغرب، و11 براءة اختراع للجزائر، و6 براءات اختراع للأردن، و5 براءات اختراع لسورية، و3 براءات اختراع لكل من الكويت والسودان وتونس، وبراءة اختراع واحدة لليبيا. لتبلغ بذلك براءات الاختراع المسجلة للدول العربية خلال عام واحد 173 براءة اختراع. في الوقت الذي سجلت فيه تركيا 367 براءة اختراع، وسجلت إسرائيل 1882 براءة اختراع، وسجلت كوريا الجنوبية 7908 براءة اختراع، واليابان 28774 براءة اختراع. وبذلك تكون كوريا الجنوبية قد سجلت أعلى نسبة في زيادة عدد براءات الاختراع وصلت إلى 12% وجاءت بعدها الصين بنسبة 11.9%.

لنرى مدى التحدي العلمي الصارخ الذي تواجهه الدول العربية مجتمعة ولابد من العمل المشترك للتصدي له في القرن الـ 21 عصر المعلوماتية والتكنولوجية الرفيعة التي حققت تقارب وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية قبل أن يفوت الأوان ونغرق في تخلفنا عن الركب التكنولوجي والحضاري الحديث.

تقارب وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية: مصطلح convergere باللاتينية يعني التقارب والتشابه، واستخدم هذا المصطلح منذ القدم للتعريف بالتفاعلات المتشابهة والمتبادلة في البيولوجيا، والدراسات السكانية، واللغوية. وأخذ الفلاسفة وعلماء الاجتماع الغربيون منذ خمسينات القرن الماضي بهذا المصطلح لاستخدامه في العلوم الاجتماعية والسياسية معتمدين على منجزات التقدم العلمي والتكنولوجي متوقعين حدوث تقارب بين المجتمعات الرأسمالية والمجتمعات الاشتراكية. وكانت الثورة العلمية والتكنولوجية القوة المحركة الأساسية برأي الباحث الأمريكي روستو و.، والباحث الهولندي تينبيرغين يا.، لتشجيع التقارب الأيديولوجي بين مجتمعين متناقضين. وجاءت توقعات أنصار نظرية التقارب مستندة على التقارب الحاصل في المصطلحات التكنولوجية. وسرعان ما تحولت النظرات الجديدة للتقارب إلى نظرات شائعة لدى علماء الاجتماع، وأصدر الباحث الأمريكي بيل د.، كتابه "نهاية الأيديولوجية" في عام 1962 معتبراً أنها أفضل وجهة نظر في مجال تطور نظرية التقارب الاجتماعي والسياسي التي ربط بيل د.، بينها وبين المجتمع الصناعي الذي كان من المنتظر منه نشوء مجتمع جديد. وأضاف أن المجتمع الجديد سيعتمد على المعارف التقنية وعلى صناعة المعلومات، وأنهما جزأن أساسيان يعتمد عليهما المستقبل الاقتصادي. وبذلك مد بيل د.، جسراً للمبادئ المستقبلية وتصورات المجتمع المعلوماتي التي رافقتها أفكاراً متعددة عن التقارب ولكن بفهم جديد. واستخدم هذا المصطلح منذ سبعينات القرن الماضي بمعنى التكامل الذي سيحصل في تقنيات المعلوماتية ووسائل الاتصال: الحاسبات الآلية (الكمبيوتر)، والهواتف، والإذاعة المرئية. واستمر تطور مصطلح التقارب من خلال الحوارات التي جرت في إطار إعادة تنظيم سوق الاتصالات الهاتفية في الولايات المتحدة الأمريكية، وسوق البث الإذاعي المسموع والمرئي في غرب أوروبا مع نهاية ثمانينات القرن العشرين. وجاءت تسعينات القرن الماضي لتشهد انتشار استعمال الانترنيت في الحياة اليومية لملايين البشر وهو ما أعطى تلك الحوارات مفهوماً عملياً جديداً لنظرية التقارب. ومن المعروف تقليدياً أن مفهوم التقدم التكنولوجي والتغييرات السياسية في النظم الإعلامية الحديثة تختلف من خلال خصائص نموها وعبرت عنها السرعة التي احتلت فيها شبكة الانترنيت ساحة جماهيرية واسعة، محدثة سبقاً في تاريخ تطور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي احتاجت فيها الإذاعة المسموعة في الولايات المتحدة الأمريكية لـ 38 سنة لتشغل ساحة تضم 50 مليون مستمع. بينما احتاجت الإذاعة المرئية إلى 14 عاماً لتشغل نفس الساحة. بينما لم تحتاج شبكة الإنترنيت سوى لـ 4 سنوات فقط ليبلغ عدد مستخدميها في الولايات المتحدة الأمريكية فقط 50 مليون مستخدماً.

وغدى مصطلح التقارب يأخذ مكانة بين المصطلحات الهامة المستخدمة في الحوارات الحديثة الدائرة حول مستقبل تطور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وشبكة الانترنيت، التي جرى ربطها بمصطلح التقارب، وبالتدريج أخذ هذا المصطلح مكانه في التحولات الجارية في المجالات الإعلامية. واحتل مصطلح التقارب مكانة هامة في الحوارات الدائرة في مجالات الاتصال والمعلوماتية الدولية الحديثة التي دأبت على تفسير مفاهيمه واستخداماته المتعددة وبشرت بأن التقارب سيغير بالكامل عمل نظم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وكل الصناعات المرتبطة بها خلال السنوات العشر القادمة. وسرعان ما أخذ تقارب وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية معنى الاندماج ولكن على كل حال فإن الحديث الدائر حول مختلف حالات التفاعلات المختلفة يبقى جوهرها واحداً ويعني الاندماج:

بالدرجة الأولى: أن الاندماج التكنولوجي يسمح لمختلف النظم التكنولوجية الناقلة من: شبكات التوزيع بالكابلات، وشبكات الهاتف، وشبكات الاتصالات اللاسلكية عبر الأقمار الصناعية، التي تنقل المعلومات لمستخدميها أو مستهلكيها. ولكن الأساس التكنولوجي للتقارب الإعلامي ما هو إلا عملية لتجاوز الصعوبات وإحداث نقله نوعية باستخدام منجزات التكنولوجيا الرقمية التي تتساوى مع الكلمة المطبوعة وحركتها المرئية. والمضمون الرقمي يمكن نشره بمختلف الطرق دون التقيد بصناعة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وتكنولوجيا الوسائط التقليدية. حتى أن التقارب التكنولوجي يطرح مبدأ التفاعلات الدولية ويبشر بتحولها إلى واحدة من أهم مكونات الاتصالات الحديثة التي تؤدي في النهاية إلى التقارب التكنولوجي وتصغير حجوم وسائطه وهو ما أطلق عليه مصطلح تكنولوجيا النانو.

وبالدرجة الثانية: أن معنى التقارب والاندماج بين مختلف أشكال التعامل مع وسائل الاتصال والإعلام، هو أن يصبح معها التمييز عن أي وسيلة محددة يجري الحديث عنها يشكل صعوبة. لأن الإذاعتين المسموعة والمرئية دخلتا عالم الانترنيت، وسجلت الموسوعة البريطانية على أقراص مضغوطة، وغدت أفلام الفيديو تبث عبر قنوات الكابلات التلفزيونية، وعبر الإعلانات الإلكترونية التي تستقبلها أجهزة الحاسب الآلي صغيرة الحجم (كمبيوتر الجيب)، الذي غدا يؤدي مهام جهاز الحاسب الآلي الشخصي بكاملها. مما أدى إلى انتقال وظيفة وسيلة اتصال وإعلام جماهيرية معينة إلى أخرى، ورافقه تبادل للأدوار بين مختلف قنوات الاتصال، موفراً إمكانية الحصول على مضامين مختلف قنوات الاتصال والإعلام الجماهيرية عبر وسيلة واحدة غيرت جذرياً التصورات السابقة عن مختلف قنوات الاتصال والإعلام الجماهيرية وقربت بينها، وأدت إلى ظهور قنوات مشتركة جديدة للحصول على المعلومات، نتج عنها ظهور فنون صحفية جديدة متقاربة ومواد إذاعية مرئية عصرية تحولت كلها إلى معلومات ترفيهية، أو مضللة.

وتحول عصر شبكة الإنترنيت إلى مصدر للمعلومات التعليمية، وتحولت القنوات الإعلامية الشخصية الحديثة إلى مصدر متميز للمعلومات. وفي النهاية تحول التقارب إلى اندماج الأسواق. وأخذت معه صناعة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالتحرك من سلطة بارونات الصحف الذين كانوا يقودون تجارة الإعلام في القرن الماضي، نحو تكامل أكثر مع قطاع الاتصالات الإلكترونية، وتحولت إلى إنتاج تكنولوجيا الاستعمال اليومي وتكنولوجيا المعلوماتية. مما أدى بالنتيجة لظهور سوقاً جديدة للتكامل ارتبطت فيها خدمات الاتصال، وشبكات الخدمة، وإنتاج البرامج اللازمة لها. وأخذ الكثير من الباحثين الغربيين ينشغلون اليوم بخلافات فارغة حول التقارب جذبت بعضهم للبعض الآخر، وهو أشبه بالخلاف الذي كان دائر في يوم من الأيام حول الدجاجة كانت أولاً أم البيضة. لنرى أن عملية التقارب اليوم أخذت طريقها نحو مستقبل تقدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. ومعروف أن الانتقادات التي وجهت للباحثين الذي ربطوا في أبحاثهم بين دور التكنولوجيا في تطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وعملية التقدم التكنولوجي لم تتوصل لأي نتائج. وخاصة أبحاث مارشال ماكلوهين الذي كان رائداً في هذا المجال. ولكن على ما يبدوا أن استخدام التقارب الحاصل في التقدم التكنولوجي يمكن أن يؤدي في القريب إلى تحولات في اقتصاد سوق وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.

عوامل التحولات في اقتصاد الإعلام: وأظهرت التحليلات التي أجراها الاقتصاديون أن القوة المحركة الهامة للتحولات في الإقتصاد الإعلامي ترتبط بأربع عوامل اقتصادية، هي: - تكامل الاقتصاد القومي على المستوى الإقليمي مثال: الاتحاد الأوروبي؛ - ونشوء عالم حر يتخلص من الأيديولوجية الأمر الذي يسمح للدول بالعمل المشترك دون تأثير للأيديولوجية؛ - وبروز دور التطور التكنولوجي الذي أدى إلى تطور الاقتصاد العالمي وشجع على المنافسة العالمية. وأن التبدلات الهائلة الجارية في اقتصاد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية برأي الكثير من الباحثين تشجعها عوامل النظام الاقتصادي الشامل. ولو أن آراء مختلف الباحثين حول العوامل السياسية والاقتصادية تختلف بشكل واضح، ولكنهم يتفقون على تأثير التكنولوجيا الحديثة على اقتصاد وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من خلال حقائق واضحة. وأن النتائج التي توصلت إليها التكنولوجيا شجعت على تطوير وإعادة تنظيم الاقتصاد الإعلامي، وخاصة في الآونة الأخيرة التي أضافت عوامل ونتائج محددة جديدة. وليس غريباً أن النتائج المتوقعة في الألفية الجديدة أخذت منحى عالمياً شاملاً. ولكن الغريب في أن الاقتصاد الإعلامي لم يزل يجري قياسه وفقاً للتقارب التكنولوجي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الحديثة التي تتعرض عملياً لإعادة تركيبة الاقتصاد الإعلامي بالكامل مع بروز تناقضات في النظريات السائدة خلال السنوات العشر الأخيرة.

ومن المعروف أن التفاعلات المناهضة للتركيز في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية كانت قد بدأت بعد الحرب العالمية الثانية ورافقتها دراسات إعلامية قدمت مجموعة من الأبحاث. أدت إلى نشوء اتحادات لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية فرضت نفسها تحت ضغوط منطق السوق، واعتبرت كاتجاه رئيسي لتطوير الصناعة الإعلامية. بينما أثار عمالقة الإعلام الذين ركزوا في أيديهم الصحافة المطبوعة وقنوات البث الإذاعي المسموع والمرئي، مخاوف كبيرة عند السياسيين وجمهور واسع من الديمقراطية، وتعدد الآراء، وآراء الثقافة السياسية البراقة، واللغوية للأقليات، في الوقت الذي كان يجري تعويضها من خلال الاستقرار والقدرات الاقتصادية لعمالقة الإعلام الجدد. والقضاء على التنوع وتركيز وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية لتقدم صناعة الإعلام موارد كافية وثبات وتقدم ملحوظ. وقدمت التفاعلات مفاجآت غير منتظرة دخلت بنتيجتها للسوق الذي سيطرت عليه المؤسسات الإعلامية الضخمة في الولايات المتحدة الأمريكية وغرب أوروبا لفترة طويلة وخاصة في ثمانينات القرن العشرين ليصبح عامودياً تنخفض معه قيمة الأسهم في الأسواق، وأدى إلى تداعي الأوضاع المادية للمؤسسات الإعلامية الضخمة. ومن أوائل الاندماجات الضخمة التي جرت خلال السنوات الأخيرة: تايم أورنير، وفياكوم، وديزني، الذين اتفقوا على ضرورة نقل ثقل نشاطاتهم إلى المجالات التقليدية التي تشكلت تاريخياً. وخاصة التركيبة الإعلامية الجديدة التي تألفت من مستويين ينتظران من الشركات المهيمنة أن تسيطر على 80 أو 90% من الموارد، مبقية للإنتاج المساعد نحو 20% فقط.

التغييرات الإستراتيجية الحديثة في مجال الإعلام: ومن هذه التغييرات الإستراتيجية الحديثة التي طالت نشاطات الكثير من الشركات المعروفة، شركة الإعلام والترفيه ديزني. وفي مقابلة أجرتها صحيفة فايننشيل تايمز مع مدير شركة الإعلام والترفيه ديزني م. إيسنير، تحدث عن تلك التغييرات، واعترف بأن النتائج المالية خلال العام ستكون سيئة في أحسن الأحوال كما في السابق، وأشار إلى أن الاهتمام المتواضع الذي ستبذله الشركة سيوجه إلى مضامين الإنتاج. وأن ديزني غير مهتمة بشراء محطات جديدة للإذاعة المسموعة والمرئية، ولكنها ستتجه نحو خلق توازن لمواجهة الإستراتيجية السابقة للفروع العاملة في مجال تطوير الانترنيت والتجارة الإلكترونية. وأوجد نموذج السوق الجديدة وزناً مضاداً لعملية الإنتاج المتجهة نحو السوق السابقة التي حرمها الإندماج من الموارد وأسهم في تبذيرها، وأضعفت ظروف التقارب إمكانيات الشركة. لنرى أن التقارب فرض على المنشآت الإعلامية إتباع إستراتيجية مرنة لتحقيق الثبات في الأسواق. وتطرق الكثير من الباحثين الغربيين إلى فكرة أن التقارب سيؤدي إلى تقاسم الأسواق، وإلى التحول من الصناعات التقليدية التي تحافظ على تقسيم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، الصحف، والبث الإذاعي المسموع والمرئي، والكابلات، إلى إنتاج منتجات جديدة تشمل تكنولوجيا الاستعمال اليومي وتقنياتها، وإنتاج منتجات تدعم قنوات التوزيع. وأدى ظهور أنواع جديدة من منتجات صناعة المعلوماتية والاتصال، بغض النظر عن التغييرات المستمرة إلى تشكل طليعة جديدة، في مجال إنتاج المضامين (المنتجات ذات المضمون الإعلامي) للإذاعة المرئية لتبقى الطليعة لكبار التقليديين أمثال: ديزني/إيه بي سي؛ وأونير؛ وإن بي سي؛ وفوكس.

وفي مجال إنتاج منتجات المضمون الإعلامي للسينما ظهرت نفس الشركات: ديزني؛ وبياكوم؛ وتايم أونير. وبقيت الطليعة للإذاعة المسموعة للشركة المعروفة: فيستينغاوز. ومن السهل ملاحظة أن الأوضاع التاريخية للإعلام المعروفة في القطاعات الجديدة بقيت قريبة من السنوات العشر السابقة. وحملت الطليعة الاقتصادية للشركات البارزة بالكامل الصفات التقليدية لتركيبة السوق والسيطرة. ومع ذلك تبقى مراحل تطور التقارب في الأسواق في النهاية داعمة لقدرات وسيطرة عدد محدود من اللاعبين على الساحة الإعلامية. وأدى التقارب إلى تغيير أساليب التكنولوجيا الإعلامية، وفي المضمون الإعلامي، وفي الأسواق الإعلامية. وبشكل أقل بقيت تأثيراتها على تغيير علاقات السياسيين مع ما يجري من تغييرات. وأول استجابة للسياسيين على تفاعلات التقارب كانت بظهور قوانين جديدة موجهة نحو ليبرالية أسواق الإعلام والاتصالات وتشجيع المنافسة فيها. وإلى إضعاف الاحتكارات السابقة في أسواق الاتصالات تمكن بعض الشركات من دخول الأسواق، وتخفيض الأسعار، وتقريب كل قطاع الخدمات المعلوماتية والاتصال الحديثة من المستهلكين.

ويبقى التقارب جزئياً في فن الخطابة وأساليبها في المراكز السياسية للدول البارزة في العالم، وبالدرجة الأولى الولايات المتحدة الأمريكية والدول الأعضاء بالاتحاد الأوروبي. ومنها خطاب قانون الاتصالات في الولايات المتحدة الأمريكية لعام 1996، والكتاب الأخضر للتقارب الذي وافق عليه الاتحاد الأوروبي في ديسمبر/كانون أول عام 1997، التي بقيت حتى الآن من أشهر الوثائق السياسية التي تدعوا لتشجيع التقدم في التقارب على المستوى السياسي. وانطلقت الوثيقتين من المبادئ القديمة لتنظيم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الإلكترونية المضطرة للتعامل مع مشاكل تحديد الموجات الإذاعية المسموعة والمرئية. ولو أن التقارب يلغي هذه المشكلة بحيث لن يضطر الوسط المعلوماتي والاتصالات الجديد لتوزيع الموجات الإذاعية المسموعة والمرئية بعد أن أصبحت وسائط للعمل المشترك في القنوات والمضامين الإعلامية الجارية بتناقض مع نظم القوانين التقليدية، مبنية على تحديد نشاطات مشغلي الشبكات، والإذاعتين المرئية والمسموعة. وليصبح الوصول الحر إلى شبكات نظم الاتصالات الحديثة بالكامل خاضع للسياسات الجديدة للدول إضافة لـ "الأشخاص العاملين" على تحديد أسعار الوسائط لينمو التقارب بشكل ملحوظ، ويصبح الدور النشيط لمشغلي الشبكات، ووسائط الوصول، ومنتجي المضامين الإعلامية والمستخدمين في تحديد أوضاعهم الخاصة.

ويعتبر تأمين فرص الوصول من أهم الاتجاهات السياسية اليوم، ويرافق تقارب الأسواق التخفيف من التركيز والاحتكار الذي يمكن الكثير من الشركات الصغيرة من العمل بنجاح في السوق الإعلامية الحديثة. ناهيك عن أن التخلف عن التقدم التكنولوجي قد يصبح عائقاً جدياً للوصول إلى البنية التحتية العالمية للمعلوماتية والاتصالات في عدد من الدول لا بل ومناطق كاملة من العالم أثناء تكاملها مع البنية التحتية العالمية للمعلوماتية والاتصالات. ويصبح وصول أشخاص محددين للإعلام المتقارب صعب بسبب إمكانياتهم المادية، أو بسبب الأمية التكنولوجية. لأن عملية التقارب الإعلامي اليوم تحتاج لأموال ومعارف جديدة للأشخاص العاديين، وموارد كبيرة وإرادة سياسية من الدول والتكتلات السياسية. ومن المعروف أن حقيقة توافق تفاعلات التقارب التكنولوجي لوسائل الاتصال، والتقارب الاقتصادي في الأسواق. توفر لمشغلي الاتصالات دخول سوق شبكات التوزيع بالكابلات، وينصهر معها دور النشر مع شركات أفلام الفيديو. ويظهر منتجي البرامج العملية اهتماماً بشبكات الإذاعة المرئية. ليحدث نوعاً من المستويات المتعددة للتفاعل مع اتحادات الاتصال التي تصبح منجذبة نحو الصناعات التقليدية لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، من: الصحافة المطبوعة، والبث الإذاعي المسموع والمرئي، والعمل التجاري في مجال الاتصالات. ولو أن الحياة الواقعية مختلفة بين المتنافسين تكنولوجياً في مجالات الإتصالات الهاتفية والإذاعة المرئية، رغم أنهم احتفظوا ولوقت محدد بدورهم بالكامل إلا أنه من الواضح هناك ضرورة لإعداد سياسة اتصالات موحدة.

ولاحظت السياسة الحديثة لليبرالية سوق الاتصالات في سوق الاتحاد الأوروبي دقة الفصل بين البنية التحتية لإعطاء المعلومات والوصول للمضامين، والخدمات التي تقدمها من خلال البنية التحتية هذه. وراعى الكتاب الأخضر للتقارب الصادر عام 1997 الفرق بين النقل عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية أو التوزيع، وتقديم الخدمات مع مضامين إعلامية. ولكن في ظروف التقارب التكنولوجي يبقى الضمان الواقعي لتنوع المضمون ممكن فقط في حال خلق الظروف الملائمة لجميع اللاعبين، والعاملين في مجالات التقارب الاتصالي وفي الأسواق الإعلامية، ومشغلي الشبكات، وعقد التوصيل في الانترنيت، ومنتجي مواد المضمون الإعلامي، وخدمات الأشخاص الكثيرين العاملين الذين يحتاجون لوصول متساوي لنظم الاتصال.

ويبقى التقارب التكنولوجي الجاري تطبيقه بالمعنى الملموس عبارة عن "إعادة توزيع للأدوار" في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية، وتغيير الأدوار على ساحة المستفيدين، من كتلة سلبية إلى كتلة ايجابية، تستهلك المضامين المقدمة لها، وتتحول إلى مجموعات محددة بالكامل، من حيث الاستهلاك المعلوماتي للاتصالات المعتاد عليه ويمكن تحديد أطرافها بدقة. ليحظى الجمهور الإعلامي من خلال التقارب مع وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بخاصية رئيسية كما يجري اليوم. والإعلام الدولي النشيط الجديد يقدم للمستهلكين التقليديين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بإمكانيات غير محدودة لاختيار المضمون. ولكن في الوقت ذاته نرى أن مستخدمي "الأون لاين ميديا" يصبحون مشاركين في تحرير المواد، وحتى في إدخال مواد ومضامين جديدة. ليجري من خلالها توحيد المستخدم والمنتج وتؤدي إلى تقارب مختلف الأدوار والوظائف، بدلاً من التقسيم. فالمستخدم المحدد يتحول إلى احد الحقائق التي هي فعلاً توجه عملية التقارب. ويتحول معها وصول المستخدم في الإعلام الجديد إلى مجموعة من المشاكل التي يتميز بها عصر التقارب، وتجاوزها ممكن من خلال تعاون اللاعبين الكبار في سوق الاتصالات والدولة والقطاع الخاص ومن خلال مساهمتهم النشيطة والفاعلة وبمشاركة المستخدمين لاختيار الدور الإنساني والاجتماعي والاقتصادي وإيجاد الضمانات القانونية للوصول إلى التكنولوجيا الجديدة وشبكات الانترنيت.

ومنه نستنتج أن توقعات اختفاء الصحف أمام منافسيها السينما والإذاعتين المسموعة والمرئية لن يتحقق في عصر الانترنيت لأن الأسباب الحالية هي أكثر تعقيداً من السابق. وتفاعلات تقارب وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية فتحت الطريق عملياً أمام الكثير من الآفاق التي لم تكن معروفة من قبل، وستؤدي لنفس النتائج السلبية أو أكثر. ومن دون الإرادة السياسية في الدول القومية ومن دون تجديد الإسهام النشيط للتجارة الإلكترونية، ومن دون المستوى العالي والنشيط للساحة الإعلامية يمكن أن يبقى التقارب إمكانية فقط وهي الإمكانية التي تحدث عنها الباحثون على عتبة القرن الجديد.

مصطلحات ومبادئ الأمن المعلوماتي الدولي: وتنطلق أهمية المصطلحات المستخدمة من المبادئ التالية:

1. المجال المعلوماتي: وهو مجال النشاطات التي تؤدي إلى صناعة المعلومات ونشرها واستخدامها، ومن ضمنها المعلومات الشخصية والإجتماعية، والمعلومات، واستخدام البنية التحتية للإتصالات الهاتفية، والمعلومات الخاصة.

2. الموارد المعلوماتية: وهي البنية التحتية للمعلوماتية (الأجهزة، والنظم المحدثة، والتعامل، وحفظ، ونشر المعلومات) ومن ضمنها الصفحات الإلكترونية وبنوك المعلومات، والمعلومات الخاصة، وسيل المعلومات.

3. الحروب المعلوماتية: المواجهات الحاصلة بين الدول في مجالات المعلوماتية، مثال إلحاق الضرر بنظم المعلوماتية، وعمليات تبادل المعلومات، والموارد الحيوية للأجهزة الهامة، وتخريب النظم السياسية، والاقتصادية، والإجتماعية، والسيطرة على الحالة النفسية العامة للسكان، وإلحاق الضرر باستقرار المجتمع والدولة.

4. الأسلحة المعلوماتية: وهي الطرق والوسائل المستخدمة من أجل إلحاق الضرر بنظم المعلوماتية وعملياتها ومواردها، والقيام بأعمال سلبية للتأثير المعلوماتي على الدفاع الوطني، والإدارة السياسية، والإجتماعية، والإقتصادية وغيرها من الأجهزة الهامة لحياة الدول، والسيطرة الأوضاع النفسية العامة للسكان، بهدف ضرب استقرار المجتمع والدولة.

5. الأمن المعلوماتي: وهو حماية المصالح الحيوية للأفراد، والمجتمع، والدولة، في مجال المعلوماتية، ومن ضمنها البنية التحتية للمعلوماتية والإتصالات الهاتفية، وحماية المعلومات الخاصة، ومقاييسها، وإيجابيتها بالكامل، والوصول إليها، وسريتها.

6. تهديدات الأمن المعلوماتي: وهي العوامل التي تهدد مصالح الأفراد، والمجتمع، والدولة، في مجالات المعلوماتية.

7. الأمن المعلوماتي الدولي: وهو أوضاع العلاقات الدولية، التي تهدد الإستقرار العالمي، وترافقها تهديدات لأمن الدول، والمجتمع الدولي، في مجالات المعلوماتية.

8. الإستخدام المخالف للقانون: لنظم المعلوماتية، والإتصالات الهاتفية، والموارد المعلوماتية دون الحصول على موافقة أو مخالفة القواعد المتبعة، والقوانين، أو مبادئ القانون الدولي.

9. التدخل غير الشرعي: في النظم المعلوماتية، والإتصالات الهاتفية، والموارد المعلوماتية، والتدخل في عمليات جمع، والتعامل، وتخزين، وحفظ، وتقديم، والبحث، ونشر، وتداول، واستخدام، المعلومات بهدف تخريب العمل الطبيعي لنظم المعلوماتية، أو التسلل للوصول إلى الموارد المعلوماتية السرية.

10. النظم الهامة لحياة الدول والأجهزة والمؤسسات: وهو التدخل المقصود في الموارد المعلوماتية المؤثرة مباشرة على الأمن القومي (النقل، والطاقة، والمالية والقروض، والإتصالات، وأجهزة الإدارة الحكومية، وإدارت الدفاع، وأجهزة الأمن، والموارد المعلوماتية الإستراتيجية، وأعمال منظمات البحث العلمي والتقني، لزيادة الأخطار التكنولوجية والبيئية، وأجهزة مواجهة الحالات الطارئة).

11. الإرهاب المعلوماتي الدولي: وهو استخدام الإتصالات الهاتفية ونظم المعلوماتية ومواردها أو التأثير عليها في مجالات المعلوماتية الدولية بهدف القيام بأعمال إرهابية.

12. الجريمة المعلوماتية الدولية: وهي استخدام الاتصالات الهاتفية ونظم المعلوماتية ومواردها أو التأثير عليها لأهداف تخالف القانون في مجالات المعلوماتية الدولية.

ويعتمد الأمن المعلوماتي على المبادئ التالية: المبدأ الأول ويشمل:

1. نشاطات الدول وغيرها من الأطراف الدولية في مجالات المعلوماتية الدولية يجب أن تشجع التطور الإجتماعي، والإقتصادي، وفقاً لمتطلبات الحفاظ على الإستقرار والأمن العالمي، ومراعاة استقلال غيرها من الدول، ومصالح الأمن، ومبادئ التسوية السلمية للمشاكل والصراعات، وعدم اللجوء إلى القوة، وعدم التدخل بالشؤون الداخلية، ومراعاة حقوق وحريات الإنسان.

2. وهذه الأعمال يجب أن تتم وفقاً لحقوق كل إنسان بأن يطلب، ويحصل، وينشر، المعلومات، والآراء، التي تضمنها وثائق الأمم المتحدة، مع مراعاة حصر هذا الحق بالنظم القانونية الوطنية بهدف حماية مصالح وأمن الدولة.

3. ويجب أن تحظى أي دولة أو أي طرف من أطراف العلاقات الدولية بحق المساواة لحماية الموارد المعلوماتية وأجهزة حياتها الهامة من الإستخدامات غير القانونية أو التدخل المعلوماتي المخاف للقانون، وأن تعتمد على دعم المجتمع الدولي من خلال استعمالها لهذا الحق.

المبدأ الثاني: امتناع الدول من خلال سعيها لمنع التهديدات في مجال الأمن المعلوماتي الدولي، عن: - الإعداد، وإقامة واستخدام وسائل للتأثير أو إلحاق الأضرار بالموارد المعلوماتية ونظم الدول الأخرى؛ - استخدام المعلومات من أجل التأثير على الأجهزة الهامة لحياة الدولة الأخرى؛ - استخدام المعلومات من أجل تحطيم النظم السياسية، والاقتصادية، والإجتماعية لغيرها من الدول، والسيطرة النفسية على السكان بهدف إشاعة حالة من الفوضى وعدم الإستقرار في المجتمع؛ - التدخل غير المصرح به في نظم المعلوماتية والإتصالات الهاتفية والموارد المعلوماتية، واستخدام هذه النظم والمجالات بشكل غير قانوني؛ - محاولة الدخول والسيطرة على مجالات المعلوماتية؛ - منع الوصول للتكنولوجيا المعلوماتية الجديدة وخلق أوضاع تمنع الدول الأخرى من الوقوع في تناقضات مع مصالحها وتبقيها تابعة للغير في مجال المعلوماتية؛ - دعم نشاطات الإرهاب الدولي والحركات الإنفصالية والمنظمات والمجموعات الإجرامية، أو بعض الخارجين عن القانون، الذين يهددون الموارد المعلوماتية، أو الأجهزة الهامة لحياة أي دولة من دول العالم؛ - وضع وتنفيذ خطط وبرامج، تتطلع لإمكانية إثارة الحروب المعلوماتية وتهيئ الظروف لخلق سباقات التسلح وتدعوا لخلق حالة من عدم الإستقرار في العلاقات الدولية، وتهيئ الظروف للقيام بالحروب المعلوماتية؛ - استخدام التكنولوجيا ووسائل المعلوماتية لإلحاق الضرر بحقوق وحريات الإنسان في مجال المعلوماتية؛ - نشر المعلومات عبر حدود الدول بشكل مخالف لمبادئ الحقوق الدولية أو القوانين النافذة في دول بعينها؛ - السيطرة على سيل المعلومات، ونشر الأنباء المضللة والمختلقة، بهدف زعزعة الأوضاع النفسية والمعنوية في المجتمع، وتخريب القيم والتقاليد الثقافية، والمعنوية، والأخلاقية، والجمالية؛ - التدخل المعلوماتي والسيطرة على البنية التحتية للمعلوماتية والإتصالات الهاتفية لغيرها من الدول، ومنعها عن العمل وأداء وظيفتها على الساحة المعلوماتية الدولية.

المبدا الثالث: توفر منظمة الأمم المتحدة وأجهزتها المختصة الظروف للتعاون الدولي، في مجال منع تهديدات الأمن في مجالات الساحة المعلوماتية الدولية، ووضع القواعد القانونية اللازمة من أجل: - تحديد طبيعة وتصنيف الحروب المعلوماتية؛ - تحديد طبيعة وتصنيف الأسلحة المعلوماتية والطرق والوسائل التي يمكن اعتبارها أسلحة معلوماتية؛ - الحد من تجارة الأسلحة المعلوماتية؛ - منع إعداد ونشر واستخدام الأسلحة المعلوماتية؛ - التصدي لتهديدات الحروب المعلوماتية؛ - مساواة تهديدات استخدام الأسلحة المعلوماتية ضد الأجهزة الهامة للحياة، بتهديدات استخدام أسلحة الدمار الشامل؛ - تهيئة الظروف من أجل التبادل المتساوي والآمن للمعلومات على الساحة الدولية من خلال المبادئ والقواعد الدولية المعترف بها؛ - منع استخدام تكنولوجيا ووسائل المعلوماتية لأهداف إرهابية وغيرها من الأهداف الإجرامية؛ - منع استخدام تكنولوجيا ووسائل المعلوماتية من أجل التأثير على الوعي الإجتماعي، وإشاعة حالة من عدم الإستقرار في المجتمع والدولة؛ - إعداد إجراءآت للتعاون المشترك في مجال تبادل المعلومات ومنع الإستخدامات غير المشروعة للمعلومات من أجل التأثير على غيرها من الدول؛ - إحداث نظم دولية للرقابة ومتابعة التهديدات في المجالات المعلوماتية؛ - إحداث آليات للرقابة على إحترام نظام الأمن المعلوماتي الدولي؛ - إحداث آليات لتسوية حالات الصراعات في مجالات الأمن المعلوماتي؛ - إحداث نظم دولية للترخيص في مجالات المعلوماتية وتكنولوجيا ووسائل الإتصالات الهاتفية (وضمنها التقنيات وبرامج الاستخدام) بهدف ضمان الأمن المعلوماتي؛ - إحداث نظم دولية للتعاون بين الأجهزة الأمنية من أجل منع ومحاربة الجريمة في المجالات المعلوماتية؛ - إجراء تعديلات طوعية في القوانين الوطنية لتتلاءم مع ضرورات توفير الأمن المعلوماتي.

المبدأ الرابع: تحمل الدول وغيرها من أطراف العلاقات الدولية المسؤولية الدولية لقاء نشاطات في المجالات المعلوماتية تقوم بها أو يقوم بها الغير تحت غطائها القانوني، أو ترعاها منظمات دولية تنتسب إليها.

المبدأ الخامس: تسوية الخلافات الناشئة بين الدول أو بين أطراف العلاقات الدولية، من خلال القواعد الدولية، وبالإجراءات السلمية المعترف بها دولياً.

المراجع:

1. د. أحمد بن عبد القادر المهندس: ورقة بحث مقدمة لجامعة آل سعود. www.gifted.org.sa

2. إسرائيل الرابعة عالميا في الأبحاث العلمية. // القاهرة: صحيفة الأهرام، 20/11/2009.

3. أسلحة غير منتظرة للثوار. // HARD’n’SOFT، 1998/العدد:4.

4. الإنترنيت للصحفيين. // موسكو: (www.press.ru). (باللغة الروسية)

5. الانترنيت قادم على مرحلة جديدة // عالم الانترنيت، 1998 العدد 5. (باللغة الروسية)

6. بارانوف أ.: المتسللون فتحوا جبهة ثانية. // موسكو: صحيفة ماسكوفسكي كمسوموليتس، 25/5/1999. (باللغة الروسية)

7. بانارين ي.: توفير المعلومتية النفسية للأمن القومي الروسي. // موسكو: 1998. (باللغة الروسية)

8. بوفت غ.: من يعيش على الأرض جيداً. // موسكو: صحيفة "سيفودنيا"، 14/7/1999. (باللغة الروسية)

9. بيل غيتس: تكنولوجيا الكمبيوتر الطريق للقرن الحادي والعشرين. // HARD’n’SOFT، 1998/العدد:10. (باللغة الروسية)

10. تأثر الإنترنيت على الإقتصاد في أوروبا المعاصرة. // Henley Centre، 1999. (باللغة الروسية)

11. تقدم الـ Internet لمرحلة جديدة. // عالم الـ Internet، 1998/العدد:5. (باللغة الروسية)

12. التقرير الاستراتيجي العربي http://acpss.ahram.org.eg/ahram1/1/82001/RARB.22HTM

13. تطور الإنترنت في العالم العربي. // لندن: جريدة الشرق الأوسط، 26/6/2007.

14. حق المعرفة: التاريخ، والنظرية، والتطبيق. العدد 7-8 (43-44) تموز/يوليه، آب/ أغسطس 2000. (باللغة الروسية)

15. حوار مع د. محمد أبو الغار www.marchgonline.net/pdf%20files/char.ppt

16. الحياة الصعبة للعاطلين عن العمل. // كونفيدينت، 1998/العدد:3. (باللغة الروسية)


18. زيمين ن.: وتحرك المتسللون. // موسكو: صحيفة سيفودنيا، 3/6/1999. (باللغة الروسية)

19. ساركيسيانتس أ.: الفضاء الإلكتروني مستقبل النقود. // عالم الـ Internet، العدد: 3-4، 1998. (باللغة الروسية)

20. سيركوف ب.: جريمة الكمبيوتر في روسيا. الأوضاع الراهنة. // نظم الأمن، للبريد، والإتصالات الهاتفية. 1998/العدد: 21. (باللغة الروسية)

21. د. صابر فلحوط، أ.د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي العربي وهموم المجتمع المعلوماتي في عصر العولمة. دمشق: 2008.

22. فيكتور خارسين: هذا هو واقع الفضاء المعلوماتي. // الأخطار والأمن، 1996/العدد:6. (باللغة الروسية)

23. كوتشيتوف أليكساندر نيكولاييفيتش: المجتمع المعلوماتي. // الأكاديمية الروسية للأجهزة الحكومية التابعة لرئيس الفيدرالية الروسية. 1999، الإصدار الـ 5. (باللغة الروسية)

24. كنيازوف أ.: الـ Internet2، غصن جديد للتطور. // HARD’n’SOFT، العدد 5، 1998. (باللغة الروسية)

25. المتسللون يهاجمون نظام الدفاع الأمريكي. // كونفيدينت، 1998/العدد:3. (باللغة الروسية)

26. المتسللون لا يفلتون. // كونفيدينت، 1998 العدد:1. (باللغة الروسية)

27. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة الدولية. مقرر جامعي لطلاب الماجستير، جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية. طشقند، 2011. (باللغة الروسية)

28. أ.د. محمد البخاري: مقدمة في الإعلان والعلاقات العامة الدولية. مقرر جامعي لطلاب الماجستير، جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية. طشقند، 2010. (باللغة الروسية)

29. أ.د. محمد البخاري: الدور الجديد للإعلام العربي المرئي والمسموع. 17/2/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/02/blog-post_17.html

30. أ.د. محمد البخاري: وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أدوات فاعلة للنظم السياسية. 2/2/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/02/blog-post_4346.html

31. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي. 31/1/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_31.html

32. أ.د. محمد البخاري: العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. 29/1/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_1591.html

33. أ.د. محمد البخاري: تحديات العولمة وتكامل الإعلام العربي مع المجتمع المعلوماتي المنفتح عالمياً. 27/1/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_27.html

34. أ.د. محمد البخاري: تحديات العولمة والمجتمع المعلوماتي في الوطن العربي والدول النامية. 25/1/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_25.html

35. أ.د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. 19/1/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_4582.html

36. أ.د. محمد البخاري: العولمة الإعلامية تعني الانتقال النوعي من تقديم الخدمات الإعلامية إلى المجتمع المعلوماتي المنفتح عالمياً. 17/1/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_6885.html

37. أ.د. محمد البخاري: أهمية البحث العلمي لتطوير الأداء الإعلامي. 11/1/2010. http://muhammad-2009.blogspot.com/2010/01/blog-post_877.html

38. أ.د. محمد البخاري: تقارب وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. // دمشق: مجلة المعرفة العدد/554 كانون أول/ ديسمبر 2009. ص 266-276.

39. أ.د. محمد البخاري: خصائص التبادل الإعلامي الدولي. 6/11/2009. http://muhammad-2009.blogspot.com/2009/11/blog-post_06.html

40. أ.د. محمد البخاري: وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية كأدوات للنظم السياسية. 1/11/2009. http://muhammad-2009.blogspot.com/2009/10/blog-post_31.html

41. أ.د. محمد البخاري: الدراسات الإعلامية وتحليل المضمون الإعلامي. 24/9/2009. http://muhammad-2009.blogspot.com/2009/09/1-2.html

42. أ.د. محمد البخاري: الدراسات الإعلامية وتحليل المضمون الإعلامي. 14/9/2009. http://muhammad-2009.blogspot.com/2009/09/1-2.html

43. أ.د. محمد البخاري: رؤية مستقبلية للصحافة العربية والدولية. القاهرة: جمعية العلاقات العامة العربية APRS، الأحد 27-07-2008. http://www.aprs-info.org/

44. أ.د. محمد البخاري: دور وكالات الأنباء العالمية في تحديد أطر السياسات الخارجية. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 535/ربيع الأول 1429، نيسان/أبريل 2008.

45. أ.د. محمد البخاري: المعلوماتية وأمن الموارد الإعلامية بين التخصص والاختصاص. // دمشق: دار الدلفين للنشر الإلكتروني، 28/8/2007. http://www.albukhari.com/muhammad/

46. أ.د. محمد البخاري: العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 521/محرم 1428، شباط/فبراير 2007.

47. أ.د. محمد البخاري: العلاقات الدولية في ظروف الثورة المعلوماتية. // دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 519/ ذي القعدة 1427، كانون أول/ديسمبر 2006.

48. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي والعلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية).

49. أ.د. محمد البخاري: التفاعلات السياسية في وسائل الإعلام الجماهيرية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية).

50. أ.د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2006. (باللغة الروسية).

51. أ.د. محمد البخاري: قضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة. مقرر جامعي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، مطبعة بصمة، 2004. (باللغة الروسية)

52. أ.د. محمد البخاري: الإعلام التقليدي في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. جدة: مجلة المنهل، العدد 592/2004 أكتوبر ونوفمبر.

53. أ.د. محمد البخاري، د. دانيار أبيدوف: الخدمات الإعلامية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. دمشق: مجلة "المعرفة"، العدد 491/2004 آب/أغسطس.

54. أ.د. محمد البخاري: الجوانب الثقافية في التبادل الإعلامي الدولي وفاعليتها. في كتاب مواد ندوة ومسابقة آفاق تطور العلاقات الثنائية الكويتية الأوزبكستانية في القرن الحادي والعشرين. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2004. (باللغة الروسية)

55. أ.د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الوطني والدولي. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 18، 1424هـ، 2003م.

56. أ.د. محمد البخاري: المعلوماتية والعلاقات الدولية في عصر العولمة. // الرياض: مجلة "الفيصل"، العدد 320 صفر 1424 هـ/أبريل 2003.

57. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي في إطار العلاقات الدولية. مقرر لطلاب البكالوريوس، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2002. (باللغة الروسية)

58. أ.د. محمد البخاري: الصراعات الدولية والصحافة الدولية. في كتاب مؤتمر الكفاح ضد الإرهاب الدولي، والتطرف والحركات الانفصالية في العالم المعاصر. // طشقند: جامعة طشقند الحكومية للدراسات الشرقية، 2002. (باللغة الروسية)

59. أ.د. محمد البخاري: العلاقات العامة والتبادل الإعلامي الدولي. مقرر لطلاب الدراسات العليا (الماجستير)، معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2001. (باللغة الروسية)

60. أ.د. محمد البخاري: وظيفة التبادل الإعلامي الدولي. // طشقند: ماياك فاستوكا، العدد 1-2/2001. (باللغة الروسية)

61. أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة دبلوماسية. // طشقند: فوستوكافيدينيه، العدد 2، 2001. (باللغة الروسية)

62. أ.د. محمد البخاري: وظيفة التبادل الإعلامي الدولي. // طشقند: مياك فاستوكا، العدد 1-2، 2001. (باللغة الروسية)

63. أ.د. محمد البخاري: العولمة وطريق الدول النامية إلى المجتمع المعلوماتي (1- 6). // أبو ظبي: الاتحاد، سبتمبر/ أكتوبر 2001.

64. أ.د. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن الإعلامي الوطني. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001. صفحة 33.

65. أ.د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الاثنين 22 يناير 2001. صفحة 34.

66. أ.د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000.

67. المخابرات الأردنية في الـ Internet. // كونفيدينت، 1997 العدد:2. (باللغة الروسية)

68. المسيء خلف الحاسب الآلي. // كونفيدينت، 1998/العدد: 1. (باللغة الروسية)

69. مسيرة العلم والتكنولوجيا في إسرائيل.// القاهرة: مجلة السياسة الدولية، إبريل 2008.

70. مصر تتصدر الدول الواعدة لتقديم الخدمات التكنولوجية للشركات العالمية. // القاهرة: صحيفة الأهرام، 15/11/2009.

71. مصر أول دولة عربية تتقدم لتسجيل المواقع بالعربية على الانترنت. // القاهرة: صحيفة الأخبار، 17/11/2009.

72. معلومات وزارة التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية. عالم الـ Internet، 1998، العدد 6. (باللغة الروسية)

73. المقاتلون البروانيون ينشرون دعايتهم للحرب في الـ Internet. // كونفيدينت، 1997 العدد:2. (باللغة الروسية)

74. منال فهمي البطران: مؤشرات التطور التكنولوجي في العالم العربي. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 178/ يناير 2010.

75. موتوز و.: الأطفال والـ Internet. // كونفيدينت، 1998 العدد:1. (باللغة الروسية)

76. موقع مركز دراسات الجزيرة http://www.aljazeera.net/

77. موقع اليونسكو http://www.unesco.org/ar/home

78. مينشينينا ف.: عاصفة معلوماتية في الخليج. // كونفيدينت، 1997 العدد:2. (باللغة الروسية)

79. نظم الأمن في البريد والإتصالات الهاتفية. // العدد:21، 1998. (باللغة الروسية)

80. وارتانوفا يي.ل.: إلى أين يؤدي تقارب وسائل الإتصال والإعلام الجماهيرية. // موسكو: مركز الدراسات الإعلامية والإتصالات الجماهيرية والثقافية، بكلية الصحافة، جامعة موسكو الحكومية. (باللغة الروسية)

81. وزارة التجارة في الولايات المتحدة الأمريكية تعلن. // عالم الـ Internet، العدد: 6، 1998. (باللغة الروسية)

82. الوصول مغلق، ولكن المفاتيح موجودة. // كمبيوتيرا، 1998 العدد: 3. (باللغة الروسية)

83. يدينون نائب رئيس الجمهورية بعدم المصداقية في استخدام موارد الـ Internet. // HARD’n’SOFT، 1998 العدد:2. (باللغة الروسية)

84. يساعدك متسللو الكمبيوتر // كونفيدينت. العدد: 3، 1998. (باللغة الروسية)