تاريخ المسرح القومي الأكاديمي الأوزبكي
مبنى المسرح القومي الأكاديمي الأوزبكي
يمتد تاريخ المسرح القومي
الأكاديمي الأوزبكي، لأكثر من مائة عام، كانت غنية ورائعة. قدم خلالها عروضاً
ناجحة براقة، وقدم ممثلين وممثلات أصبحوا اسطوريين في مجال المسرح، وكرسوا حياتهم
للفن، وللنجاحات والإنجازات، وكل هذه التفاصيل محفوظة اليوم في متحف المسرح القائم
ضمن مبنى المسرح في قلب المدينة بالقرب من الساحة الخضراء.
ومن المتعارف عليه أن
للمتاحف دوراً هاماً للحفاظ على التراث التاريخي والثقافي بأي بلد في العالم، ومن
ضمنها طبعاً المسرح. ومتحف المسرح القومي الأكاديمي الأوزبكي يتمتع بخصائص متميزة لأنه
يقوم إلى جانب دوره التعريفي والتثقيفي والتربوي بوظيفة هامة أخرى يمكن من خلال معروضاته
التعريف بالديكورات، والملابس، التي استخدمت خلال الفترة الماضية من تاريخ المسرح،
لتلهم المخرجين ومصصمي الديكور والممثلين الشباب من خلال مشاهدتهم للوحات، والصور،
والإعلانات المسرحية القديمة وتوصولهم إلى مستويات أعلى من المهارة الفنية التي
وصل إليها من سبقوهم في العمل على خشبة هذا المسرح الأوزبكي العريق.
وتشمل السنوات
الطويلة من تاريخ تأسيس وتطور المسرح القومي الأكاديمي الأوزبكي مراحل عدة. ومن
بين أقدم المعروضات في المتحف هناك مواد تتحدث عن تحول المسرح من مسرح للهواة إلى
مسرح محترف، وعن تلك المرحلة التي كانت فرقة المسرح تتنقل خلالها لتقديم عروضها في
المدن الأوزبكستانية.
وقالت شريفة
غازييفا، المسؤولة في المسرح القومي الأكاديمي الأوزبكي: المعروضات المحفوظة
هنا تستعرض تاريخ المسرح. ويمكنكم هنا مشاهدة صور فوتوغرافية تحمل انطباعات عن
أكثر المسرحيات شهرة وما جرى خلف كواليس المسرح، والتعرف على كوكبة كاملة من
أساتذة الفن الموهوبين الذين أبدعوا على مسرح هذا الحرم الفني، ولمس أسرار ولادة
الروائع الفنية المسرحية... وتتحدث هذه المعروضات عن الأحداث وفق تسلسلها
التاريخي، وكلها ترتبط بالأحداث الهامة التي تركت أثراً عميقاً في تاريخ المسرح
الأوزبكي.
نبي رحيموف
ومن بين أبرز
الممثلين في المسرح نبي رحيموف، الفنان الذي ولد وترعرع بمدينة قوقند،
مدينة الشعراء، والموسيقيين، والمسخرة باظ (الفن الساخر)، ومهرة السير على الحبل،
والأسكيا (كلمات النقد اللاذع(الزجل الشعبي))، والحرفيين والفنانين المهرة،
والتجار والطباخين المهرة، منذ القدم. وطبعاً أثر كل هذا على مستقبله الفني الإبداعي.
وخطوات نبي رحيموف
المحترفة الأولى في الفن كانت على المسرح الدرامي عام 1929. وبفضل مواهبه الطبيعية
وحبه غير اللامتناهي للعمل قدم إسهاماً ضخماً لا يقدر بثمن على طريق تشكيل وتطوير
مدرسة الفنون المسرحية القومية الأوزبكية.
وخلال سنوات أعماله
الإبداعية الطويلة لعب نحو 200 دوراً كوميدياً، وعاطفياً، ومأساوياً. ولعب دور بوبو
كايفي في الدراما التاريخية "ميرزة ألوغ بيك" من تأليف م.
شايخزوده؛ ودور تروفالدينو في مسرحية "الأميرة تواندوت"
من تأليف ك. غوتستسي؛ ودور ياغو في مسرحية "عطيل" ودور
لايرت في مسرحية "هاملت" من تأليف و. شكسبير؛ ودور
بابوتشينسكي، ودور خليستاكوف في كوميديا "المفتش العام"
ودور كوتشكارييف في مسرحية "الزواج" من تأليف ن. غوغول؛
ولعب دور الشخصيات المسرحية الكثيرة التي غدت تعتبر من النماذج الكلاسيكية في الصندوق
الذهبي للفنون المسرحية القومية. وعن شهرته الواسعة ومواهبه التي استحوذت على قلوب
المشاهدين، تشهد التسجيلات التي سجلت في نهاية أربعينات القرن الماضي، والخاطرة
التي كتبها أعضاء الوفد البرلماني الإنكليزي في كتاب زوار المسرح: "نعتبر عرض
مسرحية "عطيل" من أفضل العروض. ولون خاص أعطاه للعرض المسرحي دور
نبي رحيموف. ونعبر له عن انطباعنا وانبهارنا".
ويضم المتحف الكثير
من المعروضات التي تتحدث عن أساتذة الفنون المسرحية العظام، وعن حياتهم والطريق
الإبداعي الذي لو كتب لكان كتاب من عدة أجزاء، ومن بينهم: لطف الله نازروللاييف،
وعابد جليلوف، وعالم خوجاييف، وشكر بورخانوف، وغني
أعظاموف، وأمين توردييف، وحكمت لاتيبوف، وزاكر محمدجانوف،
وزينب صدرييفا، والكثيرين، الكثيرين غيرهم من الفنانين الكبار... حتى أن كل
اسم منهم غدا أسطورة في تاريخ الفنون المسرحية الأوزبكية ، وتركوا كلهم أثراً
بارزاً في تاريخ الفنون المسرحية الأوزبكية. ولم تزل الخبرات القيمة التي كونوها
في فنون التمثيل والإخراج المسرحي محفوظة في المتحف حتى اليوم، لتغنيها الأعمال
الإبداعية للفنانين المعاصرين.
وتشغل الصور
الفوتوغرافية الكثيرة واللوحات المتعلقة بأشهر المسرحيات التي قدمها المسرح خلال
100 عام مكانة لائقة بين معروضات متحف المسرح القومي الأكاديمي الأوزبكي. وهي شاهد
على البرنامج الغني للمسرح، والحرفية العالية للمخرجين، وفناني الماكياج،
والديكور، وغيرهم من العاملين في المسرح، وشاهد على التصفيق الحاد للمشاهدين... والتعرف
على هذه المواد يجرك إلى تلك الأزمان البعيدة لتعيش مع لمحات سريعة عن الأبطال
المسرحيين، وتدفعك للتفكير، والإحساس معهم، لأنك لابد وأن تشعر مع كل صور فوتوغرافية
بمشاعر وأحاسيس الممثلين العظام آنذاك.
وخلال تاريخ المسرح الدرامي
قدمت على خشبته مسرحيات: "المكر والحب"، و"المفتش العام"،
و"فرهاد وشيرين"، و"هاملت"، و"عطيل"،
و"يوليوس قيصر"، و"علي شير نوائي"،
و"سوزاني الحرير"، و"ابنة الغانج"، و"ميرزة
أولوغ بيك"، و"القيصر إديب"، والكثير، الكثير غيرها.
وفي نهاية سبعينات
القرن الماضي قدم المسرح عدة عروض، أظهرت الطابع القومي للشعب الأوزبكستاني. ومن
أشهرها كانت مسرحيات "انتفاضة الكنائن" التي أعدت من الكوميديا
التي كتبها س. أحمد. واستمر عرضها بنجاح خلال 18 موسماً مسرحياً على
التوالي. واستمدت أسباب نجاحها من أهمية القضايا التي تناولتها، وتميز شخصياتها،
النابعة من الحياة، واستخدامها لعناصر المسرح الشعبي.
وبعد حصول أوزبكستان
على الإستقلال، بدأت مرحلة جديدة تماماً في تاريخ المسرح القومي الأكاديمي
الأوزبكي. وبموجب قرار الرئيس إسلام كريموف الصادر بتاريخ 21/9/2001 حصل
المسرح على اسمه الحالي وصفة المسرح القومي. وجاءت المرحلة الراهنة من تطوره بحرية
وضع برنامجه المسرحية، واستقلاله بتعدد أشكاله التنظيمية، إضافة للجهود المبذولة لتلاؤم
تقاليد المسرح القومي الأوزبكي مع منجزات الثقافة المسرحية العالمية...
وقالت فنانة الشعب
الأوزبكستاني توتي يوسوبوفا: تاريخ مسرحنا، يمثل مرحلة كاملة من الفنون
المسرحية في البلاد، وواجب دراستها يقع على عاتق الشباب، الحالمين بالمسرح. ودراسة
من كانوا أساتذة الفن الحقيقيين ؟ وأي ادوار أدوها ؟ وما الذي جرى في المسرح
الدرامي خلال 100 عام ؟ وعندها يحصل الممثلون والمخرجون الدراميون الشباب على
أجوبة لهذه الأسئلة، سيكونوا مستعدين للحياة والعمل من أجل الفن. ويمكن أن يساعدهم
متحف المسرح في أعمالهم غير السهلة.
وفي الألبوم الذي صدر
بهذه المناسبة أشير إلى أنه: من دون شك خلال العام الجاري تفتح صفحة جديدة في
تاريخ الفن المسرحي القومي. وبقرار من قائد الدولة عن "الاحتفال بمرور 100
عام على تأسيس المسرح القومي الأكاديمي الأوزبكي" الصادر بتاريخ 22/1/2014 تجري
استعدادات واسعة للإحتفال بهذه المناسبة. وفي إطار هذه الأعمال بدأت أعمال ترميم
وإعادة تصميم مبنى المسرح ومتحفه. كما يجري تصوير فيلم وثائقي عن حرم الفنون المسرحية
هذا، والتي ستكون موجودات متحف المسرح، إلى جانب ما يحتفظ به حتى اليوم أرشيف مؤسسة
السينما الأوزبكية، وأرشيف التلفزيون الأوزبكي، وغيرها مادة جيدة لهذا الفيلم.
ترجمها في طشقند
بتاريخ 15/6/2014، أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية (DC)
تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور
العولمة؛ ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة، بروفيسور، متقاعد. بتصرف
نقلاً عن مقالة: ساردار تاجييف، التي نشرتها وكالة أنباء UzA، بتاريخ 14/4/2014