مدى الضغط اللازم لتحقيق التآلف الاتصالي
مدى
الضغط اللازم لتحقيق التآلف الاتصالي
كتبها: أ.د. محمد البخاري.
ونتيجة
لبحث أجراه تاننباوم على 405 من طلبة الجامعة، وشمل:
-
معلوماتهم واتجاهاتهم نحو المصادر التالية:
-
القادة العماليون؛
-
صحيفة شيكاغو تربيون؛
- السيناتور
روبرت تافت.
-
ونحو المواضيع التالية:
-
القمار المشروع؛
-
الفن التجريدي؛
-
برامج الدراسة الجامعية السريعة.
قام
بعد فترة وجيزة من حصوله على المعلومات عن اتجاهاتهم، بتوزيع قصاصات صحف على
العينة، تتضمن مواد إعلامية، ومفاهيم متعددة المصادر. فكانت النتيجة أنه:
-
حين كانت الاتجاهات الأصلية من المصدر والمفهوم إيجابية، وكانت المادة الإعلامية
إيجابية، لم يحدث تغيير كبير في الاتجاهات.
-
وحين كانت الاتجاهات الأصلية من المصدر والمفهوم سلبية، وكانت المادة الإعلامية
سلبية لم يحدث أي تغيير.
ولكن
الذي حصل وكما كان يتوقعه تاننباوم، حين يأتي تصريح إيجابي من مصدر إيجابي عن
مفهوم سلبي، فإن النتيجة تضعف من تأييد الفرد للمصدر، ويعوض عنه بتأييده المفهوم،
وعلى العكس من ذلك، فعندما يأتي تصريح إيجابي من مصدر سلبي عن مفهوم إيجابي، فإن
النتيجة تحسن الاتجاه نحو المصدر ويضعف من تأييد المفهوم.
مدى الضغط اللازم لتحقيق التآلف:
يتناسب
الاستعداد لتغيير الاتجاه عكسياً مع مدى وقوة الضغط الموجود. ولا يأخذ هذا المبدأ
في الاعتبار نوعية العلاقات بين المواضيع التي نحكم عليها، لأنه عاجز عن التفرقة
بين التحركات في اتجاه يزيد التضاد، والتحركات التي تقلل التضاد، حتى ولو افترضنا
أن المتلقي يصدق تماماً الرسالة الإعلامية.
لأن
نواحي القصور في مبدأ التآلف تشمل:
1-
مبدأ مقيد بموضوع لأنه يدور دائماً حول مادة إعلامية تربط بين متغيرين مما يجعل
التنبؤ صعباً.
2-
لا يشير المبدأ إلى أهمية متغيرات معينة متصلة بالمتلقي.
3-
يتجاهل المبدأ التأثير الذي تحدثه عملية اتصال الفرد بذاته وبالمصدر والموضوع،
خاصة وأن اهتمام الفرد بالموضوع له دور هام في تحديد مدى استجابة كل العناصر في
الظرف الاتصالي.
نموذج التعارض في المعرفة:
قدم
ليون فستنجر نموذج يعتمد على مفهوم الاتفاق السيكولوجي، ويفترض أن الإنسان يعمل
على جعل اتجاهاته تتفق مع بعضها البعض ومع سلوكه الشخصي، وأن العلاقة بين ما يعرفه
الفرد والطريقة التي يتصرف بمقتضاها، ليست بسيطة لأن الناس بشكل عام يتصرفون بطرق
تتفق مع ما يعرفونه، فإذا أحس الفرد بأن هناك خطراً يتهدده، فإنه سيلتزم الحذر دون
شك، وكذلك إذا علم بوجود مدرسة أفضل من غيرها فسيرسل ابنه إلى المدرسة الأفضل.
ولكن
كثيراً ما يحدث تعارض وتنافر بين تصرفات الفرد وما يعرفه وفي هذه الحالة فسوف تبدأ
عمليات سيكولوجية هدفها تقليل هذا التعارض والتنافر.
ومن
الملاحظ دائماً أن بعض الأفراد يحاولون بين الحين والآخر تبرير السلوك الذي أقدموا
عليه، كأن يقول الطالب الذي حضر لأجل الامتحان كثيراً أن هذا الامتحان هام جداً،
مبرراً الجهد الإضافي الذي حمله لنفسه دون مبرر.
وأن
يسهب الوالد الذي ألحق ابنه بمدرسة معينة، بمدح مزايا المدرسة التي اختارها لابنه،
مبرراً النفقات التي حملها نفسه دون مبرر، بما معناه أن الفرد يعمل على التقليل من
التعارض بين الحقيقة والسلوك الذي أقدم عليه بتضخيم الجوانب التي تتفق مع سلوكه
هذا.
وهنا
نستطيع القول بأن الإنسان لو أخذ بعين الاعتبار المعلومات المتوفرة لديه والتي
تمنعه من القيام بسلوك معين، لامتنع عنه. ولكنه عندما يقدم على تصرف يتناقض وتلك
المعلومات، فسيحدث نوع من التنافر والتناقض بين ما يعرفه وبين سلوكه، وفي هذه
الحالة فسوف يعمل على التقليل من هذا التناقض عن طريق تغيير سلوكه أو معتقداته
وآرائه أي أن يبرر أفعاله.
وتوصل
فستنجر إلى جملة من النتائج الهامة نلخصها في:
1-
أن التنبؤ بأية عملية تنطوي على اتخاذ قرار أو أي اختيار بين بدائل، ستؤدي إلى
حدوث حالة من التناقض، خاصة إذا تضمن البديل الذي لم يتم اختياره خصائص إيجابية
تجعله مرغوباً به. أو تضمن البديل الذي تم اختياره خصائص سلبية كانت يمكن أن تؤدي
لرفضه. لهذا يلجأ الإنسان عادة بعد اختيار البديل للبحث عن أدلة تدعم القرار الذي
اتخذه، بهدف التقليل من حالة التناقض والتنافر التي وقع فيها.
2-
وأن حالة التنافر والتناقض التي تنشأ بعد اتخاذ القرار تجعل مزايا البديل الذي تم
اختياره تزيد، ومزايا البديل الذي لم يتم اختياره تقل. مما يدفع الفرد إلى تضخيم
مبررات قراره، ويجد من يساند مبرراته.
وحدد
فستنجر ثلاثة أنواع من العلاقات بين عناصر المعرفة لدى الإنسان، وهي:
1-
قد لا تكون هناك علاقة بين عناصر معرفة الإنسان؛
2-
قد تكون هناك علاقة اتفاق بين عناصر معرفة الإنسان؛
3-
قد تكون هناك علاقة تعارض وتنافر بين المواضيع التي يعرفها الإنسان.
ورأى
فستنجر أن التعارض ينشأ عن أحد الأسباب التالية:
1-
وجود تعارض أو عدم اتفاق منطقي: ويحدث عندما تبرز معلومة أخرى بشكل منطقي، كالفناء
والحياة.
2-
الأنماط الثقافية الشعبية التي يقبلها الناس دون نقاش: لأنها تعكس وجهات النظر
الأخلاقية الأساسية للجماعة.
3-
شمولية الرأي: عندما يتواجد اختلاف بين معرفة محددة لدى الإنسان، ومعرفة أكثر
شمولية.
4-
التجربة السابقة. ويتم التقليل من التنافر والتناقض، عن طريق:
1-
تغيير السلوك؛
2-
التأثير على الجانب المتصل بالظروف المحيطة؛
3-
إضافة عناصر معرفة جديدة. ويحدث التعارض والتنافر في المعرفة من خلال أربعة ظروف
اتصالية، هي:
1-
ظرف اتخاذ القرار: وينشأ التنافر والتناقض نتيجة لاتخاذ قرار معين، استجابة لثلاثة
عوامل، وهي:
1-
زيادة التنافر والتناقض مع ازدياد أهمية القرار المتخذ.
2-
زيادة التنافر والتناقض كلما قلت جاذبية البديل الذي تم اختياره، وكلما زادت
جاذبية البديل الذي لم يتم اختياره.
3-
ويقل التنافر والتناقض كلما تماثلت عناصر المعرفة عن الموضوع.
المقالة التالية ظرف التعرض الانتقائي للمعلومات