التأثيرات الداخلية والخارجية لعملية الاتصال
التأثيرات الداخلية والخارجية لعملية الاتصال
كتبها: أ.د. محمد البخاري.
نموذج بارنلند، للاتصال بين فردين:
سبق
وأشرنا عند استعراضنا لنموذج بارنلند للاتصال الذاتي عن أن عملية الاتصال من وجهة
نظره هي عملية دائرية، وأنه لا يهتم بالعناصر البنائية للاتصال بقدر اهتمامه
بالعلاقات الوظيفية التي تحكم الجوانب التكوينية والقالب الاجتماعي الذي يحدث فيه
التفاعل. وتناولنا مدى اهتمام بارنلد بالدلالات المتنوعة التي تصنع التأثيرات
الداخلية والخارجية.
أما
في نموذجه عن الاتصال الشخصي بين فردين، فعملية الاتصال تزداد تعقيداً. وتتضمن
ثلاثة إطارات من الدلالات متصلة كلها بالظروف المحيطة، والظروف السلوكية، والظروف
اللفظية، ويجب مراجعتها لإضفاء معان عليها، ومقارنتها حتى يقدم كلاُ من الفردين
على الاستجابة المناسبة، وهي:
-
دلالات خاصة،
-
ودلالات سلوكية غير لفظية،
-
ودلالات سلوكية لفظية.
وبما
أن الهدف من عملية الاتصال هو تقليل عدم اليقين، فإن لكل دلالة قيمة معينة في
تحقيق هدف الاتصال. ويتطلب من الإنسان أن يبقى دائماً مستعداً لتلقي الدلالات
المتوفرة، وتعديل معانيها حتى تتكون لديه صورة متكاملة عن الظرف الاتصالي.
ولهذا
يصبح التكيف مع الظروف هو معيار الاتصال الوظيفي الذي يتضمن الاتجاه للتفكير وفقاً
لدرجات متنوعة ونسب متغيرة، واعتياد العمل أو التصرف مؤقت مع إدراك واع للتأثير
المقيد أو المشروط بالزمان والمكان والأفراد والظروف والتطلعات والتوقعات، والتقدير
العاطفي للمشاعر المتنوعة وما تبقيه تلك المشاعر من خلال عملية الاتصال.
وما
تعتبره بعض الدراسات الأكاديمية خطأ في الحكم، أو انهيار لعملية الاتصال، أو
اضطراب الشخصية، ما هو إلا نوع من الإهمال الاتصالي، عرف بقانون الظرف الكلي، أي
الدرجة التي يستطيع أو لا يستطيع الفرد بمقتضاها الاستجابة للظرف الكلي.
فالفرد
قد لا يرى الدلالات الهامة الموجودة في الظروف المحيطة، وقد يحرف الدلالات اللفظية
وغير اللفظية التي تعرض لها، وقد يعجز عن مراجعة الافتراضات غير الملائمة عن
المكان والزمان، فإذا حدث ذلك سيكون صعباً أو مستحيلاً على الفرد إدراك المعاني
التي ستسمح له المشاركة بالعمل بشكل فعال.
وأخذ
قانون الظرف الكلي في الاعتبار أو إهماله، أمر يمكن إثباته من خلال عمليات الاتصال
البشري بكل مستوياتها، وإن كانت بين شخصين، أو أكثر. وهذا الإهمال الاتصالي موجود
ويحدث في كل مكان وزمان ومع كل إنسان.
نموذج وستلي وماكلين:
يعتبر
نموذج وستلي وماكلين ملائماً للاتصال الشخصي بين فردين، والاتصال الجماهيري.
وينقسم هذا النموذج إلى أربعة مستويات، هي:
1-
التركيز على وضع الفرد نفسه بين الأحداث والأشياء من حوله. وقد يكون الفرد هذا
مراسلاً صحفياً، يختار ويكتب عن أحداث وأشياء لا حصر لها. ومن الطبيعي أنه لن
يستطيع التأثر بكل المعلومات، ولا يستطيع استيعاب كل الأحداث التي تدور من حوله،
لأن قدراته كفرد محدودة. لهذا فإنه سيلجأ إلى التجريد وتحديد المعلومات التي
سيأخذها. فتنتقل هذه المعلومات إليه عن طريق حواسه كالسمع والبصر بشكل مباشر،
ويختار منها المعلومات التي يعتبرها صحيحة وتدرب على سماعها ورؤيتها وسماعها،
وتناسبه وتلبي حاجاته وتساعده على حل مشاكله.
2-
ويركز على المصدر الذي قد يكون فرد أو جماعة أو نظام اجتماعي، والمتلقي الذي يتأثر
بوجود المصدر والأحداث والأشياء. فينقل المصدر للمتلقي معلومات إضافية بحكم وجوده،
ويوفر المتلقي للمصدر راجع صدى، (تأثير مرتد)، يحيطه علماً بتأثير رسالته
الإعلامية، ووجهة نظر المتلقي الأصلية من موضوع الرسالة.
3-
ويتعلق باختيار المصدر لمعلومات غير متوفرة لدى المتلقي وتشبع احتياجاته. وينقله
عبر وسيلة اتصال مناسبة، وإلا أعرض المتلقي عن المصدر. والصحفي الناجح الذي يعرف
كيف يشبع رغبات الجمهور الإعلامي ويجذب اهتمامهم. بينما تحتاج الدولة لشبكة معقدة
من المراسلين، وهم طبعاً رجال السلك الدبلوماسي، لنقل المعلومات اللازمة التي
تساعد على تخطيط السياسة الخارجية للدولة.
4-
ويركز على الرسالة الإعلامية التي يعتبرها النموذج:
هادفة: والتي تسعى إلى
تعديل إدراك المتلقي والتأثير عليه.
وغير هادفة: لا يسعى
القائم بالاتصال من خلالها للتأثير على المتلقي.
وهذا
أمر هام جداً لتفسير عمل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، على ضوء راجع الصدى
المقصود، وغير المقصود الذي تحدثه الرسالة الإعلامية، أو الوسيلة الإعلامية، أو
القائم بالاتصال.
نماذج الاتصال الجماهيري:
عندما
يزداد عدد متلقي الرسالة الإعلامية بشكل كبير، تحدث تغييرات جذرية في عملية
الاتصال، ولابد للقائم بعملية الاتصال في هذه الحالة من التكيف معها ومواجهتها،
ومن أهم هذه المتغيرات:
نقص
التفاعل بين المرسل والمتلقي،
والمتغيرات
التي تطرأ على طبيعة راجع الصدى من الجمهور الإعلامي.
ونتيجة
لثورة وسائل الاتصال الإلكترونية الحديثة (نقل ترددات البث الإذاعي المسموع
والمرئي عبر الأقمار الصناعية، وشبكات الانترنيت العالمية) زاد استخدام الاتصال
الجماهيري، وأصبحنا جميعاً نستخدم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، مما فرض
علينا أن نعرف خصائصها وطبيعتها وكيف تؤثر علينا.
المقالة التالية من النماذج الهامة للاتصال الجماهيري