الأحد، 30 أغسطس 2009

الجزيرة العربية وبلاد الشام في سياسة المصالح الخارجية للدول المنتصرة في الحرب


الجزيرة العربية وبلاد الشام في سياسة المصالح الخارجية للدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى

مخطط البحث:
تمهيد:
بدايات ما يعرف بالمسألة الشرقية:
الأوضاع الاقتصادية في الولايات العثمانية العربية:
بدايات الاستعمار الاستيطاني:
الصراع الأوروبي الأمريكي للسيطرة على الثروات الباطنية في الولايات العربية:
المراجع المستخدمة في البحث:
الهوامش:


تمهيد: لم تكن لإنكلترة طموحات للتوسع التجاري نحو الشرق، كما كانت الحال بالنسبة لإسبانيا، وفرنسا، والبرتغال الذين أخذوا يتثبتون في الجزر والشواطئ على الطريق المارة برأس الرجاء الصالح إلى الهند وجنوب الشرق الأقصى. ويشير سير ريدر بولارد Sir Reader Bullard إلى أن التجار الإنكليز بدءوا تجارتهم مع الجزر اليونانية وسورية اعتباراً من عام 1511م، حيث كانوا يستوردون الزبيب من اليونان، والتوابل والحرير الخام والنسيج من سورية، وفي نفس الوقت كانوا يبذلون قصارى جهدهم لإيجاد أسواق لمنسوجاتهم الصوفية الفائضة عن حاجة السوق الإنكليزية تجنباً لتصدير الصوف الذي قد يخلق لهم مزاحمة من إنتاج الأنسجة الصوفية في الدول الأخرى.
[1]
الانتصار في الحرب العالمية الأولى أفسح الفرصة لبريطانيا وفرنسا وللمرة الأخيرة في التاريخ من أجل توسيع إمبراطوريتهما الاستعماريتين. والتوسع الأكبر على حساب الأملاك العربية للدولة العثمانية المهزومة، ولكن التثبت على تلك الأراضي واجه التناقضات بين الحلفاء داخل الأنتانتا، التي أعادت للأذهان التنافس الاستعماري الذي كان أكثر حدة بالنسبة لموضوع سورية ولبنان. الدور الكبير في هذه القضية لعبته الحركة القومية العربية، التي نمت من الانتفاضة المعادية للأتراك 1916– 1918، المرتبطة باسم الأمير فيصل (1885 – 1933).
[2] المقالة تتناول العلاقة بين "المثلث" بريطانيا العظمى، فرنسا ودورهما في العلاقات البريطانية الفرنسية بشكل عام.
وكانت فرنسا قد حصلت من السلطان العثماني على معاهدة عام 1535 منحتها امتيازات تجارية على الأراضي العثمانية. سرعان ما استفادت منها الدول الأخرى، حيث تبعتها العلاقات التجارية الإنكليزية مع الدولة العثمانية عام 1553 عندما حصل التاجر الإنكليزي أنتوني جنكسون Antony Jenkinson على رخصة من السلطان العثماني تتيح للتجار الإنكليز المتاجرة على الأراضي العثمانية بنفس الشروط التي كان يتاجر بها على تلك الأراضي تجار فينسيا، وفرنسا مدشناً عصراً طويلاً من التنافس الأوروبي الأوروبي على احتكار التجارة مع الدول الشرقية. وهو نفسه الذي اقترح على إنكلترة التوسع بالتجارة مع البلاد الواقعة شرق سورية بعد عودته من جولة شملت موسكو، وقزوين، وأستراخان، وبخارى عام 1557. وتبعت تلك الخطوة خطوة أخرى عام 1578 قام بها تجار لندن الذي أرسلوا مندوباً عنهم إلى الأستانة عبر طريق برية بعيدة عن عيون مزاحمي التجارة الإنكليزية في البحر الأبيض المتوسط. ورغم الجهود المعادية الواضحة من قبل السفير الفرنسي في الأستانة، عاد ذلك المبعوث إلى لندن حاملاً رسالة من السلطان مراد إلى الملكة اليزابيث تتضمن تأكيدات كافية تسمح للتجار الإنكليز بالتجارة على الأراضي العثمانية بنفس الشروط التي كان يتمتع بها آنذاك التجار الفرنسيين، والفينيسيين، والبولونيين، والألمان.
وفي عام 1581م منحت الملكة إليزابيث أولئك التجار حق احتكار المتاجرة في بلاد السلطان العثماني، الذي اعتبر بداية إنشاء شركة الشرق Levant Company، واستمرت في عملها حتى عام 1825 رغم المعارضة الشديدة التي واجهتها في عام 1605 للتوسع في أهدافها لتشمل أهداف سياسية إضافة للأهداف التجارية التي قامت على أساسها، اثر الجهود الناجحة التي قامت بها وأقنعت الباب العالي العثماني بعدم عقد معاهدة عدم اعتداء مع إسبانيا الذي لو تمت لمكن الإسبانيين من سحب قواتهم المرابطة على الحدود العثمانية لاستخدامها في حرب الأرمادا ضد الإنكليز في عام 1588م، حيث أصبح القناصل الإنكليز تابعين عملياً للشركة حتى عام 1841، وقيامها علاوة على ذلك باستخدام رجال الدين المسيحي لخدمة الجاليات الإنكليزية في الدولة العثمانية ومن بينهم كان المستشرق وأستاذ اللغة العربية بجامعة أكسفورد القس إدوارد بوكوك Rev. Edward Pocock الذي أمضى بمدينة حلب خمسة أعوام في خدمة الجالية الإنكليزية.
واستخدم الإنكليز قناصلهم في سورية في أعمال الدراسة والاستطلاع، حيث نظمت رحلة ثانية ترأسها روبرت نيوبري Master Robert Newberry انطلقت عبر الطريق البرية من حلب إلى البصرة، ومنها إلى جزيرة هرمز، ومنها إلى بندر عباس في الخليج، وقفل عائداً إلى العاصمة العثمانية عبر بلاد فارس، حيث وصل إنكلترة بعد عامين من الرحلة. وساعدت تقارير أولئك الرحالة التوسع الإنكليزي في الشرق لأنها تضمنت ليس المعلومات التجارية وحسب بل والمعلومات الهامة التي وصفت حالة طرق المواصلات، ومعتقدات وعادات وتقاليد سكان المناطق التي مروا عبرها. وتطرقت تلك التقارير وللمرة الأولى ذكر البترول الذي كان يسمى وقتها "زيت باكو" الذي دخل رأس المال الإنكليزي في مجال استثماره بعد عدة قرون من تلك التقارير التي كتبها الرحالة آنذاك، بعد أن كانت تركز على جمع وزراعة وتصدير عرق السوس، والتبغ. من القوقاز، وبلاد الأناضول، وسورية، والعراق.
وما أن حل عام 1600 حتى منحت الملكة إليزابيث شركة شرق الهند حقوق احتكار التجارة مع الدول الشرقية كلها، لينتهي عهد احتكار الإسبان، والبرتغال لتجارة أوروبا مع الشرق، وليبدأ النفوذ الإنكليزي يتوطد في الشرق الأوسط حماية لطرق المواصلات المصالح الإنكليزية المتصاعدة في الشرق. ومنذ ذلك التاريخ قامت بعثتين تجاريتين بحريتين بالإبحار في مياه البحر الأحمر، الأولى عام 1609 بقيادة جون جوردون John Jourdain وصلت ببضائعها من الحديد والقصدير والرصاص والصوف إلى العاصمة اليمنية صنعاء. والثانية خلال عامي 1610 و1611 بقيادة هنري مدلتون Sir Henry Middlton انتهت بمواجهة مع حاكم ميناء المخا بسبب مخالفة بحارة مدلتون للتقاليد المحلية وتعرضهم للنساء وتدنيسهم للمساجد واحتساءهم الخمرة.
ومع ازدياد المصالح التجارية البريطانية في المنطقة قامت شركة شرق الهند بتأسيس مصنع لها في البصرة، أعقبه بعد زوال المصالح البرتغالية منها عقد معاهدة دولية ثلاثية عام 1770 اقتسمت بموجبها السفن الفرنسية بحراسة طرق الملاحة في الخليج، والسفن الهولندية في البحر الأحمر، والإنكليزية في بحر العرب، متجاهلين الدولة العثمانية تماماً. بينما اقتصر الصراع بين إنكلترا وروسيا على مناطق النفوذ في الدولة الصفوية "إيران".
[3]
بدايات ما يعرف بالمسألة الشرقية: تركزت جهود الدول الأوروبية مع نهاية القرن السابع عشر على ضمان السيطرة على أقصر الطرق وأرخصها للتجارة مع الدول الشرقية. وبعد فشل محاولة الإنكليز فتح طريق تجارية برية عام 1698 عبر مصر بسبب رفض الباب العالي إبحار السفن الأجنبية في البحر الأحمر لأسباب اقتصادية ودينية. واستمر هذا المنع إلى عام 1776 عندما فرض زعيم المماليك علي بيك استقلاله على الدولة العثمانية، وفتحة لميناء السويس أمام الأجانب، إلا أن الإنكليز قرروا عدم الاستجابة للوضع الجديد في مصر خوفاً من غضب السلطان العثماني. خاصة وأن فرنسا آنذاك كانت تسعى لتعزيز صداقتها مع السلطان العثماني للحفاظ على ازدهار تجارتها مع الدول الشرقية.
ولإعاقة تثبت الإنكليز في المنطقة قام الفرنسيون باحتلال مصر عام 1798 لتدشن بذلك الصراع الفرنسي البريطاني في الشرق الأوسط، أو مسألة "سد الفراغ الحاصل نتيجة تقلص الإمبراطورية العثمانية عن الحدود التي وصلت إليها في أوج توسعها" نتيجة لحروبها مع النمسا، ومع روسيا.
[4]
ولما كان الهدف من التحالف الفرنسي العثماني هو إبعاد بريطانيا عن الأخيرة. فقد دفع هذا الوضع ببريطانيا لعزيز تعاونها مع روسيا، إلا أن هذا التعاون الذي أسمر عن انتصار البحرية الروسية بمساعدة ضباط بريطانيين على العثمانيين في البحر الأسود، وفرض معاهدة كاينارجي عام 1774 على العثمانيين. وهي المعاهدة التي عززت من النفوذ الروسي في البحر السود وسمحت للروس تحت غطاء حماية الأرثوذكس من التدخل في الشؤون الداخلية العثمانية. أثار مخاوف بريطانيا بعد إعلان الإمبراطورة الروسية كاترين عن نيتها إخراج الأتراك من القسطنطينية وإحياء الإمبراطورية البيزنطية تحت التاج الروسي، والهجوم الذي قامت به القوات الروسية على شبه جزيرة القرم بعد تلك المعاهدة ببضع سنوات. ودفعها لاتخاذ سلسلة من الإجراءات دفاعاً عن مصالحا في المنطقة ومنها قرار الحكومة البريطانية بمنع البحارة البريطانيين من الخدمة في الأسطول الروسي.
وهيأت الحملة الفرنسية على مصر الظروف لعقد تحالف بريطاني عثماني ضد الفرنسيين، ساعدت بموجبه بريطانيا العثمانيين للانتصار على الحملة الفرنسية عند أسوار عكا، مجبرة القوات الفرنسية بالعودة إلى مصر. ولكن سرعان ما تصدعت العلاقات العثمانية البريطانية بسبب محاولة الأسطول البريطاني دخول بحر مرمرة. أما في مصر فقام محمد علي باشا الذي عين حاكماً على مصر بإعداد جيش قوي انتصر على القوات البريطانية التي حاولت احتلال مصر، ونتيجة لفشلها قامت باحتلال جزيرة بريم عند مدخل البحر الأحمر، ومنها انتقلت إلى عدن في محاولة منها لمواجهة الخطر الفرنسي الذي بات يهدد مصالحها في الهند. وبدأت بريطانيا تهتم جدياً بتحسين وضعها في الخليج، وإثر مساندة سلطان مسقط للبريطانيين عام 1793 ضد الفرنسيين والهولنديين، وقعت الدولتان في عام 1800 معاهدة مكتوبة سمح لبريطانيا بموجبها بتأسيس مقر للمثل سياسي بريطاني في مسقط، ولتعاون الجانبين في مسح شواطئ الخليج بحثاً عن قراصنة البحر الذين كانوا يستولون على السفن التجارية التابعة لشركة شرق الهند.
وبعد استقلال اليونان عن الدولة العثمانية عام 1832 إثر تعاون الأساطيل الفرنسية والروسية والبريطانية لتدمير الأسطول العثماني في موقعة نافارينو، وانسحاب جيش محمد علي باشا من اليونان بعد تهديد الأسطول البريطاني له بضرب الإسكندرية إن لم ينسحب.
[5] أعلن محمد علي باشا الحرب ضد السلطان العثماني، وكادت قواته أن تحتل الأستانة. ونتيجة للأوضاع الجديدة التي ساند الفرنسيين فيها محمد علي باشا، وامتنع البريطانيون عن مساندة السلطان العثماني إرضاء لخاطر فرنسا اضطر السلطان العثماني للسماح بإنزال قوات روسية في البوسفور لمواجهة خطر الأسطول البريطاني الذي كان راسياً آنذاك في الدردنيل، ووقع معها معاهدة أنكير اسكليسي عام 1833 التي أعطت روسيا حق التدخل بالشؤون الداخلية للدولة العثمانية. واستمرت تلك الحال إلى أن أجبر محمد علي باشا بالانسحاب إلى مصر نتيجة لضغوط بريطانيا العظمى، وروسيا، والنمسا، وبروسيا، الدول التي وقعت اتفاقية لندن لعام 1840 مع الدولة العثمانية.[6]
وكانت بريطانيا العظمى قبل ذلك قد استفادت من حملة محمد علي باشا على شبه جزيرة العرب، واتجاه قوات إبراهيم باشا نحو اليمن، فأسرعت بإرسال قواتها لاحتلال ميناء عدن عام 1830، وجزيرة بريم عام 1857، وأخذت بريطانيا العظمى كغيرها من الدول العظمى توسع من احتلالها لمناطق أخرى في بحر العرب والخليج والبحر الأحمر في الوقت الذي كانت فيه الاستعدادات تجري لشق قناة السويس.
وأدى خوف بريطانيا العظمى من اندلاع حرب أوروبية تهدد طرق مواصلاتها مع الهند نتيجة لانهيار محتمل للدولة العثمانية إلى اعترافها بحقوقها الإقليمية، وعملت على مساعدتها للحفاظ على تلك الحقوق، حفاظاً على مصالحها، واتساع تجارتها إثر توقيعا لمعاهدة عام 1838 التجارية في الدولة العثمانية التي وجدت بريطانيا العظمى فيها سوقاً مربحة لمنتجاتهم، ومصدراً وفيراً للمواد الخام الرخيصة.
[7]
إلا أن بريطانيا العظمى عادت وأرسلت بوارجها الحربية مع البوارج البحرية الفرنسية والروسية والبروسية وعدد من الدول الأخرى إلى ميناء بيروت، وأنزلت فيه قوة فرنسية تحت غطاء دولي بحجة حماية المسيحيين في لبنان ودمشق إثر الاضطرابات الطائفية التي جرت هناك. وأجبرت الدولة العثمانية على منح لبنان حكماً ذاتياً تحت إدارة حاكم عثماني عام ينتخب من قبل المسيحيين، وتوافق الدول العظمى عليه.
ووضع احتلال جزيرة قبرص، ومن ثم مصر نهاية للصداقة العثمانية البريطانية، بدأن الدولة العثمانية تبحث عن حليف قوي تعتمد عليه في علاقاتها الأوروبية فلم تجد أمامها سوى ألمانيا التي أوفدت فون درغولتز في عام 1882 لإعادة تنظيم الجيش العثماني، وتعززت تلك الصداقة بعد زيارة الإمبراطور الألماني وليم الثاني للدولة العثمانية عام 1889، وفي عام 1898 عندما وقف أمام قبر صلاح الدين الأيوبي معلناً صداقته الأبدية للعالم الإسلامي. ومنح السلطان العثماني شركة سكك حديد الأناضول التي يملكها الألمان امتياز مد خط للسكك الحديدية من قونية إلى الخليج عام 1902. وكان من المقرر أن يصل هذا الخط إلى ميناء البصرة، ومنها إلى نقطة معينة على الخليج، ولهذا حاولت الدولة العثمانية إخضاع شيخ الكويت لسلطتها. إلا أن شيخ الكويت آثر الاتفاق مع البريطانيين عام 1899 على حماية شؤونه. بينما اعتبرت بريطانيا العظمى، وروسيا ، وفرنسا ذلك الخط الحديدي تهديداً مباشراً لمصالحها في الخليج. وفي الوقت الذي أعلن فيه وزير الخارجية البريطاني عام 1903 أنه: "يجب أن يعتبر تأسيس أية قاعدة بحرية، أو أي مركز محصن، في الخليج الفارسي، من قبل أية دولة من الدول، تهديد خطير لمصالحنا".
[8] نرى أن روسيا قد سحبت اعتراضها على مد الألمان لسكة حديد بغداد مقابل اعتراف ألماني بالمصالح الروسية في إيران.
وفي عام 1914 عقدت الدولة العثمانية حلفاً مع ألمانيا. وأعطت بريطانيا وفرنسا في نفس العام لألمانيا جميع الضمانات التي تؤمن مصالحا في المنطقة. وطبعاً هذا لم يكن بتلك السهولة، بل جاء عقب مفاوضات دامت سنوات بين الأطراف وشملت الوضع القانوني للمؤسسات البريطانية الدينية والتعليمية في الدولة العثمانية، وموقف السلطان العثماني من القروض التي تحصل عليها مصر، ومشاكل الحدود الإيرانية العثمانية، وحقوق الملاحة في نهري دجلة والفرات، والوضع الراهن في الكويت، وبذلك توصلت بريطانيا العظمى لاتفاق يحمي مصالحها ويبعد ألمانيا عن الخليج. واستقرار التعاون الألماني البريطاني في مجال النفط عندما حصلت شركة النفط التركية التي تمتلك بريطانيا ثلاثة أرباعها، وألمانيا الربع المتبقي على وعد من الصدر الأعظم بمنحها امتياز جميع الحقوق المتعلقة بالنفط في ولايتي بغداد والموصل.
[9]
وقبل إعلان الحرب العالمية الأولى بدأت اتصالات بين الشريف حسين
[10]، شريف مكة، واللورد كشنر في القاهرة، قام بها عبد الله بن الحسين. واستهدف الشريف حسين من تلك الاتصالات معرفة موقف الحكومة البريطانية من العرب فيما لو أعلنوا الثورة على العثمانيين الأتراك. وتنفيذاً للسياسة التقليدية البريطانية التقليدية التي كانت تقضي بإبقاء الكيان العثماني دون تصدع أجاب اللورد كشنر جواباً غير مشجع. غير أن تلك الاتصالات والمحادثات أخذت شكلاً هاماً بعد ذلك بقليل.
وما أن بدأت الحرب العالمية الأولى حتى أعلنت بريطانيا العظمى الحماية على مصر، وضم قبرص لإمبراطوريتها، وقام الجيش البريطاني باحتلال مناطق من الاسكندرونة شمال ولاية سورية لقطع خطوط المواصلات العثمانية التركية مع العراق ومصر، ولكن هذا التصرف البريطاني لم يعجب فرنسا التي كانت تعتبر سورية من مناطق نفوذها وتسعى لإبعاد الجميع عن سورية.
وبدأت بريطانيا العظمى بتكثيف اتصالاتها مع الشريف حسين، بعد أن أخرتها المفاوضات البريطانية الروسية الفرنسية حول مصير الدولة العثمانية. والهدف الرئيسي طبعاً من تلك الاتصالات التوصل إلى صيغة تحافظ على مصالحها ومصالح حلفائها في المنطقة العربية.
[11] وتم خلال الفترة ما بين عامي 1915 و1916 تبادل ثمان رسائل مع المندوب السامي البريطاني بالقاهرة عرفت بمراسلات الحسين ماكماهون، كانت مثالا للغموض والتناقض في المراسلات الدبلوماسية. ففي الوقت الذي كان يفهم العرب منها استقلال بلادهم بالكامل، كانت بريطانيا العظمى تعزل أجزاء من سورية غرب خط دمشق وحمص وحماة وحلب عن الدولة العربية، ولا تتطرق للمناطق الواقعة جنوب ولاية الشام. ورغم كل ذلك الغموض أعلن الشرف حسين الثورة ضد الأتراك العثمانيين في 10/6/1916 دون أن يعلم باتفاقية سايكس بيكو التي منحت روسيا اسطنبول وأراض على جانبي البوسفور، ومعظم الأراضي العثمانية المتاخمة لروسيا، والتي اعترفت بالمطالب الفرنسية والبريطانية الواردة في تلك الاتفاقية.
ولم يكد ينقضي عاماً ونيف على الثورة العربية، ودخول العرب الحرب إلى جانب الحلفاء، حتى سددت بريطانيا ضربة ثانية لحلفائها العرب بإعلانها لوعد بلفور عام 1917 الذي جاء فيه: "إن حكومة جلالته تنظر بعين العطف إلى تأسيس وطن قومي لليهود في فلسطين. وستستعمل أجدى محاولاتها لتسهيل تحقيق هذا الهدف. ومن المفهوم أنه لن يؤت بأي عمل من شأنه أن يمنع المجتمعات غير اليهودية في فلسطين من ممارسة حقوقهم المدنية والدينية، أو أن يضر بالحقوق والأوضاع السياسية التي يتمتع بها اليهود في كثير من الأقطار".
[12] وأوفدت الضابط البريطاني هوغارث Commander Hogarth لإيصال رسالة خاصة للشريف حين ملك الحجاز، تتضمن التأكيدات التالية: أن حكومة جلالته قررت ألا يخضع شعب إلى سيطرة شعب آخر في فلسطين. وأن الأماكن المقدسة في فلسطين يجب أن تخضع إلى نظام خاص تؤيده مختلف الأقطار. وأن جامع عمر لن يخضع لأية سلطة غير مسلمة.
واختتمت الرسالة بالتالي: "لما كان الرأي العام اليهودي في العالم يؤيد العودة إلى فلسطين، وما دام هذا الرأي يجب أن يظل عاملاً ثابتاً، ولأن حكومة جلالته ترغب بتحقيق هذا الحلم، وما دام ذاك الحلم لا يتعارض وحرية السكان الموجودين، اقتصادية كانت تلك الحرية أم سياسية، فإن حكومة جلالته عازمة على إزالة أي عائق يحول دون تحقيق ذلك الهدف".
[13] بينما كانت الحقيقة هي تأمين المصالح البريطانية، والاحتفاظ بحصن للدفاع عن قناة السويس، والفوز بتأييد الرأي العام اليهودي في الولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من دول العالم.
ورداً على إعلان شريف مكة نفسه ملكاً على العرب، اعترفت به بريطانيا وفرنسا ملكاً على الحجاز فقط، رغم احتلال قواته بقيادة الأمير فيصل لميناء العقبة عام 1917، وقطع طرق المؤن عن الجيش العثماني التركي المحاصر في المدينة المنورة بعد تدمير السكك الحديدية بمشورة لورنس وغيره من الضباط البريطانيين. وما أن دخلت القوات البريطانية فلسطين حتى سارع اليهود للتطوع في الجيش البريطاني، وشكلت منهم كتائب النقل الصهيونية التي عملت في صفوف جيش الاحتلال البريطاني، وسارع اليهود القاطنين في مناطق خلف الخطوط العثمانية التركية بتزويد الجيش البريطاني بالمعلومات القيمة.
[14]
وفي الجانب الشرقي من بلاد العرب، أخذت تظهر قوة جديدة، قدر لها أن تخرج الحسين من بلاده بعد ذلك، تلك هي بزوغ نجم عبد العزيز آل سعود الذي عرف في العالم بابن السعود. ففي عام 1902 استرد بن السعود بطريقة غريبة ، لم يعرفها التاريخ من قبل، الرياض عاصمة أجداده. وكان والده قد طرد منها يوم أن احتلها قطب أعداء السعوديين ابن الرشيد الذي جاءها من الحائل . وبعد أن استتب الملك لابن السعود في الجزيرة ، طرد الحامية العثمانية من الإحساء عام 1913، ومن المدن الواقعة على ساحل نجد. ولم يستطع العثمانيون الأتراك صد ابن السعود لما أصابهم من ضعف وخور من جراء حربهم مع الإيطاليين، ومع دول البلقان. على أن الحكومة البريطانية وإن كانت راغبة بتدخل السعوديين في شؤون مدن الخليج، إلا أنها عرضت وساطتها على الطرفين المتنازعين. ومع أن تلك الوساطة ارتضاها الطرفان، إلا أن الإنفاق الذي تم بينهما ترك لابن سعود ما اغتصب من أراضي، وأطلق عليه لقب الحاكم العام لنجد والإحساء. وقد منحته الحكومة العثمانية رتبة والي، مقابل موافقته على إبقاء حامية عثمانية تركية صغيرة في ساحل الخليج.
[15]
وفور إعلان الشريف حسين الثورة على العثمانيين الأتراك، أعلن عبد العزيز آل سعود الذي تحالف مع بريطانيا العظمى في عام 1915، عن استعداده للتعاون معه، إلا أن الشريف حسين لم يقبل بذلك، رغم الدور الكبير الذي يقوم به عبد العزيز آل سعود في حربه ضد العثمانيين الأتراك وأسرة ابن الرشيد المناصرة لهم. وتذكر بعض المصادر أنه لو تسلم آل سعود الأسلحة والذخائر التي وعدته بريطانيا بها لقام بدور أكبر في الثورة العربية ضد العثمانيين الأتراك.
وحسمت المعارك ضد العثمانيين الأتراك في موقعة فلسطين عام 1918 التي قام بها جيش عربي نظامي، ومتطوعين عرب، وكتيبة جزائرية بقيادة ضابط فرنسي، وكتائب نقل مصرية، بمشاركة لورنس وضباط بريطانيين آخرين. وفي الأول من تشرين أول/أكتوبر 1918 استقبلت دمشق القوات العربية استقبالاً منقطع النظير، وفي نهاية الشهر نفسه عقدت هدنة مع الأتراك العثمانيين في جزيرة مودروس. وفي الوقت الذي كان فيه الأمير فيصل مشغولاً في تشكل حكومة وطنية في دمشق كانت القوات البريطانية تعزز احتلالها لفلسطين، والقوات الفرنسية لاحتلالها للبنان.
[16]
الأوضاع الاقتصادية في الولايات العثمانية العربية: تركت السياسة الاقتصادية العثمانية في الولايات العربية آثاراً مدمرة. لأن الدوائر الحكومية العثمانية صبت اهتمامها عل خلق الظروف المناسبة لسحب أكبر قدر ممكن من الأموال من أجل الإنفاق على الجيش، وتلبية المطامع المتنامية للطبقة الحاكمة. وازداد سلب المناطق الخاضعة للحكم العثماني بسبب الإخفاقات العسكرية المتتالية وفساد الحكم، والصراع بين الحكام المحليين وتسابقهم في نهب المناطق الخاضعة لإدارتهم. مما أدى إلى انحطاط الاقتصاد في الولايات العربية من الدولة العثمانية. وخاصة إلى الاقتصاد الزراعي مما أدى لتقلص مساحة الأراضي المزروعة في الولايات العربية، وهو ما أشار إليه أحد الرحالة الأوربيون الذين زاروا بلاد الشام في نهاية القرن التاسع عشر، نقلاً عن تجار أوربيين عاشوا هناك منذ عشرين عاماً، وشاهدوا كيف تحولت الأراضي الزراعية المتاخمة لمدينة حلب إلى صحراء قاحلة، بعد أن تشتت المزارعون منها.
[17] ولم يبق من ثلاثة آلاف قرية كانت موجودة في تلك المنطقة في منتصف القرن السادس عشر سوى أربعمائة قرية في نهاية القرن الثامن عشر. وهو الوضع الذي كان شاملاً لبلاد الشام والعراق. إضافة لتحول الكثير من الحضر والفلاحين إلى حياة البداوة والترحال وتربية المواشي.[18]
وتأثر الحرفيون في المدن من تلك الأوضاع، وأصيبت الحرف بالركود وقيدت بقانون الحرف العثماني لعام 1773 مما أدى إلى عجزها عن مسايرة التقدم الصناعي.
[19] وكانت الطريقة الوحيدة المضمونة التي يمكن للتجار وأغنياء المدن بها حماية أموالهم من تسلط ونهب الحكام العثمانيين هو كنزها وسحبها من التداول. وكانت التجارة الخارجية هي المجال الوحيد الذي يطمئن له رأس المال المحلي، ولكنه سرعان ما تحول من أيديهم إثر المنافسة الشديدة التي لقوها من التجار الأوربيين المحميين من تعسف السلطات العثمانية، والمشمولين بحماية السفراء والقناصل الأوربيين.[20]
ووصلت أزمة الاقتصاد العثماني ذروتها مع الثورة الصناعية في أوروبا مع نهاية القرن الثامن عشر. وأصبح ميزان التجارة الخارجية للدولة العثمانية خاسراً للمرة الأولى.
[21] بعد أن استولى رأس المال الأجنبي بالتدريج على المواقع القيادية في جميع المجالات الاقتصادية. مما أدى إلى تحول الدولة العثمانية إلى شبه مستعمرة أوروبية تحت وطأة الديون والاحتكارات الأوروبية.
وكما هو معروف رافق التوسع الاقتصادي الأوروبي في الدولة العثمانية، تدفق المنتجات الصناعية الرخيصة بالمقارنة مع الحرفية التقليدية في الولايات العثمانية، تدهور الحرف التقليدية، وقضى على أية إمكانية لتطورها نحو الإنتاج الصناعي الحديث. وقد أشار بعض المعاصرين الذين زاروا الولايات العربية الآسيوية خلال القرن التاسع عشر إلى الأزمة العميقة التي عانت منها الحرف التقليدية وتلاشي الكثير من الصناعات اليدوية الهامة، كإنتاج الأقمشة القطنية، والشاش الذي ازدهر إنتاجهما في البصرة خلال القرن التاسع عشر، وتدهورت حياكة قماش الموصلين الشهير في الموصل وعدد من مدن ولايتي العراق والشام. وكتب القنصل الروسي في بيروت خلال أربعينات القرن التاسع عشر إلى أنه "كانت في المدن السورية قبل أربعين عاماً تملك حوالي خمسين ألف نول لحياكة الأقمشة الحريرية، ونصف الحريرية، والمخملية. أما الآن فلا يكاد يصل هذا العدد إلى ألفين وخمسمائة نولاً. وحلت أردأ الأنواع من أقمشة مانشتر القطنية مكان المنتجات الحربية الشعبية والجميلة في جميع أنحاء الدولة العثمانية".
[22] وكرر ذلك القنصل الروسي بالبصرة في بداية القرن العشرين الذي كتب أن "المنسوجات الأوروبية الرخيصة قضت بالتدريج على إنتاج النسيج المحلي".[23] وأشارت مراجع أخرى إلى تدني أو توقف إنتاج الزجاج والاستخراج اليدوي للحديد الخام في ولاية الشام، والاستخراج اليدوي للنفط في ولايات العراق، وتضاؤل إنتاج الأحذية الجلدية.[24]
وبالتدريج تحولت المدن في الولايات العثمانية من مراكز للإنتاج الحرفي والتجارة الداخلية، إلى مراكز لخدمة التجارة الأوروبية. وتحولت أسواقها إلى مراكز لتوزيع الواردات الأوروبية، وشراء الخامات والمنتجات الزراعية والحيوانية المعدة للتصدير إلى أوروبا. وعلى سبيل المثال زاد حجم التبادل التجاري للولايات العراقية عن طريق ميناء البصرة خلال الفترة من عام 1864 وحتى عام 1913 بمقدار 12 مرة.
[25]
ومنذ منتصف القرن التاسع عشر بدأ رأس المال الأوروبي يتجه نحو بناء طرق مواصلات جديدة تخدم المصالح العسكرية والسياسية الأوروبية في الشرق الأوسط، وتسهيل تدفق السلع والبضائع من وإلى أوروبا. وسيطر ممثلو الشركات الأوروبية الذين تمركزوا في الموانئ البحرية إما بشكل مباشر أو عن طريق عملائهم المحليين على جميع تجهيزات ومستودعات ومراكب التفريغ في تلك الموانئ. وقامت شركة فرنسية ببناء ميناء بيروت القادر على استقبال السفن الحديثة على ساحل ولاية الشام، وكانت تلك الشركة تملك كافة أرصفة الميناء وكل تجهيزات الملاحة والأبنية والمستودعات الرئيسية.
[26]
وزاحمت أساطيل النقل البحري الأوروبية والأمريكية، سفن النقل العثمانية عن موانئ ولاية الشام. وكمثال بلغت نسبة الخدمات المقدمة في موانئ ولاية الشام عام 1910، من حيث التفريغ فقط 97,8 % لسفن بريطانيا العظمى، وروسيا، وفرنسا، والنمسا، والمجر، وإيطاليا، والولايات المتحدة الأمريكية وغيرها من الدول الأجنبية، بينما بلغت 2,2 % فقط للسفن التجارية العثمانية. واختفت تقريباً السفن الشراعية العثمانية من موانئ ولاية الشام وبلغت حمولة ما توقف منها هناك 3 % من حمولة الأسطول التجاري العثماني. بينما كانت الحال أفضل قليلاً في ميناء البصرة الذي قدم خدماته لسفن شراعية وبخارية عثمانية تبلغ نسبتها 6,2 %، ولسفن بريطانية والمستعمرات البريطانية بنسبة 77,2 %، ولسفن ألمانيا وفرنسا وروسيا 14,3 %.
[27] في الوقت الذي كانت فيه إيطاليا تحتكر النقل البحري من وإلى موانئ طرابلس الغرب، وبني غازي في ليبيا، وفرنسا إلى موانئ تونس والجزائر ومراكش. بينما كانت بريطانيا العظمى، وإيطاليا تسيطران تماماً على النقل والملاحة البحرية في البحر الأحمر.
ولم تقتصر الاحتكارات الأوروبية على السيطرة على النقل البحري من أوروبا إلى الموانئ العربية فقط، بل سيطرت أيضاً على قسم كبير من النقل البحري بين الموانئ العربية نفسها. وأخذت الاحتكارات بدعم وجودها على الموانئ البحرية العربية، عن طريق السيطرة على المنشآت والمعدات البحرية في تلك الموانئ، واستمر هذا الوضع لما بعد انهيار الدولة العثمانية. وفي العقد الأول من القرن العشرين بدأت الشركات الفرنسية والألمانية بتجديد موانئ اسكندرونة، وحيفا ويافا، وبالفعل بدأ تشغيل ميناء اسكندرونة قبل الحرب العالمية الأولى بعد تجديده. وفي عام 1908 حصلت شركة فرنسية على امتياز خاص لبناء ميناء حديث في الحديدة بولاية اليمن.
[28]
وسرعان ما امتدت الامتيازات الأجنبية للسيطرة على النقل والمواصلات البرية الداخلية في الولايات العربية من الدولة العثمانية. ففي عام 1841 حصل الأخوان لانش البريطانيان على امتياز لتنظيم النقل النهري ما بين بغداد والبصرة، وأسسا شركة "الشركة الملاحية عبر الدجلة والفرات"، وعملت حينها إلى جانب الشركة العثمانية الحكومية "أومان عثمان" والمراكب الشراعية للسكان المحليين. ومع نهاية القرن التاسع عشر حاولت شركة الأخوين لانش شراء ممتلكات الشركة الحكومية للسيطرة على النقل في نهر الدجلة. وفي نفس الوقت تقريباً سيطرت الشركات الفرنسية على الخط الحديدي الذي يربط بين دمشق وبيروت، والخط الذي يربط بين طرابلس، وحمص، وحماه اللذان كان ينقل عبرهما القسم الأعظم من البضائع من داخل سورية إلى موانئ البحر الأبيض المتوسط.
[29]
وقد ركز رأس المال الأجنبي على مشاريع بناء طرق النقل الحديثة في الدولة العثمانية منذ ثلاثينات القرن التاسع عشر، عندما قامت شركة بريطانية خلال الفترة ما بين عامي 1835 – 1837 بدراسة ميدانية لمد خط بالسكك الحديدية يربط أحد المواني في ولاية الشام على البحر الأبيض المتوسط، بأحد موانئ الخليج العربي. وهو المشروع الذي كان موضع اهتمام وتنافس فيما بعد بين رجال الأعمال الإنكليز، والألمان، والفرنسيين، والأمريكيين، والروس.
[30]
وحتى نهاية القرن التاسع عشر انحصر تغلغل رأس المال الأوروبي في الولايات العربية في الدولة العثمانية، في تنفيذ مشاريع في مناطق محددة تخدم الاستثمارات والمصالح الأوروبية في المنطقة بشكل عام. وقد كان أول امتياز لمد خط حديدي في بلاد الشام، الامتياز الذي منح لشركة فرنسية عام 1889 لبناء خط حديدي يربط ميناء حيفا بمدينة القدس، وتم بناؤه خلال سنوات انتهت عام 1892. وخلال الفترة من عام 1890 إلى عام 1895 قامت الشركة الفرنسية بمد خط حديدي ربط بين ميناء بيروت، ودمشق، وحوران (مزيريب). بينما اهتمت بريطانيا ببناء خط لنقل البضائع بالسكة الحديدية من منطقة دمشق إلى ميناء عكا.
[31] ومع مرور الوقت أصبح الحصول على امتيازات مد السكك الحديدية سلاحاً قوياً لبسط النفوذ الاقتصادي والسياسي في الدولة العثمانية، وتحول إلى صراع حقيقي بين الدول الاستعمارية.
وفي خضم هذا الصراع زار الإمبراطور الألماني ويلهلم الثاني مع نهاية القرن التاسع عشر الدولة العثمانية، وأعلن "أن مستقبل الإمبراطورية الألمانية في آسيا هو في كليكيا، وحوض نهر العاصي، ونهري الفرات ودجلة".
[32] وبدأت ألمانيا بشن حملة إعلامية كبيرة للتمهيد لمشاريع بناء السكك الحديدية الألمانية لربط الولايات العثمانية ببعضها البعض، ومن ثم ربط الدولة العثمانية بأكملها بالإمبراطورية الألمانية. وتمكن الألمان عام 1903 من الحصول على اعتراف الدول الاستعمارية الأخرى لبناء خط برلين، اسطنبول، بغداد للسكة الحديدية وشرع بتنفيذه اعتباراً من عام 1910. وحتى نيسان/أبريل عام 1913 أنجزت شركة خط حديد بغداد مد 408 كم من الخط. وحتى بداية الحرب العالمية الأولى كانت ألمانيا قد مدت 370 كم من السكك الحديدية عبر أراضي الولايات العربية في الدولة العثمانية منها 135 كم في العراق، و235 كم في الشام. إضافة لمشاركة الخبراء الألمان في بناء الخط الحديدي الحجازي ما بين عامي 1900 و 1908.[33]
وكانت فرنسا خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1901 و1911 وفقاً لامتياز عام 1893 قد مدت خطوطاً حديدية من الرياق على خط بيروت دمشق، إلى حلب مع تفرع من حمص إلى ميناء طرابلس الشام، وفي عام 1908 بدأت فرنسا بمد خط حديدي من ميناء الحديدة إلى صنعاء في اليمن.
[34]
وهنا يجب أن نشير إلى أنه عدا الخط الحديدي الحجازي الذي كان ملكاً للدولة العثمانية، فقد كانت كل الخطوط الحديدية في الدولة العثمانية ملكاً للأجانب، الذين أحاطوها بمؤسسات النقل الداخلي البري والنهري والبحري وأحواضها الخاصة، وورشات الصيانة، والمستودعات، وخطوط التلغراف.
[35]
وحتى الحرب العالمية الأولى كانت بعض الدول الأوروبية قد سيطرت على اقتصاد والتجارة الخارجية للولايات العربية من الدولة العثمانية وكيفته وفق متطلبات السوق الأوروبية. وبالتدريج بدأت الشركات الأوروبية بالتسلل المنظم للسيطرة على التجارة الداخلية في تلك الولايات، واستخدمت سياسة القروض قصيرة الأجل التي كانت تمنحها تلك الشركات لرجال الأعمال المحليين الفرصة حتى للتدخل في تحديد أسعار السوق المحلية. فقد أجبرت الشركات البريطانية في البصرة على سبيل المثال الكثير من صغار التجار المحليين على إعلان إفلاسهم بعد غيرت مواعيد تصدير التمور عام 1913.
[36] إضافة إلى أن الشركات الأجنبية في الساحل والمناطق الداخلية من الولايات العربية تقوم بشراء المنتجات الزراعية بشكل مباشر من المزارعين مما ألحق خسائر فادحة بالمؤسسات التجارية الوطنية. وسرعان ما أخذت الشركات المشتركة التي كانت تحتكر شراء المنتجات الزراعية وتهيئتها وتصديرها ونقلها إلى الخارج تحل مكانها.[37]
وأخذت وطأة التوسع الاقتصادي الأوروبي في الولايات العربية في الدولة العثمانية تزداد عن طريق المصارف، ففي بداية القرن العشرين كانت هناك فروعاً لمصارف عثمانية شكلاً وأوروبية فعلاً، مثال: المصرف السلطاني العثماني (برأس مال فرنسي، بريطاني مشترك)، ومصرف سالونيك (رأس مال فرنسي، نمساوي مشترك)، والمصرف التجاري الفلسطيني. إلى جانب المصارف الأجنبية: ليون كريديه (فرنسا)، ودوتشه بنك (ألمانيا)، المصرف الألماني الفلسطيني (ألمانيا)، ومصرف الشرق (بريطانيا).
[38] والشركة الإنكليزية الفلسطينية (بريطانيا) التي كانت تمول المستوطنات الصهيونية فقط، إضافة لمنح القروض للقطاعات التي تسمح لها بالتأثير على الاقتصاد الوطني تلبية لمصالحها الخاصة.[39] بينما احتكر البريطانيون والفرنسيون عمليات التأمين في الولايات العربية من الدولة العثمانية.[40]
ولم ينس رأس المال الأجنبي قطاع الإنتاج الزراعي في الدولة العثمانية الذي كان مصدراً رئيسياً للمواد الخام لأوروبا والولايات المتحدة الأمريكية، وقامت إدارة التسليف العثمانية (المؤسسة المالية الأوروبية التي كانت تمنح القروض للدولة العثمانية آنذاك)نشاطاً ملحوظاً في الأراضي العراقية والسورية، وكانت هذه الإدارة تقوم نيابة عن الأجهزة الحكومية المختصة بتحصيل الضرائب في طرابلس الشام، والقيروان بما فيها ضريبة العشر عن إنتاج شرانق الحرير مما أدى إلى تردي الأوضاع الاقتصادية في الولايتين. وعلى سبيل المثال كان نشاط شركة "الريجي" الفرنسية مدمراً في جميع الولايات العراقية والسورية واليمنية باستثناء سنجق لبنان المتمتع بإدارة حكومية خاصة. فقد قامت الشركة المذكورة باحتكار إنتاج التبغ، وكانت من أجل ذلك تفرض مناطق زراعة التبغ، وتحدد مساحة الأراضي لزراعته، وتراقب تحضير المحصول وتجبر المزارعين على تسليم إنتاجهم لها بالكامل، وتفرض الأسعار ورسوماً خاصة كانت تجبى لصالحها.
[41] بالإضافة لفرض زراعات معينة لتلبية حاجة السوق الأوروبية على حساب المزروعات الأخرى التي تحتاجها السوق المحلية، وهكذا تخصص جبل لبنان في إنتاج شرانق الحرير، والتبغ، وجنوب العراق لإنتاج التمور، وفلسطين لإنتاج الحمضيات، وسورية ومصر لإنتاج القطن وكلها كانت معدة للتصدير فقط مما أدى لارتباطها بتقلبات أسعار السوق العالمية وهو ما أدى إلى تدهور الزراعات الأخرى كما حصل في بلاد الشام عندما أقدم الفلاحون على قطع أشجار التوت والزيتون للتوسع بزراعة الحمضيات، وقطع أشجار البن في اليمن عندما عجز البن اليمني عن منافسة البن البرازيلي منذ مطلع القرن الثامن عشر.[42]
والأكثر من ذلك أن الإمبراطورية الألمانية وضعت مخططات لجعل الولايات العراقية والسورية قاعدة لتموين الإمبراطورية الألمانية بالحبوب والأقطان، وهو ما أشار إليه باول رورباخ عندما قال "إن سهل بابل يمكن أن يصبح أعظم مصدر للقمح والقطن في العالم، إضافة لمراعي ملايين الأغنام في ما بين النهرين"
[43] بينما قام الفرنسيون بطرح مشاريع مشابهة للولايات السورية.[44] في الوقت الذي راحت فيه بريطانيا العظمى أبعد من ذلك حيث خططت لاستعمار العراق وفلسطين وربطهم بمشاريع تطوير الزراعة والثروة الحيوانية بما يتلاءم وحاجات الاقتصاد البريطاني.
بدايات الاستعمار الاستيطاني: كما ووضعت مشاريع استيطانية عديدة للولايات العربية في الدولة العثمانية، فخططت بريطانيا لتهجير الفائض من سكان الهند إلى العراق،
[45] ومنذ بداية القرن التاسع عشر بدأ الاستيطان الاستعماري الألماني في فلسطين، وقام حوالي 2500 مستوطن ألماني ببناء مستعمرات زراعية في فلسطين،[46] وكانت إيذاناً ببداية الاستعمار الصهيوني لفلسطين،[47] وقد أشار الخبير الزراعي الألماني لمشاكل الاستيطان الألمانية في سورية بقوله: "أن المشكلة الأهم بالنسبة لتطوير سورية هي المشكلة الاستيطانية. إذ لا فائدة من أية مشاريع لتحسين الاقتصاد إذا لم يكن هناك أناس قادرون على تنفيذها. ولقد فعل الألمان الكثير دون شك من أجل نهضة البلاد الثقافية ولهم في هذا المجال فضل كبير. فهم الذين بينوا كيفية الاستيطان، ولكن ليس في وسع الألمان تقديم الأموال اللازمة من أجل الاستيطان الواسع المطلوب في سورية. وإذا أسقطنا من الاعتبار هجرة الشراكس المتوقعة مستقبلاً بحجوم صغيرة فقط، يبقى أن نلفت الانتباه إلى الحركة الصهيونية، التي يمكن أن يكون لها أهمية كبرى بالنسبة لبلاد خالية".[48] وحتى بداية الحرب العالمية الأولى انتقلت ملكية 14 ألف هكتار من الأراضي المروية، و8 آلاف هكتار من الأراضي البعلية للمستوطنين اليهود والألمان، إلى جانب مساحات أخرى من الأراضي الزراعية التي انتقلت ملكيتها للبعثات الدينية الأجنبية والمواطنين الأجانب. وأدى شراء الأراضي من قبل المنظمات الصهيونية والألمانية إلى تحول عدد كبير من الفلاحين العرب إلى عمال زراعيين، أو محاصصين للملاك الجدد.[49]
الصراع الأوروبي الأمريكي للسيطرة على الثروات الباطنية في الولايات العربية: وضعت الدولة العثماني في عام 1881 صناعة استخراج الملح تحت سيطرة إدارة الديون العثمانية، وكان ذلك إيذاناً بسيطرة رأس المال الأجنبي على صناعة استخراج الثروات الباطنية في أراضي الولايات العراقية والسورية وخاصة النفط. وفي عام 1889 قامت بعثة جيولوجية سويسرية بالتنقيب عن النفط في لواء اسكندرونة، وخلال الفترة من عام 1912 وحتى عام 1913 قامت بعثة جيولوجية من شركة "سيربان إيكسبلوريشين كومباني ليمتد، لندن" البريطانية بالتنقيب جنوب ولاية الشام، إضافة لعزم الشركة الأمريكية "ستاندارد أويل كومباني" التنقيب عن البترول في فلسطين. ومع نهاية القرن التاسع عشر حصل رجال الأعمال البريطانيين والألمان على امتيازات التنقيب واستخراج الفوسفات في منطقة السلط جنوب ولاية الشام، وانضمت إليهم شركة إيطالية عام 1911. في الوقت الذي كانت فيه المنظمات الصهيونية تبدي اهتماماً كبيراً بثروات البحر الميت.
[50]
وفي تموز/يوليو 1904 منح الباب العالي "دوتشه بانك" الألماني حق اختيار القطاعات النفطية في ولايتي الموصل وبغداد تمهيداً لحصوله على الامتيازات المطلوبة للتنقيب والاستخراج. ولكن سرعان ما بدأت الصراعات على حق التنقيب واستخراج النفط في الولايات العراقية، فدخلت حلبة الصراع الشركات البريطانية "رويال دوتش – شل"، و"اتحاد النفط العثماني"، و"مجموعة د أر سي التي تحول اسمها منذ عام 1909 إلى شركة "أنغلو بيرشين أويل كومباني". وممثل غرفة تجارة نيويورك اللواء البحري الأمريكي تشيستر، و"شركة التنمية العثمانية الأمريكية" التي تأسست عام 1910، و"ج. وايت كوربوريشين". وبعد منافسات شديدة تأسست شركة "توركش بتروليوم كومباني" تقاسمت أسهمها الاحتكارات البترولية العالمية بمشاركة رؤوس الأموال البريطانية والألمانية. ومنحت وزارة المالية العثمانية لهذا التجمع النفطي الدولي في 28 حزيران/يونيو 1914 امتياز للتنقيب واستثمار النفط في ولايتي الموصل وبغداد، إلا أن اندلاع الحرب العالمية الأولى عطل استثمار الثروات النفطية العراقية مؤقتاً.
[51]
واقتصرت الاستثمارات الصناعية الأجنبية على تجهيز الخامات الزراعية للتصدير، وخدمة وصيانة وسائل المواصلات والآليات والمعدات الزراعية المستوردة من الدول المستثمرة، بهدف منع أية إمكانية لقيام صناعة وطنية تنافس المنتجات الصناعية الأجنبية. وفي الولايات العراقية على سبيل المثال كانت الشركات الأجنبية تسيطر تماماً على ورشات تنظيف وتجهيز الصوف للتصدير، وورشات الصيانة التابعة للخط الحديدي، ولشركات النقل البحري والنهري. أما في الولايات السورية فقد كانت الشركات الألمانية تملك في عدد من المدن ورشات لصيانة مضخات المياه، والمطاحن، وفي يافا مصنعاً لتجهيز المطاحن. وفي بيروت قام أحد المستثمرين الفرنسيين بتأسيس ورشة آلية لمعالجة شرانق الحرير عام 1840، تبعته الشركات الفرنسية، بتأسيس عدة مؤسسات صناعية لإنتاج الخيوط الحريرية تمهيداً لتصديرها إلى مصانع النسيج في ليون، بالإضافة لاهتمام رأس المال الفرنسي بصناعة استخراج الزيوت النباتية. كما واهتمت المنظمات الصهيونية بإنشاء مؤسسات لإنتاج الزيوت النباتية والطيارة وأدوات الزينة والخمور في الولايات السورية
[52]
وفي مجال الخدمات ركزا الامتيازات الفرنسية والبلجيكية والألمانية على توظيف الأموال في إنشاء خطوط حافلات نقل الركاب الكهربائية في دمشق وبيروت، وإنشاء شبكة للكهرباء في دمشق، وإنشاء شبكة لتوزيع المياه في بيروت. وحتى مطلع القرن العشرين بلغ حجم الاستثمارات الفرنسية وحدها في الولايات السورية أكثر من مائتي مليون فرنك فرنسي.
[53]
وأخذت ديون الدولة العثمانية بالتعاظم مع زيادة عمليات النهب المركز والمستمر من قبل الاستثمارات الأجنبية للاقتصاد العثماني. ولم تجد الحكومة العثمانية أمامه سوى أن تصدر مرسوم محرم عام 1881 الذي أعطى إدارة الديون العثمانية المؤلفة من ممثلي كلاً من إنكلترا، وفرنسا، والنمسا، والمجر، وإيطاليا، حق فرض وجمع الضرائب في الولايات العربية من الدولة العثمانية وهو ما جعل لعمليات النهب الأجنبي غطاء رسمياً عبر موازنة الدولة، وعلى سبيل المثال: مر عن طريق صندوق إدارة الديون العثمانية خلال السنة المالية 1909 – 1910 واردات بلغت 7.4 مليون ليرة عثمانية، من أصل 25.1 مليون ليرة عثمانية الواردة للخزينة العامة للدولة، وضع منها تحت تصرف الدولة 1.3 مليون ليرة فقط، وحول باقي المبلغ وهو 6.1 مليون ليرة عثمانية لحسابات الدائنين في الخارج. هذا إن لم نتحدث عن النفقات التي دفعتها خزانة الدولة لتامين جهاز الإدارة الكبير لصندوق إدارة الديون العثمانية والبالغ عددهم أكثر من 5000 موظف.
[54] إضافة لسحب الأرباح الضخمة التي كانت تجنيها الشركات الأجنبية نتيجة لفرض الأسعار الاحتكارية على المواد الأولية التي تصدرها تلك الشركات، أو البضائع الأجنبية التي كانت تستوردها تلك الشركات، أو أسعار الخدمات التي كانت تقدمها تلك الشركات.[55]
وحتى قبل الحرب في الدولة العثمانية كانت هناك "مجالات للمصالح"
[56] غير معترف بها رسمياً للدول العظمى[57] مناطق، حيث وظفت رؤوس أموالهم والتي نظروا إليها كمجال للمصالح أو الاستعمارية المستقبلية. وخاصة دخول ألمانيا دون سابق إنذار في "مجالات المصالح"[58] أصبحت واحدة من أسباب الحرب العالمية الأولى. المجال الأساسي للمصالح البريطانية كانت منطقة الخليج الفارسي، وبلاد الرافدين، والفرنسية - شرق البحر الأبيض المتوسط (بالدرجة الأولى لبنان، وأيضاً سورية وكليكيا). بعض السياسيين الفرنسيين كانوا يحلمون بالسيادة على "سورية العظمى" من جبال طوروس إلى الصحراء العربية.[59]واستندت فرنسا على "الحقوق التاريخية"، التي استندت بدورها على "المصالح المادية" (رؤوس الأموال الضخمة التي وظفت في اقتصاد دول ليفانتا[60]) و"المصالح الأخلاقية" (بعثات التبشير لسنوات والأعمال الثقافية، والحماية التقليدية للكاثوليك[61] من السكان المحليين، والمارونيين[62] والملكيين[63] وغيرهم، الذين يعتبرون من الموالين لفرنسا في الشرق). الفرنسيون عملياً أقاموا في سورية نظاماً تعليمياً موازياً للنظام العثماني (في المدارس الفرنسية عام 1914 كان يدرس 58000 طالب)[64] وكانت قمتها جامعة الأب جوزيف في بيروت للجزويت[65]. وليس من الغريب أن جوهر الحزب الاستعماري في فرنسا تشكل بمشاركة نشيطة للغرف التجارية في ليون ومرسيل، وأيضاً الأوساط الكاثولوليكية.
التحرك البريطاني في إطار ليفانتا انحصرت في إطار إنشاء عدد محدود من المدارس للمبشرين البروتستانت
[66]. المنافس الرئيسي لفرنسا في المجال "الإنساني" كانت الولايات المتحدة الأمريكية. اعتماداً على المبشرين البروتستانت، والصليب الأحمر الأمريكي. ونظام التعليم الأمريكي أيضاً ضم مؤسسات تعليمية من مختلف المستويات التعليمية، وكانت قمتها الكلية البروتستانتية السورية. الحياد الذي أتبعته الولايات المتحدة الأمريكية حتى عام 1917 وعدم المشاركة بالحرب ضد تركيا وفر لها إمكانية الحفاظ على تواجد هام في المنطقة استمر حتى الصلح، في ذلك الوقت كل المؤسسات الفرنسية أغلقت مع بداية الحرب.
أثناء الحرب الحلفاء في أنتانتا حددوا خططهم لتقسيم التركة العثمانية في سلسلة من الاتفاقيات السرية، أساساً ثبتت فيها مناطق النفوذ التقليدية. الأهم منها كان الاتفاق الفرنسي البريطاني لعام 1916 (المعروف باسم اتفاقية سايكس بيكو)
[67]، التي اعترف بها حقوق فرنسا على حقيقة احتلال لبنان، والساحل السوري، وكليكيا، وقسم من كردستان تركيا، وقسم من مركز الأناضول بما فيه مدينة سيواس (المنطقة الزرقاء)، وحقوق بريطانيا العظمى في احتلال جنوب ومركز بلاد الرافدين بما فيه مدينة بغداد (المنطقة الحمراء)، وبين تلك المناطق أراضي واسعة خصصت لإقامة دولة عربية أو فيدرالية لدول عربية. قسمها الشمالي بما فيها مدينة الموصل كان يجب ، تقع تحت النفوذ الفرنسي (المنطقة A)، جنوبية تحت النفوذ البريطاني (المنطقة B). في فلسطين (المنطقة البنية) كان يجب إقامة إدارة دولية.[68]
الاتفاقيات السرية (وخاصة اتفاقية سايكس بيكو) أساءت للتعهدات الخطية التي أعطاها باسم بريطانيا العظمى في عام 1915 المندوب السامي البريطاني في مصر غ. ماكماهون، لشريف مكة حسين الهاشمي، الذي أعلن نفسه في عام 1916 ملكاً للحجاز المستقلة.
[69] ماكماهون وعد بوضع تحت تصرف السلالة الهاشمية الدولة العربية الجديدة على الأراضي المحررة من السلطة التركية (وللحقيقة الساحل الشرقي للبحر الأبيض المتوسط لا يمكن تسميته بالكامل عربي). تلك الوعود كانت موجهة لدعم انتفاضة العرب ضد الترك بقيادة ابن الحسين الأمير فيصل الذي أظهر نفسه كقائد قادر على جمع شمل مختلف الجماعات. والدور العظيم في تنظيم الانتفاضة لعبه الجاسوس البريطاني العقيد ت.إ. لورانس[70].
في عام 1917 وزير خارجية بريطاني العظمى أ. بلفور
[71] في رسالته للبارون روتشيلد[72] وعد باسم الحكومة البريطانية إقامة في فلسطين بيت قومي لليهود، هذه الوثيقة بالنتيجة عقدت كثيراً العلاقات العربية البريطانية.[73] الأهمية الخاصة كانت لبرنامج السلام للرئيس الأمريكي ولسون[74] (النقاط 14)[75]، التي قبلتها شكلياً دول أنتانتا كأساس للحلول السلمية. واستناداً لذلك البرنامج "القسم التركي من الإمبراطورية العثمانية في وضعها المعاصر يجب أن يحصل على سيادة قوية وحقيقية، ولكن القوميات الواقعة في الوقت الراهن تحت سلطة الترك يجب أن يحصلوا على ضمانات واضحة لإقامة ظروف غير قابلة للتبديل للتطور ذاتياً"[76] وهكذا حتى نهاية الحرب الدول العظمى وصلوا بملف كبير من الاتفاقيات المتناقضة، والوعود والبيانات حول مستقبل أملاك الإمبراطورية العثمانية. تطبيق أي منها لابد أن يستدعي تناقضات هامة في بلدان المنتصرين.
في المرحلة الأخيرة للحرب العمليات العسكرية على مسرح الشرق الأوسط قام بها بشكل رئيسي الجيش البريطاني بقيادة الجنرال إ. ألنبي بمساندة المتمردين العرب بقيادة فيصل. فرنسا في نهاية الحرب كان لها وجود عسكري صغير في الشرق الأوسط مؤلف من 8000 إنسان، في ذلك الوقت الذي كان فيه التواجد البريطاني في سورية ولبنان فقط يتألف من 45000 عسكري وضابط. المعركة خلف الكواليس للسيطرة على سورية ولبنان بدأت قبل الصلح. بعد وبعد الاستيلاء دون إراقة دماء على دمشق في 30 أيلول/سبتمبر 1918 (البريطانيون دفعوا إلى المقدمة الجماعات العربية) فيصل بدأ بتشكيل حكومته الخاصة. في شوارع المدن رفع علم الحجاز. ولكن محاولة الأمير لتوسيع سلطته إلى المناطق المطلة على البحر ولبنان
[77] قوبلت بعدم رضا المسيحيين الموارنة ووجهت بإنزال عسكري فرنسي محدود. في 5 تشرين أول/أكتوبر فيصل وعلى ما يبدوا بموافقة ألنبي وجه كلمة للشعب وعد فيها بإصدار "حكومة دستورية عربية، الاستقلال التام والناجز، باسم سيدنا السلطان حسين" ونشر سلطته على "كل سورية" ( بما فيها لبنان، وفلسطين).[78] في نفس الوقت ألنبي رد بحزم على أي اعتراض من قبل فيصل ضد الوجود الفرنسي على الساحل، مستنداً إلى الحفاظ على الوضع العسكري وهيبته كقائد عام.[79]
في 30/10/1918 تم التوقيع على صلح مودروس،
[80] الذي كان يعني في الواقع استسلام الإمبراطورية العثمانية. ووفقاً لبنود اتفاقية الصلح الدول المتحالفة احتلت كافة الأراضي الممتدة حتى خط شمال حلب، وبالإضافة إلى ذلك كان باستطاعتهم دخول أية أراض أخرى إذا رأوا أن ذلك ضرورياً. في 7 تشرين ثاني/نوفمبر تم نشر الوثيقة البريطانية الفرنسية حول العمل على الساحة السورية ووادي الرافدين. الوثيقة وعدت شعوب تلك الدول بإقامة "حكومات قومية وإدارات للحكم تستمد سلطاتها من الانتخابات الحرة ومبادرة السكان الأصليين". "وفي نفس الوقت لم ترغب بفرض أي شكل من أشكال الحكم على سكان تلك المناطق "، الحلفاء وعدوا فقط بتقديم الدعم والمساعدة لإقامة الحكومات الخاصة وفي التطور الاقتصادي المستقل لتلك الدول. ومن الواضح أن هذه الوثيقة صدرت من أجل تلطيف الانطباعات الثقيلة، التي خلفها على العرب نشر اتفاقية سايكس – بيكو في بداية عام 1918.[81]
في تشرين ثاني/نوفمبر 1918 بأمر من ألنبي وفقاً لقرار قيادة الحلفاء بتاريخ 30/10/1918 وضع نظام إدارة "الأراضي المعادية المحتلة"، التي قسمت إلى عدة مناطق نفوذ. المنطقة الجنوبية (فلسطين) وضعت تحت الحكم العسكري البريطاني. المنطقة الشمالية (الشريط الساحلي من شمال فلسطين إلى ميناء اسكندرون ضمناً) وضعت تحت السلطة الفرنسية، ولكنها كانت تحت احتلال القوات البريطانية، التي تفوق القوة الفرنسية المحدودة. المنطقة الشرقية (المناطق الداخلية من سوريا بما فيها مدن دمشق، وحماه، وحمص، وحلب، وأيضاً خلف نهر الأردن بما فيه مدينة عمان) وضعت تحت حكم فيصل. في كانون أول/ديسمبر القوات البريطانية بمشاركة فرنسية احتلت كيليكيا
[82] التي أصبحت المنطقة الشمالية، والسواحل اللبنانية والسورية سميت بالمنطقة الغربية. الإدارة المدنية في كيليكيا سلمت للفرنسيين.[83] السلطة العسكرية على "جميع الأراضي المعادية المحتلة" كانت خاضعة لألنبي وقيادته العسكرية، السلطة المدنية على الساحل وكيليكية والإدارة الفرنسة، وفي المناطق الداخلية من سوريا سعى العرب والفرنسيون وفيصل للسيطرة على سورية بكاملها، مما هيأ أرضية للصراعات، مما سمح للبريطانيين بلعب دور الوسيط والحكم بين الفرنسيين والعرب وفق مصالحهم الخاصة.
وكما سبق وأشرنا القوات الفرنسية في المنطقة لم يتجاوز عددها 8000 شخصاً، منهم 7000 قوات برية "القوات الفرنسية في سورية وفلسطين" (DFPS)، و1000 جندي أنزلوا على جزيرة أرواد
[84] التي احتلها الفرنسيون في عام 1915. في تشرين ثاني/نوفمبر كل تلك القوات أعيد تسميتها بـ"القوات الفرنسية ليفانته" (TFL). وأكثر من نصف أفضل قوات TFL كانت من "اللواء الشرقي"، الذي قسم في نهاية عام 1918 إلى "اللواء الأرميني"، و"اللواء السوري"، والمؤلف من الأسرى الأتراك والقوميون الأرمن والعرب والمهاجرين فبل الحرب من تلك القوميات. الانضباط في تلك القوات كان ضعيفاً، والضباط الفرنسيون في أكثر الحالات كانوا لا يفهمون لغة جنودهم.[85]
والبريطانيون لم يسمحوا لفرنسا بإرسال أية إمدادات لقواتها
[86] ولم يسمحوا لها بتعيين أوربيين في إدارة الحكم المدني. وهكذا السلطة في الإدارية في المناطق الشمالية والغربية وقعت على عاتق عدد قليل من ضباط قوات TFL.[87] والفرنسيون كانت تنقصهم وسائل المواصلات وكانوا مضطرون في كل مرة للتوجه إلى طلب المساعدة من البريطانيين.[88]الضباط الإنكليز رددوا أكثر من مرة أن الوجود الفرنسي في سورية غير مرغوب به، وفي أي وقت سيجمعون حقائبهم. واحد من النوتابل[89] السوريين أعلن "نحن نعرف جيداً كيف نبعد سورية عن فرنسا، ونبعد فرنسا عن سورية".[90]
الأوضاع العسكرية التي خلقتها الإدارة العسكرية الإنكليزية كسبب من أجل تعقيد أي نشاط عملي لفرنسا في الشرق الأوسط، ولتؤمن لنفسها كل التفوق الممكن. العملة التركية بدلت في بداية عام 1919 بالجنيه المصري المرتبط بنظام النقد البريطاني.
[91] الإنكليز بدؤوا ببناء ميناء في حيفا، ولم يسمحوا بترميم واستخدام ميناء بيروت للأغراض التجارية. الأجانب كانوا يستطيعون الوصول إلى بيروت عبر القاهرة فقط، حيث كان يجب عليهم الحصول على جواز سفر ورخصة لممارسة الأعمال التجارية. الإنكليز ولمدة طويلة أخروا في القاهرة والقدس التجار الفرنسيون، تحت مختلف الحجج والذرائع أخروا تسليم الوثائق اللازمة لهم، ولكنهم دون أية عقبات سمحوا لمواطنيهم بدخول سوريا. الرقابة البريدية البريطانية لم تسمح بدخول سورية وفلسطين كاتالوكات ونشرات الشركات التجارية الفرنسية.[92]
المشكلة الثانية في العلاقات الثنائية بين سلطات الاحتلال البريطانية والفرنسية كانت "الدعاية". الفرنسيون كانوا على حق عندما اشتبهوا بالإنكليز بتحمية الروح المعادية للفرنسيين في سورية، وخاصة في أوساط الأكثرية السنية (العرب عرفوا جيداً خطط فرنسا في سورية وأساليب الإدارة الاستعمارية الفرنسية - وبالدرجة الأولى على مثال مراكش التي خضعت منذ مدة للحماية الفرنسية). في القاهرة وتحت أنظار السلطة البريطانية عملت المنظمات القومية للمهاجرين السوريين واللبنانيين.
[93] في دمشق مركز الدعاية أصبح "النادي العربي" الذي نظم المظاهرات المعادية لفرنسا ووجه العرائض للسلطات. زعماء النادي وجهوا السكان على كل الأراضي البلاد وأحياناً باستخدام الخداع والقوة، حسب ادعاءات الشهود الفرنسيين.[94]السلطات الإنكليزية لم تعيق نشاطات النادي، وبغض النظر عن المنع الشكلي لكل الدعايات السياسية. زعماء المسلمين في بيروت تجاوزوا السلطات الفرنسية وتوجهوا بطلباتهم إلى القائد البريطاني المحلي.[95]
باريس لم تضع كل ثقلها من أجل تدعيم سلطات الاحتلال الفرنسية (حتى أن سفن البريد التي نادراً ما كانت تصل بيروت من مرسيليا)،
[96] وعملياً تركت كل النشاطات في أيدي رجال الأعمال والسياسيين. أحدهم كان ف. جورج بيكو، "أحد مؤلفي" الاتفاقية المعروفة والخبير بقضايا الشرق الأوسط، عين في تشرين ثاني/نوفمبر 1918 مفوضاً سامياً لفرنسا في سورية ولبنان.
ولما كانت العواصم الأوروبية تستعد لعقد مؤتمر الصلح، القيادة الفرنسية أسرعت بإعلان مطالبها في الشرق. 29/12/1918 وزير الشؤون الخارجية الفرنسي س. بيشون أعلن في مجلس النواب: "أنه لنا في الإمبراطورية التركية حقوق عير قابلة للجدل، ويجب الدفاع عنها. نحن لنا حقوق في لبنان، وفي سورية، وفي فلسطين. ويستندون على الظروف التاريخية والاتفاقيات المعقودة. وأيضاً يستندون على رغبات وحاجات السكان المحليين، الذين خلال فترة طويلة يعتبرون من زبائننا. نحن يجب علينا بكل الأشكال الحازمة الدفاع عن حقوقنا .. ولكننا نعتبر أن الاتفاقية المعقودة مع إنكلترا، تستمر بربطنا بهم وأن تلك الحقوق المعترف بها والتي سنطالب بحلها في المؤتمر الآن مضمونة بشكل كامل".
[97] هذه الكلمة كانت موجهة قبل كل شيء للإنكليز لأنها اعتمدت على الاتفاقيات السرية غير القابلة للتبديل. ولكنها لم تتفق ومضمون إعلان تشرين ثاني/نوفمبر، التي جلبت عدم الرضا في سورية وعقدت بشدة أوضاع السلطات الفرنسية.
في كانون أول/ديسمبر 1918 جرت في لندن محادثات حكومية بريطانية فرنسية تمهيدية في المسائل المهمة للحل السلمي. شارك فيها مندوبون أمريكيون. ولما لم يكن هناك أية محاضر لتلك الجلسات فنحن يمكن أن نستند إلى تصريحات المشاركين في تلك الجلسات ومعاصريها. في واحدة من تلك الجلسات غير الرسمية ج. كليمنصو
[98] أعطى د. لويد جورج[99] اتفاقية لتسليم الموصل لإنكلترا.[100] وقتها كليمنصو وافق على احتكار السيطرة الإنكليزية على فلسطين. لدى المعاصرين كان تنازل كليمنصو في مسألة الموصل تركت تساؤلات كثيرة وعدم فهم.[101] لويد جورج بالنتيجة قدم للفرنسيين تنازلات كمبادرة طيبة من جانب واحد،[102] كليمنصو خلال حديثه مع سكرتيره مارتيه قدم التنازل عن الموصل كدفعة أولى لتسلم كليكيا.[103]
في 18/1/1919 في باريس أفتتح رسمياً مؤتمر السلام.
[104] الاهتمام الأساسي وجه خلال جلساته من البداية للمشاكل الأوروبية. ومصير البلدان "المحررة" من الحكم الألماني والتركي في آسيا وإفريقيا كانت ضمن اهتمامات المشاركين في المؤتمر. وبغض النظر عن التفوق العسكري والسياسي لبريطانيا العظمى مقابل فرنسا، لويد جورج لم يتسرع في إعداد شروط اتفاقية السلام مع الإمبراطورية العثمانية. ولهذا رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويلسون لم يعترف بأي اتفاقيات سرية وأصر على الإقرار السريع لنظام عصبة الأمم، الذي سيحدد مصير المستعمرات الألمانية والأملاك العثمانية السابقة. عندها لويد جورج استخدم فكرة رئيس وفد جنوب إفريقيا سميتس، واقترح أن تقوم عصبة الأمم وفق شروط خاصة إعطاء بعض الدول المعينة "انتداب"[105] لإدارة الأراضي لتهيئة أفضل الظروف من أجل تطورها. وبهذا الاقتراح الوسط وافق ويلسون، وكليمنصو. ونظرياً كان يمكن توفيق هذا الاقتراح مع برنامج ويلسون للسلام، ولكن من ناحية ثانية "الانتداب" كان يمكن استخدامه لإخفاء السيادة الاستعمارية. وهكذا في عام 1919 لم يستطع أحد تحديد مفهوم "الانتداب" بدقة.
لأنه وفق مبادئ ويلسون أية أراض انفصلت يجب أن تعتمد على إرادة سكانها، قبل بداية أعمال المؤتمر بدأت بالوصول عرائض وطلبات ممثلي البلدان والشعوب الصغيرة. لويد جورج وكليمنصو أعطوا أهمية كبيرة لكلمات تلك الوفود، لأنها أضافت وزناً إضافياً لحججهم الخاصة وللتأثير على آراء ويلسون. ومع ذلك الإنكليز والفرنسيين سعوا لإبعاد الوفود المؤيدة لخصومهم.
الأمير فيصل أراد شخصياً عرض طلباته. الإنكليز اعتبروا طلبه هذا قانونياً تماماً، ولكن فرنسا لم يعترفوا بحق فيصل للتحدث باسم سورية. 26/11/1918 وصل فيصل إلى مرسيليا ولكنه لم يستطع التحدث أمام المؤتمر إلا بعد أن طافوا به في المدن الفرنسية كسائح مهم من ما وراء البحار، وبعد ذلك بكل أدب تم استقباله في المكاتب العليا في باريس ولندن، التي اقتصرت على المجاملات الدبلوماسية، ولو أن في ذلك الوقت جرت المحادثات المبدئية بين رؤساء الحكومات الأوروبية التي أشرنا إليها أعلاه.
[106]
واغتنم اليهود الفرصة وحاولوا الحصول على اعتراف الأمير فيصل بمطالبهم في فلسطين، وتوصلوا في 3/1/1919 إلى اتفاق وقعه الأمير فيصل نيابة عن مملكة الحجاز، والدكتور حاييم وايزمان نيابة عن المنظمة الصهيونية العالمية. وتضمن الاتفاق إقامة علاقات دبلوماسية بين الدولة العربية وفلسطين، والسماح بالهجرة اليهودية إلى فلسطين، وأن أية خلافات يمكن أن تنشأ عن تطبيق الاتفاق يعرض على الحكومة البريطانية للفصل فيه. وذيل الأمير فيصل توقيعه بالملاحظة التالية: "أواف على الاتفاق في حالة واحدة فقط، وهي إذا ما حصل العرب على استقلالهم، كما هو موضح في المذكرة المقدمة إلى وزارة الخارجية في الرابع من كانون الثاني/يناير، وهو ما لم يحدث.
[107]
في 1/1/1919 أرسل فيصل إلى سكرتارية المؤتمر مطالبه. طالب بإقامة دولة عربية موحدة، تضم شبه الجزيرة العربية (عدا عدن التابعة لإنكلترا)، فلسطين، بلاد الرافدين، وسورية حتى خط إسكندرون، ديار بكر. فيصل دخل المؤتمر بصحبة الضابط البريطاني لورنس. بملابس شيخ عربي. ولكن عريضة فيصل لعدة أسابيع تم نسيانها. خلال ذلك الوقت زار الأمير فيصل الخبراء البريطانيين والفرنسيين، البريطانيون نصحوه بشدة القبول بواقع السيطرة الفرنسية على سورية، لأن بريطانيا العظمى لا ترغب في بالخلاف مع حلفائها بسبب سورية. والفرنسيون أشاروا إلى الاهتمام الزائد من قبل الإنكليز، وأبدوا اللوم عليهم لاستخدامهم الأمير من أجل أهدافهم الخاصة. ونصحوا فيصل أن يأخذ في اعتباره قوة فرنسا والامتناع عن "سماع نصائح المتهورين من الضباط العرب، والبريطانيين".
[108] رسالة فيصل تم النظر فيها من قبل مجلس العشرة بعد 29 كانون ثاني/يناير مع غيرها من الوثائق المتعلقة بالإمبراطورية العثمانية. وفقط يوم 6 شباط/فبراير تمكن فيصل من طرح أفكاره شخصيا. وبغض النظر عن الضغوط كرر فيصل الأفكار الواردة في رسالته الخطية. كلمة فيصل أحدثت انطباعاً مهماً على ولسون، ولهذا كليمنصو وبيشون[109] أحسوا بضرورة الوقوف ضد هذا الأمير.
وفي 30/1/1919 المجلس اتخذ قراراً بانتزاع أرمينيا
[110]، وسورية، وفلسطين، والعربية، وكردستان[111] من الإمبراطورية العثمانية، دون أن يتخذ أي قرارا حول مستقبل هذه المناطق. وفي هذا اليوم تمت الموافقة على قرارا اعتبر الأساس للمادة 22 من نظام عصبة الأمم، التي أعد حتى 14 شباط/فبراير وفقاً لتلك المادة : "بعض الشعوب التي كانت تابعة للإمبراطورية التركية سابقاً، وصلت إلى مستوى من التطور الذي يمكنهم من الحياة كأمة مستقلة يمكن أن يعترف بها مبدئياً في حال دعم ومشورة المجالس الإدارية من قبل الجهة المنتدبة في ذلك الوقت، إلى أن يستطيعوا العيش باستقلال. رغبات تلك الشعوب يجب أن تؤخذ بعين الاعتبار بالدرجة الأولى لدى اختيار المنتدب". وهكذا على أراضي الشرق الأوسط كان يجب أن يطبق انتداب الفئة (A )، التي تتمتع بمستوى كبير من الاعتماد على النفس في المناطق الخاضعة للانتداب.
وحتى 13/2/1919 أمام مجلس العشرة كخبراء أمريكيين تحدث الدكتور غ. بليس، مدير الكلية البروتستانتية السورية في بيروت. الذي طالب بإرسال لجنة من الحلفاء إلى الشرق الأوسط لاستطلاع الحقائق الميدانية "رغبات" السكان المحليين وفقاً للنظام بالكامل. عند ذلك كليمنصو ومن أجل عرض رغبات السكان المحليين ، قدم للمشاركين في المؤتمر وفد سوري مؤلف برئاسة رئيس اللجنة المركزية السورية في باريس شكري غانم. وضم الوفد أربع أشخاص مسلم، وملكيت، وماروني، ويهودي، لتمثل كل الطوائف الدينية في سورية شكري غانم
[112] قرأ رسالة طويلة جوهرها تحويل سورية الكبرى (من طوروس إلى الصحراء العربية) إلى فيدرالية لمناطق ذاتية الحكم تحت الحماية الفرنسية. وانتقد بشدة مبدأ توحيد سورية مع العربية في دولة واحدة، لأنه يعتبر البدو العرب كعنصر غريب تماماً عن سورية . خلال القراءة أحد الخبراء البريطانيين همس لويلسن، بأن شكري غانم لم يزر وطنه منذ 35 عاماً مما أدى لعدم اكتراثه بما يجري.[113]
في 15/2/1919 أمام مجلس العشرة مثل وفد المجلس الإداري اللبناني برئاسة الماروني داوود أمون. واستطاع هذا الوفد الوصول إلى باريس بعد تأخير متعمد لبضعة أيام في بور سعيد بأمر من ألنبي بحجة عدم صلاحية جوازات سفرهم التي منحها لهم بيكو. "إطلاق سراح" الوفد تم بعد مصادمة دبلوماسية فقط. مطالب الوفد كانت بمشاركة مباشرة من بيكو، وعلى ما يبدو بموافقة كيد أوريس. ضمت منطقة واسعة للحكم الذاتي اللبناني في إطار الفيدرالية السورية تحت الانتداب الفرنسي، وتوسيع الحدود على حساب المدن الساحلية وسهل البقاع. وكان مطلب استقلال لبنان عن سورية منتشر جداً في ذلك الوقت بين اللبنانيين، وكان هذا في غير صالح الإدارة الفرنسية التي كانت تخطط لفرض سيطرتها على كل سورية. المطالب الخطية للوفد اللبناني قدمت يوم 8/3/1919.
[114]
في ذلك الوقت للمرة الأولى تم النظر في مسألة توزيع مناطق الاحتلال. بعد شكوى لويد جورج من أن بريطانيا العظمى لم يعد بإمكانها الإنفاق على الأراضي التركية جيشاً كبيراً، وتم الدعوة إلى لقاء للممثلين العسكريين. في 5 شباط/فبراير خرج هذا اللقاء بخريطة جديدة لمناطق الاحتلال، وبموجبها الجيش البريطاني بقي في فلسطين وبلاد الرافدين. والفرنسيون في مناطق أدالي والقوقاز، والأمريكيون (في حال موافقتهم) شرق الأناضول.
[115] إقرار هذا المخطط كان مقرراً له في يوم 11 شباط/فبراير ، ولكن لم يحدث. وبدلاً عن ذلك كليمنصو التقى بوزير المستعمرات البريطانية اللورد ميلنر الذي صرح بأن "ولو أننا غير راضون عن مخطط سايكس - بيكو، … فنحن غير راغبون بإخراج فرنسا من سورية أو محاولة احتلال سورية. نحن مهتمون فقط بتوسيع بلاد الرافدين نحو فلسطين وإقامة خطوط مواصلات جيدة بينهما". وبعد ذلك تحدث ميلنر عن علاقات فرنسا مع فيصل، وأن كل "صعوباتها" في أنها نابعة من أن فرنسا "لم تكن مرغوبة من قبل العرب". ولهذا لابد من إجراء محادثات بين فيصل وكليمنصو. وكقاعدة للمباحثات اقترح ميلنر الخطة التالية: ترك مخرج على البحر لفيصل مقابل انتداب "خفيف" فرنسي على كل سورية. كليمنصو طالب بحضور ممثلين عن الإنكليز في المحادثات (على ما يبدوا لدعم حججها).[116] وفي تقريره عن مضمون تلك المناقشات للويد جورج، كتب ميلنر: "إذا كنا نحن نقوم بدور وسيط مستقل بين فرنسا وفيصل ونساعد فرنسا للخروج من الصعوبات الحالية من خلال إقناع فيصل بالتوصل إلى اتفاق معها، نحن يجب أن نعمل على من أجل أن تقوم فرنسا بدورها بتنفيذ وعدها لنا فيما يتعلق بالموصل وفلسطين وبنفس الوقت أن تقوم بإيضاح واسع حول ذلك".[117] ولكن كليمنصو امتنع عن لقاء فيصل على حدى وطالب بحضور ممثلين عن الإنكليز والأمريكيين.[118]
في 20/3/1919 في شقة لويد حورج جرى اجتماع لرؤساء الوفود، المشاركة في مناقشة المسألة التركية. الحديث دار أساساً حول سورية. لويد جورج والمدعو للاجتماع الجنرال ألنبي أعلنا، أن تسليم سورية تحت الانتداب الفرنسي سيؤدي إلى اضطرابات وحتى إلى الحرب، لأن ذلك يناقض اتفاقية بريطانيا مع الملك حسين. بيشون رد بأن الوعود الإنكليزية للعرب لا تهم فرنسا، وطالب باحترام اتفاقية سايكس بيكو وخاصة ما يتعلق منها بسورية. ويلسون رفض كل الاتفاقيات السرية واقترح تطبيق فكرة الدكتور بليسا حول إرسال لجنة من الحلفاء إلى سورية. الإنكليز والفرنسيين "بعدم الرغبة المعروفة (على مضض)" وافقتا.
[119] بعد أسبوع مجلس الأربعة عاد لمناقشة موضوع اللجنة. لويد جورج حاول الاعتراض على الفكرة، ولكن ويلسون أصر عليها. كليمنصو وافق مع الرئيس وأسرع لمناقشة موضوع الراين.[120] وعاد موضوع اللجنة إلى الظهور مرة أخرى يوم 11 أو 25/4/1919. أول مرة لويد جورج وكليمنصو أعلنا أمام ويلسون أنهما يودان معرفة موقف كل منهما بشكل مسبق، وفي 25/4/1919 أعلن لويد جورج أن الحكومة قررت نهائياً عدم قبول الانتداب على سورية. وهكذا لأنه بالنسبة لإنكلترا "الصداقة مع الفرنسيين تساوي سورية عشرة مرات". ويلسون لاحظ أنه لا يرغب بمثل هذا الانتداب للولايات المتحدة الأمريكية على سورية، ولكن اللجنة يجب إرسالها من أجل عدم التنازل عن مبادئ عصبة الأمم.[121]
لويد جورج الذي أجبر كليمنصو على قبول إرسال اللجنة من الممكن أنه أشار له أنه هناك إمكانية لحل كل المسائل في المحادثات الثنائية. كليمنصو فهم أن إرسال اللجنة إلى سورية عملياً هي تحت سيطرة فيصل، ويمكن أن تدفن أمل الفرنسيين على الانتداب. لهذا كان جاهزاً "لتنسيق المواقف" مع الزملاء البريطانيين. إلى ذلك الوقت القيادة البريطانية نضجت خطة "تقليص" "المنطقة" الفرنسية المحتملة في سورية من أجل تأمين المواصلات بين بلاد الرافدين وفلسطين على أراضي خاضعة "بالكامل للبريطانيين". من أجل هذا خطط لضم للمنطقة البريطانية واحة تدمر ومدينة تدمر، وجزء من محافظة حوران التي يسكنها بالأساس الدروز.
[122] ومن الممكن، من أجل الموافقة الفرنسية على تغيير الحدود الإنكليز كانوا مستعدين للتضحية بفيصل وإعطاء ما تبقى من سورية تحت الإدارة الفرنسية المباشرة.
المحادثات بين فيصل وكليمنصو جرت في 14/4/1919. الوزير الأول الفرنسي أخبر الأمير، بأن القوات الفرنسية يجب أن تبدل القوات البريطانية في سورية. الأمير عارض قطعياً ضد ذلك ولكن كليمنصو أعلن، أن الامتناع عن إرسال القوات إلى سورية سيكون "إهانة قومية لفرنسا".
[123] وبغض النظر عن الخلاف الكبير في وجهات النظر الزعيمين اتفقا على الإعراب عن العلاقات الإيجابية حيال بعضهما البعض من خلال تبادل الرسائل الرسمية.
مضمون تلك الرسائل كان إيجابياً، ولكن كاتبيهما تحدثا عن مواضيع مختلفة تماماً. 17/4/1919 كليمنصو كتب عن استعداد فرنسا "الاعتراف بحق سورية بالاستقلال على شكل فيدرالية لمحليات ذات حكم ذاتي وفقاً للتقاليد ورغبات السكان". فرنسا كانت مستعدة لتقديم لسورية في هذا "المساعدة المادية والمعنوية"، وبشكل رئيسي عن طريق إرسال المستشارين. فيصل في 21/4/1919 شكر كليمنصو على موافقته على إرسال إلى سورية لجنة من الحلفاء، وأنهى رسالته بالكلمات التالية: "أنا واثق من أن شعب سورية سوف يعرف كيف يعبر لكم عن تقديره". ولكن لم يذكر أية كلمة عن أنه ينتظر أية مساعدة من فرنسا.
[124] وبشكل عام عند الإشارة إلى سكان سورية كليمنصو استخدم تعبير الجمع (" Ies populations ")، وفيصل تعبير المفرد (" the people of Syria "). وحتى في هذه الإيماءات اللغوية تظهر كل الخلافات في وجهات النظر السياسيين الاثنين حول طبيعة البلاد، التي يتحدثون عنها.
الرسالتين تم استلامهما وقراءتهما من قبل أصحاب العلاقة، ولكن بشكل رسمي وكأنهما لم يكونا. المراسلات تمت على الشكل التالي: كليمنصو، كتب رسالته، وبشكل غير رسمي أرسلها لفيصل مع سؤال أي رد سيكون. فيصل أيضاً بشكل غير رسمي كتب لكليمنصو الرد، حيث بصراحة عبر عن مطالبه السياسية. هذه الوثائق وقت في أيدي مستشار بيشون ورئيس لجنة "آسيا الفرنسية" روبيرت دي كيه (على ما يبدو أسندت له مهمة الاتصال بالأمير) دي كيه رفض اقتراحات الأمير نصاً ومطالب، وطالب أن يكتب رسالة جديدة. فيصل كتب الرسالة التي أشرنا لنصها أعلاه. وهي على ما يبدوا وصلت لكليمنصو ولكنها لن تعجبه، وهكذا هو لم يرسل بشكل رسمي رسالته للأمير.
[125] إلى جانب أنه في خضم الخلاف مع لويد جورج بخصوص سورية (وهو ما سنشير إليه لاحقاً) هو عرض الرسالتين كاتفاقية حقيقية مع فيصل.
في كتابات فيصل تاريخ محادثاته مع كليمنصو تظهر مبهمة جداً. بعد عودته إلى دمشق وحديثه مع المستشار السياسي للالنبي الجنرال كليتون أكد فيصل على أن "بنصيحة لورنس" عقد مع كليمنصو اتفاقية شفهية اعترف فيها بالانتداب الفرنسي بشرط "استقلال سورية" (على ما يبدوا الحديث دار الحكم الذاتي).
[126] عن شروط هذه الاتفاقية يمكننا أن نحكم فقط من خلال المقترحات التي أعدت بمشاركة لورنس من أجل محادثات فيصل مع كليمنصو. توقع قيام الانتداب الفرنسي على سورية وفق الشروط الشبيهة بوضع مصر بالعلاقة ببريطانيا العظمى. لبنان ومن الممكن محافظة الدروز[127] كان يجب أن يحصلوا على حكم ذاتي. ولكن فيصل اعترف بأنه لم يكن راغباً أبداً بتنفيذ هذه الاتفاقية وأراد الانتداب البريطاني، لو علم أن الإنكليز مستعدين لذلك.[128]
خلال جلسات المؤتمر كليمنصو وافق على أية مبادرات لويد حول آسيا الصغرى (مثال نزول القوات اليونانية في سميرنه 15/5/1919)، وانتظر الرد على شكل تنازلات في المسائل الألمانية والسورية. ولكنه حاول عدم إثارة قضية الشرق الأوسط، كي لا يعكر المحادثات الحساسة (على الأكثر غير الرسمية) حول ألمانيا. واستمرت هكذا حتى تسليم نص الاتفاقية للألمان يوم 7 أيار/مايو كليمنصو طالب بحق احتلال المناطق الداخلية من سورية، ولكن لويد جورج اعترض لأن اتفاقية سايكس بيكو لا تسمح لفرنسا بذلك. فرد كليمنصو بأن ذلك بالتبادل لقاء التنازل عن الموصل انتظر مساعدة الإنكليز حول دمشق وحلب. 21 و22/5/1919 المسألة السورية شدت زعيمي البلدين الأوروبيين إلى خلاف مفتوح. كليمنصو طالب بانسحاب قوات اللنبي من سورية وكليكيه. لويد جورج اقترح الانتظار حتى النتائج التي ستتوصل إليها اللجنة، ومؤقتاً إعطاء فرنسا الانتداب على سورية. كليمنصو رد برد غاضب. وما أثار غضبه على الخصوص نتائج المحادثات بين المفوضين للحكومتين أ. تارديه، و غ. ويلسون عن مناطق الاحتلال، حيث اقترح المندوب الإنكليزي اقتطاع أجزاء من المنطقة الفرنسية.
[129] لويد جورج امتنع عن متابعة النقاش، وويلسون أخذ دور المصالح بينهما ونصحهما بتأجيل اتخاذ القرار. كليمنصو أعلن أنه لا يرى أية فائدة من إرسال المستشارين الفرنسيين طالما أن سورية تبقى تحت الاحتلال البريطاني، ولكن لويد جورج امتنع عن إرسال ممثليه للجنة، إذا شارك فيها الفرنسيون، ولو أنه كان مستعداً لقبول قرار المستشارين الأمريكيين. قبل هذا استمر في سورية نظام إدارة الاحتلال.[130]
بعد ذلك ويلسون بدأ بإعداد "القسم الأمريكي في لجنة الحلفاء حول الانتداب في تركيا". لويد جورج كان بحاجة للجنة من أجل كسب الوقت، أما الفرنسيين ولو أنهم كانوا غير متحمسين كانوا مضطرين لإظهار تعاطفهم مع اللجنة. الأمير فيصل على العكس، فقد عقد عليها آمالاً كبيرة. معظم أراضي البلاد كانت تحت سيطرته عقد آماله على تنظيم استقبال اللجنة، كي يقنعها بتأييد السكان المحليين لخططه. وهكذا، صيف عام 1919 مسألة مصير سورية ولبنان أصبحت تتعلق مباشرة بنشاط اللجنة الأمريكية.
30/4/1919 وبعد عودته من أوروبا فيصل ألقى كلمة في اجتماع حاشد في دمشق. حيث أعلن عن قرار المؤتمر إرسال لجنة، ودعا السوريين مطالبتها بالاستقلال "الكامل والناجز" لبلدهم
[131] وأعلن عن نيته دعوة المؤتمر السوري العام، الذي يمكن أن يملك الحق التحدث باسم الشعب. في 9/5/1919 دعى الأمير للقاء ملاك الأراضي السوريين بما فيهم زعماء الأقليات الدينية: الدروز، اليهود، المسيحيين. وكلهم ساندوا فيصل، ولو أن الزعماء المسيحيون (الملكيين، والبطريركية الأرثوذكسية) لمحوا ببعض الشروط الأولية من أجل هذه المساندة.[132]
في أواسط أيار/مايو فيصل فجأة دعى إلى دمشق من للمحادثة بيكو. وعبر عن موافقته على الانتداب الفرنسي، الذي يجب أن يقتصر على المساعدة المالية وإرسال المستشارين إلى سورية. وفي هذا سلطة الحكومة العربية يجب أن تشمل الساحل، وعلى فرنسا قبل وصول اللجنة أن تعلن بياناً بهذا الشأن، تضمن وحدة الأراضي السورية، والفلسطينية، وكليكيا، والموصل، ومساندة مطالب استقلال عرب جنوب العراق. هذه الشروط كانت غير مقبولة لفرنسا وغير قابلة للتنفيذ، وهو بعد شهر ما أخبر عنه بيكو رسمياً فيصل.
[133] ولكن حقيقة محادثات فيصل مع ألد أعداء القوميين العرب كانت غريبة. في المناقشات الخاصة والمراسلات مع الشخصيات الرسمية الإنكليزية (مثال: الرسالة الموجهة لأللنبي بتاريخ 12/6/1919) فيصل كرر دون ملل أن أفضل حل له ولكل "الشعب السوري" هو الانتداب البريطاني، بغض النظر عن الرفض الرسمي لبريطانيا العظمى له.[134] ومن المحتمل أن فيصل استخدم محادثاته مع بيكو لإثارة الخلافات بين الحلفاء في أنتانتا.
في حزيران/يونيو 1919 كل الجهات المعنية اعدوا بنشاط لوصول اللجنة الأمريكية. بيكو سعى لضمان تأييد المطالب الفرنسية في المنطقة الغربية، لأن حقيقة محادثات الفرنسيين مع فيصل في باريس وفي دمشق أثارت الشكوك حول الاعتماد على فرنسا وحلفائها المقربين – موارنة جبل لبنان، الذين عملياً حددوا سياسة مجلس إدارتهم للسنجق السابق. حتى 20 أيار/مايو تلك الإدارة أعلنت استقلال البلاد "في الحدود الجغرافية والتاريخية" وهذا يعني بما فيها المدن الساحلية وسهل البقاع. عن الانتداب الفرنسي لم تكن أية إشارة. بطريرك الموارنة إلياس حايك تحت الضغوط القوية لأبناء طائفته الذي أقنعوه بالتوجه إلى باريس للدفاع عن استقلال لبنان عن سورية. البطريرك حاول إقناع بيكو بأنه على حق، أرسل الكثير من البرقيات إلى وزارة الخارجية الفرنسية وشخصياً لكليمنصو. وعلى ما يبدوا دون فائدة من تلك الجهود أجبرته على التوجه سراً إلى أللنبي باقتراح إقامة الانتداب البريطاني على لبنان مقابل ضمان استقلاله عن سورية. ولكن الإنكليز نصحوه بالتوجه إلى اللجنة الأمريكية، وحتى أواسط حزيران/يونيو حايك اقتنع، بأن الفرصة الوحيدة لإقامة الدولة اللبنانية بحدودها الموسعة ممكنة بالاعتماد على فرنسا.
[135]
بيكو حاول الاستفادة من هذا التوجه عند القادة اللبنانيين أثناء لقاءه الجديد مع فيصل في 18/6/1919. ومقابل المساعدة على الحفاظ على لبنان كمنطقة ذات حكم ذاتي ضمن سورية بيكو طلب من فيصل أن " يخبره عن موقفه الذي يخطط له أمام اللجنة الأمريكية"، وأيضاً ذكره بوعده بقبول مساعدة المستشارين الفرنسيين، الأمير تهرب من الجواب المباشر وأخذ على فرنسا رفضها الاعتراف بوحدة أراضي واستقلال سورية. بيكو تحجج بعدم إمكانية مثل هذه الخطوات الانفصالية ومن الظاهر كان يريد إضعاف صلات الأمير بالإنكليز، قال أنه خلال المؤتمر فقط إصرار فرنسا أنقذ سورية من فقدان محافظة حوران والأراضي الواقعة بين دمشق والفرات، وهو ما سعى إليه الإنكليز . بيكو أعلن أيضاً أن اللجنة الأمريكية لا تملك الصلاحيات من مؤتمر السلام وستعمل فقط بأوامر من الرئيس ويلسون.
[136] بعد هذا الحديث بيكو صرح للمندوب البريطاني في دمشق المقدم كورنوليس، ولو أن سكان المنطقة الشرقية أمام اللجنة سيكونوا بالكامل تقريباً ضد فرنسا، في حال الاقتحام العسكري لعمق سورية فإن فرنسا لن تلقى مقاومة ملحوظة.[137] في نفس الوقت بعد فشل محادثات بيكو وفيصل، الفرنسيون توقفوا عن الوقوف ضد انفصال لبنان عن سورية. في 10/6/1919 مجلس إدارة الحكم في لبنان اتخذ قراراً يساند الانتداب الفرنسي، ضمن شروط التي تحددها الحكومتين اللبنانية والفرنسية بشكل مشترك.[138]
وإذا كان بيكو يستطيع الاعتماد فقط على الأقليات الدينية، وبشكل رئيسي على الكاثوليك، كان فيصل يعتمد على الأكثرية الإسلامية في البلاد. الأمير طالب ليس "ركوب" الحركة الشعبية العفوية فقط وتوجيهها في الاتجاه المطلوب. عندما جاء أخبار من الممثل الحجازي
[139] في باريس بأن الدول العظمى قرروا نهائياً إقامة نظام الانتداب في سورية، السياسيون الدمشقيون وفقاً لتقرير المقدم كورنوليس إلى لندن أصبحوا يميلون إلى انتداب أمريكي أو بريطاني، وجوهرياً "كانت لديهم قناعتين، الأولى أنهم يريدون الاستقلال؛ والثانية أنهم لا يريدون فرنسا"، لهذا فيصل لم يستطع التقارب مع فرنسا حتى ولو أراد ذلك.[140] الحكومة القومية في دمشق بكل الطرق أيدت العداء لفرنسا على الساحل. والانتفاضة الهامة من بين تلك الانتفاضات كانت انتفاضة العلويين[141] حول مدينة اللاذقية. هدفها كان الحكم الذاتي للمنطقة العلوية، ولكن زعيم الانتفاضة الشيخ صالح العلي أعلن عن تضامنه مع حكومة فيصل، على ما يبدوا اعتبر أن ذلك شر أقل من الحكم الفرنسي.[142]
في نهاية حزيران/يونيو في دمشق انعقد المؤتمر السوري العام. أعضاءه كانوا العرب المنتخبون لعضوية المجلس العثماني الأخير. واعتبر نفسه مفوضاً بالتحدث باسم سكان المناطق المحتلة الثلاث. وحتى 2 حزيران/يونيو المؤتمر اختار برنامجاً موحداً من أجل تقديمه إلى اللجنة الأمريكية. هذه الوثيقة أصبحت معروفة باسم "برنامج دمشق". وبموجبها سورية يجب أن تصبح "بالكامل مستقلة تماماً" ملكية دستورية فيدرالية وعلى رأسها فيصل وتضم كل الأراضي من طوروس إلى الصحراء العربية، ومن البحر الأبيض المتوسط إلى نهر الفرات ونهر الخابور. وكانت هناك موافقة على الانتداب على شكل المساعدات التقنية والمالية، الذي يمكن أن تقدمه الولايات المتحدة الأمريكية أو بريطانيا العظمى، ولكن ليس فرنسا. وأيضاً كانت هناك أصوات تطالب بإلغاء كل الاتفاقيات والتزامات الدول العظمى حول تقسيم الأراضي العربية (بما فيها وعد "بيان" بلفور) والاحتجاج على أية محاولة لفصل فلسطين أو لبنان عن سورية، ورفض المادة 22 من نظام عصبة الأمم، ومطالب باستقلال بلاد الرافدين واتحادها الجمركي مع سورية.
[143]
علاقة بريطانيا العظمى بالموقف في سورية على عتبة وصول اللجنة حددتها عدة حقائق. الإنكليز استطاعوا استثناء من خط اللجنة بلاد الرافدين، ولكن فلسطين بقيت فيه كأول نقطة. في تقرير اللجنة يمكن أن تقع شواهد عن المقاومة الشديدة للسكان المحليين لخطة إقامة "وطن قومي لليهود"، وهو ما يمكن أن يضع تحت الشك إمكانية بريطانيا العظمى للإدارة السلمية لفلسطين. في نفس الوقت الإنكليز كانوا مهتمين بالحفاظ على حكومة فيصل الصديقة في سورية. هم لم يسعوا لإقامة انتدابهم، ولكن الكثير من الضباط في أماكن تواجدهم لم يستطيعوا القبول بضرورة ترك البلاد التي تحتلها القوات الإنكليزية. وإلى هذا فيصل نظر إلى وجود القوات البريطانية كضمانة رئيسية ضد الغزو الفرنسي. في هذا الوضع الحكومة البريطانية حاولت المناورة وأكدت مساندتها في نفس الوقت لفرنسا والعرب.
[144] ولم تستطع أي من الجهتين القبول بمثل هذه السياسة المزدوجة. المندوب العسكري البريطاني في حلب عرض كلمات فيصل في تقريره: "فرنسا بالكامل تعتمد على إنكلترا وأمريكا في وجودها المستقبلي وعن هذا الأمير يعرف بشكل ممتاز. هو لا يستطيع فهم لماذا إنكلترا هكذا تخاف أن تصدم البلد التي بمنطق الحاجات يجب أن تكون مستعدة تقريباً لأي تضحية من أجل تجنب العداء مع إنكلترا. بالنتيجة عند الأمير بدرت شكوك غير مرئية بأنهم يبيعون العرب".[145]
وإلى جانب الحصول على فوائد من الخلافات بين فرنسا وفيصل، ظهر عند الإنكليز أسباب جديدة عن الوضع القلق في الشرق الأوسط. اعتباراً من ربيع 1919 تأزم الوضع فجأة في مصر، التي نعتبر أهم قلعة لبريطانيا العظمى في المنطقة. مخاوف كبيرة للسلطات البريطانية سببتها احتمالات توحيد الحركة القومية المصرية، والفلسطينية، والسورية تحت شعارات المجددين العرب. في رسالته إلى فورين أوفيس بتاريخ 30/5/1919 أللنبي عرض مخاوفه، من أن فيصل يمكنه إنهاض العرب ضد الإنكليز وضد الفرنسيين في حال عدم قدوم اللجنة.
[146] الجنرال كلينتون 1/6/1919 حذر اللورد كيرزون، الذي أدار عمليا فورين أوفيس أثناء غياب أ. بلفور، بأن تقسيم سورية العشوائي بدون الأخذ في الاعتبار تقرير اللجنة ستثير في البلاد عدم الرضا.[147] وقلق كليتون الخاص كان كغيره من الضباط الكبار البريطانيين من التصرفات الفرنسية غير المسؤولة، وخاصة بيكو لقدوم اللجنة. لهذا طلب من لندن السماح له بالتصريح العلني بأن المجلس الأعلى لأنتانتا يعير أهمية جدية كبيرة لمقترحات اللجنة. كيرزون حول هذا الطلب إلى بلفور، الذي أعطاه رد واضح، بأن الفرنسيين على الأكثر لا يوافقون على مثل هذا البيان.[148]
وهكذا الإنكليز لم يكونوا سعداء بسبب وصول اللجنة وتوقعوا أن يكون ظهورها يمكن أن يساعد على تجنب حالة عدم الرضا العامة في الشرق الأوسط ويؤخروا اتخاذ قرار حول وضع الأراضي العربية المحتلة. حسب رأي المؤرخ الأمريكي ب. هيلمريتش، الإنكليز فهموا أنه ولو في كل مكان اللجنة يمكن أن تلتقي بروح معادية لبريطانيا، لكن عداء السكان لفرنسا كان أقوى بكثير. الإنكليز كانوا مقتنعين: كل العرب عدا اللبنانيين كانوا أمام خيار اختيار الانتداب البريطاني عن الفرنسي. من الممكن الكثير يمكن أن يختاروا الانتداب الأمريكي، ولكن ويلسون استبعد بشكل واضح أية إمكانية لزيادة دور الولايات المتحدة الأمريكية في العالم العربي. ولو أن نتائج اللجنة يمكن أن تكون غير مرضية لبريطانيا العظمى، ولكن لفرنسا يمكن أن تكون أسوأ بكثير. غياب توقيع المندوبين البريطانيين على مثل ذلك التقرير يمكن أن تزيده قناعة.
[149]الفرنسيون لم ينتظروا من اللجنة أي شيء جيد وكانوا مستعدين عدم الاستجابة لنتائجها، ولكن العرب، وخاصة المسلمين رأوا في نتائج اللجنة الإمكانية الأخيرة للوصول إلى طريق السلام المستقل.
في نفس الوقت المنظمات الإنسانية والتعليمية الأمريكية بدءوا بحملة دعائية نشيطة في سورية. الدور الرئيسي بها لعبه الصليب الأحمر الأمريكي، والكلية البروتستانتية السورية. الوسيلة المباشرة للدعاية كانت ما تسمى العصبة القومية لسوريا الجديدة. هذه المنظمة وجهت السوريين للسعي للحصول على الاستقلال الكامل، والاعتماد على "مساعدات" الولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى وحيدة "ليست لها مصالح (اهتمامات)" في شؤون الشرق الأوسط.
[150] الإنكليز ليس فقط لم يعيقوا مثل هذه الدعاية، ولكنهم شجعوها.[151] من دون شكل الفائدة لبريطانيا العظمى من هذا كان في إضعاف، التأثير الفرنسي الضعيف بحد ذاته. وهناك معطيات على أن فرنسا حاولت أن تدفع للإنكليز بنفس تلك العملة، من خلال إقناعها الفلسطينيين العرب بأن فرنسا بعكس بريطانيا العظمى ليس لها علاقات بالخطط الصهيونية، وأنها أكثر ملائمة كدولة منتدبة على فلسطين.[152]
في 10/6/1919 في ميناء حيفا الفلسطيني نزلت اللجنة الأمريكية المنتظرة. رأس اللجنة الدكتور هنري كينغ المتخصص في الشؤون الدينية، والتعليم، والفلسفة، وتشارلز كرين، من صناعيي شيكاغو، سابقاً في عام 1917 عضو البعثة الدبلوماسية الخاصة ويلسون في روسيا. اللجنة دخلت التاريخ كلجنة كينغ – كرين. ويلسون نفسه قال عن هؤلاء الناس بأنهم "أعدوا جيداً للسفر إلى سورية، لدرجة أنهم لا يعرفون عنها أي شيء.
[153] رافقهم خمسة مستشارين، اعتبروهم مختصون في شؤون الشرق الأوسط. بينهم يجب الإشارة الكابتن وليام ييل، الذي لفترة طويلة كان ممثل تريست "ستندارد ويل" في الشرق الأوسط.
اللجنة بدأت عملها بزيارة فلسطين. في دمشق ظهرت في 26/6/1919 ومن ثم توجهت إلى الجنوب، في عمان ودرعا وعادت إلى دمشق 2/7/1919، وبعد ذلك جولتها كانت على الشكل التالي: بعلبك، بيروت، جبيل، بكركي، صيدا، صور، بعبدا، زحلة، طرابلس، إسكندرونة
[154]، اللاذقية، حمص، حماه، حلب، أضنه، طرسوس، مرسين. ومن مرسين اللجنة 21/7/1919 غادرت إلى اسطنبول. وهكذا زارت كافة أراضي مناطق الاحتلال الأربعة، بما فيها لبنان، والمناطق الداخلية لسورية، وكليكية.[155] أسلوب عمل اللجنة كان جمع أكبر كمية ممكنة من مطالب السكان المحليين الشفهية والخطية (بشكل رئيسي من الشخصيات التي تتحدث باسم مجموعة سياسية أو دينية أو قومية أو قبلية أو عائلية). أعضاء اللجنة اعترفوا بتأثير الدعاية وشككت بالكثير من العرائض، واعتبروا مثل هذه الظواهر من قبل كل الأطراف متساوية مع بعضها البعض، وأن الاستنتاجات الأخيرة ستكون واقعية.
اللجنة عملت في ظروف صعبة تصاعدت فيها حدة الأجواء السياسية. كل الجهات المعنية حاولوا التأثير على استنتاجات اللجنة عن طريق الدعاية و"الإمكانيات الإدارية"، الضغط وتوجيه الوفود القادمة لمقابلة اللجنة. الدعاية البريطانية لم تخرج من إطار المنطقة الجنوبية (فلسطين)، ولكن أنصار فيصل دعوا بنشاط "لبرنامج دمشق" في المناطق البريطانية والفرنسية. الإنكليز لم يضعوا لهم العقبات، ولكن الفرنسيين حاولوا تحييدهم (تجميدهم). الأمير فيصل نفسه صرح بأنه بالنسبة له لا فرق بين الانتداب البريطاني أو الأمريكي، ولو أن أعضاء اللجنة عرفوا بشكل جيد توجهه الإنكليزي.
[156] الضغط الأكبر على السكان المحليين قامت بها الفرنسيون. وبالإشارة إلى "الملاحق السرية" للتقرير اللجنة أنهم أرهبوا وأخافوا وهددوا واشتروا الزعماء المحليين، ولم يسمحوا بمقابلة اللجنة الشخصيات غير المرغوبة لهم، واستبدلوا أعضاء الوفود الذين هم غير موالين لهم بأنصارهم وحتى أنهم اعتقلوا خصوم الانتداب الفرنسي.[157]
المشاهد (المعاصر) الفرنسي غونتونت-بيرون، على العكس يشير الأفعال غير المقبولة للإنكليز وحلفائهم العرب، الذين أجبروا السكان المحليين على التوقيع على أوراق بيضاء، التي بعد ذلك كتبوا عليها العرائض. الضباط الإنكليز الذي رافقوا اللجنة في فلسطين، أعطوا تعليماتهم لمقدمي العرائض، قبل أن يمثلوا أمام اللجنة،
[158] وفي المنطقة العربية أخافوهم وهددوهم.[159] محاولات السلطات العربية والبريطانية في حلب عدم السماح لوفد القبيلة البدوية المحلية "عنزة"[160] المؤيدون لفرنسا بمقابلة اللجنة ، تحول إلى خلاف كبير، وأخبارها وصلت لندن وباريس. زعيمهم و11 شيخاً شهدوا أمام اللجنة لصالح الانتداب الفرنسي، تم اعتقالهم على الطريق من حلب إلى بيروت من قبل الإنكليز بتهمة التجسس لصالح القوميين الأتراك، وأيضاً بتهمة "النهب على الطريق".[161] وأنصار فرنسا أيضاً بعض المنحدرين من الأملاك الفرنسية في شمال إفريقيا، وخاصة الجزائريين.[162]
في المناطق الأربعة اللجنة جمعت 1863 عريضة، منها 80% طالب بوحدة سورية الكبرى، و73% استقلالها التام، و59% أرادوا أن تكون سورية مملكة ديمقراطية بقيادة فيصل . الانتداب الأجنبي طالبت فيه بعض العرائض القليلة: الانتداب البريطاني 4.5%، الفرنسي 14.5%، الأمريكي 3%. في نفس الوقت 57% من العرائض أيدت "المساعدة" الأمريكية. وفي حال رفض الولايات المتحدة الأمريكية 55% من العرائض طلبوا "المساعدة" من بريطانيا العظمى (الاختيار الثاني). في 60% من العرائض كان مضمون معادي لفرنسا.
[163] مواقف المستفتين طبعاً تميزت حسب مكان السكن، والدين، والانتماء القومي.
حلفاء فرنسا الذي اعتمدت عليهم كانوا زبائنها القدماء – الكاثوليك- العناية، وقبل الجميع الموارنة. وأهم خصوم التدخل الفرنسي كانوا المسلمين السنة. الجماعات الأرثوذكسية انقسمت إلى: قسم أيد فرنسا، وقسم أيد فيصل وبريطانيا العظمى. جماعات الشيعة والدروز والعلويين والمتاولة
[164] كان همهم منصب على الحصول على الحكم الذاتي الخاص بكل منهم، وفي نفس الوقت الدروز حافظوا على علاقاتهم التقليدية مع بريطانيا العظمى.[165]مقترحات اللجنة خرجت ببعض الأوضاع البسيطة. كل سورية بما فيها لبنان وفلسطين، يجب أن توضع تحت انتداب الدول العظمى، وخاصة الولايات المتحدة الأمريكية. في حال عدم إمكانية ذلك الانتداب يجب أن يكون لبريطانيا العظمى، ولكن ليس بحالة من الأحوال فرنسا. وإذا كانت المسألة السورية ستهدد علاقات فرنسا بالحلفاء، عند ذلك يمكن منحها الانتداب على لبنان (في حدود ما قبل الحرب)، ولو أن اللجنة لم توصي بذلك.[166]
كابيتان ييل أعد تقريره الخاص. رأيه يختلف تماماً عن رأي كينغ وكرين. فهو وصف الوضع في سورية على الشكل التالي: "البريطانيين يريدون الاحتفاظ بفلسطين، وهو راغبون بالسيطرة على سورية. وهم لا يريدون رؤية الفرنسيين حتى في جبال لبنان. ولكنهم يفهمون أنه دون مقاطعة مكشوف مع فرنسا هم لا يستطيعون إجبارها على الامتناع عن مطالبها، وهم كانوا سعداء، لو الولايات المتحدة الأمريكية جاؤا إلى هنا وأخذوا سورية. البريطانيين سمحوا وشجعوا الدعاية العرب الشباب ( the Young Arabs ) من أجل سورية موحدة (ولو أن هذا قد يكلفهم فلسطين)، كي يهيئوا الظروف التي تجبر الولايات المتحدة الأمريكية تقبل الانتداب على سورية".
[167]
وهنا لا نريد تحليل تقرير اللجنة من وجهة نظر السياسة الخارجية للولايات المتحدة الأمريكية. فمن الواضح أنه لا يجب أن نلحق بالأمريكيين خطط "احتلال" أراضي واسعة في الشرق الأوسط كما فعل بعض المؤرخين السوفييت خلال خمسينات القرن العشرين.
[168] كينغ وكرين لم يقترحوا إرسال إلى البلدان العربية قطعات كبيرة من القوات الأمريكية. كحد أقصى الذي توقعوه هو إرسال للحكام المحليين مستشارين وخبراء تقنيين. وحتى هذا غامضاً بسبب الموقف الانعزالي في مجلس الشيوخ بالولايات المتحدة الأمريكية.
بالنسبة لإنكلترا وفرنسا لجنة كينغ وكرين كانت إلى حد ما تنازل "وفق الظروف" وضرورة الأخذ بالاعتبار "آراء السكان المحليين" عند اتخاذ قرار حول النزاع على الأراضي. لهذا حاولوا بكل الطرق إيجاد الظروف المناسبة لهم "الرأي العام". ولكن في الواقع حل المسألة السورية كان يجري بطريق آخر، وتقرير اللجنة قد "وضع على الرف". النتائج العملية لعمل اللجنة أدت إلى تأخير لبضعة أشهر حل مسألة الأملاك العربية لتركيا وتأجيج مستقبل العداء ضد فرنسا في تلك الأراضي.
في نهاية تموز/يوليو 1919 في الصحافة الفرنسية بدأت حملة معادية لبريطانيا بسبب المسألة السورية. البداية كانت مقالة الصحفي الشهير وأحد نشطاء "الحزب الاستعماري" روبير دي كي في مجلة " Bulletin d'Asie Francaise " الصادر بتاريخ 26/7/1919. دي كي اتهم إنكلترا بتشجيع الروح المعادية لفرنسا من قبل السلطة "الشريفية" (وهذا يعني حكومة فيصل) وتهيئة الظروف الاقتصادية المثلى لأنفسهم في سورية على حساب المصالح الفرنسية. نفس الاتهامات تردد في وقت لاحق من قبل الصحيفة المؤثرة “Le Temps” .
[169] الصحافة الفرنسية طالبت بإرسال قوات فرنسية إلى سورية لتحل مكان القوات البريطانية. وفي نفس الوقت فورين أوفيس[170] بدأ يستلم رسائل وتصريحات من وزارة الخارجية الفرنسية حول إدانات مشابهة للسياسة البريطانية في سورية. 28/7/1919 استلم بلفور مثل هذه الرسالة من بيشون، وفي 1/8/1919 كيرزون أرسل لبلفور رسالة السفير الفرنسي ب. كامبون. إلى جانب تكرار الإدانات القديمة، بيشون وكامبون اشتكوا على اعتقال السلطات البريطانية العرب من أنصار فرنسا وتسليح القطعات "الشريفية" الجديدة في الحجاز.[171]
ردود الفعل البريطانية كانت قاسية. إلى فورين أوفيس دعي سكرتير السفارة الفرنسية دي فليريو، الذي شغل مكان كومبانا غير الموجود. وتم إبلاغه، بأن بريطانيا العظمى كانت تساند المطالب الفرنسية في سورية دائماً، وأكثر من مرة رفضت الانتداب على هذه الدولة. وعن هذا الوضع غير الملائم مسؤولة فرنسا وحدها، ومقاومة أللنبي تبديل القوات البريطانية بقوات فرنسية تم شرحها فقط في تجنب الصدام مع العرب. من الممكن بعض الضباط البريطانيين في أماكن تواجدهم كان لهم قاعات معادية للفرنسيين، ولكن هذا لم يثبت. ومع ذلك الحملة المعادية لبريطانيا في الصحافة الفرنسية كانت منظمة إلى حد بعيد، حتى أنه ظهرت شكوك بأنها موجهة من قبل الحكومة الفرنسية. دي فليريو أجاب بأن لا بيشون، ولا الحكومة ليس لهم أية علاقة بحملة الصحافة. وإذا كان العملاء البريطانيون في سورية لم يتقيدوا بسياسة الحكومة، هذا يعني انه في باريس من الممكن وجد أشخاص يكتبون مقالات دون أن يأخذوا في اعتبارهم نصائح قادة الدولة.
[172]
وبسرعة المبعوث البريطاني في باريس ج. غريم استقبله س. بيشون وكرر له كل ما سمعه دي فليريو في لندن. بيشون رد: "ملفاتي مليئة تقارير عن الدعاية المعادية لفرنسا، التي يقوم بها العملاء البريطانيون والسوريون … هذه التقارير مفصلة بشكل كافي ومطابقة لبعضها البعض، حتى أن للحكومة الفرنسية من غير الممكن أن لا تصدقها". غريم اخبر بأنه وفق معلوماته الخاصة القيادة البريطانية في سورية يقلقها فقط تجنب أية دعاية ، ولفت نظر بيشون إلى حملة الصحافة. بيشون رد، بأن الصحافة عكست فقط الرأي العام، والمسألة السورية أصبحت في فرنسا هامة إلى حد أن الحكومة "ستسقط" إذا تجاهلتها، في بريطانيا العظمى كان يجب أن تقوم بخطوات لتلبية المطالب الفرنسية، إذا كانت مشاعر الصحافة الفرنسية لا تعجبهم.
[173]
وهكذا حتى نهاية صيف عام 1919 الفرنسيون بدءوا يفقدون صبرهم بسبب المماطلة في حل المسألة السورية. في القيادة البريطانية لوحظت خلافات في وجهات النظر. كيرزون
[174] لم يسارع لملاقاة مطالب الحلفاء، ولكن بلفور كان مستعداً لهذا من أجل الحفاظ على أنتانتا. 26/6/1919 في قمة نشاط اللجنة الأمريكية، قدم للمجلس اتفاق قصير مع مخطط جاهز لتوزيع الانتداب: فرنسا – سورية. بريطانيا العظمى - بلاد الرافدين، وفلسطين. الولايات المتحدة الأمريكية – أرمينيا. إيطاليا – من الممكن القوقاز. الانتداب الفرنسي يجب أن يشمل اسكندرونة، ولكن لا يجب أن يشمل كليكية، كي لا تثير حقد الإيطاليين. كيرزون وافق على المبادئ الرئيسية في الاتفاقية اقترح عدم إعلانه قبل قرار الكونغرس الولايات المتحدة الأمريكية حول الانتداب.[175] في 11/8/1919 بلفور قدم اتفاقية أكثر تفصيلاً حيث بالتفصيل ودقة منطقية حلل كل تاريخ المسألة العربية. عن الوضع حول سورية كتب: "نفكر نحن أم لا في مبدأ أن نأخذ في الاعتبار مطالب السكان ؟ نحن لا نفكر في أي شيء من هذا القبيل. وانطلاقاً من الرأي المشترك، هناك فقط الانتدابات الممكنة، إنكلترا، أمريكا، وفرنسا. .. إنكلترا رفضت. أمريكا ستمتنع. وهكذا مهما كانت رغبات السكان، فهم من دون أي شك سيحصلون على فرنسا. هم بحرية يمكنهم أن يختاروا ، ولكن عملياً لا يوجد أي اختيار". في هذا الوضع بلفور اقترح المخطط التالي: الحفاظ على المبادئ الرئيسية لاتفاقية سايكس بيكو (المجال الفرنسي حول سورية والمجال البريطاني حول الفرات ودجلة، "البيت القومي" لليهود في فلسطين)؛ إقامة دولة عربية في الشرق الأوسط تحت سيطرة الانتداب ولكن دون الاحتكار الاقتصادي للدول المنتدبة (مكان أماكن السيطرة التامة للدول العظمى المشار إليها في المناطق "الحمراء" و"الزرقاء")؛ حل مسألة كليكية سيكون وفق مصير الانتداب على أرمينيا ومطالب إيطاليا؛ وضم الموصل للمنطقة البريطانية.[176]
وعندما فيصل لم يرى أية نتائج عملية من عمل اللجنة الأمريكية بدأت تساوره الشكوك. 15 تموز/يوليو البالكوفنيك لورنس أخبر بلفور بأنه تسلم من فيصل رسالة، يخبره فيها عن نيته السفر إلى باريس.
[177] في 17/7/1919 كانت هناك أخبار عن أن فيصل كان مستعداً للبدء بالاستعدادات العسكرية في حال إلغاء سفره إلى أوروبا أو تأجيلها لأسباب غير مبررة.[178] بلفور طلب من أللنبي إعلام فيصل بأنه لا توجد ضرورة لسفره إلى باريس قبل أيلول/سبتمبر، لأنه قبل ذلك التاريخ لن يتم إقرار أي شيء. 21 تموز/يوليو كيرزون كتب لبلفور عن أوضاع العسكريين: الجنرال كلينتون والبلكوفنيك كورنوليس يعتبران، أن سفر فيصل إلى باريس ستؤدي إلى حدوث صعوبات جديدة، ويجب أن تتم دعوته فقط من أجل التعرف على القرار النهائي لأنتانتا[179]. وفقط أللنبي ساند طلب فيصل لمواجهة فرنسا. كيرزون نفسه اقترح "إبقاء هذا العمل حالياً وإلقاء تبعة الرفض على فرنسا".
في آب/أغسطس كليمنصو من أجل أن يتثبت في سورية وكليكيا قرر استغلال المسألة الأرمينية. لأن الإنكليز بدءوا بسحب قواتهم من القوقاز
[180]، المفوض الأعلى للحلفاء في داشناق أرمينيا، البلكوفنيك الأمريكي هسكيل اخبر باريس دائماً عن وضعها البائس وطلب لإرسال قوات اتحادية من اجل تأمين أمن الأرمن وضمان وصول المساعدات لهم. رفض إرسال قوات إلى أرمينيا ، كليمنصو استند على أن الإنكليز لم يسمحوا بدخول فرنسا إلى آسيا الصغرى. وعندما بلفور أعرب استعداده لإعطاء موافقته على الحملة الفرنسية، كليمنصو رد بأنه "مضطر" لدراسة هذه المسألة وإعطاء الأمر اللازم لوزارة الحرب. وخلال بضعة أيام أعلن عن استعداده لإرسال 12000 جندي بشرط المساعدة ومساندة بريطانيا. القوات يجب أن تنزل في موانئ كليكيا، أضنة، ومرسين، وأن تتوجه إلى أرمينيا عبر أنتاليا.[181] بلفور وعد بكل الجهود، دون أن ينتبه إلى أن توجه الحملة إلى القوقاز كان من الأفضل استخدام ميناء باطوم، وأرسل إلى لندن عدة طلبات إلى عدة إدارات لتقديم المساعدة لخطة فرنسا . ولكن المجلس الوزراء البريطاني تلقى هذه الفكرة ذلك دون حماس.[182]ر. دي روبيك، المفوض الأعلى البريطاني في اسطنبول في برقية لكريزون توقع أن الفرنسيين فقط يريدون تعزيز قواتهم في كليكيا، وبعد ذلك الامتناع عن الحملة على أرمينيا.[183]
في أيلول/سبتمبر لويد جورج وصل إلى فرنسا للتوقيع على اتفاق سان جيرمان مع النمسا. 9/9/1919 سلمه أللنبي رسالة فيصل، التي كانت "صيحة يأس" حقيقية. الأمير ذكر الوزير الأول بمساعدة العرب للإنكليز أثناء الحرب وحذره من أن تقسيم الأرض العربية بين المنتدبين من دون أخذ رغبات السكان المحليين بعين الاعتبار، ستستدعي الغضب العام وضياع الثقة تماماً بكل الحلفاء. والأكثر من ذلك مثل هذا القرار سيثير "انتفاضة عامة" في العالم الإسلامي وتهدد أساس الإمبراطورية البريطانية. بريطانيا العظمى لا يجب أن تقدم على مثل هذه المخاطر من أجل مصالح "الأحزاب التجارية المغامرة في بعض الدول الأخرى". فيصل أصر على سفره العاجل إلى لندن من أجل المشاركة في اتخاذ القرار النهائي. وفق كلماته أمامهم يقف خيار: ضمان لشعبه وحدة البلاد أو "غسل يديه"، وترك البلاد في حالة من الفوضى.
[184]
في نفس اليوم 9/9/1919 خلال لقاء الوزير الأول مع أللنبي ، إيه. بونار لو (لورد حافظ أختام ورئيس مجلس النواب)، وف. بليك (المدير التنفيذي لشركة Anglo – Persian Oil ) وعدد من ضباط القيادة العامة تم اتخاذ قرار مبدئي حول انسحاب القوات البريطانية من سورية وكليكيا.
[185] وفي 11/9/1919 لويد جورج أرسل لفيصل برقية قصيرة تدعوه للقدوم إلى باريس.[186] وفي نفس الوقت أرسل رسالة لكليمنصو يخبره فيها لما تأخر إعداد اتفاقية السلام مع تركيا، بريطانيا العظمى لا يمكنها الإنفاق على جيش مؤلف من 400 ألف جندي في الإمبراطورية العثمانية، وهي مضطرة إلى سحب قواتها من العديد من الأراضي. لهذا لويد جورج اقترح مناقشة الاقتراح البريطاني حول هذا الموضوع وأخبره عن دعوة فيصل إلى باريس، الذي وعدته الحكومتان بالسماح له بحضور المناقشات لاتخاذ قرار حول سورية. "ولما كان من الممكن أنه لن يلحق الحضور إلى باريس قبل الثلاثاء (16/9/1919 يوم سفر لويد جورج إلى لندن)، لهذا آمل أنكم لا تعارضوا زيارته لي في لندن".[187] في رده كليمنصو كتب أن المسألة السورية يجب أن تبحث مع غيرها من المسائل المتعلقة بالقضاء على الإمبراطورية العثمانية (اسطنبول، آسيا الصغرى، بلاد الرافدين). وذكره بقراره إرسال 12000 جندي إلى أرمينيا عبر كليكيا، وموافقة بلفور على ذلك وعبر عن أمله بالحصول على الموافقة الرسمية لبريطانيا العظمى على ذلك. كليمنصو اعتبر أن الموضوع الحربي عن تبديل القوات البريطانية في سورية يجب أن تحل فقط بين الحكومتين، لهذا حضور فيصل لا فائدة منه.[188]
في 13/9/1919 لويد جورج قدم لكليمنصو بيان بموجبه الحكومة البريطانية وافقت على نزول القوات الفرنسية في مرسين واسكندرونة لمساعدة "الشعب الأرميني". عن أي أرمن تحديداً قصد (كليكية أم القوقاز)، لم يحدد في الوثيقة. في نفس البيان أشير إلى الإسراع بسحب القوات البريطانية من كليكية و بدأ من 1/11/1919 من سورية ولبنان ومن الساحل السوري على البحر الأبيض المتوسط وتوقع وضعها بالكامل تحت سيطرة القوات الفرنسية، والمناطق الداخلية في سورية تحت سيطرة القوات العربية للأمير فيصل. واقترح على الفرنسيين الموافقة على مد الحكومة البريطانية خط للسكك الحديدية وأنابيب للنفط من حيفا إلى بلاد الرافدين عبر أراضي الدولة العربية الواقعة تحت الانتداب الفرنسي "وفق مبادئ اتفاقية سايكس بيكو".
[189]
15/9/1919 بدأت المباحثات بين لويد جورج وكليمنصو حول المسألة الشرقية. في بداية اليوم وصل خبر الوصول السريع لفيصل إلى مرسيليا. كليمنصو أعطى أوامره لإرساله مباشرة إلى كال، حيث يجب أن يركب السفينة حتى إنكلترا. الوزير الأول البريطاني لم يعارض.
[190] لويد جورج صرح بأن موضوع توزيع الانتداب لم يحن موعد مناقشته لأن الولايات المتحدة الأمريكية لم تحدد موقفها بعد. ويمكن التحدث فقط عن الاحتلال العسكري لبعض الأراضي على أساس البيان الذي قدمه. وكليمنصو كرد أعلن بأن عدة أسابيع قبل إعلان القرار الأمريكي المتوقع لا يمكن أن تغير شيئاً. لأن إقامة دولة عربية تحتاج لوقت طويل، وهو مستعد فوراً إرسال قوات إلى سورية وكليكية ولكن هذا لا يعني القبول بكل ما قدمه لويد جورج. وبعبارة أخرى لمحت له الفرصة لاحتلال سورية وكليكية من دون التزامات إضافية، كليمنصو رفض خطة " مساعدة" الأرمن. لويد جورج أكد لزميله الفرنسي، بأن احتلال كليكيا وجزء من سورية لا تفرض على فرنسا أي التزامات، بعد أن وقعت "اتفاقية مؤقتة عن الاحتلال العسكري الفرنسي لكليكيا وجزء من سورية في انتظار القرار المتعلق بالانتداب".[191] وأصبحت نقطة تحول في حل المسألة السورية. وكليكيا والشاطئ السوري الآن de fsacto أصبحوا تحت السيطرة الفرنسية، وبريطانيا العظمى ببساطة "غسلت يديها" عن كل شيء يتعلق بتلك الأراضي.
الأحداث التالية أثبتت أن مسألة تقسيم الأراضي العربية عملياً كان محلولاً من قبل الدول العظمى في أيلول/سبتمبر. وبسط السيادة الفرنسية على المناطق الداخلية كان موضوع وقت لا أكثر. فيصل لم يجد مساندة من لندن، كان مضطراً في كانون ثاني/يناير 1920 لعقد اتفاقية مجحفة مع فرنسا، حولت سورية عملياً إلى دولة تابعة لفرنسا. في المؤتمر الذي بدأ أعماله في لندن بعد ذلك الشروط المعدة لاتفاقية السلام مع الإمبراطورية العثمانية، مسألة سورية ظهرت وكأنها قد حلت ولم يسأل أحد عن حق فرنسا بالانتداب على سورية. مع ذلك فيصل عند عودته إلى دمشق اقتنع بعدم إمكانية تنفيذ الاتفاقية التي وقعها فرنسا بسبب تصاعد الروح المعادية لفرنسا في البلاد، بسبب البدء باستبدال القوات البريطانية بقوات فرنسية. وكان مضطراً "للسباحة مع التيار"، فيصل قرر نسيان اتفاقية كانون ثاني/يناير ودعى مرة أخرى لانعقاد المؤتمر السوري العام، الذي أعلنه في 8/3/1920 ملكاً على سورية المستقلة.
[192] الآن فيصل ومن الممكن مجبراً "أحرق كل الجسور" التي ربطته بأنتانتا. المخالفة العلنية لفيصل لاتفاقية كانون ثاني/يناير أطلقت أيدي الفرنسيين. وأصبحت فقط تنتظر القرار الرسمي لمؤتمر السلام حول الانتداب. وعندما انتقل اجتماع المجلس الأعلى لأنتانتا إلى سان ريمو (من 18 وحتى 26/4/1919)، موضوع الانتداب لم يظهر حوله أية خلافات تذكر. فرنسا وطدت وجودها في سورية ولبنان. وإنكلترا في بلاد الرافدين، وفلسطين. وهذا أثار عاصفة من الغضب في دمشق وحتمية الصدام العسكري المكشوف بين الحكومة السورية وفرنسا أصبح واضحاً. القائد العام للقوات الفرنسية الجنرال غورو[193] انتظر الذريعة المناسبة. واستخدم في هذا الاتصالات من وراء الكواليس لأنصار فيصل مع بعض ممثلي مجلس الحكم الإداري في لبنان، وجه لحكومة فيصل الإنذارات القاسية الواحد وراء الآخر. ولو أن الإنذارات قد قبلت، غورو تظاهر بأنه لم يستلم الرد في الوقت المحدد، وبعد المواجهة مع قوات عربية غير مؤهلة بالقرب من قرية خان ميسلون[194] دخلتا قواته دمشق في 25/7/1920 هرب فيصل إلى حيفا، والفرنسيين شكلوا في دمشق حكومة جديدة تابعة لهم، وسورية نهائياً وقعت تحت الانتداب الفرنسي.[195] وبعد شهر ونصف في 1/9/1920 احتفل غورو في بيروت بإعلان إقامة لبنان الكبير تحت الانتداب الفرنسي في حدود موسعة.
بعد هذا انتهت المسألة السورية كقضية دولية
[196] وتحول إلى شأن داخلي فرنسي. الوقت الطويل الذي استمر لأكثر من 1.5 عاماً لتثبت فرنسا في سورية كانت واحدة من أوائل المشاكل التي لعبت دوراً كبيراً في الانشقاق في العلاقات الخارجية للحليفين الرئيسيين في أنتانتا.
فرنسا في الوقائع التي أشرنا إليها أعلاه كان هدفها الوحيد بأي ثمن التشبث في سورية. في سياسة بريطانيا العظمى يمن تحديد ظاهرتين من ناحية المسؤولين في مجلس وزراء بريطانيا وفورين أوفيس من البداية فهموا أن سورية عاجلاً أم آجلاً ستصبح فرنسية. ومع ذلك فهم سعوا لخلق الصعوبات أمام تثبت فرنسا في سورية، من أجل إضعاف اهتمامها بالمسائل الأوروبية الهامة، والحصول على تأييد فرنسا في أجزاء أخرى من الإمبراطورية العثمانية. الأمير فيصل كان الوسيلة المثالية لمثل هذه الأهداف، ولو أنه لم يكن لعبة في أيدي البريطانيين فقط وأمل بصدق أن يصبح بمساعدة بريطانيا العظمى على رأس الدولة العربية. ولكن حتى أيلول/سبتمبر 1919، والإنكليز وبعد عدة محاولات طويلة للعب دور "وسيط خاص" بين فيصل وفرنسا وجدوا أنفسهم أمام حقيقة إجراء خيار، واختاروا فرنسا. التحالف معها كان هاماً جداً، من أجل التضحية بهم من أجل أمير عربي وأنصاره. من دون المساندة البريطانية الأمير كان مجرداً من القوة، والفرنسيين في البداية حصلوا ببساطة على توقيعه على الشروط التي أملوها عليه وبعد ذلك طردوه من دمشق. بعد سنة وزير المستعمرات و. تشرتشل ذكر أن مصير حكومة فيصل لاقت في إنكلترا المشاعر "وتحولت إلى مصدر عميق للألم عند السياسيين والعسكريين الذي كان لهم علاقة بذلك. ولكن نحن لنا علاقات قوية مع فرنسا ويجب علينا أن نعطيهم الاحترام. نحن لم نستطع أن نفعل شيئاً من أجل مساعدة العرب في هذا الاتجاه".
[197]
ولكن عند الكثيرين من الضباط البريطانيين في المواقع، الذين قاتلوا ضد الأتراك مع العرب وعملياً دون مشاركة فرنسا، أي مطالب لفرنسا على هذه الأراضي أثاروا الحساسية. هم لم يستطيعوا فهم حساسيات الدبلوماسية الأوروبية، ولن الحقيقة احتلال سوريا من قبل القوات البريطانية كان لهم أساساً كافياً لتثبيت التأثير البريطاني فيها. هؤلاء الضباط كان سلوكهم في سورية كأصحابها، وبكل الوسائل كانوا يضعفوا مركز الممثلين الفرنسيين ، وخلقوا العقبات للفرنسيين في النشاطات التجارية والسياسية وحتى الإنسانية الخيرية ، وكانوا عند السكان المحليين الأمل في أن فرنسا لن تتثبت أبداً في سورية.
الخلافات الإنكليزية الفرنسية حول سورية كانوا مجرد بداية للخلافات بين المتحالفين. المسألة التركية والمسألة الألمانية بالنتيجة أعطوا المزيد من الأسباب. هذا التاريخ يظهر أهمية خصائص العلاقات الإنكليزية الفرنسية في مرحلة بين الحربين، والعلاقة بين مظاهر حب الصداقة والتأكيد على الوفاء للتحالف مع الإخفاء ولكن الصراعات القاسية في الكثير من المسائل الهامة. في هذا مبادرات 1919-1920 من دون شك كانت لإنكلترا. ولكن هذه الصراعات الخفية لم تصل حد القطيعة، لأن الدولتين العظميين كانتا مهتمتين في الحفاظ على وضعهما القيادي في النظام الجديد للعلاقات الدولية، والتي كانت غير ممكنة في حال انهيار الأنتانتا.
وكما سبق وأشرت فإن بريطاني العظمى سبق وأعلنت نيتها سحب جنودها من المناطق المحتلة، وتسريحهم رغبة منها في خفض نفقات تلك القوات. وما أن سحبت قواتها من العراق حتى اشتعلت ثورة رشيد عالي الكيلاني عام 1920، مما اضطرها لإعادة قواتها إلى هناك لإخماد الثورة. وبقيت أمام مطالب دافعي الضرائب البريطانيين بسحب القوات من العراق وفلسطين. ولهذا عهدت بهذه المهمة لوزير المستعمرات آنذاك ونستون تشرتشل، الذي أحدث لهذه الغاية "دائرة الشرق الأوسط". وفي عام 1921 دعى لمؤتمر انعقد في القاهرة وضم الخبراء البريطانيين في شؤون الشرق الأوسط خرجوا بمقررات حول مستقبل العراق وشرق الأردن وفلسطين؛ ونقل مهمة حفظ الأمن والنظام في الشرق الأوسط من وزارة الحربية إلى وزارة الطيران. وكان هذا اقتراح لورنس، الذي اقترح إيجاد قوة جوية صغيرة تدعمها بضعة سيارات مصفحة تقوم بمهمة قوات الاحتلال. ولكن سرعان ما أثبتت هذه القوة عجزها عن تحقيق الأمن والاستقرار، ووجدت إدارة الاحتلال في فلسطين نفسها عاجزة عن مواجهة الحركة العربية عام 1929، واضطرت لطلب النجدة التي وصلتها من الدول المجاورة.
وبدأ كفاح العرب ضد حلفائهم السابقين، بعد أن تلاشت أحلامهم بالاستقلال التام التي عقدوها على بريطانيا العظمى بعد التخلص من الحكم العثماني التركي. وأخذوا يطالبون بالشعارات البراقة، من الحرية والديمقراطية وحق تقرير المصير التي غذاهم بها الحلفاء أثناء حربهم ضد العثمانيين الأتراك كما ذكر السفير البريطاني السابق في إيران. فحصلت العراق على استقلال شكلي، وتابعت بريطانيا التزامها بإقامة الوطن القومي لليهود في فلسطين. ولم تخفي بعض الصحف البريطانية بأن دعم إقامة حكومة عربية في دمشق كان الهدف منها رغبة الحكومة البريطانية الالتفاف على المصالح الفرنسية لتحقيق أهداف الصهيونية ليس في فلسطين وحسب، بل وفي سورية أيضاً.
[198]
وشرعت فرنسا بتثبيت احتلالها لسورية ولبنان، بعد أن حققت مشروعها بفصل لبنان عن سورية. ومواجهة الثورات المتلاحقة للشعب السوري ضد الاحتلال، وأشهرها الثورة السورية الكبرى عام 1927.
أما الولايات المتحدة الأمريكية فقد طالبت أن يكون لها نفس الحقوق الممنوحة للدول الأعضاء في عصبة الأمم في مناطق الانتداب فئة (A). وحصلت الولايات المتحدة على تلك الحقوق، وطالبت بنشر مسودة نصوص الانتداب قبل إقرارها من قبل عصبة الأمم. وساندت انتداب بريطانيا على فلسطين رغبة منها لإنهاء المشكلة اليهودية لدوافع دينية وسياسية. واشترطت نقل ربع أسهم شركات النفط في بغداد والموصل إلى شركات النفط الأمريكية قبل الموافقة على انتداب بريطانيا على العراق. وهكذا بدأ عهد التدخل الأمريكي في أعمال شركات النفط في الشرق الأوسط. وقد تطورت نسبة مساهمة الشركات الأمريكية في امتيازات النفط في الشرق الأوسط خلال بضعة سنوات من 25 % إلى 100 %.
بينما اختفت روسيا السوفييتية من ساحة الشر ق الأوسط، ولم يكن لها تمثيل سياسي سوى مع المملكة العربية السعودية واليمن، وسرعان ما أغلقت القنصليتين السوفييتيتين عام 1938. وأعادت روسيا السوفييتية المناطق التي احتلتها روسيا القيصرية عام 1878 إلى تركيا، وسحبت قواتها من إيران بعد توقيع معاهدة عام 1921.
وهكذا حققت السياسة البريطانية المعروفة "فرق تسد" من خلال استغلال فخ الدوافع القومية عند العرب، سلخهم عن الدولة العثمانية أولاً، ومن ثم تجزئة العرب لدويلات صغيرة تحت غطاء عصبة الأمم التي منحت الدول المنتصرة صكوك الانتداب. وفرضت عليهم الحدود السياسية، وجوازات السفر، وتأشيرات الدخول، والرسوم الجمركية .. الخ. وأخيراً أوحت إليهم بفكرة الجامعة العربية، وتركت مهمة تحقيقها للحكومات العربية الحليفة لبريطانيا العظمى والتي تقاربت مواقفها لمواجهة أهداف الصهيونية العالمية. وحققت بريطانيا العظمى أهدافها من الجامعة العربية كاملة، من تثبيت الحدود السياسية وإلهاء الحكومات العربية في صراعات لا تنتهي، وصرفت نظرهم عن القضايا الاقتصادية الملحة للعرب، من أجل الصراع الذي أوجدته ولم ينتهي مع الصهيونية العالمية حتى اليوم. ولم يكتشف العرب الخدعة الكبرى التي بدأتها بريطانيا العظمى "صديقة العرب" منذ احتلالها لمصر عام 1831، وتركيز رعايتها لتشجيع الهجرة اليهودية إلى فلسطين، وعهدت لأول قنصل بريطاني يعين في القدس عام 1838 مهمة حماية اليهود الموجودين في فلسطين مهما كان أصلهم، وساعدت المشاريع الاستيطانية التي كان يغذيها السير موزس مونتفيور Sir Moses Montefiore والبارون أدموند دي روتشلد Baron Edmond de Rothechild من أجل مضاعفة عدد المهاجرين اليهود إلى فلسطين. تحقيقاً لما أعلنه الدكتور حاييم وايزمان رئيس المنظمة الصهيونية العالمية عن الوطن القومي لليهود أمام مؤتمر فرساي بأن "فلسطين يهودية، مثل كما إنكلترة إنكليزية". في الوقت الذي كان فيه المؤتمر السوري العام يعلن وهو ينتخب الأمير فيصل ملكاً على سورية الطبيعية معارضته الشديدة للهجرة اليهودية إلى أي جزء من سورية وخاصة فلسطين.
[199]
المراجع المستخدمة في البحث:

1) أخبار وزارة الخارجية. العدد 4/1914.
2) أخبار القيادة العسكرية في القوقاز. العدد 19/1907.
3) آداموف أليكساندر: موسم التمور عام 1902 في البصرة (تقارير القنصل الروسي في البصرة)، س ك د، 1903. الإصدار الرابع. (باللغة الروسية)
4) آداموف أليكساندر: الملاحة النهرية في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. (باللغة الروسية)
5) آداموف أليكساندر: العراق العربي. ولاية البصرة سابقها وحاضرها. س ب ب، 1912. (باللغة الروسية)
6) أرشيف بولكوفنيك هاوزا. موسكو: 1944. (باللغة الروسية)
7) أليتوفسكي س.ن.: المسألة الزراعية في العراق المعاصر. موسكو: 1966. (باللغة الروسية)
8) أفيريانوف: تقرير إتنوغرافي وعسكري وسياسي لأملاك الإمبراطورية العثمانية في آسيا. إس بي بي، 1912.
9) أوغاغين هوبيرت: مقالات عن الطبيعة والزراعة في سورية وفلسطين. ترجمت من الألمانية إلى الروسية تحت إشراف بروتكيسا يو.د.، بطرسبورغ، 1918. (باللغة الروسية)
10) إينوزيمتسوف ن.ن.: سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في عصر الإمبريالية. موسكو: 1960. (باللغة الروسية)
11) بازيلي ك.م.: سورية وفلسطين الحكم التركي من النواحي التاريخية والسياسية. موسكو. 1962. (باللغة الروسية)
12) البرازي، د.نوري خليل: البداوة والاستقرار في العراق. القاهرة: 1969.
13) برتسكيس ب. د.: المركز القومي اليهودي في فلسطين. دراسة اجتماعية سياسية. بطرس بورغ: 1919. (باللغة الروسية)
14) بروكس، مايكل: النفط والسياسة الخارجية. موسكو: 1949. (باللغة الروسية)
15) بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956.
16) بوتسخفيريا ب.م.: اللجنة الأمريكية في تركيا عام 1919 // ملاحظات علمية، معهد الاستشراق، أكاديمية العلوم السوفييتية. الإصدار 17. موسكو، 1959. (باللغة الروسية)
17) بيزأبرازوف ب.: الاستعمار والدعاية الاستعمارية في فلسطين في السنوات الأخيرة. س ي ب ب و، 1908، المجلد XIX. (باللغة الروسية)
18) التاريخ الحديث لتركيا. موسكو: 1968. (باللغة الروسية)
19) توتل اليسوعي فرديناند: وثائق تاريخية عن حلب أخذاً عن دفاتر الأخويات وغيرها // مجلة المشرق 1948 / 1949.
20) جيلتياكوف أ.: الصحافة في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في تركيا (1729-1908). موسكو: 1972. (باللغة الروسية)
21) الداوود، د. محمود علي: محاضرات عن الخليج العربي والعلاقات الدولية 1890 – 1914. القاهرة: 1961.
22) رانشيسكي ف. ب.: المجتمعات المسيحية في سورية قبل الانتداب الفرنسي // الدين، والوضع الفكري، الإيديولوجيا والتاريخ. بريانسك، 1996. (باللغة الروسية)
23) روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. (باللغة الروسية)
24) شبيلكوفا ف.ي.: المسألة التركية في مؤتمر باريس للسلام 1919 // ملاحظات علمية، معهد ف.إ. لينين للمعلمين بموسكو. الجزء 109. الإصدار السادس. موسكو، 1957. (باللغة الروسية)
25) شتيبات، فريتس Fritz Steppat: بدايات العصر الحديث في الشرق الأدنى، آفاق جديد أمام المؤرخين – مجلة الأبحاث، السنة 20، ج 1، آذار 1967. (باللغة الروسية)
26) شولتسيه إ.: الصراع حول نفط فارس وبلاد الرافدين. موسكو: 1924. (باللغة الروسية)
27) غاتاأولين م. ف.: العلاقات الزراعية في سورية. موسكو: 1957. (باللغة الروسية)
28) غراسيموف و.: النفط العراقي. موسكو: 1969. (باللغة الروسية)
29) فخري، د. أحمد: اليمن، ماضيها وحاضرها. القاهرة: 1957.
30) الفواز د. كليب سعود: المراسلات المتبادلة بين الشريف حسين بن علي والعثمانيين 1908 - 1918. عمان: المطابع العسكرية 1997.
31) أ.م. فومين: سورية ولبنان في العلاقات البريطانية الفرنسية (1918 – 1920).موسكو: الشرق، 2/2003. (باللغة الروسية)
32) فومين ا.م.: العامل الديني في سياسة الدول العظمى في سورية ولبنان في عام 1918-1920 // طريق الشرق. مواد المؤتمر العلمي الرابع للشباب في مشاكل الفلسفة، والثقافة، والدين في الشرق. سلسلة "سيمبوزيوم ". الإصدار، 10. س ب ب.، 2001. (باللغة الروسية)
33) فولني ك.ف.: رحلة فولني إلى سورية ومصر خلال 1783-1784 و1785. ترجمة عن الألمانية. جزأين. موسكو: 1791. (باللغة الروسية)
34) القاموس الدبلوماسي. المحرر الرئيسي: أندريه غروميكو. في 3 أجزاء. موسكو: ناووكا، 1986. (باللغة الروسية)
35) كايزر ج.: أوروبا وتركيا الجديدة. موسكو: 1925. (باللغة الروسية)
36) كريمسكي أ.: الإسلام ومستقبله. ماضي الإسلام، والوضع المعاصر للشعوب الإسلامية، وقدراتهم الفكرية، وعلاقتهم بالحضارة الأوروبية. موسكو، 1899. (باللغة الروسية)
37) كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981.
38) كلوتشنيكوف يو.ف.، سابانين أ.ف.: السياسة الدولية للوقت الجديد في الاتفاقيات، والمراسلات، والوثائق. القسم 2، موسكو: 1924. (باللغة الروسية)
39) كلوتنيكوف يو. ف.، سابانين أ. ف.: السياسة الدولية. ج. 2.
40) لازارييف م.س.: انهيار الدولة التركية في الشرق العربي، 1914-1918. موسكو: 1960.
41) لوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو: 1965. (باللغة الروسية)
42) لوتسكي ف.ب.: المسألة العربية والدول المنتصرة أثناء مؤتمر باريس للسلام (1918-1919) // الدول العربية. تاريخ. اقتصاد. موسكو، 1966. (باللغة الروسية)
43) لوتسكي ف.ب.: حرب التحرير الوطنية في سورية (1925-1927). موسكو، 1964.
44) لويد جورج د.: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. (باللغة الروسية)
45) لويد جورج د.: فهرس المؤلفات. (باللغة الروسية)
46) لينين ف.إ.: نهاية الحرب التركية الإيطالية. ج22.
47) مصطفى كمال: طريق تركيا الجديدة، 1919-1927. موسكو: 1929. (باللغة الروسية)
48) ميللر أ.ف.: مقالات في التاريخ تركيا الحديث. موسكو، ليننغراد: 1948. (باللغة الروسية)
49) الموسوعة السوفييتية الكبيرة. في ثلاثين جزءاً. المحرر الرئيسي: ا.م. بروخوروف. موسكو: سفيتسكايا إنسيكلوبيديا، 1978. (باللغة الروسية)
50) المنجد في الأعلام. الطبعة 11. بيروت: دار المشرق، 1981.
51) نوفيتشيف أ.د.: دراسات في اقتصاد تركيا حتى الحرب العالمية. موسكو/ليننغراد: 1937.
52) نيكولسون غ.: كيف صنع السلام عام 1919. موسكو: 1945. (باللغة الروسية).
53) Baedeker Karl. Palestine and Syria. With Routes through Mesopotamia and Babilonia and Island of Cyprus. Handbook for Travelers, Leipzig ete, 1912.
54) British White Paper. Cmd. 1785, L., 1922.
55) Bein Alex. The History of Jewish Agricultural Settlement in Palestine, Jerusalem, (b.g.).
56) Combon P. Correspondence. 1870-1924. P., 1946.
57) Coke Richard. Baghdad, the City of Peace, London, 1927.
58) Conference of 1919 – 1920. Columbus (Ohio) 1974.
59) “Das Turkiche Reich”, - Kurse fur Internationale Privatwirtschaft (Lander-Reiche), Hf I, Berlin, 1918.
60) De Martens G.F. Nouveau recueil general de traites…, ser. 3, t. 10.
61) Documents on British Foreign Policy, 1919-1939 (DBFP). Ser. 1. V. 4. L., 1958.
62) Faisal’s Kingdom in Syria. Beirut, 1960.
63) Gontaut-Biron R. Comment la France c’est installee en Syrie (1918-1919), P., 1922.
64) Geere H. Valentine. By Nile and Euphrates. A Record of Discovery and Adventure, Edinburgh, 1904.
65) “Great Britain. Foreign Office. Diplomatic and Consular Reports on Trade and Finance”. No 4720.
66) Horewitz J.C. (ed.). Diplomacy in the Near and Middle East. 1914-1956. Princeton, 1956. V. 2.
67) Helmreich P. C. From Paris to Sevres. The Partitition of the Ottoman Empire at the Peace Conference of 1919 – 1920. Columbus (Ohio) 1974.
68) Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938.
69) Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Syria, Beirut, 1936.
70) Himadeh Sa’id B.: (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938.
71) Ibid.
72) Khoury G. La france et I’orient Arabe. Naissance du Liban moderne. p., 1993.
73) Khoury Ph. S. Syria and the French Mandate. The Politics of Arab Nationalism. 1920-1945. L., 1987.
74) Khoury Ph. S. Urban Notables and Arab Nationalism. The Politics of Damascus, 1860-1920. Cambridge, 1983.
75) Kirchner Iwan. Der Nahe Osten, Brumm, 1943.
76) Langley, Kathleen M. The Industrialization of Iraq, Cambridge, Massachusets, 1961.
77) Mears Eliot Grinnel. Modern Turkey. A Politico-Economic Interpretation, 1908 – 1923, inclusive, with Selected Chapters by Representative Authorities, New York, 1924.
78) Montoux P. Les deliberations du Conseil des Quatre. 28 Mars – 28 Juin 1919. P., 1954.
79) Sachau Eduard. Vom Asiatischen Reich der Turkei, Weimar, 1915.
80) Twentieth Century. L., 1971.
81) Watson D. R. The Making of the Treaty of Versailles // Troubled Neighbours. Franco-British in the Twentieth Century. L., 1971.
82) Zamir M. The Formation of Modern Lebanon. L., 1985.
83) Zeine Zeine N. The Struggle for Arab Independence. Western Diplomacy and the Rise and Fall of Faisal’s Kingdom in Syria. Beirut, 1960.
عناوين إلكترونية
84) http://raven.cc.ukanS.edu/~kan-site/ww_one/doks/postkc.htm
85) http://www.cc.ukanS.edu/~kansite/ww_one/docs/kncr.htm.

الهوامش"
[1] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 9 وما بعد.
[2] فيصل الأول: ولد في الطائف. ابن الشريف حسين. ثار على العثمانيين في الحرب العالمية الأولى وكان قائداً عاماً للجيش العربي المحارب في فلسطين. نودي به ملكاً على سورية 1920 وانسحب بعد دخول الجيش الفرنسي. جلس على عرش العراق 1921. وقع مع إنكلترا صك الاستقلال لبلاده 1930. توفي في سويسرا ودفن في بغداد. (المنجد في الأعلام. ص 536.)
[3] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 9 - 25.
[4] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 29.
[5] للمزيد أنظر: اتفاقية لندن المعقودة عام 1827 بين بريطانيا العظمى، وفرنسا، وروسيا. القاموس الدبلوماسي. ج2. ص 158. مارتينس ف.: ج11. ص 355-362.
[6] القاموس الدبلوماسي. ج2. ص 158-159؛ تاريخ الدبلوماسية.ج1. ص 558-561؛ المسألة الشرقية في السياسة الخارجية الروسية. نهاية القرن 18 وبداية القرن 20. المحرر المسؤول: ن.س. كينيابينا. موسكو: 1978. ص 107-113.
[7] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 36.
[8] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 64.
[9] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 65-66.
[10] الحسين بن علي (1856-1931): شريف مكة. ولد ونشأ في الآستانة. عين شريف مكة والحجاز 1908 – 1916. فعرقل التدخل التركي مدافعاً عن حقوق العرب، رافضاً التجنيد الإجباري قبل الحرب وأثناءها. اتصل سراً بالإنكليز وبالجمعيات السرية في مصر وسورية. أعلن الثورة العربية في صيف 1916 وطرد الأتراك من مدن الحجاز وأعلن نفسه ملك الحجاز 1916 ثم خليفة 1924. لكن سياسة الحلفاء واتفاقية سايكس بيكو حالت دون تحقيق هدفه: إنشاء دولة عربية آسيوية واحدة تحت التاج الهاشمي. هاجمه بن سعود 1924 فاضطر إلى ترك الحجاز وأقام في نيقوسيا. توفي في عمان ودفن بالحرم الشريف. كان له أربعة أبناء منهم ثلاثة: علي وفيصل وعبد الله. (المنجد في الأعلام ص 237-238)
[11] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 87.
[12] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 90.
[13] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 90-91.
[14] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 93.
[15] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 81-82.
[16] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 94-95.
[17] فولني ك.ف.: رحلة فولني إلى سورية ومصر خلال 1783-1784 و1785. ترجمة عن الألمانية. موسكو: 1791. ج1، ص202-203.
[18] لوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو: 1966. ص 21.
[19] فولني ك.ف.: رحلة فولني إلى سورية ومصر خلال 1783-1784 و1785. ترجمة عن الألمانية. موسكو: 1791. ج2، ص 556.
[20] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 15.
[21] شتيبات فريتس: بدايات العصر الحديث في الشرق الأدنى. آفاق جديدة أمام المؤرخين. مجلة الأبحاث، السنة 20، ج1، آذار/مارس 1967. ص 26-27.
[22] بازيلي ك.م.: سورية وفلسطين الحكم التركي من النواحي التاريخية والسياسية. موسكو. 1962. ص 243.
[23] آداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. ص 511.
[24] آداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. ص 508؛ وروبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 157؛ وكريمسكي أ.: الإسلام ومستقبله. ماضي الإسلام، والوضع المعاصر للشعوب الإسلامية، وقدراتهم الفكرية، وعلاقتهم بالحضارة الأوروبية. موسكو، 1899. ص 100؛ وشولتسيه إ.: الصراع حول نفط فارس وبلاد ما بين النهرين. موسكو: 1924. ص 56؛ و
Geere H. Valentine. By Nile and Euphrates. A Record of Discovery and Adventure, Edinburgh, 1904. P. 108; Kirchner Iwan. Der Nahe Osten, Brumm, 1943. P. 574.
[25] أليتوفسكي س.ن.: المسألة الزراعية في العراق المعاصر. موسكو: 1966. ص 11.
[26] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 261-262؛ و
“Das Turkiche Reich”, - Kurse fur Internationale Privatwirtschaft (Lander-Reiche), Hf I, Berlin, 1918. P. 92.
[27] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 285-286؛ وآداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع؛ و
“Great Britain. Foreign Office. Diplomatic and Consular Reports on Trade and Finance”. No 4720, p. 17.
[28] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 262-263؛ د. أحمد فخري: اليمن، ماضيها وحاضرها. القاهرة: 1957. ص 24.
[29] آداموف ا.: الملاحة في شط العرب ونهر الدجلة (تقارير القنصل في البصرة). س ك د، 1902. الإصدار الرابع. ص 291-294؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 265؛ د. محمود علي الداوود: محاضرات عن الخليج العربي والعلاقات الدولية 1890 – 1914. القاهرة: 1961. ص 49؛ . ص 271-272.
Coke Richard. Baghdad, the City of Peace, London, 1927. P. 271-272.
[30] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 21؛ نوفيتشيف أ.د.: دراسات في اقتصاد تركيا حتى الحرب العالمية. موسكو/ليننغراد: 1937. ص123-149؛ عبد الرزاق الحسني: تاريخ العراق السياسي الحديث.. ج1. صيدا: 1957. ص 43-44؛ و
Coke Richard. Baghdad, the City of Peace, London, 1927. P. 272-273.
[31] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 270-278؛ و
Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938. P. 315; Himadeh Sa’id B. (Editor). Economic Organization of Syria, Beirut, 1936. P. 181-184.
[32] Sachau Eduard. Vom Asiatischen Reich der Turkei, Weimar, 1915. P. 5.
[33] نوفيتشيف أ.د.: مقالات في اقتصاد تركيا حتى الحرب العالمية الأولى. موسكو، ليننغراد، 1937. ص 280؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 270 – 273.
[34] فخري د. أحمد: اليمن ماضيها وحاضرها. القاهرة، 1957. ص 34؛ مجلة روسكويه باغاتستفا، العدد 4/1912. ص 2؛
Mears Eliot Grinnel. Modern Turkey. A Politico-Economic Interpretation, 1908 – 1923, inclusive, with Selected Chapters by Representative Authorities, New York, 1924. P. 402;
[35] أفيريانوف: تقرير إتنوغرافي وعسكري وسياسي لأملاك الإمبراطورية العثمانية في آسيا. إس بي بي، 1912. ص 37؛ آداموف أ.: الملاحة النهرية في شط العرب والدجلة (تقرير القنصل في البصرة)، - إس كي دي، 1902، الإصدار الرابع. ص 302؛ غوركو – كريجين ف. أ.: الشرق الأوسط والدول العظمى. موسكو، 1924. ص 26؛ آخر المعلومات عن الدول المجاورة، التي حصلت عليها أجهزة الاستخبارات. العدد 45/1913. ص 9.
[36] آداموف أ.: موسم التمور عام 1902 في البصرة (تقارير القنصل الروسي في البصرة)، س ك د، 1903. الإصدار الرابع. ص 221.
[37] آداموف أليكساندر: العراق العربي. ولاية البصرة سابقها وحاضرها. س ب ب، 1912. ص 497-499؛ توتل اليسوعي فرديناند: وثائق تاريخية عن حلب أخذاً عن دفاتر الأخويات وغيرها. مجلة المشرق 1948 ص 588، 1949 ص 345؛ أخبار وزارة الخارجية الروسية 1914 العدد 4، ص 55.
[38] آداموف أليكساندر: العراق العربي. ولاية البصرة سابقها وحاضرها. س ب ب، 1912. ص 84، 527، 531؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 243؛
Baedeker Karl. Palestine and Syria. With Routes through Mesopotamia and Babilonia and Island of Cyprus. Handbook for Travelers, Leipzig ete, 1912. P.11.
[39] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي، منتصف القرن التاسع عشر – 1908. ترجمة سعيد أحمد. منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، دمشق 1981. ص 26.
[40] آداموف أ.: الملاحة النهرية في شط العرب والدجلة (تقرير القنصل في البصرة)، - إس كي دي، 1902، الإصدار الرابع. ص 298.
[41] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 35.
[42] غاتاأولين م. ف.: العلاقات الزراعية في سورية. موسكو: 1957. ص 90؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 43-50؛ شتيبات، فريتس Fritz Steppat: بدايات العصر الحديث في الشرق الأدنى، آفاق جديد أمام المؤرخين – مجلة الأبحاث، السنة 20، ج 1، آذار 1967. ص27.
[43] لوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو 1966. ص 289.
[44] لوتسكي ف.ب.: حرب التحرير الوطنية في سورية (1925-1927). موسكو، 1964. ص 78.
[45] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي (منتصف القرن التاسع عشر – 1908). ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 29.
[46] بيز أبرازوف ب.: الاستعمار والدعاية الاستعمارية في فلسطين في السنوات الأخيرة. س ي ب
ب و، 1908، المجلد XIX. ص 546؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 76.
[47] للمزيد أنظر: كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي (منتصف القرن التاسع عشر – 1908). ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 29؛ و
Bein Alex. The History of Jewish Agricultural Settlement in Palestine, Jerusalem, (b.g.). p. 6-26.
[48] أوغاغين هوبيرت: مقالات عن الطبيعة والزراعة في سورية وفلسطين. ترجمت من الألمانية إلى الروسية تحت إشراف بروتكيسا يو.د.، بطرسبورغ، 1918. ص 93.
[49] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 76 - 82.
[50] أوغاغين هوبيرت: مقالات عن الطبيعة والزراعة في سورية وفلسطين. ترجمت من الألمانية إلى الروسية تحت إشراف بروتكيسا يو.د.، بطرسبورغ، 1918. ص 26؛ روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 119-121؛
Himadeh Sa’id B.: (Editor). Economic Organization of Palestine, Beirut, 1938. p.59.
[51] بروكس، مايكل: النفط والسياسة الخارجية. موسكو: 1949. ص 103-104؛ وغراسيموف و.: النفط العراقي. موسكو: 1969. ص 9-13.
[52] برتسكيس ب. د.: المركز القومي اليهودي في فلسطين. دراسة اجتماعية سياسية. بطرس بورغ: 1919. ص 20؛ وروبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 123-150.
[53] روبين أرتور: سورية وفلسطين المعاصرتين. ترجمة من اللغة الألمانية المحرر المسؤول: أ.و. زايدينمان. بطرس بورغ، 1919. ص 309-311؛ ولينين ف.إ.: نهاية الحرب التركية الإيطالية. ج22، ص 67.
[54] كوتلوف ل.ن.: تكون حركة التحرر الوطني في المشرق العربي (منتصف القرن التاسع عشر – 1908). ترجمة: سعيد أحمد. دمشق: منشورات وزارة الثقافة والإرشاد القومي، 1981. ص 34 - 35؛ ونوفيتشيف أ.د.: دراسات عن الاقتصاد التركي قبل الحرب العالمية الأولى. موسكو/ليننغراد: 1937. ص 197-200.
[55] كريمسكي أ.: الإسلام ومستقبله. ماضي الإسلام، والأوضاع المعاصرة للشعوب الإسلامية، وإمكانياتهم الفكرية، وعلاقاتهم مع الحضارة الأوروبية. موسكو: 1899. ص 107؛ وأخبار وزارة الخارجية. العدد 4/1914، ص 54. وأخبار القيادة العسكرية في القوقاز. العدد 19/1907. ص 6؛ وشولتسيه إ.: الصراع حول النفط الفارسي وبلاد الرافدين. موسكو: 1924. ص 61؛ وجيلتياكوف أ.: الصحافة في الحياة الاجتماعية والسياسية والثقافية في تركيا (1729-1908). موسكو: 1972. ص 280؛ و
Langley, Kathleen M. The Industrialization of Iraq, Cambridge, Massachusets, 1961. P. 26.
[56] تعود الامتيازات للمعاهدة الفرنسية العثمانية المعقودة في عام 1535. للمزيد راجع: بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 56 وما بعد.
[57] الدول العظمى: مصطلح القصد من الدول الكبرى التي تلعب دوراً فاعلاً ومؤثراً في العلاقات الدولية، والتي تتحمل مسؤولية مجددة في الحفاظ على الأمن والاستقرار في النظام والأمن العالميين. وبغض النظر عن المبدأ المعلن في القانون الدولي حول مساواة الدول بغض النظر عن حجمهم، وسياستهم، وتأثيرهم، وقدراتهم العسكرية والاقتصادية، في الواقع الدولي من القديم يعترف بالدور الخاص للدول العظمى. وقد أشار مؤتمر فيينا (1814-1815) إلى وجود خمس دول عظمى هي: روسيا، وبروسيا، والنمسا، وإنكلترا، وفرنسا. وفي نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ازداد دور بعض الدول الأخرى في العلاقات الدولية. وبعد الحرب الأمريكية الإسباني عام 1898 تم الاعتراف بالولايات المتحدة الأمريكية كدولة عظمى، وفي نهاية القرن التاسع عشر بإيطاليا، وبعد الحرب الروسية اليابانية عام 1905 تم الاعتراف باليابان كدولة عظمى. وبانتهاء الحرب العالمية الأولى انتهى دور الدولة النمساوية الهنغارية كدولة عظمى، واختفت ألمانيا، ونتيجة لتوحيد الأراضي برزت في عام 1871 بروسيا. ومع بداية مؤتمر سان فرانسيسكو عام 1945 برزت خمس دول عظمى هي: الاتحاد السوفييتي (روسيا بعد انهيار الاتحاد السوفييتي)، والولايات المتحدة الأمريكية، والصين، وفرنسا، وبريطانيا العظمى، التي بموجب نظام منظمة الأمم المتحدة أصبحت الدول ذات العضوية الدائمة في مجلس الأمن الدولي التي ألقي على عاتقها مهمة الحفاظ على الأمن والسلام العالمي كمكافأة لهم لقاء دحر ألمانيا النازية. (القاموس الدبلوماسي ج 1 ص 178)
[58] مبدأ مجال التأثير، أو المصالح، استخدمته الدول العظمى في اتفاقياتها وسياستها الخارجية في نهاية القرن التاسع عشر كذريعة لتبرير سياستها الاستعمارية، وتبعية بعض الدول لها. وأخذت الدول الاستعمارية بمبدأ مجال المصالح عملياً في نهاية القرن التاسع عشر، وبداية القرن العشرين من أجل تقسيم القارة الإفريقية، (مثال اتفاقية بريطانيا العظمى مع وألمانيا، 1890-1898)، والاتفاقيات بريطانيا العظمى مع فرنسا لأعوام (1890، 1898، 1899، 1904)، وتقسيم الهند الصينية وغيرها من مناطق العالم. وفي تلك الاتفاقيات اعترفت الدول العظمى بمصالح بعضها البعض "الحقوق الخاصة لكل منهم في منطقة جغرافية محددة، كاتفاقيات أنتانتا لتقسيم أملاك الإمبراطورية العثمانية ولألمانيا بعد الحرب العالمية الأولى على سبيل المثال، وكان الاعتراف بمجالات المصالح خطوة أولى لضم تلك الأراضي للدولة العظمى المعنية. (القاموس الدبلوماسي ج 3 ص 440)
[59] Gontaut-Biron R. Comment la France c’est installee en Syrie (1918-1919), P., 1922. P. 27-28.
هذا الكتاب كتبه ضابط فرنسي خدم في صفوف الإدارة العسكرية الفرنسية في سورية خلال عامي 1918-1919. وبغض النظر عن تقيد الكاتب بظروف تلك المرحلة، فهو يعتبر من الذين قاموا بتقييم الشواهد التاريخية عن الأشهر الأولى للوجود العسكري البريطاني- الفرنسي في الشرق الأوسط. ومع الأسف لا نستطيع هنا التحقق من الحقائق التي ذكرها غيوتو-بيرون من خلال مصادر أخرى.
[60] ليفانت: بالفرنسية Levant، وبالإيطالية Levante، وتعني الشرق، وهي تسمية عرفت به كلاً من: سورية، ولبنان، ومصر، وتركيا، واليونان، وغيرهم من دول شرق البحر الأبيض المتوسط. وفي حالات أخرى سورية ولبنان تحديداً.
[61] الكنيسة الكاثوليكية: هي الجماعة التي أسسها السيد المسيح ورتب مؤمنيها تحت سلطان الرسل والأساقفة من بعدهم يرئسهم القديس بطرس هامة الرسل والحبر الأعظم خليفته. وهي تتفرع، في وحدة الإيمان والسلطة، إلى طوائف تتباين بطقوسها ولغاتها. (المنجد في الأعلام. ص 578)
[62] مار مارون توفي حوالي عام 410م): راهب قديس. تنسك في القورشية (سورية الشمالية). ذاع صيت فضائله فأصبح منسكه مزاراً.اتصل به يوحنا فم الذهب في منفاه. كتب سيرته ثيودوريتس. عيده في 9 شباط/فبراير. إليه ينتب الموارنة وتلاميذ مار مارون هم رهبان دير مار مارون الـ 350، قتلهم المونوفيزيون لأمانتهم لمجمع خلقيدونية 516م. (المنجد في الأعلام ص 626)
[63] الملكيون: هو الاسم الذي أطلقه العرب على مسيحيي سورية الذين خضعوا لقرارات المجمع الخلقيدوني 451م وهم في ذلك من جهة الإمبراطور. انضم فرع منهم لى الكنيسة الكاثوليكية القرن 18. والفرع الثاني هم الروم الأرثوذكس. لغتهم الطقسية اليونانية والعربية. (المنجد في الأعلام. ص 684)
[64] رانشيسكي ف. ب.: المجتمعات المسيحية في سورية قبل الانتداب الفرنسي // الدين، والوضع الفكري، الإيديولوجيا والتاريخ. بريانسك، 1996. ص 44. (باللغة الروسية)
[65] الجزويت: أعضاء جماعة رهبان كاثوليكية، اسمها باللاتينية "Societas Jesu" أو جمعية المسيح. أسسها في باريس عام 1534م الارستقراطي الاسباني إغناتيو لويولي واعترف بها البابا بافل الثالث في عام 1540م. هدفها نشر الكاثوليكية في العالم والدفاع عنها. (الموسوعة السوفييتية الكبيرة. ج 10 ص 44)
[66] الكنائس لبروتستانتية: هي الكنائس الغربية التي انفصلت عن الكنيسة الكاثوليكية تحت تأثير لوتر وكلفين. انتشرت في ألمانيا والبلدان الاسكندينافية واسكتلندا وسويسرا ثم في أمريكا الشمالية. وهي متشعبة إلى كنائس يختلف بعضها عن بعض في عقائدها وقوانينها. أهم فروعها اللوثرية والكلفينية والأنكليكانية. وتعرف الفروع الأولى بالكنائس الإنجيلية. وتعتبر هذه الكنائس الكتاب المقدس مصدراً وحيداً للوحي، ولا تعترف بالكهنوت. (المنجد في الأعلام ص 128)
[67] سايكس بيكو: اتفاقية سرية عقدتها في عام 1916 لتقسيم القسم الأسيوي من الدولة العثمانية، عن طريق تبادل الرسائل بين فرنسا، وروسيا. وفرنسا بتاريخ 13 (26) نيسان أبريل، وبريطانيا العظمى بتاريخ 16 أيار/مايو؛ واكتسبت تسميتها من واضعي مشروعها، الدبلوماسي البريطاني م. سايكس، والدبلوماسي الفرنسي ف.ج. بيكو. وبتاريخ 6 (19) تشرين ثاني/نوفمبر انضمت إيطاليا للاتفاقية. والاتفاقية تضمنت 5 مناطق: زرقاء، وضمت غرب سورية، ولبنان، وكليكية مع جزء من جنوب شرق الأناضول، وخضعت للسيادة الفرنسية؛ حمراء، وتضم جنوب ووسط العراق والموانئ الفلسطينية حيفا وعكا وتخضع للسلطة البريطانية؛ وبنية، وتضم بقية فلسطين وتخضع للإدارة الدولية بالاتفاق مع روسيا وغيرها من الدول. شرق سورية وولاية الموصل ضمن منطقة المصالح الفرنسية (المنطقة A)؛ شرق الأردن والقسم الشمالي من ولاية بغداد ضمن منطقة المصالح البريطانية (المنطقة B). في هذه المناطق بريطانيا العظمى وفرنسا احتفظت لنفسها بحقوق الأفضلية التجارية، ومد السكك الحديدية، والإمداد بالسلاح، وتعيين المستشارين وغيرها. وناقضت هذه الاتفاقية بشدة التزامات بريطانيا العظمى اتجاه العرب بموجب اتفاقية ماك ماهون مع الشريف حسين. روسيا تبادلت المراسلات اللازمة مع بريطانيا خريف عام 1916، م يكن لها أية مطالب في البلدان العربية. ولقاء الانضمام للاتفاقية التحالف وعد روسيا بولاية أرمينيا التركية وشمال كردستان، وأكدوا حقوقها في اسطنبول وحماية حقوق الأرثوذكس في فلسطين. الأراضي التي كانت يجب أن تنتقل لروسيا أشير إليها بالمنطقة الصفراء. بعد إعلان إيطاليا الحرب ضد ألمانيا دول أنتانتا عقدت معها في 20 نيسان/أبريل 1917 اتفاقية سين جان دي مورين، وبالنتيجة ظهرت على الخارطة المنطقة الخضراء، وتضم جنوب غرب الأناضول، و(المنطقة C)، وتضم قسم من غرب ووسط الأناضول، وتخضع للسلطة الإيطالية. نص الاتفاقية وغيرها من المباحثات السرية التي جرت بين الحكومة المؤقتة في الإمبراطورية الروسية، وبريطانيا العظمى نشرتها الحكومة السوفييتية في نهاية عام 1917 وأعلنت عن إلغائها. وبنتيجة أوضاع القوة الجديدة بين الحلفاء التي تشكلت بعد انتهاء الحرب العالمية الأولى، أعيد النظر بالاتفاقية لصالح بريطانيا العظمى، بموجب اتفاقية سيفيرس للسلام لعام 1920، ومؤتمر سان ريمو لعام 1920. وأخضعت الدول العربية لانتداب عصبة الأمم، التي سلمت المناطق الملونة، ومنطقتي A, B للانتداب البريطاني والفرنسي. (القاموس الدبلوماسي الجزء 3، ص 7-8. كلوتشنيكوف يو.ف.، سابانين أ.ف.: السياسة الدولية. القسم 2، ص 40-43، 54-56. باللغة الروسية، و
De Martens G.F. Nouveau recueil general de traites…, ser. 3, t. 10, p. 350.)
[68] السياسة الدولية للوقت الجديد في الاتفاقيات، والمراسلات، والوثائق. القسم 2، موسكو؛ 1924. ص 37-43. (باللغة الروسية)
[69] اتفاقية ماكماهون الحسين: حول مشاركة العرب في الحرب العالمية الأولى، توصل إليها الجانبان في حزيران/يونيو 1915 وآذار/مارس 1916 عن طريق تبادل الرسائل بين المندوب السمي البريطاني في القاهرة غ. ماكماهون، وحاكم ولاية مكة الشريف حسين بن علي الهاشمي. تعهد فيها الحسين بإعلان الثورة العربية ضد الأتراك، وتعهدت بريطانيا العظمى بالاعتراف باستقلال العرب. وطالب الحسين بأن تضم الدولة العربية المزمع إقامتها سورية، وكليكيا، والعراق، وكامل الجزيرة العربية، باستثناء عدن. وبريطانيا العظمى حذفت من هذه القائمة غرب سورية، ولبنان، وولايتي البصرة وبغداد في العراق، والمناطق الواقعة تحت الحماية البريطانية في شبه الجزيرة العربية. وطالب ماكماهون بتسليم بريطانيا العظمى الدفاع عن الدولة العربية المزمع إقامتها، وتثبيت مناصب المستشارين والموظفين الإنكليز في الحكومة العربية المزمع إقامتها. وهو ما رفضه الحسين. ولو أن الاتفاقية لم تشر بوضوح لحدود الدولة العربية وعلاقاتها ببريطانيا العظمى، فإنها ساعدت على إعلان الثورة العربية ضد الأتراك في حزيران/يونيو 1916. بريطانيا العظمى لم تفي بتعهداتها للعرب. وبدلاً عن ذلك عقد اتفاقية سايكس بيكو السرية في عام 1916 لاقتسام البلدان العربية. (القاموس الدبلوماسي ج 2. ص 174-175). للمزيد أنظر: لازارييف م.س.: انهيار الدولة التركية في الشرق العربي، 1914-1918. موسكو: 1960. ص 101- 110؛ ولوتسكي ف.ب.: التاريخ الجديد للدول العربية. موسكو: 1965ز ص 335-342. (باللغة الروسية)
[70] توما لورنس (1888 – 1935): ضابط وكاتب إنكليزي. كان معتمد دولته السري لدى زعماء العرب وخاصة الشريف حسين في الحرب العالمية الأولى وبعدها. شجع الثورة على الأتراك وناصرها 1916 – 1918 لقبته الصحافة "ملك العرب غير المتوج". له "أعمدة الحكمة السبعة". (المنجد في الأعلام ص 615)
[71] غراف أرتور جيمس بلفور (1848 – 1930): دبلوماسي ورجل دولة بريطاني. عضو البرلمان 1874 – 1922؛ من عام 1922 عضو مجلس الوردات. في عام 1878 – 1880 السكرتير الشخصي لوزير خارجية بريطانيا العظمى اللورد ساليسبيري، شارك في رحلات ساليسبيري وديزرائيلي (ب. بيكونسفيلد) إلى برلين عام 1878؛ من عام 1885 عضو المجلس السري، خلال عامي 1885 – 1886 وزير شؤون الإدارة المحلية، خلال عامي 1886 – 1887 لشؤون شاتلاندا، خلال أعوام 1887 – 1891 لشؤون إيرلاندا؛ خلال أعوام 1891 – 1892، و1895 – 1906 وزير المالية وزعيم مجلس النواب؛ خلال 1892 – 1895 زعيم الكتلة البرلمانية لحزب المحافظين؛ خلال أعوام 1902 – 1905 الوزير الأول، وأحد المبادرين للاتحاد الإنكليزي الياباني 1902 1921 والاتفاقية الإنكليزية الفرنسية 1904، التي كانت الأساس لتحالف أنتانتا؛ خلال 1915 – 1916 وزير الحرب والبحرية، خلال 1916 – 1919 وزير الخارجية، خلال 1919 – 1922 و 1925 – 1929 لورد ورئيس المجلس. وضع مشروع تأسيس "بيت قومي لليهود" في فلسطين. أحد منظمي الحملة ضد السوفييت خلال 1917 – 1922. نائب ريس الوفد البريطاني الذي ترأسه لويد جورج خلال أعوام 1919 – 1920 لمؤتمر السلام في باريس؛ ترأس وفد بريطانيا العظمى لمؤتمر عصبة الأمم عام 1920، ومؤتمر واشنطن 1921 – 1922. (القاموس الدبلوماسي ج 1. ص 111 – 112)
[72] ينتمي لأسرة المصرفي اليهودي الألماني الأصل ماير أنسلم روتشيلد (1743 – 1812). (المنجد في الأعلام. ص 311)
[73] إعلان بلفور 1917: عن سياسة إنكلترا في فلسطين، نشر بتاريخ 2 تشرين ثاني/نوفمبر 1917 على شكل رسالة من وزير خارجية بريطانيا العظمى ا.ج. بلفور للمصرفي اللورد روتشيلد. ذكر فيها أن الحكومة البريطانية "تنظر باهتمام لاقامة بيت قومي في فلسطين (national home) للشعب اليهودي وستبذل كل جهودها من أجل تسهيل الوصول لهذا الهدف. وأشار إلى أنه في ذلك "يجب أن لا يتضرر في هذا الحقوق المدنية والدينية القائمة في فلسطين للجماعات غير اليهودية، وأيضاً الوضع السياسي الذي يتمتع به اليهود في أي دولة أخرى". في عام 1918 إعلان بلفور اعترفت به فرنسا والولايات المتحدة الأمريكية، وبعد ذلك وبإصرار من إنكلترا جرى إدخاله في معاهدة سيفر للسلام. وأيضاً في قرار الانتداب على فلسطين، مما أعطاه قوة الالتزام الدولي. رسمياً كانت خلفية إعلان بلفور الحصول على تأييد ومساعدة يهود الولايات المتحدة الأمريكية، وروسيا في الحرب ضد ألمانيا، ولكن الهدف الواقعي كان حصول إنكلترا على إمكانية التهرب من الالتزام بتطبيق اتفاقياتها المعقودة مع العرب في عام 1915 (فيما يعرف بمراسلات مكماهون الحسين)، ومع فرنسا وروسيا في عام 1916 (فيما يعرف باتفاقية سايكس بيكو)، ولتبرير احتلالها لفلسطين. واعتمدت إنكلترا على إعلان بلفور لمنع إدخال فلسطين ضمن الدولة العربية، وعن وضع فلسطين تحت الإدارة الدولية. وقد أثار إعلان بلفور احتجاج العرب، وفي كانون ثاني/يناير 1918 الحكومة البريطانية، المهتمة بمساعدة العرب في الحرب أرسلت البروفيسور هوغارت لملك الحجاز حسين من أجل "شرح" إعلان بلفور (حيث خرج عن الزيارة بيان هوغارت). إعلان بلفور احتفظ بقوته الحقوقية كالتزام دولي لإنكلترا طيلة فترة الانتداب البريطاني على فلسطين (حتى تشرين ثاني/نوفمبر 1947)، ولو أنه تعرض للشرح والتأويل في بيان تشرتشل عام 1922، ومشروع بيل عام 1937، ومؤتمر لندن حول المسألة الفلسطينية عام 1939. (القاموس السياسي ج، 1. ص 112) وللمزيد أنظر: كلوتشنيكوف يو.ف.، سابانين أ.ف.: السياسة الدولية. القسم 2، ص 87؛ و
British White Paper. Cmd. 1785, L., 1922.
بيان تشرتشل لعام 1922: عن سياسة حكومة بريطانيا العظمى في فلسطين أعلنه بتاريخ 3 حزيران/يونيو وزير شؤون المستعمرات ونستون تشرتشل في محاولة منه لتبرئة ساحة السياسة البريطانية في فلسطين في أعين المجتمع الفلسطيني في الشرق الأوسط، التي وردت في إعلان بلفور لعام 1917، ومن أجل الإسراع في الحصول من عصبة الأمم على الانتداب البريطاني في فلسطين. وأشار البين إلى الصدامات التي تحصل بين المنظمات العربية واليهودية في فلسطين وغيرها من الشكوك حول الأهداف والمهام الحقيقية للحكومة البريطانية التي ازدادت في الأوسط الاجتماعية العربية واليهودية في فلسطين بعد نشر إعلان بلفور، تعتبر نتيجة لما يمكن أن يكون سوء فهم لجوه مضمونه. وفي البيان جزئياً أثبتت أن تخوف العرب الفلسطينيين حول "ميل" حكومة بريطانيا العظمى نحو فكرة إقامة بيت قومي لليهود في فلسطين، ليس له أي أساس؛ وان ضبط الهجرة اليهودية إلى فلسطين سيخضع للضوابط الاقتصادية الصارمة وللحاجة إلى اليد العاملة وفي حدود تشغيل اليهود المهاجرين؛ وكل سكان فلسطين دون استثناء سيحتفظون بوضعهم القانوني؛ ونفى تخوف زعماء المنظمات العربية الفلسطينية حول "الاختفاء" التدريجي للعرب ولغتهم وثقافتهم وخضوعهم لليهود. وأما ما يتعلق بالسكان اليهود في فلسطين فأشار البيان إلى تخوف البعض من إمكانية تراجع الحكومة بريطانيا العظمى عن الخط المرسوم في إعلان بلفور لا أساس لها من الصحة. والبيان دعى إلى إصدار ضمانات دولية من أجل إقامة بيت قومي لليهود في فلسطين والاعتراف به. وهكذا أصبح البيان حلقة في السياسة البريطانية في فلسطين والتي بدأت منذ مراسلات الحسين مكماهون عام 1915، واستمرت حتى نهاية انتداب بريطانيا العظمى على فلسطين. وفي 18 حزيران/يونيو 1922 أرسلت اللجنة التنفيذية للمنظمات الصهيونية في فلسطين ردها على البيان، عبرت فيه عن تأكيدها على أن نشاطات تلك المنظمات
[74] وودرو (توماس) ويلسون (1856 – 1924): سياسي ورجل دولة في الولايات المتحدة الأمريكية. خلال أعوام 1911 – 1913 حاكم ولاية نيوجرسي؛ خلال أعوام 1913 – 1921 رئيس الولايات المتحدة الأمريكية. خلال فترة حكمة وسعت الولايا المتحدة الأمريكية من وجودها في أمريكا اللاتينية. خلال أعوام 1914 – 1917 حافظ على حياد الولايات المتحدة الأمريكية خلال الحرب العالمية الأولى. في عام 1917 أعلن الحرب على ألمانيا. أحد مؤسسي عصبة الأمم ورئيس لجنة إعداد نظامها. شارك في مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920. (القاموس الدبلوماسي الجزء 1. ص 202)
[75] نقاط ويلسون الـ 14: شروط السلام التي وضعها رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويلسون في رسالته للكونغرس الأمريكي بتاريخ 8 كانون ثاني/يناير 1918، كأساس لمعاهدة السلام، التي تنهي الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918. وتضمنت: 1) اتفاقية علنية للسلام؛ 2) الحرية الكاملة للملاحة البحار؛ 3) حرية التجارة، وإزالة الحواجز الجمركية؛ 4) وضع الضمانات اللازمة لخفض التسلح؛ 5) تسوية مسائل المستعمرات؛ 6) تحرير كل الأراضي الروسية التي تحتلها ألمانيا، وتوفير الفرصة لروسيا لاختيار سياستها القومية، والانضمام لمجتمع القوميات الحرة؛ 7) تحرير وإعادة إعمار بلجيكا؛ 8) إعادة الأراضي الفرنسية التي تحتلها ألمانيا لفرنسا، بما فيها الإلزاس ولوتارينغ؛ 9) تصحيح حدود إيطاليا بما يتفق والحقائق القومية؛ 10) إعطاء شعوب النمسا وهنغاريا الحكم الذاتي؛ 11) تحرير أراضي رومانيا، وصربيا، والجبل الأسود التي تحتلها ألمانيا؛ وتأمين مخرج على البحر لصربيا؛ 12) البقاء المستقل لتركيا، والحكم الذاتي لقوميات أجزاء الإمبراطورية العثمانية؛ 13) إنشاء الدولة البولونية المستقلة؛ 14) إنشاء اتحاد للأمم بهدف تأمين الضمانات المتبادلة للاستقلال السياسي، ووحدة الأراضي، والمساواة بين الدول الكبيرة والصغيرة. (القاموس الدبلوماسي ج، 3. ص 574) وأرشيف بولكوفنيك هاوزا. موسكو: 1944. ج. 4؛ إينوزيمتسوف ن.ن.: سياسة الولايات المتحدة الأمريكية في عصر الإمبريالية. موسكو: 1960. ص 141 – 146. (باللغة الروسية)
[76] نفس الصدر السابق. ص 109.
[77] من عام 1860 لبنان تمتع بحكم ذاتي محدود بضمانات من الدول الكبرى الأوروبية. سنجق لبنان المتمتع بالحكم الذاتي أداره مجلس للحجم الذاتي، شكل على أساس التمثيل الطائفي، وتمتع المارونيون في المجلس بالأكثرية، وكانت توجهاته فرنسية. وشملت حدود السنجق المناطق الجبلية، ولم يشمل المدن الساحلية بيروت، وصيدا، وصور، وطرابلس، وسهل البقاع. مجلس الحكم الذاتي نتيجة لإصراره توصل لضم تلك المناطق إلى سلطته رغم أنها كانت ذات أغلبية مسلمة. في عام 1915 حلت السلطات التركية مجلس الحكم الذاتي ولم يعاود ممارسة سلطاته سوى بعد الصلح.
[78] Zeine Zeine N. The Struggle for Arab Independence. Western Diplomacy and the Rise and Fall of Faisal’s Kingdom in Syria. Beirut, 1960. P. 32-33.
[79] Ibid. p. 25-30.
[80] صلح مودروس لعام 1918: عقد بتاريخ 30/10/1918 على ظهر السفينة الحربية البريطانية "آغاممنون"، في ميناء مودروس (جزيرة ليمنوس) بين ممثلي بريطانيا العظمى (كدولة مفوضة من قبل دول أنتانتا) والحكومة السلطانية التركية. بعد أن انهزمت تركيا عسكرياً في الحرب العالمية الثانية 1914 – 1918، كانت مضطرة لقبول الشروط الصعبة المفروضة عليها: فتح ممرات البحر الأسود أمام السفن الحربية لدول أنتانتا مع حقهم في احتلال قلاع البوسفور والدردنيل، وباكو، وباطومي؛ تسليم المواقع العسكرية التركية الواقعة خارج تركيا، سحب القوات التركية الموجودة في إيران، ومن المواقع الموجودين فيها في ما وراء القوقاز، وكيليكيا؛ حل الجيش وتسليم دول الأنتانتا السفن الحربية التركية، الموجودة في المياه التركية، أو في مياه الأراضي الموجودة فيها البحرية التركية، وغيرها. ( القاموس السياسي ج2. ص 255) وكلوتنيكوف يو. ف.، سابانين أ. ف.: السياسة الدولية. ج. 2. ص188 – 189.
[81] Ibid. p. 47-48.
[82] كيليكية أو قيليقية Cilicie : منطقة في جنوب غربي تركيا الآسيوية على ساحل البحر الأبيض المتوسط. من مدنها أضنة وطرسوس وسيس. عرفت بأرمينيا الصغرى، وكانت مملكة مستقلة في العهد الصليبي 1198 – 1375. (المنجد في الآداب. ص 604 – 605)
[83] Gontaun-Biron R. Op. Cit. P 65.
[84] أرواد: هي أرفاد الفينيقية، وأردوس اليونانية. ورد اسمها في التوراة. جزيرة سورية 3 آلاف نسمة. على بعد 3 كم من شاطئ طرطوس. طولها 800 م، وعرضها 500 م. كانت قديماً مملكة فينيقية وصلت حدودها إلى جهات حمص وحماة، وقد ناصر أسطولها الفرس في معركة سلامين 480 ق.م. وفيها آثار فينيقية وصليبية. (المنجد في الآداب. ص 37.)
[85] Ibid. p. 61.
[86] Ibid. p. 71.
[87] Ibid. p. 109.
[88] Ibid. p. 87.
[89] مصطلح "نوتابل (إقطاعي)" استخدمه المستعمرون أخذاً من مصطلحات أوروبا في القرون الوسطى، وطبق في الشرق الأوسط خلال القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين ودخل في الأدبيات العلمية. ويفهم من نوتابل كبار ملاك الأراضي الذين يعيشون في المدن على حساب الدخل الذي توفره لهم تلك الأراضي التي يؤجرونها. الحياة الاجتماعية في المدن السورية كانت تحت السيطرة التامة للعائلات الكبيرة صاحبة النفوذ ومنها الأسر الإقطاعية. للمزيد أنظر:
- Khoury Ph. S. Urban Notables and Arab Nationalism. The Politics of Damascus, 1860-1920. Cambridge, 1983.
[90] Gontaun-Biron R. Op. Cit. P 70.
[91] Ibid. p. 122-123.
[92] Ibid. p. 133. 135-136.
[93] Ibid. p. 189.
[94] Ibid. p. 200-201.
[95] Ibid. p. 206.
[96] Ibid. p. 137.
[97] Ibid. p. 199-200.
[98] جورج بنيامين كليمنصو (1841 – 1929): دبلوماسي فرنسي، ورجل دولة. خلال أعوام 1871 – 1893 عضو في المجلس القومي، من عام 1902 سيناتور. خلال آذار/مارس، أكتوبر/تشرين أول 1906 وزير الداخلية؛ خلال أعوام 1906 – 1909 الوزير الأول الفرنسي، لعب دوراً هاماً في تشكيل الأنتانتا. خلال أعوام 1917 – 1920 الوزير الأول ووزير الحربية الفرنسي. رئيس مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920، كان له دوراً كبيراً في تعزيز المكانة العسكرية والسياسية الفرنسية في أوروبا، ولعب دوراً كبيراً في صياغة اتفاقية فيرسال للسلام. (القاموس الدبلوماسي. ج2. ص49)
[99] ديفيد لويد جورج (1863 – 1945): غراف دوفور، دبلوماسي ورجل دولة بريطاني. عضو مجلس العموم خلال أعوام 1890 – 1945. خلال أعوام 1905 – 1908 وزير التجارة، خلال أعوام 1908 – 1915 وزير المالية، في عام 1916 وزير الحربية، خلال أعوام 1916 – 1926 الوزير الأول في بريطانيا العظمى. خلال أعوام 1926 – 1931 زعيم الحزب الليبرالي. من عام 1945 عضو مجلس اللوردات. لعب دوراً كبيراً خلال مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920وفي إعداد اتفاقية فرسال للسلام عام 1919. (القاموس الدبلوماسي. ج 2. ص 149)
[100] Watson D. R. The Making of the Treaty of Versailles // Troubled Neighbours. Franco-British in the Twentieth Century. L., 1971. P. 72.
[101] كايزر ج.: أوروبا وتركيا الجديدة. موسكو: 1925. ص 25. (باللغة الروسية)
[102] لويد جورج د.: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. الجزء الثاني. ص 227. (باللغة الروسية)
[103] مصطفى كمال: طريق تركيا الجديدة، 1919-1927. موسكو: 1929. الجزء الأول. ص 291. (باللغة الروسية)
[104] مؤتمر باريس للسلام 1919 – 1920: انعقد خلال المدة من 18/1/1919 وحتى 21/1/1920 بفترات توقف. دعت إليه الدول المنتصرة في الحرب العالمية الأولى 1914 – 1918 من أجل إعداد اتفاقيات للسلام مع الدول المهزومة. الدور الهام في المؤتمر لعبه "مجلس الأربعة" ممثلاً بشخص رئيس الولايات المتحدة الأمريكية ويلسون، والوزير الأول الفرنسي كليمنصو، والوزير الأول البريطاني لويد جورج، والوزير الأول الإيطالي أورلانو. خلال جلسات المؤتمر نوقشت اتفاقية السلام مع ألمانيا تلك المناقشات التي رافقتها خلافات كبيرة بين أعضاء مجلس الأربعة، فرنسا حاولت إضعاف ألمانيا إلى أبعد الحدود من النواحي الجغرافية، والعسكرية، والسياسية، والاقتصادية، محاولة من ذلك تأمين موقع الهيمنة في أوروبا؛ الولايات المتحدة الأمريكية وبريطانيا العظمى حاولتا الاحتفاظ بألمانيا كقوة لمجابهة زيادة الهيمنة الفرنسية في أوروبا، ولتلعب دوراً هاماً في مواجهة للاتحاد السوفييتي. وعند مناقشة موضوع الأراضي الألمانية كانت هناك خلافات حادة حول الأراضي البولونية. فرنسا سعت دون جدوى لإقامة دولة بولونية قوية "على حدود عام 1772"، التي تمكنها من لعب دور حليفتها في شرق أوروبا ضد ألمانيا، وضد الاتحاد السوفييتي. وخلال المؤتمر تم إقرار نظام عصبة الأمم في جلسة 7/5/1919. وخلال المؤتمر تم إعداد عدد من معاهدات السلام ومن بينها اتفاقية سفير للسلام التي وقعت في عام 1920. (القاموس الدبلوماسي. ج2. ص 340 – 341؛ وتاريخ الدبلوماسية. ج3. ص140 – 166)
اتفاقية سفير للسلام 1920: واحدة من الاتفاقيات نظام فرسال. وقعت في سفير شمال باريس بتاريخ 10 آب/أغسطس بين بريطانيا العظمى، وفرنسا، وإيطاليا، واليابان، وأرمينيا (الدشناق)، وبلغاريا، واليونان، وبولونيا، والبرتغال، ورومانيا، ومملكة الصرب، وكرواتيا، وسلوفينيا، (يوغسلافيا في عام 1929)، والحجاز (المملكة العربية السعودية من عام 1932)، وتشيكوسلوفاكيا من جهة، والحكومة السلطانية التركية من جهة ثانية. المعاهدة ارتبطت بالشروط الاحتلال المفروضة على حكومة السلطان من قبل الحلفاء لمجموعة من المناطق الهامة من تركيا بما فيها اسطنبول، وممرات البحر الأسود، وإزمير، والصراع اليوناني التركي. هزيمة تركيا في الحرب، وأوضاعها الاقتصادية، والسياسية، والعسكرية الصعبة استخدمها الحلفاء في أنتانتا ليس لتحقيق أحد أهدافهم الرئيسية في تقسيم الإمبراطورية العثمانية طبقاً للعديد من الاتفاقيات السرية المعقودة فيما بينهم، ولكن من أجل تقسيم تركيا نفسها، ومن أجل خنق الثورة الكمالية. المعاهدة ضمت 13 قسماً، و433 مادة، القسم الأول تعلق بدور عصبة الأمم. مصير الأراضي التركية حدده القسم الثاني من المعاهدة، والقسم الثالث تناول الأوضاع السياسية. شرق فراقيا، وادرنة، والشاطئ الأوروبي من الدردنيل، وكامل شبه جزيرة غالبول، وإزمير سلمت لليونان. واسطنبول وشريط ضيق من الأرض أبقي شكلاً لتركيا بشرط في حال عدم تقيدها في المعاهدة (الحلفاء احتفظوا بحقهم بتغيير الوضع القائم". منطقة الممرات بحدود دنيا أبقيت ضمن الأراضي التركية، وخضعت بالكامل للحياد، ورقابة "لجنة الممرات الدولية"، التي تمتعت بحقوق بغض النظر عن السلطات المحلية بإخضاع الممرات المائية وشواطئ البوسفور، وبحري مرمرة والدردنيل، لاستخدام الحلفاء الموانئ من أجل أساطيلها. المواد المتعلقة بالأراضي العربية في غرب آسيا اعتبرت أن سورية، ولبنان، وفلسطين، وبلاد الرافدين ستخضع لإدارة الانتداب. تركيا فقد أملاكها في الجزيرة العربية وتعهدت بالاعتراف بمملكة الحجاز. تخطيط الحدود بين تركيا وأرمينيا خضعت لقرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية حول تركيا. وفصلت عن تركيا كردستان، وشكلت من أجل تخطيط حدودها لجنة ضمت إنكلترا وفرنسا وإيطاليا. والوضع كان كالتالي: إذا مجلس عصبة الأمم يعترف بأن سكان هذه المناطق "مهيأين للاستقلال"، للأكراد يقام "حكم ذاتي". تركيا تنازلت عن كامل حقوقها في مصر واعترفت "تحت الحماية" بتبعيتها لبريطانيا، منذ 18/12/1914. وتركيا فقدت كذلك كل الحقوق في السودان، واعترفت بضم قبرص لبريطانيا، الذي تم في 5/11/1914، والحماية الفرنسية على مراكش وتونس، وتخلت عن كافة الحقوق والامتيازات في ليبيا والجزر لصالح إيطاليا. وخضعت لنظام الاستسلام الكامل. ومن أجل السيطرة على أوال وموازنة تركيا شكلت لجنة من ممثلي فرنسا، وبريطانيا العظمى، وإيطاليا، ومن ممثل لتركيا بصوت استشاري فقط.واعترفت تركيا بإلغاء كل معاهداتها المبرمة مع ألمانيا، والنمسا، وهنغاريا، أو بلغاريا، وروسيا وغيرها من الدول والحكومات التي كانت سابقاً جزءاً من روسيا قبل دخول المعاهدة حيز التنفيذ. والأوضاع العسكرية والبحرية والجوية تناولتها المعاهدة في الجزء الخامس، تم تسريح كامل القوات المسلحة. الجيش التركي لا يجب أن يتجاوز الـ 50 ألف جندي وضابط، بما فيها 35 ألف من رجال حفظ الأمن الداخلي. والمعاهدة عملياً حرمت تركيا من حقوق الدولة ذات السيادة ولهذا رفضت حكومة أنقرة والسلطان تصديقها. (القاموس الدبلوماسي. ج3. ص 26 – 27. والتاريخ الحديث لتركيا. موسكو: 1968. ص 33 – 44. ميللر أ.ف.: مقالات في التاريخ تركيا الحديث. موسكو، ليننغراد: 1948. ص 97 – 99.)
[105] نظام الانتداب: نظام الإدارة الذي وضعته الدول العظمى المتحالفة الأنتانتا، فيما يتعلق بالمستعمرات الألمانية، التي استولوا عليها نتيجة للحرب العالمية الأولى 1914 – 1918، وبعض الأراضي العربية التي كانت ضمن الإمبراطورية العثمانية. ومن الناحية القانونية نظام الانتداب استمد من المادة 22 من نظام عصبة الأمم، التي تسمح بانتداب دول للوصاية باسم عصبة الأمم على شعوب الأراضي التي نتيجة للحرب خرجت من تحت سيادة الدول التي حكمتها سابقاً، والتي لا يمكنها أن تحكم نفسها بنفسها. الانتداب قسم إلى ثلاث أنواع: الأول: وطبق على الأملاك العثمانية السابقة، والتي كان وضعها قريب من التبعية؛ والثاني: وطبق على المستعمرات الألمانية السابقة في إفريقيا المركزية، التي سلمت للإدارة الكاملة من قبل الدول المنتدبة مع الحفاظ على شيء من الحكم الذاتي: الثالث: وطبق على دول جنوب غرب إفريقيا وجزر المحيط الهادئ وبموجبه تم ضم تلك الأراضي للدول المنتدبة. تقسيم المستعمرات الألمانية تم خلال جلسة المجلس الأعلى لأنتانتا بتاريخ 7 أيار/مايو 1919، أما الأملاك السابقة للدولة العثمانية فقد تم توزيعها خلال مؤتمر سان ريمو عام 1920. وتسلمت بريطانيا العظمى الانتداب من النوع الأول على العراق، وفلسطين، وشرق الأردن. ومن النوع الثاني على تنجانيقا، وقسم من التوغو، والكاميرون؛ أما فرنسا فقد تسلمت الانتداب من الصنف الأول على سوريا ولبنان، والانتداب من الصنف الثاني على قسم من التوغو، والكاميرون؛ وبلجيكا الانتداب من الصنف الثاني على رواندا، وأوروندي في عام 1923. اليابان تسلمت الانتداب من الصنف الثالث على الجزر في المحيط الهادئ شمال خط الاستواء؛ واتحاد جنوب إفريقيا تسلم الانتداب من الصنف الثالث على جنوب غرب إفريقيا وألن جزءاً لا يتجزأ من أراضيها؛ استراليا تسلمت الانتداب من الصنف الثالث على جزر ناورو بالاشتراك مع بريطانيا العظمى، ونيوزيلنديا، وعلى غينيا الجديدة الألمانية وجزر المحيط الهادئ جنوب خط الاستواء؛ وتسلمت نيوزيلنديا الانتداب من الصنف الثالث على جزر غرب ساموا. (القاموس السياسي. ج2. ص 177 – 178.)
[106] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 54-56.
[107] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 107.
[108] Ibid. p. 60, 66.
[109] ستيفان جان ماري بيشون (1857 – 1933): دبلوماسي ورجل دولة فرنسي. خلال أعوام 1885 وحتى 1893 عضو مجلس النواب؛ خلال أعوام 1894 وحتى 1896 سفير فرنسا في هاييتي، خلال الفترة من 1896 وحتى 1898 في البرازيل، ومن عام 1898 وحتى 1901 في الصين، من عام 1901 وحتى 1906 المقيم السامي الفرنسي في تونس. من عام 1906 وحتى 1924 سيناتور. من عام 1906 وحتى 1911 وفي عام 1913 وخلال أعوام 1917 وحتى 1920 وزير الخارجية الفرنسي. لعب دوراً هاماً في تأسيس الأنتانتا. ساهم بنشاط في مؤتمر السلام في باريس 1919 – 1920، وفي إعداد معاهدة فرسال للسلام 1919. (القاموس السياسي. ج2. ص 384.)
[110] أرمينيا: هي أنجاد وجبال (ذروتها أرارات) تتخللها سهول مرتفعة في آسيا الصغرى جنوبي القفقاس (القوقاز)، بين أنجاد إيران شرقاً والأناضول غرباً، وبين بحر قزوين ومسيل الفرات الأعلى. يجتازها نهر أراس. كانت أرمينيا دولة مستقلة منذ أقدم العصور وبلغت أوج العز على أيام تغران الكبير، ثم تنازعها البيزنطيون والعباسيون في ولاية أمرائها البغراطيين 885 – 1079. وبعد الفتح السلجوقي وانقراض الإمبراطورية البيزنطية تقاسمتها روسيا وإيران والدولة العثمانية. وأرمينيا منطقتان: تركية (ولايات قرص، أرضروم، موش، بتلس، وان)، وجمهورية أرمينيا وجزء من جمهورية أذربيجان اللتان استقلتا عن الاتحاد السوفييتي السابق. وأرمينيا الصغرى: وهي مناطق من الأناضول وقيليقية، نزح إليها الأرمن زرافات، ابتداء من 1080 في عهد الصليبيين هرباً من وجه السلجوقيين والمغول فأسسوا الإمارات ثم مملكة أرمينيا الصغرى 1198م بمساعدة الفرنج. قضى عليها المماليك عام 1375م. (المنجد في الآداب. ص 36 – 37)
[111] كردستان: منطقة جبلية بين الأناضول أرمينيا وأذربيجان تتقاسمها الدول المجاورة لها. سكانها من الأكراد. (المنجد في الآداب. ص 586.)
[112] شكري غانم (1861 – 1929): أديب وسياسي لبناني ولد في بيروت وأقام في فرنسا حيث توفي. نظم الشعر بالفرنسية. كان من الداعين لاستقلال لبنان عن الدولة العثمانية. (المنجد في الآداب. ص 503)
[113] Ibid. p. 70.
[114] Zamir M. The Formation of Modern Lebanon. L., 1985. P. 53.
[115] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 29.
[116] Helmreich P. C. From Paris to Sevres. The Partitition of the Ottoman Empire at the Peace Conference of 1919 – 1920. Columbus (Ohio) 1974. P. 29 – 31.
لويد جورج في البداية عرف عن مضمون هذا النقاش عن طريق سكرتيره ف. كيررا. ميلنر نفسه أرسل للوزير الأول تقريراً خطياً يوم 8 آذار/مارس. يمكن الإطلاع على النص في: لويد جورج د.: فهرس المؤلفات. الجزء 2. ص 232-235. (باللغة الروسية)
[117] لويد جورج د.: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. الجزء الثاني. ص 235-236. (باللغة الروسية)
[118] Combon P. Correspondence. 1870-1924. P., 1946. T. 3. P. 320.
[119] Horewitz J.C. (ed.). Diplomacy in the Near and Middle East. 1914-1956. Princeton, 1956. V. 2. P. 50-59;
لويد جورج د.: حقائق اتفاقيات السلام. موسكو: 1955. الجزء الثاني. ص 241-254. (باللغة الروسية)؛ نيكولسون غ. كيف صنع السلام عام 1919. موسكو: 1945. ص 123. (باللغة الروسية).
[120] Montoux P. Les deliberations du Conseil des Quatre. 28 Mars – 28 Juin 1919. P., 1954. T. 1. P. 50-51.
[121] Ibid. p. 228-229; 378-379.
[122] الإشارة إلى هذه الخطة موجدة في تقرير ميلنر الذي سبق وأشرنا إليه حول المناقشات مع كليمنصو في 11 شباط/فبراير. وعن هذه الخطة بالنتيجة وتحت مختلف الظروف تحدثوا وكتبوا: كليمنصو في خلافاته مع لويد حورج 22 أيار/مايو. أنظر:
Mantoux P. Op. Cit. P., 1954. T., 2. P. 160,
ف. جورج-بيكو في حديثه مع فيصل 18 حزيران/يونيو، أنظر:
Khoury G. La france et I’orient Arabe. Naissance du Liban moderne. p., 1993. P. 239-242,
و أ. بلفور، رئيس مكتب فورين في بيان ديوان الوزراء بتاريخ 11 آب/أغسطس، أنظر:
Documents on British Foreign Policy, 1919-1939 (DBFP). Ser. 1. V. 4. L., 1958. P. 341.
[123] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 80.
[124] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 251-253.
[125] Ibid. p. 253.
[126] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 86-87.
[127] الدروز: فرقة أسسها الداعيان درزي، وحمزة بن علي بن أحمد في أيام الخليفة الفاطمي الحاكم. انتشرت في سورية (حلب وبانياس). استوطن الدروز لبنان منذ أواخر القرن 12 (وادي التيم). اندمج تاريخهم بتاريخ الجبل منذ القرن 15. هاجر منهم عدد إلى سورية في أواخر القرن 17 فقطنوا اللجاه ومرتفعات حوران الني دعيت بجبل الدروز. (المنجد في الأعلام. ص285)
[128] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 86-87.
[129] غ. ويلسون قدم خريطة لمناطق الاحتلال وأعلن أنه "لا يملك تعليمات" حول أية تعديلات لها. ومع الأسف هذه الخارطة لم تنشر في أي مكان، وعن مضمونها يمكننا التحدث من خلال المعلومات غير المباشرة.
[130] Montoux P. Op. Cit. T. 2. P. 131-143; 158-164.
[131] لوتسكي ف.ب.: المسألة العربية والدول المنتصرة أثناء مؤتمر باريس للسلام (1918-1919) // الدول العربية. تاريخ. اقتصاد. موسكو، 1966. ص 26. (باللغة الروسية)
[132] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 265-272.
[133] لوتسكي ف.ب.: المسألة العربية والدول المنتصرة أثناء مؤتمر باريس للسلام (1918-1919) // الدول العربية. تاريخ. اقتصاد. موسكو، 1966. ص 27-28. (باللغة الروسية)
[134] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 275.
[135] Zamir M. Op. Cit. P. 62-63.
[136] Khoury G. La france et I’Orint Arabe. P. 239-242.
[137] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 291.
[138] Zamir M. OP. Cit. P. 66.
[139] الحجاز: إقليم في المملكة العربية السعودية، 400 ألف كم2، 3 ملايين نسمة. قاعدته مكة المكرمة. يحده خليج العقبة شمالاً والبحر الحمر غرباً ونجد شرقاً وعسير جنوباً. تتكون أرضه من سهل ساحلي ضيق (تهامة) وسلسلة جبال السراة وهضاب داخلية وواحات وأودية تقوم حولها الزراعة. سكانه ينتمون إلى قبائل متعددة منها الحويطات وجهينة وحرب. استقل عام 1916. وضم إلى المملكة العربية السعودية في عام 1926. أهم مدنه: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، والطائف، وتبوك شمالاً وهي أول منزلة من منازل الحج، وتيماء، والوجه، وينبع، وجدة. (المنجد في الآداب. ص 229 – 230)
[140] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 265.
[141] العلويون: هم المنتسبون إلى علي بن أبي طالب بالسلالة من بنيه وبناته. وإليهم ينتسب الأشراف أو "السادة" وأطلق هذا الاسم لاحقاً بمعنى آخر على طائفة النصيرية في سورية. (المنجد في الآداب ص 473) النصيرية: طائفة تقطن جبل العلويين وشمالي سورية (سهول حمص وحماة وحلب). دعوا كذلك نسبة إلى محمد بن نصير مؤسس الطائفة أو راعيها (توفي عام 873). كان يعتبر الحسين الخصيبي أكبر متكلميها في القرن العاشر. المنجد في الآداب. ص710)
[142] Khoury Ph. S. Syria and the French Mandate. The Politics of Arab Nationalism. 1920-1945. L., 1987. p. 100-102.
[143] Hurewitz J.C. (ed.) Op. Cit. P. 63-64
[144] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 95.
[145] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 291.
[146] Ibid. P. 256-257.
[147] Ibid. p. 263.
[148] Ibid. p. 272-277.
[149] Helmreich P.C. Op. Cit. P. 77-78.
[150] Gontaut-Biron R. Op. Cit. P. 247-251.
[151] Ibid. p. 256-257.
[152] DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 271-272 (note).
[153] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 94.
[154] اسكندرونة: مدينة سورية على البحر الأبيض المتوسط تقع على خليج اسكندرون. 70 ألف نسمة، أسسها الإسكندر. وضعت تركيا يدها عليها مع سنجقها عام 1939. ميناء هام. (المنجد في الآداب. ص 43)
[155] تقرير اللجنة كينغ – كرين (KCR : King-Crane Report ). أنظر:
http://www.cc.ukanS.edu/~kansite/ww_one/docs/kncr.htm.
الملاحق السرية ( Confidential Appendix ) للتقرير مخصصة للأمريكيين فقط ( KCR CA ). أنظر:
http://raven.cc.ukanS.edu/~kan-site/ww_one/doks/postkc.htm
[156] KCR CA.
[157] Ibid.
[158] Gontaut-Biron R. Op. Cit. P. 266-267.
[159] Ibid. p. 273-275.
[160] عنزة: من أكبر قبائل العرب في وقتنا الحاضر. تمتد منازلهم من الحجاز إلى بادية الشام. يقيمون صيفهم في صحراء سورية إلى حدود حلب وجبال شمر شرقي الفرات. (المنجد في الأعلام. ص480)
[161] Ibid. p. 284-293.
[162] Ibid. p. 48.
[163] KCR.
[164] متاولة: لقب كان يطلق على الشيعة الساكنين في لبنان والمهاجرين منهم إلى دمشق. والكلمة مأخوذة من الموالاة أو من قولهم في هتافات الحرب: مت ولياً لعلي. (المنجد في الآداب. ص 632)
[165] تفاصيل علاقات الجماعات الدينية مع الدول العظمى، يمكن مراجعة: فومين ا.م.: العامل الديني في سياسة الدول العظمى في سورية ولبنان في عام 1918-1920 // طريق الشرق. مواد المؤتمر العلمي الرابع للشباب في مشاكل الفلسفة، والثقافة، والدين في الشرق. سلسلة "سيمبوزيوم ". الإصدار، 10. س ب ب.، 2001. (باللغة الروسية)
[166] KCR. – Hurewitz J.C. (ed.) Op. Cit. P. 66-74.
[167] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 103.
[168] شبيلكوفا ف.ي.: المسألة التركية في مؤتمر باريس للسلام 1919 // ملاحظات علمية، معهد ف.إ. لينين للمعلمين بموسكو. الجزء 109. الإصدار السادس. موسكو، 1957؛ بوتسخفيريا ب.م.: اللجنة الأمريكية في تركيا عام 1919 // ملاحظات علمية، معهد الاستشراق، أكاديمية العلوم السوفييتية. الإصدار 17. موسكو، 1959. (باللغة الروسية)
[169] عن هذه المقالات يمكن قراءة ما كتبه الموفد الإنكليزي في باريس ج. غريم في رسالته الموجهة للورد كيرزون. في
DBFP. Ser. 1. V. 4. P. 319.
[170] فورين أوفيس Forein Office: وزارة خارجية بريطانيا العظمى. (القاموس الدبلوماسي. ج3، ص 517)
[171] Ibid. p. 321-322; 327-328.
[172] Ibid. p. 337.
[173] Ibid. p. 346-351.
[174] كيرزون جورج ناتانيل (1859 – 1925): دبلوماسي ورجل دولة بريطاني. من عام 1891 وحتى 1892 نائب وزير شؤون الهند؛ من عام 1895 وحتى 1898 نائب وزير الشؤون الخارجية؛ من عام 1898 وحتى 1905 نائب ملك الهند. من عام 1911 عضو مجلس اللوردات. من عام 1915 وحتى 1916 و 1924 وحتى 1925 لورد حافظ الأختام؛ في عام 1916 وزير الطيران؛ من عام 1916 وحتى 1919 لورد رئيس المجلس؛ من عام 1919 وحتى 1924 وزير الشؤون الخارجية لبريطانيا العظمى. زعيم مجلس اللوردات من عام 1916 وحتى 1924. (القاموس الدبلوماسي. ج2، ص 31)
[175] Ibid. p. 303.
[176] Ibid. p. 340-346.
[177] Ibid. p. 314.
[178] Ibid. p. 315.
[179] Ibid. p. 316.
[180] قفقاس (القوقاز): جبال جنوب الاتحاد السوفييتي السابق (الفيدرالية الروسية حالياً) بين بحر قزوين والبحر الأسود، تمتد بطول 1.200 كم أعلى قممها بركان البرز 5.633 م. (المنجد في الأعلام. ص 555)
[181] Ibid. V. 1. L., 1947. p. 389, 390, 508-509, 574.
[182] Ibid. V. 4. P. 743, 745-748, 756.
[183] Ibid. p. 760.
[184] Ibid. p. 383-388.
[185] Ibid. p. 384.
[186] Ibid. p. 379.
[187] Ibid. p.379-380.
[188] Ibid. p. 380.
[189] Ibid. p. 701.
[190] Ibid. p. 685-686.
[191] Ibid. p. 690-693.
[192] Ibid. p. 224-225.
[193] هنري غورو (1867 – 1946): جنرال فرنسي. قائد الجيش الرابع في حملة الدردنيل في الحرب العالمية الأولى. المندوب السامي لسورية ولبنان 1919 – 1923. (المنجد في الأعلام. ص 510)
[194] ميسلون: موضع في غربي دمشق (سورية). جرت فيه معركة شهيرة بين الجيش الفرنسي بقيادة الجنرال غورو والسوري بقيادة يوسف العظمة انتهت باستشهاد الأخير وإلزام فيصل بالتخلي عن عرش سورية عام 1920. (المنجد في الأعلام. ص 700)
[195] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 169-187.
[196] الحدود بين مناطق الانتداب الفرنسية والبريطانية حددت بموجب اتفاقية ليغا-غاردين 23 كانون أول/ديسمبر 1920. في القسم الجنوبي لم تختلف كثيراً عن الحدود المحددة في اتفاقية سايكس بيكو (بدون التمييز بين "ألوان" المناطق). هذه الحدود بقيت حتى الآن. للمزيد أنظر: السياسة الدولية. تش. 3. موسكو: 1926. ص 74-75.
[197] Zeine Zeine N. Op. Cit. P. 188.
[198] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 113-117.
[199] بولارد سير ريدر: بريطانيا والشرق الأوسط من أقدم العصور وحتى 1952. نقله إلى العربية: حسن أحمد السلمان. بغداد: مطبعة الرابطة، 1956. ص 123-124.