السبت، 13 مايو 2017

نظريات الاتصال وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية




نظريات الاتصال وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية



يتضمن البحث: نظريات الاتصال وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ والتأثير التراكمي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛ والاتصال الذاتي؛ والاتصال الشخصي؛ والاتصال الجماعي؛ والاتصال الجماهيري؛ وتعريف الإعلام؛ وعملية الاتصال.



بحث كتبه: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية سابقاً حالياً متقاعد.



يعتقد البعض أن ما دفع خبراء الاتصال لدراسة نظريات الاتصال وتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، هو أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تتمتع بدرجة تأثير قوية على الجماهير، وأنها قادرة على تغيير العادات وسلوك وتصرفات الجماهير، وفق الآراء التي يقدمها القائمون على الاتصال الجماهيري معتمدين على مستوى شعبية وانتشار وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية القائمة آنذاك.

ففي أوروبا مثلاً استخدمت الإذاعة, والصحافة, والأفلام السينمائية من قبل الأنظمة الديكتاتورية والشيوعية والفاشية لتحقيق غاياتها، واتجه خبراء الاتصال والإعلام آنذاك لاستخدام نتائج أبحاث علم النفس الاجتماعي وطرقها ومناهجها، لتحديد مدى تأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. وحرصت دراساتهم على معرفة الآثار الضارة والمحتملة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية, ومدى تشجيعها على الانحراف والجريمة والتعصب العرقي والديني والعدوانية والانحلال والإباحية.

وفي البداية اهتم الباحثون بالتمييز بين أنواع التأثير الإعلامي الممكن على الجماهير تبعاً لخصائص الشرائح المستهدفة وصفاتها النفسية والاجتماعية، ثم تلته مرحلة اهتمام الباحثين بتأثير العوامل الوسيطة في عملية الاتصال والإعلام، ودور الاتصال الشخصي ودور البيئة الاجتماعية في تنشئة الجمهور. وتلتها دراسات بينت مدى استخدام وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من قبل الساحات المستهدفة ومدى تأثيرها والبحث عن حوافز تدفع الجمهور لاستخدام وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.

ورافقتها دراسات اهتمت بمدى تأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وأكدت نتائجها على أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية غدت أكثر شعبية وتأثيراً بعد انتشار الإذاعة المرئية خلال خمسينات وستينات القرن العشرين، كوسيلة اتصال وإعلام جماهيرية قوية تتمتع بشعبية جماهيرية كبيرة تفوق سابقاتها من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التي سبقتها.

ويشير د. محمد البشر أستاذ مادة نظريات التأثير الإعلامي بجامعة الإمام محمد بن سعود الإسلامية بالرياض في كتابه: نظريات التأثير الإعلامي. إلى نظرية ترتيب أولويات التأثير الإعلامي، ولخصها بأنها عوامل تصاحب مضامين الرسائل الإعلامية وتتمثل في ترتيب رسالة معينة من بين رسائل ومضامين مختلفة, وأنها تأخذ مساحة زمنية أو مكانية في وسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية, وتأخذ شكلاً معيناً لتقدم ما يميزها عن غيرها من العوامل المختلفة لإبراز والإشارة إلى اهتمام وسيلة الاتصال والإعلام الجماهيرية بقضية معينة.

وأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تركز على موضوع معين أو شخص معين وتعطيه حيزاً كبيراً يدل على أن الموضوع أو الشخص له أهمية لدى الجمهور، الأمر الذي يجعله حاضراً باستمرار أو بكثرة في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وأن الموضوعات الأخرى أو الأشخاص الآخرين ليس لهم أهمية تذكر لدى الجمهور. مما يؤدي إلى تضخيم تلك القضايا والأشخاص على حساب قضايا وأشخاص أهم، وبمجموعها قد تؤثر سلباً على الرأي العام حيال قضايا تهم الأمة.

والحصيلة المعرفية لدى الجمهور الإعلامي تقتصر أحياناً على مسائل لا تتعدى غالباً البرامج الرياضية والترفيهية والموضوعات العاطفية, وتقديم شخصيات مزيفة هامشية غير منتجة لتقتدي بها العناصر الشابة في المجتمع عن طريق التقليد الأعمى.

واعتبر د. محمد البشر أن إدمان الجمهور الإعلامي على استهلاك الرسائل الإعلامية التي تقدمها له وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية من خلال ترتيباتها الذاتية قد يؤدي إلى تشكيل رأي عام متأثر بما يقدم له من مواد وأطلق عليه تسمية التأثير التراكمي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.

وأشار إلى أن الجمهور يشارك بفاعلية في عملية الاتصال الجماهيري من خلال استخدامه لوسائل الاتصال لتحقيق أهداف مرجوة تلبي توقعاته. وأنه يمكن الاستدلال على المعايير الثقافية السائدة في المجتمع من خلال استخدامات الجمهور لوسائل الاتصال الجماهيرية, وليس من خلال محتوى الرسائل الإعلامية فقط. لأن رغبات مستقبلي الرسائل الإعلامية متعددة, والإعلام في أكثر الأحيان لا يلبي إلا بعضاً منها.

وتشير نظريات الاتصال والإعلام الجماهيرية إلى أن الاتصال هو سر من أسرار الكون وتطوره، ويقول بعض الباحثين أن الاتصال هو الحياة نفسها، والاتصال هو عملية تواصل بين مرسل ومستقبل وليس عملية نقل، لأن الاتصال هو عملية مشاركة في الأفكار والمعلومات عن طريق عمليات إرسال واستقبال المعاني، وتوجيه وتيسير لها، ليتم استقبالها بكفاءة معينة، لخلق استجابة في وسط اجتماعي معين.

وتتفق أغلب الدراسات التي تناولت هذا الموضوع، على تقسيم الاتصال إلى أنواع أو نماذج متعددة، منها:

- الاتصال الذاتي؛

- والاتصال الشخصي؛

- والاتصال الجماعي؛

- والاتصال الجماهيري.

وكلها تستخدم وسائل وتقنيات معقدة باهظة التكاليف، منها:

- المواد المطبوعة؛

- والإذاعتين المسموعة والمرئية؛

- والسينما؛

- ومنظومات الاتصال والمعلوماتية عبر الأقمار الصناعية؛

- وشبكة الإنترنيت.

ومع تعدد المدارس العلمية والفكرية للباحثين في هذا المجال تعددت مفاهيم ومعاني الاتصال، ومع تعدد الزوايا والجوانب التي أخذها الباحثون في اعتبارهم على المستوى العلمي يمكن الإشارة إلى مدخلين لتعريف الاتصال:

المدخل الأول: ويعرف الاتصال على أنه عملية يقوم بها طرف أول (مرسل) بإرسال رسالة إلى طرف مقابل (مستقبل) مما يؤدي إلى أحداث اثر معين على متلقي الرسالة؛

والمدخل الثاني: يعرف الاتصال على أنه تبادل للمعاني الموجودة في الرسائل الإعلامية، ومن خلاله يتفاعل الأفراد ويتبادلون ثقافات مختلفة من أجل توصيل المعاني، وفهم مضمون الرسالة الإعلامية.

بينما جاء تعريف الإعلام بأنه جزء من الاتصال، فالاتصال أعم وأشمل، ويمكن تعريف الإعلام بأنه:

- عملية تبدأ بمعرفة المخبر الصحفي لمعلومات ذات أهمية، أي معلومات جديرة بالنشر والنقل، ويقوم بتجميع المعلومات من مصادرها، ومن ثم نقلها، والتعامل معها وتحريرها، ونشرها عبر صحيفة مطبوعة أو وكالة للأنباء أو إذاعة مسموعة أو مرئية إلى طرف مهتم بها وبتوثيقها.

- وعملية الاتصال هي مشاركة، لا تنتهي بمجرد وصول الرسالة من المصدر (المرسل) إلى المتلقي (المستقبل)، لأن هناك عوامل وسيطة بين الرسالة والمتلقي تحدد تأثير الاتصال؛

- وفق ما لديهم من قيم ومعتقدات، وانتماءات اجتماعية وثقافية، تثير كلها ردود فعل معينة عند متلقي المعلومات والآراء، وتحدد مدى تأثره بتلك المعلومات والآراء.

وفي هذا الإطار تطورت نماذج تشرح وتفسر عملية الاتصال، وظهر في البداية النموذج المكتوب الذي يرى أن عناصر الاتصال هي:

- المرسل؛

- والرسالة؛

- والمستقبل.

ولكن الدراسات التي أجريت منذ أربعينيات القرن الماضي بينت مدى قصور هذا النموذج .ومهدت تلك الدراسات لظهور نماذج تطورت بدورها من خلال الانتقال من الاتصال الثنائي إلى الاتصال الدائري، وعلى ضوئها تكونت عملية الاتصال من ستة عناصر أساسية هي:

- المصدر؛

- والرسالة؛

- والوسيلة؛

- والمتلقي؛

- وراجع الصدى؛

- والتأثير.

ويقصد بالمصدر الإعلامي منشئ الرسالة الإعلامية، وقد يكون فردا أو جماعة من الأفراد أو قد يكون مؤسسة إعلامية، وأطلق على المصدر تسمية القائم بالاتصال، واتفق على أن المصدر ليس بالضرورة قائم بالاتصال، وراحت الدراسات تشير إلى المراسل (ناقل الخبر)، والمحرر (صائغ الخبر)، والمذيع (ناشر الخبر)، والقارئ أو المستمع أو المشاهد (متلقي الخبر) ولكنها لم توضح دور المتلقي بعملية الاتصال.

ويقصد بالرسالة المحتوى الذي ينقله المصدر إلى المستقبل برموز مفهومة ومتفق عليها (اللغة، الصورة، الإيماء، الإيحاء) تحقق الهدف من الرسالة الإعلامية.

ويقصد بالوسيلة القناة التي يتم من خلالها نقل الرسالة الإعلامية وقد تكون: مادة مطبوعة في صحيفة أو مجلة أو كتاب، أو مذاعة عبر الإذاعة المسموعة أو المرئية أو غيرها من وسائل الاتصال الجماهيرية، أو عن طريق الاتصال المباشر بين المرسل والمتلقي لتكون الوسيلة اللغة والإيماءات والإيحاءات المستخدمة من الجانبين.

ويقصد بالمتلقي الجمهور الذي يستقبل الرسائل الإعلامية ويتفاعل معها ويتأثر بها، وهو الهدف من عملية الاتصال.

ويقصد براجع الصدى ردود فعل مستقل الرسائل الإعلامية ومدى فهمه واستجابته أو رفضه لها. وقد أصبحت ردود فعل المستقبل من أهم عناصر تقويم عملية الاتصال، وسعى الباحثون من خلالها لمعرفة مدى استقبال المتلقي للرسالة الإعلامية ومدى فهمه واستيعابه لها.

ويقصد بالتأثير مدى تأثر المتلقي بالرسالة الإعلامية ونسبة التغيير الحاصلة في تفكيره وسلوكه.