الأربعاء، 15 أكتوبر 2014

منان ويغور مؤسس المسرح القومي الأوزبكي


منان ويغور مؤسس المسرح القومي الأوزبكي
منان ويغور
منذ فترة قصيرة احتفلت الأوساط الثقافية في أوزبكستان بذكرى مرور قرن على نشوء الحركة المسرحية القومية الأوزبكية، وبهذه المناسبة أقدم الشخصية الثقافية والمسرحية والموسيقية منان ويغور الذي ولد في طشقند عام 1897 وتوفي عام 1955.
ومنان ويغور هو شخصية مسرحية، ومخرج، وممثل، ومترجم، وكاتب درامي، ومربي أوزبكي بارز، وكان أحد مؤسسي مدرسة المسرح القومي الأوزبكي.  ومؤسس مسرح حمزة الأكاديمي الدرامي الحكومي الأوزبكي (حالياً المسرح الأكاديمي الدرامي القومي الأوزبكي)، الذي عمل فيه حتى نهاية حياته.
وفي ظله تجمعت في المسرح أفضل التقاليد المهنية والجمالية للعاملين في المسرح، وتشكلت برامجه الجميله. إذ قام منان ويغور بتربية عدة أجيال من الممثلين والمخرجين، ومبدعي خشبة المسرح، الذين جاءوا بالمجد والفخر للفنون المسرحية القومية الأوزبكية. ومن بين تلاميذه: أ. هيداياتوف، وس. إشانتوراييفا، وش. برهانوف، ون. رحيموف، وأ, خوجاييف، ول. نازرولاييف، وز. هيدوياتوفا، وز. صدرييفا... وأسس منان ويغور في الفرقة المسرحية المبادئ الأساسية لتنوع شخصيات الممثلين وتميزها. ولتكوين فرقته قام بدعوة الشباب الموهوبين من المسارح الأخرى، والهواة من فرق الهواة. وقامت الصحف آنذاك بوصفها كأحد الأمثلة الصحيحة "لإكتشاف المواهب" ، وتتضمن سيرة حياة منان ويغور أمثلة كثيرة جمع من خلالها وعزز وقدم إلى قمة الفن ممثلي الجيل الأول في مسرح حمزة الأكاديمي الدرامي الحكومي الأوزبكي.
وتناغمت في شخصية منان ويغور عضوياً ثلاث صفات رئيسية هي: المخرج، والمربي، والمدير.
وكمربي أدخل منان ويغور الممثلين إلى حلقة درامية واسعة. وكانت أفضل المسرحيات التي أخرجها مسرحيات شكسبيرية، والمسرحيات التاريخية، المخصصة لخشبة مسرح كبير. ومع ذلك لم يقتصر هذا التوجه على تصوره عن فن التمثيل. بل أخذ بإعتباره الإلمام الكامل للمهنة عند الممثل، والحرفية في تقمص الشخصيات والأشكال الفنية الواسعة، من الأدوار الحياتية الكوميدية إلى الأدوار التراجيدية الرفيعة. وفي أكثر الأحيان كان لعمله مع الممثلين طبيعة تجريبية. واستطاع تقديم دور واحد بمشاركة ممثلين اثنين في مسرحية واحدة من خلال تبادل أداء الدور على التوالي خلال أيام عرض المسرحية. وكذلك لعب ممثل واحد دورين في مسرحية واحدة، وفي بعض الأحيان لعب ممثل واحد ثلاثة أدوار في مسرحية واحدة؛ وأحياناً كان يسند لممثلين شباب أدواراً لكبار السن. وكان الهدف من هذه الأدوار التجريبية واضحاً، وهو إظهار المقدرات الفردية للمثل، وإبعاد الممثل عما اعتاد الممثلون أداءه على خشبة المسرح.
وأهمية منان ويغور الأولى نبعت من أنه كان يدرَّس تقنيات المسرح، ويضيف بقوة لمسات جديدة على كل حركة على خشبة المسرح، مركزاً على التعبير المسرحي في كل أداء، وحتى في حركة الممثل على خشبة المسرح، وفي الحركة والإيماءآت، وفي الكلمات. ولم يكن من العبث أن أطلق عليه أبرار هداياتوف، وهو الممثل المحبب إليه، لقب "ملك المواقف". و أثناء التدريب كان منان ويغور يقول دائماً: "إذا كنت تقف على المسرح وظهرك للمثلين، فليلعب ظهرك أمامهم".
وشغلت التدريبات في مخبر منان ويغور الإبداعي مكانة خاصة. وكان يعطي أهمية كبيرة للكلمة، التي تنطق على المسرح. لأنه كان يعرف اللغة الأوزبكية بدقائقها وتفاصيلها، وبالإضافة لذلك تمتع منان ويغور بموهبة أدبية رائعة، إذ كان يكتب ويترجم المسرحيات. وحتى أنه أظهر معرفته لدقائق اللغة من خلال اختياره أسماء مستعارة للممثلين. ومنان مجيدوف اختار في شبابه الاسم المستعار ويغورمهجور، وهو الاسم المترجم عن اللغة الأوزبكية القديمة كـ"أويونيش" (побудчик، منهض الفجر). وفي هذا كانت الروح التنويرية التي أظهرها المجددون بالكامل آنذاك.
والممثلون الذين مروا عبر مدرسة منان ويغور، تميزوا بالأداء الرائع، والغني في الأداء. ومن ذكريات شكر بورهانوف: أنه "كان مشغولاً بالمسرح ليل نهار. وحتى عندما يخرج الآخرون كان مخرجاً للمسرحية معهم. وكان يعطى ملاحظاته حتى على الأخطاء الصغيرة، وعلى نطق الحروف غير الصحيح، وهكذا علمنا اللغة الأوزبكية الحقيقية. وعرض علينا كيف يظهر الممثل نفسه على خشبة المسرح، وكيف يتكلم، وكيف يتمسك بموقفه... ولو أني لم أحصل على تعليم مسرحي، فقد لعبت مئآت الأدوار، ولم أتوقف عن الفخر والسعادة لأني درست عند منان ويغور، ومررت عبر مدرسته". والكلمات الأخيرة هذه يمكن أن يكررها الكثير من الممثلين الذين عاصروه.
ومنان ويغور كمخرج أخرج الكثير من المسرحيات. وكان أكثرها في مطلع عشرينات القرن الماضي، ووقتها كان يخرج حتى عشرين مسرحية سنوياً. وبسهولة يمكن تصور عدم إكتمالها، مع ممثلين هواة، ومبانى غير مجهزة... ولكن كل ذلك ومن دون أي شك لم تكن تتمتع بأية أهمية مع خبرة المخرج، ومن أجل المسرح الأوزبكي الفتي.
ومنان ويغور أخرج في تلك السنوات كل مسرحيات: غ. يونس، وغ. ظفاري، وع. قادري، وفطرت، وحمزة، وم. بيهبودي، وتشولبان، وع. أولاني، وأ. بدري، وخورشيد، وعملياً كل المسرحيات الأوزبكية التي كتبت في تلك المرحلة... وفي عام 1921 أخرج "حليمة" وهي أول دراما موسيقية أوزبكية كتبها غ. ظفاري.
ومن أولى خطواته كمخرج صب منان ويغور إهتمامه على الأدب، والمؤلفات المأساوية المترجمة. وحقق نجاحاً كبيراً من خلال المسرحيات التي أخرجها منذ بداية عشرينات القرن الماضي ومنها: "شيخ سانان" و"إبليس" التي ألفها الكاتب الأذربيجاني خ. جاويد. وبعدها بقليل ومن خلال بحثه عن رد على سؤال: كيف يمكن أن يكون المسرح الأوزبكي الفتي ؟ بدأ تجاربه في مجال اختيار شكل المسرحية، وأثناء إخراجه لمسرحية "هجوم" بحث عن طريقة لتوليف شكل المسرح الأوروبي مع تقاليد المسرح الشعبي الأوزبكي "مصخرة باظ".
ومنح في عام 1932 لقب فنان الشعب الأوزبكستاني.
وفي عام 1935 تحقق حلم منان ويغور وأخرج مسرحية "هاملت" لشكسبير، التي بدأ منان ويغور العمل فيها في أواسط عشرينات القرن الماضي. وترجمها تشولبان، الذي كان يشارك منان ويغور بآرائه المسرحية.
وفي عام 2001 أصدر رئيس جمهورية أوزبكستان قراراً بمنح منان ويغور وسام "بيوك خيزماتلاري أوتشون" (بعد وفاته).

بحث أعده أ.د. محمد البخاري في طشقند بتاريخ 15/10/2014 بتصرف نقلاً عن الرابط الإلكتروني: http://people.ziyonet.uz/ru/person/view/mannon_uygur