الأحد، 7 فبراير 2016

عضو أكاديمية العلوم الأوزبكستانية إدوارد رتفيلادزة يتحدث عن تراث الحضارات العظيمة في أوزبكستان


تراث حضارات عظيمة
أشار الرئيس الأوزبكستاني إسلام كريموف في كلمته التي ألقاها أثناء إفتتاح المؤتمر الدولي "التراث التاريخي لعلماء ومفكري القرون الوسطى في الشرق، ودوره وأهميته للحضارة الحديثة" إلى أن تراث الأجداد العظام، هو ملك للبشرية جمعاء، وعلينا تطوير هذا التراث وإغناءه. وأن عضو أكاديمية العلوم، عضو مجلس الشيوخ في عالي مجلس جمهورية أوزبكستان إدوارد رتفيلادزة، هو من الذين قدموا إسهاماً قيماً لهذا الكنز القيم، حيث أكتشف فيه صفحات جديدة وجديدة.

وفي كل ربيع وخريف من كل عام، وعلى طوال نشاطاته العلمية، وخلال سنين طويلة، وكالسابق يقوم بتنقيبات أثرية في مدينته المحبوبة الصغيرة كامبيرتيبه، والكثير من المدن التي كانت تعج بالحياة في السابق على تقاطع التاريخ والثقافة العالمية، ومنذ قرون سحيقة، احتفظت أوزبكستان بطريق الحرير العظيم الذي امتد على آلاف الكيلومترات. وحديثنا اليوم يدور حول أقدم الحضارات التي وضعت أسس دولة أوزبكستان المعاصرة، الدولة التي مرت فيها الطرق العابرة للقارات، وأدخلت إنجازات العلماء البارزين، إلى الأبد في مخزون العلوم والثقافة العالمية، وأهم الإكتشافات العالمية، التي تحفظ بها هذه الأرض المباركة.
- إدوارد فاسيليفيتش، برأيكم ماهي الأهداف الرئيسية للمؤتمر، وأهمية المؤتمر الدولي "التراث التاريخي لعلماء ومفكري القرون الوسطى في الشرق، ودوره وأهميته للحضارة الحديثة" الذي نظم في سمرقند بمبادرة من قائد الدولة، وكان في الحقيقة إشارة ورمزاً لعام 2014 في حياة البلاد، وفي العلوم العالمية...
- خلال المؤتمر تشكلت وللمرة الأولى إستنتاجات تاريخية هامة جداً، خلصت إلى إكتشاف مصادر وأسباب ظهور الأساس العلمي والثقافي، وكوكبة مجيدة من علماء آسيا المركزية خلال القرون الوسطى، أمثال: محمود الخوارزمي، وأحمد الفرغاني، وأبو علي بن سينا، وأبو نصر الفارابي، وأبو ريحان البيروني، وميرزه ألوغ بيك، وغيرهم من العلماء والمفكرين العظام. الذين بقيت إنجازاتهم العلمية إلى الأبد ضمن المخزون الذهبي للعلوم والثقافة العالمية، وكذلك دور هذا التراث في الحضارات السابقة والمعاصرة. وهذه المهمة في العلوم التاريخية لم يجري التعامل معها بشكل كاف حتى الآن.
وعنوان محاضرتي "معلم المعلمين" خلال الجلسة العادية للمؤتمر إستعرته من فاليري بوريوسوف، الذي كان شاعراً رائعاً، ومؤرخاً رائعاً. وهكذا سمى إحدى مقالاته. وهذه التسمية الدقيقة أعطت جوهراً لهذه العملية التاريخية، التي قام بها لإظهار المفكرين العظام وجبابرة العلوم في الشرق خلال القرون الوسطى في ما وراء النهر، وهم الذين يعود إنتمائهم لأراضي أوزبكستان المعاصرة، خلال القرن التاسع الميلادي والنصف الأول من القرن الحادي عشر الميلادي، وحتى نهاية القرنين الرابع عشر والخامس عشر الميلاديين.
وكل هذا يعود للتطور الرفيع لعلوم الحضارة على أراضي نهري وسط آسيا تمتد من المراحل: البرونزية، والقديمة، والقرون الوسطى. وهذا الإنطلاق الحضاري بالضبط وفر إمكانية ظهور كوكبة كاملة من العلماء البارزين، اعتمدوا في أبحاثهم وإكتشافاتهم العظيمة على المعارف العلمية، التي تراكمت حتى ذلك الوقت في الشرق. وبدءاً من مصادرهم التي وضعت في حضارات بلاد مابين النهرين، والتطور الشامل في الحضارات المتقدمة في الشرقين الأوسط والأدنى، وما وراء النهر، ضمن عملية التداخل والإغناء المتبادل للثقافات والحضارات. وظهر هذا من خلال أعمال معلمين عاشوا في تلك الأوقات السابقة.
- تعتبر أراضي أوزبكستان المعاصرة من أقدم مهود الحضارة العالمية، وتحتفظ بآثار تاريخية ومعمارية فريدة، تمثل مختلف العصور من مراحل التطور البشري، وحتى إقامة الدول القديمة الضخمة. وليس صدفة أن اكتشفت التنقيبات الأثرية في أوزبكستان جملة كاملة من الإكتشافات، التي تتمتع بأهمية عالمية. ومنها ما يمثل الدقائق الأكثر سطوعاً في مراحل التطور البشري ؟

- يمكن تقديم الكثير من الأمثلة بدءاً من العصر الحجري، عندما لعبت أرضنا دوراً كبيراً في تاريخ الحضارة. وهذا ما تؤكده الحقائق المعروفة في كل العالم، والفريدة على أراضي كل الشرق من خلال لقيات كهف تيشيك تاش (بايسون)، حيث أكتشفت بقايا صبي ينحدر من عصر الإنسان البدائي. وبفضلها خرج العلماء باستنتاجات، أنه في ذلك العصر القديم، ومن أواسط العصر الحجري القديم أي منذ 100 أو 40 ألف سنة مضت، كانت أراضي أوزبكستان المعاصرة منطقة تشكل فيها الإنسان الحديث. وهي مرحلة إزدهار الزراعة في العصر البرونزي، وشكلت بداية لعلاقات أوزبكستان القديمة الواسعة مع الدول المجاورة. وفي ذلك الوقت وضعت أسس بناء المدن، وفن العمارة، وتشييد التحصينات، وأسست الثقافة المادية والفنية. وبشكل كاف كانت المرحلة (الهلنستية والقديمة)، والعصر القديم، وهي من الصفحات اللامعة في تاريخ حضارة وسط آسيا كلها، وخاصة حضارة ما بين النهرين في وسط آسيا. وفي ذلك الوقت تكون ما يسمى بالثقافة الهلنستية، والتعايش بين السكان الأصليين، وجاءت الثقافة اليونانية المقدونية، التي أعطت نماذج ساطعة للثقافة المادية والفنية، والكثير غيرها من النماذج. وجاءت بعد واحدة من الإمبراطوريات المهمة في العالم، من: الخانية، والرومانية، والبرفانية، والإمبراطورية الكوشانية العظيمة التي تتساوى مع الإمبراطوريات، وهي التي وضعت أسس المنجزات العظيمة لحضارة وسط آسيا، ومن ضمنها حضارات: الصغد، والبكتير، والخوارزميين، وبالنتيجة حصلت وسط آسيا على تطورها في القرون الوسطى المبكرة. وبفضل هذا نملك اليوم نماذج ساطعة من: تماثيل خالتشيان، ورسومات وتماثيل دالفيرزينتيبه، والآثار الخوارزمية، والكثير من الآثار غيرها. ومن النماذج الأكثر سطوعاً لثقافة وسط آسيا المتطورة جداً يمكن تقديم اللوحات الأثرية، والنماذج التي نكتشفها على كل أراضي أوزبكستان المعاصرة، في: ورخشا، وأفراسياب، وبالاليكتيبه، وغيرها من الآثار.
وأود الإشارة خاصة إلى أنه في تلك المرحلة كانت على أراضينا طرق هامة عبرت القارات أوروبا وآسيا، وربطت بين الشرق والغرب. ولعبت دوراً ضخماً في تطوير وإزدهار الحضارات، وبدأ تطور علاقاتهما المتبادلة من اليونان، وروما وحتى من الشرق الأقصى. ولهذا كانت تمثل الفقرة الواصلة بينها، وأدت إلى تكرار تلك الحضارات بفضل موضعها الجغرافي، وكان في أوزبكستان القديمة مراكز مثل: سمرقند، وبخارى، وترمذ، وغيرها من المدن، التي كانت بمثابة فقرة إنتقال للقيم الثقافية من الهند، والصين، إلى أوروبا وبالعكس. ومع ذلك كانت الإنجازات الحضارية تتراكم دائماً على أراضي بلادنا، وحصلت بلادنا على تطورها الجديد اللاحق. ولم تكن هذه الطرق الهامة العابرة للقارات ببساطة طرق للتجارة، إذ عبرها انتقلت الإنجازات العلمية والتقنية والثقافية، والأفكار والإبتكارات الجديدة. وتكاملت ونقلت لاحقاً كل الإنجازات العظيمة لحضارة ذلك الوقت. وكانت أراضي بلادنا في ما بين النهرين بوسط آسيا مركزها دائماً.
- في عام 1999 صدر عن دار النشر "أوزبكستون مللي إنتسيكليوبيدياسي" كتاب "طريق الحرير العظيم" الذي حصل على إهتمام كبير، وتضمن نتائج أبحاثكم خلال السنوات الطويلة...
- إزداد الإهتمام العلمي والإجتماعي بتاريخ هذا الطريق العظيم العابر للقارات خلال عشرات السنين الأخيرة، وهو الذي ربط بين الدول القديمة في الشرق الأقصى مع دول البحر الأبيض المتوسط عبر وسط آسيا، وعزز من مكانته وأهميته في الحضارة العالمية. وفي كتابي أظهرت تاريخ ظهوره وتطوره بشكل مبني على أسس علمية.
وكان ظهور هذا الطريق في نهاية القرن الثاني قبل الميلاد، وارتبط من جانب بالنشاطات السياسية الصينية، ومن جانب آخر ارتبط بالتجار اليونانيين، والإغريق، وبارثيا. ولعب سكان أوزبكستان القديمة دوراً كبير في إحداثه. وأشرت في كتابي إلى البكتيريين، والصغديين.
وهكذا، ومنذ البداية استوعب الصغد في عصر القرون الوسطى الطرق البحرية: والتفوا حول الهند، وشبه جزيرة الملايو، وتعمقوا نحو جنوب شرق الصين، وإلى اليابان، ومما يشهد على ذلك اللقيات الأثرية للكتابات الصغدية في مقاطعة كانتون، وقلعة خوروجي، وفي العاصمة اليابانية القديمة، ناريه. ومما يلفت النظر حقيقة أنه في القرن العاشر الميلادي ووفقاً لمعلومات بوزورغ بن شهريار، الواردة في كتاب "عجائب الهند"، كان بحر العرب يسمى "محيط سمرقند"، وهذا يعكس الدور المهيمن لأبناء هذه المدينة على تطوير الطرق البحرية. وقبلها طور الصغد في القرن الرابع قبل الميلاد الطريق إلى بيزنطة. بأمر من حاكم الصغد مانياخ، والخان ديزابول، تم إجتياز الطريق الصعبة جداً عبر أسفل نهر الفولغا، والصحراء، وطرق شمال القوقاز إلى كونستانتينوبول، وهو ما دعى الإمبراطور البيزنطي يوستين الثاني، للقيام بزيارة جوابية، وبنتيجتها أصبحت تشتهر تجارة الحرير من صنف "زاندانيتشي"، وتم اكتشاف الكثير منها في مقابر آلان بشمال القوقاز وأوروبا.

والدور الكبير لأهمية طريق الحرير العظيم كشريان نقل دولي في القدم يصعب تقييمه، وهو الذي ربط بين دول ومناطق، مثل: الصين، والهند، ووسط آسيا، والشرقين الأوسط والأدنى، والبحر الأبيض المتوسط. وهذا بالضبط ما أشار إليه قائد الدولة في كلمته. فالطريق وفرت ليس العلاقات التجارية بين هذه الأقاليم فقط، بل ووفرت فرص الحوار المعلوماتي بين قارات ودول بأكملها، وعبره نقلت الأفكار الجديدة والتكنولوجيا، والقيم الثقافية والمعنوية أيضاً، وهو ما وفر الظروف للتبادل الحضاري والتكنولوجي. وعلى طرق طريق الحرير العظيم جاءت إلى أوروبا وبالعكس إلى آسيا معلومات وتفاصيل دراسات علماء ومفكري الشرق والغرب، وتم التوصل عملياً لأعمال وأفكار وإكتشافات العلماء العظام في القدم، أمثال: سقراط، وأفلاطون، وأرسطو، وبطليموس، وغيرهم من العلماء.
وبدورهم قدم ألمع ممثلي علوم الشرق: محمد الخوارزمي، وأحمد الفرغاني، وأبو علي بن سينا، وأبو نصر الفارابي، وأبو ريحان البيروني، وغيرهم من العلماء، الكثير من الأفكار القديمة في العلوم والفلسفة لأوروبا خلال القرون الوسطى. وعلى  سبيل المثال: أحدثت في قرطبة وطليطلة (إسبانيا) مراكز خاصة لترجمة ونسخ أعمال علماء ومفكري الشرق العظام. وترجمت أعمالهم في ألمانيا، وإيطاليا، وفرنسا، وغيرها من الدول. وبإحياء الثراث القديم لعلماء الشرق العظيم في الكثير أصبحوا وبحق "معلمي المعلمين" المتقدمين في عصر النهضة بإيطاليا وغيرها من الدول الأوروبية.
- كامبيرتيبه، أثر تاريخي فريد يمثل المراحل القديمة التي قدمت يومياً إكتشافات جديدة، ونوادر لها أهمية عالمية. وأعرف أنكم قمتم أثناء التنقيبات الأثرية الأخيرة هناك باكتشاف علمي هام، سيعطي دفعة جديدة وقوية أكثر لمستقبل تعميق الأبحاث في إقليم آسيا المركزية، وسيكون إسهاماً ضخماً في تطور العلوم الحديثة....
- نجري منذ سنوات طويلة أبحاثاً علمية في مدينة كامبيرتيبه، الواقعة غرب ترمذ على شاطئ أوكسا (أموداريا). وبدأنا التنقيبات التجريبية في ثمانينات القرن الماضي، ولكنها توقفت بعد ذلك، ولكن في عام 1999 وبعد تشكيل بعثة طهارستان للتنقيب الأثري، بدأ عمل مكثف ومنتظم في البلدة. وفي البداية قمنا بدراسة الطبقات العليا التي تعود للمرحلة الكوشانية، وخلال السنوات الأخيرة بدأنا بدراسة الطبقات الأدنى، التي تعود للعصر الهلنستي. وبقناعتي العميقة كانت أول قاعدة أمامية – قلعة، بنيت في عصر حملة الإسكندر المقدوني على آسيا الوسطى، والاستعمار المقدوني اليوناني لباكتريا وصغديانا. وشيدت من أجل حماية المعبر الرئيسي الذي يمر من عاصمة باكتيريا عبر أموداريا، ومن ثم إلى "البوابة الحديدية، التي تقود إلى ماراقاند (سمرقند). وكما فهمنا الآن هي قلعة صغيرة بجدران محصنة قوية، وأبراج، وأبواب، وبنيت وفقاً لفن العمارة الهلنستية، وتقاليد التحصينات اليونانية والبوليو ركيتيكية كما يجب. وفي النهاية فهمنا خطتها، وأهميتها، ووضعنا تدريجيا تسلسلها الزمني، ووقت تشييدها ووظيفتها.
وحفرت التحصينات في الأرض على شكل شرفة من ثلاث طبقات مع درجات بارتفاع أربعة أمتار، وعلى أطرافها شيدت جدران وأبنية وغيرها من المنشآت، وتعطي كلها شكلاً يشبه الهرم المدرج. ووصلت الحفريات إلى عمق 17 متراً، ولم نصل بعد إلى الأساسات. وأعمال البعثة في الأيام الأخيرة عثرت على لقية رائعة جداً، بوابات القلعة، والرائع أنها شيدت من مواد محلية، من طوب اللبن (باكس). وكانت مخربة تماماً، ولكن بعض التفصيلات سمحت بوضع تصور عن التصميم والتخطيط، وهي تشبه بوابات إحدى المدن اليونانية "صيدا". وأكد إكتشافنا المعلومات التي أدت إلى معلومات المورخين والجغرافيين، حافظ، وأبرو، اللذان عاشا في قصر تيمور وابنه شاهروح الذي عاش في القرن الخامس عشر الميلادي، الذان كتبا: أنه بالقرب من ترمذ يوجد ما يسمى المعبر اليوناني، ومن التوقعات أن من شيدها كان الإسكندر المقدوني.
وخلال مراحل التطور وتبدل الحضارات كان هناك عدة ظواهر مصيرية وشخصيات رئيسية، ولم تبقى الآثار التاريخية القوية لأجيال المستقبل فقط، بل وحملت تطور محدد في الكثير من مجالات الحياة الهامة ونشاطات كل الإنسانية. ولم تبقى في ذكرى الإسكندر المقدوني حتى الآن الفتوحات العظيمة فقط، بل أشارت إلى أنه كان حاكماً عظيماً، وضع ضمن أهدافه توحيد الغرب والشرق. وتعتبر الحضارة الهلنستية التي ظهرت بعد وفاته ألمع تكامل لثقافة الشرق والغرب، وهي التي هيأت بالكثير إختراق الشرق للمنجزات المتقدمة في تلك الأوقات. وبعد مضي عدة القرون على توحيد الشرق والغرب سعى الأمير تيمور لذلك. وليس صدفة أن أصبحت سمرقند مركزاً يجذب كل العالم. والسفارات الدبلوماسية والقوافل التجارية تدفقت إلى هنا من دول طرفي النقيض تماماً، من الشرق الأقصى وحتى إسبانيا. ونشأت حول سمرقند سلسلة من المدن حملت تسميات من البحر الأبيض المتوسط وأوروبا: فاريش (باريس)، ومصر، ودمشق. وسعى حينها ملوك إنكلترا، وفرنسا، وقشتالة وأراغون، للحصول على دعم صاحب قيران (الأمير تيمور)، وتبادلوا معه الرسائل بشكل دائم. وانتقل عدد كبير من العلماء، والحرفيين المهرة، والشخصيات الثقافية للعيش في سمرقند. وتطورت فيها العلوم، وخاصة التاريخية والجغرافية، وظهرت أعمال: علي يزدي، ونظام الدين شامي، وحافظي عبرو، وابن عرب شاه، وغيرهم. وسعى أبرز المفكرين في ذلك العهد ابن خلدون للإلتقاء مع الأمير تيمور. وتم إحياء فن العمارة القديمة، وتطور رسم اللوحات الطبيعية والمنمنمات. وهنا تجب الإشارة إلى أن ظاهرة لامعة جرت بعد الإنهيار الكبير، الذي أصاب ما وراء النهر أثناء حكم التشغتائيين المتأخر، ولهذا نملك الحق بوصف عهد إدارة الأمير تيمور (1370م-1405م) بالعهد الجديد، وكان يمثل مرحلة ثانية من النهضة الشرقية. وعلى قاعدة إنجازات هذه المرحلة، السياسية، والاقتصادية، والثقافية، نمت كوكبة من العلماء اللامعين، والمفكرين، والشعراء، والمنورين، أمثال: ألوغ بيك، وعلي شير نوائي، وظهير الدين محمد بابور، وغيرهم.

وإكتشاف هذه القلعة، أو كما تسمى مدينة كامبيرتيبه "أكروبولوس"، وهذا مكننا في النهاية من ربط فقرات سلسلة واحدة، يمكن أن تعني أنها أفضل وأهم إكتشاف أثري خلال العشر سنوات الأخيرة في منطقة آسيا المركزية. ومن الممكن في كل الشرق الهلنستي، الذي يمتد من الفرات (العراق المعاصرة) وحتى الهند. وهذا إسهام كبير ليس في تاريخ العلوم التاريخية الوطنية، بل وفي العلوم التاريخية العالمية، التي فتحت صفحة جديدة أيضاً.
- وهذا تأكيد فقط، على أن الإهتمام بالتاريخ القديم لأوزبكستان الذي ظهر بين علماء العالم ليس صدفة. إذ كما أشار المدير العام لليونسكو هوبيرت غيزين في كلمته خلال المؤتمر، هي بطولة علمية وحياتية، والإكتشافات القيمة لمفكري الشرق العظام تتضمن الكثير من الدروس للعلماء المعاصرين، وخاصة الشباب. وأنهم أعطونا مثالاً جيداً من أجل توسيع حدود التبادل العلمي على الساحة الدولية، وانطلاقها يرفع مستوى فاعلية الأبحاث...
- لم تزل تحتفظ الكثير من المدن، ومناطق السكن والآثار المعمارية، الموجودة على خارطة أوزبكستان، بأسرار رئيسية ضخمة غير معروفة بعد. وفي الأوقات الأخيرة قام منقبوا الآثار الوطنيين بالكثير من الاكتشافات الهامة. وعلى سبيل المثال: الكثير من الحفريات في ترمذ، التي يقوم بها بشكل مخطط ومدروس شوكير بيداييف، والعمل المشترك للبعثة الأثرية الروسية الأوزبكية في مدينة بايكينت، والحفريات بمدينة  أكشاخان – قلعة في خوارزم، اكتشفت مجموعة رسوم جميلة للقياصرة الخوارزميين. وهذه والكثير غيرها من المكتشفات، من دون شك، تقدم إسهاماً كبيراً في دراسة الحضارات وببساطة ليس في أوزبكستان، ولكن في إسهامها في حضارة آسيا المركزية، وبشكل أوسع في الحضارة العالمية.

وتعمل على أراضي أوزبكستان الكثير من بعثات التنقيب الأثري الدولية المشتركة لعلماء: فرنسيين، وألمان، وإيطاليين، وبولونيين، وتشيك، وكوريين، ويابانيين، ومن ضمنهم أضخم الباحثين في المنطقة، البروفيسور الإسطورة كيودزو كاتو، الذي ساعدت نشاطاته العلمية على اكتشاف الكثير من الصفحات التاريخية والإثنوغرافية غير المعروفة، وصفحات فنون آسيا المركزية. وكذلك أعماله في دراسة طريق الحرير العظيم، والدولة البكتيرية وأبحاث التنقيب الأثري من عام 1989 في مدن: دالفيرزينتيبه، وقره تيبه، وترجمته إلى اللغة اليابانية مؤلفات وأبحاث العلماء الأوزبك سمحت بوضع تاريخ وثقافة آسيا المركزية في متناول العالم.
كما وتجري لقاءآت أكاديمية مشتركة، وإهتمام كبير في عالم العلوم حصل عليه المؤتمر الدولي "التراث التاريخي لعلماء ومفكري الشرق في القرون الوسطى، ودوره وأهميته للحضارة الحديثة" الذي نظم بمبادرة من قائد الدولة الأوزبكية في مايو/أيار عام 2014 بسمرقند. وكل هذا يتحدث عن أن علماء أوزبكستان لم يغلقوا أبحاثهم في إطارات ضيقة، بل في إنجازات الحضارات العظيمة، التي تمت على الأرض الأوزبكية، وأصبحت اليوم في متناول كل المجتمع الدولي.
وهكذا، رئيس معهد آسيا المركزية والقوقاز التابع لجامعة ج. هوبكينس (الولايات المتحدة الأمريكية)، البروفيسور فريدريك ستار كتب منذ مدة مؤلفه "الحضارة المختفية" تحت تأثير انطباعاته عن المؤتمر، وكرس كتابه لمراحل تطور الحضارات على أراضي أوزبكستان والدول المحيطة بها. وأشار إلى أن هذه المنطقة من حيث الأهمية العلمية لا تتخلف عن الهند، والصين، وأوروبا أو الشرق الأوسط. والعلماء الموسوعيين الذين عاشوا على هذه الأرض، كانوا عملياً عباقرة الفكر العالمي. وبفضل ذكائهم كانت النهضة العلمية في آسيا المركزية. والإنجازات الضخمة لهؤلاء العلماء، والباحثين، وعلماء الدين، والفلاسفة، سمحت لكل العالم في النهاية بالإعتراف بهذه المنطقة بالكامل وخاصة أوزبكستان، في تطوير كل الإنسانية. وهذه حقيقة يتحدث عنها الكثيرون. وهذا ليس مثالاً واحداً.
وأود خاصة الإشارة إلى مرحلة إستقلال أوزبكستان، إذ تحت القيادة المباشرة للقيادة وبدعم شامل من الرئيس إسلام كريموف تجري دراسات عميقة ومتنوعة لتاريخ الماضي، ويجري ترميم الكثير من الآثار المعمارية للقرون الوسطى، وهذا هام جداً، والإشهار الواسع للتراث التاريخي والثقافي لعلماء ومفكري الشرق العظام. وهذ ليس صدفة، لأنه كما أشار قائد الدولة، إحترام تاريخنا، والخبرة المتكونة، والمقدرات الفكرية المتكونة، التي تعتبر أكبر كنز في العالم، هي أساس للتقدم المادي والمعنوي لأي دولة.
وأعتقد أن كل الإكتشافات والإنجازات العلمية، ومن دون شك، يجب أن تكون في متناول كل المجتمع، وهذا من أهم جوانب نشاطات العلماء، الذين يملكون ليس فقط الأهمية العلمية، بل والأهمية السياسية والتربوية الضخمة. ومواطني أوزبكستان، وخاصة الشباب، عليهم معرفة تاريخهم، المليئ بالأحداث الهامة جداً،  وأن يحرصوا على المحافظة على، وتطوير التراث العلمي القيم للعلماء والمفكرين العظام، ورعاية هذه الأرض العريقة، والإفتخار بإسهاماتها في تطوير الحضارة الإنسانية. وأن يحرصوا على استخدام إنجازاتها ومعارفها وحكمتها، لبناء مستقبل بلادهم أوزبكستان.
*****
أعدها باللغة العربية أ.د. محمد البخاري. بتاريخ 7/2/2016 بتصرف نقلاً عن مقالة تراث حضارات عظيمة. // طشقند: المنشورة بتاريخ 9/1/2015 على الرابط الإلكتروني: www.pv.uz.

هل بعض نماذج الفنون التطبيقية الأوزبكية على شفى الإندثار ؟


تتمتع الإبداعات الفردية والأعمال اليدوية دائماً بقيمة عالية، وإذا صنعت تلك الأعمال وفق قوانين تقاليد الفنون التطبيقية تكون قيمتها أكبر، وخاصة اليوم في عصر العولمة والصناعة المتطورة.
ولكن، هل كل ما يعرض علينا اليوم في المعارض والأسواق التقليدية للحرفيين، وما تقدمه الصالونات الفنية، والمحلات التجارية، يمكن وصفه بأنه من "منتجات الحرف الشعبية" وهل هي حقاً كذلك ؟
ومع ذلك لماذا لم نزل نسمع نداءآت من العلماء تدعوا إلى ضرورة إحداث نظم تسمح بتحديد الحرف الشعبية بدقة تمكن كل منا من تحديدها، وتحديد أي منها تقليدي، وأي منها نمطي فقط، أو محاولة وضعها ضمن شروط العلامة التجارية للثقافة التقليدية ؟
وعن أن "ما كل ما يلمع هو ذهب"، تحدث لمراسل صحيفة "Uzbekistan Today" عضو أكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان، البروفيسور، والدكتور في المعارف الفنية، ورئيس قسم الفنون التشكيلية والتطبيقية في معهد المعارف الفنية التابع لأكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان أكبر عبد الله ييفيتش حكيموف، الذي قال:


- أنا بالكامل أتفق مع أن تحت اسم "الفنون التقليدية" يمكن شراء كل شيء، ولكن لفهم "ما هذا، وما هو" لا تكفي ببساطة المعرفة لدى كل مشتري عادي.
وذات مرة لفت إنتباهي في إيتشان قلعة (بمدينة خيوه في أوزبكستان) لوحة كتب عليها "مركز إحياء التطريز الخوارزمي التقليدي". وهو ما أثار إنتباهي، لأنه لا يوجد في خوارزم تقاليد للتطريز اليدوي، وهنا برز لدي سؤال، ماذ تعني إذاً عبارة "إحياء" لدى الفتيات الخوارزميات هناك، وماذا يفعلن ؟
وبعد الحديث مع مدير المشروع، فهمت أنهم دعونهن لتطريز أغطية الوسائد بمطرزات مبنية على أسس  نسخت عن كتب ديكورات الهندسة المعمارية في هيرات خلال القرون الوسطى. وهذا يعني أن ما يرسمونه ليس رسوم خوارزمية، بل أفغانية. وبعدها بدأت بالإهتمام، كيف حصل هذا، وظهر أن هذه الورشة يملكها إنكليزي لا يعرف شيئاً البتة عن الفنون التقليدية الخوارزمية ولا يفهمها ولا يميزها، ولكنه يعرف جيداً ما يحتاجه السياح.
وطبعاً كان هذا من الممكن أن يصبح مادة للمناقشة العلنية، وبالنتيجة يصبح مستقبل مصير المشروع تحت علامة سؤال كبيرة. ولكن المشكلة هي بأنه بفضل هذا المركز أصبح مشروعاً يشكل مصدر دخل غير سيء لمجموعة صغيرة من الفتيات، ولو أنه في إطار ضيق، ولكن المشروع تصدى لمسائل إجتماعية ووفر فرص عمل للسكان. وهذه مشكلة واحدة من المشاكل التي تتعرض لها آفاق تطوير التطريز الأوزبكي التقليدي.


ولكن المشكلة القائمة حتى الآن هي في غيرها من قطاعات الفنون الشعبية التقليدية. ولناخذ على سبيل المثال: مدرسة ريشتان للسيراميك الشهيرة، والتي تتمتع بطلب جيد في الأسواق. ولكنهم في ريشتان نفسها ومنذ زمن بعيد فهموا أن شهرة علامتهم التجارية يستخدمها الجميع بنشاط، ويستخدمها كل من يريد أن يبدأ عمله التجاري. وطبعاً، وبفضل هذا الإسم، الذي تكون بفضل الموهبة الصادقة لأحفاد الحرفيين، يسوق هذا السيراميك اليوم بنجاح مقبول.


ولكن هل كل السيراميك الذي يصنع في ريشتان يمكن تسميته بالسيراميك الريشتاني التقليدي ؟! طبعاً لا. لأنه بقي هناك حرفيين إثنين أو ثلاثة فقط، من الذين يعملون وفق التكنولوجيا الريشتانية القديمة، ومن ضمنهم شرف الدين يوسوبوف المشهور في كل العالم. والآخرون يعملون بتكنولوجيا سهلة وسريعة مستخدمين مواد حديثة يسهل الحصول عليها. ومنتجاتهم لا يمكن تسميتها بالسيراميك الريشتاني التقليدي، لأن ذلك ما هو وببساطة إلا أدوات صنعت من السيراميك للإستعمال اليومي، ولكنها صنعت في ريشتان، وأخذت أشكال جمالية بدائية للسيراميك الأزرق الفرغاني.

وما يجري اليوم في الفنون التطبيقية، يشكل ظاهرة تشكلت تحت التأثير الشديد للكثير من تفاعلات الحياة المعاصرة. وهي ليست دائماً نتيجة للعولمة، وعمليات التكامل، ومساعي الحرفيين الحديثين في ظروف اقتصاد السوق، والغرض منها الحصول على دخل.
ومرة أخرى نتجه لخبرة خوارزم، ولكن هذه المرة لصناع السيراميك. في خمسينات القرن الماضي، عندما جرت أعمال ترميم الاثار المعمارية التاريخية في تاشو حاولي، حيث كان يجب العمل على ترميم السيراميك المعماري.
ودعي كل حرفيي خوارزم من الذين عملوا في السيراميك، وفي أكثر الحالات كانوا من أولئك الذين يصنعون أطباق الإستعمال اليومي. وبالنتيجة تغير أسلوب السيراميك الخوارزمي التقليدي جذرياً نحو الجانب الأسوأ.
ومكان النقوش المعمارية النمطية التي تصور أشكال نباتية، جاء الأسلوب البياني لنقوش تشكل نسيج من الخطوط الهندسية، التي كانت من طبيعة الديكورات الهندسية، ولم تكن أبداً من أسلوب السيراميك الخوارزمي المخصص للإستعمال اليومي.

وهنا يمكننا القول اليوم عن مدرسة الفنون التطبيقية التقليدية والمحترفة، بأنها على الأكثر هي عبارة عن مصممين استلهموا عملهم من التكنولوجيات والخلفيات التقليدية والحديثة وتمكنوا من إحداث الجديد منها. وليس حتمياً وقطعاً في هذا أنهم توجهوا في عملهم بالتحديد إلى المدرسة التقليدية الأوزبكية، وأنهم أخذوا من غيرها من الثقافات. ولكن أعمالهم كانت جميلة أيضاً وصنعت بذوق جمالي.
 وعلى سبيل المثال: في طشقند يعمل ورثة أسلوب السيراميكي الشهير موخيت رحيموف، الذي وضع أسس إتجاه جديد في السراميك الأوزبكي، وهو ابن أكبر رحيموف وحفيد علي شير رحيموف، وفي بخارى أسس هذا الإتجاه في حرفة السيراميك على أساس تفاعل مختلف مدارس السيراميك التقليدية في أوزبكستان، وطورها عبد الوحيد كريموف. وفي مثل هذا التطلع للمصصمين نحو مختلف مدارس الفنون التقليدية، هناك أشكال أخرى من الفنون التطبيقية الحديثة. وهذه طبعاً تتشكل من خلال نشاطات ممثلي العوامل المحترفة في الفنون التطبيقية ولها الحق بالحياة والتطور.
ومع ذلك توجد في الأسواق وتعرض الكثير من منتجات المحترفين المتشابه، وهم الذين يصنعون اليوم ما سيصنعونه غداً وهكذا. وأعمالهم لا تتميز غالباً بمواصفات جمالية ونوعية عالية. وقانونياً كل أولئك الحرفيين لهم الحق بالعمل وبيع منتجاتهم. ولكن في هذه الحالة يبرز سؤال حاد اليوم، حول تحديد صفة إنتاج الفنون التقليدية الحقيقية. وهذا المعيار ضروري للتقيم، وقبل كل شيء من أجل أن نحافظ على المدرسة التقليدية العريقة. ومن أجل ذلك يجب إيجاد حلول معينة على المستوى الحكومي. وهذا أكثر بكثير من وضع تسهيلات ضريبية، وعلى فكرة، يعفي اليوم كل الحرفيين عندنا من دفع الضرائب.
ومن الحلول القوية التي يمكنها التصدي لهذه المسألة وفق ما أرى، هي القيام  بأعمال تنويرية واسعة عبر وسائل الإعلام الجماهيرية. لتوعية الحرفيين والمجتمع أيضاً.
ولأن أكثر الحرفيين أنفسهم عندنا يجهلون ما يصنعون. وهنا يجب أن نشرح لهم ذلك، مع ضرورة إحداث مؤسسات لتشجيع وتسجيل منتجاتهم في مختلف مهرجانات الفنون التقليدية. وعلى سبيل المثال: نظمت ممثلية اليونسكو في أوزبكستان، بالتعاون مع أجهزة السلطات المحلية، ورابطة "خونارماند"، مهرجاناً للنسيج التقليدي "أطلاس بايرامي" في مرغيلان (بوادي فرغانة في جمهورية أوزبكستان) خلال سبتمبر/أيلول عام 2015. وحصل من يعمل هناك بالتكنولوجية التقليدية العريقة على "رمز النوعية الجيدة من اليونسكو". ومعها فهموا لماذا حصل أولئك على "رمز النوعية الجيدة من اليونسكو" وليس غيرهم.
وبالنتيجة فهم الحرفيون بأن القيمة الحقيقية هي للمنتج باستخدام التكنولوجيا التي كانت مستخدمة في أواسط القرن التاسع عشر، وليس ما هو منتج بتكنولوجيا أواسط القرن العشرين. لأن الأقمشة المنتجة بتكنولوجيا أواسط القرن التاسع عشر، تتمتع بطلب كبير ليس في أوزبكستان فقط، بل وفي خارجها أيضاً. ولابد أن فهمهم لكل هذا سيشجع على تصحيح الأوضاع مستقبلاً. وهذا يعني أن مثل هذه المهرجانات يجب أن تنظم أكثر، ويجب أن تجرى ليس في أواسط النساجين فقط، بل يجب أيضاً تنظيم ندوات للحرفيين على أسس منظمة، تكرس لإستعراض أهم المسائل التي تواجهها إبداعاتهم.
وفي قضايا التوعية يجب تركيز الإنتباه على كل شيء بالكامل، وخاصة من يؤثر على سير العمليات الفنية.
وطبعاً هام جداً ما يعرضه الصحفيون أيضاً. ومع الأسف أنا أرى دائماً، أن زملائك لا يسمون الأشياء بأسمائها الحقيقية. وعلى سبيل المثال: هناك تحقيق صحفي تحدث عن نهضة الحرف التقليدية في أوزبكستان. ولكن شاهدنا على اللوحات المرافقة للحتقيق الصحفي المنشور فتيات يمارسن عملياً هوايات إبداعية ليست بمستوى عالي. وهذا التبديل في المفاهيم، يمكن أن يكون بالصدفة ودون وعي، ويؤدي بالتالي إلى تشكيل رأي عام غير صحيح في المجتمع.
وعندما يتشكل الوعي الحقيقي يبدأ الناس بالتوجه وبشكل صحيح نحو كل شيء، وكل شيء يصبح في مكانه. ومن دون شك الطلب سيكون على منتجات الحرفيين، وحتى أولئك الذين يعملون وفق التقاليد، وبالتكنولوجيا الحديثة.
ومع الأسف، حتى الآن لا يوجد جهاز حكومي يتمتع بصلاحيات أو منظمات غير تجارية وغير حكومية، تشتغل بقضايا تحديد النوعية الفنية لمنتجات الفنون التطبيقية التقليدية. وبقدر ما تظهر لدينا مثل هذه الهيئآت، بقدر ما تكون الفرصة أكبر للحفاظ على الفنون التقليدية الحقيقية. ومن يعمل بالتكنولوجيا التقليدية العريقة، يحتاج اليوم أكثر لدعم الدولة، لأن تكنولوجيتهم أكثر صعوبة. وهناك قضية هامة أخرى، وهي تشجع إبداعات أحفاد الحرفيين، لأن غياب لجان الشراء الحكومية واختيار الأعمال للمتاحف. وبسبب ذلك نرى أن مجموعات متاحفنا عملياً لا تضم أفضل منتجات حرفيي الفنون التطبيقية التقليدية، المنتجة خلال فترة الإستقلال.
وعلى هذا الشكل، نرى أن المشاكل في مجال الحرف التقليدية غير قليلة، ولكن الحركة الإيجابية العامة لتطوير الفنون التطبيقية القومية، والتي في أساسها يكمن تحرك ودعم الدولة الشامل، يخلق لدينا نحن الخبراء والعلماء التفاؤل.
*****


وبقي أن أشير إلى أن عضو أكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان أكبر عبد الله ييفيتش حكيموف، كان المشرف العلمي على أطروحة الدكتوراه التي دافع عنها بنجاح الفنان التشكيلي السوري البارز الدكتور محمد غنوم في مطلع تسعينات القرن الماضي بمعهد المعارف الفنية التابع لأكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان، وأشرف على معارضه الفنية التي نظمها آنذاك في متحف الفنون الجميلة بطشقند، وفي بخارى وسمرقند.
*****
مادة إعدها: أ.د. محمد البخاري، في طشقند بتاريخ 7/2/2016، بتصرف نقلاً عن التحقيق الصحفي بعنوان: "خبير: لماذا بعض نماذج الفنون التطبيقية على شفى الإختفاء ؟" الذي نشرته صحيفة "Uzbekistan Today" يوم 5/2/2016