الاثنين، 13 يوليو 2020

تابع مراحل تكون الصحافة 22

تابع مراحل تكون الصحافة 22
أ.د. محمد البخاري
التبادل الإعلامي في ظروف  العلاقات الدولية المعاصرة
طشقند - 2011
تأليف:
محمد البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC، اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة؛ ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص: صحافة؛ بروفيسور قسم العلاقات العامة والإعلان، كلية الصحافة، جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكية.

والتحدي المطروح أمام الصحافة المصرية اليوم هو ضرورة اللحاق بثورة تكنولوجيا العصر بالسرعة اللازمة والكفاءة المميزة، وإلا تخلفت في سوق المنافسة، مع الصحف العربية، وصحف الدول الأقل تطوراً، وصحافة الدول المتطورة، وتخلفت في مواجهة وسائل الاتصال والإعلام الالكترونية، وخاصة البث الإذاعي المرئي المباشر. وهذا يتطلب من مصر ومن سائر دول العالم النامية والأقل تطوراً في العالم ضرورة إعادة النظر وبعمق، في مفهوم المجتمع لرسالة الصحافة، وعلاقتها بنظم الحكم المتغيرة والمتتالية في البلدان النامية، وطبيعة مهمتها في ظل المتغيرات المتعاقبة ونوعية القوانين التي تحكم هذه العملية التفاعلية.
وتعتبر مصر أول بلد عربي عرف الصحافة المطبوعة منذ أن وصل إليها نابليون بونابرت يحمل مع مدافعه المطبعة ليخاطب عبر الكلمة المطبوعة، عقول الشعب المصري محاولاً استمالته. وقام بإصدار صحيفة باللغة الفرنسية عام 1798. وعندما اضطر الفرنسيون إلى الرحيل عن مصر بسبب المقاومة الباسلة للمصريين، جاء إلى الحكم محمد على وأصدر أول صحيفته الرسمية الوقائع المصرية عام 1828 ثم صدرت صحيفة وادي النيل في عام 1867 وهي أول صحيفة شعبية، وما لبث أن تدفق سيل الصحف في هذه الفترة وما بعدها، لتعبر الصحافة المصرية عن الأوضاع السياسية والاجتماعية والثقافية في مصر حتى بلغ عدد الصحف المصرية الصادرة خلال الفترة من عام 1872 حتى عام 1892 نحو 86 صحيفة. وأخذت الصحف المصرية تتطور تبعاً للعصر الذي تصدر فيه وتتأثر بالظروف السياسية والاجتماعية والثقافية التي تخرج من خلالها وتصدر في ظلها. وصدر أول تشريع للمطبوعات في مصر أثناء الحملة الفرنسية على مصر، الذي أصدره الجنرال بونابرت بتاريخ 14/1/1799، ثم تلاه الجنرال عبد الله مينو في أمره الصادر بتاريخ 26/11/1800 بشأن جريدة التنمية. وفي 13/7/1823 أصدر محمد علي الوالي العثماني على مصر، أمراً يحرم طبع أي كتاب في مطبعة بولاق إلا بإذن من الباشا. وعندما تولى سعيد باشا الحكم أصدر تشريعين لتنظيم المطبوعات، نص أولهما على فرض الرقابة الواقية على المطبوعات، وعدم جواز نشر الصحف دون الحصول على رخصة من ديوان الداخلية، ونص ثانيهما على منع صحف الأجانب في مصر من نشر أي نقد لأعمال الحكومة.
وفي 26/11/1881 صدر قانون المطبوعات والصحافة، الذي يعتبر بحق أول تشريع يصدر للصحافة في مصر، يرتب شؤونها ويحدد واجباتها ويعلن حقوقها. وقد صدر هذا القانون في 23 مادة نص فيها على وجوب طلب الترخيص قبل إصدار أية صحيفة، كما فرض دفع تأمين قدره مائة جنيه لكل صحيفة، وأعطى الحكومة حق تعطيل أو مصادرة أو قفل الصحيفة بأمر من ناظر الداخلية بعد إنذار، وبقرار من مجلس النظار بدون إنذار، وذلك حفاظاً على النظام والآداب العامة والدين. وأعطى لوزير الداخلية الحق بمنع دخول أية صحيفة أجنبية إلى البلاد. وقد كفل هذا القانون حرية الرد وألزم صاحب الجريدة أن ينشر بدون أجر الرد الذي يرد إليه من الشخص الذي يحصل التعرض له أو ذكر اسمه في تلك الجريدة خلال الأيام الثلاثة التالية ليوم ورود هذا الرد أو في أول عدد يصدر من هذه الجريدة إذا كان ميعاد صدورها بعد انقضاء هذه الأيام الثلاثة مع عدم الإخلال بما يترتب على تلك المقالة من العقوبات والتعويضات، وأعطى القانون السلطات الإدارية حق تعطيل الصحف من أجل المحافظة على النظام العام أو الدين أو الآداب. وفي أكتوبر/تشرين الأول 1866 تأسس قلم الصحافة والمطبوعات في مصر مهمته مراقبة الصحف العربية والإفرنجية وألحق بنظارة الخارجية. وفي 11/12/1870 صدر القانون المايوني الذي اعترف بحرية المطبوعات في الدولة العثمانية وسائر ولاياتها. وفي 13/12/1878 تقرر أن تكون الصحف والمطبوعات تابعة لوزارة الداخلية.
وصدر مرسوم بالقانون رقم 20 بشأن المطبوعات والمطابع في مصر بتاريخ 27/2/1936. وصدر القانون رقم 156 بتاريخ 24/5/1960 لتنظيم الصحافة والذي ينص في مادته الثالثة على أن تؤول ملكية الصحف القومية المحددة في القانون إلى الإتحاد القومي، التنظيم السياسي الذي تشرف عليه الدولة، وذلك حتى تتحقق ملكية الشعب لأداة التوجيه الأساسية وهي الصحافة، وتمكيناً لرسالتها من أن تؤدى على خير وجه تتحقق به أهداف المجتمع الديمقراطي الاشتراكي التعاوني. وأضيف بعدها عدد آخر من دور الصحف القومية بالقانون رقم 140 لسنة 1963 والقانون رقم 46 لسنة 1967 والقانون رقم 22 لسنة 1969. وصدر القانون رقم 151 بتاريخ 24/3/1964 بشأن المؤسسات الصحفية والذي نصت مادته الرابعة على أن تحل اللجنة التنفيذية للإتحاد الاشتراكي الذي حل مكان الإتحاد القومي في كل ما يتعلق بالاختصاصات المخولة له طبقاً لأحكام القانون رقم 156 لسنة 1960. وفي عام 1975 صدر قرار الإتحاد الاشتراكي العربي بإنشاء المجلس الأعلى للصحافة وحدد اختصاصاته، ونص في مادته الأولى على أن الصحافة في جمهورية مصر العربية سلطة شعبية مستقلة (السلطة الرابعة) تمارس رسالتها بحرية في خدمة المجتمع تعبيراً عن اتجاهات الرأي العام وإسهاماً في تكوينه بمختلف وسائل التعبير، وذلك في إطار المقومات الأساسية للمجتمع والحفاظ على الحريات والحقوق والواجبات العامة واحترام حرمة الحياة الخاصة للمواطنين. وتؤدي الصحافة المصرية دورها حالياً في حرية كاملة كسلطة شعبية محمية بكل الحصانات التي يكفلها لها الدستور، حيث ينص على أن "الصحافة سلطة شعبية مستقلة تمارس رسالتها على الوجه المعين بالقانون"، وتأتي الصحافة بذلك سلطة رابعة بعد السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.
وتنقسم الصحافة في مصر إلى نوعين:
الأول الصحف القومية: وهي الصحف التي تصدر حالياً أو مستقبلاً عن المؤسسات الصحفية التي يملكها الإتحاد الاشتراكي العربي أو يسهم فيها، وكذلك وكالة أنباء الشرق الأوسط، والشركة القومية للتوزيع، ومجلة أكتوبر، والصحف التي تصدرها المؤسسات التي ينشئها مجلس الشورى.
والثاني الصحف الحزبية: وفقاً للمادة 13 من قانون الصحافة، تعتبر "حرية إصدار الصحف للأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة مكفولة طبقاً للقانون" ونصت المادة 19 على أن "ملكية الأحزاب السياسية والأشخاص الاعتبارية العامة والخاصة للصحف مكفولة طبقاً للقانون".
ووظيفة الصحافة هي التعبير عن اتجاهات الرأي العام والإسهام في تكوينه وتوجيهه وتزويد المجتمع بالمعرفة المستنيرة، والإسهام في ترشيد الحلول الأفضل لما يواجه الوطن والمواطنين، وضمان حق المواطن في المعرفة والاتصال كما بينها القانون، ويشرف على شؤون الصحافة في مصر مجلس أعلى يحدد القانون طريقة تشكيله واختصاصاته وعلاقته بسلطات الدولة.
والمجلس الأعلى للصحافة هيئة مستقلة تشرف على شؤون الصحافة بما يحقق حريتها واستقلالها في إطار القانون ويصدر بتشكيله قرار من رئيس الجمهورية، ويضم: رئيس مجلس الشورى؛ ورؤساء مجالس إدارات المؤسسات الصحفية القومية؛ ورؤساء تحرير الصحف الحزبية التي تصدر وفقاً لقانون الأحزاب؛ ونقيب الصحفيين؛ ورئيس الهيئة العامة للاستعلامات؛ ورئيس مجلس إدارة وكالة أنباء الشرق الأوسط؛ ورئيس مجلس أمناء إتحاد الإذاعة المسموعة والمرئية؛ ورئيس نقابة العاملين بالصحافة والطباعة والنشر؛ ورئيس مجلس إدارة الشركة القومية للتوزيع أو أحد خبراء التوزيع الصحفي؛ ورئيس إتحاد الكتاب؛ وعدداً من الشخصيات العامة المهتمة بشؤون الصحافة يختارهم مجلس الشورى؛ واثنين من المشتغلين بالقانون يختارهما مجلس الشورى أيضاً. ومدة العضوية في المجلس الأعلى للصحافة أربع سنوات قابلة للتجديد، والمجلس بتكوينه هذا وكما حدده القانون يشبه مجلس عائلة للصحافة يلتقون فيه من أجل العمل على حسن أداء رسالتهم المقدسة والحفاظ على كرامتها.