السبت، 16 مايو 2020

نموذج الاتصال في الإطار الشخصي

نموذج الاتصال في الإطار الشخصي
نموذج الاتصال في الإطار الشخصي


كتبها: أ.د. محمد البخاري.
نموذج ديفيد برلو:
نشر ديفيد برلو نموذجه عن الاتصال الشخصي بين فردين عام 1960. وافترض في نموذجه أن الفرد يجب أن يفهم السلوك البشري حتى يستطيع أن يحلل عملية الاتصال، وتضمن نموذج برلو العناصر الرئيسة التالية:
آ- مصدر: ويتوقف نجاح عملية الاتصال على بعض الشروط في المصدر، منها:
1- مهارات الاتصال عند المصدر: وتتضمن خمسة مهارات أساسية، تتعلق اثنتان منهم بفك الرموز، وهما القراءة والاستماع. والخامسة بالمقدرة على التفكير ووزن الأمور لتحديد الهدف من عملية الاتصال. إذ تؤثر مهارات الإنسان في قدرته على تحليل الأهداف، وعلى ما يقوم به من ردود فعل أثناء عملية الاتصال. وتؤثر على كيفية تحويل الرسائل إلى رموز تعبر عما يختزنه الذهن من معلومات وأفكار وخبرات.
2- اتجاه المصدر نحو نفسه: فإذا كان اتجاه الفرد نحو نفسه سلبياً، فيحتمل أن يؤثر ذلك على نوع الرسالة التي يضعها المصدر، وعلى تأثيرها.
3- اتجاه المصدر نحو الموضوع: عندما يقرأ الإنسان مقالاً أو كتاباً، أو يستمع إلى محاضراً...، يبقى لديه انطباع عن اتجاه الكاتب أو المتحدث نحو الموضوع ايجابياً كان أم سلبياً.
4- اتجاه المصدر نحو المتلقي: لأن اتجاهات المصدر نحو المتلقي هي من العوامل التي تحدد مدى نجاح أو فشل عملية الاتصال. ولأن القارئ أو المستمع لن يقتنع بكلام شخص لا يشعر في أعماقه أنه يهتم به ويحترمه، بصرف النظر عما إذا كان ما يقوله صحيحاً ومنطقياً.
5- مستوى المعرفة لدى المصدر: لأن قدر المعرفة عن الموضوع يؤثر على الرسالة، فالإنسان لا يستطيع أن يقول ما لا يعرفه. ولا يمكن نقل مضمون رسالة غير مفهومة. ولهذا تستعين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالمحررين المتخصصين لتبسيط المعلومات، وصياغتها بلغة مفهومة للجمهور الإعلامي كي يفهمها. ولا يكفي معرفة الموضوع من قبل المصدر بل يجب أن يكون المصدر قادر على نقله بشكل مفهوم ومبسط.
6- النظام الثقافي والاجتماعي: إذ يتأثر القائم بالاتصال بمركزه في النظام الاجتماعي والثقافي. وهذا يفرض علينا معرفة أنواع النظم الاجتماعية التي يعمل في إطارها القائم بالاتصال، ومكانته في النظام الاجتماعي، والأدوار التي يؤديها فيه، والمهام التي يجب أن يقوم بها، والوضع الذي سيراه فيه الجمهور الإعلامي.
ب- رسالة: لكل رسالة عناصر وتكوين، فالأفكار هي عناصر، وطريقة تنظيم تلك العناصر هي التكوين. وهناك أمور ثلاثة على الأقل يجب أن نراعيها بالنسبة للرسالة الإعلامية، وهي:
1- رموز الرسالة: التي يجب أن توضع في ترتيب معين، وفي تكوين لغوي له معنى، ليصبح لها معنى عند المتلقي، وإلا ضاعت الرسالة وفقد معناها.
2- مضمون الرسالة: وهي المادة التي اختارها المصدر ليعبر عن أهدافه. ومضمون الرسالة هو العبارات التي تقال، والمعلومات التي تقدم، والاستنتاجات التي يمكن الخروج بها، والأحكام التي يمكن اقتراحها. ويجب أن تقدم المادة بترتيب ما لبناء المضمون.
3- معالجة الرسالة: وتتعلق بالقرارات التي يتخذها المصدر، وبالطريقة التي يقدم بها المصدر رسالته. فهو قد يختار معلومة معينة ويتجاهل أخرى، وقد يكرر الدليل أكثر من مرة في سياق الرسالة ليثبت رأيه، وقد يلخص رأيه في البداية أو النهاية. وقد يذك المصدر كل الحقائق في رسالته الإعلامية، أو أن يترك بعضها للمتلقي ليكمل بعض جوانبها التي لم تذكر في الرسالة صراحة (استنتاج).
ج- وسيلة: وهي القناة التي ستحمل الرسالة الإعلامية من المصدر إلى المتلقي. ويتوقف اختيارها على قدرات كلاً من المصدر والمتلقي على حد سواء.
د- متلقي: وما ينطبق على المصدر، ينطبق على المتلقي. لأن المصدر والمتلقي وفق نموذج برلو، متماثلان، وأحياناً هما شخصاً واحداً. وقد يتحول المصدر إلى متلقي أثناء عملية الاتصال، ويبقى المتلقي أهم حلقة في عملية الاتصال، وعلى المصدر أن يضع المتلقي في اعتباره دائماً عند اتخاذه لأي قرار يمس عوامل عملية الاتصال. ومن نقاط الضعف في نموذج برلو أنه لم يتناول موضوع التقييم، أو راجع الصدى، أو التأثير المرتد، إلا في سياق المناقشة فقط.
نموذج الاتصال في الإطار الشخصي (نموذج التعلم):
التعلم هو التغيير الذي ينتج عن العلاقة الثابتة بين ما يدركه الفرد، والاستجابة التي يقوم بها، سواء أكانت هذه الاستجابة علنية أم خفية. ويحدث التعلم في حال استمرار الفرد القيام بنفس الاستجابات القديمة رداً على منبه جديد، أو قيامه باستجابة جديدة على منبه قديم.
وهناك علاقة بين التعلم وعملية الاتصال، لأن هدف القائم بالاتصال أساساً تغيير سلوك المتلقي ليتعلم خبرات جديدة. ولنفرض أن شخصاً ما يسعى لينتخبه الناس لمنصب هام للمرة الأولى. والناخبون لا يعرفونه من قبل، ويريد جعلهم ينتخبونه. ويعرف أن الناخبين قد انتخبوا غيره في السابق أي مروا بتجربة الانتخاب، أي لديهم استجابة قديمة. فيسعى إلى تغيير الاستجابة القديمة إلى منبه جديد يدخل ضمن عناصره، وهذه العملية بحد ذاتها هي عملية اتصال وتكمن فيها أهداف التعلم.
أو أن أحد المنتجين يريد الإعلان عن سلعة معينة، معروضة للبيع منذ فترة دون إقبال المستهلكين على شرائها. وعلى ضوء نظرية التعلم نستخلص أن السلعة (منبه) قديم، استجاب إليها المستهلك بعدم الشراء، وأصبح الهدف الآن جعل المستهلكين يغيرون استجاباتهم للمنبه القديم ويقدمون على شراء السلعة القديمة. وهذه العملية بدورها حالة اتصالية تنطوي على مهارات التعلم.
المقالة التالية الاتصال وعملية التعليم