الأربعاء، 17 ديسمبر 2014

أوزبكستان تحيي آثارها التاريخية بالتعاون مع المجتمع الدولي


أوزبكستان تحيي آثارها التاريخية بالتعاون مع المجتمع الدولي


آثر تاريخي في طشقند
إحياء التراث التاريخي الأوزبكستاني الغني، والتقاليد الروحية والأخلاقية، يشهد على الإسهام القيم لأجداد الشعب الأوزبكي في الثقافة العالمية، خاصة بعد أن أصبح هذا العمل خطوة هامة تكامل أوزبكستان المعاصرة من خلالها مع المجتمع الدولي.
وأوزبكستان أصبحت عضواً في المنظمة العالمية اليونسكو في أكتوبر/تشرين أول عام 1993، وتجمع هذه المنظمة الهامة بين النظم القومية في المجالات العلمية، والثقافية، والتعليمية، وتسهم في إغنائهم بخبرات التطور الفكري العالمي، وتسعى لمشاركة شعوب العالم بالتراث الروحي الإنساني. ومعروف أن إرتفاع مستوى الوعي القومي تلعب فيه دوراً هاماً الذاكرة التاريخية للشعوب، ويتطلب هذا إحياء الماضي الحقيقي لكل شعب. وفي هذا المجال اتخذت حكومة أوزبكستان إجراءآت من أجل دراسة تاريخ البلاد والدول التي كانت قائمة فيها.


آثر تاريخي في قارشي
ومثلت الإحتفالات التي جرت بمناسبة ذكرى تأسيس المدن العريقة في أوزبكستان، وذكرى ميلاد الأجداد العظام للشعب الأوزبكي مكانة خاصة في عملية بعث تراثهم الروحي الذي يحظى بإعتراف العالم. ومن بين تلك الإحتفالات كان:
- الإحتفال بذكرى مرور 600 عام على مولد العالم العظيم ورجل الدولة والحكم ميرزه ألوغ بيك التي جرت في عام 1994؛
- والإحتفال بذكرى مرور 660 عام على مولد الشخصية البارزة في الإدارة والحكم والقائد العسكري الكبير الأمير تيمور التي جرت في عام 1996؛
- والإحتفال بذكرى مرور 1225 عام على مولد العلامة الكبير، وجامع الأحاديث النبوية الشريفة في صحاحه الإمام البخاري، وذكرى مرور 1200 عام على ميلاد العالم الكبير الفرغاني التي جرت في عام 1998؛
- والإحتفال بذكرى مرور 2700 عام على "أفيستا" التي جرت في عام 2001؛
- والإحتفال بذكرى مرور 1000 عام على كتابة الملحمة البطولية "ألباميش"، والإحتفال بذكرى مرور 800 عام على ميلاد بطل الشعب الأوزبكي جلال الدين منغوبيردي التي جرت في عام 1999؛
- والإحتفال بذكرى مرور 1300 عام  على ميلاد العلامة المعترضي، والإحتفال بذكرى مرور 910 أعوام على ميلاد العالم بهاء الدين المرغيناني التي جرت في عام 2000؛
- والإحتفال بذكرى إنشاء أكاديمية المأمون الذي جرى في عام 2006.


من الآثار التاريخية في بخارى
وكل هذه الإحتفالات كانت مدرجة في قائمة المناسبات الإحتفالبة لمنظمة اليونسكو. وبقرار من هذه المنظمة الدولية أيضاً جرى الإحتفال بذكرى تأسيس المدن العريقة بعد أن حددت أعمال التنقيب الأثري تاريخ إنشائها، ومن بينها:
- الإحتفال بذكرى مرور 2750 عام على إنشاء مدينة سمرقند الذي جرى في عام 2007؛
- والإحتفال بذكرى مرور 2700 عام على إنشاء مدينة قارشي الذي جرى في عام 2006؛
- والإحتفال بذكرى مرور 2500 عام على إنشاء مدينة بخارى الذي جرى في عام 1997؛
- والإحتفال بذكرى مرور 2500 عام على إنشاء مدينة خيوة الذي جرى في عام 1997؛
- والإحتفال بذكرى مرور 2500 عام على إنشاء مدينة ترمذ الذي جرى في عام عام 2002؛
- والإحتفال بذكرى مرور 2200 عام على إنشاء مدينة طشقند الذي جرى في عام عام 2009؛
- والإحتفال بذكرى مرور 2000 عام على إنشاء مدينة مرغيلان الذي جرى في عام 2007.


من الآثار التاريخية في خيوة
وهنا لابد من الإشارة إلى أنه بين الإحتفالات التي جرت في مقر اليونسكو بباريس عام 1994 كان أسبوع ميرزه ألوغ بيك، الذي جرى في إطاره مؤتمر دولي خصص لمناقشة موضوع "ميرزه ألوغ بيك في عصر التيموريين العظام" ونظم معرض "ألوغ بيك والفنون التقليدية". بهدف التعريف بحياة ونشاطات الجد العظيم للشعب الأوزبكي، والعصر الذي عاش فيه، والتعريف بأسرة التيموريين، والفنون التطبيقية وحياة الشعب الأوزبكي اليوم.
وفي أبريل/نيسان 1996 انعقد في قاعة الإحتفالات باليونسكو في باريس المؤتمر العلمي ومعرض "فجر العلوم والثقافة والتعليم في عصر التيموريين"، المكرسان لذكرى ميلاد الأمير تيمور. وخلال مراسم الإفتتاح أشار الرئيس إسلام كريموف بإنصاف إلى أن المهمة التاريخية للأمير تيمور بالإضافة لإنجازاته العظيمة كانت وربما للمرة الأولى في تاريخ دول آسيا وأوروبا أنهم شاهدوا أنفسهم متحدين في فضاء جيوسياسي. وكان من ضمن زوار المعرض الرئيس الفرنسي جاك شيراك والمدير العام لليونسكو ف.مايور، حيث تعرفوا على معروضاته، التي تتحدث عن التراث العلمي والثقافي لمرحلة حكم الأمير تيمور (مخطوطات قيمة، ونقود، وملابس)، بالإضافة لأعمال الفنانين الأوزبك المعاصرين في الفنون التشكيلية والتطبيقية، التي كرست كلها لعصر التيموريين.

من الآثار التاريخية في سمرقند
وفي باريس جرى في يونيه/حزيران عام 1997 أسبوع كرس لمناسبة الذكرى 2500 عاماً على إنشاء المدن العريقة بخارى، وخيوة. وتضمن برنامج الأسبوع معارض، وعروض مسرحية عن "طريق الحرير العظيم"، وحفل موسيقي غنائي قدمه فنانون من أوزبكستان. وفي كلمته أثناء الإفتتاح أشار المدير العام لليونسكو إلى أن بخارى وخيوة كانتا منذ آلاف السنين مراكز روحية، ولدت فيها أغنى كنوز التراث الثقافي الإنساني.
كما احتفل بمناسبة مرور 2200 عام على تأسيس مدينة طشقند بمقر اليونسكو في أبريل/نيسان عام 2009. وشمل الإحتفال برنامج علمي وثقافي كبير وبهذه المناسبة انعقد مؤتمر علمي في طشقند أيضاً.
وبمناسبة إعلان اليونسكو "عام علم الفلك" نظم في عام 2009 مؤتمراً دولياً بعنوان "ميرزه ألوغ بيك وإسهامه في تطوير العلوم العالمية" وكان نتيجة طبيعية للأبحاث الجارية في مجال دراسة نشاطات ميرزه أولوغ بيك العلمية.
وعلى هذا الشكل جذبت النشاطات والإحتفالات التي نظمت على المستوى الدولي اهتمام الأوساط الإجتماعية والثقافية والعلمية الأجنبية نحو تاريخ أوزبكستان الغني، وساعدت على تحديد دور الأجداد العظام للشعب الأوزبكي والمدن التي تعتبر وبحق لآلئ الشرق، وإسهامهم في الحضارة العالمية، وأسهمت بشكل واسع في التعريف بمنجزاتهم، وإحياء القيم القومية والروحية والتاريخية للشعب الأوزبكستاني.

بحث أعده أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة (DC)، ودكتوراه فلسفة في الأدب، تخصص صحافة (PhD)، بروفيسور، طشقند: 16/12/2014 بتصرف نقلاً عن مواد معهد التاريخ التابع لأكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان، ووكالة أنباء Jahon، 4/5/2014.

الاثنين، 15 ديسمبر 2014

غوغا أبراروفيتش هداياتوف وإسهام الأوزبك في حضارة الترك


إسهام الأوزبك في حضارة الترك

البروفيسور، ودكتور العلوم التاريخية، والحائز على لقب الجدارة العلمية في جمهورية أوزبكستان، غوغا أبراروفيتش هداياتوف، ولد بتاريخ 9/5/1930 بمدينة طشقند في أسرة من المثقفين الإبداعيين. والده أبرار هداياتوف، ووالدته سارة إيشان توراييفا، كانا من أبرز الممثلين في الدراما الأوزبكية، وحائزين على لقب فنان الشعب في إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية. وحصل والده أبرار هداياتوف عام 1947 على إعتراف الأوساط الفنية في وطن شكسبير إنكلترا به كأفضل ممثل لعب دور عطيل، في المسرحية الدرامية المأخوذة عن رواية شكسبير الدرامية عطيل، عندما عرضها المسرح الأوزبكي هناك.
وتخرج غوغا أبراروفيتش هداياتوف، من جامعة م. ف. لمونوسوف الحكومية بموسكو. وعمل من عام 1958 وحتى عام 1961 باحث علمي متقدم بمعهد الإستشراق التابع لأكاديمية العلوم في جمهورية أوزبكستان السوفييتية الإشتراكية؛ ومن عام 1961 وحتى عام 1994 شغل منصب رئيس قسم التاريخ الحديث والمعاصر بجامعة طشقند الحكومية؛ ومن عام 1967 وحتى عام 1987 شغل منصب عميد كلية التاريخ بجامعة طشقند الحكومية؛ ومن عام 1994 وحتى عام 1999 شغل منصب مستشار وزير الشؤون الأجنبية بجمهورية أوزبكستان؛ ومن عام 1994 وحتى عام 1999 شغل منصب بروفيسور في جامعة الإقتصاد العالمي والدبلوماسية. وأحيل إلى التقاعد في عام 2005.
وخلال مسيرته العلمية الطويلة نشر غوغا أبراروفيتش هداياتوف،  15 كتاباً علمياً، ونشر في المجلات العلمية أكثر من 100 مقالة علمية. وألقى محاضرات علمية في موسكو، ودلهي، وبكين، وبيشاور. وألقى محاضرات في منشيستر، وجامعة جواهر لال نهرو، وجامعات: مدريد، والقدس، وكولومبيا، وميريلاند، وبكين، وفي كوليج نيويورك سيتي.
وكانت حضارة الترك في تركستان من بين اهتماماته العلمية ونشر عنها كتاباً تعرض فيه لأصول الشعب الأوزبكي المعاصر. وأشار فيه إلى أصل كلمة "أوزبك" وذكر أن خان خيوة عبد الغازي خان (1642م-1663م)، الذي كان في نفس الوقت شاعراً وباحثاً علمياً مهتماً بتاريخ الترك، أكد في أبحاثه على أن تسمية "أوزبك" جاءت من اسم خان الأوردة الذهبية أوز بيك خان. وكتب "أن أوز بيك خان بعد اعتناقه للدين الإسلامي أطلق على قبيلته (إلـ) جوتشي اسم شعب الأوزبك وأنهم من دون شك سيبقون على هذه التسمية إلى يوم القيامة". وفي هذه الفكرة هناك شيء من الحقيقة طبعاً. لأن شهرة أوز بيك خان العظيم، كقائد وحاكم أقنعت قبائل الترك بإتخاذ اسمه، وانتحال اسمه في السلطة، واستخدام مكانته في سلم سلطات قبائل الترك. رغم أنه كان هناك رأي آخر اعتبر مؤيدوه أن ظهور هذا العرق كان نتيجة لجمع تعبيرين تركيين هما: "أوز"، وتعني "أنا نفسي" و"بيك" وتعني قائد، ومن جمعهما بكلمة واحدة يصبح معناها أنا قائد نفسي. ولكن من الصعب القبول بهذا الراي لأننا لم نجد في أي من القواميس التركية القديمة مثل هذا التعبير، ولم نعثر على هذه الكلمة أيضاً. وعلى ما يبدوا أن تفسيرها يحتاج لدراسات إضافية كثيرة. وهناك إشارة للتفسير الصحيح لهذا التعبير في علم السلالات البشرية يشير إلى مرحلة حديثة كاملة من ظهور قوميات معاصرة، نشأت بينها قومية يبلغ عدد أفرادها 30 مليون نسمة، وهي سلالة الأوزبك التي كان لها أراض جغرافية ودولة لعبت دوراً رئيسياً في تاريخ وسط آسيا. وحاول ز. ف. توغان، المعروف بتعاطفه مع الشعب الأوزبكي والجمهورية الأوزبكية حل هذه المشكلة جذرياً من خلال إشارته إلى أن المصادر القديمة تحدثت عن 92 قبيلة من الترك، وأشار إلى أنه يجب إعطاء رشيد الدين، وأبو الغازي، صفة الأوزبك أيضاً (toksan ikki kabila ozbak – Z.V. Togan Bugunki Turkili. Turkistan ve Yakin Tarihi. c.1.s.42 Istanbul 1981). وعلى ما نعتقد أن في هذا المفهوم شيء من المبالغة، لأن قبيلتين من الترك فقط انشقتا تحت قيادة جاني بيك، وغيريا، عن القبائل التي بلغ عددها آنذاك 92 قبيلة في بداية القرن الـ15م وانضمتا إلى القبائل القرغيزية، وحصلتا على تسمية قرغيز قايساكي، وفي بذلك الوقت كانت هذه الحقيقة معقولة لحد ما. ونعتقد أن الحديث دار بالدور الأول عن ظهور مصطلح قرغيز قايساكي. لأن حديث ز. توغان دار حول الجانب العرقي من الموضوع فقط، وهذا يتمتع بأهمية للقارئ الحديث، لأن له عرق أوزبكي ويخفي وراءه تاريخهم المعقد.
ومن دراسة دقيقة للوثائق والمراجع الحديثة توفرت إمكانية وضع تصور مبني على أسس علمية أكثر، وهو قريب من الخارطة الواقعية لظهور عرق "الأوزبك". ومن وثائق (لين بول، بوسفورت، كما أشار تيزينغاوزين في مؤلفه) يبدو أن المصطلح المشار إليه كان اسم علم، وظهر في عاصمة الأسرة الحاكمة السلجوقية إلديغيز في تاوزريز مع بداية القرن الـ13م.
وكانت الإمبراطورية السلجوقية آنذاك دولة عسكرية، وكان الجيش عماد الدولة، وكان قادته من العبيد الترك (المماليك). لأنه لم يكن من الممكن الثقة بالأحرار لتولي مناصب عسكرية عليا أو إدارة بعض المناطق التابعة لها؛ واعتمد السلاجقة كثيراً على أمانة المماليك الذين اشتروهم، وربوهم في القصور مع الحكام وورثتهم. وكان لدى كل سلطان سلجوقي نخبة من المماليك القسم الأكبر منهم أحضر من وسط آسيا، حيث تم شراءهم من أسواق العبيد في خوارزم، وبخارى؛ وشغل المماليك آنذاك المناصب الحكومية العليا، وكان الجيش بكامله تحت قيادتهم عملياً. وكمكافأة لهم على أمانتهم وإخلاصهم في الخدمة كانت تمنح لهم الحرية، وحتى أنهم أصبحوا في بعض الأحيان حكاماً لبعض المناطق وحتى الدول. وعندما ضعف السلاطين السلاجقة وبدأت إمبراطويتهم بالتفكك، حارب المماليك كالسابق دفاعاً عن ملاكهم، وكانوا دائماً حماة ومربين للورثة والسلاطين. وكان يطلق عليهم اسم أتا بيك (عطا بيك). وسرعان ما استغل بعض المعلمين صغر سن تلاميذهم، واستولوا على سلطاتهم الكاملة بالتدريج، وتحولوا إلى حكام يتمتعون بالسلطة الكاملة في مناطقهم، وأخذوا يستخدمون كل مزايا السلطة، وأنشأوا أسرهم الحاكمة الخاصة بهم، ولو أنهم كانوا حقوقياً تابعين للحكام السابقين. وعلى سبيل المثال: مارس السلطة في دمشق البوريديين، وفي ما وراء النهر الزانغيديين، وفي الموصل سلالة الموصليين، وفي سورية سلالة السوريين، وفي كردستان سلالة اليورتوكيديين، وفي فارس سلالة السالغانديين، وفي لوريستان سلالة الخازارسبيديين.
ومن دول العطابيكيين تميزت دولة عطا بيك الأذربيجانية التي اصطلح على تسميتها بدولة إلديغيزيدائيين. ولكنهم لم يستكروا في الحكم لفترة طويلة، وامتد حكمهم من عام 1136م وحتى عام 1225م فقط، وأبقوا وراءهم أثراً تاريخياً ساطعاً وعميقاً. وكان مؤسس الأسرة الحاكمة شمس الدين إلديغيز، وهو مملوك تركي من بادية كيبتشاك، اشتراه السلطان السلجوقي مسعود (1134م-1152م) في خوارزم. وخدم في قصر السلطان، وخلال خدمته لفت الأنظار بإخلاصه ومقدراته التنظيمية الجيدة. ولقاء أمانته في الخدمة عينه السلطان والياً على منطقة أذربيجان، وكانت عاصمة ولايته مدينة تبريز التي تحول حكمها بالكامل للترك. وفي نفس الوقت أصبح العطابيكيين وريثين للسلطنة، ومن بينهم كان السلطان توغرول الثالث (1176م-1194م). ونظراً لتمتع إلديغيز، بثقة السلطان المطلقة، استطاع أن يصبح حاكماً مطلقاً للبلاد. وأخذ يصدر الأوامر، ويوزع الإقطاعات على كل من خدمه بإخلاص من القادة العسكريين، كما تولى أمر بين المال. وبعد وفاته عام 1176م استولى على السلطة عطا بيك آخر هو جيهان بهلوان، من أسرة الإلديغيزيين. وطبعاً لم يستطع أحد الإحتجاج على إغتصابه للسلطة، لأنه كان يمتلك جيش ضخم، يقوده 70 من القادة المماليك المخلصين له، موزعاً على كل أراضي الولاية. وتمكن جيهان بهلوان، من إقامة علاقات صداقة مع خوارزم شاه، وكانت خطوته الدبلوماسية هذه هامة جداً، ومكنته من إقامة علاقات تحالف بين العطابيكيين والخوارزم شاهيين. وبعد ذلك بدأ بالحصول على إعتراف دولي بالأسرة الحاكمة.
وسمحت الأوضاع الناشئة بحصول جيهان بهلوان على مستوى عال وفق المقاييس الدولية. وأقام علاقات صداقة مع خوارزم شاه تيكيش (1172م-1193م)، جرت خلالها مراسلات دائمة بينهما شملت تبادل الدبلوماسيين. وكتبت كل الرسائل بروح الصداقة والتعاون. وهذه الطبيعة حظيت بقبول الطرفين. وأشار جيهان بهلوان دائماً لإخلاصه لخوارزم شاه، وأيد خوارزم شاه تصرفاته السياسية الخارجية لاعتباره حليف له. وهو ما سمح لبهلوان بتوسيع أراضي دولته لتصل حتى آسيا الصغرى. وهكذا تحولت دولة الإلديغيزيين في عهده إلى دولة قوية، ومن أقوى دول العطابيكيين.
ولتقوية موقعه داخل البلاد استخدم بهلوان الدين الإسلامي. وأعار المؤرخ الفارسي جوزجاني لهذا اهتماماً خاصاً. وكتب: "بنى الكثير من المدارس والمساجد" (زبدة التواريخ، الصفحة 239). وأصبحت دولة الإلديغيزيين من أهم الدول الدينية الإسلامية. وفي تبريز، جرى إعداد أبرز رجال الدين في المساجد والمدارس لأذربيجان. وتوفي بهلوان عام 1187م وبعد دفنه مباشرة نشب صراع بين أبنائه حول ميراثه، وابتسم الحظ لإبنه الرابع أوزبك، الذي ولدته إحدى عشيقات بهلوان، وكان اسمه الحقيقي مظفر الدين، وأضيف له لقب أوزبك (ўzbak)، ودخل التاريخ تحت هذا اللقب وأعطاه لجماعة عرقية من الترك لتعرف بعد ذلك باسم الأوزبك. واستمر الصراع الداخلي بين ورثة بهلوان حتى عام 1210م، واصبح أوزبك آخر عطا بيك من الإلديغيزيين بعد أن انتصر نهائياً في الصراع. واحتل تبريز عام 1137م وأعلنها عاصمة له. وسرعان ماتم ضم شمال غرب إيران والعراق إلى أملاكه، وإمتدت حدودها الشمالية حتى جورجيا وشيروان. وانتمى الإلديغيزيين عرقياً لكونفيدرالية قبائل الترك قره كيونلي، وانحدروا من أغوز عشيرة إيوي، التي استقرت في خوارزم. وكانوا عرقياً وروحياً مرتبطين بالخوارزميين، ولهم لغة واحدة مما سهل تفاهمهم، وهو ما لم يحدث في إيران لأن الأمراء وولاة العهد في عهد الكاجاريين كانوا لايعرفون اللغة الفارسية ويتحدثون ويدرسون بلغة الترك. والقسم الأكبر من تاريخهم كان للإلديغيزيين أتباع خوارزم شاه. وكانوا مرتبطين بشكل وثيق بالسلجوقي العظيم طوغرول الثالث (1176م-1194م).
وكان أوزبك محارب نشيط وقائد موهوب متمتعاً بشخصية حكومية مرنة؛ وخلال عدة سنوات وسع حدود أملاكه، وضم إليها أصفهان وهمدان، واستولى على العراق. وبذلك شكل دولة كبيرة، امتدت حدودها من شمال الهند حتى القوقاز. واستطاع إقامة علاقات دبلوماسية مستقلة مع أقوى الدول الإسلامية آنذاك مصر، وتحالف مع الإسماعيليين. ونجاحات أوزبك هذه أقلقت خوارزم شاه علاء الدين، فقرر إلزام تابعه بالإخلاص. ولكن غزو جينغيز خان لأملاكه ومقتله حال دون ذلك.
وما لم يستطع تحقيقه الأب، حاول ابنه خوارزم شاه جلال الدين منغوبيردي تحقيقه. وأثناء هروبه من المغول هاجم أملاك أوزبك عام 1221م، وحاول إقامة دولة خوارزمية جديدة هناك. وهكذا تحول حليفه التابع بالأمس إلى عدو. ودافع أوزبك وأتباعه ومواطنيه بيأس عن أملاكهم، ولكن الهزيمة كانت مصيرهم. مما اضطر أوزبك على الإعتراف بتبعيته لخوارزم شاه الجديد، وبأمر منه قرأت خطبة في تبريز باسم جلال الدين، وبدأوا بصك النقود باسمه. واستمرت هذه الحال لخمس سنوات تقريباً، وفي عام 1225م اشتعلت حرباً جديدة بينهما. واقترب أوزبك من النصر وفي عام 1227م حاصر تبريز، حيث أقام خوارزم شاه عاصمته. وفي المعركة الفاصلة تعرض أوزبك للهزيمة مرة أخرى، ولكن الهزيمة في هذه المرة كانت هزيمة نهائية واضطر بعدها للهرب. واختبأ في غيانج، حيث توفي في ديسمبر/كانون أول عام 1225م. وأعلن بعدها عن خضوع كافة أملاكه لسلطة جلال الدين، الذي حكمها حتى مقتله عام 1231م. وبذلك كان آخر حكام دولة الإلديغيزيين.
ولم يتقبل أقارب وأنصار أوزبك فقدانهم للسلطة والدولة وبدأوا كفاحاً قاسياً لاستراداد وطنهم. وكرمز لوفائم لقائدهم أطلقوا على أنفسهم تسمية الأوزبك. وفي عام 1227م وبقيادة القائد السابق للجيوش، وباسم الأوزبك أيضاً حاصروا تبريز، حيث تمركز جلال الدين، ولكن الحرب إنتهت بشكل سيء، و إضطروا للهرب إلى شمال أذربيجان بعد تعرضهم للهزيمة. وفي عام 1228م جرت إنتفاضة أخرى إنتهت بهزيمة الأوزبك. وفي عام 1256م احتل المغول أذربيجان بقيادة هولاكو خان، الذي احتل كامل إيران، وأقام فيها سلطة أسرة هولاكو الحاكمة المغولية.
وكانت قبائل الأوزبك مضطرة مرة أخرة للتراجع. ومكنهم إنشاء الأورطة الذهبية في النهاية من العثور على وطن عرقي. وانضموا إلى الأورطة الذهبية وإنصهروا ضمن جيوش باتو خان، الذي منحهم لأخيه شيباني كقوة عسكرية رئيسية له. ومن وقتها أصبحت القبائل تسمى بالأوزبك الشيبانيين. ومنذ ذلك الوقت وبرأي المؤرخ الفارسي رضا بيه خان تشكلت في داشتي كيبتشاك ثلاثة مجموعات عرقية هي:
- الأوزبك الشيبانيين؛
- والأوزبك القازاق؛
- والأوزبك التيموريين.
والأوزبك القازاق (القازاق في المستقبل) فضلوا الحفاظ على أسلوب الترحال في حياتهم وعاشوا في البادية. وشكلوا نواة عرقية للقرغيز قايساك، التي تشكل منها في القرن الـ15م القرغيز، والقازاق. ومن هذه المجموعات القبلية الثلاث للأوزبك ترك الشيبانيون فقط الترحال واستقروا، وشغلوا الأراضي الواسعة الممتدة من جبال الأورال، وحتى نهر الفولغا، وأسسوا في نهاية القرن الـ13م المدن السيبيرية: تيومين، وتوره، وتوبول. وبعد وفاة تيمور عام 1405م بدأ الأوزبك الشيبانيون بالإنتقال المنظم إلى وسط آسيا، ورافق هذا الإنتقال حروب طاحنة استمرت لنحو مئة عام وانتهت بإنتصارهم. وجرى إنصهار فرعين من الشعب الأوزبكي بشكل طبيعي، لأن لغتهم واحدة، ودينهم مشترك، وأسلوب حياتهم وقيمهم الأخلاقية واحدة، وهذه الميزات كانت أقوى من التعصب السياسي والمصالح الذاتية للحكام. وأشار الباحث الأمريكي المتخصص بتاريخ الشعب الأوزبكي، بروفيسور جامعة كولومبيا إ. ألوورث إلى التشابة المتميز في الوعي الإجتماعي لمجموعات الشعب الأوزبكي من خلال دراسته لدوستان "ألباميش"، التي كانت متطابقة في الشهرة لديهم جميعاً. واكتشف فيها القرابة الروحية للأوزبك الذين عاشوا في وسط آسيا مع الأوزبك الذين عاشوا بعيداً في الشمال (E. Allworth op.cit. pp..21,37).
والأورطة الذهبية كانت المرجل الإثني الضخم الذي انصهرت فيه جنباً إلى جنب مختلف القبائل والشعوب، وإختلطت فيه مختلف الجماعات العرقية، وأنشأوا الجديد منها، وأخذت مختلف التسميات. حتى أن الدول أصبحت متلاحمة أكثر، ولم تسمح تلك الأجواء بتوسيع المساحة اللازمة لحياتهم فغادر بعضهم الأورطة الذهبية للسكن في أراض جديدة واقعة في الجنوب. و بدأ تفاعل تكاملي داخل الأورطة الذهبية أدى إلى تجمع القبائل الأوزبكية. وفي مطلع القرن الـ14م أشير في المراجع الأدبية وفي الوثائق الرسمية إلى إطلاق تسمية "بلاد الأوزبك" أو "أولوس الأوزبك" على الأورطة الذهبية. وظهرت هذه التسمية بعد إعتناق أوزبك خان الدين الإسلامي عام 1325م إلى جانب التسمية السابقة "أولوس جوتشي" ورافقها ظهور تسمية "أولوس الأوزبك"، وأصبحت البلاد تسمى هكذا في الوثائق الرسمية. ووراثياً كان إسم أوزبك خان، سلطان محمد، ولكنه بعد أن أصبح خاناً، تحول اسمه أوزبك خان. ومن دون شك هذا الإسم عكس رغبة الطبقة السائدة آنذاك لتكون في قيادة المجموعات العرقية البارزة. لأن الأوزبك كانوا من تبريز.
وفي نهاية أربعينات القرن الـ13م تقريباً أي في السنوات الأخيرة من خانية باتو خان جاء الأوزبك إلى الأوردة الذهبية. وأرسل الخان إليهم شقيقه شيبان، إلى المكان الذي بنيت عليه مدينة تيومين الحالية، حيث أنشأ هناك أولى مباني المدينة وخصصها في البداية لسكن قطعاته العسكرية، التي منحها له أخيه. وهناك أسطورة تتحدث عن أن شيبان أثناء لقائه مع القوات الجديدة. سأل أحد العسكريين الذين وصلوا عن إسمه فأجاب أوز بيك. وأجاب آخر أوز بيك أيضاً، و أجاب الثالث بنفس الشيء أيضاً. وحتى أن قادتهم العسكريين أجابوا أيضاً أوز بيك، وعلى سؤال عن إسم الجميع أجابوا ببساطة أوز بيك أيضاً، نعم، كلنا أوز بيك. وعندها أعلن شيبان عن أنه في هذه الحالة هو أيضاً سيصبح أوز بيك. ومنذ ذلك الوقت تحولت الأوردة الذهبية إلى العرق الأوزبكي وبالتحديد إلى عرق الأوزبك الشيبانيين.
والأوزبك القادمين تم قبولهم في الأوردة الذهبية مباشرة. لأنهم كانوا معروفين. وتعرف شهرتهم وتاريخهم المميز. وعرف أنهم كانوا من المؤمنين بالله، ومن السنة، وكانوا يقدسون ويتبعون كل المطالب القرآنية. وكان بينهم رجال دين حصلوا على تعليمهم في خوارزم ومن رجال الدين فيها، ولعبوا دوراً هاماً في نشر الدين الإسلامي في الأوردة الذهبية.
وعدد السكان الأوزبك زاد بسرعة، وتوسعت مناطق سكنهم، وازدادت أهميتهم في حياة البلاد السياسية والإجتماعية. ورافقها ظهور قبائل جديدة، أطلق عليها اسم الأوزبك، رغم أنهم كانوا يحملون تسميات مختلفة. وحتى منتصف القرن الـ14م بلغ عدد هذه القبائل 21 قبيلة تحولت إلى قوة عرقية وسياسية رائدة. وعاشوا في تجمعات متماسكة مع ملامح تكاملية قوية، ولغة وحياة روحية مشتركة، وأسلوب حياة وتقاليد تاريخية وحدتهم جميعاً. ومعها أصبح يطلق على الأوردة الذهبية تسمية "بلاد الأوزبك" أو "الأولوس الأوزبكي". وجرى تداول هذه التسمية في المراجع العلمية والسياسية. وأطلق المؤرخ خ. شامي في مؤلفه ظفر نامة على الأوردة الذهبية اسم "ولاية الأوزبك"، وأطلق على خان توكتاكيا (1375م) "ابن قيصر أوروس، أيضاً تسمية خان الأوزبك".
وسرعان ما تصاعد تأثير القبائل الأوزبكية، وتصاعد معها تأثير الطبقة العليا في القبائل الأوزبكية. وأخذ ممثلي وقادة القبائل بعقد مؤتمرات سنوية، أطلقوا عليها تسمية "قرولتاي سلاطين الأوزبك". وسرعان ما تميز الأوزبك عرقياً على خلفية الأوردة الذهبية بتماسكهم، وثقافتهم، ودينهم. وكونهم حرفيين جيدين، ورعاة، ومزارعين تميزوا بحبهم للعمل والحرفية الرفيعة. وألهمت الأفكار الإسلامية حياتهم الروحية. وكان الإسلام بالنسبة لخانات الأوردة الذهبية وسيلة رئيسية لفرض تلاحم شعب الأوردة الذهبية فكرياً وسياسياً. لأن الأوردة الذهبية آنذاك ضمت جزءاً من داشتا كيبتشاك الرحل الذين وصفوا بأنهم لا يخضعون للقانون، بالإضافة لصعوبة التنبؤ بتصرفاتهم. ولكن الدين فقط إستطاع تحويلهم إلى مدافعين أوفياء عن الدولة.
وفي عام 1312م أصبح خان الأوردة الذهبية أوز بيك خان. واسمه الحقيقي غياث الدين محمد، وأوز بيك خان هو الاسم الذي باركه أباه الروحي وهو يجلس على عرش الخانية، ودخل التاريخ بهذا الإسم. ومن ملاحظة هذه الحقيقة، ظهرت مساعيه لإعلان نفسه مع منصب الخان في نفس الوقت متمتعاً بحق قيادة القبائل الأوزبكية. لأن الأوزبك كانوا الأساس الذي اعتمد عليه، وكانوا عموداً للدولة. وباعتناقه الإسلام ونشر الإسلام في البلاد كان أوز بيك خان يراعي قبل كل شيء مصالحه السياسية. وصفاته الشخصية التي وفرت له الإحترام العالي لدى الجماهير العريضة. وطبعاً، وسط قادة الهلال الأوزبكي. وتميز الأوزبك عن غيرهم من الجماعات العرقية بثقافتهم، وأسلوب حياتهم، وطريقة تفكيرهم، ووعيهم الإجتماعي. وإخلاصهم المتعصب للإسلام، وإلتزامهم القوي بكل ما ورد في القرآن. والتزامهم بتقاليد الختان الذي كان يجري بأجواء إحتفالية خاصة لتعلم كل الأمة من خلال هذه الإحتفالات. وكان الرجال دائماً حليقي الشعر برأس ناعم. وكان الجميع يتقيدون بمواعيد الصلاة. ويدفنون موتاهم وفقاً للشريعة الإسلامية، وكان المسلمون فقط يحفرون القبور وفقاً للتعاليم الإسلامية. وكانوا يدفعون الخراج بشكل صحيح ودون أي إكراه، وكان إمام المسجد يعلن بأعلى صوته حصة كل فرد من أفراد الأمة من الخراج. وكان كل واحد منهم يعطى الصدقات للدراويش والغرباء، وكانوا يلتزمون بكل الأعياد القرآنية. وكانوا يذبحون الماشية وفقاً للتقاليد الإسلامية. وكانوا يحتفلون بكل الأعياد الدينية بمظاهر احتفالية خاصة وبشكل واسع. وكان من بين أكثر الأعياد شهرة عيد الأضحى وعيد النوروز. وكان الأغنياء والأعيان بمثل هذه الأعياد ينظمون لعبة أولاغ (مصارعة التيوس) ويخصصون لها الجوائز القيمة والمنتصر كان يعرف باسم بهادور.
وتميز رجال الدين عند الأوزبك الشيبانيين بالشهرة وضموا خدم المساجد وقراء القرآن. وكانوا يأخذوهم من بيت إلى بيت، ومن خيمة إلى خيمة، حتى أن الكثيرين منهم أصبحوا أعضاء في الأسر التي يعلمون الأطفال فيها. وأقام الأغنياء في بيوتهم مدارس مجانية، لأطفال قريتهم والقرى القريبة منها. وجلبوا أكثر المعلمين من خوارزم. واستخدموهم لفترة سنتين أو ثلاث سنوات تمكنوا خلالها من تعليم الأطفال القراءة السريعة للقرآن، وحفظ بعض الفصول المقدسة والمكتوبة لدى المسلمين عن ظهر قلب، وتعليمهم القراءة والكتابة بالحروف العربية، ومعرفة وتفسير أهم الفصول المقدسة. هكذا حصل آلاف الفتيان على تعليمهم الأولي في المؤسسات التعليمية المنزلية وأرسلوا بعدها إلى خوارزم  لإتمام تعليمهم في المدارس والمكاتب هناك (في ماوراء النهر مدرسة، تعني مؤسسة للتعليم العالي، ومكتب، تعني مؤسسة للتعليم المتوسط - المترجم). وعادوا بعدها إلى الأوردة الذهبية لتعليم أبناء قبائلهم. ومع معلميهم كانوا مبشرين بحضارة الترك.
وفي هذه العملية الثقافية والتعليمية أسهم بنشاط أوز بيك خان وابنه وولي عهده جاني بيك (1341م-1357م). وبدعم منهما شيدت في الأوردة الذهبية مئات المساجد، ومؤسسات التعليم، والخاناقات، والمعابد، وملاجئ الصوفيين المتجولين، ووزعت المنح المالية من بيت المال على الشخصيات الثقافية القادمة من خوارزم وغيرها من المراكز الإسلامية في قازان. وليس عبثاً أن قام المؤرخون بتمجيدهم، وأنشد لهم الشعراء والموسيقيون. وكانت الأوردة الذهبية ابنة حضارة الترك، التي أسست دولاً وشعباً انتقل من أوردة البادية إلى دولة حضارية.
ومع مرور الزمن زاد عدد القبائل التي عاشت على الأراضي المخصصة للشيبانيين. وجاءت إصلاحات أوزبيك خان لتشكل دفعة على طريق تفاعلات التكامل، وإقامة العرى الروحية، التي أسهمت في تكاتف مختلف القبائل بجماعية عرقية واحدة. وهكذا برزت الحاجة لإقامة كونفيدرالية للقبائل تنتخب خان واحد. والتاريخ أتاح مثل هذه الإمكانية. ففي عام 1395م انتصر تيمور على خان تختاميش ودمر ساراي بركة، وساراي باتو بالكامل، وسحق عملياً الأوردة الذهبية كدولة. وبدأت الفوضى، والصراعات بين القبائل، تتفشى على أراضي الأوردة السابقة وشملت الفوضى حتى البادية. وحافظت القبائل الأوزبكية فقط على وحدتها وتماسكها. وتغلبت بينهم فكرة إقامة سلطة منتخبة، يمكنها إعداد نظام واحد لبقاء القبائل. ولضمان تنفيذ مثل هذا النظام، الذي سموه قانون، أصبح الخان ينتخب لفترة معينة خلال المؤتمرات العامة للقبائل (قرولتاي). وأعطى وفاة تيمور عام 1405م دفعة إضافية لعملية تكامل القبائل الأوزبكية. وبعد محادثات طويلة ومشاورات بين قادة القبائل اتفقوا على انتخاب مثل هذا الخان.
وفي مارس/آذار عام 1428م عقد قرولتاي السلاطين في تشيمغا توره (حالياً تيومين) وأعلن عن إقامة الكونفيدرالية الأوزبكية وانتخب لها الخان أبو الخير من اسرة الشيبانيين، وكان عمره آنذاك 16 عاماً. وأصبح خاناً على الكونفيدرالية الأوزبكية القوية، والتي كانت تضم 25 قبيلة من التي اتخذت لنفسها صفة أوزبكية. ولو أن اسم الدولة الأوزبكية في المصادر الرسمية ظهر في عام 1527م فقط، إلا أن أوزبكستان، كانت منذ بداية إنشائها كونفيدرالية أوزبكية، ومن العدالة إعتبار أنها كانت أول خطوة على طريق إنشائها. ونترك لباحثي المستقبل بحث ما يجب اعتباره بداية للدولة الأوزبكية، ففي عام 1428 أعلن عن إنشاء الكونفيدرالية الأوزبكية أو حتى 1527م عندما أعلن في الوثائق الدولية اسم دولة، أوزبكستان.
وكانت الأراضي في الكونفيدرالية مشتركة، وكانت اللغة مشتركة، والثقافة، والطرق السلوكية مشتركة، وسلطة الحاكم مع صلاحياتها سلمت لأبو الخير خان. الذي تزوج من إبنة أحد قادة القبائل البارزة، بورغوت، مما ضمن له صلاحيات السلطة، معتمداً على مساندة ثلاث قبائل أوزبكية قوية، هي: - مانغيتي، - ومينغي، - وكونغراتي، وضمن دعمهم له سلطته المطلقة في الكونفيدرالية. وكونت هذه القبائل مستقبل تأسيس ثلاث دول أوزبكية، هي:
– إمارة بخارى – منغيتي؛
- وخانية قوقند – مينغي؛
- وخانية خيوة – كونغراتي.
واستمرت هذه الدول حتى عام 1921 أي قبل إقامة السلطة السوفييتية فيها. وما جرى في وسط آسيا يذكرنا بالغزو الذي حدث قبل عشرة قرون من قبل غيرهم من شعوب شمال أوروبا – الفيكينغ.


دراسة أعدها أ.د. محمد البخاري في طشقند بتاريخ 15/12/2014 نقلاً عن: من اين جاءت تسمية أوزبيك؟ (مقتطف من الكتاب الجديد للأكاديمي غوغا هداياتوف "حضارة الترك") نقلاً عن مركز آسيا، 8/12/2014 على الرابط: http://www.centrasia.ru/newsA.php?st=1417986240 وعن صفحة غوغا أبراروفيتش هداياتوف الإلكترونية. (باللغة الروسية)

الأحد، 30 نوفمبر 2014

تطور السياحة يحتاج للأمن والسلام والاستقرار السياسي والاقتصادي


تطور السياحة يحتاج للأمن والسلام والاستقرار السياسي والاقتصادي
لقاء سياحي دولي في سمرقند


شعار المنظمة
خلال الفترة من 1 وحتى 3/10/2014 عقدت الدورة الـ 99 للمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في مجمع "فورملار مجموعاسي" بمدينة سمرقند. بمشاركة مندوبين عن الدول الأعضاء في المنظمة، وشخصيات متخصصة من عشرات الدول المتطورة سياحياً، من بينها: إسبانيا، وألمانيا، وإندونيسيا، وأوزبكستان، وتركيا، والصين، وفرنسا، وكوريا الجنوبية، ومصر، والهند، الولايات المتحدة الأمريكية، واليابان. ومسؤولين، وخبراء من المنظمات السياحية العالمية.


إسلام كريموف
وخلال مراسم افتتاح الدورة تحدث رئيس جمهورية أوزبكستان إسلام كريموف، مشيراً إلى أن كل شبر من أرض سمرقند يرتبط بأسطورة، وكل شارع، وكل ساحة، وكل بقعة خضراء، تتمتع بشكل رائع لا يتكرر. وكل حجر استخدم في بناء هذه المدينة العريقة دائمة الشباب يحمل معه القيم الأبدية والمواهب الإنشائية العظيمة للشعب الأوزبكي.
وأضاف: نحن نأخذ باعتبارنا أن الأوضاع المعاصرة سريعة التبدل، مع سرعة عمليات العولمة الجارية في العالم، والأزمة المالية والاقتصادية العالمية المتكررة تخلق دائماً مشاكل، تفرض شروطها على تطور السياحة العالمية. وباختصار شديد أود التوقف عند بعضها. فالعوامل الهامة، التي تحدد تطور وفاعلية السياحة العالمية، من دون أدنى شك، هي مشاكل توفير الأمن والسلام والاستقرار السياسي والاقتصادي في العالم كله، ففي بعض المناطق وفي كل بلد، حيث يجري استقبال السواح. هناك أمثلة محددة تشير إلى أن الإرهاب والتطرف الدولي، ونمو التطرف، والحروب المحلية، والأخطار الأمنية هي من المعيقات التي تؤدي إلى الحد من الجهود المبذولة لتطوير السياحة. ومن الأمثلة على ذلك أنه عندما انخفض بشدة أو توقف بالكامل تدفق السياح إلى الدول التي ازدهرت السياحة فيها بالأمس كانت لهذه الأسباب، وبدا واضحاً أننا نرى كل هذا على مثال دول محددة في الشرق الأوسط، من التي كانت دائماً وكما يمكن القول مفترق طرق التدفق السياحي. وانظروا اليوم لا توجد سياحة لا في سورية ولا في العراق، وفي أقدم المدن بغداد، حيث عمل أجدادنا أمثال: الخوارزمي، بعد افتتاح أول أكاديمية في العالم، فكيف يمكن أن تبدوا بغداد اليوم ؟ وكيف يمكن أن تبدوا دمشق اليوم ؟ وكيف يمكن أنت تبدوا غيرها من مدن هذه المنطقة ؟ والأسباب واحدة، فالآثار التاريخية نفسها بقيت، ونفس المتاحف، ولكن لا يوجد ضمان للأمن. وهناك حيث لا يوجد أمن، لا توجد سياحة. فمن يريد أن يخاطر، ومن أجل ماذا سيخاطر ؟ وإذا نظرنا من خلال هذا الموشور، فإننا نفهم العوامل الحاسمة أكثر اليوم وهي عوامل السلام والتفاهم بين الشعوب.
والقضية الثانية: تتعلق مباشرة بتطور النشاطات السياحية، ومستوى الحياة ونمو دخل ورفاهية السكان. وهذا يجد تأكيده من خلال نمو الطلب على السياحة العالمية والذي بدأ بالتشكل مع النمو السريع لاقتصاد الدول النامية، وبالدور الأول في آسيا. والقول الآخر السياحة كالمرآت تعكس مستوى التطور الاقتصادي، وأوضاعه.
والقضية الثالثة: هي بأن السياحة الدولية تبقى اليوم الشكل الأكثر إنتشاراً لراحة الطبقة المتوسطة. وليس صعباً متابعة هذا النظام، فكلما كانت شريحة الطبقة الوسطى أوسع في البلاد، كانت المقدرات السياحية أكثر.
والقضية الرابعة: هي في تطوير البنية التحتية للسياحة، وتأمين الوصول للمواقع السياحية، وسهولة المواصلات والنقل، والخدمات الفندقية وكل ما يتعلق بالحركة السياحية، واستخدام تكنولوجيا المعلوماتية الحديثة، وكل ما نصادفه في كل خطوة.
والقضية الخامسة: هي في أن الكثيرين إن لم يكن الجميع، مرتبطون بمستوى الإستثمارات الموجهة نحو المجالات السياحية، ومن ضمنها توظيفات موازنة الدولة، وتوفير التسهيلات الحكومية الضرورية، والتفضيلات والتشجيعات من أجل رأس المال الخاص والأعمال بهدف توظيفها في هذا المجال وتطوير البنية التحتية، وإدارة الفنادق، والمواصلات، وتوفير الإتصالات الحديثة، وتقديم كل الخدمات السياحية الأخرى. ومن هذا وبالدور الأول يتعلق العمل في بناء المجمعات السياحية، ودراسة والحفاظ على المواقع التاريخية، والآثار المعمارية، وفنون مختلف العصور والحضارات، وتطوير الحركة السياحية.
والقضية السادسة: هي في أن العامل الرئيسي والأخير يبقى في تطوير المجالات السياحية وفي مسائل إعداد وإعادة تأهيل الكوادر رفيعة المستوى لهذا القطاع. ففي أوزبكستان تعمل بهذا الإتجاه اليوم 5 مؤسسات للتعليم العالي تعد متخصصين حديثين، ومن ضمنها معهد سنغافورة لتطوير الإدارة في طشقند، و11 كوليج مهني.
والقضية السابعة: هي في المكانة الهامة التي يشغلها الإسراع بتطوير السياحة العالمية في المرحلة الحديثة وتسهيل الحصول على التأشيرات وغيرها من الشكليات البيروقراطية، المرتبطة بالسياحة، ومن ضمنها تقديم الضمانات المالية الضرورية لنشاطات الشركات السياحية. وعلى سبيل المثال نحن نرى أنه في بعض الدول لا توجد مثل هذه الضمانات، وتبقى سبباً للإفلاسات الكثيرة لمنظمي الرحلات السياحية، وعقبة جادة على طريق تطور وزيادة جاذبية السياحة العالمية. والدور الكبير في هذا المجال يلعبه استخدام التكنولوجيا الإلكترونية للحصول على التأشيرات بسرعة، وشراء بطاقات السفر بالطائرات والسكك الحديدية، والحجز السياحي والفندقي عبر الإنترنيت من خلال نظام "أونلاين".


كريموف ورفاعي
وبعده تحدث طالب رفاعي أمين عام منظمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة، وعبر في كلمته عن الشكر للقائد الأوزبكستاني على رعايته عقد الدورة 99 للمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية بمدينة سمرقند. وأنه من المعروف أن السياحة تشغل مكانة خاصة في ثقافة شعوب العالم، وتعتبر من أكثر موارد الدخل المتنامي في القطاعات الاقتصادية. ويعمل في الوقت الراهن أكثر من 235 مليون شخص في المجالات السياحية. ووفق معلومات المنظمة عدد السياح في العالم يزداد يومياً بنسبة 4 أو 5%.
وأوزبكستان بقيادة الرئيس إسلام كريموف، خلال سنوات الإستقلال شغلت مكانة لائقة في صفوف الدول المتقدمة من حيث البنية التحتية السياحية الحديثة. ويزداد عدد السياح القادمين إلى أوزبكستان باستمرار، بقصد زيارة المدن الشهيرة في العالم طشقند، وسمرقند، وبخارى، وخيوه. وللمشاركة في اللقاءآت والمؤتمرات عالية المستوى، وللمشاركة في المباريات الرياضية. ومما يساعد على ذلك أجواء السلام والهدوء والإحترام المتبادل والتفاهم السائدة في أوزبكستان، وحسن ضيافة الشعب الأوزبكستاني، والفنادق الحديثة ومناطق الراحة، والخدمات عالية المستوى التي توفر الظروف الملائمة والإمكانيات اللازمة لقضاء فترات الراحة.
وأوزبكستان تملك مقدرات ضخمة في المجالات السياحية، وهي ضمن الدول العشرة الأوائل في العالم من حيث عدد الآثار التاريخية. وفي أوزبكستان أكثر من سبعة آلاف أثر تاريخي وثقافي. وسمرقند، وبخارى، وخيوه، وشهريسابز، أدخلت في قائمة التراث العالمي لمنظمة اليونسكو. وفي أوزبكستان تتطور أشكال متعددة من السياحة كالسياحة البيئية، والسياحة الجغرافية، وسياحة المخاطر، والسياحة الطبية، والسياحة الثقافية، والسياحة على الجياد، والسياحة على الجمال، والسياحة بالسيارات، وسياحة تسلق الجبال، وسياحة صيد الأسماك، وغيرها من الأشكال السياحية.
وكل عام يزداد عدد الأفواج السياحية القادمة إلى أوزبكستان نتيجة لإعداد خطوط سياحية جديدة، وبناء مطارات دولية ومحلية، وتطور النقل والمواصلات. وخلال الفترة الممتدة من عام 2011 وحتى عام 2013 إزداد عدد السياح بنسبة 129,5%. وارتفع حجم الخدمات السياحية إلى نسبة 175,8%، وزادت صادرات الخدمات السياحية بنسبة 180,2%. وآلاف المنظمات السياحية تقدم خدماتها وفق المقاييس السياحية العالمية، وتشمل: 550 مكتباً ووكالة سياحية، وأكثر من 500 فندق. وأعمال التشييد الجارية في أوزبكستان مكنت من بناء عشرات فنادق الدرجة الممتازة القادرة على استقبال الضيوف والوفود الأجنبية، وتقديم الخدمات وفق الشروط الحديثة. وإلى جانب تلك الفنادق تقدم خدماتها في أوزبكستان فنادق عالمية مشهورة مثل: “Radisson”، و“Lotte”، و“Dedeman”، و“Grand Plaza”، كما أحدثت شبكة من الفنادق الخاصة للمجموعات السياحية الصغيرة والعائلية. ويتطور النقل الجوي والنقل بالسكك الحديدية باستمرار في أوزبكستان الأمر الذي سمح بتنظيم رحلات سياحية بسرعة وراحة وأمان. ويعتبر القطار السريع “Afrosiyob”، الذي بدأ رحلاته المنتظمة بين العاصمة طشقند وسمرقند عام 2011 وسيلة نقل مريحة وسريعة للركاب وخاصة السياح. وتشغل شركة الخطوط الجوية القومية "أوزبكستون هوا يوللاري" مكانة لائقة في سوق الناقلين الجويين الدولية. ويعمل في أوزبكستان اليوم 11 مطاراً دولياً. ويجري تطوير حظيرة الطائرات والمطارات وتوسيع جغرافية النقل الجوي وكلها أصبحت عاملاً هاماً لجذب السياح إلى أوزبكستان.
ويعتبر قرار ديوان الوزراء بجمهورية أوزبكستان عن "إجراءآت مستقبل دعم وتطوير المجالات السياحية بجمهورية أوزبكستان" الصادر بتاريخ 10/10/2012 مرشداً هاماً للعمل في مجال تطوير السياحة والبنية التحتية السياحية، ومحركاً نشيطاً للخدمات السياحية القومية في السوق العالمية.
وفي إطار الجناح القومي "أوزبكستون" تشارك شركة "أوزبكتوريزم"، وشركة الخطوط الجوية القومية "أوزبكستون هوا يوللاري"، وشركة خطوط السكك الحديدية الحكومية المساهمة "أوزبكستون تيمير يوللاري"، وغيرها من المنظمات في المعارض التقليدية الدولية الكبرى دائماً. مما يوفر لمنظمات السياحية في البلاد فرص إقامة صلات جديدة مع الشركاء الأجانب، وتطوير تعاون المنافع المتبادلة.
وتطور السياحة في الكثير مرتبط بمستوى إعداد الكوادر الماهرة في مجال السياحة. حيث تقوم جامعة طشقند الاقتصادية الحكومية، ومعهد الاقتصاد والخدمة في سمرقند، ومعهد سنغافورة لتطوير الإدارة في طشقند، وكوليج السياحة في العاصمة طشقند، وبخارى، وخيوه، بإعداد الكوادر السياحية عالية المستوى في مجالات: التسويق السياحي، والإدارة، وتقديم الخدمات السياحية، والسياحة الدولية، والعمل في الفنادق والمطاعم.
وكل منطقة من مناطق أوزبكستان تتميز بمراكزها السياحية، وتقاليدها وعاداتها الشعبية، وآثارها التاريخية، ومناظرها الطبيعية الخلابة والأجواء الطبيعية الرائعة. ويسمح نمو دخل السكان، وتطور البنية التحتية السياحية في أوزبكستان بتطوير السياحة الداخلية دائماً. وانطلاقاً من خصائص وإمكانيات كل منطقة من مناطق أوزبكستان تنفذ برامج موجهة منها على سبيل المثال: تنظم رحلات للسياحة البيئية، والسياحة الجغرافية، ورحلات off-road، في المناطق قليلة الآثار التاريخية؛ وتنظم سياحة الأخطار في المناطق الجبلية. ووفقاً لبرامج تطوير السياحة المحلية تنفذ مشاريع لترميم مواقع التراث الثقافي، وبناء وإعادة بناء المواقع السياحية، وإعداد خطوط سياحية جديدة، وترشيد نشاطات المنظمات السياحية.
وأوزبكستان انضمت لعضوية منظمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة في عام 1993. وفي سمرقند يعمل اليوم المركز الإقليمي لهذه المنظمة لتطوير السياحة على طريق الحرير العظيم. وخلال دورة الهيئة العامة لمنظمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة التي جرت في كوريا الجنوبية عام 2011 أنتخبت أوزبكستان للمرة الثانية لعضوية المجلس التنفيذي للمنظمة. وهو المنصب الذي شغلته بعض دول العالم فقط. وخلال الدورة 98 لمجلس منظمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة التي عقدت في المدينة الإسبانية سانتاغو دي كومباستيلا أتخذ قراراً بعقد الدورة الدورية الـ 99 بمدينة سمرقند.
وهذه المدينة العريقة دائمة الشباب استحقت صفة زينة وجه الأرض، ولؤلؤة الشرق، وحظيت منذ القدم بالإهتمام لجمالها وعظمتها الفريدة. وآثارها العريقة ومنشآتها الحديثة وطبيعتها الخلابة وتوسع إمكانيات تطوير السياحة فيها. وخلال سنوات إستقلال أوزبكستان أصبحت سمرقند أكثر جمالاً وعظمة. وبمناسبة ذكرى مرور 660 عاماً على ميلاد الأمير تيمور، و660 عاماً على ميلاد ميرزه ألوغ بيك، جرت في سمرقند أعمال تشييد واسعة. وشيد في مركز المدينة نصب تذكاري ضخم لصاحب كيران. وجرى ترميم المرصد الفلكي ومدرسة ميرزه ألوغ بيك. وبقرار الرئيس الأوزبكستاني الصادر بتاريخ 18/10/1996 منحت مدينة سمرقند وسام الأمير تيمور. وهو التاريخ الذي يحتفل به حتى الآن كيوم لسمرقند.
وبمبادرة من القائد الأوزبكستاني جرت أعمال واسعة لإعادة الوجه التاريخي لسمرقند، وزيادة مقدراتها الاقتصادية. وفي عام 2007 جرى الإحتفال بشكل واسع بذكرى مرور 2750 على إنشاء المدينة. وفي إطار التحضيرات للإحتفالات بهذه المناسبة تغير شكل المدينة الأسطورية الخالدة سمرقند. وشيدت عشرات المواقع الإجتماعية والخدمية، ومؤسسات التعليم، والمنشآت الرياضية، والمراكز الطبية، والفنادق، وطرق السيارات العريضة، والحدائق، والساحات، وكلها أحدثت ظروفاً ملائمة لسكان وضيوف سمرقند وأعطتها ملامح أكثر عظمة. كما جرت أعمال إعادة بناء وترميم ضريح الأمير تيمور، وروح آباد، ومجموعة ريغستان، ومسجد حضرة الخضر، ومسجد بيبي خانم، والموقع الأثري شاه زيندة، ومرصد ميرزه ألوغ بيك الفلكي. ووفرت الطريق الدائرية التي شيدت للربط بين تلك المواقع الأثرية ظروفاً مريحة أكثر للمواطنين والسياح.
وتعتبر الإمكانيات السياحية المتوفرة في سمرقند عاملاً هاماً لتطور اقتصاد المدينة، ولتوفير فرص العمل للسكان. وفي الوقت الراهن تعمل بالمدينة أكثر من مائة شركة سياحية ونحو مائة فندق سياحي.
وأعتبرت الدورة 99 للمجلس التنفيذي لمنظمة السياحة العالمية التابعة لمنظمة الأمم المتحدة من الظروف المؤاتية لتعريف المجتمع الدولي بشكل واسع على المقدرات الضخمة لأوزبكستان في مجال السياحة، وساعدت على توسيع وتعزيز التعاون مع المنظمات والشركات السياحية الأجنبية مستقبلاً. وسمحت أيضاً لأبرز الخبراء من كل أنحاء العالم ببحث الأوضاع الراهنة وآفاق ومراحل تطور السوق السياحية العالمية، والقضايا الهامة لصناعة السياحة، وحددت الإتجاهات الجديدة للتعاون.


بعض المشاركين في الدورة
وخلال تواجدهم في سمرقند اطلع المشاركون في اللقاء الدولي على مجمع ريغستان، وضريح الأمير تيمور، وضريح دانيال المقدس، ومرصد ميرزه ألوغ بيك الفلكي، ومتحف "أفروسياب"، وغيرها من المواقع السياحية في سمرقند، واطلعوا أيضاً على مؤسسات التعليم الحديثة في المدينة، وأعطوا تقييماً عالياً لأعمال التشييد والتحسين الواسعة، التي جرت في سمرقند خلال سنوات الإستقلال بقيادة الرئيس الأوزبكستاني، وشملت تشييد مقرات سياحية ضخمة في المدينة، وأثنوا على الإهتمام الخاص الذي يوليه لإعداد الكوادر المتخصصة في صناعة السياحة.
وخلال جلسات الدورة استمع النشاركون وناقشوا محاضرات تناولت مواضيع من بينها:
- طريق الحرير العظيم والآفاق الجديدة لتطوير السياحة الدولية؛
- إعداد الكوادر وزيادة مهارات المتخصصين في المجالات السياحية؛
- دور الخطوط السياحية في تشجيع التطور والتكامل الإقليمي؛
- الأوضاع الراهنة وآفاق تطور السياحة العالمية.
وفي إطار جلسات لدورة 99 تبادل الوفد الأوزبكستاني الآراء والخبرات مع المتخصصين الأجانب حول مسائل جذب السياح إلى أوزبكستان، ومستقبل التعاون السياحي الدولي.


بحث أعده أ.د. محمد البخاري، في طشقند نقلاً عن مواد وكالة أنباء UzA، ووكالة أنباء Jahon، بتاريخ 25/11/2014