الجمعة، 31 مايو 2013

التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية

أ.د. محمد البخاري: التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية 20 من كتابي "التبادل الإعلامي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة"
20
التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية
التبادل الإعلامي الدولي يعد وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، وتختلف هذه الوظيفة باختلاف طبيعة عمل المنظمات وأنشطتها ووظائفها في المجتمع الدولي. كما وتعتبر المداولات الجارية في المؤتمرات واللقاءات الدولية التي تدعو لها تلك المنظمات على مختلف الأصعدة والمستويات، والمواد الإعلامية التي تصدرها من تقارير ومعلومات وكتب ومجلات ونشرات ومواد إحصائية وإعلامية وأفلام فيديو ومراسلات إعلاماً دولياً، يجد طريقه للنشر جزئياً أو بالكامل في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للعديد من دول العالم. كما وتستفيد الدول الصغيرة والفقيرة التي لا تملك إعلاماً خارجياً، من منابر تلك المنظمات لتوجيه بيانات ومذكرات تجد طريقها في أكثر الأحيان للنشر في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية المختلفة، وتعتبر مشاكل التبادل الإعلامي الدولي والاتصال والتدفق الحر للمعلومات، والتعاون السلمي بين الشعوب، من أولى المشاكل التي تصدت لها منظمة الأمم المتحدة منذ تأسيسها، عقب الحرب العالمية الثانية. حيث أصدرت العديد من المبادرات ودعت لانعقاد العديد من المؤتمرات واللقاءات الدولية لبحث مشاكل التبادل الإعلامي الدولي، وأصدرت الكثير من التقارير والوثائق الدولية حول هذا الموضوع. وكان لمنظمة الأمم المتحدة دوراً كبيراً في تقديم المساعدة للدول الفقيرة لإنشاء وسائلها الوطنية للاتصال والإعلام الجماهيري.
وبحثت الجمعية العامة لمنظمة الأمم المتحدة العديد من المسائل التي مازالت تعتبر من المشاكل الرئيسية للتبادل الإعلامي الدولي، منها تعريف حرية الإعلام والحقوق المترتبة عن حرية الإعلام وطرق تنفيذها على الصعيد الدولي، وهذه المشكلة مدرجة في جدول أعمال منظمة الأمم المتحدة منذ سنوات قيامها الأولى وحتى الآن، بالإضافة للتدفق الحر للمعلومات، والتغلب على الحواجز المعيقة للاتصال والتبادل الإعلامي الدولي، ومن ضمنها تحديد موجات الإرسال الإذاعي المسموع والمرئي. كما وافقت المنظمة على بعض الاتفاقيات الخاصة بالحقوق المدنية والسياسية وحرية التعبير، وتنظيم وأوضاع المراسلين الأجانب في البلدان المضيفة، ولاسيما أثناء الأزمات حيث يعتمد وضعهم على حسن نية وتفهم الدول والأفراد في تلك الدول. وميثاق منظمة الأمم المتحدة يستنكر التحريض على الحرب، والاستعداد النفسي لها، والدعاية لها، ووفقاً لأحكام القانون الدولي: فإن التخطيط للحرب والإعداد لها وإعلانها، جريمة ترتكب بحق البشرية وتهدد السلام العالمي، ويدخل في هذا الإطار الأنشطة الدعائية التي تمهد للعدوان، ونشر الكراهية ضد الشعوب الأخرى، ونشر المعلومات الكاذبة والمشوهة لتبرير نوايا عدوانية مبيتة، كحجة نزع القدرات النووية للعراق قبل اجتياح أراضيه حتى دون موافقة مجلس الأمن الدولي وثبت بعد احتلاله من قبل قوات التحالف الدولي عدم وجود تلك القدرات لديه.
ومنظمة الأمم المتحدة بالإضافة لتناولها مشاكل التبادل الإعلامي الدولي بحثاً عن الحلول الملائمة لها، فإنها تقوم بوظائف إعلامية محددة، من خلال نشر مطبوعاتها المختلفة باللغات الرسمية المستخدمة في هذه المنظمة، على نطاق واسع، وهي: الإنكليزية والفرنسية والإسبانية والصينية والروسية والعربية. كما وأنشأت منظمة الأمم المتحدة مكاتب لها في العديد من دول العالم، ويشمل نشاط كل مكتب منها الدولة المقر والدول المجاورة لها، على سبيل المثال: مركز منظمة الأمم المتحدة في بانكوك عاصمة تايلاند يشمل نشاطه إضافة إلى تايلاند، كمبوديا ولاوس وماليزيا وسنغافورة وفيتنام؛ ومركز منظمة الأمم المتحدة في القاهرة عاصمة جمهورية مصر العربية، يشمل نشاطه إضافة لمصر، المملكة العربية السعودية واليمن؛ ومكتب الأمم المتحدة في جينيف عاصمة سويسرا، يشمل نشاطه إضافة لسويسرا، إسبانيا والبرتغال والنمسا وبلغاريا وألمانيا وبولندا والمجر.
وأدى تضخم كميات المعلومات الصادرة عن منظمة الأمم المتحدة ومنظماتها المتخصصة، إلى أن يصبح التعامل معها صعب رغم استخدام أحدث السبل والتقنيات الحديثة لنشر وحفظ وفهرسة تلك المعلومات، وهو ما يسمى اليوم بالانفجار الإعلامي الدولي. ومن المنظمات الدولية المتخصصة في مجال التبادل الإعلامي الدولي: المنظمة العالمية للإتصالات الإليكترونية التي تأسست عام 1865 وتضم في عضويتها أكثر من 160 دولة؛ وإتحاد البريد العالمي الذي أنشأته منظمة الأمم المتحدة عام 1947 بدلاً عن الإتحاد الذي كان قائماً منذ عام 1874 ويضم في عضويته أكثر من 168 دولة؛ والمنظمة العالمية لحماية حقوق التأليف التي أسستها منظمة الأمم المتحدة عام 1967 بدلاً عن المنظمة التي كانت قائمة منذ عام 1893، وتضم في عضويتها أكثر من 109 دول؛ ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونسكو) التي أنشأتها منظمة الأمم المتحدة عام 1945 من خلال المؤتمر الذي انعقد في لندن وضم ممثلين عن 44 دولة، وتضم في عضويتها أكثر من 160 دولة؛ ومنظمة الصحفيين الدولية التي تأسست عام 1946 وتضم منظمات الصحفيين أكثر من 120 دولة في العالم؛ والمنظمة العالمية للإتصالات الإليكترونية عبر الأقمار الصناعية التي تأسست في واشنطن عام 1964 وتضم في عضويتها أكثر من 109 دول؛ والمنظمة العالمية للإتصالات البحرية عبر الأقمار الصناعية التي تأسست في لندن عام 1976 وتضم في عضويتها أكثر من 43 دولة؛ والمنظمة العالمية للإذاعات المسموعة والمرئية التي تأسست عام 1946 بدلاً عن منظمة الإذاعات العالمية.
وتقوم المنظمات الإقليمية بوظائف إعلامية أيضاً من خلال وسائل إعلامها الخاصة، وتغطي أخبار مؤتمراتها ونشاطاتها الخاصة، وتشرح وجهة نظرها من القضايا الإقليمية والدولية. ومن هذه المنظمات الإقليمية: جامعة الدول العربية التي تأسست في القاهرة 22/3/1945 وتضم 22 دولة عربية هي: والأردن والإمارات العربية المتحدة والبحرين وتونس والجزائر وجزر القمر وجيبوتي وسورية والسودان والصومال والعراق والمملكة العربية السعودية وعمان وفلسطين وقطر والكويت ولبنان وليبيا والمغرب ومصر وموريتانيا واليمن؛ ومنظمة حوض الكاريبي التي تضم دول حوض الكاريبي. ونشأت من خلال رابطة الكاريبي للتجارة الحرة وضمت في عضويتها خلال الفترة من عام 1965 وحتى عام 1968 غيانا وأنتيغوا وباربادوس ورينيداد وتاباغو وغرينادا ودومينيكان ومونت سيرات وسينت فينسينت وسينت كريستوفير نيفيس أنغليا وسينت لوسيا وجامايكا، وفي عام 1970 بيليز؛ ومجلس آسيا والمحيط الهادي الذي تأسس عام 1966 ويضم في عضويته أستراليا وماليزيا ونيوزيلنديا وتايلاند والفيليبين واليابان وكوريا الجنوبية وفيتنام وتايوان؛ ورابطة دول جنوب شرق آسيا (ASEAN) التي تأسست في بانكوك عام 1967 وتضم في عضويتها بروني وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة وتايلاند والفلبين؛ ورابطة الدول المستقلة: التي تأسست عام 1990 في مينسك وتضم معظم الدول التي استقلت عن الاتحاد السوفييتي السابق؛ ورابطة أوروآسيا الاقتصاددية: التي تضم روسيا وبيلاروسيا وقازاقستان أوزبكستان وقرغيزستان وطاجكستان؛ ومنظمة شنغهاي للتعاون: التي تأسست في شنغهاي عام 2000 وتضم في عضويتها: الصين وروسيا وقازاقستان وأوزبكستان وقرغيزستان وطاجكستان.
ويخضع التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من الوظائف المتعددة للمنظمات الدولية والإقليمية، للحدود التي تخضع لها تلك المنظمات الدولية والإقليمية، وتخضع قراراتها وفقاً لأنظمة تلك المنظمات للمداولة ولظروف الضغوط الخارجية، ومصالح أعضائها ومصالح الدول المتقدمة المهيمنة على الساحة الدولية، رغم أن قرارات هذه المنظمات غير ملزمة وفقاً لمبدأ "المنظمات الدولية ليست فوق الدول ولكنها تشكل إرادة مستمدة من إرادة الدول الأعضاء في تلك المنظمات"، ووظيفة التبادل الإعلامي الدولي كوظيفة من وظائف المنظمات الدولية والإقليمية، هي المساهمة في تشجيع التعاون السلمي والتفاهم بين الشعوب، ودفع التطور الإنساني ونشر المعرفة لما فيه مصلحة الإنسان والمجتمع، مستخدمة في ذلك كل وسائل وتقنيات الاتصال الحديثة، ووسائل الإعلام الجماهيرية.