الخميس، 24 أكتوبر 2013

تاريخ مصحف عثمان

تاريخ مصحف عثمان

011 المكان الذي تحفظ به النسخة الأصلية من المصحف الشريف
تشير المصادر الأوزبكستانية إلى أن مصحف عثمان بن عفان (ع) هو من أبرز الآثار الثقافية والتاريخية الإسلامية، ومحفوظ اليوم في مكان خاص بمدرسة باراك خان في طشقند، ويستقطب الكثيرين من الباحثين والزوار والسياسيين والسياح الذين يزورون أوزبكستان من العديد من دول العالم.


مدرسة بارك خان
وبدأ القرآن الكريم حياته على الكرة الأرضية في الـ24 من رمضان عام 610 وفق التاريخ الحديث. وفي هذا اليوم وبالتحديد في الليل بدأ الله عز وجل بتنزيل "كتاب الكتب" القرآن الكريم إلى عالم الأرض. وحتى ذلك التاريخ "أم جميع الكتب" كانت في السماء السابعة تحت عرش الله عز وجل ولم يبدعها أحد بل أبدعها الحي الباقي.
وعندما قرر الحي الباقي فتحها للناس. وللنبوة اختار أحد سكان مكة المكرمة، وهو محمد (ص) التاجر والمرافق للقوافل والبالغ 40 عاماً من العمر ومن قبيلة قريش العربية. وعن سبب اختياره للنبوة لم يسأل محمد (ص) أبداً، لأنها إرادة الله (ج). ومن يسأل في هذه الحالة ؟
ويجب القول أن النبي (ص) كان متواضعاً جداً وتفهم دوره في تنزيل القرآن الكريم. وكان مقتنعاً تماماً بأن مبدع القرآن الكريم هو الله (ج) وأنه ليس سوى وسيطاً يوصل بأمانة وإخلاص ما ينزل عليه من كلمات الله (ج). واعترف محمد (ص) بأن ما أنزل عليه كان مفاجئاً له، وأن ماسمعه، سمعه للمرة الأولى ولم يحاول إضافة أو تغيير كلمة واحدة من كلمات الله (ج) التي أنزلت عليه.
والحي الباقي أنزل القرآن على نبيه المختار عبر الوحي جبريل تباعاً خلال أكثر من عشرين عاماً، وفعلياً حتى وفاة النبي (ص). وكان الوحي ينزل على محمد (ص) عملياً نهاراً أو ليلاً، وأثناء النوم والإستلقاء، وأثناء خلوته عن الناس، وكان ما يوحى إليه من القرآن طويلاً أو قصيراً. وأن مضامينه كانت تامة وتضمنت كل منها واحدة من قواعد الإيمان.
وبعد ثلاثة سنوات من بدء الدعوة للدين الجديد بدأ محمد (ص) بالدعوة للإسلام علناً. وفي البداية حازت الدعوة على نجاح كبير. وطالب عبدة الأصنام بمعجزات، واعتبر النبي (ص) القرآن الكريم من أكبر معجزات الدين الفتي.
وكان عمر محمد (ص) آنذاك 43 عاماً وهو سن اكتمال العقل. وبقيت الأوصاف الخارجية للنبي (ص) عن معاصريه: "كان إنساناً متوسط الطول، معتدل الجسم، أكتافه عريضة؛ شعره مجعد كثيف، ولحيته سوداء طويلة، ورأسه كبير، بجبهة مفتوحة، وقوس أسود من الحاجبين المتراكمين فوق الأنف، ورموشه طويلة، وعيناه كبيرتان لامعتان، وأنفه معقوف، وخطواته ثقيلة وجريئة". ويمكن القول أن هذه من الصفات النموذجية للعربي.
كما وتثير الصفات الشخصية للنبي (ص) الإعجاب على قدم المساواة، لأنه لم يكن إلهاً بل إنساناً عادياً. ويقول المؤرخون العرب أن محمد (ص) كان إنساناً يتمتع بسمعة لا غبار عليها، وتميز بأخلاق ممتازة، من الصدق والأمانة والنزاهة والذكاء وخفة الدم. وكان النبي (ص) بعيداً عن الغرور والسعي للنجاح الشخصي. وعندما أصبح رئيساً للقبائل العربية رفض اللقب الملكي "مالك" الذي عرض عليه. وكانت حياته بسيطة كرسها لصالح الأمة، والمجتمع الإسلامي. واعتبر نفسه رسولاً من الله (ج) والأخير في سلسلة الرسل و"خاتم الأنبياء".
وكانت مهمته الدينية ختم القرآن الكريم، كتاب الله (ج) الضخم الذي يتكون من 114 سورة، وتنقسم بدورها إلى آيات. ومجموع آياته 6247 آية أو 6360 آية إذا أضفنا لكل سورة تقريباً لفظ الجلالة: "بسم الله، الرحمن الرحيم". وبلغ عدد كلمات القرآن الكريم نحو 78 ألف كلمة.


نسخة مخطوطة من القرآن الكريم
والقرآن الكريم لم يأخذ شكل "كتاب" لأنه ليس كتاباً بالمعنى الحرفي للكلمة. ولا يمثل حياة قديسين، وهو ليس عملاً تاريخياً. ووفقاً لما جاء في القرآن الكريم هو "رسالة من رب العالمين"، و"كلمات الله (ج)"، "أنزله الحي الباقي خالق الأرض والسماوات". والقرآن الكريم هو وحي من الله (ج) و"كلمات، أنزلها على رسوله الكريم".
ويتنوع مضمون القرآن الكريم بشكل كبير. وفيه أحس القصص، والأمثال، والمواعظ والشرع الإلهي، ولعنة الله، والصلوات، وقصص التوعية، وغيرها. وكلها تشكل معاً تعاليم الدين الإسلامي التي من أعلى مراتبها التواضع وطاعة الله (ج)، و" لا إله إلا الله ومحمد رسول الله".
ولغة القرآن الكريم هي اللغة العربية. وإلى هذه النقطة هناك إشارة واضحة من العلي القدير: "إنا أنزلناه قرآناً عربياً، وإنا له لحافظون". و القرآن الكريم يقرأ باللغة العربية وفقاً للتقاليد الإسلامية، لأنها اللغة التي أنزله بها الوحي، وهي جزء لا يتجزأ من الرسالة نفسها. ونصوصه المترجمة إلى اللغات الأخرى ما هي إلا تفسير لمعانيه وهي ليست ترجمة كاملة. ومن هنا حاءت النصيحة لجميع المؤمنين بتعلم اللغة العربية.
وليس عبثاً تسمية الإسلام بالدين العالمي. والقرآن الكريم يشير إلى أنه يتوجه ليس للعرب وحدهم بل للبشرية جمعاء: "قل يا أيها الناس، إني رسول الله لكم جميعاً". وخلال السنوات الأولى من إنتشار الإسلام عقد المسلمون معاهدات مع أتباع الديانات الأخرى، واحتفظوا بحق ممارسة أديانهم بحرية: المسيحية، واليهودية، أو الزرادشتية مقابل قبولهم بالرعاية والحماية. وفي ذلك الوقت أعلن ما ذكر في القرآن الكريم عن المساواة في الإيمان والتسامح الديني: "لا إكراه في الدين". وكان من الأفضل لو تذكرت الشعوب هذه الكلمات دائماً.
ومن السمات الهامة للقرآن الكريم أنه خلال أربعة عشر قرناً مضت بقي على شكله دون تغيير. وترجع هذه الحقيقة إلى أن بعد جمع النصوص الحقيقية للقرآن الكريم، العمل الذي اكتمل في عام 651م، لم يستطع أي إنسان تغيير ولا حتى حرف واحد مما أبدع الله (ج). ومن ضمنها ليس للحكام الحق بسن القوانين، وما يحق لهم إصدار المراسيم فقط. "والمبادرات التشريعية" هي للحي الباقي، "يسن الله ما يريد، وعنده أم الكتب".
وفي البداية تناقل القرآن الكريم كان يجري شفهياً، من مستمع إلى مستمع، وما كتب منه كان مجزءاً وغير ممنهج، على الرغم من أن النبي (ص) دعا إلى المحافظة على كل كلمة من كلمات الله (ج).
ومما زاد الأمر صعوبة أن النبي (ص) بأمر من الله (ج)، عدل بعض أحكام القرآن الكريم أثناء حياته على الأرض، وبأسلوبه الخاص: "عندما بدلنا أية علامة أو أمر لم ننساه بل أعطينا أفضل منه أو مساو له". وعلى هذا الشكل وزعت آيات القرآن الكريم إلى "ملغاة" أو "معدلة"، ووفقاً لهذه النظرية الدينية جرى تعديل أكثر من ثلث سور القرآن الكريم.
ووفاة النبي (ص) عام 632م لم تسبب الحزن فقط، بل كانت مصدر قلق كبير في أوساط المجتمع الإسلامي. إذ توقف نزول الوحي الإلهي وكان الكتاب المقدس لم يزل مجزءاً، ولم يجري جمعه. وضعفت صفوف أصحاب النبي، ومنهم من غادر الحياة بسبب الشيخوخة أو المرض أو الجراح التي أصيب بها أثناء المعارك. وكان هناك خطر فقدان نصوص من القرآن الكريم، المحفوظة لدى المؤمنين مجزأة ومفككة.
وهنا ظهر على مسرح التاريخ الخلفاء الأربعة الراشدون: أبو بكر (ر)، وعمر (ر)، وعثمان (ر)، وعلي (ر). ووفقاً للمصادر كان المبادر الأول لجمع القرآن الكريم عمر (ر)، الذي نصحه سلفه أبو بكر (ر) بإتمام هذا العمل طاعة لله (ج). وكان أبو بكر (ر) قد أسند هذه المهمة لزيد بن ثابت، الذي كان كاتباً عند النبي (ص) خلال سنوات حياته الأخيرة.
وزيد كان متحمساً لهذا العمل. ووفقاً للمنقول قام بجمع ومقارنة الكتابات المتفرقة المكتوبة على العظام، والحجارة، والجلود، وسعف النخيل، أي كل ما استخدم في الكتابة آنذاك. وبالإضافة لذلك أخذ بكتابة قصص معاصري محمد (ص)، وكل مابقي في ذاكرتهم من "آيات الله".
وأعيد النظر فيها من قبل "هيئة التحرير" وكتبت على أوراق منفصلة في النسخة الأولى من القرآن الكريم التي وضعت بين "غلافين"، ولكن لم يجري نسخها لعدة نسخ. وفي ظروف الصراعات السياسية التي جرت أيام الخلفاء الراشدين أخذت تظهر كتابات وقوائم مماثلة، خلقت أرضية لحدوث اختلافات في القراءة. ووضع الخليفة عثمان (ر) وهو من السلالة الأموية حداً لهذه الخلافات الخطيرة خلال الفترة الممتدة من عام 644م وحتى عام 656م.
وكان عثمان (ر) إنساناً غير عادي معززاً بنشاطه وقوة سلطته الروحية، الخلافة، وقام بضبط الحياة الاقتصادية، ووسع حدود الدولة الإسلامية لتشمل إيران ووسط آسيا. وكانت سلطة عثمان (ر) قوية لأنه ارتبط بصلة القرابة مع النبي (ص) وتزوج على التوالي من إبنتيه رقية، وأم كلثوم، وبفضل ذلك حصل على اللقب الشريف "الفائز بالنجمتين".
وكان عثمان (ر) ملتزماً في نشاطات بأحكام القرآن الكريم بشدة. ولكن كان يجب إنجاز الكتاب المقدس ليكون خالياً من الجدل والتناقضات. ولهذا كلف عثمان (ر) بهذا العمل زيد بن ثابت. وشكل لإنجاز هذا العمل ما يشبة لجنة التحرير من صحابة النبي (ص). وفي البداية جرى اختيار "آيات الله" المكتوبة والموجودة عند بعض الأشخاص. وجرى مقارنتها مع النسخة الأولى من القرآن الكريم وتم قبولها أو رفضها أو أعيدت كتابتها، وفي النهاية تم تحقيق صياغة موحدة للقرآن الكريم.
 ومن أجل هذا أقدم عثمان (ر) على خطوة عرضته للكثير من الإنتقادات سواء من رجال الدين أو من العلماء. وأمر بإتلاف كل المصادر المكتوبة اٍلأصلية التي جمعها قسراً أو طوعاً. وتم الانتهاء من إعداد النص الموحد النهائي من القرآن الكريم في عام 656م. وحصل زيد بن ثابت من الخزنة على مبلغ 100 ألف درهم، ونسخ الكتاب المقدس بخمسة نسخ، أرسلت إلى أهم مراكز الخلافة وهي: مكة المكرمة، والمدينة المنورة، ودمشق، والكوفة، والبصرة. وأبقى عثمان (ر) النسخة الأصلية لنفسه. ويذكر أن عثمان (ر) كان يقرأ هذه النسخة من القرآن الكريم عندما جاء المتمردون لقتله، وبقيت على صفحاته بقعة من دم الخليفة الصالح. واعترفت المذاهب السنية الإسلامية المتعددة بالنص الموحد للقرآن الكريم.
والآن يمكن الإشادة فقط بأولئك الذين أسهموا في إعداد المخطوطة القديمة العظيمة، ونسخوها وزينوها. وكتبوها بالخط الكوفي القديم على 353 صفحة من الرق القوي السميك، على جهة واحدة ملساء صفراء اللون وبيضاء من الجهة الأخرى، مع تجاعيد صغيرة. واتسعت كل صفحة لإثنى عشرة سطراً. ومع ذلك شغل النص مساحة كبيرة. واستبدلت 69 صفحة من الصفحات المفقودة أو الممزقة بأوراق مقلدة من الرق. وفصلت كل سورة عن المجاورة لها بخط من المربعات أو المستطيلات المزخرفة. ولم تكتب أسماء السور، وكلها بدأت بكلمات "بسم الله الرحمن الرحيم" باستثناء السورة التاسعة.
وبعد ذلك جرت وقفة عند مصير قرآن عثمان. واختفت هذه النسخة من الكتاب المقدس. وبعد مضي بعض من الوقت ظهرت في العالم الإسلامي عدة نسخ من القرآن الكريم مع بقع دم على صفحاتها، وادعي أن كلاً منها هي النسخة الأصلية من قرآن عثمان. ومن الممكن أن تكون النسخة الأصلية بينها، ولكن إثبات أصالتها غير ممكن الآن. ومع ذلك مثل هذا الإثباتات لم تهم أحد في المجتمع الإسلامي. واعتبر التشكيك بأصالتها تدنيس للمقدسات الإسلامية.
ووفقاً لما ذكره المستشرق المجري المعروف أرمين وامبيري، الذي قام برحلة إلى وسط آسيا في عام 1863م متستراً بصورة درويش، ذكر أنه شاهد في سمرقند عند ضريح الأمير تيمور، وعلى منصة مرتفعة في وسط المقبرة نسخة كبيرة من القرآن الكريم كتبت على جلد الغزال. وكتب "سمعت من الناس الموثوقين الكثيرين، أنها تلك النسخة التي كتبت أيام الخليفة الثاني. جلبها القائد العسكري الشهير الأمير تيمور معه من خزائن السلطان التركي بايزيد في بورصة".
وعندما دخلت قوات القيصرية الروسية إلى سمرقند عام 1868م، وضمت إلى منطقة زرفشان بإقليم تركستان، حفظ القرآن الكريم في مسجد حجي أحرار، شيخ الطريقة الصوفية، الذي عاش في القرن الـ15 الميلادي. وكان الحجاج يزورون المسجد طلباً للبركة. وخلال أيام الأعياد الكبيرة يخرج الكتاب من المسجد ليراه الناس.
واهتم قائد المنطقة العسكرية الجنرال أبراموف من بين أعماله الأخرى بالنسخة النادرة لمخطوطة القرآن الكريم. وكانت هناك توقعات عديدة عن كيفية وصول قرآن عثمان إلى سمرقند. واعتقد بعض العلماء أن العالم الديني أبو بكر كفال الشاشي أحضرها من بغداد في القرن العاشر الميلادي. وهناك مقولات أخرى تقول، بأن أحد مريدي وتلاميذ حجي أحرار، أثناء عودته من مكة المكرمة وأدائه لفريضة الحج، عالج حاكم القسطنطينية من المرض وشفاه، وكمكافأة له على ما فعل طلب أن يهديه قرآن عثمان. بينما يعتبر الكثير من الباحثين أن المقولة الأكثر احتمالاً هي أن الأمير تيمور استولى على القرآن الكريم أثناء واحدة من حملاته على سورية أو العراق وحفظه في مكتبته. وبعد مضي بعض الوقت وفي ظروف غير معروفة وصل إلى مسجد حجي أحرار.
والآن من المستحيل تحديد أسباب وظروف وجود مصحف عثمان خارج جدران المسجد. وعلى كل حال وقع الكتاب في أيدي أبراموف لقاء مكافأة رمزية بلغت 100 روبل.


قرآن عثمان
وقام بإرسال قرآن عثمان إلى كوفمان الحاكم العام للإقليم في طشقند. الذي بدوره تبرع به وأرسله إلى سانت بيتربورغ، حيث حفظ بقسم المخطوطات بالمكتبة العامة. ولأول مرة وبعد عدة قرون أخرج الكتاب المقدس لدى المسلمين إلى خارج العالم الإسلامي.
ولكن وكما هو معروف العمل السيء يقابله وجه طيب، وحصل العلماء على فرصة لدراسة الكتاب النادر عن كثب. وأثبت المستشرق الروسي أ.ف.شيبونين، أن المخطوطة تعود لبداية القرن الثامن الميلادي، وأنها صنعت على الأراضي العراقية، ويعتقد أنها نسخت من النسخة المخطوطة لقرآن عثمان، التي أرسلت إلى البصرة بعد كتابة النص الموحد.
وأثارت أعمال العلماء اهتماماً كبيراً في الأوساط الإجتماعية بقرآن عثمان. وتم تصوير بعض صفحاته، وطبعت باسلوب الطباعة الحجرية وطرحت للبيع. وفي عام 1905 أعدت نسخة فاخرة من قرآن عثمان مصورة بأسلوب الفاكسميل بالحجم الطبيعي وطبعت بعدد نسخ محدودة بلغت 50 نسخة.


نسخة مصورة
ويقال أن لكل كتاب مصيره. ومصير قرآن عثمان لم ينتهي بعد. ففي عام 1917 حدث إنقلاب أكتوبر في روسيا وجاء البلاشفة إلى السلطة، برئاسة لينين. وقائد العمال في العالم كما نعرف كان ملحداً، وبطبيعة الحال لم يصدق بقداسة الكتب الدينية. ولكنه كان سياسياً وفهم جيداً فاعلية الدعاية التي يمكن الحصول عليها من إعادة قرآن عثمان للمسلمين، وحصل ما سعوا إليه بالفعل.
حيث وجه المؤتمر الإقليمي للمسلمين الذي انعقد في بتروغراد بتاريخ 14/12/1917 رسالة إلى لجنة مفوضي الشعب لشؤون القوميات أشار فيها إلى أن قرآن عثمان يعتبر "كنزاً مقدساً وملكاً لكل العالم الإسلامي ويجب أن يكون بأيدي المسلمين. وأن كل مسلمي روسيا يريدون هذا".
وفي الـ 19 من ديسمبر/ كانون أول أي بعد خمسة أيام، اتخذ مجلس مفوضي الشعب قراراً "بتسليمه لهم على الفور". وأعطى لمفوض الشعب للتعليم أ.لوناتشارسكي تفويضاً بذلك.
وأرسل أ.لوناتشارسكي المخطوطة الثمينة إلى أوفا، حيث مقر الإدارة الدينية للمسلمين في كل أنحاء روسيا، وسلمت المخطوطة لجماعة دينية محلية. وبقيت الخطوة الأخيرة بإعادتها إلى مكانها التاريخي في تركستان. وهو ما سعت إليه الشخصيات الدينية والإجتماعية في إقليم تركستان. وفي عام 1924 نقل قرآن عثمان بعربة قطار خاصة إلى طشقند. والمكان الدائم لحفظ المخطوطة لم يحدد مباشرة، ويمكن القول أن الأمر تمتع بأهمية محلية. وفي عام 1941 أصبح المكان الدائم لحفظ المخطوطة متحف تاريخ شعوب أوزبكستان في طشقند.
وخلال تنقلات المخطوطة كلها بقيت مصطبتها الضخمة المصنوعة من المرمر بمكانها في سمرقند، بمسجد بيبي خانم. وجرت محاولات لتحريكها من مكانها وفشلت كلها بسبب الوزن الهائل. وفي عام 1989 سلمت مخطوطة قرآن عثمان للإدارة الدينية لمسلمي أوزبكستان، وفي الوقت الراهن هي محفوظة في مكان خاص بمكتبة الإدارة، الواقعة في مدرسة باراك خان.


مكان حفظ النسخة الأصلية
وهذا كان مصير أحد نسخ القرآن الكريم خلال عدة قرون، والكتاب المقدس للمسلمين ويؤمن بتعاليمه أكثر من مليار إسان على وجه الكرة الأرضية. وقرآن عثمان آثر تاريخي بارز في التاريخ والثقافة الإسلامية ولا يزال حتى اليوم يجذب الباحثين والحجاج والسياح من العديد إلى أوزبكستان من دول العالم.
بحث أعده أ.د.محمد البخاري، في طشقند، 22/10/2013 نقلاً عن الصفحة الإلكترونية:   http://www.uzbekembassy.org/r/historical_places/