الجمعة، 8 مايو 2020

عملية الاتصال الجماهيري

عملية الاتصال الجماهيري
عملية الاتصال الجماهيري


كتبها: أ.د. محمد البخاري.
تعريف جماهيري:
يشير مصطلح جماهيري إلى جمهرة أو حشد أو مجموعة كبيرة من الناس مؤلفة من مختلف الطبقات والشرائح الاجتماعية، يختلف أفرادها في مراكزهم الاجتماعية ومهنهم وثقافاتهم وثرواتهم، وهم مجهولي الهوية ولا يتفاعل الواحد منهم مع الآخرين ولا يتبادل معهم المشورة والخبرة، وغير منظمين ولا يمكن أن يعملوا ككتلة واحدة، ولا تتاح لهم فرصة الاختلاط والتقارب، وكل ما يشدهم إلى بعضهم البعض هو حدث محلي أو وطني أو قومي هام يعنيهم جميعاً ويشدهم إلى متابعة تطوراته.
وازداد اتساع حجم الجماهيري وأهميته في ظروف التطور العلمي والتقني والتكنولوجي الصناعي الحديث. إذ كانت المجتمعات البشرية لعدة قرون خلت منغلقة في مجتمعات صغيرة، متمثلة بالمزارع والقرى والمدن، وكان عدد المدن الكبيرة محدود جداً حتى أن روما في قمة مجدها لم يتجاوز عدد سكانها المليون نسمة، عاش غالبيتهم في جماعات صغيرة مكونة من الأقارب والأصدقاء وجماعات العمل والجيش. ولكن الحروب والغزوات والاحتلال والهجرات الجماعية أدت إلى اتصال الجماعات المعزولة نسبياً ببعضها البعض.
بينما نجد في حياتنا المعاصرة اليوم أنه خلال جيل واحد وبسبب الحروب الحديثة وانتقال القوات بأعداد كبيرة من قارة إلى قارة أخرى، وما رافقها من تطور لوسائل المواصلات والاتصال الحديثة وخاصة شبكة الانترنيت العالمية، وانتشار وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الحديثة في جميع أنحاء العالم، أدى إلى خروج الناس عن إطار ثقافاتهم الأصلية المغلقة، ليعيشوا في عالم منفتح جديد وواسع.
تعريف عملية الاتصال:
وعملية الاتصال ظاهرة تتغير بشكل مستمر خلال فترة محددة من الزمن، لا بداية ولا نهاية ولا تسلسل لأحداثها، وإذا رجعنا إلى ثورة الفلسفة العلمية التي أحدثها اينشتين وراسل ووايت هيد، نجد أن الثورة العلمية قد نفت نظرية ثبات الأشياء، كما نفت وجود أشياء مستقلة تقوم بعملها بشكل منفرد. وأدى هذا إلى ظهور نظرية النسبية التي تقول:
أولاً: أن أي ظاهرة يمكن تحليلها ووصفها على ضوء ظاهرة أخرى متصلة بها أو عمليات تدخل في ملاحظتها فقط.
وثانياً: أن الملاحظة القوية أظهرت أن الأشياء الثابتة مثل الأثاث المنزلي يمكن النظر إليها كظواهر خاضعة لعوامل غير مستمرة، فهي تتغير تماماً مثل الإنسان الذي يقوم بملاحظتها، وتعود أسباب عدم القدرة على ملاحظة التغييرات إلى قصور أعضاء الحس لدى الإنسان نفسه. فالكون يتغير دائماً ويتأثر بعوامل عديدة، نعرف بعضها ونجهل بعضها الآخر.
والعلم كنشاط إنساني يهدف إلى كشف العلاقات المشتركة بين الظواهر المختلفة، وتجعلها تؤثر على بعضها البعض. واكتشاف علاقة الظواهر بعضها ببعض وفهمها هما شيء واحد لأن فهم الظواهر معناه كشف العلاقة التي تربط بينها وبين ظواهر أخرى.
أما إذا لم نعثر على تلك العلاقة فستبقى غير مفهومة لدينا أو بدون تفسير محدد لتلك الظواهر لأن المعرفة والفهم لا يتمان من دون اكتشاف العلاقات المختلفة بين المتغيرات وموضوع الفهم والمعرفة. كما لا يمكن فهم جانب واحد من السلوك البشري دون ربطه بالجوانب السلوكية الأخرى.
ونحن نفهم معنى الأحداث من خلال ربطها بالأحداث الأخرى التي سبقتها والظروف المحيطة بها فالفهم إذن يتم بعملية ربط أو إدراك العلاقات بين الظواهر المطلوب تفسيرها، وربطها بالأحداث الأخرى التي تلازمها والتي سبقتها والتي تؤثر فيها.
فالفهم لن يتحقق إلا بربط الظاهرة بالمتغيرات والظروف الأخرى الخارجة عنها، والتي يعتبر وجودها مسؤولاً عن تسلسل أحداث الظاهرة نفسها.
والأسلوب الوظيفي لدراسة التفاعل البشري يفترض أن الناس عندما يتصلون ببعضهم البعض يستخدمون كل إمكانياتهم وطاقاتهم، لأن عملية الإتصال تتطلب استغلال كل إمكانيات وطاقات الفرد، من مدارك وتعلم ودوافع وعواطف واتجاهات ومعتقدات وقيم ومعاني وظروف اجتماعية.
فالاتصال البشري هو عبارة عن عملية واحدة مركبة تجمع العديد من العمليات والقوى المعقدة والمستمرة والتي تتفاعل في ظرف متبدل لا بداية ثابتة له ولا نهاية ثابتة له. وكل أوجه النشاط تلك تؤثر على الإتصال البشري الذي يعتبر تجميعاً لعناصر وقوى متفاعلة مادية وسيكولوجية واجتماعية، وعلينا التنبؤ بكيفية تفاعل تلك المتغيرات أو ردود الفعل المحتملة لإحداث نتائج معينة.
وتأثير الرسالة الإعلامية لا يمكن تفسيره على ضوء نموذج المثير والاستجابة البسيط، لوجود عدة متغيرات خارجة عن عملية الإتصال ذاتها، وتؤثر على نتيجة عملية الإتصال تأثيراً مباشراً.
لأننا نبحث عن تفسير ظاهرة معينة وعن مؤثرات ومتغيرات خارجة عن عملية الإتصال وتربطها بها علاقة وظيفية محددة.
منطلقين من مبدأ أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تؤثر في الجمهور الإعلامي، وأن الجمهور الإعلامي بدوره يؤثر على مضمون وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
وأن السياسة تغير الرأي العام، وأن الرأي العام يغير السياسة.
وأن التغيير الاقتصادي يحدث تغييراً في الإتصال والإمكانيات الإعلامية التي بدورها تعاون على التغيير الاقتصادي.
وبمعنى آخر أن الأسلوب الوظيفي لتفسير عملية الإتصال يأخذ في اعتباراته ظواهر متعددة لتأثير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
وظائف الاتصال الأساسية:
نستطيع أن ندرس أهداف عملية الاتصال من خلال وجهة نظر المرسل أو من وجهة نظر المستقبل على حد سواء.
كما ونستطيع تحديد وظائف عملية الإتصال على أساس الفرد أو على أساس المجتمع. فمن وجهة نظر الفرد القائم بالاتصال، أي المرسل بشكل عام، هي:
1- الإعلام.
2- التعليم.
3- الترفيه.
4- الإقناع.
أما من وجهة نظر المستقبل، أي الطرف الآخر في عملية الإتصال، فهي:
1- المشاركة في عملية الإتصال.
2- فهم ما يحيط به من ظواهر وأحداث.
3- تعلم مهارات جديدة.
4- الاستمتاع والاسترخاء والهرب من مشاكل الحياة.
5- الحصول على معلومات جديدة تساعده على اتخاذ القرارات والتصرف بشكل مقبول اجتماعيا.
المقالة التالية أهداف الفرد من عملية الاتصال