الأحد، 15 يناير 2012

بناء محطات كهرومائية ضخمة على الأنهار العابرة لوسط آسيا يعتبر مصدراً دائماً للكوارث

تحت عنوان "المحطات الكهرومائية الضخمة على الأنهار العابرة لوسط آسيا مصدر دائم للكوارث" نشرت وكالة أنباء JAHON، يوم 10/1/2012 الخبر التالي: الإستخدام العقلاني والمعقول لثروات المياه والطاقة تعتبر واحدة من أكثر المسائل أهمية في تطور إقليم وسط آسيا. ولكن مساعي بعض الدول لتنفيذ مشاريع بناء مواقع ضخمة للطاقة على الأنهار العابرة لأراضي الإقليم، التي تعتبر الشريايين المائية الأساسية في الإقليم وترتبط بها حياة ومصير أكثر من 50 مليون نسمة، هي واحدة من الحقائق التي تهدد أمن المصادر البيئة والحيوية، وتعيق تطور دول الإقليم وتزيد من حدة الكارثة البيئية لبحر الأورال.
وقلق أوزبكستان تثيره مشاريع بناء محطات كهرومائية ضخمة جديدة على مجاري مياه الأنهار العابرة لأراضي الإقليم وهذا واقعي تماماً. لأن تنفيذ مثل هذه المشاريع سيؤدي حتماً إلى تصاعد حدة نقص الموارد المائة، وحدة الأوضاع البيئية في حوض بحر الأورال. والأكثر من ذلك، أن الموقع الذي ستبنى عليه المنشآت الكهرومائية الضخمة يقع في منطقة غير مستقرة ومعرضة للزلازل، وسبق وتعرضت أكثر من مرة لزلازل بلغت 9 درجات. وفي حال حدوث هزة أرضية قوية كالتي حدثت أكثر من مرة في المنطقة يمكن أن تؤدي لكارثة لايحمد عقباها، وينتج عنها تهديد حياة مئات الآلاف من البشر.
وموقف أوزبكستان هذا حصل على مساندة واسعة من أوساط الخبراء، وضمنها كانت الندوة الدولية "دروس كارثة بحر الأورال" التي عقدت في الولايات المتحدة الأمريكية. ونظمتها ممثلية جمهورية أوزبكستان لدى الأمم المتحدة بالإشتراك مع معهد دراسات البيئة التابع لكوليج رامابو بولاية نيو جيرسي، حيث أعلن الخبراء الأوزبكستانيين والأمريكيين آرائهم عن التأثير السيء على الوسط البيئي لمشروع بناء المحطات الكهرومائية الضخمة على مجاري الأنهار العابرة لأراضي وسط آسيا.
وتحدث بروفيسور معهد سمرقند الحكومي للهندسة المعمارية المدنية أ. غاداييف أثناء الندوة أمام زملائه من الولايات المتحدة الأمريكية عن مشكلة جفاف بحر الأورال وتأثيره القاتل على الوسط البيئي، وعلى الأوضاع الإجتماعية والإقتصادية لسكان حوض بحر الأورال. وأشار لمسألة بناء محطة روغون الكهرومائية في طاجكستان. وتوقف العالم عند المخاطر التقنية لهذا المشروع.
وأشار إلى أن نمو ظواهر أخطار الزلازل في منطقة موقع البناء تسبب أخطاراً إضافية لوجود شق أرضي بعمق يصل لـ100 متر مليئ بالأملاح الصخرية تحت أساسات سد محطة روغون الكهرومائية.
وقال: أنه "حتى هزة أرضية خفيفة ستؤدي لإذابة المياه الطبقة الملحية الموجودة في الشق مما يؤدي لإنهيار السد البالغ إرتفاعه 350 متراً. وأن أي جيولوجي يمكنه القول بأن البناء فوق الطبقات الملحية ممنوع وفق المبادئ المعمارية، وحتى بناء الأبنية الصغيرة. ولكن إنعدام روح المسؤولية عند مصممي وبنائي محطة روغون الكهرومائية بلغ لدرجة أنهم تجاهلوا الطبقات الملحية حتى للإقلال من أخطار إنهيار السد".
واشار المتخصص الأوزبكستاني إلى أنه في حال إنهيار سد محطة روغون الكهرومائية ستتشكل فجوة تندفع من خلالها كمية من المياه تتراوح ما بين الـ 1.56 إلى 2.35 مليون متر مكعب من المياه في الثانية (وفق مستوى المياه في بحيرة السد). وأن هذه الموجة من المياه ستتجه نحو الأسفل عبر مسار نهر وحش، وستؤدي إلى تدمير سد نوريك الذي يحجز مياه يصل حجمها إلى 10.5 كيلو متراً مكعباً. وفي طريقها ستغرق موجة المياه وتخرب أراضي زراعية واسعة، ومواقع سكنية، وأماكن لتجميع المياه، وقنوات، ومحطات توزيع الطاقة الكهربائية الفرعية. وستؤدي إلى خسائر بالغة بسكان وإقتصاد البلدان الواقعة على حوض نهر أموداريا: طاجكستان، وأفغانستان، وأوزبكستان، وتركمانستان.
وعرض العالم إ. أرزيقولوف من جامعة سمرقند الحكومية التأثيرات السلبية لمحطة روغون الكهرومائية على الوسط البيئي، والتنوع الحيوي، والوسط الإجتماعي لطاجكستان والدول المجاورة لها. وأن المخطط لملئ بحير السد بالمياه في محطة روغون الكهرومائية بكمية 13.3 كيلو متر مكعب من المياه يحتاج لثماني سنوات، وخلال هذه المدة سيتغير وبشكل جذري مجرى نهر أموداريا وينتج عنه جفاف مجرى النهر لعدة سنوات.
واشار إلى أن "القلة الكبيرة للمياه خلال سنوات الجفاف ستؤدي عملياً لإنعدام وصول مياه أموداريا لمنطقة حوض بحر الأورال، وستؤدي إلى زيادة حدة الكارثة البيئية والإجتماعية والإقتصادية الكبيرة فيها. وعلى هذا الشكل من السهل تصور نتائج تنفيذ مشروع بناء محطة روغون الكهرومائية التي ستخلف ورائها جفافاً واسعاً، وجوعاً، وإنتشار للأمراض، وهجرة قسرية لملايين البشر الذين يعيشون في أسفل مجرى نهر أموداريا.
ومع ذلك يمكن أن يؤدي بناء سد ضخم لمحطة روغون الكهرومائية لآثار قاتلة على طبقات الجليد الأزلي التي تزود منذ القدم نهر وحش بالمياه. وبنفس القدر مع زيادة إرتفاع المنشآت المائية ستكون التأثيرات سلبية على الحالة الجوية، وسينتج عنها ذوبان الطبقات الجليدية والثلوج التي تعتبر مصدراً لمياه نهر أموداريا".
وأخدت مشكلة الإستخدام الأمثل للموارد المائية وتأثيرها القاتل على كارثة الأورال طبيعة عالمية واسعة وأصبحت مصدر قلق للمجتمع الدولي. واعتبر الكثير من الخبراء الأجانب أنه سيكون لتنفيذ مشروع بناء محطة روغون الكهرومائية تأثيرات سيئة على البيئة في الإقليم تهدد بكوارث طبيعية لا يحمد عقباها.
وساند رأي زملائه في هذه المسألة بروفيسور كوليج رامابو بولاية نيو جيرسي، م. ويلسن، الذي تمكن بنفسه من الإقتناع بسعة الكارثة البيئية في بحر الأورال. وعبر عن قلقه بسبب بناء مثل هذه المنشآت الكهرومائية الضخمة كمحطة روغون الكهرومائية في طاجكستان، ومحطة كامباراتين الكهرومائية في قرغيزستان. وقال أن "تنفيذ مثل هذين المشروعين سيؤدي إلى إقلال المياه في مجاري الأنهار المشار إليها وسيؤدي إلى تعميق المشاكل البيئية لبحر الأورال".
وإعتبر العالم أنه من الضروري الأخذ بعين الإعتبار أن المحطات الكهرومائية الضخمة تعتبر تهديداً كبيراً للوسط البيئي في حال إنهيارها. وستؤدي إلى خسائر بيئية وإقتصادية ضخمة.
وأضاف م. ويلسن، "لهذا أتمنى أن لا تبنى مثل هذه المحطات الكهرومائية، وأتمنى أن يعاد لنهري أموداريا وسرداريا المستوى الكافي من المياه لإحياء بحر الأورال".
وأشار بروفيسور معهد دراسات البيئة التابع لكوليج رامابو بولاية نيو جيرسي، والعامل في الوقت الراهن في إطار برنامج "دروس كارثة بحر الأورال" إلى أن الهدف من المشروع هو دراسة الخبرة التي يمكن الخروج بها من هذ الكارثة، وتحليل تطور الأوضاع المستقبلية، وإعداد إجراءآت ممكنة للتخفيف من آثار الأخطار المتنوعة في هذا المجال.
واضاف العالم أن كارثة بحر الأورال تعتبر واحدة من أهم الكوارث البيئية والإجتماعية والإقتصادية في تاريخ البشرية. ونتجت عن الإختفاء الكامل لأحد تجمعات المياه الضخمة في العالم عملياً أضراراً بالغة بالسكان المحليين، الذين كانت تعتمد حياتهم بالكامل على صيد الأسماك وتصنيعها.
والأكثر من ذلك أدى جفاف بحر الأورال إلى إنتشار الغبار الرملية والملحية في المنطقة، من الأمكنة التي جفت عنها المياه في التجمع المائي، ونتج عنها زيادة كبيرة في إنتشار الأمراض الشديدة بين سكان المنطقة. وجرت تغييرات جذرية في حوض بحر الأورال شملت الأحياء والنباتات. وأصبحت الأحوال الجوية أكثر حرارة وجافة. وتفاقمت أزمة الحصول على المياه العذبة للشرب.
وإعتبر الخبير أن هذا يحتاج لإجراءآت عملية ومناسبة تشمل التصرف العقلاني في إدارة الثروات المائية وخاصة مياه الأنهار العابرة لأراضي الإقليم، على المستويين الإقليمي والعالمي.