الأربعاء، 26 سبتمبر 2012

إنهيار مشروع الجمهورية التركية السوفييتية



إنهيار مشروع الجمهورية التركية السوفييتية


إستطاع البلاشفة تعزيز السلطة السوفييتية في تركستان وكسب جزء من السكان الأصليين لجانبهم خلال الفترة الممتدة من عام 1918 وحتى عام 1920. وهو ما ساعدهم على تشكيل حركة إسلامية سياسية داخل الحركة البلشفية الروسية، جمعت بين المبادئ الثورية الشيوعية ومبادئ الدين الإسلامي، والشعارات الطبقية المتطرفة القريبة من المبادئ السياسية الإجتماعية الإسلامية.
وكان من بين الزعماء القوميين الشيوعيين (القوميين البلاشفة) مير سعيد سلطان غالييف، العضو السابق في هيئة التحرير المصغرة ورئيس تحرير مجلة "جيزن ناتسيونالنوستي - الحياة القومية" لسان حال اللجنة الشعبية للقوميات في الجمهورية الروسية الفيدرالية الإشتراكية السوفييتية خلال عامي 1918 و1919. وترأس اللجنة المركزية للمنظمة الشيوعية لشعوب الشرق في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) خلال الفترة الممتدة ما بين عامي 1920 و1921. وهو صاحب فكرة إقامة جمهورية سوفييتية إسلامية تتمتع بشخصية إعتبارية، وتشكيل جيش أحمر إسلامي، وحزب شيوعي إسلامي، للتمكن من الإسهام في تطوير الحركة الثورية المعادية للإمبريالية في الشرق الإسلامي.
ومن أجل جذب المسلمين التركستانيين إلى صفوف الحزب شكلت لجنة إسلامية مستقلة داخل الحزب الشيوعي التركستاني. ترأسها القازاقي تورار ريسقولوف، في ربيع عام 1919 الذي سرعان ما تولى رئاسة اللجنة الحزبية العسكرية لمكافحة البصمتشة (المكافحين ضد الإحتلال الروسي)، ومنصب نائب رئيس اللجنة التنفيذية المركزية في جمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية ذاتية الحكم. وفي يناير/كانون ثاني عام 1920 قدم ريسقولوف، باسم اللجنة الإسلامية للحزب الشيوعي التركستاني مبادرة لإجراء إصلاحات سياسية قومية في تركستان كبديل للإستعمار الثوري الروسي الذي نتجت عنه حركة البصمتشة. واقترح إلغاء دستور جمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية ذاتية الحكم "لأنه لا يلبي جوهر منطق الحكم الذاتي".
وخلال الجلسة المشتركة للجنة الحزب الشيوعي التركستاني في المنطقة، واللجنة الإسلامية للحزب الشيوعي التركستاني التي عقدت خلال الفترة من 17 وحتى 21/1/1920 قدم ريسقولوف، مبادئ بناء دولة سوفييتية تركية إعتماداً على التضامن القومي والسياسي والتركي. معتبراً أنه من الممكن إزالة الحكم الإستعماري السابق من المنطقة من خلال ذلك، وإعادة الحقوق السياسية للسكان الأصليين، وتحقيق تفاهم وطني عن طريق نشر الثورة العالمية في الشرق.
واعتمدت اقتراحات ت. ريسقولوف، على مبادئ "بان تركستان" أو "بان تيوركستان". وإعلان أنها "تجنب الصراعات بين الشعوب التركية وتعمل على توحيدهم تحت راية تركية واحدة"، وبذلك تكون تركستان "بلاد الشعوب التركية...، وتضم الطاجيك المنحدرين من أصول غير تركية، والشعوب الأخرى المقيمة في تركستان من روس وعبريين وأرمن وغيرهم من العناصر التي تعتبر نفسها غير تركية".
واستند ريسقولوف على قرارات المؤتمر الثامن للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) المتجهة نحو صهر المنظمات الحزبية القومية في حزب شيوعي واحد من خلال مبادئ الإختيار القومي الطوعي، وقدم إقتراحاً بإعادة تشكيل المنظمات الحزبية في المنطقة في "حزب شيوعي تركي" واحد، وتحويل جمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية ذاتية الحكم إلى جمهورية تركية سوفييتية تتمتع بشخصية إعتبارية داخل الجمهورية الفيدرالية الإشتراكية السوفييتية الروسية، وفي إطار "الإختيار الطوعي للشعوب الأصلية باعتبارهم شعب تركي". كما نوه إلى إمكانية "قبول الراغبين بالإنضمام للجمهورية الجديدة من الجمهوريات التركية"، معتمداً على مبدأ إقامة جمهورية تركية طورانية تمتد من نهر الفولغا إلى جبال بامير ضمن الجمهورية الفيدرالية الإشتراكية السوفييتية الروسية خلال الأعوام من 1919 وحتى 1921. كما وتضمنت مقترحات م. سلطان غالييف و أ. واليدوف. بإصلاح جيش الجمهورية الإسلامية الجديدة.
وفي البداية قامت اللجنة التركية (ش. إليانوف وف. كويبيشيف) بتقديم الدعم الكامل لمبدأ "تتريك" المؤسسات السياسية في تركستان، معتمدة في موقفها على خلفية أن مثل هذا المدخل يمكنه "إيقاظ المشاعر الثورية الحقيقية في أوساط المسلمين. وبذلك أصبح الإعتراف بالبرنامج السياسي لرسقولوف حقيقة واقعية ساعدته على أن يكون أول ممثل لشعوب وسط آسيا منتخب يتولى رئاسة اللجنة التنفيذية للحزب الشيوعي التركي في كانون أول/يناير 1920. كما أقر خلال المؤتمر الخامس للحزب الشيوعي التركستاني (18/1/1920) والمؤتمر الثالث للجنة التنفيذية للحزب الشيوعي التركستاني (في بداية فبراير/شباط 1920) إقتراح تأسيس "الحزب الشيوعي التركي" وإقامة جمهورية تركية سوفييتية.
ولكن التناقضات التي تضمنها المشروع القومي الشيوعي التركي في عام 1920 لفتت الأنظار إلى مرافقته لأفكار تركية تقضي بتقسيم دول وسط آسيا خلال عامي 1924 و1925. ولما كان المجتمع التركي خلال تلك الفترة التاريخية يتمتع بأفضلية في روسيا، فقد أعطيت للشعوب التركية فرصة التكامل السياسي ضمن دولة قومية واحدة. وأعطت الفرصة أفضلية لتوحيد "كل الشعوب والقبائل التركية وغيرها من سكان الجمهوريات القومية التركية" في جمهورية تركية سوفييتية، ووضع المؤتمر الثالث للشيوعيين التركستانيبن المسلمين أمامه مهمة "القيام بدعاية شيوعية للقضاء على مساعي القوميات التركية للإنفصال كأمر واقع إنطلاقاً من تسمياتهم: تتار، قرغيز، بشكير، أوزبك، وغيرها من التسميات، بهدف إقامة جمهوريات صغيرة منفصلة".
وبعد الموافقة على إنشاء مؤسسات سياسية أساسية لتركستان أرسلت مقترحات الإصلاحات القومية والسياسية في المنطقة إلى اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي). ولكن أعضاء مؤثرين في اللجنة التركية أمثال: يا. رودزوتاك، وم. فرونزة، وقفوا ضد تطورات الأحداث تلك، واعتبروها تهديداً للمصالح الروسية السوفييتية في تركستان.
وفي اليوم الثاني لوصول فرونزة، إلى تركستان يوم 23/2/1923، ألقى كلمة خلال جلسة لجنة تركستان ضد خطط رسقولوف للحكم الذاتي. وأصر رودزوتاك، وفرونزة، على الحفاظ على الأوضاع السابقة في تركستان داخل جمهورية روسيا الفيدرالية الإشتراكية السوفييتية، ودعيا لتوحيد الشيوعيين في إطار منظمات حزبية تركستانية داخل الحزب الشيوعي الروسي (البلشفي).
وقامت اللجنة التركستانية خلال الجلسة الموحدة التي عقدتها لجنة منطقة تركستان للحزب الشيوعي التركستاني واللجنة المركزية للشيوعيبن المسلمين في تركستان خلال الفترة الممتدة من 1 وحتى 3/3/1923، بتبديل موقفها ورفضت برنامج رسقولوف ووجهت إنتقادات عنيفة له. وتبعها رفض اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) إصلاحات تورار ريسقولوف يوم 8/3/1920 معتبرة أنها تضعف "الصلات الفيدرالية مع مركز الثورة العالمية، روسيا السوفييتية" ويؤدي إلى تحول "تركستان إلى تابع للإمبريالية الإنكليزية" واعتبرتها تجاوز قومي وأقرت "نظام الحكم الذاتي في تركستان".
وموقف اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) هذا لم يعجب مجموعة كبيرة من قادة جمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية ذاتية الحكم، وأرسلوا وفداً تركستانياً إلى موسكو في أيار/مايو يضم: ت. ريسقولوف، وغ. بيخ إيفانوف ، وس. تورسونخوجاييف، وف. حجاييف، للإصرار على المطالبة بإجراء إصلاحات سياسية في المنطقة، والمطالبة بإقامة سلطة ثلاثية في تركستان.
وكانت الأجهزة السيادية في جمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية ذاتية الحكم آنذاك تعتمد على لجنة تركستان، وتتبع الخدمة العسكرية فيها لجبهة تركستان. ولهذا أدان الوفد التركستاني لجنة تركستان لأنها "تبتعد عن محاربة الإستعمار". وأشاروا إلى أن الخدمة العسكرية في جبهة تركستان كانت و"عن وعي ترجئ تعبئة المسلمين، بهدف القضاء على الثورة في الشرق".
وفي الكلمة المكتوبة التي سلمها الوفد التركستاني للجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) أصر الوفد على ترك مسائل العلاقات الخارجية، والتجارة الخارجية، والمالية، والدفاع، والمواصلات بالسكك الحديدية، والإتصالات للإشراف المباشر للجنة المركزية الإسلامية التركستانية.
وبعد استقبال فلاديمير لينين، لأعضاء الوفد التركستاني، أخذت اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) بعين الإعتبار صعوبة حل المسألة التركستانية وشكلت لجنة للنظر في إقتراحات لجنة تركستان والوفد التركستاني. وضمت اللجنة رئيس اللجنة الشعبية للشؤون الخارجية بجمهورية روسيا السوفييتية الفيدرالية الإشتراكية غ. تشتشيرين، ونائبه ن. كريستينسكي، ورئيس لجنة تركستان ش. إليافي. ونظرت اللجنة السياسية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) في إقتراحات اللجنة يوم 22/6/1920 وأخذت بملاحظات لينين بتاريخ 29/6/1920 وضمتها لإضبارة القرارات المتخذة بشأن تركستان ومن بينها كانت قرارات: "مهامنا في تركستان"، و"تنظيم السلطة في تركستان"، و"البناء الحزبي في تركستان"، و"نظام لجنة تركستان".
وتضمنت القرارات موافقة اللجنة السياسية على مقترحات الوفد التركستاني، متجاوزة مشكلة الأوربيين "القادمين" للعيش بين السكان الأصيليين وشعوب المنطقة، معتبرة أنها مشكلة حادة يعاني منها البعد القومي لمشكلة جمهورية تركستان وقررت "إيفاد ووضع تحت تصرف اللجنة المركزية كل الشيوعيين التركستانيين المصابين بالعدوى الإستعمارية وعظمة القومية الروسية".
وفي نفس الوقت إتخذت اللجنة المركزية قراراً للبدء بحملة "تنظيف" طبقية في تركستان، وألزمت السلطات فيها "بإرسال كل أصحاب الرتب السابقة في الشرطة والدرك، والحرس، والموظفين القيصريين الذين كانت لهم سياسات غير مقبولة في تركستان، والمضاربين، والمدراء السابقين في المنشآت الروسية الكبرى، وكل من تسلل لصفوف الحزب، والأجهزة السوفييتية، والجيش الأحمر وغيرهم، إلى معسكرات الإعتقال الجماعي".
ولكن ظهور وفد تركستاني عند رئيس اللجنة السياسية، يحمل مشروعاً لإنشاء جمهورية تركية ضخمة حتى ولو أنها كانت تمر عبر رصيف الشيوعية الإسلامية، فإنها كانت تشكل خطراً واضحاً على القيادة البلشفية الروسية لأنه لا يمكن التنبؤ بنتائج المشروع (لأن الشعوب التركية كانت تمثل المجموعة القومية الثانية من حيث العدد في روسيا وكانوا من حملة الدين الإسلامي الموازي للمسيحية في روسيا).
وتم شطب المشروع التركي من على الرصيف البلشفي لأن فلاديمير لينين طرح ولأول مرة في ذلك الوقت بديل سياسي للحكم الذاتي التركي أو التركستاني يتضمن آفاقاً لتقسيم تركستان قومياً إلى قوميات "أوزبكية، وقرغيزية، وتركمانية". وفضلت روسيا السوفييتية آنذاك التوجه العملي نحو التضامن القومي بدلاً عن سياسية تشكيل قومية تركية واحدة. وبالإضافة للوفد التركستاني تطلع للبديل السياسي الشيوعيين القوميين التتار والبشكير، من أنصار أفكار م. سلطان غالييف، وأ. وليدوف، القاضية بحق تقرير المصير القومي والثقافي، وهذا يعني حق التقسيم إلى أوزبك، وقازاق، وتركمان، وقرغيز وغيرهم من الشعوب التركية.
وبعد الهزيمة السياسية التي تعرض لها ت. ريسقولوف في تموز/يوليه عام 1920 تنازل عن كل صلاحياته في تركستان واستدعي إلى موسكو وأبعد عن عضوية مجلس رئاسة اللجنة الإسلامية للحزب الشيوعي التركستاني، ومجلس نواب الشعب، ولجنة الحزب الشيوعي التركستاني في المنطقة. وتنفيذاً لقرار اللجنة المركزية، ألغت لجنة تركستان الأفكار غير الواقعية حول لجنة المنطقة للحزب الشيوعي التركستاني وأحدثت بدلاً عنها لجنة مركزية مؤقتة للحزب الشيوعي التركستاني برئاسة نزير تيوراقولوف بتاريخ 10/7/1920. وفي بداية آب/أغسطس 1920 أقرت جلسة اللجنة المركزية للحزب الشيوعي التركستاني التشكيل الجديد للجنة المركزية التنفيذية للشيوعيين التركستانيين والتي ضمت: إ. ليوبيموف، وف. بيليك، وك. آتاباييف، وع. رحيمباييف، وخ. شيرينسكي، وب. حجاييف، وبيسيروف، وترأسها في البداية بيسيروف وبعده عبد الله رحيم باييف.
وفي نفس الوقت أقرت في موسكو عملياً مسألة جمهورية بشكيريا بما يتفق والأوضاع السياسية في تركستان، ولهذا الغرض استدعت العاصمة الروسية أحد أبرز أيديولوجيي "بان ترك" الأتراك الجدد أ. وليدوف، الذي إنتخب في شباط/ فبراير عام 1920 رئيساً للجنة الثورية البشكيرية. وكما حصل في جمهورية تركستان السوفييتة الإشتراكية ذاتية الحكم لم تتجه القيادة البلشفية الروسية لتقديم حكم ذاتي قومي واقعي لبشكيريا، وإنعكس هذا في قرار اللجنة المركزية للشيوعيين المسلمين على المستوى الإتحادي ولجنة نواب الشعب في جمهورية روسيا السوفييتية الفيدرالية الإشتراكية الصادر بتاريخ 19/5/1920 حول "بناء دولة ذاتية الحكم بجمهورية بشكيريا السوفييتية". وغيب وليدوف عن قيادة بشكيريا السوفييتية بعد أن اتضح أنه أقام صلات مع القادة التركستانيين السابقين جمال باشا، وخليل باشا، أثناء وجوده في موسكو في نهاية أيار/مايو عام 1920، ومحاولته التمسك بمطالب اللجنة التركستانية أثناء لقاءه مع لينين. وبعد إنهيار آمال الحصول على دعم موسكو لتحقيق بناء الدولة التركية قرر وليدوف السعي لإقامة الجمهورية التركية عبر منظمة سياسية سرية، تكون قاعدتها الأساسية في وسط آسيا.
ولم يغير تطور الأحداث النموذج البلشفي للجمهورية التركية خلال المؤتمر السوفييتي التاسع لعموم تركستان حيث أقر الدستور الجديد لجمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية ذاتية الحكم بتاريخ 24/9/1920. وأقرته اللجنة المركزية للشيوعيين المسلمين على المستوى الإتحادي بقرارها الصادر بتاريخ 11/4/1921 حول "تأسيس جمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية".
ملاحظات:
- أخميت زاكي أخميت شاخوفيتش وليدوف: اسمه البشكيري أخميت زاكي وليدي توغان، ولد يوم 10/12/1890 بقرية كوزيانوفا بمحافظة أوفا (حالياً منطقة إشيمباي بجمهورية بشكيرستان) والده أخميتشا أخميتشينوفيتش وليدوف من مواليد 1857 وهو رجل دين ريفي ومدير مدرسة أجاد اللغة العربية وينحدر من قبيلة سوكلي كاي البشكيرية، وأجادت أمه اللغة الفارسية. وكان أخميت زاكي قائداً لحركة التحرر القومية البشكيرية، وتخصص بالدراسات التركية، وحصل على دكتوراه فلسفة، ولقب بروفيسور، وأجاد اللغات البشكيرية والتترية والتركية والروسية، وألم باللغات الفارسية والعربية والتشيغاتائية وغيرها من اللغات الشرقية.
وخلال الأعوام من 1912 وحتى 1915 مارس التدريس في مدرسة "قاسمية" في كازان، ونشر أبحاثاً في تاريخ الأتراك والتتار. وقام بمهمات علمية كلفته بها أكاديمية العلوم الروسية إلى وادي فرغانة عام 1913، وإمارة بخارى عام 1914 وفيها حصل على نسخة مخطوطة مترجمة إلى اللغة التركية من القرآن الكريم تعود للقرن العاشر الميلادي.
وخلال الفترة من عام 1915 وحتى عام 1918 انتخب عضواً في البرلمان الإمبراطوري الروسي والمحلي، وشغل عضوية لجنة المسلمين الروس، والهيئآت التعليمية في روسيا. إعتقله البلاشفة في عام 1917. وفي عام 1919 نظم إنتقال القوات البشكيرية إلى جانب السلطة السوفييتية وتفاوض مع روسيا السوفييتية لإعلان الحكم الذاتي في جمهورية بشكيريا السوفييتية وترأسها خلال عامي 1919 و1920.
وفي عام 1920 نظم إنتفاضة ضد الحكم السوفييتي وبعد أن قضى الروس عليها هرب إلى خانية خيوة، وإمارة بخارى ومن هناك نظم حركة الكفاح المسلح بدعم من أمير بخارى سعيد عالم خان. وفي عام 1924 انتقل للعيش في برلين.
وفي عام 1925 حصل على الجنسية التركية وشغل منصب مستشار وزير التعليم في أنقرة، ومارس التعليم في جامعة استمبول وأصدر صحيفة تركستان التي دعت لتوحيد المسلمين حول تركيا. وفي عام 1927 شارك في استمبول بإصدار مجلة "جانا تركستان".
وفي عام 1935 تخرج من الجامعة العسكرية وحصل على الدكتوراه عن أطروحته "رحلات بن ماجلان إلى شمال بلاد البلغار والأتراك والخزر". وفي عام 1935 دعي للتدريس في جامعة بون بألمانيا وغادرها في عام 1939عائداً إلى تركيا للعمل في جامعة استمبول.
وفي عام 1953 أسس معهد الدراسات الإسلامية وتولى إدارته. وفي عام 1967 حصل على درجة دكتوراه الشرف من جامعة مانشستر في إنكلترا. وعلى الميدالية الذهبية من الدرجة الأولى من وزارة التربية الإيرانية. وتوفي في تركيا يوم 26/7/1970 ودفن في مقبرة Karacaahmet Mezarlığı باستمبول)
- أقيمت على أراضي جمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية: جمهورية أوزبكستان السوفييتية الإشتراكية؛ وجمهورية تركمانستان السوفييتية الإشتراكية؛ وجمهورية طاجكستان السوفييتية الإشتراكية ذاتية الحكم؛ وجمهورية قره قرغيزستان ذاتية الحكم؛ وجمهورية قره قلباقستان ذاتية الحكم.
- تاريخ بان تيورك. تمتد أيديوجية بان تيورك بتاريخها لأكثر من قرن وهي مرتبطة بمفهوم "طوران" الذي بدأ كحركة معادية لإيران حيث تسود الثقافة الفارسية. وإنتشرت أفكار "طوران" بشكل واسع في شمال إيران، ومن القوقاز وحتى سايان أي موطن الشعب "الطوراني" الذي تنتسب إليه المجموعة اللغوية التي يتحث بها سكان المناطق الممتدة من الأورال وحتى ألتاي. حيث إنتشرت فكرة العالم التركي الشامل "طوران" أي بان تيورك إنتشاراً واسعاً.

ولا يعتقد أن فكرة بان تيورك تعود بجذورها إلى صحيفة "ترجمان"، التي بدأت بنشر أعمال للشخصيات المنتسبة لبان تيورك في المجتمع الروسي منذ عام 1883، وهم من المتنورين ومن بينهم كان الكاتب إسماعيل بيك غاسبيرينسكي (إسماعيل غاسبرالي). ولكنه ليس الأول الذي دفع أو حاول تطوير فكرة التضامن وتنوير الشعوب التركية والسلافية في روسيا، عندما أصدر صحيفة باللغتين الروسية والتركية استمرت بالصدور حتى عام 1905 وأغلقها البلاشفة عام 1918. ووجدت هذه الفكرة أصداء لها في أوساط المثقفين ورجال الدين الأتراك والروس من سكان القرم، والأورال على ضفاف الفولغا، وفي وسط آسيا، وأذربيجان.
وكانت خطوات غاسبيرينسكي الأولى موجهة نحو جمع كل اللغات التركية وتنقيتها وتسهيلها وتخليص اللغة التركية من استعمال المفردات المستعارة من اللغتين الفارسية والعربية.
ودعى غاسبيرينسكي لأن تكون اللغة التركية لغة واحدة لكل الشعوب التركية في العالم. وكانت فكرة مشروعه أساساً هي إيجاد لغة تركية حديثة تختلط باللغة العثمانية أثناء حكم كمال أتاتورك.
وكانت الخطوة التالية بإصدار مجلة "تيورك" في القاهرة عام 1902على طريق تضامن الشعوب التركية. ونشرت على صفحاتها أسس فكر بان تيورك كبديل للإسلام.
وتعتبر مقالة التتري يوسف أكتشوري (يوسف أكتشورينا) من قازان، "Och Tarzi Seyaset" (ثلاثة أشكال سياسية)، التي نشرت في عام 1904 الأساس العلمي والنظري الأول لبان تيورك، وبعد أربع سنوات في عام 1908 نشرت مقالة الأذربيجاني علي غوسين زاده "Turkuleshmek, Islamlashmak, Zamanlashmak" (التركية، الإسلامية، التحديث) التي تطورت الفكرة بعدها.
وفي عام 1911 أسس يوسف أكتشوري في استنبول الصحيفة السرية تورك أورده (الوطن التركي). في الوقت الذي كانت فيه رؤية الكتاب الأتراك أمثال: ضياء غيوك ألب، وخالد أديب أديوار، تتضمنها روايتهما "إيني طوران" (طوران الجديد) التي صدرت في عام 1912 ومجدا فيها بطولات العرق التركي في السابق والمستقبل. آخذين من الذئبة "Bozkurt"، رمزاً للعرق التركي معتبرينها أماً للقومية التركية لأن الأتراك كانوا يعبدونها قبل اعتناقهم للإسلام.
وتشكلت أيديولوجية بان تيورك كمبادئ كاملة مع نهاية القرن التاسع عشر من أجل مواجة أيديولوجية بان إسلام أو بان ألمان. وأصبحت بان تيورك واحدة من عناصر أيديولوجية الشباب التركي وعن طريقها استطاعت الحكومة العثمانية تقديم المساعدة لمختلف الحركات القومية في وسط آسيا خلال الحرب الأهلية التي دارت في روسيا من عام 1918 وحتى عام 1921.
وفي عام 1923 أصدر الصحفي ضياء غيوك ألب كتابه "المبادئ الأساسية للتركية" وشكل إسهاماً كبيراً في أيديولوجية بان تيورك. وبعد ما سمي بـ"الثورة الكمالية" كانت فكرة بان تيورك ولفترة طويلة منسية لأن الأيديولوجية الرسمية لتركيا أيام مصطفى كمال آتاتورك أخذت اتجاه الإصلاح في البلاد بتوجه نحو الأسلوب "الغربي".
وبعد ثورة أكتوبر عام 1917 قضى الشيوعيون وبقسوة على كل محاولات تحقيق الوحدة التركية. والأكثر من ذلك بذلت كل المحاولات من أجل تقسيم وإضعاف الشعب التركي.
وبعد وفاة أتاتورك في عام 1938 جرى إنعاش فكرة بان تيورك. وبعد إنضمام تركيا لحلف الناتو أخذت هذه الفكرة أهميتها مجدداً كوسيلة أيديولوجية للكفاح ضد إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية من أجل إبعاده عن جمهوريات وسط آسيا وأذربيجان.
بعد إنهيار إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية في عام 1991 توفرت الظروف لإحياء حركة بان تيورك. ولم تعتبر تركيا الدولة التركية الوحيدة، وظهرت الجمهوريات المستقلة: أوزبكستان وأذربيجان وتركمانستان وقرغيزستان وقازاقستان.
وفي مدينة كازان أسس مجلس الشعوب التركية، وهو الحدث الذي كان هاماً في تاريخ بان تيورك، واعتبر بداية لمرحلة تنظيمية جديدة للحركة. ومجلس الشعوب التركية الآن وبشكل دائم يجري لقاءآت في عواصم الدول التركية، ويضم بين أعضائه مندوبين عن أكثرية القوميات والجماعات العرقية التركية في العالم. وفكرة بان تيورك في الوقت الحاضر مؤثرة جداً في تركيا وأذربيجان.
- تورار ريسقولوف: قازاقي ولد بتاريخ 26/12/1894 في شرق تالغار فولوستي في محافظة سيميريتش منطقة أوروتشيش بيشاغاش "حالياً منطقة تالاغار بمحافظة ألماآتا".
تلقى تعليمه خلال الأعوام من 1907 وحتى 1910 في المدرسة الداخلية الروسية القازاقية بميركين. وفي عام 1914 تخرج من المدرسة الزراعية في بيشبيك. وشارك في إنتفاضة وسط آسيا عام 1916، وأسس الإتحاد الثوري للشباب القازاق في ميرك. وفي عام 1917 إنضم لعضوية الحزب الثوري الديمقراطي الإشتراكي الروسي. وأدين بمعاداة الشعب لقاء معتقداته ومبادئه ومواقفه وأعدم رمياً بالرصاص يوم 10/2/1938، ورد إعتباره بعد وفاته.
- شالفا زورابوفيتش إليافي: جورجي، ولد بتاريخ 18 (30)/9/1883 في قرية غانيري بمحافظة كوتايسك. وانضم لعضوية الحزب عام 1904 وشارك في النشاطات الثورية ضد النظام القيصري واعتقل أكثر من مرة، ونفي مرتين. وكان عضواً في مجلس المجموعة الجنوبية العسكرية الثورية في الجبهة الشرقية من 10/4 وحتى 11/8/1919، وجبهة تركستان من 15/8/1919 وحتى 23/9/1920، وعضو المجلس العسكري الثوري في إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية من 28/8/1923 وحتى 21/11/1925. ورئيس لجنة شؤون تركستان من 8/10/1919 وحتى آب/أغسطس عام 1922، وعضو لجنة تركستان في الحزب الشيوعي الروسي البلشفي من آب/أغسطس عام 1920 وحتى آب/أغسطس عام 1922. وأعدم رمياً بالرصاص عام 1937.
- عبد الله رحيمباييفيتش رحيمباييف: أوزبكي، ولد في أسرة تجار بتاريخ 1/6/1896 بمدينة حجينت، وأعدم رمياً بالرصاص في موسكو بتاريخ 7/5/1938.
تولى منصب أمين سر اللجنة التنفيذية بمدينة غولودناي ستيب (سهب الجوع) في عام 1919. وترأس رئاسة اللجنة التنفيذية بمدينة خوجينت، وكان رئيساً للجنة الحزب الشيوعي التركستاني بمدينة سمرقند. وانتخب في عام 1920 رئيساً للجنة التنفيذية المركزية بجمهورية تركستان السوفييتية الإشتراكية (من تموز/يوليه وحتى تشرين أول أكتوبر 1920)، وتخلى عن هذا المنصب بعد تعيينه بمنصب أمين سر اللحنة المركزية للحزب الشيوعي التركستاني (من عام 1920 وحتى عام 1923) وعضواً في لجنة نواب الشعب لشؤون القوميات بجمهورية روسيا الفيدرالية السوفييتية الإشتراكية. وانتخبه المؤتمر الحادي عشر للحزب الشيوعي الروسي في نيسان/أبريل عام 1922 مرشحاً لعضوية اللجنة المركزية (من نيسان/أبريل عام 1922 وحتى نيسان/أبريل عام 1923)، وفي نفس الوقت شغل منصب عضو اللجنة الثورية التركستانية من أيار/مايو عام 1922 وحتى أيلول/سبتمير 1926.
وبتاريخ 30/12/1922 شارك بالتوقيع على معاهدة قيام إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية. وأعيد إنتخابه في عام 1923 لعضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي (البلشفي) وحصل على منصب أمين سر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي البخاري (من تموز/يوليه  وحتى تشرين ثاني/نوفمبر عام 1923)، وبعد ذلك انتقل للعمل في اللجنة المركزية للحزب الشيوعي التركستاني كأمين سر ثاني (من عام 1923 وحتى عام 1924).
وبعد إقامة جمهورية أوزبكستان السوفييتية الإشتراكية انتخب لمنصب أمين سر اللجنة المركزية للحزب الشيوعي (البلشفي) الأوزبكستاني (من كانون أول/ديسمبر عام 1923 وحتى كانون أول/ديسمبر عام 1925). وخلال الفترة الممتدة من أيار/مايو عام 1924 وحتى كانون أول/ديسمبر عام 1925 شغل مرة أخرى منصب مرشح لعضوية اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الإتحادي (البلشفي) وبعد ذلك أعفي من كل مناصبه وأرسل إلى موسكو للدراسة في دورات تعليم الماركسية اللينينية (من تشرين أول/أكتوبر عام 1926 وحتى حزيران/يونيه عام 1928).
وخلال الفترة من عام 1933 وحتى عام 1937 شغل منصب رئيس لجنة نواب الشعب بجمهورية طاجكستان السوفييتية الإشتراكية. وفي صيف عام 1937 أعفي من منصب رئيس لجنة نواب الشعب بجمهورية طاجكستان السوفييتية الإشتراكية، وفصل من الحزب الشيوعي الإتحادي (البلشفي). واعتقل في آب/أغسطس عام 1937 بمدينة ستالين آباد. وأرسل إلى موسكو حيث أودع في سجن ليفورتوفسكي. وأعدم رمياً بالرصاص تنفيذاً لحكم المحكمة العسكرية العليا. ورد إعتباره في عام 1956.
- غيورغي فلاديميروفيتش إيفانوف: ولد في أسرة ضابط. وتخرج من كوربوس الكاديت العسكري في سانت بيربورغ عام 1910، وعمل في مجلة "أبولون" ونشر أشعاره فيها، وفي 26/9/1922 زار ألمانيا وخلال الفترة من نهاية تشرين أول/أكتوبر 1922 وحتى آب/أغسطس 1923 عاش في برلين. وقبل ذلك غادرت زوجته الشاعرة إ. أودويفتسيفا روسيا السوفييتية، وانتقلت من سانت بيربورغ إلى ريغا في آب/أغسطس عام 1922. وفي 12/10/1923 التقى معها في برلين، وبعد مغادرته إلى باريس أصبح من أشهر مهاجري الدفعة الأولى وتعاون كشاعر وناقد مع العديد من المجلات. وتوفي في شباط/فبراير عام 1955 في دار لكبار السن في يرلي بالميه بالقرب من نيس وهو يعاني من الفقر.
- فايز الله عبيد الله ييفيتش حجاييف: أوزبكي ولد عام 1896 في بخارى في أسرة تاجر، وأعدم في روسيا يوم 15/3/1938. وعرف بإسم فايز الله خوجة أوغلي. تعلم اللغتين الطاجيكية والأوزبكية في الكُتـَّاب. وحصل على تعليمه المتوسط في روسيا التي وصلها مع أبيه وهو في سن الحادية عشرة. وفي عام 1913 انسحب من حركة المجددين.
وخلال الفترة الممتدة من عام 1916 وحتى عام 1920 كان من قادة حزب الشباب البخارية (من عام 1917 عضو اللجنة المركزية السرية للحزب)، وأعلن الثورة ضد الحكم في إمارة بخارى ونظم مظاهرات تطالب بإصلاحات دستورية، وبعد القضاء على المظاهرات هرب من بخارى القديمة وعمل في بخارى الجديدة وفي طشقند. وكان من أقرب أصدقائه في الحزب الشاعر والمؤرخ أ. فطرت. وشارك في بداية ثورة أكتوبر في روسيا بالأحداث ووقف ضد أمير بخارى، وبعد صدور حكم حكومة أمير بخارى بإعدامه هرب إلى تركستان. وفي نهاية عام 1919 نظم في طشقند لجنة ثوار البخارية الشباب، وترأس تحرير صحيفة "أوتشكون" وأقام صلات مع ثوار بخارى السريين وزودهم بالمراجع الثورية.
- فلاديمير فلايميروفيتش كويبشيف: ولد في أومسك بالإمبراطورية الروسية يوم 25/5/1888 (6 يونيه/حزيران) وتوفي بتاريخ 25/1/1935 بموسكو، ثوري وشخصية حزبية وسياسية سوفييتية.
- مير سعيد حيدرغالييفيتش سلطان غالييف: اسمه التتري مير سيعيت خيديرغالي أولي سلطان غالييف، ولد في 13/7/1892 في إليمبيتوفو بمحافظة أوفة (حالياً منطقة ستيرليباش في باشكارستان)، وفي مصادر أخرى قرية كارماسكالي. وتوفي في موسكو بتاريخ 28/1/1940.
وكان من أبرز القادة البلاشفة في أوساط الشعوب الإسلامية في إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتركية في العهد الستاليني. تخرج من معهد التربية المتوسط في كازان، وعمل مدرساً وأمين مكتبة ونشر في الصحافة التترية الدورية وشارك في الحركة الثورية الطلابية "الإصلاح". وبعد هزيمة ثورة عام 1905 غادر إلى باكو ومارس نفس الأعمال. وشارك في أعمال مؤتمر مسلمي عموم روسيا بموسكو في أيار/مايو عام 1917 وانتخب لعضوية المجلس الإسلامي لعموم روسيا. وعاد إلى كازان في حزيران/يونيه.
وفي بتروغراد شارك مع ملا نور وحيتوف في إنشاء اللجنة الإجتماعية للمسلمين وشغل منصب أمين اللجنة التنفيذية فيها. وفي تشرين ثاني/نوفمبر عام 1917 إنتسب لحزب البلاشفة. ومن عام 1917 أدار قسم المسلمين في لجنة نواب الشعب لشؤون القوميات التي كان أمين سرها مصطفى صبحي. وفي عام 1918 شارك في الإعداد للمؤتمر التأسيسي للجمهورية التترية البشكيرية السوفييتية. وخلال الأعوام 1918-1920 شغل منصب رئيس الهيئة العسكرية الإسلامية المركزية التابعة للجنة نواب الشعب لشؤون القوميات في الجمهورية السوفييتية الفيدرالية الروسية الإشتراكية. وخلال الأعوام 1919-1921 شغل منصب رئيس المكتب المركزي للمنظمات الشيوعية لشعوب الشرق التابعة للجنة المركزية للحزب الشيوعي الروسي البلشفي. وخلال الأعوام 1920-1923 كان عضواً بهيئة نواب الشعب لشؤون القوميات في الجمهورية السوفييتية الفيدرالية الروسية الإشتراكية.
وهو مؤسس وقائد الحزب الشيوعي الإسلامي الروسي. ومارس التدريس في الجامعة الشيوعية لشعوب الشرق. اعتقل في عام 1923 وفصل من حزب البلاشفة، واعتقل للمرة الثانية في عام 1928 وحكم عليه بالإعدام رمياً بالرصاص واستبدل الحكم بالسجن عشر سنوات في معسكر الإعتقال وأفرج عنه في عام 1934 وعاش بقرية في ساراتوف. وفي عام 1937 اعتقل مجدداً وأعدم رمياً بالرصاص في عام 1940. ورد إعتباره بعد وفاته في عام 1990.
ويعتبر سلطان غالييف، مؤسس الأيديولوجية التي جمعت بين العناصر الماركسية والإسلامية "الماركسية الإسلامية" التي انتشرت في بعض دول العالم الثالث، واطلع عليها رئيس مصر السابق جمال عبد الناصر، ورئيس الجزائر السابق أحمد بن بيلا. وفي عام 1992 أطلق اسمه على إحدى الساحات بمركز مدينة كازان.

- نيكولاي نيكولاييفيتش كريستينسكي: ولد بتاريخ 13(25)/10/1883 وتوفي بتاريخ 15/3/1938، انضم لعضوية الحزب في عام 1903 وكان عضواً في اللجنة المركزية للحزب خلال الفترة من عام 1917 وحتى عام 1921، وعضو المكتب السياسي في اللجنة المركزية للحزب من 25/3/1919 وحتى 8/3/1921، وعضو اللجنة التنظيمية في اللجنة المركزية للحزب من 16/1/1919 وحتى 8/3/1921، وأمين سر اللجنة المركزية من 29/11/1919 وحتى 8/3/1921. وهو أوكراني، ولد في موغيلييف. وتخرج من جامعة بيتربورغ عام 1907.
اعتقل في أيار/مايو عام 1937 وفصل من الحزب، وأصدرت المحكمة العسكرية العليا في إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية حكمها عليه بالإعدام رمياً بالرصاص بتاريخ 13/3/1938 وتم إعدامه في 15/3/1938. وردت المحكمة العليا في إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية الإعتبار له بتاريخ 8/6/1963. (المصدر إزفيستيا اللجنة المركزية للحزب الشيوعي في الإتحاد السوفييتي، 7/7/1990)
المصادر:
- أليكسي أرابوف: إنهيار مشروع الجمهورية السوفييتية التركية (1919-1920)، المخطوطات غير المنشورة عن "الثورة في وسط آسيا". مركز آسيا نقلاً عن mytashkent.uz، 12/5/2012. http://www.centrasia.ru/newsA.php?st=1336816380
- الموسوعة الإلكترونية التاريخية الروسية.
طشقند في 27/9/2012.

كتبها: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية DC، أستاذ جامعي متقاعد.

الثلاثاء، 18 سبتمبر 2012

الدبلوماسية الشعبية والاتصال بالجماهير



الدبلوماسية الشعبية والاتصال بالجماهير

كتبها: أ.د. محمد البخاري: خبير إعلامي وأستاذ جامعي متقاعد، دكتوراه علوم سياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب Ph.D اختصاص: صحافة.


الدبلوماسية الشعبية هي جزء هام من العلاقات العامة اتسمت في المجتمعات البدائية بالمباشرة والبساطة، وأخذت تلك العلاقات بالتعقد مع التقدم الحضاري والاجتماعي، والمتغييرات التقنية والعلمية والاقتصادية والسياسية والاجتماعية الجارية في العالم منذ نهاية ثمانينات القرن العشرين، وأدت إلى تداخل المصالح الدولية، بسبب سهولة الاتصال الذي أتاحته وسائل الاتصال الحديثة. مما زاد من أهمية دور وفاعلية الدبلوماسية الشعبية في العلاقات الدولية. وتعتبر الدبلوماسية الشعبية حلقة وصل بين مؤسسات المجتمع الواحد، وبين المجتمعات البشرية في مختلف أنحاء العالم، عن طريق تقديم خدمات معينة مبنية على الثقة المتبادلة، منطلقة من أهمية الفرد والشرائح الاجتماعية المختلفة، وقوة وتأثير الرأي العام في المجتمعات على مختلف المؤسسات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية. وللدبلوماسية الشعبية (العلاقات العامة) تعريفين أساسيين هما:
التعريف المهني المتخصص: ويقصد به إقامة علاقات حسنة داخل المؤسسات وخارجها، مبنية على التفاهم والثقة المتبادلة. من خلال إبراز والاهتمام بالوظائف الأساسية التي تضطلع بها إدارة العلاقات العامة، في مؤسسة أو منظمة حكومية كانت أم خاصة، لتكون وظيفتها بذلك إدارية بحتة. وتبلور هذا التعريف مع ظهور جماعة من المتخصصين في العلاقات العامة مع بداية القرن العشرين، أمثال: إيفي لي، وإدوارد بيرنيز، وجون هيل. وتبع ذلك قيام جمعيات واتحادات علمية ومهنية ضمت متخصصين في العلاقات العامة في القارتين الأوروبية والأمريكية خلال أربعينات وخمسينات القرن العشرين. وساهمت تلك الجمعيات والمنظمات بدورها في زيادة تعريف العلاقات العامة، وساعدت على تحديد مهامها ووظائفها. وفي عام 1947 نشرت مجلة أخبار العلاقات العامة Public Relation News خلاصة لتعريف العلاقات العامة، أخذته من نتائج الاستقصاء الذي أجرته بين مشتركيها، والعاملين في مجالات العلاقات العامة، وجاء فيه أن: "العلاقات العامة: هي وظيفة إدارية تقوم بتقويم اتجاهات الجمهور وربط سياسات وأعمال فرد أو منشأة مع الصالح العام، وتنفيذ برنامج لكسب تأييد الجمهور وتفهمه". واعتبر إيفي لي أحد رواد العلاقات العامة في الولايات المتحدة الأمريكية، أن مهمتها مزدوجة، وتبدأ من دراسة اتجاهات الرأي العام، ونصح الشركات بتغيير خططها، وتعديل سياساتها لخدمة المصلحة العامة، ومن ثم إعلام الجمهور بما تقوم به الشركات من أعمال تهمهم وتخدم مصالحهم. أما إدوارد بيرنيز خبير العلاقات العامة الأمريكي، فاعتبر العلاقات العامة هي: محاولة لكسب تأييد الرأي العام لنشاط أو قضية ما أو حركة اجتماعية أو مؤسسة حكومية أو غير حكومية، عن طريق الإعلام والإقناع والتكيف، أي إيجاد التكيف والتكامل والتوافق بين مواقف مؤسسة معينة وسلوكها مع مواقف جماهيرها ورغباتهم، بحيث لا يطغى أحدهما على الآخر. أما جمعية العلاقات العامة الأمريكية فقد عرفتها بأنها: نشاط تقوم به أية صناعة أو إتحاد أو هيئة أو مهنة، أو حكومة، أو أي منشأة أخرى في بناء وتدعيم علاقات سليمة منتجة بينها وبين فئة من الجمهور: كالعملاء والموظفين والمساهمين والجمهور بشكل عام، والعمل على تكييف أهداف المؤسسة مع الظروف المحيطة بها، وشرح أهدافها للمجتمع. وقدم معهد العلاقات العامة البريطاني، تعريف العلاقات العامة بأنها: الجهود الإدارية المرسومة، والمستمرة التي تهدف إقامة وتدعيم التفاهم المتبادل بين المنظمة وجمهورها. بينما جاء تعريف جمعية العلاقات العامة الفرنسية، بأن العلاقات العامة هي: طريقة للسلوك، وأسلوب للإعلام والاتصال، يهدفان إلى إقامة علاقات من الثقة، والمحافظة عليها، وتقوم هذه العلاقات على المعرفة والفهم المتبادلين، بين المنشأة المتمتعة بشخصية إعتبارية وتمارس وظائف وأنشطة محددة، وبين الجماهير الداخلية والخارجية التي تتأثر بتلك الأنشطة والخدمات. أما جمعية العلاقات العامة الدولية، فقد توصلت إلى تعريف العلاقات العامة بأنها: وظيفة الإدارة المستمرة والمخططة تسعى من خلالها المؤسسات والمنظمات الخاصة والعامة، إلى كسب التفاهم والتعاطف مع سياساتها وأنشطتها. وكسب المزيد من التعاون الخلاق، والأداء الفعال للمصالح المشتركة باستخدام الإعلام الشامل والمخطط.
التعريف الاجتماعي الشامل: وهو الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، الذي ظهر خلال ثلاثينات القرن العشرين، إثر الأزمة الاقتصادية التي عانى منها الاقتصاد العالمي عام 1929، وعرفه د. محمد البادي، بأنه: الاتجاه الاجتماعي للعلاقات العامة، كمهنة ذات طابع خاص، ويشمل كل ما يصدر عن المؤسسة من أعمال وتصرفات وقرارات، وكل ما يتصل بها من مظاهر واستعدادات وتكوينات مادية لأن ما يصدر عن المؤسسة أو يتصل بها له تأثيراته المعنوية على الجماهير التي ترتبط مصالحها بها، وهذه التأثيرات تعطي لهذه العناصر طبيعتها كأنشطة للعلاقات العامة، وتعطي أيضاً لاتجاهات العلاقات العامة صفتها الاجتماعية. وهو نشاط يشترك فيه كل أفراد المؤسسة من خلال تكوين علاقات عامة مرنة في سلوكهم واتصالاتهم ومعاملاتهم مع الجماهير داخل المؤسسة وخارجها. وأن لا يكون الهدف من النشاط السعي لتحقيق الربح فقط، بل إلى تقديم خدمات للمجتمع، عن طريق إنتاج سلع وخدمات جيدة ومتطورة تناسب الأذواق، وأداء الوظيفة المسندة إليهم بشكل جيد، مراعين الظروف الاقتصادية والاجتماعية التي تفرضها المسؤولية الاجتماعية في مشاركة المجتمع المحلي همومه وأفراحه وأحزانه، والعمل على تقليل الأضرار الناجمة عن نشاطاتهم والمحافظة على البيئة والعمل على النهوض بالمجتمع ثقافياً وعلمياً وحضارياً ومادياً. وعرف كانفيلد العلاقات العامة، بأنها: فلسفة اجتماعية لإدارة ترغب من خلال أنشطتها وسياساتها المعلنة للجمهور كسب ثقته وتفهمه. أما نولت فقد عرف العلاقات العامة، بأنها: مسؤولية إدارية تهدف لتكييف المنظمة مع بيئتها الاجتماعية والسياسية والاقتصادية، وتهدف إلى تكييف البيئة المحيطة لخدمة المنظمة لتحقيق مصلحة الطرفين. وهو ما يظهر بوضوح في أن الربط بين المجتمع والسياسة والاقتصاد، وإعطاء الأولية للاقتصاد كان ولم يزل في موقع الأهمية منذ مطلع القرن العشرين وحتى الآن.
ومما سبق نستطيع استنتاج أن دور خبير العلاقات العامة ينحصر في: إقناع الإدارة العليا للقيام بالنشاطات التي تجعل الجمهور راضياً عن المؤسسة؛ وإقناع الجمهور بأن المؤسسة تستحق بالفعل تأييده ودعمه المعنوي والمادي. وأن دور العلاقات العامة ينحصر في: تبني مصلحة الجمهور والمصلحة العامة؛ ووضع السياسات الملائمة لها؛ والسعي لإيصال المعلومات عن نشاطات المؤسسة وسياساتها للجمهور؛ وخلق رأي عام مؤيد للمؤسسة، لدى الجمهور؛ وإيجاد مواقف محددة ومطلوبة اتجاه المؤسسة؛ وتقييم مواقف الرأي العام من قبل المتخصصين في العلاقات العامة؛ وإيصال المعلومات عن تلك المواقف لإدارة المؤسسة.
وتشمل نشاط العلاقات العامة (البلوماسية الشعبية) اليوم: المجال الحكومي الذي يهتم بـ: التوعية والإرشاد والإعلام في جميع المجالات الاقتصادية والسياسية والاجتماعية والثقافية والدبلوماسية، للوصول إلى مساندة الجماهير لها؛ ومشاركة الجماهير معنوياً ومادياً في البرامج التنموية الشاملة التي تخطط لها الحكومة؛ وكسب الرأي العام للسياسات الحكومية الداخلية والخارجية؛ والتعرف على توجهات الرأي العام؛ وتقييم أداء الخدمات العامة لوظائفها المحددة، ومدى تلبيتها لرغبات الجمهور؛ والعمل على دحض الشائعات؛ والتصدي للحملات الإعلامية المضادة؛ وإبراز الحقائق عن طريق مصارحة الجماهير؛ والاهتمام بشؤون الموظفين الحكوميين.
وفي مجال المنظمات والهيئات الحكومية تهتم البلوماسية الشعبية بـ: التعريف بأهدافها وسياساتها، وتوثيق الصلة والتعاون بين المواطن والمنظمة أو الهيئة الحكومية للوصول إلى الهدف المطلوب؛ ودراسة مواقف الرأي العام، ونقل رغبات ومطالب الجماهير العريضة للمسؤولين، تمهيداً لإيجاد الحلول لها وتلبيتها وفق الظروف المتاحة؛ والاهتمام بشؤون العاملين في تلك المنظمات والهيئات الحكومية؛ والاتصال بالهيئات والمنظمات الحكومية المشابهة، لتحقيق أفضل صورة من التعاون بينها في الداخل والخارج؛ وإصدار المواد الإعلامية المطبوعة والمرئية والمسموعة، عن نشاطات المنظمة أو الهيئة الحكومية، وتبادلها وتوزيعها في الداخل والخارج؛ وتوثيق كل ما تنشره وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في الداخل والخارج؛ وتنظيم الزيارات الرسمية والخاصة. وهناك مجالات أخرى تشمل المؤسسات الاقتصادية والإنتاجية والخيرية، والمنظمات المهنية والسياسية وغيرها، ولا تختلف من حيث الجوهر عما تم تفصيله أعلاه.
ومن الملاحظ اليوم أن الدبلوماسية الشعبية تستخدم في القارة الأوروبية كوسيلة من وسائل تدعيم الوحدة الأوروبية، وزيادة التلاحم والتفاهم بين مختلف شعوب القارة الأوروبية. لأنه من المعروف أنه كلما زاد التقدم الثقافي والعلمي والتقني في أي دولة من دول العالم، زاد دور الدبلوماسية الشعبية فيها، وتوجهت تلك الدولة نحو تأسيس جمعيات وهيئات تعنى بالدبلوماسية الشعبية، وإلى تدعيم المؤسسات الحكومية بأقسام خاصة تعنى بهذا المجال الهام، يطلق عليها تسمية "أقسام العلاقات العامة". وقد تطورت الدبلوماسية الشعبية في الولايات المتحدة الأمريكية، حتى أصبحت تضاهي مثيلاتها في دول العالم الأخرى، وشهدت الدول الأوروبية كفرنسا وبريطانيا وبلجيكا وغيرها من دول العالم، تطوراً خاصاً لمفهوم الدبلوماسية الشعبية. لتصبح ممارسة الدبلوماسية الشعبية تحظى بمفهوم دولي يمارس فعلاً في العلاقات الدولية.
ففي الولايات المتحدة الأمريكية مثلاً: تتحمل وكالة الاستعلامات الأمريكية، التي أنشأت عام 1953، مسؤولية الدبلوماسية الشعبية الدولية، وغيرها من المسؤوليات، من أجل تحقيق أهداف السياسة الأمريكية، عن طريق شرح وتفسير ونشر السياسة الأمريكية، ومواجهة الدعاية المضادة الموجهة ضد الولايات المتحدة الأمريكية في العالم. ويقدم مدير الوكالة تقاريره عن سير العمل في الوكالة للرئيس الأمريكي مباشرة من خلال مجلس الأمن القومي. وفي بريطانيا جرى تأسيس  المعهد البريطاني للعلاقات العامة عام 1948 بهدف تجميع جهود ممارسي وظيفة العلاقات العامة (الدبلوماسية الشعبية) وصب الاهتمام على العلاقات العامة في أجهزة الدولة المركزية والمحلية، وفي القوات المسلحة البريطانية، والمؤسسات الاقتصادية والاستشارية. ويمارس ضباط الإعلام في البعثات الدبلوماسية البريطانية المعتمدة في مختلف دول العالم، وظيفة الدبلوماسية الشعبية الدولية من خلال وظيفتهم الإعلامية الأساسية. وفي فرنسا تطورت الدبلوماسية الشعبية كوظيفة هامة من وظائف المشروعات الاقتصادية والتجارية والصناعية، بعد إنشاء الجمعية الفرنسية للعلاقات العامة عام 1955 بهدف تطوير العلاقات العامة الفرنسية. وفي إيطاليا تزايد الاهتمام بالدبلوماسية الشعبية إثر إنشاء جمعية تطوير العلاقات العامة الإيطالية في روما عام 1954، ورافق ذلك تزايد اهتمام الشركات الإيطالية بوظيفة العلاقات العامة. وفي بلجيكا ظهر الاهتمام بالدبلوماسية الشعبية مع تأسيس جمعية العلاقات العامة عام 1953 لتطوير دور العلاقات العامة في بلجيكا. وفي مصر تضطلع الهيئة العامة للاستعلامات وهي هيئة حكومية تابعة لوزارة الإعلام المصرية بدورها "كجهاز للإعلام الرسمي والعلاقات العامة (الدبلوماسية الشعبية) للدولة"، ومنذ إنشائها عام 1954 قامت الهيئة العامة للاستعلامات بأدوار عديدة على الصعيدين الداخلي والخارجي لشرح سياسة الدولة في المجالات المختلفة السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية، ومواقفها إزاء مختلف القضايا. وفى الوقت الراهن تقوم الهيئة بعدد من المهام الأساسية منها: توفير تسهيلات للصحفيين والمراسلين الأجانب في مصر لأداء عملهم على أفضل مستوى ممكن لنقل صورة حقيقية عما يجرى في مصر إلى العالم؛ وتقديم صورة مصر إلى الرأي العام العالمي ونقل الحقائق عنها إلى وسائل الإعلام في مختلف أنحاء العالم. وكذلك عبر مكاتب الإعلام الملحقة بالسفارات المصرية في العديد من العواصم والمدن الكبرى؛ وتوفير مصدر للمعلومات الدقيقة والصحيحة والحديثة عن مصر في مختلف المجالات كالتاريخ والحقائق الأساسية عن النظام السياسي والسياسة الخارجية والثقافية والمجتمع والفنون والاقتصاد والسياحة وغيرها، وإتاحتها عبر موقع الهيئة على شبكة الانترنت باللغتين العربية والانجليزية لكل من يحتاج إليها في كل مكان من العالم، كما تصدر مطبوعات عن هذه الموضوعات باللغات المختلفة؛ وتقوم الهيئة العامة للاستعلامات أيضا بدور مهم في التثقيف السياسي والتوعية الاجتماعية للمواطنين وشرح السياسات الوطنية لهم والمساهمة في التوعية بالقضايا والمشكلات الوطنية (مثل قضايا زيادة السكان والبيئة) والقضايا المحلية والبيئية في المناطق الريفية والنائية في أنحاء مصر من خلال مراكز النيل للإعلام ومراكز الإعلام الداخلي؛ كما توفر الهيئة مركز معلومات يتابع الإعلام الدولي ويوفر معلومات صحيحة ودقيقة عن صورة مصر في الإعلام العالمي للمهتمين والمعنيين بذلك في أجهزة الدولة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية. وللهيئة مقر في ضاحية مدينة نصر بالعاصمة القاهرة، إضافة لمراكز الإعلام الداخلي التي تتبعها في جميع محافظات مصر ويعمل بالهيئة عدد كبير من الإعلاميين والفنيين والإداريين المدربين على استخدام تقنيات الاتصال والإعلام الحديثة في أداء مهامهم.
أما في أوزبكستان فقد بدأ الاهتمام الجدي بالدبلوماسية الشعبية الدولية بعد الاستقلال عام 1991، حيث تم في 8/11/1995 تأسيس وكالة أنباء JAHON التابعة لوزارة الخارجية: لتوزيع الأخبار الإيجابية عن سير الإصلاحات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية في أوزبكستان؛ وتطوير الصلات مع وكالات الأنباء والمراكز الإعلامية الدولية؛ وتسريع عملية دخول الجمهورية إلى الساحة الإعلامية الدولية. وجمع  وتوزيع الأخبار داخل الجمهورية عن: الأوضاع السياسية والحقوقية وغيرها في الدول الأجنبية؛ ودراسة احتياجات السوق العالمية؛ ونشاطات المنظمات الدولية؛ ونشاطات كبريات المؤسسات والشركات الأجنبية المهتمة بالتعاون مع جمهورية أوزبكستان. وفي 21/11/1996 تم إحداث المركز الإعلامي في ديوان رئيس الجمهورية، لتعريف الرأي العام بالإصلاحات الديمقراطية الجارية في الجمهورية، والتجاوب مع التفاعلات الاجتماعية والسياسية المحلية والدولية، عبر شبكة الإنترنيت. إلى جانب المجلس الأوزبكستاني لجمعيات الصداقة والعلاقات الثقافية والتربوية مع الدول الأجنبية الذي يعرف بالإصلاحات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والإنسانية الجارية في أوزبكستان. وتعمل من خلاله جمعيات للصداقة مع الدول الأجنبية، من بينها جمعية الصداقة الأوزبكستانية المصرية التي يرأسها رئيس الجامعة الإسلامية بطشقند، لإقامة علاقات عبر الدبلوماسية الشعبية لحماية ورفع مستوى المصالح الأوزبكستانية على الساحة الدولية. وإيصال المتغييرات الواسعة الجارية في أوزبكستان لأوسع الجماهير. وينظم المجلس لقاءات ومؤتمرات مع الوزارات والإدارات، والمنظمات الاجتماعية والسياسية البارزة في أوزبكستان. وينظيم مختلف المؤتمرات واللقاءات والمعارض وغيرها في الدول الأجنبية، لإيصال معلومات إيجابية عن أوزبكستان إلى الدول الأجنبية وخاصة المهاجرين الأوزبك المقيمين فيها. ويحتفل بالأعياد القومية لأوزبكستان وغيرها من دول العالم وينظم زيارات لوفود أجنبية ويستقبل وفوداً من المنظمات الأجنبية، ويقيم علاقات مع الجاليات الأوزبكية المقيمة في الخارج ومع وسائل الإعلام الجماهيرية المحلية والأجنبية.
ومع انتشار مفهوم الدبلوماسية الشعبية (العلاقات العامة) في العالم سارعت مؤسسات التعليم العالي في مختلف دول العالم لافتتاح أقسام لتدريس مادة العلاقات العامة في جامعاتها ومعاهدها وكلياتها المتخصصة. وتعد العلاقات العامة الدولية اليوم وظيفة من وظائف المنظمات الدولية، ويمارسها في منظمة الأمم المتحدة، مكتب الإعلام في نيويورك من خلال العلاقات الخارجية والصحافة والمطبوعات والخدمات العامة، التي تعرض من خلالها المشاكل التي تواجه منظمة الأمم المتحدة، وخلق فهم أفضل لأهداف المنظمة. كما وتمارس مكاتب منظمة الأمم المتحدة في العالم الدبلوماسية الشعبية الدولية من خلال الاتصال بالمنظمات غير الحكومية في الدول المعتمدة فيها، في جميع المجالات الثقافية والفنية والعلمية والتعليم والصحة والعمل  الخ. وتوزيع الأفلام وبرامج الإذاعتين المسموعة والمرئية والمطبوعات، والإدلاء بالتصريحات الصحفية في إطار مساعيها لخلق فهم أفضل عن منظمة الأمم المتحدة.
وزاد من دور الدبلوماسية الشعبية الدولية دخول شبكات الكمبيوتر العالمية عالم الاتصال المعاصر، وزاد اهتمام الشركات متعددة الجنسية بالدبلوماسية الشعبية الدولية عبر شبكات الاتصال الدولية، واعتمادها عليها في العلاقات التجارية والمصرفية والنقل والتأمين وتبادل المعلومات على الصعيد الدولي. وتساعد الدبلوماسية الشعبية وسائل الإعلام الجماهيرية في الحصول على المعلومات والمواد الإعلامية مما يزيد من إمكانية انتشارها على الصعيد العالمي. ولعل منافذ وكالات الأنباء والصحف والمجلات والإذاعات المسموعة والمرئية والمراكز الإعلامية الدولية عبر شبكة الإنترنيت خير مثال على تحول العالم في مجال الاتصال والإعلام الجماهيري بالفعل إلى قرية كونية.
والدبلوماسية الشعبية الدولية كوظيفة لم تستثنى من وظائف السلك الدبلوماسي وأصبحت من المهام الأساسية للبعثات الدبلوماسية المعتمدة في الخارج وفق ما تسمح به إمكانيات كل دولة من دول العالم. ولعل النشاطات التي يقوم بها المركز الثقافي التابع للسفارة المصرية في طشقند منذ أواسط تسعينات القرن الماضي من أفضل الأمثلة العملية لنشاطات الدبلوماسية الشعبية الناجحة.
طشقند في 18/9/2010.

الأحد، 9 سبتمبر 2012

بخارى تحت القصف



بخارى تحت القصف

بقلم: أ.د. محمد البخاري. متقاعد، أستاذ جامعي سابق.
مدينة بخارى أذهلت العالم ولم تزل بمساجدها ومدارسها القديمة والرائعة التي بني معظمها منذ باكورة الفتح الإسلامي للمنطقة. واجتاحتها قطعات الجيش الأحمر البلشفي بعد حصار دام ومدمر يوم 2/9/1920.
وفي كتابه "من سينزيان إلى خورسان. تاريخ الهجرة من وسط آسيا خلال الأعوام 1917 وحتى 1934"، استعرض المؤرخ الطاجيكي كمال الدين عبد اللاييف، آخر أيام مدينة بخارى قبل سقوطها تحت الإحتلال في أيدي البلاشفة الروس.
ومن المعروف أن المراكز الثقافية في منطقة وسط آسيا كلها كانت في بداية القرن العاشر الميلادي مرتبطة بالمدينة المقدسة بخارى (بخارى شريف). ولم تكن شهرة هذه المدينة نابعة فقط من أنها عاصمة لأكبر دولة إسلامية في المنطقة وحسب، بل لأنها كانت رمزاً للدين الإسلامي العظيم المقدس لدى لكل مسلمي وسط وجنوب آسيا. وعلى إمتداد ألف سنة كانت بخارى القلب المفتوح للثقافة العربية والفارسية الإسلامية. وكان في المدينة آنذاك نحو 400 مدرسة إسلامية، والكثير من المساجد والأضرحة لعلماء مسلمين كبار، ومن بينها ضريح قثم بن العباس ابن عم الرسول العربي محمد (ص). وكان من أشهر مساجدها مسجد لابي حاووظ ديوان بيغي، ومسجد بولوي حافظ علي، حيث كان يجتمع في أيام الجمعة آنذاك نحو 4 آلاف مصلي مسلم. وعمل في عاصمة إمارة بخارى الإسلامية آنذاك نحو 4 ألاف عالم كانوا يدرسون تعاليم الدين الإسلامي والعلوم الحية لنحو 34 ألف طالب للعلم.
سعيد عالم خان وثورة بخارى

الثورة الروسية عام 1917 غيرت مصائر ملايين البشر في الغرب والشرق، حتى أنها طالت إمارة بخارى الإسلامية وحاكمها سعيد عالم خان وهو الحاكم العاشر والأخير من أسرة المانغيت التركية، التي حكمت بخارى شريف من عام 1746 وحتى عام 1920. وكان من الطبيعي أن يتلقى عالم خان خبر القضاء على حكم القياصرة في روسيا عام 1917 كإشارة واضحة للبلاء القادم نحو بلاده من الشمال يحمله البلاشفة الروس.
ورغم المحاولات التي قام بها الأمير سعيد عالم خان لتغيير الأوضاع لصالح حكمه، ومحاولاته إستخدام المصالح البريطانية المفروضة على الشرق آنذاك. لأنه كان من الواضح آنذاك أن البريطانيين يستطيعون فرض حل وسط على روسيا السوفييتية كبديل لوقف امتداد السلطة السوفييتية نحو الشرق.
وكانت الهم الرئيسي للأمير سعيد عالم خان آنذاك تجنب إثارة روسيا السوفييتية البلشفية في تلك الأوقات الصعبة، لكسب الوقت بانتظار نتائج الإتصالات الجارية بين موسكو ولندن والمتجهة نحو التوصل لحل وسط في المنطقة. ولهذا حاول الأمير الحد من الصراع، ووافق على طلبات سلطات روسيا السوفييتية البلشفية المحتلة في طشقند، وأرسل سفارة مفوضة فوق العادة لموسكو في تموز/يوليه، وقام بسحب طلبه بوقف دعمهم لحركة البخارية الشباب. (البخارية الشباب، حركة بورجوازية ديمقراطية قومية أسست على أراضي إمارة بخارى في بداية القرن العشرين).
وأدركت موسكو أنها على أبواب محادثات مع البريطانيين، ولا بد لها من كسب أوراق رابحة للمساومة عليها خلال المحادثات. وكانت إمارة بخارى الإسلامية على ما يبدوا غنيمة سائغة وسهلة، وإحتلالها يقوي من موقفهم الإستراتيجي في المنطقة حيال لندن قبل البدء بالمحادثات الشاملة.
وبعد فشل محاولات البلاشفة المتعاونين والمساندين لقطعات البخارية الشباب العسكرية للقضاء على حكومة أمير بخارى الإسلامية، سادت فترة من الهدوء بين بخارى وطشقند، وقام الجانبان خلالها بالإستعداد للمعركة الفاصلة. وفي الوقت الذي إنهمكت فيه حكومة إمارة بخارى الإسلامية بتعزيز قواتها المسلحة من كل الجوانب. قام رجال الدين الموالين للأمير بدعوة المسلمين للمشاركة في الغزوات (الجهاد). وفي شباط/فبراير عام 1920 قامت حكومة الأمير بإعلان حملة تعبئة عامة.
ووجد في ذلك الوقت ضباط سابقين من الجيش القيصري الروسي ومن المشاركين في "الحركة البيضاء" الروسية ملاذأ لهم عند أمير بخارى.
في الوقت الذي كانت فيه حكومة جمهورية تركستان السوفييتية البلشفية الخاضعة للإحتلال الروسي تحاول بشتى الطرق توحيد كل القوى المعادية للأمير، وهو ما استطاعت تحقيقه بالفعل. قوي جناح البخارية الشباب التابعين للبلاشفة برئاسة أبرز قادتهم فايز الله حجاييف إلى حد كبير حتى عام 1920. وفي آب/أغسطس من نفس العام انحازت العديد من مدن إمارة بخارى لصالح القيام بهجوم مسلح على إمارة بخارى والقيام بثورة مسلحة تلبية لدعوة حكومة تركستان السوفييتة البلشفية وبمؤازرتها، وهو السبب الشكلي الذي اعتمد عليه  الجيش البلشفي الأحمر لبدء عملياته العسكرية ضد إمارة بخارى.
وسرعان ما وصل القائد العسكري البلشفي الروسي ميخائيل فرونزة، إلى مقر قيادته في سمرقند بتاريخ 28/8/1920، لتنفيذ المهمة التي أسندها إليه لينين، وتروتسكي، لنشر السلطة السوفييتية البلشفية في إمارة بخارى المسلمة. ومن مقر قيادته في سمرقند قام بقيادة عمليات الجيش الأحمر البلشفي الروسي ضد إمارة بخارى المسلمة. وفي صباح الأحد 29/8/1920 بدأ الجيش الأحمر بقصف مدفعي مركز على مدينة بخارى من كاغان (منطقة سكنها الروس بالقرب من بخارى).
وعن تلك الفترة العصيبة من تاريخ بخارى كتب الملا محمد علي بلجواني الذي كان أحد شهود العيان للأحداث في عام 1920 كتاباً بعنوان "تاريخي نوفيعي" ضمنه ذكرياته وذكر فيه أن "القوى لم تكن متساوية. ففي الجانب الأول بنادق ومدافع قديمة، وفي الجانب الآخر قصف قامت به طائرات، ومدافع طويلة المدى، وقطارات مصفحة. وحلقت فوق المدينة إحدى عشرة طائرة، بثت الذعر والهلع في المدينة ودمرت الكثير من الآثار المعمارية. وكان الأمير في قصره سيتوراي موخي خوسا خارج المدينة، ومن هناك حاول تنظيم المقاومة والدفاع عن المدينة. وفي اليوم التالي حاصر الجنود البلاشفة الروس مدينة بخارى المشتعلة بالحرائق".
وذكر عبد الرؤوف فطرت في كتابه (جديدي، الخصم العنيد للأمير) لاحقاً أن الدفاع عن المدينة كان في أيدي عسكريين سيئي التنظيم. ولم يخرج الكثير من القادة العسكريين لساحة القتال رغم أنهم فضلوا البقاء إلى جانب الأمير، ولكنهم كانوا يعدون سراً العدة للهرب من الإمارة.
وفي اليوم التالي تجددت المعارك بقوة. واشتعلت الحرائق في الأسواق التجارية، وقتل تحت حطام المباني الكثير من البشر. وقدر بلجواني عدد القتلى من سكان المدينة في ذلك اليوم بنحو ألفي نسمة من السكان الآمنين والمدافعين عن المدينة. في الوقت الذي أعلن فيه سكولنيكوف مندوب اللجنة الحربية التركستانية البلشفية الروسية، أن خسائر الجيش الأحمر الروسي بلغت 600 قتيل وجريح خلال ثلاثة أيام من إجتياح مدينة بخارى.
روزي فيروق

وبقي يوم 1/9/1920 في ذاكرة سكان بخارى كـ"روزي فيروق" (يوم الوداع). لأنه في ذلك اليوم بدأت هجرة سكان بخارى هرباً من الإحتلال البلشفي الروسي. ومعارك ذلك اليوم درات بمركز مدينة بخارى. وكانت آخرها المحاولة الأخيرة التي قام بها بعض جنود بخارى بقيادة عبد الستار بيك توبشيبوشي لمقاومة الإحتلال بالقرب من مسجد لابي حاووظ رغم أنها لم تحقق أية نتائج عملية.
وكان والدي عبد الستار آنذاك أحد المشاركين في تلك المعركة قبل مغادرته للمدينة مع بعض جنوده بعد عدة أيام من سقوطها، وشهد الأعمال البربرية التي قام بها البلاشفة بحق علماء المدينة وسكانها الآمنين، وهاجر منها ليستقر بمدينة دمشق (شام شريف) التي توفي ودفن فيها مع مرافقه العسكري إسكندر في ستينات القرن الماضي. ولم أزل أذكر أحاديثه عن تلك المعركة وقوله أن الكثير من الضباط والجنود الروس كانوا يسكنون في الحي المجاور للمسجد، وهو الحي الوحيد الذي لم يطاله القصف الجوي والمدفعي البلشفي الروسي الذي استهدف المدينة طيلة عدة أيام، وأن الجنود الروس في الحي كانوا متنكرين بهيئة مهندسين وعمال قاموا بمد السكك الحديدية العابرة لآراضي إمارة بخارى آنذاك، وخرجوا في ذلك اليوم بملابسهم العسكرية وبكامل أسلحتهم وعتادهم العسكري لاحتلال المدينة من الداخل وجرت المعركة الفاصلة معهم بالقرب من المسجد ولكن دون جدوى.
وذكر أحد شهود العيان أن أمير بخارى عالم خان لدى سماعه لتقرير سقوط المدينة تنفس بعمق وقال: "هذا قدرنا. لا نستطيع فعل شيء، علينا الرحيل". واستقل مع عدد من المقربين منه ستة أو سبعة سيارات مكشوفة وغادروا المدينة.
وذكر بلجواني، أن "آلاف السكان (في ذلك اليوم) لم يتملكوا أنفسهم وبدأوا بالنواح والبكاء. وبدأت البنات والأمهات، والأبناء والآباء، دون خجل من بعضهم البعض بالصراخ: واه شريعتاه، واه دين الإسلام. وكانت الأحداث بمثابة صدمة عنيفة لهم. لأن سقوط المدينة، وخروج الأمير منها، إعتبره الكثير من السكان بمثابة ضربة موجهة ضد الدين الإسلامي.
وفي ذلك اليوم غادر آلاف الفرسان والمشاة من العسكريين والمدنيين المدينة أيضاً محتذين حذو حاكمهم. وبقي في المدينة القليل من جنود جيش بخارى سيئي التسليح والتدريب، ورغم مقاومتهم الباسلة والخسائر الكبيرة التي تحملوها لم يستطيعوا مقاومة الجيش الأحمر الروسي البلشفي المتفوق في العدة والسلاح والتدريب.
وأدى إجتياج الجيش الأحمر الروسي البلشفي للمدينة لإشعال حريق ضخم استمر لعدة أيام استمرت حتى يوم 6/9/1920. وأكد شهود عيان أنه نتيجة لهجمات الجيش الأحمر الروسي البلشفي على بخارى احترقت ودمرت ألف دكان (محل تجاري صغير)، و20 قصر، و29 مسجد، وثلاثة آلاف منزل سكني. وبالإضافة لمقر إقامة الأمير في أركا، احترق نحو 300 مبنى. حتى أن بلجواني، ذكر في كتابه أن "تاريخ بخارى لم يشهد أبداً مثل ما شهدته في تلك الأيام".
وحتى وثائق حزب البلاشفة تحدثت عن سعة الخراب والتدمير الذي أصاب مدينة بخارى أثناء الإجتياح البلشفي وأشارت إلى أن "بخارى عملياً وقعت تحت الإحتلال. سبقه إطلاق ملايين الأعيرة النارية، وآلاف طلقات المدفعية، المحشو أكثرها بمواد كيماوية، على المدينة. وعلى أثرها دمرت بخارى. ودمرت الآثار التاريخية. وألحقت أضرار كبيرة بالمساجد، وبعضها مما بقي سليماً تم تحويله بالكامل إلى معسكرات للجيش الأحمر البلشفي واصطبلات لخيولهم. ومع الحرائق بدأت السرقات، مما ترك أثر كبير على الجماهير الشعبية، ولكن الإدارة الجديدة للمدينة، لجنة بخارى البلشفية، وأعضائها دون تردد ذكروا في تقريرهم أن "البلاشفة ينهبون" بخارى.
وذكر شهود عيان من سكان بخارى والعديد من المشاركين في تلك الأحداث من الجيش الروسي الأحمر البلشفي أن كميات كبيرة من الذهب، والأشياء القيمة، والحلي، والقيم التاريخية، وحتى أدوات الطعام، والملابس نقلت من بخارى إلى طشقند، ومنها إلى بتروغراد.
في الوقت الذي أرسل فيه القائد العسكري البلشفي فرونزة برقية إلى لينين يخبره فيها عن الإنتصار الذي حققه في بخارى، وذكر فيها "تم اليوم إجتياح قلعة بخارى القديمة بجهود مشتركة من البخارية الحمر وقطعاتنا العسكرية. ووقع الموقع الأخير لشبح بخارى المخيف والشيطان الأسود. وترتفع الآن على ريغستان راية النصر الحمراء للثورة العالمية".
آخر أمراء بخارى

بعد مغادرة عالم خان لمدينة بخارى استقر خلال الفترة الممتدة من أيلول/سبتمبر وحتى شباط/فبرابر عام 1921 على أراضي شرق إمارة بخارى (جمهورية طاجكستان اليوم)، محاولاً تنظيم الضربة المعاكسة لمواجهة البلاشفة السوفييت. واستطاع الأمير سعيد عالم خان تجميع قوة عسكرية لا بأس بها من مناطق قولياب، وغيسار، ودوشنبة. وفي أواسط تشرين ثاني/نوفمبر عام 1920 تحركت قواته نحو الغرب واستردت بايسون، وديربيند، وشيرآباد. وحتى نهاية عام 1920 وبداية عام 1921 وصل تعداد قوات عالم خان العسكرية لنحو 10 آلاف رجل. وانضمت إليها قطعات إبراهيم بيك، المتمركزة بمنطقة لوكايا.
واستغل البلاشفة الروس الإتفاقية التي عقدت بين جمهورية بخارى تحت الإحتلال وجمهورية روسيا السوفييتية الفيدرالية الإشتراكية وقاموا بتنظيم حملة عسكرية قوامها من الفرسان ضد عالم خان حيث دمرت قواته وأجبرته على الفرار إلى أفغانستان.
وفي البداية توقف عالم خان بمنطقة خان آباد، وفي أيار/مايو عام 1921 وصل إلى كابول.
ونظراً لإرتباط ملك أفغانستان بمعاهدة مع جمهورية روسيا السوفييتية الفيدرالية الإشتراكية، فقد اضطر لمنح صفة أسير شرف لعالم خان وخصص له أموالاً سنوية لمصاريفه. وبقي ثلاثة من أبنائه على الأراضي الخاضعة للبلاشفة السوفييت، حيث قتل إثنين منهم: سلطان مراد، ورحيم، وتخلى ثالثهم شاه مراد علناً عن أبوه. وتوفي عالم خان في كابول.
المرجع:
-  كمال الدين عبد اللاييف، كيف استولى الجيش الأحمر على مدينة بخارى المقدسة في عام 1920. مركز آسيا 3/9/2012 نقلاً عن Asia-Plus 2/9/2012.