الخميس، 6 مارس 2014

الشاعر والشخصية الإجتماعية الأوزبكية إركين وحيدوف

الشاعر والشخصية الإجتماعية الأوزبكية إركين وحيدوف

كتبه: أ.د. محمد البخاري

 

إركين وحيدوف

الشاعر والشخصية الإجتماعية الأوزبكية إركين وحيدوف من الشخصيات اللامعة في الأدب الأوزبكستاني المعاصر. ويعتبر شعره بحق استمراراً لفن الغزل الشعري الكلاسيكي التقليدي الأوزبكي، الذي يعبر عن حب الوطن وفضائه الجميل، والإيمان بالمستقبل المشرق للوطن الذي كان وبقي في صلب إبداعاته الشعرية.

ولد إركين وحيدوف بتاريخ 28/12/1936 في تومان ألتي آريك، بأسرة معلم في المدرسة. وتلقى تعليمه من عام 1955 وحتى عام 1960 بكلية الآداب في جامعة طشقند الحكومية (حالياً الجامعة القومية الحكومية بجمهورية أوزبكستان). وبعد تخرجه منها عمل في مختلف دور النشر والصحف والمجلات، وكان أول رئيس تحرير لمجلة "يوشليك" (الشباب) عام 1982.

ويعبر الشاعر إركين وحيدوف وبسطوع عن مواقفه حيال وطنه. وتمتلئ أشعاره بالقلق حيال مستقبل الشباب في وطنه أوزبكستان، بسعي دائم يراعي التفاعلات الروحية والأخلاقية الجارية في الحياة المعاصرة في بلده. وخاصة في أشعاره:
- "البرج" التي تحدث فيها عن ضرورة الحفاظ على الماضي في ذاكرة أبناء بلده؛
- و"الليل في سمرقند" التي تحدث فيها عن العلاقة الوثيقة بي العصور التي مرت بها بلاده؛
- و"الأسطورة الشرقية" التي تحدث فيها عن جوهر الحياة الإنسانية؛
- و"قلب الشاعر" و"أباي" و"الأشعار الضائعة" التي تحدث فيها عن أهمية الشاعر الوطنية.
وشغل الهجاء مكانة ملحوظة في إبداعات الشاعر إركين وحيدوف، وفي سلسلة أشعاره الساخرة "نكات قرية دانش " تحدث عن أم موسى، وسخر من التملق، والخيانة، والبخل، وشراء الذمم. وجاء جمال أشعاره من تنوع ملاحظاته الدقيقة، وعمق تفكيره بها، وخصوصية الوسائل التي عبر عنها في أشعاره.
وفي قصيدته "النعامة"، لعب إركين وحيدوف باسم هذا الطير باللغة الأوزبكية، والمؤلف من كلمتين، الجمل، والطير. لتولد معها أبيات شعرية قصيرة، تعبر بدقة عن أولئك الناس الذين لا قيمة لهم في المجتمع، من الانتهازيين والجبناء. وقصائده العاطفية استحقت دائماً الإهتمام. واعتبر وبحق من مطوري أسلوب الغزل الكلاسيكي الأوزبكي، ومن الأمثلة على ذلك أشعاره " بكى العندليب طيلة الليل"، و"البرعم" حيث قدم الشعر الغزلي، عبر الورود، وفرهاد ومجنون، وأعطى صورة مميزة للحب المأساوي، وركز على ذكر اسمه في الأبيات الشعرية الأخيرة، مثل:
نعم نمى دم إركين،
زهرة في حديقة حبك.
وحافاظ إركين وحيدوف في أشعاره على التقاليد الشعرية الأوزبكية، وصور حبه الشاعري الأصيل. وفي أشعاره "النبع" صور للقراء فتاة، تجلس عند النبع، من خلالها صور خلفية واقعية، وصور عواطفه من خلال استعراض تاريخ الحب، وكان أكثر دقة في تصويره لانتظار الحب. وشبه حب أبطال أشعاره العاطفية كجزء من النبع المتدفق من أعماق الأرض. وقدم أبطال اشعاره وهم ينتظرون الأحاسيس المضيئة.
وفي اشعاره "بلدي الحر أوزبكستان" أنشد الشاعر لأغلى ما حصل عليه الشعب الأوزبكستاني، وهو الحرية وإستقلال الوطن. وتوجه إركين وحيدوف في أشعاره نحو الماضي التاريخي لأرض وطنه، مشيراً لـ"جحافل الشر المفترسة التي داست أرض وطنه مخلفة فيها جروحاً مرئية". وفخر الشاعر بالمساعي الجارية في بلاده منذ القدم نحو حرية وازدهار الوطن، وعبر في ملاحم "ألباميش" و"تور أوغلي" عما يجري في الوقت الراهن، مشاركاً مباشر في تلك الأحداث مشاركة عضوية. ويقارن بدقة بين الوطن والأسطورة البطولية للحصان المجنح، رمز القدرة، والقوة والحرية.
وعن أعجابه بإبداعات إركين وحيدوف عبر الشاعر روبيرت روجديستفينسكي وكتب: دخلت صلابة صدقه أعماقي في قصيدته "الأرض الصلبة"، وأعجبتني قصيدته لتعدد طبقاتها وأصواتها معبرة عن "تمرد الخالدين" للشاعر البنغالي نازرولي إسلامي. وعرض فيها صوت المؤلف من كل الجوانب الممكنة وكل ما سجيله، من همسات، وحتى الصراخ...
وختم ملاحظته القصيرة بقوله، أريد استعراض أحد أشعاره من المجموعة. وفيها سلسلة رائعة تقول:
لا تبحث في اشعارك عن تسميتك،
أضع فوق اشعاري أحياناً نجمة. في الليل، وسط صمت النوم،
وفي ضوضاء النهار وسط الأشعة الساطعة،
كحارس أمين للآية، وتحترق، نجمة.
أحترق في دقائق السعادة العميقة،
أحترق في ساعات الحزن وحيداً،
وفي اللهيب أحترق. وفي البرد. وعندما تغرب نجمتي.
وكتب الشاعر الروسي روبيرت روجديستفينسكي عن الشاعر الأوزبكي إركين وحيدوف " هذه الأشعار برأيي جيدة جداً ودقيقة. وتتضمن حكمة وهدوء وبساطة. وتتضمن آلام. آلام إنسانية حقيقية...".
وتعبيراً عن الإعتراف بدور الشاعر استحق إركين وحيدوف عام 1999 لقب بطل أوزبكستان.

وسام بطل أوزبكستان
و السياسة شغلت إركين وحيدوف عن الأعمال الإبداعية الشعرية بعد انتخابه عضواً في البرلمان الأوزبكستاني بعد الإستقلال.

إركين وحيدوف يتحدث أثناء إحدى اللقاءآت السياسية
ومن مؤلفاته: المجموعة الشعرية الأولى: "تنفس الصباح" عام 1961.
ومجموعاته الشعرية: "أغنية لك" عام 1962؛ "القلب والعقل" عام 1963؛ "صراخ القلب" عام 1964؛ "كلمات عاطفية" عام 1965؛ "قصيدة كتبت في الخيمة" عام 1966؛ "ديوان الشباب" عام 1969؛ "تشاروغبون" عام 1970؛ "الكواكب الحية" عام 1978؛ "الشاطئ الشرقي" عام 1981؛ "رسالة للمستقبل" عام 1983؛ "الحب" عام 1984؛ "شباب اليوم" عام 1986؛ "الآلام" عام 1991؛ "الأفضل الحقيقة المرة" عام 1992.
ومن مؤلفاته المسرحية: "الجدار الذهبي"؛ "مأساة اسطنبول"؛ "التميمة الثانية".
ومن أعماله الأخرى: ترجم إركين وحيدوف إلى اللغة الأوزبكية: ماساة غوته "فاوست"؛ واشعار س. يسينين، وأ. تفاردوفسكي، وم. إقبال، ورسول حمزاتوف، وغ. إمينس، وغيرهم من الشعراء.
وبقي أن أشير إلى اللقاء الأول الذي جمعني بالشاعر الأوزبكي الكبير إركين وحيدوف عندما كنت طالباً بكلية الصحافة بجامعة طشقند الحكومية، وأعددت حينها مع يوسف حمداموف أحد المدرسين الشباب في الكلية مقالة عن الشبيبة في سورية، وزرناه معاً في مكتبه بمجلة "يوشليك" وسلمناه المقالة التي نشرت في أول عدد صدر بعد ذلك اللقاء. وفي عام 1984 ترجمت مقالة نشرتها إحدى الصحف المحلية الصادرة في طشقند وتحدث فيها عن انطباعاته لزيارته سورية ضمن وفد اتحاد الكتاب السوفييت، ونشرتها صحيفة البعث الدمشقية بعددها رقم 6371 تحت عنوان "مع الشاعر إركين وحيدوف" وزرته حينها في مكتبه بالمجلة وسلمته نسخة من الصحيفة. وفي تسعينات القرن الماضي شاءت الأقدار ليكون ابنه خورشيد بين الطلاب اللذين درستهم اللغة العربية في كلية اللغات الشرقية بجامعة طشقند الحكومية، وذات مرة فوجئت بدعوة حملها ابنه تدعوني لزيارته في بيته، وكانت جلسة حميمية على مائدة الغداء تحدث خلالها إركين وحيدوف عن ذكرياته وانطباعاته التي تركتها لديه زيارته لسورية، وعن الأدباء والشعراء العرب اللذين التقى بهم في طشقند ودمشق وأماكن أخرى.

بحث أعده أ.د. محمد البخاري بتصرف عن الرابط الإلكتروني: http://www.ziyonet.uz/ru/people/erkin-vahidov/ في طشقند بتاريخ 4/3/2014.