الثلاثاء، 20 يونيو 2017

الشخصية الإجتماعية والإسلامية الأوزبكية شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف


الشخصية الإجتماعية والإسلامية الأوزبكية شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف
شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف، هو عالم أوزبكي ومستعرب ودكتور في العلوم اللغوية ودبلوماسي ومربي ورجل دين وشخصية إجتماعية وإسلامية.
شغل خلال الأعوام الممتدة من عام 1982 وحتى عام 1989 منصب رئيس الإدارة الدينية لمسلمي وسط آسيا وقازاقستان، ومفتي الجمهوريات الخمس (أوزبكستان، وقازاقستان، وتركمانستان، وقرغيزستان، وطاجكستان).
سيرة حياته


ولد شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف بمدينة طشقند يوم 8/4/1937م في أسرة الشخصية الدينية الإسلامية المشهورة ضياء الدين خان بن إيشان باباخانوف. وتوفي فيها عام 2003م، وأنهى تعليمه في الصف العاشر بالمدرسة رقم 28 في طشقند، وفي عام 1955 إلتحق لمتابعة دراسته بمعهد طشقند للغات الأجنبية، كلية اللغة الإنكليزية. وفي عام 1961 إلتحق شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف كطالب دراسات عليا بمعهد الإستشراق التابع لأكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية بموسكو. حيث بدأ دراسة الأدب العربي والتعمق باللغة العربية.
وفي عام 1973 دافع عن أطروحته العلمية بموضوع "فئة الأرقام المزدوجة في اللغة العربية" وحصل على درجة دكتوراه الفلسفة في الأدب. وفي عام 1974 أصبح دكتور الفلسفة في الأدب شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف نائباً لرئيس معهد الإستشراق التابع لأكاديمية العلوم في اتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية، وتولى من عام 1975 منصب رئيس معهد الإمام البخاري الإسلامي في طشقند، وهو مؤسسة التعليم العالي الإسلامي الوحيدة في اتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية.
وأعار إهتماماً كبيراً لإصدار الكتب التعليمية لطلاب المعهد. وفي أكتوبر/تشرين أول عام 1982 تولى شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف بقرار القرولتاي (مؤتمر) منصب والده وأصبح رئيساً للإدارة الدينية لمسلمي وسط آسيا وقازاقستان ومفتي الجمهوريات الخمس (أوزبكستان، وقازاقستان، وتركمانستان، وقرغيزستان، وطاجكستان).
وبعد وفاة ضياء الدين خان بن إيشان باباخانوف في ديسمبر/كانون أول عام 1982 شغل أيضاً منصب رئيس قسم العلاقات الدولية في المنظمة الدولية لمسلمي اتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية. وفي عام 1985 ترأس مجلس الإصدار الدوري للقرآن الكريم.
ومن عام 1985 أصبح الدكتور شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف عضواً في الأكاديمية الإسلامية الملكية الأردنية.


واعترافاً بخدماته العلمية والإجتماعية منح شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف جائزة أبو علي بن سينا الدولية، وقلد وسام "الصداقة بين الشعوب".


أثناء تسليمه لأوراق اعتماده للملك الأردني
كما عين سفيراً مفوضاً فوق العادة لجمهورية أوزبكستان لدى جمهورية مصر العربية، والمملكة العربية السعودية، ومستشاراً لوزير الخارجية الأوزبكستاني أيضاً، وقدم شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف إسهاماً قيماً لإقامة وتطوير العلاقات الدبلوماسية للجمهورية المستقلة.
وبتاريخ 15/4/2003 توفي شمس الدين ضياء الدين خان أوغلي باباخانوف ودفن في مقبرة العائلة بمقبرة "غوئب أوتا" بطشقند.

* * * * *
طشقند 20/6/2017 دراسة مختصرة أعدها بتصرف: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية (DC)، تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة. بروفيسور، متقاعد. عن المادة المنشورة في الرابط الإلكتروني Ziyonet.

أهديك رسمي فإن الرسم تذكارا ويفنى الجسم ويبقى الرسم تذكاراً، تحية لروح الفنان التشكيلي السوري المبدع نذير إسماعيل




أهديك رسمي فإن الرسم تذكارا ويفنى الجسم ويبقى الرسم تذكاراً

تحية لروح الفنان التشكيلي السوري المبدع نذير إسماعيل




في تشرين أول/أكتوبر عام 2016 حملت صفحات الإنترنيت نبأ مفجعاً يعلن وفاة الفنان التشكيلي السوري المبدع نذير إسماعيل، الفنان الذي ربطتني معه ومع الناقد الفني المعروف طارق الشريف رحمه الله، والفنان التشكيلي أيمن الدقر، والفنان التشكيلي د. محمد غنوم، والفنان التشكيلي خليل عكاري، والفنان التشكيلي بطرس خازم، وآخرون صداقة من خلال عضوية جمعية أصدقاء الفن في أوائل سبعينات القرن الماضي وتطورت الصداقة مع نذير إسماعيل لنصبح أقرباء بعد زواجه من شقيقتي الفنانة التشكيلية السورية عناية البخاري. وشاء القدر أن يباعد بيننا في أواخر سبعينات القرن الماضي عندما التحقت بالدراسة الجامعية في الإتحاد السوفييتي السابق، واستقرت أوضاعي وأسرتي في العاصمة الأوزبكستانية طشقند حيث عملت استاذاً جامعياً حتى أحلت على التقاعد عام 2012، ولم تزل في مخيلتي زيارتي الأخيرة لدمشق الحب في صيف عام 2010 ولم أكن أتوقع أبداً أنها ستكون اللقاء الخير الذي يجمع بيننا في هذه الحياة الزائلة. وبصدق لا تساعدني المشاعر وحدها للكتابة عنه، ولكني أترك ذلك لبعض ما كتبه النقاد عنه وعن أعماله ونشاطاته الفنية الإبداعية ونشرته الصحافة في حينه.

محمد البخاري ونذير إسماعيل صيف عام 2010

تحت عنوان ""وجوه" نذير إسماعيل تعبر عن الأكثرية الصامتة من السوريين" نشرت صحيفة "تشرين" الدمشقية بتاريخ 18/4/2011 مقالة كتبها يوسف شغري وذكر فيها:

في زيارتي الأولى للعاصمة القطرية الدوحة، وأثناء تجوالي في سوق واقف، وسط المدينة (وهو سوق تراثي يشبه سوق الحميدية في دمشق)، لفت نظري في أحد أزقة السوق إعلانٌ عن معرض ثنائي لفنانين سوريين معروفين: نذير إسماعيل، ومصطفى علي، كان المعرض في صالة المرخية، تجولتُ في المعرض وكانت الأعمال موزعة على ثلاث صالات صغيرة واحدة في الطابق الأرضي واثنتان في الطابق الأول. وجدت نفسي وجهاً لوجه أمام تجربة الفنانين المعروفين.



كان هناك وجوم وصمت .. وجوه صامتة واجمة .. كان العرب يقولون "كأن على رأسه الطير" كناية عن الصمت !! وهنا في وجوه نذير إسماعيل الطير على رؤوس بعض شخوصه فعلاً وليس "كأن" .. الصمت والوجوم والعيون نصف النائمة .. إنهم الأكثرية الصامتة من الناس .. وجوههم طيعة يمكن أن تتشكل كما تريد: فهي تنتصب عمودياً أو متمددة أفقياً !! وفي أغلب الأحيان مصورة ليس جانياً "بروفيل" بل في مواجهة المشاهد.. وجوه تزدحم في فراغ اللوحة.. ويستخدم الفنان تقنية الكولاج فيلصق الصحف التي تظهر فوقها الوجوه .. مرسومة فوقها وهذه الوجوه يمكن أن تكتب عليها أي شئ .. تبصم في خلفية هذه الرؤوس وتشكل وعيها وسائل الإعلام..فيسود صمتها وسكينتها!!.. عيون مغمضة أو شاخصة يسودها الوجوم!! إن تجربة نذير إسماعيل التعبيرية العميقة هذه تدل أنه شاهد على زمنه فهو يصور الأكثرية الصامتة المهمَّشة وربما التي يمحوها في اللون أو لا يرسم الفنان لها فماً أو لساناً ليتكلم!! ولا يملُّ الفنان من تكرار موتيفاته مراراً وتكراراً.. ذلك لأنها حالة مستمرة لسنواتٍ طويلةٍ .. وهي تجربة تعبيرية بامتياز اعتمد الوسائط المتعددة من أحبار وألوان ممددة وكولاج لبعض الصحف والصور الفوتوجرافية .. الخ وغالباً ما يلجأ الفنان إلى لون سائد في معظم مساحة اللوحة فيستخدم الألوان الحارة الفاتحة ولكن الممددة كالأصفر والبنيات بأنواعها ولا شك أن هناك تقشف في التنوع اللوني الذي يعوضه الفنان بالتعتيم والإضاءة ما بين الخلفية والموتيفات التي يبدعها الفنان وهو لا يلجأ إلى تضادات قوية لأنه يريد أن يعبر عن السكون والوجوم والصمت وليس الصخب والعنف والثورة!! حتى أنه في أحيانٍ كثيرة يستخدم الألوان الحيادية كالأبيض والأسود لأنها تصعِّد الحسِّ التعبيري الذي أراده الفنان!! ويتنوع التكوين في أعمال الفنان نذير إسماعيل، فهناك التكوين المثلثي حيث تصطف العناصر على شكل مثلث قاعدته إلى أسفل اللوحة، أو التكوين الذي يملأ الكادر بوجوه الناس الصامتين بحيث تتوزع العناصر على مساحة اللوحة. وأحياناً تصطف الوجوه عمودياً مستندة إلى أسفل اللوحة، يقابلها عادة صورة الطير الأفقي الذي يصوره أحياناً على رؤوس بعض الوجوه التي تعتبر الثيمة الرئيسية في هذه المجموعة من أعمال الفنان. ترمز السمكة في بعض الأعمال ما يمكن أن نسميه الرزق الذي يجعل هذه الحشود صامتة وكأن على رأسها الطير!! ونرى أحياناً في بعض اللوحات بعض الوجوه رُسمت أفقياً وهذا يدل على أن هؤلاء الناس يمكن تشكيلهم بالطريقة التي يُراد لها أن تكون: لا إرادة لها، طيعة كالعجين !! لقد عبَّر الفنان نذير إسماعيل بأسلوبه المميز الذي قلَّده فيه الكثير من الفنانين، عن واقع الناس في الزمن الذي عاش فيه الفنان. وحسبه أن يكون شاهداً على عصره!!



وتحت عنوان "التشكيلي نذير اسماعيل: أرسم آمال وآلام الناس التي تشبهني" نشرت وكالة أنباء "سانا" يوم 31/8/2014 تقرير صحفياً كتبه مراسلها سمير طحان، وجاء فيه:



يعتبر التشكيلي نذير اسماعيل من أهم التشكيليين العرب الذين اعتمدوا البورتريه كموضوع يقوم عليه مشروع لوحتهم الفنية مقدما عبر رحلة طويلة مع الوجوه والألوان عدة تجارب في التقنيات والخامات.

ورغم تركيز اسماعيل على البورتريه إلا ان تجربته غنية جدا بقيم فنية متنوعة وأحاسيس إنسانية مختلفة ومتناقضة ما أعطاه تميزه وحضوره المختلف.

حول عمله الفني خلال الفترة الأخيرة يقول التشكيلي اسماعيل في حديث لـ سانا: إن الأزمة أثرت علي كغيري من الناس فمرت فترات طويلة لم أعمل بها ولكني لم أستطع الابتعاد عن اللوحة كونها عملي الذي احب فبدأت أعود اليها بالتدريج حتى عدت للعمل كالسابق.

ويتابع: لا أعتقد أن الفنان بإمكانه أن يتوقف عن العمل ولكنه يتأثر بالظروف المحيطة به لكونه انساناً يتفاعل مع محيطه وهو أكثر حساسية من غيره مبينا أن الأزمة لم تؤثر بشكل مباشر على الفن التشكيلي فاللوحة ليست شكلا توضيحيا وليست كاريكاتور ولكنها انعكاس لاحساس ورؤية الفنان لما يعيشه.



وعن تأثر لوحته بالظروف التي نعيشها يوضح اسماعيل أن المشاهد هو من يحكم كيف أثرت الأزمة على عمله الفني فأنا لا يمكنني تفسير ما أرسم بالكلمات.

ويقول: إن الأزمة تسببت بتشظي كبير بين الفنانين التشكيليين من خلال مغادرة عدد منهم لخارج البلد ومنهم من حوصر في منطقته نتيجة الأحداث فيها فالأزمة شملت البلد والناس ككل ومن هنا تأثرت الحركة التشكيلية بتغير ظروف العمل والعرض.

ويتابع: الأزمة طرحت أسئلة هامة على الفنان التشكيلي مثل لمن يعمل الفنان ولمن يعرض لوحاته واين سيعرضها وهذه الأسئلة تعبر عن الظروف الصعبة التي نعيشها.

ويرسم التشكيلي اسماعيل الناس الذين يشبهونه وعبر لوحاته ينقل أحلامهم وآلامهم ويصور حياتهم التي هي حياته أيضا ويقول: إن الفنان الجدي الذي يقدم فنا حقيقيا لا ينساق في عمله مع السوق فهو إما أن يكون فناناً أولاً وأخيراً أو يكون شخصا جاهزاً ليبيع نفسه وفنه كما تشاء السوق بعيداً عن قناعاته.




وحول الأنشطة والملتقيات الفنية في هذه الفترة يرى اسماعيل الذي يحضر لمعرضه في الإمارات نهاية العام أن أهمية هذه الملتقيات تكمن في إتاحة الفرصة للفنانين المشاركين بالحوار فيما بينهم واللقاء والتعرف على بعضهم أكثر مما يكرس الألفة بينهم ويكسر الحواجز والبعد وعدم التواصل.

ويقول: تساعد الملتقيات الفنية على تحريض حس العمل عند الفنانين إلى جانب تفعيل الاستفادة من تجارب بعضهم البعض مبينا أن أي نشاط في هذا الوقت يساعد على النهوض بالفن التشكيلي والعودة للحياة الطبيعة للمجتمع والحركة التشكيلية.

ويؤكد اسماعيل أن الجيل الشاب من الفنانين ما زال يعتمد على من سبقه من التشكيليين في تكوين خطه الخاص وهذا امر منطقي وإذا أتيح لهؤلاء الشباب الدعم اللازم وفرص العمل فمن الممكن أن تتسرع مسيرتهم ويقطعوا أشواطا في مشوارهم الفني.

ويقول: إن الفنان الذي يريد الوصول لمبتغاه عليه أن يعمل تحت كل الظروف وإلا يقدم التنازلات على حساب قيمة عمله الفني وإلا سيكون متكسبا يسعى لبيع أعماله فقط وليس فناناً.




وعن حضور العمل التشكيلي السوري في الخارج يشير اسماعيل إلى أن الفن التشكيلي السوري يتميز بالجدية وان هناك فترات مرت على هذه الحركة الفنية كان التنافس فيها على الجودة في العمل الفني فقط فعندها لم يكن هناك سوقا فنية وبيع للأعمال كما اليوم وهذا ولد جيلا من الفنانين الحقيقيين واعطى للحركة التشكيلية ميزتها الأساسية التي عرفت بها في الداخل والخارج.

ويوضح الفنان الذي أقام مؤخرا معرضا في بيروت أنه متفرغ للعمل الفني منذ أكثر من سبعة وعشرين عاما وأن لوحاته تلقى رواجا وإقبالا في الخارج وبنسبة أكبر مما هي عليه في سورية مبينا أنه لا يفكر بمتطلبات السوق الفنية عندما يرسم انما يقدم ما يحسه عبر اللوحة ليأتي العرض والبيع بعدها كتحصيل حاصل.




ويعبر التشكيلي اسماعيل عن تفاؤله بمستقبل الفن التشكيلي السوري وسورية عموماً ايمانا منه بالانسان السوري وقدرته على مواجهة الصعاب والإبداع في أسوأ الظروف ويقول: إن الأزمة التي نعيشها كبيرة وستتسبب بتغيرات كثيرة ونتمنى أن تكون للأفضل وأن تكون هناك ولادة جديدة لسورية بعد انتهاء كل هذه المعاناة.

يذكر أن الفنان نذير اسماعيل من مواليد دمشق عام 1948 مشارك دائم في معارض وزارة الثقافة منذ عام 1966 وليده اكثر من 52 معرضا فرديا داخل سورية وخارجها وحاصل على عدة جوائز محلية ودولية ومتفرغ للعمل الفني منذ عام 1987 وأعماله مقتناة داخل سورية وفي الكثير من دول العالم ضمن مجموعات خاصة.

وتحت عنوان "الفنان التشكيلي نذير اسماعيل.. أعمالي شهادتي على الزمن الذي أعيش فيه" نشرت وكالة أنباء "سانا" بتاريخ 14/5/2015 تقريراً صحفياً كتبته سلوى صالح، وجاء فيه:




تحدث الفنان التشكيلي نذير اسماعيل المولود في دمشق عام 1948 عن بداياته الفنية وجوانب من مسيرة حياته الابداعية في ندوة حوارية أقامها اتحاد الفنانين التشكيليين في صالة الرواق بالعفيف وسط حضور نخبوي متخصص في مجال الفن التشكيلي.

وأوضح الفنان اسماعيل في الندوة التي ادارها الصحفي اكثم طلاع ان بداياته التشكيلية كانت مع الفنان الراحل فاتح المدرس الذي قدم له آنذاك مجموعة من النصائح كانت أهم النقاط المضيئة في حياته إضافة إلى إقامته في بيروت لمدة سبع سنوات أتاحت له في بداية الستينيات الاطلاع على النشاط التشكيلي هناك إذ كان في بيروت 22 صالة عرض في الوقت الذي كانت تفتقر فيه دمشق لمثل هذه الصالات فكان أول معرض أقامه في بيروت بغاليري /ون/ للفنان يوسف الخال واول مرة عرض في دمشق عام 1966.

وبين اسماعيل انه بالرغم من أنه أقام خمسين معرضا شخصيا في دول مختلفة من العالم إلا أنه لايزال يعتبر نفسه في طور التجريب حتى الآن موضحا أن أعماله هي سجل لتجارب فاشلة تمثل حافزا لعمل شيء مختلف في كل يوم إذ يرى الفن كعمل مواز للواقع فقيمة عمل الفنان أنه شاهد على الزمن الذي عاش فيه أعمالي هي شهادتي على الزمن الذي أعيش فيه.




وفي رده على أسئلة الحضور قال الفنان اسماعيل إن الوجه هو موضوعه الاساسي وربما يعود اهتمامه بالوجوه الى أنه لم يعرف أباه إلا من خلال صورة له كونه عاش يتيما وأن تراكم هذه المشاعر جعله يتوجه إلى رسم الوجوه الصامتة موضحا أنه يرسم الناس الذين يشبهونه ويرسم الانسان دون تحديد ما اذا كان رجلا أو مرأة.

وخلص إلى القول أن الفنان عندما يرسم فهو يمارس حريته وهو مدعو للحفاظ على هذه الحرية لكي يستمتع بما يعمله ويقدمه للآخرين.

وأكد فنانون من الحضور أن نذير اسماعيل فنان مجد وخلاق في العمل وهو باحث دائم في التقنية حيث استخدم طرقا غير تقليدية في التلوين بعد أن أوجد بدائل من خلال تصنيع المواد والأدوات اللازمة لانجاز اللوحة ماجعل اضافاته التقنية تدخل في عملية الابداع لديه.




وقال الفنان التشكيلي أنور رحبي لـ سانا إن الفنان اسماعيل هو أحد الاسماء الحاضرة في المشهد التشكيلي السوري وهذا الحضور ينتمي إلى تاريخه الفني وفي الندوة سبر لأغوار تجربته والتأكيد على ملامح هذه التجربة من خلال ما يريد أن يقوله وهناك شق نقدي يتعلق بتجربته والوقوف عند عدة نقاط في مسيرته الابداعية.

وأضاف أن اسماعيل أسهم في صناعة الفكرة البصرية باللوحة وهو يعمل على تجميع الأفكار وبالتالي يبلور هذه الملامح ويؤكد على بعض الخطوط ففي أعماله الكثير من الغرافيك إضافة إلى الملونات والأحبار التي يقوم بصناعتها فلا تأتيه الألوان معلبة فهو استعاري لكن هذه الاستعارة يقومها لصالح عمله وبالتالي يجيد خياطة المنسوج الخطي أو اللوني بأشكال تتوافق وجملة العناصر التي يعمل من خلالها.

وتابع الرحبي أن اسماعيل يعمل على حس ذاتي من خلال مخزون الذاكرة عنده حيث يخزن كثيرا من العناصر أو الملامح الموجودة في الحياة ويجيد توضعها في العمل لذلك نجد في اللوحة الواحدة أكثر من عشرة أشخاص لكن كل شخص له حالة تعبير أو استقراء لما يراه من خلال مجموعة الأشكال البشرية وهو يتمتع بشيء مختلف عن الفنانين الآخرين فيرسم كما يتكلم أي أن رسومه تشبهه بحيث يقدم نفسه أكثر صدقا وأكثر قيمة في التناول وعندما يقدم عملا لا يقدمه بطريقة بانورامية تبرز عضلات الفنان بل يقدم استقراء ذاتيا لحالة استطاع أن يقدمها في فهرسه الفني.



وتحت عنوان "نذير اسماعيل في دار كلمات في حلب.. الفن مع فنجان قهوة الصباح واليدان مغمستان باللون" نشرت الصفحة الإلكترونية ishtak @ scs- net. Org بتاريخ 15/6/2015 مقالة كتبها عصام درويش، وجاء فيها:

 نذير اسماعيل - دار كلمات حلب 2004

في معرضه الأحدث تحت عنوان "أحافير الوجه البشري ومقامات الروح» الذي أقيم في دار كلمات للفنون والنشر في حلب أواخر الشهر الماضي عرض الفنان نذير اسماعيل 25 عملاً من أحدث إنتاجه وقدمته الدار كمصور لـ «بشر لا ملجأ لهم سوى ذواتهم القلقة. وجوه متراصة يلفها القلق الداخلي للإنسان. في صمت وجوه نذير اسماعيل حزن دالية غزاها الشيب وحكاية من حكايا السنديان العتيق".

ولكن وصف نذير اسماعيل الرئيسي سيظل مرتبطاً بالتجريب الفني الذي لا يهدأ ورغم أننا سنستمر أمام وجوهه التي يقدم لنا عدداً من الصعب إحصاؤه لظهورها فإننا سنظل نطرح اسئلتنا حول تقنياته المتعددة والتي تمنح مشروعه في التعبير عن أزمة الإنسان الوجودية وقلقه حول مصيره متعة بصرية خاصة.




لم يدرس نذير اسماعيل الفن في أكاديمية أو معهد، وهذا ما جعل لإنتاجه الفني نكهة مميزة وخط صعود خاصاً، ورغم أننا ندرك الآن، بعد عقود من الحوارات النقدية الجادة الحادة، أن الفن لا تحده حدود ولا يقف عند إشارات ضوئية إجبارية ولا يخضع لتصنيفات ضيقة اخترعها ضيقو أفق من هنا وهناك إلا أن تجربة نذير اسماعيل ظلت تفلت أكثر من العديد من التجارب التشكيلية السورية من عسف المرجعية. ويمكن القول إن فضلاً كبيراً في ذلك يعود إلى عدم خضوعه منذ البداية لأسر الدراسة الأكاديمية رغم فضل تلك الأخيرة على الكثيرين ممن استفادوا منها واستطاعوا الانطلاق منها لآفاق إبداعية مميزة.

وهو من الفنانين القلائل في سورية الذين يعيشون يومهم في الفن وللفن. الفن مع قهوة الصباح واليدان مغمستان باللون. والفن في حوارات النهار، والفن في هدوء الليالي. ومعرضه الحالي استمرار وتعميق لاهتمام انصب على الوجه البشري منذ البداية في العام 1966، عام المشاركة الأولى في المعارض العامة.

وتبدو وجوهه الآن مثل «.. لوحات على ورق معالج بتقنيات متنوعة ذات مغزى ودلالات، وجوه يصعب وصفها وتحديد هويتها.. وكأن عملية الحت والتمهيد والتسطيح والتعبيد والطمس التي تمارس على الفرد لا تترك له إلا بقايا من الإنسانية حتى أنه لا يستطيع أن يتبجح بفرديته إلا بصعوبة، فليس هناك إلا نسخ متعددة ومتجاورة، محشورة كما السردين في حيز لا يترك أي هامش للتحرك لأن أدنى حركة ستشيع الفوضى في نظام هذه المقبرة..» كما يقول جوزف طرب في اللوريان لوجور عن تجربة اسماعيل ونشاهد هنا أيضاً، من جديد، وجوه نذير اسماعيل، بورتريهاته، تكويناته الإنسانية، بشره الذين يقفون غالباً بمواجهتنا دون أية نأمة مثل أشخاص جمدوا في لحظة رعب، أو كمحفورات على حجر في غرف دفن قديمة.




يعيد إنتاج تكويناته وخلطاته اللونية وظلاله وأضوائه بأقصى ما تستطيع المساحة أن تتقبل التنوع. ينثر وجوهه على المساحة البيضاء في الأعلى والأسفل والمنتصف واليسار واليمين وفي خضم هذا الاحتدام على خشبة مسرح اللوحة يؤكد على أشخاص فيحتلون مقدمة الخشبة بينما يغيب زملاؤهم فلا يبين لنا منهم سوى أعلى رؤوسهم وهي تنحدر إلى الأسفل، ويؤكد على بعضهم بألوان وخطوط واضحة تجلبهم للمقدمة بينما يختفي الآخرون في ضباب الخلفية الباردة.

وفي هذا الخلط بين الشكل والمعنى، طرفي المعادلة الصعبة، يتأكد التلاحم في رؤيته حيث تندغم الجملة التشكيلية بمثيلتها الجوانية فتظهر لنا هذه الحساسية والرهافة في الإظهار والإخفاء، في التأكيد والإبهام، في التقريب والإبعاد والتي تمنح أعماله ذلك الحبور الذي ينتج أيضاً عن التنوع في اللون والظلال والشفافيات وظهور لون تحت لو ن وفي استخدام ممتع لبقع الضوء.

ونعرف أن تلك الحبكات إنما صنعت لتأكيد البعد التعبيري في العمل ولإظهار ذلك الأسى والمرارة والأسئلة الكبرى عند شخصياته وهنا يكمن سر جمال العمل الفني حيث تلتقي الصنعة الفنية مع البعد الإنساني في علاقة داخلية حميمة وتزداد قيمة العمل الفني كلما أصبحت عملية الفصل بين السطح و المعنى أكثر صعوبة.

لا يوجد أفق

لا ينفتح الأفق ولا ينسد لأنه وببساطة لا يوجد أفق، إنه معرض كامل دون أفق، لا نلمح أفقاً ولانحس بالأفق. يغلق نذير اسماعيل الأفق إذ يرسم.

وجوه إلى جانب بعضها. وجوه فوق بعضها، حرة أو مؤطرة لا تدري غالباً بوجود بعضها. هي وجوه مدينية ولكننا لا نرى أيضاً بيئتها، نحس فقط بالاكتظاظ والضيق ويبدو إنسانه هنا مثل سجين طليق يحمل قفصه في عينيه أو مثل طالب للعدالة لايمسك في نهاية النفق إلا بظلها الثقيل.




وهو يعمد إلى إشارات بالغامق غالباً لصنع ما يزعم أنها ملامح إنسانه، دون فم عموماً يواجهنا وكأنما نرى أنفسنا في مرايا عجيبة تكشف المخبأ فنحس بأنه نحن، دواخلنا، صبواتنا وانكساراتنا ونعرف أنه برفضه تصوير كائن معين قام بتصويرنا جميعاً مثل صور تذكارية التقطت لقبائل تائهة رسمت على حيطان أزمان وأمكنة مجهولة.

ورغم أن أعماله لا زمن لها إلا أنه اهتم منذ البداية باقتفاء أثر الزمن وتسجيله في بحثه التقني المضني وفي اختياره لخاماته حيث سعى لاطلاعنا على أثر الزمن على المادة... قوة ضوء الشمس المتلاف الذي يبعثر ويوحد ويشتت والآثار الغرافيكية المتعاقبة للبشر والغبار الذي يتوضع على الأشكال وربما يتوضع جزء منه على القلوب.

ishtak @ scs- net. org

- نذير اسماعيل

- دمشق 1948 - يشارك في المعارض العامة منذ 1966 - معارض فردية في: دمشق­ حلب­ اللاذقية­ درعا­ دير الزور ­بيروت­ عمان­ دبي­ القاهرة­ باريس­ جنيف منذ عام 1970. - معرض استعادي لأعمال من 1965­ 1996 معهد غوته­ دمشق - الجائزة الثالثة للفنانين الشباب 1971 دمشق - جائزة انترغرافيك برلين 1980 - الجائزة الثالثة لبينالي الشارقة.




وتحت عنوان "رحيل التشكيلي المبدع نذير إسماعيل" نشرت صحيفة "الثورة" الدمشقية بتاريخ 13/10/2016 خبراً جاء فيه:

غيّب الموت صباح الأمس الفنان التشكيلي نذير اسماعيل عن عمر ناهز الثامنة والستين عاماً.

ونعى اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين الفنان الراحل، مبيناً أنه تميز بغنى فريد في بحثه الدائم عن تقنيات جديدة تخدم تجربته التشكيلية التي يختزل من خلالها تعابير إنسانية مختلفة ومتناقضة يظهر فيها إحساسه بالمحيط وكيفية ترجمته لكل ذلك من خلال رسم الوجوه التي أصبحت علامة فارقة لأعمال هذا الفنان .‏

التشكيلي نذير إسماعيل من مواليد مدينة دمشق في 1948، له أكثر من خمسين معرضاً فردياً في سورية ودول العالم، وهو من المشاركين الدائمين في المعارض الفنية الجماعية المحلية والعربية والعالمية، حصل على جوائز عديدة وثناءات محلية وعربية ودولية، مثل جائزة الغرافيك في برلين عام 1980، ويُعتبر من أهم التشكيليين العرب الذين أسسوا مشاريعهم الفنية على جماليات البورتريه.‏




وعلى صفحات الإنترنيت كتب غازي عانا Ghazi Aana مقالة جاء فيها:

ثراء تقني وتشكيلي يغمر المشهد الفنان التشكيلي نذير اسماعيل يغادرنا إلى حيث الراحة الأبدية ..تحية إلى روحه التي ستبقى تفيض بالوداعة والمحبة والسلام .

الفنان التشكيلي نذير اسماعيل يغادر المشهد التشكيلي إلى حيث عوالم شخوصه والتي دائماً كان يحاول أن يمنحها بعض الأمل بالحياة رغم احتضارها من شكلها .. إلاّ أنه بعد اليوم لن يستطيع أن يقدّم لها شيئاً سوى المزيد من الشعور بالأسى والحزن لفقدانها حتى ذلك الأمل فغادرها إلى حيث لا رجعة ولا أمل بالنجاة .. غادرها وغادرنا إلى حيث الراحة الأبدية وتركنا من غير ولا نذير أمل باللقاء ولا حتى الوداع .. فقط 
..
إن ما كان يميّز تجربة الفنان نذير اسماعيل على مدار أكثر من أربعة عقود منصرمة، ثراءها التقني والتشكيلي في آن، وإخلاصها من جهة ثانية للموضوع (البورتريه) الذي بقي يسعى باجتهاد في كل محاولة رسمه اكتشاف تفاصيل جديدة ومعالم تعبير مختلفة تجعل في كل وجه ما هو مهم ومثير للدهشة، من المفاجآت التي يفصح عنها مع كل إطلالة من ذلك الوجه أو من مجموعة الوجوه المحتشدة في اللوحة، تعبير يفيض على شكل مؤثـّرات حسية تعكس بصدق أقصى ما يمكن أن تعانيه تلك الشخصية أو غيرها في نفس الكادر من آلام، أو حالات إحباط وقسوة تظهر بأشكال مختلفة على مربعاته التي تضمّ كل هذه العناصر مجتمعة بنفس المستوى من الحضور لتقديم لوحة معاصرة وحداثية بما يعنيه ذلك المصطلح من أشكال تعبير جديدة .




إن تلك اللحظات الساخنة من التعبير في الوجوه التي يجسّدها الفنان في أوج انفعالها أو تدفقها بالعاطفة، غالباً ما يعتمد في ذلك على اللون ومدى قدرته على عكس تلك الحالات المتباينة في قسوتها والتي تفيض بها العيون حتى المغمضة منها أحياناً، والتي تكون عادة منفتحة أكثر على الداخل، الذي غالباً ما نقرأه في تلك التضاريس التي تـُظهر معاناة هؤلاء، مستفيداً من الكولاّج الذي يضيفه أحيانا، ومن طبيعة المادة التي يحضـّرها للرسم بنفسه في معظم الأحيان، وهنا لا بد من الإشارة إلى أهمية التفاصيل في لوحة لا تعتمد الشكل في أدائها، والذي يأتي مكثفاً كنتيجة حتمية لبحث تقني على الموضوع الإنساني ببعديه النفسي والاجتماعي.




إذن التفصيل هنا لا يعني أكثر من الاهتمام بتحقيق شروط اللحظة من حيث الاستفادة من مزايا اللون بقوامه وخواصه وزمان ومكان استقراره، وبالتالي فلا تحتمل هذه العملية أي خلل قد يؤدي إلى فقدان الإحساس أو العاطفة المُتضمّنة لذلك التعبير الذي كان أساسياً لتحقيق غاية العمل أو اللوحة، والتي تجمع بامتياز كل هؤلاء الأشخاص على حالة من الحلم، في حين لم تتخلَّى عن بعض الواقع الذي قرّب المسافة ما بيننا وبين تلك الوجوه التي تبدو مستهجنة، مستغربة ودائماً حزينة، محبطة إلى درجة تجعلنا نُشكـّك في مدى قدرتها على الاستمرار في هذا الشكل المتأخر من الحياة .




إن قدرة الفنان على استنباط أشكال مغايرة للتعبير من خلال تجريبه الدائم في المواد والأدوات الخاصة بمختبره التقني الأكثر غنى من حيث التنوع، وهذا برأيي ما عزّز لديه الثقة بمشروعه الفني وقدرته على مواكبة التطوّر الكبير الذي شهدته الفنون التشكيلية في أكثر من موقع ومكان في العالم منذ فترة، هذا النشاط والتواصل الاجتماعي مع المشتغلين بالفن عموماً ربما شكل بالنسبة إلى تجربة الفنان وباللاّوعي عاملاً أساسياً في تصعيد دراما مَشاهده عموماً، هذا بالإضافة إلى حيوية اللون في غياب بعض الشكل أو حضور ظلّه، بينما تظهر أحياناً بعض الوجوه متباينة في تماهيها بين مقدمة المشهد ونهاياته.

يقول الفنان: (أنا أعمل بطريقة تعبيرية، محاولاً نقل الحالة النفسية والشعورية، عبر اللون والخط، والجو العام للوحة، لا أريد أن أحكي قصة وجه عبر تفاصيله الكاملة، بل أحاول فتح نافذة للحوار مع الحالة الإنسانية.).

كان نذير اسماعيل الفنان الشاب بجيل الستينات، حيث بدأ من هناك أول خطواته، وإلى آخر يوم في حياته يشارك بحيوية نشاط جيل الشباب من الفنانين، والأهم أنه بقي إلى ذلك الوقت يبحث عن المُختلف من أجل خصوصية لم يسعَ إليها في أي وقت بقدر ما سعت هي إليه، كنتيجة طبيعية لهذا المسار التجريبي الشاق، الممتع والطويل من الإبداع .

فبالإضافة إلى التشخيص (الإنسان كقيمة عليا في الحياة) العنصر الرئيسي في لوحات الفنان نذير اسماعيل، نلاحظ أيضاً بعض الطيور التي تشبه الأقمار أو الأهلّة، تعلو بعض الوجوه متناغمة مع ما تبقى من عناصر ومؤثّرات في الخلفية التي لا تختلف كثيراً في ألوانها عن التي في المقدمة، باستثناء بقايا وآثار لأخيلة تظهر وتغيب قبل نهاية المشهد تعكس أمنيات ومشاعر نبيلة أقرب إلى حلم يذكّرنا بأيقونة شرقية معاصرة.




وداعاً نذير اسماعيل الصديق النبيل .. سأشتاقك .. سأتذكرك في كل التفاصيل الحميمة في مشغلي ودمشق القديمة وحارة الفنانين التي ستبقى تفتقد غيابك، وهي تستحضر وقع خطواتك المثقلة ورجع أنفاسك وتعب الأيام الأخيرة .. ستبقى تتذكرك وأنت المولّع بها وبأسواقها وأشواقها .. ستشتاقك هي أيضاً كما كل الدمشقيين الرائعين.

رحمة الله عليك نذير .. لتسترح نفسك بسلام .

ولأهلك ومحبيك خالص العزاء والسلامة والصبر الجميل .

>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>>> 

نذير إسماعيل من مواليد دمشق 1946 - مسجّل 1948 مشارك في المعارض العامة منذ 1966. أقام عدداً من المعارض الفردية كما شارك خارج سوريا في معارض وتظاهرات فنية "بيروت، عمّان، دبي، القاهرة، باريس، فاميك، جنيف" .متفرّغ لإنتاج العمل الفني منذ عام 1987. بدأ يعرض فردياً منذ 1970 وعرض له عمل من تلك الفترة في مزاد "كريستي" للفن - دبي 2009 .

الجوائز :- الثالثة للشباب - دمشق 1971 .- أنترغرافيك – برلين 1990 .- الثالثة لبينالي الشارقة 1996.



وتحت عنوان "التشكيلي نذير اسماعيل يرحل لعالم شخوصه الحالمة تاركا تجربة فنية فريدة" نشرت وكالة أنباء "سانا" يوم 14/10/2016 تقريراً صحفياً كتبه محمد سمير طحان وجاء فيه:

لطالما كان التشكيلي الراحل نذير اسماعيل المولود في دمشق عام 1946 فنانا مجربا على سطح اللوحة في الاسلوب والتقنية لا يعرف الاستكانة لنمط أو تكنيك أحادي الشكل بل كان دائم التجدد رغم البصمة الراسخة لشخوصه التي كانت بطلة لوحته الأولى.

الفنان الذي رحل بالأمس عن عمر سبعين عاما وتجربة فنية استمرت أكثر من خمسين عاما دون انقطاع وبحضور قوي في المشهد التشكيلي السوري داخليا وخارجيا ترك إرثا فنيا غنيا في عالم لوحة البورتريه والشخوص المشغولة بأسلوب تعبيري فريد بعيونها الواسعة الحالمة الطامحة لحياة أجمل وبملامح بريئة وفطرية خالية من الزيف والتجمل والبهرجة لصالح البساطة والخطوط البسيطة بتناغم لوني مميز يمزج الأضداد ويدعو للتأمل.




سعد القاسم قال في تصريح لـ سانا في معرض حديثه عن الراحل “كانت خيوط البسط الملونة في المشغل المجاور لمنزل عائلة نذير إسماعيل في حي الميدان بدمشق أول صور تبني ذائقته الفنية وتحفز روح الإبداع الكامنة في أعماقه التي تطورت عندما أخذ يتابع باهتمام أعمال الفنان الفطري أبي صبحي التيناوي ويلتحق بعد ذلك بمركز الفنون التطبيقية”.

وتابع القاسم.. “بعد وقت قصير أقدم اسماعيل على عرض تجربته أمام الفنان المعلم فاتح المدرس لتكون ملاحظات الأخير نقطة انطلاق مفصلية في تجربة نذير إسماعيل لأنها قدمت له ما يشبه المنهاج التدريسي وساعدته على إطلاق موهبته في مجالات التجريب الرحبة سواء على مستوى بناء اللوحة أو على مستوى البحث التقني الذي شمل استخدام مواد مهملة للحصول على تأثيراتها البصرية الخاصة ما منح تجربته هوية مميزة وقدرة كبيرة على التعبير”.

وأوضح القاسم أن لوحة الفنان الراحل تنتمي إليه شخصياً أكثر من انتمائها إلى أي مدرسة أو اتجاه أو أسلوب ما منح تجربته خصوصية محببة جعلت أعماله دائمة الحضور في المعارض السورية مع القدرة على جذب الانتباه وإثارة الإعجاب إضافة إلى الخصوصية الإنسانية التي امتلكها واتسمت بالصدق واللطف والحيوية معتبرا أن غيابه خسارة للحياة الثقافية والإبداعية في سورية.




بدوره قال التشكيلي والناقد غازي عانا.. “غادر الفنان اسماعيل المشهد التشكيلي إلى حيث عوالم شخوصه والتي دائماً كان يحاول أن يمنحها بعض الأمل بالحياة رغم احتضارها من شكلها”.

وتابع عانا.. “يميز تجربة الفنان الراحل ثراؤها التقني والتشكيلي في آن وإخلاصها من جهة ثانية لموضوع البورتريه الذي بقي يسعى باجتهاد في كل محاولة رسمه لاكتشاف تفاصيل ومعالم تعبير جديدة ومختلفة” مؤكدا أن اسماعيل ظل يشارك بحيوية نشاط جيل الشباب من الفنانين ويبحث عن المختلف من أجل خصوصية جاءت كنتيجة طبيعية لهذا المسار التجريبي.

ولفت عانا إلى أن الراحل استخدم بعض الطيور التي تشبه الأقمار أو الأهلة تعلو بعض وجوه 

لوحاته متناغمة مع ما تبقى من عناصر ومؤثرات في الخلفية التي لا تختلف كثيراً في ألوانها عن التي في المقدمة باستثناء بقايا وآثار لأخيلة تعكس أمنيات ومشاعر أقرب إلى حلم بأسلوب يذكرنا بأيقونة شرقية معاصرة.



أما التشكيلي موفق مخول فرأى أن الفنان نذير اسماعيل من أهم الفنانين الذين أسسوا للوحة السورية المعاصرة وكان له دور مهم في ظهور اللوحة السورية خارج البلد وكان يعشق البساطة في اللوحة وخاصة في اللون والخط واهتم برسم وجه الإنسان وتبسيطه.




وقال التشكيلي سموقان.. “نذير اسماعيل تجربة رائدة في التشكيل السوري عمل بمحبة على سطح لوحته واستخدم الأحبار والألوان لتشكيل حالة كشف لقيم تعبيرية من مخزون ذاكرته البصرية محافظا على اللون الجميل ليصير مفردة تشكيلية تخصه وحده لها من الخصوصية والفرادة إلى الحد الذي جعلها تخص التشكيل السوري المتميز”.

وتابع سموقان “كان الفنان الراحل يعمل بصمت وبجد جريء لا يخاف من تكرار الشكل لأنه يكشف أكثر مما يبتكر وعندما رحل ترك خلفه آلاف الأعمال التي غايتها الإنسان والأرض”.




من جهته قال التشكيلي سرور علواني “حمل الراحل اسماعيل روحا رائعة بقلب ملائكي وعندما التقيته منذ أربعين سنة كنت حديث العهد بالثقافة الفنية وعرضت عليه مهاراتي الفنية في الرسم فنظر إليها مليا وقال.. الفن ليس استعراضا ولا يقتصر على المهارة اقرأ جيدا وفكر كثيرا قبل أن تحمل صفة فنان”.

التشكيلي وليد الآغا أكد أن الفنان الراحل كان من الفنانين الذين لهم مكانة في المشهد التشكيلي السوري ومكانته لا يمكن أن يملأها غيره وتمتع بدماثة أخلاقه وبابداع مميز أينما عرض أعماله كما يعتبر من الفنانين المجربين بدون كلل بامتياز مبينا أننا خسرنا في رحيله فنانا قل مثيله بكل ما تعنيه الكلمة.

التشكيلية عناية البخاري زوجة الفنان الراحل كتبت على حسابها الخاص في موقع الفيس بوك بعد اعلان خبر وفاته.. “ودعنا اليوم صباحاً فقيدنا نذير اسماعيل تاركاً ذكريات مليئة بالود والمحبة عاش حياة مصادقاً فيها الجميع ملهماً من حوله كرس حياته للفن وعائلته لون حياتنا بالمحبة والحكمة.

الفنان الراحل نذير إسماعيل من مواليد دمشق 1946 مشارك في المعارض العامة منذ 1966 أقام عدداً من المعارض الفردية كما شارك خارج سورية في معارض وتظاهرات فنية في كل من بيروت وعمان ودبي والقاهرة وباريس وفاميك وجنيف بدأ يعرض فردياً منذ عام 1970 وتفرغ لإنتاج العمل الفني منذ عام 1987 عرض له عمل في مزاد كريستي للفن دبي 2009 وحصل على عدد من الجوائز المحلية والعالمية منها الجائزة الثالثة للشباب بدمشق عام 1971 وجائزة أنترغرافيك في برلين عام 1990 والجائزة الثالثة لبينالي الشارقة عام 1996.




وتحت عنوان "رحيل.. في وداع التشكيلي نذير إسماعيل..رحابة التجربة وبلاغة تعابير الوجوه.." نشرت صحيفة "الثورة" الدمشقية بتاريخ 14/10/2016 مقالة كتبها أديب مخزوم، وجاء فيها:

خسرت الأوساط الفنية والثقافية الفنان التشكيلي نذير إسماعيل، الذي يعتبر أحد أكثر التشكيليين السوريين غزارة في الانتاج والعرض، على مدى أكثر من نصف قرن، وتجربته عموماً أعتمدت على خليط المواد المختلفة «ميكست ميديا» وذهب من خلالها لقول انفعالاته بعيداً عن أي قيد، حيث كان يقوم بتبسيط العناصر والأشكال، وتميز في كل مراحله ببحثه الدائم والمتواصل، عن مناخات بصرية وتقنية خاصة.

إطلالته الأخيرة

وفي لوحات نذير إسماعيل الأخيرة، التي عرضها، في نهاية شهر أيلول الماضي، إلى جانب لوحات محمد غنوم وأنور الرحبي ومحمود جوابرة، في معرض تكريم الباحث عفيف البهنسي، في صالة الرواق العربي، أعاد طرح موضوعه المفضل (الوجه) الذي سبق وقدمه، بطرق مختلفة، في معظم معارضه السابقة، وأراد من خلاله الوصول إلى صياغة عمل تشكيلي، يحمل بعض الإضافات الجديدة، على الصعيدين التكويني والتلويني. واللافت في اطلالته الأخيرة، أن الوجه الإنساني كان له مثل العادة، الحضور المكثف والبارز وبطريقة بانورامية ومتتابعة.‏

ونجد أن تكرار الموضوع في لوحاته، شكل طريقة لتطوير الأسلوب، ووسيلة للبحث عما يمكن تسميته برحابة التجربة، ومرونتها وقدرتها على منح أشكاله وموضوعاته إيقاعات متجددة، حيث كان يضعنا أمام تجربة تبحث باستمرار عن أفقها وتميزها الأسلوبي.‏




وإذا كنا أقررنا بهذا التطوير للموضوع الواحد (لا سيما الوجه) والمطروح في اللوحة الواحدة أكثر من مرة، حيث تضم اللوحة مجموعة من الوجوه، التي تلامس بشاعرية بدائية، الرسوم الجدارية، التي تعود إلى بداية العصر الحجري، تلك الرسوم التي أدهشت أجيالاً من الفنانين المحدثين، الذين اعتبروها بمثابة عينات لتشكيل صاف غني بالرمز والتبسيط والتجريد.‏

وهكذا ظهر الراحل، أكثر ارتباطاً بثمرة بحثه التشكيلي والتقني، المستمر والمتواصل دون توقف أو انقطاع منذ أكثر من نصف قرن، والذي أعطى مواضيعه المحددة، ولا سيما الوجوه والأشكال النباتية، هذا المظهر التعبيري المتحرر والمغاير والخاص.‏

طريقة أفقية ومقلوبة

وكان يبالغ في تحريف الوجوه، ويعمل على تبسيطها وإلغاء ملامحها، ويعالجها أحياناً بطريقة أفقية ومقلوبة، في محاولة مقصودة لتجاوز عناصر الرتابة والتكرار والتناظر في الوحدات التشكيلية التعبيرية.‏

هكذا كان يبحث وبشكل يومي ومتواصل ويشعر بمتعة خلط الألوان، من خلال اختبارات خاصة ومتجددة وشديدة التماس بشخصيته، تبوح بما في ذاته وتبحث عن صياغة لونية تقترب من الشاعرية البصرية، وتستجيب لعاطفته وأحاسيسه الداخلية العميقة. فالمهم بالنسبة إليه أنه كان يوحي بالمرجعية التشكيلية الخاصة، قبل أن يذهب إلى صياغة المشهد البصري الواقعي، فتتحول اللوحة إلى إيقاعات لونية شاعرية، ناتجة عن تقنية وضع المواد وخلط الألوان، التي اتخذها كمنطلق اختباري في خطوات اكتشاف تأثيرات بصرية جديدة في لوحته التشكيلية التعبيرية الحديثة.‏




وفي مجمل لوحاته التي قدمها، كان يحافظ على ذلك الخط الأسلوبي والتقني، الذي تميز به في مراحل سابقة، ضمن رؤية شديدة التماس بشخصيته، كانت تبوح بما في أعماق الذات، وتبحث عن صياغة لونية تقترب من الشاعرية البصرية، وتستجيب لعاطفته وأحاسيسه الداخلية.‏

فالمهم بالنسبة إليه أنه كان يوحي بالمرجعية التكوينية والتلوينية الخاصة، فتحولت اللوحة إلى مساحات وإيقاعات لونية شاعرية، أضفتها التأثيرات البصرية، الناتجة عن تقنية حرق طبقة اللون بوسائل خاصة، والتي استخدمها في مراحل سابقة.‏

وهكذا كان يبحث وبشكل مستمر ومتواصل، وبدون توقف أو انقطاع، وكان يشعر بمتعة خلط الألوان من خلال طريقته الخاصة، في التعامل مع المواد المختلفة في اللوحة الواحدة. ومع اكتشافه لأسرار تحضير المواد المتنوعة التي اتخذها كمنطلق اختباري في خطوات اكتشاف طريقة تعبيرية جديدة.‏

مواد مختلفة

وفي مراحل سابقة حقق خطوة الوصول إلى صياغة لوحات تشكيلية، حملت بعض الإضافات الجديدة على الصعيد التأليفي أو التكويني. وأضفت مسحة تجريدية خالصة، وعمد إلى تجاوز المواضيع التي طرحها في لوحاته السابقة.‏




إلا أنه ما لبث أن عاد إلى دلالات الصياغة التعبيرية، في معرضه في المركز الثقافي الألماني أواخر العام 1995. ووصل في معرضه في المركز الثقافي الفرنسي، بعد ذلك بفترة قصيرة، إلى صياغة تقنية مغايرة، استعاد من خلالها أجواء تراثية من عمارة دمشق القديمة، حيث قدم مجموعة لوحات منفذة بطريقة طباعية (سيريغرافي) وقد تنوع فيها بين التصوير والطباعة والرسم، وأدخلنا في تجربة جديدة مكونة من طريقة الاستفادة من الصور الفوتوغرافية، المأخوذة عن دمشق القديمة وأحيائها وبيوتها ونوافذها وزخارفها الباقية في القلب والذاكرة والوجدان.‏




ويمكن القول أن نذير اسماعيل لم يقدم الشكل أو المشهد في مجمل لوحاته السابقة والجديدة، بواقعيته المباشرة، وإنما كان يستعين في تعبيريته بالكثير من الإيحاءات الشكلية والإيقاعات البصرية، وهو كثيراً ما كان يستخدم في مساحاته التعبيرية، الخطوط العفوية والتلقائية، بحيث تحولت لوحاته إلى مجرد تخطيطات سريعة، أعتمدت على الحركة الإيقاعية، وذهبت إلى شاعرية بصرية داخل الفراغ التصويري.‏

ومع اكتشافه لأسرار تحضير المواد المختلفة، التي اتخذها كمنطلق اختباري، كان يتوصل في كل مرة، الى طرق جديدة في التعبير، يحصل من خلالها على التأثيرات البصرية المطلوبة، التي تتولد من خلال طريقته الخاصة في التعامل مع المواد المختلفة، في اللوحة الواحدة، في خطوات الوصول إلى تداخلات لونية شاعرية، تمنح العين إيهامات غرافيكية، أي تظهر اللوحة في أحيان كثيرة، بطريقة التبقيع والنثر اللوني الشاعري.‏




فمن أجل الوصول إلى الرؤية الفنية التي تتخطى قبل أي شيء آخر، جماليات الوجه وصورته المثالية، عمد إلى إبراز إيقاعاته في اللوحة عبر اختبارات تقنية ووسائل مختلفة للوصول إلى مناخات بصرية ولونية خاصة، لها علاقة مباشرة بالحرية التعبيرية التي سعى إليها الفنان المعاصر، وتواصل مع معطياتها الجديدة المتوافقة مع جماليات الفنون العصرية.‏

نذير إسماعيل من مواليد دمشق عام 1948، رحل يوم الاربعاء 12-10-2016 وهو في أوج الانتاج والتألق والشهرة، ويذكر أنه اقام عشرات المعارض الفردية، إلى جانب مشاركاته الدائمة والمتواصلة، ولقد حاز على العديد من الجوائز وشهادات التقدير، من بينالات وملتقيات ومعارض داخل سورية وخارجها.‏

facebook.com/adib.makhzoum

وتحت عنوان "رحل الفنــان نـذير إسماعيل.. الحياة التشكيلية ثكلىشخوص لوحاته مازالت في دهشة.. عيونها مفتوحة للأمل" نشرت صحيفة "تشرين" الدمشقية بتاريخ 16/10/2016 مقالة كتبها محمد سمير طحان، وجاء فيها:



حفر التشكيلي الراحل نذير إسماعيل للوحته مكاناً خاصاً في المشهد التشكيلي السوري من خلال تجربته الغنية الممتدة لأكثر من خمسين عاماً، والتي بدأها من عمر الطفولة المبكرة بالتجريب، وتركها وهي مازالت في تنامٍ وتطور في عالم البحث الفني وإيجاد الحلول البصرية المفتوحة على تناغم الخامات المتنوعة لخدمة شخوصه المميزة التي باتت بصمة فنية مسجلة باسمه في كل أعماله.




اتسم إسماعيل (المولود في دمشق عام 1946) بخصوصية فنية فريدة نابعة من تخصصه برسم البورتريه في محاكاة للناس الذين عرفهم بأشكال بسيطة وعفوية مميزة، مبتعداً عن التكلف والبهرجة والتصنع سواء في الخط أو اللون متخذاً من هذا الخط الفني التعبيري المختزل ثيمة تشكيلية خاصة بلوحته التي كانت بالنسبة له نافذة يفتحها على عوالم الإنسان كما عرفه وخبر حكاياته وآلامه وآماله.

كثيرة هي الأسئلة التي تحملها بورتريهات إسماعيل بعيونها الواسعة المملوءة بالدهشة والحزن والألم والأمل والطفولة في الوقت ذاته، والتي غالباً كانت مكتفية بهذه العيون الحاملة لهويتها وكينونتها، متخلية عن أفواهها وآذانها في رفض واضح للخوض في جدل الكلمات، لكن لمصلحة التواصل بلغة العيون الأقدر على الولوج إلى داخل النفس والروح، ولعل ذلك ما أعطى لوحة إسماعيل الرواج في الخارج، فهي وإن كانت تحكي قصصنا تحديداً إلا أنها اتسمت بنفحة إنسانية تجاوزت المحلي والخاص لتكون نافذة نحو آفاق أرحب وأشمل في حياة الإنسان بشموليته.




الفنان الذي رحل قبل أيام ترك إرثاً فنياً غنياً ومتنوعاً ينبع من كمِّ التجريب الذي خاضه على مستوى التقنية واللون واعتماد الكولاج إلى سطح لوحته، لتغدو مختبراً ضمّ الأضداد وفتح آفاقاً رحبة في عالم اللوحة، ومازج بين المناخات اللونية المتنوعة لصالح الجو العام في تموضع وجوه شخوصه، بما تحمله من دهشة، وهذا ما أعطى إسماعيل سمة الفنان المجرب لدى الوسط التشكيلي السوري، وصار مرجعاً مهماً في هذا المجال لزملائه من الفنانين ولأجيال من المصورين الشباب عبر عدة ورشات عمل كان يقيمها، والتي نشط فيها خلال السنوات الأخيرة في «المركز الوطني للفنون البصرية» رغم تراجع حالته الصحية.

اشتهر الفنان نذير إسماعيل بحضوره الدائم والجميل في أغلب الفعاليات التشكيلية السورية، وبامتلاكه رؤية ثقافة فنية واقعية وعميقة بعيدة عن التكلف والإغراق في المصطلحات الأكاديمية والفلسفية الصماء فكان غزير الإنتاج والعرض، وكانت أعماله التي تحكي عنه تلاقي رواجاً لدى مقتني الأعمال الفنية وصالات العرض والمزادات الفنية العربية والعالمية، ومع ذلك لم يسع يوماً وراء الشهرة القائمة على التسويق والبهرجة، رغم نيله عدة جوائز محلية وعربية وعالمية، فكان الإنسان المتصالح مع ذاته والمتوافق مع لوحته حد التطابق من ناحية البساطة والعفوية والاختزال في الكلمات رغم قوة الحضور، يرسم ليرضي فكره وروحه، ويعبر عن الناس الذين ينتمي إليهم في ألمهم وأملهم وحلمهم، ومن ثم ليأتي العرض والبيع بعد ذلك، فهُما تحصيل حاصل بالنسبة له، كما كان  يقول دائماَ. لم يتوقف الفنان الراحل عن الرسم والتواصل مع لوحته وألوانه طوال العقود الخمسة التي ربطته بعالم الفن، إلا أن الحرب التي نعيشها منذ ست سنوات صدمته في بداياتها وأبعدته عن لوحته لفترة امتدت لبعض الأشهر من دون أن يخطر بباله أن يغادر للخارج، ومن بعدها لجأ إسماعيل لإيمانه العميق بوطنه فعاد ثانية ليمسك ريشته ويبحث أكثر في تقنيات ألوانه وخلطاته الفنية مشكلاً مجموعة جديدة من الوجوه القادمة هذه المرة من حكايا أكثر ألماً وحزناً حاملة لجراح عميقة عمق المعاناة، وفي الوقت ذاته كان في عيونها أملٌ لا ينكسر وإيمان راسخ بأن الغد الأجمل سيأتي وأن سورية ستعود كما كانت جميلة قوية، حيث قال في نهاية الحوار الذي أجريته معه قبل عامين: "إن الأزمة التي نعيشها كبيرة، وستتسبب بتغيرات كثيرة ونتمنى أن تكون للأفضل، وأن تكون هناك ولادة جديدة لسورية بعد انتهاء كل هذه المعاناة".



وتحت عنوان "نذير اسماعيل الفنان التشكيلي..أسطورة الحاضر وأيقونة المستقبل" نشرت جريدة "المدى" بتاريخ 22/10/2016 مقالة كتبتها آمنة الحلبي، وجاء فيها: 

لم يغادرْ دمشق، ولن يتركَ هديلَ الحمام، وما بقي من أحلام منقوشة على حيطان دمشق بوجوه ألقة متميزة يعجُّ الياسمين من مُحيّاها، وما اندلقَ من ألوانٍ تنثرُ الفرشاة حكاياتها الإنسانية حين كانت تغازل لوحاته البيضاء لتزرعَ الحلم وما تبقى من أصالة اللون، وعبق الحضارات التي كان يصيغها فنان متفرد بألوانه، وما عرشَ من بين همس أنامله، هذا التنوع التشكيلي الحر المتسّم بالضوء، سافر على متن التجدد والتميز بلا حدود.




الفنان نذير اسماعيل أسطورة الحاضر وأيقونة المستقبل، نثر إنجازه الإبداعي على مدى سنوات من عمره الفني الطويل وما بحث عنه كان متجددا متفردا عن غيره من الفنانين ليعطي للحركة التشكيلية الفنية ألقها على الساحة السورية، ويضيء نهارها بمواضيعه البسيطة من خلال بورتريهاته المختلفة وما بين ملامحها المتعددة تُصاغ ألف رواية إنسانية لا يجيدها أي فنان تشكيلي، وما اعتلى عرش البساطة حين كانت تغازل فرشاته صفحة اللوحة البيضاء لتنقش تعابير الحس الإنساني لقلوب قلقة، وإحساس مرهف، بنفسية متواضعة من منصة مرسمه الذي كان يغرد على أطرافه حمام الشام.

نذير اسماعيل صاحب الحس الغرافيكي وما ارتسم على الوجوه حسه الإنساني من عوالمه الساحرة، وطقوسه المتميزة، التي تركها في محرابه الفني الذي كان يجيد البحث فيه، وما اعتلى عرش الفرشاة بأنامله لتصيغه همسًا وأغنية من العدل، والخير مسكوب على مساحة بيضاء تتجدد كلما بدا مشرق وحل مغيب، وما عرش من ياسمين الشام.

هو فنان من فناني الشام الذي شهدت له جدرانها وشوارعها، وما بقي من وجوه قلقة لا تتكرر مرتين، بل تظل راسخة في قلوب الأحبة، لونا وتشكيلا وإبداعًا، وتضيء لأعمال قادمة في تجربته الثرية، وفي منصته التي بقيت شاهده على حسه الفني مستمدَّة من حالته النفسية، مختلفة باختلاف الزمان والمكان، وما تغير منها تتَّسمُ بالهدوء حين يمرر فرشاته المثقلة بالحب الإنساني على وجوه لوحاته، والتي تقطر حسا إنسانيًا من زمن الدهشة تصنعها أنامله ليغيب بين مفاصلها، ويصحو على حلم منقوش بقصائد من نور، لكل شطر من تفعيلته، وما بقي من آيات بيّنات يصيغ عليها توقيع الحياة امتدادًا لرحلة ثرية ما بين السماء والأرض، ارتوتْ بلون الأرض، وما سرح منها لون السماء حين تبدو زرقاء صافية لنفس نقية طاهرة عشقتِ الخير، ونامت بين ردهات العدل نفسًا مطمئنةً راضيةً مرضية.




الفنان نذير اسماعيل لن يغيب عن أرواحنا لأن روحه تتجلى في إيقاع ألوانه، ستظل تعزف موسيقاها على وقع الحياة الإنسانية التي تجلت في الوجوه المرسومة بألوان الطبيعة، وما تبقى منها يحمل حنين الحياة من بيئة شامية تحمل إرثا حضاريا ممتدا على مدى قرون من الفن التشكيلي، وكأنني أرى رسوم الفنان العموري يعيد تشكيل الحياة في شام الياسمين من ضفاف الفرات، ويبدع من طين مملكة ماري حياة أخرى ملونة بإبداعات منقطعة النظير وبتشكيل لوني ثري من خلال إبداعاته على جدران الحياة حين شكّل أعماله الفنية التي أخذتنا إلى فضاءات الله، وأدخلتنا من بين همس الأفق تلامس أرواحنا بدهشة التعبير، وجلالة اللون الأزرق، المعانق للون الترابي بلمسات تعبيرية لمنجزاته الإبداعية.




فنان متميز عمل بنظرة ذاتية لكونٍ رَحِب، حين رسم الوجوه دون تكرار، وما جاش في صدره من خواطر إنسانية استمدها من بيئته  الشامية، ومن ذاته المتقدة والتي  تعصف بعطر الياسمين مدروسة بأدواته الخاصة، وألوانه الفياضة والكثيفة التي كانت تشتعل عطاء حين يمزجها بفرشاته، فتصدر إيقاعات الزمن بصمت رهيب، وتنقل أحاسيسه وأفكاره فينقشها علامة فارقة في تاريخ الفن التشكيلي، وما تدفق من ألوانه المشبعة بالحياة على طين الأرض، ينقلها رسالة سامية تترجم أفكاره ومواجعه الإنسانية التي ظلت قيدَ حلم.




وتحت عنوان "بعد رحيل رسام الوجوه.. نذير إسماعيل … عاش يتيماً وأسهم في صناعة الفكرة البصرية في اللوحة وكان مبدع الوجوه صامتة الملامح" نشرت صحيفة "الوطن" يوم 23/10/2016 مقالة كتبتها: سوسن صيداوي، وجاء فيها:

نحن في وقت غلبت فيه كفة الوداع على كفة الترحيب واللقاء بعد طول الغياب، ومن الطبيعي في زمن كهذا ؟ أن تكون النظرة الكاملة متجلّية بحزن عميق مرافق له الدمعة، فكيف هذا وسورية تودّع أبناءها ؟ مرّ أسبوع على وداع الفنان التشكيلي نذير إسماعيل الذي اعتنق دمشق مذهباً منذ أن وُلد، رافضاً وداعها حتى النفس الأخير، وكان إسماعيل صادقاً في عهده، وهذا ليس بغريب مادام من مواليد دمشق 17 شباط 1948، ورحل عنّا في يوم 12 تشرين الأول 2016، عن عمر ناهز 68 عاماً، إثر انتكاسة صحية حادّة ألزمته المشفى في الأيام الأخيرة، وكان نعاه «اتحاد الفنانين التشكيليين السوريين»، قائلاً إن الفنان الراحل «تميّز بغنى فريد في بحثه الدائم عن تقنيات جديدة تخدم تجربته التشكيلية التي يختزل من خلالها تعابير إنسانية مختلفة ومتناقضة يظهر فيها إحساسه بالمحيط وكيفية ترجمته لكل ذلك من خلال رسم الوجوه التي أصبحت علامة فارقة لأعمال هذا الفنان».

البدايات

هناك أمور تكون محوراً في حياتنا ووجودنا لا تكون محض مصادفة فهي حاضرة لسبب، انتقال الفنان التشكيلي إسماعيل إلى بيروت في الستينيات وإقامته فيها لمدة سبع سنوات، بالإضافة إلى النصائح المضيئة التي قدّمها له الفنان الراحل فاتح المدّرس، خلال عمل الفنان إسماعيل على الرسم بالأبيض والأسود لعشرة سنوات، ملتزماً بجدية لا يمكن أن تتوانى مهما كانت الظروف خلال ساعات عمل طويلة مخصّصة للرسم وتأمل الحياة، رغم أن لجنة المعارض في وزارة الثقافة السورية في ذلك الوقت، رفضت إشراك أعماله في معرضها السنوي الأول في ستينيات القرن الماضي، إلا أنه واصل شغله الدؤوب بعناد وإصرار كبيرين مع ظرف انتقاله إلى بيروت مانحاً نفسه مجال الاطلاع على النشاط التشكيلي هناك، وخصوصاً أنه كان في بيروت 22 صالة عرض في وقت كانت تفتقر فيه دمشق لمثل هذه الصالات، وبالنتيجة كان أول معرض أقامه في بيروت في غاليري «ون» للفنان يوسف الخال وأول مرة عُرض في دمشق عام 1966، ومن وقتها حتى عام 1987 تفرّغ إسماعيل للعمل الفني مغنياً الفن التشكيلي السوري بوجوه تميّزت بعمق الشعور وإبداع الأسلوب.

رسومه وأسلوبه

قرر الطفل الذي كان شغوفاً بصناعة البسط اليدوية قرب بيته في حي الميدان الدمشقي، وخاصة بعد أن صنع اللون سحره في نفسه، تعلّم الفن على يديه من دون الالتحاق بدراسة أكاديمية، مكتفياً بالمرور بـ«مركز الفنون التطبيقية» كي يدرس فن الطباعة على القماش، هذه كانت في الطفولة وريعان الشباب ولكن في أوائل السبعينيات تعرّف الوسط الفني على أعمال إسماعيل التي تميّزت منذ اللحظة الأولى بأسلوبه الناضج، مذّكرة بالكتابة الأولى الناضجة لزكريا تامر، فشخوصه كانت مهمّشة جداً لا هوية لها، لا تعبّر عن أي انفعال، وكان يرسم الكائن الإنسانيّ نحيلاً شاحبًا، من أجل تأكيد عزلته ووحدته، ويرسمهم واقفين، ناظرين إلى المُشاهد، وجوههم لا تحمل أي ألم أو إحساس ولا حتى احتجاج أو حتى عتب، كان يرسمهم بتقنية الشمع المحروق هذه التقنية التي تتطابق مع ما يواجهونه، فشخوصه بنظره، محروقة بضغوطات العالم الحديدي حولهم.




كان نذير بعيداً عن فلسفة أعماله، إذ كان يرسم ويرسم ويرسم، تاركاً للرسم أن يصنع سواد عالمه قائلاً إن أعماله هي شهادته على الزمن الذي يعيش فيه. وكان كتب الفنان الراحل نعيم إسماعيل، حول معرض نذير الأول «من قرانا المنسية تأتي الريح شاحبة كئيبة، في هذه القرى منازل يسكنها بشر، هادئة كالتراب لكنها ليست صماء، تحكي قصصاً مخنوقة عن القحط والعطش والضجر، وفي أعماقها كلّ الحب وكل التحدي، نفوسنا تحب العطاء، ولكن ما يمكننا إعطاؤه قليل ويا للأسف! حياتنا هناك مختصرة وأبسط من بسيطة، بخيوط قليلة وألوان أقلّ، عفوية كالمشي والتنفس والخوف، لأننا في قرانا النائية والمنسية نعيش بالحد الأدنى من وسائل العيش، وبالحد الأدنى من وسائل الرسم.. نرسم».

ففي هذه المرحلة كان الفنان الراحل يشتغل على الطبيعة الصّامتة بأسلوبه الخاص في التعامل مع الطبيعة بوصفها منمنمة هندسية، الأمر الذي جعل العناصر التشكيلية تطغى على الخلفية، ضمن توجّه لا يخلو من لمسة صوفية.

لم يعرف أباه

كان ذكر الفنان مرةً سبب اهتمامه بالوجوه وبأنها موضوعه الأساسي في رسمه قائلاً «الوجه هو الموضوع الأساسي في فني وربما يعود اهتمامي بالوجوه لأنني لم أعرف أبي إلا من خلال صورة له، ولأني عشت يتيماً، فتراكم هذه المشاعر جعلني أتوجه إلى رسم الوجوه الصامتة من دون تحديد ما إذا كان رجلاً أو امرأة».

نظرة لفنان

بنظر الكثير من الفنانين يعتبر الفنان التشكيلي نذير إسماعيل فناناً مجدّاً وخلاقاً في العمل، لأنه دائم البحث في التقنية ساعيّاً بشكل دائم لاستخدام أساليب وطرق غير تقليدية في التلوين، وهذا بعد أن أوجد بدائل من خلال تصنيع المواد والأدوات اللازمة لإنجاز اللوحة ما جعل في النهاية إضافاته هذه تدخل في عملية الإبداع لديه، هذا بالإضافة لما يعتبره الكثير من الفنانين الزملاء والناقدين بأن مخزون الذاكرة للفنان الراحل كان يخزّن الكثير من العناصر أو الملامح الموجودة في الحياة، هذا إلى جانب الإجادة في توضّعها في العمل، ففي اللوحة الواحدة نجد مثلاً أكثر من عشرة أشخاص، ويتميّز كل واحد منهم بحالة تعبير أو استقراء لما يراه الشخص نفسه لما هو محيط، وبالتالي يتميز الراحل في أعماله بطريقة صادقة مشابهة لشخصه فهو لا يقدّم أعمالاً بطريقة بانورامية تبرز عضلات الفنان، بل قدّم استقراء ذاتياً لحالة استطاع أن يقدّمها في فهرسه الفني.
وبحسب ما قاله مرة الفنان الراحل «أنا أسهمت في صناعة الفكرة البصرية باللوحة، من خلال ما أقوم به من تجميع للأفكار وبلورة ملامح، فالخطوط في أعمالي فيها الكثير من الغرافيك إضافة إلى الملوّنات والأحبار التي أقوم بصناعتها، وخاصة أن الألوان ليست معلّبة بل استعاريّة وهذه الاستعارة أستغلها لمصلحة أعمالي بخياطة المنسوج الخطي أو اللوني بأشكال تتوافق مع العناصر التي أعمل عليها وخلالها».

معارض وجوائز

باعتباره الفنان التشكيلي نذير إسماعيل من فناني القرون الماضية، الخامس عشر والسادس عشر والسابع عشر، كان قدّم خلال مسيرته أكثر من 62 معرضاً شخصياً في العديد من المدن السورية كحلب وحمص، والمدن العربية كالقاهرة ودبي والشارقة والدوحة، والعالمية كباريس وجنيف، وأقام معارض لاستعادة أعماله القديمة من 1969 إلى 1996 في معهد غوته في دمشق، بالإضافة إلى مشاركته في مئات المعارض الجماعية حول العالم، وبخصوص هذا الأمر كان بيّن إسماعيل مرةً، أنه وعلى الرغم من أنه أقام خمسين معرضاً شخصياً في دول مختلفة من العالم، إلا أنه لا يزال يعتبر نفسه في طور التجريب، معتبراً أعماله سجلاً لتجارب فاشلة، تمثّل حافزاً لعمل شيء مختلف في كل يوم.




كما حصل إسماعيل على العديد من الجوائز الفنية من أبرزها: الجائزة الثالثة للفنانين الشباب للعام 1971 في دمشق، وجائزة إنترغرافيك برلين 1980، والجائزة الثالثة «لبينالي» الشارقة 1996، كما يعتبره الكثيرون من أهم التشكيليين العرب الذين كان جمال البورتريه محور مشاريعهم الفنية، والجدير بالذكر أن أعماله مقتناة من وزارة الثقافة السورية، المتحف الوطني بدمشق، متحف دمّر، المتحف الملكي بعمان- الأردن، قصر الشعب- سورية، المتحف الوطني بقطر، والعديد من المجموعات الخاصة في كثير من دول العالم.



وتحت عنوان "تكريم .. بمناسبة مرور أربعين يوماً على رحيله.. معــرض تحيــة وفــاء للفنــان التشــــكيلي نذيـــر اســماعيل" نشرت صحيفة "الثورة" الدمشقية يوم 25/11/2016 تقريراً صحفياً أعدته: فاتن أحمد دعبول، وجاء فيه:




أصدقاء الفنان الراحل نذير اسماعيل اجتمعوا قلوبا مفعمة بالحزن على رحيله، ولكنهم أرادوه رحيلا معطرا بروح المحبة والوفاء، فكان معرضهم الذي يحمل في مضمونه تحية الحب والوفاء لصديق لطالما كان بينهم يتقاسمون الفكرة واللون كما الحياة بحلوها ومرها.



وفي ذكرى مرور أربعين يوما على رحيله، أقام اتحاد الفنانين التشكيليين في الجمهورية العربية السورية في صالة الشعب للفنون الجميلة معرضا، تحية ووفاء من أصدقائه وتكريما لعطائه ودوره في الحياة التشكيلية، فكانت لوحاتهم التي تجاوزت في عددها ال25 لوحة تعبر عن تلك الحميمية التي تجمعهم بالفنان الراحل.‏‏



وبين د. إحسان العر رئيس اتحاد الفنانين التشكيليين أن المعرض هو نوع من الوفاء والتكريم لفنان الراحل وهذه سنة نتبعها في الآونة الأخيرة ونتمنى أن يتم تكريم الفنانين في حياتهم وليس بعد رحيلهم.‏‏



وأضاف أن الفنان اسماعيل كان من الفنانين المهمين في الساحة التشكيلية وأيضا على الصعيد الإنساني وتميز بفنه الذي اشتهر به على مستوى الوطن العربي والعالم.‏‏



والفنان الراحل هو قصة قصيرة بحسب التشكيلي أنور الرحبي، لأنه ينتمي إلى الإنسانية ويميل في شخوصه إلى إظهار تلك المقامات الرائعة في الوجوه، ويعرج في الآن نفسه على القيمة الفعلية لإحساس الإنسان المبدع، وكانت ألوانه حديقة فرح، وشكل في رسمه التعبيري جسرا حقيقيا مابين الثقافة الأوروبية البصرية والثقافة السورية.‏‏



ويرى الفنان موفق مخول في صديقه الراحل موطنا اجتماعيا يجمع حوله الأصدقاء لما يتمتع به من دماثة الخلق، وهو في فنه يسعى دائما إلى التجديد والحداثة والساطة والوضوح، واستطاع أن يشكل لنفسه هوية بصرية تميزه.‏‏



وقد شكل الفنان نقطة مضيئة في تاريخ التشكيل السوري بحسب الفنان سعد يكن، والمعرض تعبير من الأصدقاء عن تقديرهم لحياته وعطائه الفني كإنسان أولا ومن ثم كونه فناناً متميزاً على الصعيد العربي والدولي.‏‏



ولم يكن بالنسبة لزوجته الفنانة عناية بخاري زوجا فقط بل كان الصديق والأخ والأب وقد شاركت بلوحة هي آخر لوحة وضع لها إطارا قبل العرض، وستبقى ذكراه في القلب لأنه رفيق العمر والفن معا.‏‏



وبدا الحزن كبيرا في حديث الفنان محمود جوابرة الذي تقاسم معه لسنوات جلساته في صالة الرواق العربي، ويصفه بالفنان المجتهد، وبجهده الدؤوب استطاع أن يتبوأ مكانة مرموقة في الفن التشكيلي السوري، ولايمكن أن ننسى كيف حول "تنكة مهروسة" إلى عدد كبير من اللوحات حتى كادت تنطق بأوجاعها.‏‏



وفي رسالته قال الفنان نعيم شلش: «يازميلي الغالي رحلت مبكرا، ونحن مازلنا بشوق للمزيد من إبداعك وسلوكاتك المميزة، ونشتاق للجلوس معك، أنت الأنيس والصديق وستبقى دائما في القلب والروح».‏‏



ويصفه الفنان أحمد أبو زينة، بالقامة الفنية الكبيرة على مستوى الوطن العربي وتصنف أعماله بالأعمال العملاقة عالميا، فقد قدم أعمالاً كثيرة على أشكال وجوه بحالاتها كافة، له من الصفات ما جعله من الأصدقاء المقربين، ويستطيع أن يجعل اللقاءات أكثر حميمية بدماثة خلقه وطيب معشره ورهافة حسه.‏‏



شارك في المعرض من أصدقائه «بطرس خازم، نعيم شلش، أسماء فيومي، عبدالله مراد، أحمد أبو زينة، علي الكفري، محمد غنوم، سعد يكن، محمود الجوابرة، غسان نعنع، إدوار شهدا، نزار صابور، أنور الرحبي، فؤاد دحدوح، موفق مخول، باسم دحدوح، أكسم طلاع، عناية بخاري».‏‏



وتحت عنوان "نذير إسماعيل".. بورتريه الوجوه اليتيمة" نشر الموقع الإلكتروني السوري "دمشق" يوم 4/12/2016 مقالة كتبتها: سمر وعر من موقع دمشق الإلكتروني، وجاء فيها:



هو أحد الفنانين المتحررين من سلطة الأكاديمية في الفنون، أغنى المشهد التشكيلي السوري بتجربته الفريدة بتعبيراتها الإنسانية المشغولة بعوالم النفس والصمت والوحدة



مدونة وطن "eSyria" التقت بتاريخ 25 تشرين الثاني 2016، التشكيلية "عناية البخاري" زوجة الفنان الراحل "نذير"، وعنه تحدثت بالقول: "في "الجزماتية" بحي "الميدان" الدمشقي أبصرت عيناه النور، توفي والده وهو في الرابعة من عمره فوضعته أمه بملجأ للأيتام، حيث عاش فيه وتابع دراسته، وكان من الطلاب المتفوقين حتى نهاية الثاني الإعدادي، لم يكمل دراسته بسبب سفره إلى "لبنان" سعياً إلى العمل والعيش، وهناك تابع تحصيله العلمي وتخصص بالرسم الهندسي، وعاد إلى بلده في العشرين من عمره ليعمل بإدارة الأشغال العسكرية كرسام هندسي، وخلال طفولته كان من المهتمين بمراسلة الصحف العربية والعالمية، منها الألمانية والصينية، التي كانت تزوده بأعدادها تباعاً، إضافة إلى حبه بمراسلة الشخصيات السياسية، كالرئيس "جمال عبد الناصر" الذي أرسل إليه صورته مختومة بتوقيعه الخاص، كما كان له نشاطه المتميز بكافة الحفلات التي كانت تقام بملجأ الأيتام، ومنها مشاركته العزف على آلة "الفيولانسيل" الموسيقية".



وتتابع: "في الستينيات وخلال وجوده في "لبنان" ولمدة سبع سنوات أتيح له الإطلاع على النشاط التشكيلي الذي يحبه، حيث بدأت علاقته المبكرة مع اللون الذي صنع سحره في نفسه من خلال مراقبته تحليل اللون، بوضعه خيوط الصوف بكأس الماء وزيارته مشغل خاله لصناعة البسط، كل ذلك كوّن فسحة سحرية لاكتشاف قيمة الخطوط والألوان التي أبدعها بلوحاته الشعبية، لم يلتحق بأي مدرسة أكاديمية لتعلم الفنّ، بل اكتفى بالمرور بمركز الفنون التطبيقية ليدرس الطباعة على القماش، وكان للقائه بالتشكيلي الراحل "فاتح المدرس" دور بدفعه باتجاه احتراف الرسم من خلال ملاحظاته وتوجيهاته وخطط عمله وإرشاده إلى مركز الفنون التطبيقية ومتابعة دروس الرسم، ثم التحاقه بمعهد "أدهم إسماعيل"، وتردده إلى جمعية "أصدقاء الفن" التي أقام فيها أول معرض له وهو في الخامسة والعشرين من عمره، وفيها تعرف إلى مجموعة من الفنانين السوريين، وكانت مكاناً لتبادل الخبرات من خلال ورشات العمل والحوار، لم يتأثر بمدرسة فنية، وإنما كان له عمله الخاص، صنع ريشته وألوانه بنفسه، وكان له في المركز البصري للفنون التطبيقية محاولة لتدريس فكره الفني ونقله للطلاب، وكانت هذه تجربته الوحيدة في مجال التعليم".



وتضيف عن أهم ما ميز تجربته الفنية والموضوع الأساسي برسوماته قائلة: "كان يحب الصحف أو أي شيء ورقي؛ فالورقة شيء مقدس عنده، ولرسوماته أدوات خاصة؛ فهو يستعمل "السكر، والكلور، والشامبو"، كلها قدمت خصوصية لعمله الذي لا يستطيع أحد غيره إنجازه بالدقة التي كان يعمل بها؛ فاللوحة بالنسبة له هي حياته، كان إنساناً متصالحاً مع ذاته، متوافقاً مع لوحته من ناحية البساطة والعفوية والاختزال، يرسم ليرضي روحه معبراً عن الأشخاص الذين ينتمي إليهم في ألمهم وأملهم وحلمهم.



كانت الوجوه موضوعه الأساسي، حيث أدخل إليها "التهشير الهندسي" أو الخطوط الهندسية، ثم انتقل بعدها إلى مرحلة رسم الطيور والحيوانات والمناظر الطبيعية، وقد احتلت جبال "معلولا" وصخورها وبيوتها حيزاً خاصاً في أعماله، حيث كان يقيم فيها سنوياً لمدة خمسة عشر يوماً ممارساً طقوسه الخاصة في الرسم وإبداعه الفني، إضافة إلى خصوصية طابعه برسم الطبيعة الصامتة "المزهريات والأوراق الخاصة" التي تميز بها، وفي المدة الأخيرة لم يعد يرسم إلا الوجوه، حيث تركت مرحلة طفولته بدار الأيتام أثرها الأكبر في حياته من خلال رسمه الوجوه الحزينة بلوحاته، وقد حاول من خلال هذه الوجوه أن يعبر عن حالة الحزن التي عاشها، وكانت أغلب وجوهه بلا أعين أو فم أو أنف، وقد قال في أحد لقاءاته عن موضوع الوجوه: (الوجه الموضوع الأساسي في فني، وربما يعود اهتمامي بالوجوه إلى أنني لم أعرف أبي إلا من خلال صورة له، ولأنني عشت يتيماً؛ فتراكم المشاعر جعلني أتوجه إلى رسم الوجوه الصامتة من دون تحديد ما إذا كانت رجلاً أم إمرأة)، كان يمارس الرسم بداية بمنزله في "الزاهرة"، ثم انتقل إلى مرسمه بـ"دمر"، وبعدها انتقل إلى مرسمه بـ"دمشق" القديمة التي عشقها، وكان يرى في كل وجه يطالعه رؤية جديدة لوجوه لوحاته".



وعن رأيه بالملتقيات الفنية ودورها بحياة الشباب، تقول: "كان من المشجعين للشباب وفنهم من خلال إقامة جائزة "نذير إسماعيل" للشباب السنوية، وفي أحد لقاءاته عبر عن رأيه بالملتقيات الفنية ودورها بحياة الشباب قائلاً: «تكمن أهمية الملتقيات بإتاحة الفرصة للمشاركين بالحوار فيما بينهم، واللقاء والتعارف يكرّس الألفة ويكسر الحواجز بينهم، كما تحرّض حسّ العمل عندهم والاستفادة من تجارب بعضهم في سبيل النهوض بالفن والعودة إلى الحياة الطبيعية للمجتمع والحركة التشكيلية. أما جيل الشباب، فمازال يعتمد خبرة التشكيليين القدماء لرسم خطوط عملهم المستقبلية".
وتختتم حديثها بالقول: «كان منتجاً لآخر لحظة من عمره، وأستاذاً بكل معنى الكلمة، محباً، عصامياً، هو الحكيم والمستمع، كان يحب "الأنتيك" ويقتنيه، كما كان يحب الجلوس مع أصدقائه، ويمارس معهم لعبة النرد، تمنى أن يتزوج من إنسانة ناجحة، وأن يكوّن أسرة متميزة؛ وهذا ما كان له من خلال أولاده: "مهند، مهران، سامي، سالي، وتالا"، كنت له شريكة عمر ساعدته ليعمل، ويصل في مشواره الفني إلى ما وصل إليه من نجاح".

                                                                  


عنه قال التشكيلي "أنور الرحبي": «يعدّ حاضرة بصرية تكاد تكون عنواناً للكثير من الوجوه المتعبة في حياتنا اليومية، استطاع من خلال ألوانه أن يمعّن بأن يكون اللون شفافاً حاضراً أثناء النظر إليه من خلال المتلقي حين يركز ألوانه بخاصية ذاتية، كان يقول لي دائماً: أنا لست رساماً، أنا أعرف كيف أصنع لوحة؛ من هذا القول نستخلص أنه استطاع أن يحقق مساحة موضوعية على صعيد الإنسان من خلال تجاربه الشخصية، ومن خلال جملة ما فهمه من الذاكرة الملونة التي أضافت إلى المتلقي شيئين مهمين؛ أولهما كيف يقدم هذه الوجوه، وكيف يتلقاها، فأحسن تلك المعادلة بكثير من الحب والعشق لفن التصوير، يبقى الراحل قيمة فنية رائعة نقف عندها ونستخلص منها ونمعن في كثير مما حققه خلال حياته الإبداعية، سيبقى في خارطة التشكيل السوري رقماً صعباً ستقرأه الأجيال القادمة".
وأضاف التشكيلي "محمد غنوم": "هو صديق العمر، علّم نفسه بنفسه، المهم بتجربته أنه من الفنانين القلائل الذين يعتمدون عند الرسم تقانات خاصة، مثلاً تركيب الألوان. قدم أسلوباً عرف به، وقدرة تعبيرية مميزة في تجربته، أثّر في حياة الكثيرين من التشكيليين الذين يحملون الشهادات العليا، ويتّضح هذا في تجاربهم، قدمت تجربته المحلية حلولاً تشكيلية مهمة".
يذكر أن التشكيلي الراحل "نذير إسماعيل" من مواليد "دمشق"، 17 شباط 1948، أقام نحو اثنين وستين معرضاً في المحافظات السورية والدول العربية والأجنبية، إضافة إلى مشاركته بمئات المعارض الجماعية حول العالم، نال العديد من التقديرات، منها: الجائزة الثالثة بمعرض الشباب، "دمشق" 1971، جائزة "إنتراغرافيك"، برلين 1980، والجائزة الثالثة "بيبينالي الشارقة" 1996، وتوفي بتاريخ 12 تشرين الأول 2016.

* * * * *

طشقند 20/6/2017 دراسة أعدها بتصرف: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية (DC)، تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة. بروفيسور، متقاعد.