الأحد، 16 فبراير 2014

نتائج التنقيبات الأثرية بمدينة قوقند


نتائج التنقيبات الأثرية بمدينة قوقند
كتبه: أ.د. محمد البخاري. 

ورد ذكر مدينة قوقند في المصادر المخطوطة منذ القرن العاشر الميلادي، وكانت آنذاك تعرف باسم "هواقند"، وأشارت المصادر إلى وجود بيت لصك العملة النقدية بمدينة "هواقند". وفي القرن الـ 13 الميلادي ذكرت في المصادر المخطوطة باسم "قوقند" وأنها تشتهار بمنتجات حرفييها المهرة ووفرة فواكهها.
ولكن موضوع تحديد تاريخ ظهور الحياة على أراضي قوقند الحالية، والكشف عن تطورها اللاحق كان الشغل الشاغل لعلماء الآثار في أوزبكستان دائماً، ومن أجل ذلك أجريت تنقيبات أثرية في الموقعين الأثريين: موي مبارك، وتيبه كورغان، الواقعين بوسط مدينة قوقند وحولهما.
وفي أواسط تسعينات القرن الماضي وصل إلى قوقند متخصصون من متحف ولاية فرغانة وعاينوا موقع موي مبارك الأثري، المشيد في أواخر القرون الوسطى، وقاموا بتنقيبات أثرية فيه، أسفرت عن العثور على بعض الأواني الفخارية المصنوعة خلال القرنين الـ5 والـ6 الميلادييين. وهو ما أتاح لهم الفرصة للقول أن مدينة قوقند نشأت قبل العهد الإسلامي.
وعبد الحميد آنارباييف رئيس قسم بمعهد التنقيبات الأثرية التابع لأكاديمية العلوم بجمهورية أوزبكستان أشار إلى أن  التنقيبات الأثرية بمدينة قوقند استمرت خلال عامي 2011 و2012، وأن المنقبين الأثريين أدركوا أن أية ضربة رفش في الأرض قد تلحق أضراراً بالغة بالآثار الهامة للبحث العلمي.
ومنذ البداية أدت التنقيبات الأثرية عن كشفت طبقات أرضية تعود للمراحل التاريخية الأخيرة من القرون الوسطى، وقام المنقبون الأثريون بدراسة قطع الآجر والحجارة التي بني منها القصر الكبير، وقاموا بتنظيف جدران المبنى الأثري. وكشفوا اثناءها قطع سيراميك ملونة صنعت في القرنين الـ17 والـ 18. وعثروا تحت الطبقات الأرضية على منصة طينية شيدت خلال فترة امتدت من القرن الـ 5 وحتى القرن الـ 7 الميلاديين. ومثلت تلك الإكتشاف أساسات شيد عليها هذا الأثر المعماري. ولكن مع الأسف الشديد لم يبقى من البناء القديم أي شيء.
وخلال التنقيبات الأثرية جرى الكشف عن 17 طبقة تحت أرضية تمثل ثقافات متعاقبة تتالت في ذلك الموقع الأثري الهام. واكتشفت في الطبقة الـ 13 بقايا لجدران قلعة كانت موجودة في الموقع الأثري قبل اكثر من 400 عام.
وأقدم طبقة من الطبقات التاريخية المتعاقبة في ذلك الموقع كانت على عمق 5 أمتار واكتشفت فيها آثار تعود لنحو 2000 عام مضت. و العثور على هذه المواد أكد على أن أعمال زراعة مروية كانت تمارس فيها قبل تشييد قوقند بفترة طويلة، ويعود بتاريخها إلى القرن الـ 7 قبل الميلاد. ومما أثبت ذلك بقايا ترسبات ري الأراضي بسمك 1,35 متر، وتلك الترسبات تشكلت خلال فترة زمنية استمرت لنحو 700 سنة من ممارسة أعمال الري.
وفي الموقع الثاني للتنقيبات الأثرية في تيبه كورغان، الواقع في منتصف المدينة، اكتشفت فيه منصة شيدت خلال المراحل الأولى من القرون الوسطى، ويعتقد أنها كانت أساسات شيد عليها مبنى أثري أخذ شكل قلعة بأبراج نصف دائرية. وعلى ما يبدوا أنه حاكم أملاك غير كبيرة عاش فيها.
وتم العثور خلال أعمال التنقيبات الأثرية على مجموعة غنية من الأدوات الفخارية الحمراء، صنعت خلال الفترة الممتدة من القرن الـ2 وحتى القرن الـ 1 قبل الميلاد.
وسمحت تلك اللقيات الأثرية بتعزيز ثقة المنقبين الأثريين يوماً بعد يوم بأن تاريخ قوقند القديم مخفي تحت تلال موي مبارك، وتيبه كورغان. واللقيات الأثرية التي عثر عليها تعطي الفرصة للحديث عن 2000 سنة من تاريخ المدينة على الأقل. ومن المتوقع أن قسم من أراضي المدينة كانت تستخدم في القرن الـ 7 قبل الميلاد لأغراض الزراعة المروية.
وأن تطور ثقافة الزراعة المروية تعود إلى القرنين الـ 2 والـ 1 قبل الميلاد، ورافقها ظهور مناطق سكنية حضرية في موي مبارك، وتيبه كورغان، وشكلت الأساس الذي شيدت عليه قوقند القديمة.
ومن دون شك أن منقبي الاثار الآن يعرفون الكثير عن التاريخ القديم للمدينة، ولكن لا يمكن بثقة تحديد موقعها في الفترة الممتدة من القرن الـ 9 وحتى القرن الـ 12. ولكن الحقائق التاريخية الموجودة عن شكل المدينة على أراضي قوقند، في موي مبارك، وتيبه كورغان، تعود لفترة سبقت القرن الـ 2 قبل الميلاد.
وأن المدينة الأسطورة ظهرت قبل 2000 سنة مضت. كعاصمة لأملاك المنطقة، التي كانت ضمن دولة فرغانة الكونفيدرالية، والتي جاء ذكرها في المصادر الصينية باسم "داي يوان" أو "داوان".

بحث أعده أ.د. محمد البخاري، بتاريخ 15/2/2014 بتصرف نقلاً عن صحيفة Uzbekistan Tuday، 12/2/2014. تحت عنوان "كم سنة مضى على تأسيس مدينة قوقند ؟"