الاثنين، 5 أكتوبر 2015

التراث القيم للخوارزمي ملك للإنسانية


التراث القيم للخوارزمي ملك للإنسانية


برعاية القيادة الأوزبكية يعار إهتمام كبير لإحياء ومضاعفة القيم القومية، ودراسة التراث العلمي والمعنوي الغني لأجداد الشعب الأوزبكي العظام، الذين قدموا إسهاماً قيماً لتطوير الحضارة الشرقية والعالمية. وخلال سنوات الإستقلال جرت في أوزبكستان أعمالاً واسعة وجهت لدراسة حياة ونشاطات العلماء والمفكرين العظام الذين ولدوا على الأرض الأوزبكية بمن كل الجوانب وبعمق، وهم الذين حصلوا على سمعة جيدة من خلال إنجازاتهم واكتشافاتهم العلمية العظيمة.
وفي كلمته أمام المؤتمر الدولي "التراث التاريخي لعلماء ومفكري الشرق في القرون الوسطى، ودوره وأهميته للحضارة الحديثة" الذي انعقد في مايو/أيار من العام الماضي بمدينة سمرقند، أشار القائد الأوزبكستاني خاصة إلى الإسهام القيم للعالم والموسوعي الكبير محمد بن موسى الخوارزمي في: علم الرياضيات الحديثة، وعلم المثلثات، وعلم الجغرافيا. وأشار إلى أن " الجميع اعترفوا بخدمات الخوارزمي في تطوير العلوم العالمية، وأن اسمه ومؤلفاته هي الوحيدة بين علماء الشرق في القرون الوسطى، التي أدخلت في المصطلحات العلمية الحديثة، مصطلحات مثل: الـ"ألغوريتم" و"الجبر".
ومحمد بن موسى الخوارزمي هو مؤلف أكثر من 20 عملاً علمياً، 7 منها بقيت حتى يومنا هذا. وكان لأعماله تأثير قوي على علماء الشرق والغرب طيلة مئآت السنين، ولفترة طويلة كانت من النماذج المفضلة في تأليف الكتب التعليمية في الرياضيات. ومن الصعب أن لا نقيم أهمية هذه المؤلفات في تطوير الفكر العلمي خلال القرون الوسطى. وعلى سبيل المثال: قدم العالم في مؤلفه "الكتاب المختصر في حساب الجبر والمقابلة" ستة أشكال أساسية من المعادلات مع بيان طرق لحلها. ومن خلال استخدام مصطلح "الجبر" الذي ابتكره بعد نقله إلى الحروف اللاتينية، أخذ العلماء الأوروبيون بدراسة ما وضعه الخوارزمي من علوم لحل المعادلات التربيعية والمستقيمة، وفي نهاية المطاف تحولت إلى الجبر الحديث الذي نعرفه اليوم.
وحصلت الطريقة الجديدة لوضع المؤلفات العلمية والتعليمية وفق القواعد الدقيقة والصحيحة في المراجع الأوروبية على تسمية "الغوريتم"، وتنطلق هذه التسمية من اسم الخوارزمي ولكن بالحروف اللاتينية. ودخل هذا المصطلح في أسس المعلوماتية الرقمية وتكنولوجيا الحاسبات الإلكترونية "الكمبيوتر" الحديثة.
وفي كتابه الفلكي "الزيج" بحث الخوارزمي في حركة الشمس, والقمر، والمجرات السماوية الخمس، وفي مسائل علم الرياضيات الجغرافية، وعلم المثلثات،  وفي كسوف الشمس والقمر. وترجم هذا الكتاب إلى اللغة اللاتينية في عام 1126م، وفي عام 1914م ترجم إلى اللغة الألمانية، وفي عام 1962م ترجم إلى اللغة الإنكليزية.
وتضمنت مؤلفاته الجغرافية وصفاً للأجزاء المأهولة من الأراضي المعروفة آنذاك. وأرفقها بخرائط تفصيلية، وأدخل عليها الأنهار، والبحار، والمحيطات، والمراكز المأهولة الهامة، التي وصل عددها إلى 2402 إحداثية. وكتب أول عمل في جغرافيا القرون الوسطى باللغة العربية. وساهمت نظريته عن المناخ إلى حد كبير في تطوير علم الجغرافيا.
وتجري اليوم في أوزبكستان جملة من الأعمال لتخليد الشخصيات العظيمة التي ولدت في منطقة وسط آسيا، وإقيم تمثال على شرف الخوارزمي ، وإطلق اسمه على جامعة أورغينيتش الحكومية للتكنولوجيا، وأطلق على شوارع، وأحياء سكنية.
وإلى جانب ذلك يجري تنظيم مختلف النشاطات في أوزبكستان مكرسة لحياة ونشاطات المفكر العظيم، وإسهاماته الضخمة في تطوير العلوم. وهذا يسمح للمتخصصين والمبدعين الشباب في المجالات للرياضيات النظرية والتطبيقية وتكنولوجيا المعلوماتية، بالبحث في المستوى المهني الذي وصلت إليه آخر إنجازات هذا العالم العظيم.
وفي العام الماضي نظم فرع سمرقند لجامعة طشقند لتكنولوجيا المعلوماتية المؤتمر الدولي الرابع لمناقشة موضوع "القضايا الهامة للرياضيات التطبيقية وتكنولوجيا المعلوماتية، الخوارزمي – 2014".
وشارك علماء ومتخصصون من مؤسسات التعليم العالي، ومراكز الأبحاث والدراسات العلمية، من نحو 20 دولة من دول العالم في الحدث العلمي الذي نظمته جامعة ميرزة ألوغ بيك القومية الأوزبكستانية، وجامعة طشقند لتكنولوجيا المعلوماتية، وجامعة علي شير نوائي الحكومية في سمرقند،.
وأشارت الوفود المشاركة في المؤتمر إلى إسهام الخوارزمي القيم في الكنوز الفكرية العالمية، والدور المتصاعد لتراثه العلمي في حل المهام العملية في مجال علم الرياضيات وتكنولوجيا المعلوماتية في القرن الحادي والعشرين. وأشير خلال اللقاء إلى أن ولادة وتشكل التفكير الألغوريتمي، الذي يعتبر مؤسسه أحد ألمع المفكرين والموسوعيين اللامعين في الشرق، غدت قاعدة لنشوء تفكير تكنولوجي جديد، دخل في المناهج الدراسية بمؤسسات التعليم العالي كأحد التخصصات الرئيسية.
وبالإضافة لذلك جرى في أبريل/نيسان عام 2015 بمكتبة علي شير نوائي القومية الأوزبكستانية مؤتمر علمي تطبيقي، بمناسبة مرور 1235 عاماً على مولد الخوارزمي عالم الشرق البارز. وكرس هذا الحدث للإشارة إلى دور أعماله في تشكيل مناهج: علم الجبر، وعلم المثلثات، وعلم الهندسة، وعلم الحساب، والموضوعات الأساسية في العلوم الطبيعية. وأشار المشاركون خلال هذه الحدث إلى خدمات المفكر في نشر الثقافة الشرقية في أوروبا والثقافة الأوروبية في الشرق.
وبالإجماع يعترف المجتمع العلمي العالمي اليوم بالإسهامات القيمة لابن للشعب الأوزبكي العظيم في بعث وتقدم الفكر العلمي. كما ويمكن ومن دون أدنى شك التأكيد على أن الخوارزمي وبحق يعتبر: عالم رياضيات، وعالم فلك، وجغرافي بارز، خاصة وأن أعماله تدرس في جميع بلدان العالم حتى الآن.
*****
بحث أعده أ.د. محمد البخاري، في طشقند بتاريخ 5/10/2015 نقلاً عن مقالة التراث القيم للخوارزمي ملك للإنسانية. وفخر ومجد الشعب الأوزبكي. // طشقند: وكالة أنباء Jahon، 24/9/2015