السبت، 25 أغسطس 2012

نظرية الصحافة الاشتراكية



نظرية الصحافة الاشتراكية

كتبها: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية. بتاريخ 21/8/2012


 ظهر مفهوم نظرية الصحافة الاشتراكية في أوروبا مع بداية عام 1830 واستمر في تطوره حتى عام 1948 وخلال هذه الفترة الطويلة التي دامت أكثر من قرن ظهر الكثير من المفاهيم والمذاهب الفلسفية والأفكار السياسية المكملة لمفهوم الاشتراكية وكان أولها ما ظهر في فرنسا إبان الثورة الفرنسية التي اعتمدت على المنشور والمطبوع في نشر أفكارها.
وظهر مصطلح الاشتراكية بمعناه السياسي الحديث الدال على نظام اجتماعي واقتصادي في الصحافة لأول مرة عندما نشرت صحيفة كلوب عام 1832 مقالة عنها كتبها بيير ليرو أحد أتباع مدرسة سان سيمون الفلسفية. وأطلق مصطلح الاشتراكية للتعبير عن الفلسفة الاجتماعية الإصلاحية التي آمن بها أتباع هذه المدرسة المؤمنة بالنظرة الإنسانية إلى الطبقات المعدمة. وسرعان ما اتسع مدلول الاشتراكية بفضل فورييه، وبرودون، ولويس بلان، لتعبر عن التطلع إلى نوع جديد من النظم الاجتماعية.
التيارات الاشتراكية: وتبلورت في أوروبا ثلاثة تيارات اشتراكية هي تيارات تمثل خلاصة الصراع الإنساني ضد الاحتكارات الرأسمالية وفق المفهوم الاشتراكي، وهي:
- الاشتراكية الإنتاجية: التي تتبنى مشاريع تنمية الثروة القومية، وإطلاق طاقات رأس المال في المشروعات الإقليمية والعالمية. داعية الناس القادرين على الإنتاج والبذل. وفق مفهوم الكل منتج دون تدخل من الدولة، تاركين الأمر للتجار والصناعيين والمثقفين والعلماء والفنيين لتحقيق الكفاية، وتزعم هذه المدرسة الفيلسوف سان سيمون وأتباعه.
- والاشتراكية التعاونية: وتزعم هذا الاتجاه في إنكلترا الفيلسوف ورجل الصناعة روبيرت أوين، وفي فرنسا شارل فورييه، واعتبر أوين أن حل المشكلة يتوقف على خلق النموذج الاشتراكي الإنساني الذي سيجذب أصحاب النوايا الطيبة من الأغنياء ورجال المال والصناعة وأعطى المثال بنفسه عندما أقام مستعمرة اشتراكية على أساس المساواة المطلقة والمشاركة في الجهود والأرباح، وانتفاء الأسلوب الرأسمالي الاستغلالي في التعامل.
- والاشتراكية العلمية: الذي صاغ نظريتها الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية كارل ماركس، بعد استيعابه العلمي للفلسفة الجدلية لهيجل، ومذهب آدم سميث للاقتصاد الحر، والدراسات الفلسفية الاجتماعية لسان سيمون وتلاميذه.
دعائم نظرية الصحافة الاشتراكية: تقوم النظرية الصحافة الاشتراكية على دعائم أساسية هي:
- ملكية الشعب لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛
- وربط مؤسسات ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بالمجتمع الاشتراكي، ربطاً وثيقاً؛
- وتحديد دور إيجابي يلتزم به جميع العاملين في ميدان الإتصال والإعلام.
وبهذا الوضع وتطبيقاً لهذه الأفكار فإن الصحافة التي تؤمن بهذه الفلسفة هي صحافة واقعية لا عناية لها إلا بالموضوع أو الموضوعية الأكاديمية، لذلك فهي تؤمن بالواقع الملموس من المكاسب التي تحصل عليها الطبقة الكادحة. وتضع المسؤولية العامة اتجاه الطبقة أولاً والحرية ثانياً.
وعلى هذا الأساس أصبح للحرية الصحفية في النظام الاشتراكي معنى مخالفاً تماماً لمعناها في النظام الرأسمالي، ووفقاً لمصالح الطبقة الكادحة فإن النظام الإعلامي الاشتراكي:
- يؤمن بحرية القول؛
- وحرية الاجتماع بما في ذلك الاجتماعات الشعبية؛
- وحرية التجمع أو المواكبة أو التظاهر لتحقيق غرض معين.
ولم يعد في الإمكان الحديث عن نظرية إعلامية اشتراكية بعد انهيار المنظومة الاشتراكية والإتحاد السوفييتي السابق، وتفكك الجمهوريات السوفييتية إلى جمهوريات مستقلة ذات سيادة واستقلال وطني، وتحول أغلبية دول المنظومة الاشتراكية إلى أنظمة ديمقراطية لها أساليبها السياسية والإعلامية الخاصة بها وعلاقاتها الدولية المبنية على مفاهيم جديدة بل أن بعض الجمهوريات الجديدة تلك أخذت تعمل على تكييف نظريات الإعلام الغربية مع ممارساتها الإعلامية الفعلية.


نظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة



نظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة

تأليف: أ.د. محمد البخاري: دكتوراه في العلوم السياسية DC اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب Ph.D اختصاص: صحافة. بروفيسور قسم العلاقات العامة، كلية الصحافة، جامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية. 21/8/2012
ولدت نظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة نتيجة للمعاناة التي سببتها النظريات السابقة، وقد يكون أيضاً بسبب تأثير نتائج الحرب العالمية الثانية ووجد المفكرون في المبادئ والوظائف والصيغ الجديدة انعكاساً للنظرية الليبرالية، وأعتبر القرن العشرين الميدان التطبيقي لأفكار هذه النظرية في المجتمع والدولة وكان أمثل تطبيق لأفكار هذه النظرية الولايات المتحدة الأمريكية التي طبقت فيها ومن ثم أخذت بالانتشار في بقية أنحاء العالم.
وتوجهت أفكار ومبادئ هذه النظرية بالنقد لأفكار النظرية الليبرالية (نظرية الحرية). ومن أهم المبادئ التي تقوم عليها هذه النظرية:
- إعطاء الحقيقة إلى الفرد ولا يحق التستر عليها ولا يجوز تزويد الفرد بمعلومات كاذبة أو ناقصة؛
- وممارسة النقد البناء والقبول بأي فكرة أو طرح جديد من قبل الفرد وتقبل مناقشة ذلك الفرد، لتصحيح الخطأ إن وجد بأسلوب ديمقراطي بناء هادف وهادئ؛
- ونشر أهداف المجتمع وخططه التربوية والتعليمية والاقتصادية والسياسية. فالإعلام يهدف إلى خدمة المجتمع ويبشره بالرفاهية واحترام حقوق الفرد الاقتصادية والسياسية والثقافية والاجتماعية؛
- وإتاحة الفرصة للفرد للحصول على المعلومات التي يستفيد منها أو يريد أن يتعلمها أو يضيفها إلى حصيلة مستواه الثقافي والسياسي من خلال فكر الدولة أو فكره الشخصي.
- وتتلخص الوظائف العامة لنظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة بخدمة النظام السياسي المتفق عليه من قبل الأغلبية الساحقة للشعب؛
- وإعلام الرأي العام وإعلاء ممارسة حكم الشعب لنفسه؛
- وحماية حقوق الأفراد في المجتمع، وحقوق الدولة لخدمة المجتمع واحترام النظام العام، واحترام حق الاتصال والإعلام؛
- وخدمة النظام من خلال إبراز الأنشطة الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية؛
- وتقديم البرامج المتوازنة الخاصة بالتسلية والترفيه للفرد من خلال ذلك القسط من الحرية الممنوحة من الدولة بما يحقق راحة الجميع؛
- والتركيز على مبدأ تحقيق الاكتفاء الذاتي.
ووجهت هذه النظرية بعض أوجه النقد للنظرية الليبرالية (الحرية) وتمثل هذا النقد في:
- أن الصحافة لم تؤد دورها الصحيح في عرض وجهات النظر المختلفة للأفكار المطروحة في المجتمع. بينما تؤمن نظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة بضرورة إعطاء الحقيقة ووجهات النظر المختلفة كلها دون مراوغة أو تضليل للفرد وإنما منحه حقيقة الفكر المطروح من خلال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية؛
- وأن نظرية الحرية الليبرالية تهدف إلى إثارة الأحاسيس والمشاعر في المجتمع. ولذلك فإنها لا تعطي الحقيقة كلها بل تجزئها وأحياناً تحرفها، بشكل يؤدي إلى خداع المجتمع  في النهاية، وقد يساند الفرد ممارسات تلك الدولة أو تلك دون أن يعرف توجهها الصحيح، ولكنه يكتشف بعد فوات الأوان أنه كان مخدوعاً.
- بينما تخالف نظرية المسؤولية الاجتماعية للصحافة هذا الرأي وتؤكد على ضرورة ممارسة حرية إعلام المواطن بالخبر والحدث ومنحه حق منافسة الدولة والآخرين بشكل يؤدي إلى العمل والتعاون والتقدم.
- وتتحمل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بقدر من المسؤولية في ممارسة البناء والنمو الاجتماعي على أساس الالتزام بحقوق الآخرين.
فالحرية تنطوي على قدر كبير من المسؤولية الاجتماعية ولهذا فالحرية ليست حقاً طبيعياً يعطى دون مقابل، بل حقاً مشروطاً بمسؤوليات يمارسها الإنسان اتجاه نفسه واتجاه المجتمع. ولا حق لأحد بالاعتداء على حريات الآخرين. أي أن الحكومة والشعب يعطيان وسائل الاتصال والإعلام حقهما في حرية التعبير، ولكن في نفس الوقت يمكن أن تفقد هذا الحق فيما لو أسيء استعماله، ولا يمكن عزل المجتمع ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والدولة عن بعضهم البعض لأن التمتع بالحقيقة وحرية الرأي أمران ضروريان للأطراف الثلاثة:
- الدولة؛
- والمجتمع؛
- ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية.
والغاية واضحة للجميع. وتبدأ عملية تفكير الفرد فور تسلمه للخبر، فيناقشه مع نفسه أولاً، ومن ثم مع السياسة المعلنة للدولة ووسيلة الاتصال أو الإعلام الجماهيرية المنتمية لتلك الدولة مخالفة أم مؤيدة لرأي وفكر الحكم في الدولة. وبذلك يصبح الفرد متمتعاً بالحرية الحقيقية والقدرة على التعبير عن رأيه وأفكاره ومفاهيمه ومواقفه إلا أن هذا لا ينفي وجود الرقابة الموضوعية على النشر إذ أن الرقابة موجودة ولا تسمح بنشر أي شيء يتعارض وتوجه خدمة الجماهير العريضة، ولا يهم الرقابة الآراء المتعلقة بالأفراد كأفراد، لأنها تضع مصلحة المجتمع فوق كل المصالح، وتحترم المصلحة الجماعية للمجتمع.