الأحد، 2 فبراير 2014

الأديب الأوزبكي أسعد مختار


الأديب الأوزبكي أسعد مختار
كتبه: أ.د. محمد البخاري
أسعد مختار (1920 – 1997) شاعر عاطفي، ومترجم ماهر، وحصل على لقب "شاعر الشعب الأوزبكستاني". وحصل على جائزة حمزة الحكومية لقاء روايته "تشيناره" عام 1973.


ولد أسعد مختار بتاريخ 23/12/1920 في أسرة موظف بالخطوط الحديدية بفرغانة. وأصبح يتماً وهو في سن الـ 11 من عمره حيث تربى في ملجأ للأطفال. وبعد إتمامه تعليمه المدرسي، التحق للدراسة بجامعة وسط آسيا الحكومية عام 1938. وبعد تخرجه منها عمل رئيساً لقسم الأدب الأوزبكي بمعهد التربية في أنديجان.
وفتح انتقال أسعد مختار إلى طشقند صفحة جديدة في حياته العملية. حيث عمل رئيساً لقسم، وأمين سر مسؤول في العديد من الإصدارات الأوزبكستانية، ومن بينها: رئيس تحرير مجلة "زفيزدا فاستوكا" من عام 1960 وحتى عام 1965؛ ورئيس تحرير مجلة "غوليستان" من عام 1969. وبدأ بنشر مؤلفاته من عام 1938.
وأسعد مختار أدخل في الأدب الأوزبكي مواضيع تخص الطبقة العاملة في: قصيدته "صاهر الفولاذ" عام 1947؛ والمجموعة الشعرية "إخواني المواطنين" عام 1949؛ ومجموعة مقالات أدبية وقصص القصيرة بعنوان "مدينة الفولاذ" عام 1950؛ وغيرها.
وخص أسعد مختار الطبقة العاملة في أوزبكستان، واليقظة الروحية للنساء الأوزبكيات بروايته "أخواتي" عام 1954. ورواية "الولادة" عام 1961 التي كرسها لمشاركة الشباب في أحد مشاريع البناء الضخمة. و"أوقات مصيري" عام 1964، والرواية هي اعترافات تشكل مظهر الإنسان المعاصر، الإنسان الذي يشيد ويناضل. ورواية "تشينارة" عام 1969، المكرسة لتاريخ فنون الشعب الأوزبكي، التي كشف من خلالها مصير واحدة من الأسر الأوزبكية. وفي "قصص قره قلباقستان" عام 1958، وقصيدته "التواصل مع الخلود" عام 1969، توجه إلى مواضيع تاريخية ثورية، أظهرت تشكل الطبيعة البطولية للشعب الأوزبكي.
وأسعد مختار مؤلف العديد من المقالات الأدبية والنقدية. وقام بترجمة مؤلفات أ. س. بوشكين، وم. يو. ليرمانتوف، وم. غورغي، وف. ف. مياكوفسكي، وأ. أ. بلوك، وت, غ. شيفيتشينكو، وغيرهم إلى اللغة الأوزبكية.
وتوفي أسعد مختار يوم 17/4/1997.
ولفترة زمنية طويلة عملت في إدارة معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية مع ابنه أ.د. تيمور مختاروف، وفي تشرين ثاني/أكتوبر عام 2000 زرنا معاً جامعة الإمارات العربية المتحدة بصفته عميداً للماجستير بالمعهد، وشاركته بإلقاء سلسلة من المحاضرات عن أوزبكستان.
ولم أزل أذكر مشاركة ابنه أ.د. إدغار مختاروف بجلسة المجلس العلمي المتخصص بمعهد الفنون الجميلة الأوزبكستاني أثناء دفاع الفنان التشكيلي السوري البارز والخطاط د. محمد غنوم عن أطروحته العلمية للحصول على درجة دكتوراه الفلسفة في الفنون، وهي الجلسة التي منحه المجلس في ختامها الدرجة العلمية. ولم أزل أذكر جهود زوجته فلورة أثناء الإشراف على معرض لوحات محمد غنوم الذي أقيم بمتحف الفنون الجميلة الحكومي الأوزبكستاني عام 1990.
وأخيراً أود القول أني لم أزل أذكر الزيارة التي قمت بها مع ابنه تيمور لبيت أسعد مختار بعد وفاته، حيث اطلعت على مكتبته العامرة، والصور الكثيرة ومقتنياته الشخصية التي تتحدث عن ذكرياته وعن تاريخ تطور الأدب الأوزبكي.

بحث أعده أ.د. محمد البخاري، في طشقند، 3/2/2014 بتصرف عن المصدر الإلكتروني: http://www.ziyonet.uz/ru/people/askad-muhtar/

المفكر البخاري الكبير أحمد دانيش


المفكر البخاري الكبير أحمد دانيش
كتبه: أ.د. محمد البخاري

ولد أحمد دانيش بقرية سوغوت في تومان شفريكان بإمارة بخارى عام 1827م. وكان أحمد يكتب مؤلفاته تحت الاسم المستعار دانيش، وتعني "المعرفة"؛ وكان له لقباً آخر هو "الرأس الكبير"، أطلق عليه ليس لكبر حجم رأسه، بل لذكائه الحاد.
وأحمد دانيش ولد في أسرة الملا (رجل دين) مير ناصر. ومنذ طفولته المبكرة أظهر مواهب كبيرة، وميولاً نحو الشعر والرسم. وتعلم أسس اللغة العربية، وقرأ الكثير من الصفحات التاريخية، وكتب الشعر، وزين مخطوطاته بالمنمنمات قبل التحاقه بالمدرسة. وعندما انتقلت الأسرة إلى بخارى التحق للدراسة في المدرسة (المدرسة في تلك الأيام كانت تعادل الجامعة اليوم، والمدرسة تسمى في أوزبكستان حتى اليوم، مكتب). وسرعان ما اشتهر في الأوساط البخارية في تلك السنوات كخطاط، ورسام منمنمات، ورسام خرائط، ماهر.
وفي أواسط خمسينات القرن الـ 19 خدم أحمد دانيش في قصر الأمير نصر الله (1827م-1860م).  وسرعان ما ذاعت شهرته كعالم وأديب موهوب. وعينه الأمير نصر الله أميناً للسر في سفارته التي أرسلها إلى سانت بطرسبورغ لإقامة علاقات صداقة مع روسيا في عام 1857م. وتركت لديه إطلاعاته على العلوم، والتكنولوجيا، والثقافة، الروسية انطباعات كبيرة، وسرعان ما أدت إلى تغييرات جذرية في تصوراته عن بنية المجتمع والدولة.
وجاءت رحلة دانيش إلى روسيا ضمن سفارة بخارى الثانية خلال عامي 1869م و1870م، لتزيد من غناه المعرفي وتزويده بانطباعات وملاحظات وأفكار جديدة. وبعد عودته من رحلته الثالثة إلى سانت بطرسبورغ عام 1874م كتب دانيش مقالات، ضمنها إصلاحات ضخمة في بنية الدولة، وقدمها للأمير. ولكن الأمير  وحاشيته، تخوفوا من مقترحات دانيش الشجاعة، وأجبروه على مغادرة البلاط، وفي مسعى للحد من تأثيره، عين قاضياً في غوزار، إحدى مناطق الإمارة. حيث اشتغل دانيش بعيداً عن بخارى بالأعمال الإبداعية.
وخلال الأعوام الممتدة من عام 1880م وحتى عام 1889م أنهى مؤلفه الرئيسي "أحداث نادرة". وضمنه قصصاً أخلاقية، وفلسفية، وجمالية، وأورد فيه ملاحظاته التي سجلها أثناء الطريق في رحلاته إلى روسيا، وتضمنت، انعكاسات للأفكار التنويرية. وكان للكلمات التي كتبها دانيش كعالم، وأديب، وشخصية إجتماعية بارزة تأثيرها في بخارى، وتكريماً له ألفت قصائد قدمته كأكبر العلماء ومن الأدباء البارزين. وعندما تسلم سعيد عبد الأحد خان (1885م - 1910م) السلطة في الإمارة اضطر لاستدعاء دانيش إلى بخارى، ومن أجل إظهار كرمه على رجولة هذا العالم، عينه أميناً لمكتبة أحدى المدارس الشهيرة. ولكن هذا "الكرم" لم يستطع شراء دانيش، وبقي حتى نهاية حياته ناقداً صلباً للإمارة.
وفي مؤلفه الأخير الذي لم ينهيه، واصطلح على تسميته الآن "مقالات تاريخية"، سعى دانيش لكشف المشاكل الرئيسية في إدارة الدولة.
وفي مؤلفه: "نوادر الوقائع" (1870م - 1889م)، وخاصة في فصوله "حق الأطفال على والديهم"، و"تربية الأطفال"، و"أسس الحياة الزوجية"، انتقد أحمد دانيش بشدة وبصدق نظام التعليم، والحقوق، والاقتصاد، في الدولة.
ورغم وعي دانيش لضرورة التغيير الذي سبق عصره. وتقديمه لفكرة الحد من حقوق السلطة المطلقة للأسر الحاكمة، عن طريق إنشاء جهاز إستشاري يشبه البرلمانات الأوروبية، ودعوته لتأسيس وزارات، وضبط عمل أجهزة الإدارة في المناطق. فإنه لم يستطع التخلص من تأثير الأشكال التقليدية لإدارة الدولة، التي أعدها الحكام المسلمون، خلال قرون عديدة وفق الشريعة الإسلامية.
وتأثير أحمد دانيش كان كبيراً على تطور الفكر الإجتماعي والسياسي التقدمي لشعوب وسط آسيا في نهاية القرن الـ 19 وبداية القرن الـ 20، وعلى تطور الأدب الواقعي. وحتى أن صدر الدين عيني، عاش "ثورة روحية" بعد تعرفه على أعمال دانيش، وأطلق عليه "نجمة الصباح الساطعة من الآفاق المظلمة لإمارة بخارى".
واقترح دانيش إعادة كتابة تاريخ وسط آسيا من خلال المبادئ الصحيحة لإدارة أبرز الحكام، وأطلق عليهم مجددي القرون. وكتب: "الأمير تيمور كوراكاني كان مجدداً في القرن الثامن الهجري. وبعده في كل دولة إسلامية ظهر مجددون: وعلى سبيل المثال: برز السلطان حسين ميرزه بايقاره في القرن التاسع الهجري في هيرات؛ والأمير عبد الله خان مع بداية الألف سنة هجرية في بخارى؛ وفي القرن الحادي عشر الهجري سعيد صبحانقولي خان؛ وفي القرن الثاني عشر هجري المرحوم الأمير معصوم، أي الأمير شاه مراد. وفي نفس الوقت كان مع هؤلاء المجددين علماء متميزين بالمعارف العلمية، وأسهموا بتقدم دول ما وراء النهر".
توفي أحمد دانيش عام 1897م بمدينة بخارى. ومع الأسف خربت المقبرة التي دفن فيها خلال سنوات الحكم السوفييتي.

بحث أعده أ.د. محمد البخاري، في طشقند، بتاريخ 2/2/2014 بتصرف نقلاً عن المصدر الإلكتروني: http://www.ziyonet.uz/ru/people/ahmad-danish/