الأحد، 31 مارس 2013

الاتصال والإعلام الدولي والسياسة الخارجية في الدول المعاصرة


أ.د. محمد البخاري: الاتصال والإعلام الدولي والسياسة الخارجية في الدول المعاصرة 11 من كتابي "التبادل الإعلامي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة".
11
الاتصال والإعلام الدولي والسياسة الخارجية في الدول المعاصرة
تقوم مؤسسات الإعلام عادة بنشر المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار بواسطة وسائل الاتصال الجماهيرية المتنوعة بغرض الإقناع والتأثير على الأفراد والجماعات محلياً، وخارجياً بعد أن تخرج عن نطاق المحلية وتجتاز الحدود الجغرافية والسياسية للدولة، لنقل المبادئ والأفكار والمواقف والأخبار لمواطني الدول الأخرى، من أجل خلق نوع من التأثير أولاً، ومن أجل تحقيق نوع من الحوار الثقافي ثانياً، متجاوزة الحواجز اللغوية والسياسية والجغرافية، لتتحول المؤسسات الإعلامية ووسائل الإتصال الجماهيرية إلى مؤسسات إعلامية دولية.
ويعتبر الإعلام الدولي جزء لا يتجزأ من السياسة الخارجية للدول المستقلة المتمتعة بالسيادة الوطنية الكاملة؛
ووسيلة فاعلة من وسائل تحقيق بعض أهداف سياستها الخارجية داخل المجتمع الدولي.
ويخدم الإعلام الدولي المصلحة الوطنية العليا للدولة، وفقاً للحجم والوزن والدور الذي تتمتع به هذه الدولة أو تلك في المعادلات الدولية القائمة. وتأثيرها وتأثرها في الأحداث العالمية المستجدة كل يوم. وخاصة عند نشوب أزمات سياسية أو اقتصادية أو عسكرية أو اضطرابات اجتماعية تطال تلك الدولة، أو الدول المجاورة لها، أو تطال مناطق المصالح الحيوية للدول الكبرى في أنحاء مختلفة من العالم، أو في حال حدوث كوارث طبيعية أو أوبئة أو أخطار بيئية تهدد الحياة على كوكب الأرض، ككارثة الانحباس الحراري الذي يهدد البشرية اليوم.
وللإعلام الدولي دوافع متعددة، تعتمد على المصالح السياسية والاقتصادية والعسكرية والاجتماعية والعلمية والثقافية والإنسانية، بما يتفق والسياسة الخارجية للدولة المعنية، وتنبع كلها من المصالح الوطنية العليا للدولة. وقد يعمل الإعلام من خلال هذا المنظور على تعزيز التفاهم الدولي والحوار بين الأمم، ليؤدي إلى خلق تصور واضح للدول بعضها عن بعض، مفاده التحول من النظام الثقافي القومي التقليدي المغلق، إلى نظام ثقافي منفتح يعزز التفاهم الدولي ويعمل على تطويره أو إلى نظام ثقافي شمولي تديره جهات معينة من وراء الحدود للوصول إلى أهداف معينة تخدم مصالحها الخاصة.
وكان للإعلام الدولي دوراً أساسياً في هذا التحول، بعد التطور الهائل الذي طال تقنيات الاتصال خلال القرن العشرين، وساعد على إحداث تغيرات ثقافية واجتماعية واضحة، رغم تضارب المصالح الاقتصادية والسياسية، والصراعات الإيديولوجية المؤثرة على القرار السياسي اللازم لأي تقارب أو حوار دولي هادف بين مختلف دول العالم.