الثلاثاء، 12 نوفمبر 2013

زولفية الشاعرة الأوزبكية الموهوبة

زولفية الشاعرة الأوزبكية الموهوبة
عرفت الشاعرة الأوزبكية الشهيرة والموهوبة، والفنانة اللامعة، زولفية إسرائيلوفا، التفاصيل الدقيقة لجوهر الإنسان العادي الكادح، وهي المكافحة الشجاعة عن حقوق ومساواة المرأة في المجتمع الشرقي. وفي الحقيقة نبعت شهرة أشعارها من رثائها للحياة المعقدة في عصرنا، وحديثها عن الأصالة، وتصويرها الدقيق لمشاعر وأحاسيس ومعاناة الإنسان المعاصر.
سيرة حياتها


ولدت زولفية (1915- 1996) في أسرة حرفي بطشقند، ومع ذلك كانت الأسرة تتمتع بثقافة عالية. وتذكرت الشاعرة زولفية أمها وقالت: "أمي كانت هادئة، وعلى ما أذكر، كانت دائما حزينة. لأنها لم تنسى القهر العبودي الذي كان بداخلها... وعرفت الكثير من الأغاني والأساطير، وعرفت كيف تغنيها، وكيف تتحدث عنها لتجذبنا نحن الأطفال الصغار إلى عالم الأساطير الرائعة، وإلى حب المجد الذي يصنع المعجزات، وكشفت لنا أسرار العالم، التي تأخذ الإنسان إلى عالم الجمال، وكلها زرعتها أمي في قلبي، وهي الإنسانة البسيطة...". وأرادت الأم أن يكون أولادها متعلمين ويتمتعون بثقافة عالية، وحققت أمنيتها. وأنهت زولفية تعليمها المدرسي، ومن ثم أنهت تعليمها في معهد التربية المتوسط، وعملت محررة في الصحف والمجلات بجمهورية أوزبكستان، واهتمت بالشعر، وأخذت تكتبه. وأولى أشعارها ظهرت على صفحات مجلة "يانغي يول" (الطريق الجديد)، وصحيفتي "قزيل أوزبكستون" (أوزبكستان الحمراء)، و"يوش لينينتشي" (طريق لينين). وعندما بلغت سن الـ17 صدرت لها أولى المجموعات الشعرية "صفحات الحياة" في عام 1932. وكانت أشعاراً تتغنى الشاعرة فيها بالشباب والصداقة وجمال العالم الداخلي للإنسان. وتتالى الإعجاب بأشعارها، وقصائدها، وقصصها، التي أخذت تظهر على صفحات مختلف الصحف والمجلات، وفي بعض الكتب.
ومن عام 1938 عملت زولفية في مختلف دور النشر الكبرى بأوزبكستان، وانضمت لعضوية الكثير من المنظمات المحلية والإتحادية. وسطعت مواهبها بالكامل خلال سنوات الحرب الصعبة: لأن صوت الوطنية كان قوياً في أشعارها، مع أحاسيس الدفئ العاطفي الموجه نحو المقاتلين الذين والسلاح بأيديهم يقاتلون من أجل استقلال بلادهم، ولأولئك الذين يعملون خلف جبهات القتال بإخلاص من أجل توفير كل ما تحتاجه تلك الجبهات. وفي قصيدتها الشعرية "اسمه فرهاد" عبرت الشاعرة عن كراهيتها للمحتلين الفاشيست، وعن إيمانها بالنصر. ودعت للكفاح ضد العدو وساوت الكفاح بأغاني الأم عن ابنها، الجندي، وبقلق الزوجة على زوجها، الذي يقاتل بشجاعة على الجبهة، ويعاني من الشوق لأمه وزوجته.
وحب الوطن، وحب الأماكن التي عاشوا فيها، والأحاسيس الوطنية العالية، كانت تسير جنباً إلى جنب مع الإيمان بالنصر في المعارك الدائرة على جبهات القتال، وكلها لم تكن من ثمار تخيلات زولفية الشعرية، بل من الخصائص القومية للشعب الأوزبكي، التي ظهرت ساطعة في أشعارها، وعبرت عن كل الشعب الذي تنتمي إليه. والشاعرة لم تقبل السعادة في أي مكان خارج وطنها، حتى ولو كانت الحياة هناك جيدة: "السعادة تعيش فقط في الوطن الأم". وخلال سنوات الحرب كانت أشعارها تتمتع بمستوى فني عال، مليئ دائماً بالأشكال المضيئة والجودة الشعرية، ولوحظ فيها تداخل الفلكلور مع العبارات الشعبية الدارجة، وعناصر المفردات الأدبية. والبطل الشاعري لديها كقاعدة كان يعبر وبوضوح عن التميز والفراده بالتعامل مع المواقف والظواهر المفاجئة والأحداث الجارية على الجبهة، وعن حياة الشعب وراء خطوط القتال وجنوده المقاتلين على الجبهات.
وانتهت الحرب، وجاءت فرحة النصر، وجاء وقت استقبال المنتصرين، والبكاء على الذين لم يعودوا من الجبهات، وجاء وقت مواضيع العمل السلمي لتستولي على قلب الشاعرة. وكانت قصائد زولفية الشعرية آنذاك مليئة بمحتوى فلسفي جديد؛ وصورت واقع جرحى الحرب بشكل واسع، وتميزت أشعارها بحماسة غير مسبوقة لبذل الجهد في العمل. وهيمنت مواضيع العمل على أشعارها. وغنت في أشعارها لمزارعي القطن، وللعمال، والمهندسين، والعلماء، الذين أعطوا جهدهم من أجل خير البلاد. ولم تفصل زولفية بين وسعادة الإنسان وسعادة كل بلده أوزبكستان.
وخصصت زولفية مكاناً خاصاً في إبداعاتها لمصير النساء الأوزبكيات، وصورت دورهن في حياة بلدهن. ولم تخفي زولفية معاناة النساء في الأزمان القديمة حيث كانت المرأة تعيش في البيت، وتعمل كالجارية دون مقابل، تحت رعاية رجل البيت، الذي كان رباً وسيداً، والنساء مجبرات على طاعته طاعة عمياء. ومن خلال تلك النظرة للنساء، قيمت زولفية مكانتهن في المجتمع بالماضي البعيد، ولكنها توجهت إليهن من المستقبل: وكانت أشعر أشعار زولفية مليئة بمشاعر القلق، وأحاسيس الحب للطبيعة والإنسان، كجزء لا يتجزأ وطبقة عليا من الطبيعة نفسها. وأعطت الطبيعة في أشعارها ألوان واشكال مشرقة زاهية. وكانت كلمات زولفية مليئة بالكرم، والشجاعة، والحماسة، والوطنية الحقيقية، والأحاسيس الحقيقية بحب واحترام الطبيعة والإنسان، وغنى الألوان والنماذج الحديثة غير المتوقعة، التي تثير جوهر القارئ، وتعزز فيه الإيمان بمستقبل البشرية.
وكانت الشاعرة والأديبة الموهوبة زولفية، ذواقة للأحاسيس العاطفية الإنسانية بدقة متناهية، وأبدعت في العديد من الألوان الأدبية: القصيدة، والقصة، والمرثيات، والقصائد الغنائية، والقصص القصيرة، والمقالات، والمقالة السياسية، والمراسلات الصحفية. وكتبت أشعاراً كثيرة عن النضال من أجل السلام، ومن أجل الصداقة بين شعوب إتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية. وخلال سنوات الحرب كتبت أشعاراً وطنية. وكتبت نصوص أغنيات وكلمات للأوبرا للملحنين الأوزبك، ومن بينها كلمات أوبرا "زينب وأمان". وكتبت مسرحية اسطورية معتمدة على قصيدة "سيمورغ" التي كتبها زوجها حميد عالم جان.
ومن أشعارها الأكثر شهرة في أوساط القراء: "خولكار" (1947)، و"أنا أغني للفجر" (1950)، والمجموعة الشعرية "القريبين من قلبي" (1958)، و"القلب على الطريق" (1966)، و"هدايا الوادي" (1966)، و"ربيعي" (1967)، و"الشلال" (1969). وترجمت بعض أشعار زولفية إلى اللغة الروسية، ومن بينها: "أنا أغني للفجر" (1950)، التي ترجمت إلى اللغة الروسية عام 1951.
وفي عام 1984 حصلت زولفية على لقب "بطل العمل الإشتراكي". وحصلت على جائزة الدولة في اتحاد الجمهوريات الاشتراكية السوفياتية. وفي عام 2004 أحدثت في أوزبكستان جائزة حكومية تحمل اسم زولفية تمنح سنوياً للفتيات المتفوقات في مجالات الآداب، والفنون، والعلوم، والثقافة، والتعليم، من سن الـ 14 وحتى الـ 22 عاماً، قبل اليوم العالمي للمرأة في الـ 8 من مارس/آذار. وحتى الآن حصلت على جائزة زولفية 98 فتاة.
وإبداعات زولفية الشعرية هي أغان مستوحاة من أوزبكستان، وأناشيد تغنى لعمل الإنسان، وأناشيد تغنى للحب والحقيقة والأرض. ومضت سنوات كثيرة على أعمال زولفية الإبداعية، وحدثت تغييرات كبيرة على الحياة ومصير أوزبكستان وشعبها، ولكن "قوة نيران الحب تدفئ حتى اليوم مشاعر القراء، وتستحوذ على قلوبهم وعقولهم".
ومن مؤلفاتها: "الاعتراف"؛ و"جاء الربيع، يسأل عنك"؛ و"الأم"؛ و"الحسد"؛ و"زينب وأمان"؛ و"لقاء أغنية ألاتاو"؛ و"أصدقائي"؛ و"نجمة مهد الطفل"؛ و"تولبان (الزنبق)"؛ و"هدية بلا عنوان"؛ و"ليلك (سيرين)"؛ و"صفحات الحياة" (1932)؛ و"الليلة المقمرة"؛ و"الحلم"؛ و"ولدت هنا".

بحث كتبه أ.د. محمد البخاري، طشقند،  12/11/2013 نقلاً عن المصدر الإلكتروني:  http://www.ziyouz.uz/ru

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق