التحليل الوظيفي للأداء الإعلامي
التحليل
الوظيفي للأداء الإعلامي
كتبها: أ.د. محمد البخاري.
التحليل الوظيفي:
التحليل
الوظيفي يركز على ظاهرة معينة تحدث في إطار نظام اجتماعي معين. ويحاول إظهار
النتائج التي تسهم في استقرار النظام ككل.
وقد
وصف كارل همبل منطق التحليل الوظيفي، بـ"أن موضوع التحليل هو مادة ما، تتسم
بالاستمرار النسبي، وتحدث في نظام معين ويهدف التحليل إلى إظهار هذا النظام. ويحوي
هذا النظام على ظروف داخلية، وخارجية، وعند اشتراك الظروف الداخلية والخارجية،
ينتج الاستعداد للتأثيرات التي تشبع احتياجاً وظيفياً ضرورياً للنظام، كشرط
لاستمرار النظام في العمل بشكل ملائم وفعال".
ويطبق
هذا النوع من التحليل على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، من أجل تحديد
المضمون المنخفض ثقافياً لما تنقله وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية إرضاء
لرغبات الجماهير العريضة وتحديد أنواع تلك المواد الإعلامية، وتصنيفها ضمن التصنيف
التالي:
1-
مضمون متسم بانخفاض الذوق الذي توزعه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على نطاق
واسع، وتتعرض له قطاعات واسعة من الجمهور الإعلامي ويثير حفيظة وغضب النقاد، لما
يسببه من تدهور الذوق العام والآداب والأخلاق عن طريق إثارة العادات السيئة
اجتماعيا.
2-
مضمون لا تختلف حوله وجهات النظر وتوزعه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على
نطاق واسع، ولا يثير أية ردود فعل لدى النقاد. ولا يؤدي إلى رفع أو خفض الذوق
العام، ولا يهدد المستوى الأخلاقي في المجتمع.
3-
مضمون يتسم بالذوق الرفيع وتوزعه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية على نطاق
واسع، ولكن بنسبة تعرض أقل من قبل الجمهور الإعلامي، ويعتقد النقاد أنه يسهم في
رفع مستوى الذوق العام، والمستوى الأخلاقي في المجتمع، ويسهم في تعليم أفراد
المجتمع ويرفع من سويتهم الثقافية.
وافترض
دوفلور وجود تضاد في المضمون الإعلامي على شكل ثقافة عليا، وثقافة هابطة المستوى.
متصل بخصائص الجمهور الإعلامي الذي يعتبر العنصر الأساسي لوسائل الاتصال والإعلام
الجماهيرية.
وينتقل
المضمون الإعلامي في النظام الذي يعتمد على الربح والخسارة عن طريق موزع إلى الجمهور
الإعلامي، تربط بينهما هيئة للبحث. وكنظام متشابك يرتبط فيه منتج المادة الإعلامية
مع ممولها وموزعها، ولكل منهم أهدافه الخاصة به.
وتقوم
وكالات الإعلان بالربط بين الممول والموزع والمنتج وهيئة البحث، عن طريق تقديم
الأفكار والخدمات. وتسيطر عليها كلها أنظمة فرعية متمثلة بالهيئات التشريعية التي
تسن القوانين الناظمة لعمل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وتصبح بذلك عنصراً
هاماً في النظام الإعلامي كله.
النماذج التفسيرية:
لاشك
أن إعداد افتراضات تجريبية يمكن التثبت من صحتها أو خطئها، من الأمور الهامة جداً
للباحثين عند جمع المادة العلمية للدراسة والتحليل. وتأكيد النظريات التي اعتمدوها
عن الاتصال واعتماد نظريات تنظر إلى الاتصال كعملية.
وسنستعرض
هنا العديد من النماذج التفسيرية، مع التركيز على نظريات مختلفة تحاول تفسير
الطريقة التي يؤثر من خلالها السلوك الإنساني على الاتصال وتغيير الاتجاه. وحاجات
الإنسان لخلق توازن بين مشاعره وأفعاله من خلال نظريات هيدر، ونيو كومب، واسجود،
وتاننباوم، وفستنجر، مع التركيز على الاتجاهات التي تجعل الفرد أكثر تقبلاً
للتغيير، وقياس مدى القبول والرفض وعدم الالتزام لديه، ونظرية التحصين التي تحصن
المتلقي ضد الدعاية المضادة.
نموذج التوازن في الاتصال:
تركز
نماذج التوازن والاتفاق والموازنة على الأساليب التي تؤثر على حالة الفرد
السيكولوجية المتوازنة أو غير المتوازنة عند الاستجابة. والمقصود هنا التوازن
والتآلف التي تكون فيه المعتقدات والأفكار والاتجاهات السلوكية والعلاقات
الاجتماعية قادرة على مقاومة التأثير الخارجي، بينما تتسم حالات عدم التوازن بوجود
تناقض بين المشاعر والأعمال والتصرفات بحيث يصبح المرء معرضاً للتأثير الخارجي.
ومفهوم
الاتفاق يفترض بأن الإنسان منطقي، وتفترض هذه النظرية أن عدم الاتفاق هي حالة غير
طبيعية تؤدي إلى حدوث ضغوط تقلل من عدم الاتفاق أو تنهيه رغم أن الطرق التي تحقق
الاتفاق بين السلوك والاتجاهات عند الإنسان تكون غير منطقية عادة.
وتعتبر
نظريات التوازن أن طريقة تحقيق الاتفاق تكشف عن الطبيعة المنطقية، والطبيعة غير
المنطقية عند الإنسان. ويشير ليون فستنجر في مثاله عن الرجل الذي حفر حفرة في
أرضية حجرة الجلوس في بيته، حتى يوفق بين وجود الحفرة وما تعود عليه من القفز فوق
جزء معين من الغرفة. وهو مثال غير طبيعي إلا أنه يظهر إلى أي مدى يكون الإنسان غير
منطقي ليحقق الاتفاق أو التوازن لسلوكه.
بينما
قدم إلبورت ج. الحوار التالي كمثال آخر عن الأسلوب غير المنطقي الذي يتحقق من
خلاله الاتفاق السلوكي:
أ:
مشكلة اليهود أنهم يهتمون بجماعاتهم فقط.
ب:
نعم، ولكن تقارير التبرعات للجمعيات الخيرية تشير إلى أنهم يتبرعون بسخاء أكثر من
غير اليهود.
أ:
هذا يظهر أنهم يحاولون دائماً أن يكون لهم أفضال، كي يتدخلوا في الشؤون المسيحية،
فهم لا يفكرون إلا بالمال، ولهذا نجد الكثيرين من رجال البنوك من اليهود.
ب:
نعم، ولكن آخر دراسة أظهرت أن النسبة المئوية للعاملين في المصارف من اليهود هي
أقل بكثير من النسبة المئوية لغير اليهود.
أ:
هذه هي المشكلة، فهم لا يحاولون شغل الأعمال المحترمة، بل على العكس يفضلون
أعمالاً أخرى غير محترمة كإدارة الملاهي الليلية.
وبالرغم
من أن أقوال ( أ ) كانت منطقية وتعبر عن اتجاهاته المتحيزة رغم اتسامها بالاتفاق،
إلا أن الحجج التي استخدمها ليحافظ على الاتفاق كانت غير منطقية بشكل واضح. لأن
الإنسان يعمل على فهم وتبرير التجارب المؤلمة بطريقة تجعلها معقولة ومنطقية. وقد
اتفق كل العلماء الذين درسوا الاتفاق ونتائجه على السلوك والاتجاهات، على أن عدم
الاتفاق هو حالة مؤلمة وغير مريحة سيكولوجياً واختلفوا في النواحي التطبيقية.
المقالة التالية التوازن في الأداء الإعلامي
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق