المصدر الإعلامي
المصدر
الإعلامي
كتبها: أ.د. محمد البخاري.
بالنسبة للمصدر الإعلامي:
يجب
تطهير المواد الإعلامية من المعلومات التي تهدد اتفاق الرأي العام، وأن تلك المواد
الإعلامية يجب أن تساعد على تحقيق الاتفاق في المجتمع. وبما أن وسائل الاتصال
والإعلام الجماهيرية هي الشريان الرئيسي للاتصال بالجمهور الإعلامي، فيجب أن يكون
الهدف الأساسي للمصدر الإعلامي استخدامها لتحقيق الأهداف عن طريق الإقناع،
واستغلال العلاقة التي تربط بينه وبين القائم بالإتصال.
أما بالنسبة للقائم بالإتصال:
فهو
ينظر إلى نفسه كموزع مستقل للمواد الإعلامية، وأن وظيفته مراقبة وحراسة أعمال
الحكومة، والتعاون مع المصادر الإعلامية.
بينما
يتوقع الجمهور الإعلامي من وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أن تغطي الأخبار
بشكل موضوعي ونقدي، وبتقييم مستقل. وهذا يتطلب أن تبقى وسائل الاتصال والإعلام
الجماهيرية حرة بعيدة عن ضغوط المصادر الإعلامية، ومتحررة من القيود البيروقراطية.
قادة الرأي من وسائل الإعلام الجماهيرية:
ومن
العوامل المؤثرة على القائمين بالإتصال في النموذج التصوري، هو تأثير وسائل
الاتصال والإعلام الجماهيرية الضخمة، على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية
الأصغر منها. لأن الأخيرة وكما هو معروف تقلد الأولى في أسلوب اختيار المضمون
الإعلامي.
وقد
توصل وارين بريد نتيجة للأبحاث التي درس فيها صحف النخبة التي تعتبر قادة رأي، إلى
فرضية تقول أنه هناك عملية شريانية Arterial Process من التأثير تزيد من التشابه
والتماثل بين الصحف الصادرة في الولايات المتحدة الأمريكية، سببه تقليد الصحف
الصغيرة لأسلوب اختيار الأخبار في الصحف الكبيرة. ووجد المخرج من هذا الوضع بتعيين
مراسلين ومحررين أفضل وبمستويات مهنية أرقى للعمل في الصحف الصغيرة. وهي نفس
النتائج التي أكدتها البحوث اللاحقة، ووجدت أن:
آ)
وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية تتضمن نفس المواد الإعلامية أو مواد إعلامية
مشابهة لها؛
ب)
هناك تماثل في طرق صياغة وأساليب ترتيب تلك المواد الإعلامية. ومن العوامل الكثيرة
المسببة لهذا التماثل في المضمون الإعلامي وطرق معالجة المواد الإعلامية:
1-
اعتماد مختلف الوسائل الإعلامية الجماهيرية على خدمات نفس وكالات الأنباء التي
تزودها بنفس المواد الإعلامية، مما يسبب ظهورها في تلك الوسائل الإعلامية في وقت
واحد؛
2-
توزيع المواد الإعلانية والدعاية المتشابهة على نطاق واسع في وسائل الاتصال
والإعلام الجماهيرية المختلفة؛
3-
تركز ملكية وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في أيدي قلة من الأفراد، أو تبعيتها
لإشراف إدارة مركزية واحدة؛
4-
تشابه السياسات التحريرية المحافظة سياسياً في مختلف وسائل الاتصال والإعلام
الجماهيرية. رغم استقلال المحررين في اختيارهم للمواد الإعلامية بناءً على
اعتباراتهم الذاتية Inner-directed.
ومن
الأدلة التي تثبت التأثير الشرياني بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، متابعة
الصحفيين لما تنشره وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، للحصول على معلومات جديدة
والاستفادة منها في عملهم.
ومن
الدوافع الكثيرة التي تدفع الصحفي لمتابعة ما تنشره وسائل الاتصال والإعلام
الجماهيرية المختلفة، الحاجة لمعرفة آخر التطورات في أساليب تقديم المواد
الإعلامية، بهدف رفع سوية عمله وزيادة فاعليته من خلال متابعة الأحداث الجارية،
ومقارنة عمل الغير بالعمل الذي يقوم به، والبحث والتنقيب عن الجديد الذي هو من
مميزات الصحفي، فالصحفي يبحث دائماً عن شيء لا يستطيع تحديده بشكل مسبق لأنه يبحث
عن الحدث الجديد والمادة الجديدة التي تهم الجمهور الإعلامي. وقد يجد ضالته في ما
تنشره وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الكبرى من مواد إعلامية، وهذا حافز يدفعه
إلى التقليد.
تأثير الضغوط المهنية على القائم بالاتصال:
والعامل
المؤثر الآخر على القائم بالإتصال في النموذج التصوري، هو: الضغوط المهنية التي
يتأثر بها القائم بالإتصال أثناء عمله وتجعله يقبل بسياسة وسيلة الاتصال والإعلام
الجماهيرية التي يعمل فيها.
ومن
هذه الضغوط:
1-
ظروف العمل في القسم الإعلامي، التي يفرضها البناء البيروقراطي للعمل الصحفي.
ومنها السياسة الإعلامية للوسيلة الإعلامية التي يتبعها القسم، وخاصة عند حدوث
تناقض في تلك السياسة.
2-
التعارض بين سياسات الناشر وتطلعات القائم بالإتصال: فلكل وسيلة اتصال وإعلام
جماهيرية سياسة معينة، سواء اعترفت بتلك السياسة أم لا.
وتظهر
هذه السياسة بوضوح من خلال صياغة المواد الإعلامية وطرق عرضها أو نشرها، ومن خلال
إهمالها المتعمد لبعض المواد الإعلامية الأخرى التي تتناول موضوعاً معيناً أو
حدثاً معيناً يتعارض وسياستها الإعلامية. ودراسة السياسة الإعلامية لأي وسيلة
إعلامية، هام جداً لأن المجتمع الديمقراطي يحتاج إعلام حر ومسؤول يحيط الجمهور
الإعلامي بما يحدث من حوله في هذا العالم سريع التطور والتغيير، دراسة تتناول
أسباب ودوافع تحيز السياسة الإعلامية التي تتبعها الوسيلة الإعلامية أثناء أدائها
لعملها. وكذلك أسباب ودوافع تقيد القائم بالإتصال بتلك السياسة الإعلامية غير
المعلنة في أكثر الحالات.
تأثير الجمهور الإعلامي:
ويأتي
الجمهور الإعلامي كأحد العوامل المؤثرة على القائم بالإتصال في النموذج التصوري.
وقد
توصل أثيل دوسولا بول Ithiel
de Sola Pool، وشولمان إلى نتيجة مفادها أن الجمهور الإعلامي يؤثر على القائم
بالإتصال، وأن القائم بالإتصال يؤثر في الجمهور الإعلامي.
فالمواد
الإعلامية التي يقدمها القائم بالإتصال للجمهور الإعلامي تتحكم بها توقعاته لردود
الفعل المحتملة من قبل الجمهور الإعلامي، وتصور القائم بالإتصال للجمهور الإعلامي
يؤثر كثيراً في نوعية المادة الإعلامية التي يعدها أو يقدمها.
وأظهرت
الدراسات التجريبية التي قام بها ريموند باور Raymond Bauer أن نوعية الجمهور الإعلامي
الذي يعتقد أن القائم بالاتصال يقدم له المادة الإعلامية يؤثر كثيراً على الطريقة
التي يتم بمقتضاها اختيار وإعداد المادة الإعلامية. لأن للجمهور الإعلامي خصائصه
واحتياجاته، ولأن ظروف السوق تفرض على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية أن تشبع
حاجات الجمهور الإعلامي وتلبي رغباته. بنفس الطريقة التي يؤثر فيها العرض والطلب
على الإنتاج في الاقتصاد، ويؤثر الناخبون على رجال السياسة في النظام الديمقراطي.
فوسائل
الإعلام يجب أن ترضي أذواق جمهورها، ولهذا عليها التعرف على الجمهور الذي تتوجه
إليه كأحد الجوانب الرئيسية في عملية الإتصال. ولأن الإتصال لا يمكن أن يتم في
مجتمعات متفككة لا تعاون فيها ولا اهتمامات مشتركة تجمعها.
ولابد
من توافر العلاقات الاجتماعية، واللغة المشتركة، والأفكار المشتركة، والعلاقات
المحددة اللازمة لتتم من خلالها عملية الإتصال. ولهذا يتحتم على القائم بالإتصال
تكوين فكرة وتصور عن الجمهور الذي يريد أن يوصل إليه مادته الإعلامية.
المقالة التالية وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق