التخطيط الإعلامي من شروط نجاح
الحملات الإعلامية
أ.د. محمد البخاري
التبادل الإعلامي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة
طشقند -
2011
تأليف:
محمد
البخاري: دكتوراه
في
العلوم
السياسية
DC،
اختصاص:
الثقافة
السياسية
والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة؛ ودكتوراه فلسفة في الأدب PhD، اختصاص: صحافة؛ بروفيسور
قسم
العلاقات
العامة
والإعلان،
كلية
الصحافة،
جامعة
ميرزة
ألوغ
بيك
القومية
الأوزبكية.
التخطيط
الإعلامي من شروط نجاح الحملات الإعلامية
وأصبح من الواضح أن إقتحام الساحات الإعلامية يفرض شروطاً على ضوء التقدم العلمي والتكنولوجي الهائل في مجال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، التي أحدثت آثاراً بالغة وأحدثت تغييرات جوهرية في العلاقات الدولية المعاصرة، وهي التي أثرت بدورها على دور الدولة التي كانت تحتكر في السابق السياسة الدولية، وأضعفت من دورها، عندما تخلت الدولة عن بعض وظائفها لمؤسسات أخرى داخل المجتمع الواحد، ولم يعد هناك مجال للتحدث عن السيادة الإعلامية للدولة، أو التحكم شبه الكامل أو شبه المطلق بعملية التدفق الإعلامي إلى داخل الدول خلال العقود الأخيرة من القرن العشرين. وأصبح شبه المستحيل السيطرة التامة على نوع وكمية المعلومات التي تتدفق إلى عقول الناس، بعد ظهور شبكة شبكات المعلوماتية العالمية الإنترنيت وغيرها من قنوات والتقنيات الحديثة للاتصال.
وساهمت
شبكات الاتصال الجماهيرية الحديثة إلى حد كبير في تخطي حاجزي الزمان والمكان. بعد أن أصبح عدد هائل من الأشخاص مرتبطين فيما بينهم، من خلال أجهزة الحاسبات
الآلية الشخصية المرتبطة بشبكة اتصالات عالمية عبر الأقمار الصناعية وهو ما زاد من تفاعل المجتمعات الدولية، لتصبح عملية التبادل الإعلامي الدولي أكثر يسراً وسهولة، مما زاد من أهمية تخطيط العمل الإعلامي، ومن أهمية تنسيق الجهود بين مختلف الجهات على الساحتين المحلية والإقليمية والدولية. ويعتبر تخطيط العمل الإعلامي من أساسيات التبادل الإعلامي الدولي، ويتم عادة من خلال تحديد الأهداف العامة للخطة الإعلامية التي يجب أن تراعي متطلبات الأمن الوطني والسياستين الداخلية والخارجية للدولة، وحشد الإمكانيات المادية والتقنية والبشرية وتصنيفها، وتحديد الوسائل والفترات الزمنية اللازمة لتنفيذها، مع مراعاة دقيقة للمصاريف، والجدوى الاقتصادية والسياسية من الخطة الإعلامية.
ولتخطيط العمل
الإعلامي
عادة إطارين أساسيين هما:
الإطار النظري للخطة الإعلامية، ويشمل: الأهداف المحددة، والغايات الواضحة، والعناصر المكونة؛ والأهداف المرنة، التي لا تحتوي على درجة كبيرة من التحديد ويمكن تطويرها وتكييفها مع الظروف أثناء التطبيق العملي. وتشمل عملية التخطيط عادة: مشاكل اختيار وسائل تحقيق أهداف الخطة الإعلامية من بين البدائل المتعددة؛
ومشاكل التدابير والإجراءات اللازمة لتحقيق أهداف الخطة؛ ومشاكل التطبيق والتنفيذ الفعلي، للوصول إلى أهداف الخطة المرسومة.
وعند
وضع أي خطة إعلامية لابد من تحديد إطارها العام من أرقام ومؤشرات ليتم معالجتها مع المشاكل المحتملة عند التنفيذ الفعلي للخطة المرسومة وبعد الانتهاء من تحديد الإطار العام للخطة الإعلامية، تبدأ عملية تحديد الإطار التفصيلي للخطة الإعلامية، عن طريق دراسة تفاصيل الخطة، وتحويل الأهداف العامة، إلى أهداف تفصيلية، مع تحديد الوسائل انطلاقاً من الإمكانيات المتاحة، والمدة الزمنية اللازمة للتنفيذ بدقة.
وكما
هو متعارف عليه من الناحية الزمنية للخطة الإعلامية، فهناك خططاً: سنوية؛
وخططاً متوسطة الأمد، تتراوح عادة مابين الأربع والسبع سنوات سنوات، ولكنها في أكثر الحالات هي خطط خمسية، أي لمدة خمس سنوات؛ وخططاً طويلة الأمد، وهي الخطط التي تزيد عن السبع سنوات. وتقسم الخطط متوسطة الأمد، والخطط طويلة الأمد إلى خطط سنوية متكاملة، للاستفادة من إمكانية التجربة، وإجراء الإصلاحات على الخطط الفترات الزمنية اللاحقة لزيادة فاعليتها. وفقاً لمعطيات تنفيذ خطط السنوات السابقة، ومن المتعارف عليه أيضاً في الخطط الإعلامية تقسيم الخطط السنوية إلى خطط ربع سنوية، يطلق عليها عادة في وسائل الاتصال والإعلام المسموعة والمرئية تسمية الدورة الإذاعية
المسموعة أو المرئية، وهكذا.
وهنا
يجب على المخططين الإعلاميين أن يدركوا دائماً أن تخطيط العمل الإعلامي الدولي، ما هو إلا شكل من أشكال التخطيط السياسي، ويدخل في إطار العلاقات الدولية، ومن أجل تحقيق أهداف السياستين الداخلية والخارجية للدولة، اللتان لا يجوز تخطيهما أبداً. وعليهم إدراك أن ضمان التنفيذ الناجح لأي خطة كانت، مرتبط بمدى تحديد الأساليب الممكنة والملائمة لتحقيق الأهداف الموضوعة انطلاقاً من الإمكانيات الفعلية والمتاحة. وأن الأهداف الواقعية والواضحة، تسهل عملية التنفيذ، وبالتالي الوصول للأهداف المرتقبة، وأن من عوامل النجاح الأخرى، التقدير السليم للوسائل والإمكانيات والغايات، وبقدر ما تكون متناسقة، والغايات متوافقة مع الإمكانيات، بقدر ما يكون التنفيذ أكثر نجاحاً. ولهذا لا بد من دراسة صلاحية الأهداف، من وجهة نظر احتمالات تحقيقها من خلال الإمكانيات المتاحة، وتقييم احتمالات تحقيق الهدف مع متغيرات الإمكانيات المتاحة.
وبعد
الانتهاء
من دراسة صلاحية الأهداف، يتم الانتقال إلى عملية اختيار الأساليب من خلال البدائل المتاحة، وبعد دراسة تلك البدائل من كافة الجوانب، يتم اختيار الأساليب الناجعة والملائمة من بين تلك البدائل، تمهيداً للانتقال إلى المرحلة التالية، وهي وضع تفاصيل الخطة الإعلامية، والتي يجب أن تراعى فيها الخطوات التالية: تحديد الأهداف؛
وتحديد مضمون الرسالة الإعلامية؛
وتحديد الأساليب؛ وتحديد مستقبل
الرسالة
الإعلامية؛ ودراسة الإمكانيات المادية والبشرية؛ وتحديد مجالات التنفيذ؛
وتحديد المسؤول
عن التنفيذ؛
وتحديد المسؤول
عن متابعة التنفيذ؛
وتحديد المسؤول
عن تقييم
الفاعلية؛ وتحديد المدة
الزمنية؛ ووضع
نظام لمتابعة التنفيذ.
وعلى
المخططين
الإعلاميين
أن يأخذوا في اعتبارهم: قوة وإمكانيات الإعلام المضاد، ومحاولة الاحتفاظ بزمام المبادرة قدر الإمكان؛ وأن يبنوا خططهم على قدر كبير من المعلومات عن المستهدفين من الخطة الإعلامية الدولية؛
والاستعانة بفريق عمل من المتخصصين في مجالات التخطيط، وخبراء في الاقتصاد والسياسة الخارجية، والعلاقات الدولية، والتبادل الإعلامي الدولي، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الدولية، والنظم السياسية، وتكنولوجيا وسائل الاتصال الدولية، وغيرها من التخصصات حسبما تقتضي الظروف؛ وتوخي نتائج الخطط السابقة، والتجارب المحلية والإقليمية والعالمية في موضوع الخطة الإعلامية التي يعدونها؛
والأخذ بآراء الممارسين للعمل الإعلامي الدولي فعلاً، لأن في ملاحظاتهم الكثير مما يمكن أن يفيد نجاح تنفيذ الخطة الإعلامية، ووصولها لأهدافها المرسومة.
ويأتي
الإطار
التطبيقي للخطة الإعلامية تلبية للمبادئ والأهداف التي تضمنتها خطة العمل الإعلامي الدولي، ومن أهم مبادئها الأساسية التنسيق بين الأجهزة والوسائل المختلفة، للوصول إلى أفضل تنفيذ للخطة الإعلامية، وأعلى درجة من الفاعلية من خلال المعادلة التالية: { من يخاطب من ؟ }، والدبلوماسية الرسمية المعتمدة في الخارج، والدبلوماسية الشعبية (العلاقات العامة الدولية)، والزيارات الرسمية والشخصية والإطلاعية والسياحية، والمعارض بكل
أشكالها، والمهرجانات الثقافية والفنية والرياضية، واللقاءات والمؤتمرات الدولية، ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية وغيرها، تعتبر كلها من وسائل تنفيذ الخطة الإعلامية. من خلال مخاطبتها للقطاعات المستهدفة من الخطة الإعلامية الدولية، وهذه القطاعات يمكن أن تكون: قيادات حاكمة؛ أو قيادات وأعضاء في البرلمان، أو معارضة برلمانية؛ أو قيادات الأحزاب السياسية، سواء أكانت داخل السلطة أم في صفوف المعارضة؛ أو قيادات المنظمات الجماهيرية والمهنية والاجتماعية؛
أو قيادات إعلامية؛ أو رجال أعمال؛ أو أقليات أو تجمعات دينية أو عرقية أو ثقافية أو قومية؛ أو الجاليات المقيمة في الخارج؛ أو هيئات ثقافية أو دينية؛ أو مشاركين في المهرجانات الثقافية والفنية؛ أو مشاركين في اللقاءات الرياضية؛ أو مشاركين في المؤتمرات واللقاءات السياسية والاقتصادية والعلمية الدولية؛ أو زوار للمعارض الاقتصادية أو التجارية أو الصناعية أو السياحية أو الإعلامية أو الفنية دولية؛ أو جماهير عريضة عبر وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية المتاحة.
ومن
خلال متابعة مراحل تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية من المفيد جداً دراسة المتغيرات على الساحة التي ينشطون فيها. وتشمل: الوجود الإعلامي الصديق والمحايد والمضاد في تلك الساحة؛ ومجال التأثير الإعلامي على الفئات والقطاعات المستهدفة، من خلال المفاهيم المتكونة لديها مسبقاً؛
وتزويد الجهات المسؤولة بالمعلومات عن تنفيذ مراحل الخطة الإعلامية الدولية.
ومتابعة تلك
المعلومات
تباعاً،
من أجل: المساعدة على تحديد المجموعات والفئات والقطاعات التي يجب مخاطبتها أكثر من غيرها؛ وتكييف القواعد التي يجب أن يلتزم بها كل المشاركين في تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية؛
وإعداد المواد الإعلامية الرئيسية من معلومات وأخبار وملفات إعلامية تفيد في إنجاح تنفيذ الخطة الإعلامية الدولية، وتساعد على الوصول لأقصى قدر ممكن من الفاعلية والتأثير. ومحاكاة أداء محطات مثل الحرة الأميركية، والخدمة العربية فرنسا 24 وروسيا اليوم، وهيئة الإذاعة البريطانية (BBC) العريقة في العمل على الساحة الإعلامية العربية والذي يعود لثلاثينات القرن العشرين.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق