الإعلام وتحديات العولمةفي الدول الأقل حظاً
بحث خاض مقدم لمؤتمر تقنيات الاتصال والتغيير الاجتماعي
بحث خاض مقدم لمؤتمر تقنيات الاتصال والتغيير الاجتماعي
جامعة الملك سعود / قسم الإعلام
بحث مقدم من الأستاذ الدكتور محمد البخاري: عربي سوري مقيم في أوزبكستان، يحمل درجة دكتوراه علوم في العلوم السياسية DC من أكاديمية بناء الدولة والمجتمع التابعة لرئيس جمهورية أوزبكستان عن بحث: "العولمة وقضايا التبادل الإعلامي الدولي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة" (2005) اختصاص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه الفلسفة PhD في الأدب من جامعة لومونوسوف الحكومية بموسكو عن بحث: "دور وسائل الإعلام الجماهيرية في التنمية والثقافة والتعليم" (1988) اختصاص: صحافة. بروفيسور كلية العلوم السياسية، بمعهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية. وكلية الصحافة، بجامعة ميرزة أولوغ بيك القومية الأوزبكية.
طشقند – 2008
الموضوع
المقدمة
وسائل الاتصال والإعلام التقليدية وتحديات العولمة والمجتمع المعلوماتي
الأخطار لا تواجه بالانغلاق، بل بالانفتاح وتحصين المتلقي لمواجه سيل المعلومات المتدفق عليه
مفهوم المجتمع المعلوماتي
خطوات الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي
مصاعب الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي
ضرورة وضع ضوابط وخطط شاملة للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي
تطوير البنى التحتية اللازمة للمجتمع المعلوماتي رهن بالسياسات الحكومية
الثورة المعلوماتية طغت على حياة الناس وغيرت من طبيعة حياتهم اليومية
حتمية الثورة الاتصالية والمعلوماتية في ظل العولمة
وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية والدولة القومية في المجتمع المعلوماتي
شروط بناء المجتمع المعلوماتي في الدول النامية
الذات الفردية في المجتمع المعلوماتي
الخاتمة
مراجع البحث
المقدمة
ومعروف أن أساليب الاتصال والمعلوماتية المستخدمة والمنتشرة بشكل واسع حالياً، لم تكن إلا نتاجاً للتقدم العلمي في مجال وسائل الاتصال والمعلوماتية، ونتيجة للأبحاث العلمية التامة في مجال الإعلام بفروعه المختلفة: الاقتصادية، والسياسية، والعلمية، والزراعية، والصناعية، والتجارية، والثقافية، والاجتماعية، وغيرها من فروع المعرفة الإنسانية، التي جرت خلال النصف الأول من القرن العشرين ولم تزل مستمرة في التطور في العالم المتقدم كله حتى اليوم، وطالت تأثيراتها العالم النامي بأسره. وكما هو معروف أيضاً كان نشر تلك المعلومات يتم بالطرق التقليدية عبر الكلمة المطبوعة، والمسموعة والمرئية أحادية الجانب أي من المرسل إلى المستقبل، دون أن تكون هناك أية إمكانية للتفاعل الإيجابي بين المرسل والمستقبل عبر الطرق التقليدية السائدة لنقل تلك المواد المعلوماتية التي حملتها إليه شتى وسائل نقل وتخزين وإيصال المعلومات المقروءة والمسموعة والمرئية. ولكن الثورة التي تفجرت بشدة خلال الربع الأخير من القرن العشرين في مجال تقنيات ووسائل الاتصال والمعلوماتية والاستشعار عن بعد، وضعت البشرية أمام منعطف تاريخي حاسم تشارك فيه اليوم، كل عناصر التركيبة الاجتماعية القادرة على المشاركة في عملية التأثير والتفاعل المتبادل من خلال عملية التبادل الإعلامي المستمرة داخل المجتمع المحلي والعالمي، عبر وسائل الاتصال الحديثة التي أصبحت فيها تقنيات الحاسب الآلي الحديثة دائمة التطور تشكل العنصر الهام والفاعل في حسم القضية كلها لصالح العولمة بكل أشكالها وأبعادها.[3]
وأصبح الحاسب الآلي الشخصي المرتبط اليوم بشبكات المعلومات المحلية والإقليمية والدولية، يخزن وينقل وينشر المعرفة بكل أشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية، ليحدث بذلك ثورة حقيقية داخل أنظمة الاتصال والإعلام التقليدية، وأنظمة تراكم المعلومات واستعادتها. وأصبح يساهم في تطوير عملية نقل المعرفة التقليدية داخل المجتمعات بعد أن انتقلت لاستخدام تقنيات الأنظمة المعلوماتية الإلكترونية الحديثة في مجالات العلوم والبحث العلمي والتعليم إلى جانب فروع الأنشطة الإنسانية المختلفة. مما وفر فرصاً كبيرة لرفع مستوى الأداء العلمي والمعرفي وأفسح المجال أمام عملية الحصول على المعارف المختلفة ودمجها وإعادة نشرها، وتسهيل استخدامها في عملية تفاعل دائمة لا تتوقف.
وأصبح هذا الواقع الجديد بديلاً للطرق الإعلامية التقليدية، وبمثابة التحول من المألوف في أساليب وطرق التعليم والإعداد المهني والمسلكي المتبعة حتى الآن في بعض الدول الأقل حظاً في العالم، إلى أساليب أكثر تطوراً وأكثر فاعلية من ذي قبل. ويرتبط هذا التحول بظاهرة العولمة والتكامل المتنامية في النشاطات الإعلامية الضرورية واللازمة لتطور الثقافة والعلوم والتعليم والبحث العلمي، في إطار ما أصبح يعرف اليوم بالمجتمع المعلوماتي.
وسائل الاتصال والإعلام التقليدية وتحديات العولمة والمجتمع المعلوماتي: ولا أحد يستطيع إنكار أن تكنولوجيا وسائل الاتصال والمعلوماتية المتقدمة فتحت آفاقاً جديدة واسعة أمام وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية: المقروءة والمسموعة والمرئية. وأن استخدام شبكات الحاسب الآلي وخاصة شبكة الانترنيت العالمية قد أتاح سرعة إدخال وتلقي المعلومات وحفظها والتعامل معها، خاصة وأن تلك الشبكات قد ساعدت على انتقال ملفات كاملة تتضمن صحفاً ومجلات وكتباً بكاملها لتطبع في أماكن أخرى بعيدة جداً عن مقرات إدارة تلك الصحف والمجلات ودور النشر، مثال: صحيفة الشرق الأوسط السعودية، وصحيفة الأهرام المصرية، وغيرها. وساعدت على انتقال ملفات برامج إذاعية وتلفزيونية كاملة لأشهر المحطات العالمية، لتبث عبر موجات محطات بث أخذت منذ تسعينات القرن العشرين تقيد كمحطات إذاعية مرئية ومسموعة وطنية في بلدان بعيدة جداً جغرافياً عن دولة المنشأ بسرعة كبيرة ووضوح خارق.
ومن ناحية أخرى أتاحت سرعة الانتشار عبر صفحات WIB في شبكات المعلومات الإلكترونية الحديثة لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية، وساعدها على الإسراع في تقديم مضمون صفحاتها وبرامجها اليومية عبر شبكة الانترنيت العالمية، التي تتيح للمشترك ليس مطالعة الصحف والمجلات والكتب، والاستماع لبرامج الإذاعتين المسموعة والمرئية فقط، بل وإعادة استخدم الملفات والمعلومات الواردة عبرها. وهو ما يؤكد تكامل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية مع وسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة، مما يؤكد ويعزز من دورها الفاعل داخل المجتمع المعلوماتي الذي أصبح قائماً في الدول المتقدمة، والقادم بتحد واضح منها إلى الدول العربية والإسلامية والنامية في العالم.[4]
ومن الملاحظ أن تكامل الأداء بين وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية، ووسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة أدى بالضرورة إلى تحسين نوعية الأخبار المقدمة للجمهور الإعلامي، بسبب الازدحام الهائل للأخبار المنقولة من أطراف الاتصال عبر شبكة المعلومات الدولية "الانترنيت"، وساعد في نفس الوقت على تحسين شكل ومضمون الصحف والمجلات، وأتاح لأطراف الاتصال على الساحة الإعلامية الدولية استخدام الموارد المعلوماتية والتسجيلات الإخبارية والتحليلية الفريدة التي تملكها وسائل الاتصال والإعلام التقليدية وتراكمت لديها عبر السنين. ومن مظاهر التكامل أيضاً قيام وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية بنشر مواد ترشد إلى كيفية استخدام العناوين المعلوماتية الإلكترونية المتاحة في شبكة الانترنيت الدولية.
ولكننا نرى أن هذا التكامل القائم والآخذ بالتوسع يوماً بعد يوم بين شبكات الاتصال والمعلومات الدولية ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية لم يتبلور ولم يدرس بعد بشكل كاف حتى اليوم، وهو يحتاج لدراسة عميقة وتحليل جدي لمعرفة مدى تأثيره على الأمن المعلوماتي الوطني، وفاعليته من الناحيتين السلبية والإيجابية على الدول العربية والإسلامية داخل ما يعرف اليوم بالمجتمع المعلوماتي المعاصر. والرد على التخوفات التي يطلقها البعض، والآمال التي يعقدها البعض الآخر بشكل علمي وتحليلي دقيق.[5] ولعله من المناسب التذكير بما قيل عن الصحافة المطبوعة عند ظهور الإذاعة المسموعة في بدايات القرن العشرين، وتنبؤ البعض بقرب نهاية الصحف. وتنبؤهم بتضاؤل دور الصحافة المطبوعة والمسموعة مع ظهور الإذاعة المرئية في النصف الأول من القرن العشرين. والتذكير بأن تلك التوقعات والتنبؤات كلها لم تجد ما يبررها طيلة القرن العشرين. الأمر الذي يسمح لنا بالتنبؤ بأن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية ستحافظ على وجودها وتأثيرها حتى في القرن الحادي والعشرين. وأنها ستتطور وتزدهر في ظروف التعددية الإعلامية التي يتيحها المجتمع المعلوماتي.
والمجتمع المعلوماتي الآخذ بالانتشار السريع يضع التجمعات القارية والإقليمية ومن بينها: مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي لجمهوريات آسيا المركزية، الذي شكلته جمهوريات: أوزبكستان، وقازاقستان، وقرغيزيا، وتركمانستان، بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي السابق، واندمج برابطة أوروآسيا للتعاون الاقتصادي التي تضم اليوم بالإضافة لتلك الدول: روسيا، وبيلاروسيا، وتجمع معظمهم العضوية بمنظمة شنغهاي للتعاون، وغيرها من التجمعات أمام تحد من نوع جديد يفرض عليها أن تحذو حذو الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي للاتصالات اللذان قاما بإعداد مشروعات خاصة جديدة للانتقال الواعي والمدروس إلى المجتمع المعلوماتي، وهو المجتمع الذي يحتاج إلى معدات وتقنيات غالية الثمن وباهظة التكاليف تعجز عنها دولة عربية أو إسلامية نامية بحد ذاتها، لتبرز الحاجة "لجهود موحدة ترتكز على إرادة سياسية في قالب عربي وإسلامي متكامل حتى لا نبكي على حاضرنا ونتحسر على ماضينا ونلطم على مستقبلنا" حسب تعبير المتخصص العربي طلال داعوس.[6]
وظروف المجتمع المعلوماتي بالنسبة للدول العربية والإسلامية، لابد وأن تساهم بشكل فعال في عملية التفاعل المشترك بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية العربية والإسلامية كقنوات لتوصيل المعلومات، والساحة الإعلامية التي تشكل السوق الاستهلاكية الكبيرة للموارد المعلوماتية التي تتيحها تلك الوسائل عبر شبكات الحاسب الآلي الآخذة بالانتشار يوماً بعد يوم.
وفي ظروف الدول العربية التي تملك ساحة إعلامية ضخمة تمتد من إيران شرقاً إلى المحيط الأطلسي غرباً، وتغطي معظم دول العالم الإسلامي، لابد من تطوير وتحسين قنوات الاتصال عبر شبكة المعلومات الدولية الانترنيت، وفي نفس الوقت تطوير البدائل اللغوية لمواردها المعلوماتية لجعلها في متناول أكبر ساحة ممكنة من الساحة الإعلامية العالمية وبلغاتها القومية، أخذاً وعطاءاًً، ولتوضيح وجهة النظر العربية والإسلامية من القضايا الراهنة التي يواجهها عالم اليوم، ومنها على سبيل المثال لا الحصر: حملات التحريف والتشويه والتشهير والتضليل التي تقوم بها بعض وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في الدول المتقدمة الموجهة للعالم أجمع ضد الإسلام والمسلمين والعرب ، ومشكلة الضرائب التي تفرضها الدول المتقدمة (المستهلكة) على النفط ومنتجاته وآثارها السلبية على اقتصاد دول الخليج العربية المنتجة للنفط.[7]
والحفاظ في نفس الوقت على أمن وسلامة الساحة المعلوماتية العربية والإسلامية وتطويرها بما يضمن حواراً ثقافياً متعدد الأطراف بين الأمم والأديان، ويضمن في الوقت نفسه انتقال المعلومات العلمية والتقنية المتطورة من العالم المتقدم إلى المستخدم في العالمين العربي والإسلامي، وليساهم هذا الحوار بدوره في عملية تكامل وتطوير المجتمعات العربية والإسلامية اقتصادياً وعلمياً وثقافياً واجتماعياً. ويضمن للعرب والمسلمين وجوداً أكثر فاعلية على الساحة المعلوماتية الدولية، وليكون لهذا الحوار تأثيراً أكبر على الرأي العام العالمي الذي هو اليوم أسيرا وحكراً لإعلام يسيطر عليه الفكر الصهيوني ويتحكم به.[8]
وهي الصورة التي أوضحها أيضاً بعفوية البابا شنودة، بابا المسيحيين الأقباط في مصر، وهو الإنسان غير المتخصص بتقنيات ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، في واحدة من مقابلاته الصحفية، عندما قال: أن "اليهود ... لم يرجعوا إلى الأراضي المقدسة بوعد من الله وإنما رجعوا بوعد من بلفور ... فعلى الرغم من أن اليهود أعداء للعالم كله فإنهم يخططون بطريقة خطيرة ومدروسة منذ زمن طويل، فرغم قلتهم استطاعوا أخذ وعد بلفور، ثم دخول الأراضي الفلسطينية تحت الوصاية البريطانية، وفي هذا الوقت كان العرب يشجبون ويدينون، وهم استطاعوا أن يتغلغلوا داخل الإعلام الأمريكي والأوروبي، وكذلك داخل السياسة والاقتصاد حتى جاء وقت كان عمدة نيويورك يهودياً، فهم ناس يخططون ويصلون إلى تنفيذ ما يخططون له، ونحن نزعق ونشجب ولا نعمل، والمفروض أن يوجد "لوبي" عربي في البلاد الأوروبية وفي أمريكا ينشط منها ويكون له نشاط سياسي مثلما فعل اليهود .. ثم لماذا لا يقوم العرب بما لديهم من أموال ضخمة وبترول بإنشاء إذاعة وتلفزيون خاصة بهم في أوروبا وأمريكا تنطق بلغاتهم وليس بلغتنا وكذلك صحف تتحدث باللغات الأجنبية تدخل البلاد الأجنبية وتؤثر عليهم وعلى سياستهم".[9] وأعتقد أن ما قاله البابا شنودة، لا يحتاج لأي شرح أو تعليق، بل إضافة أن غياب الإعلام الخارجي العربي والإسلامي الموجه والمدروس، والواضح في المنهج والمنطلقات إلى الساحة الإعلامية العالمية وبلغات أقوامها هو خير عضد للتفوق الإعلامي المعادي للعرب والمسلمين على الساحة الدولية. في الوقت الذي نرى فيه سيل من الصحف والمجلات ومحطات الإذاعة المرئية مملوكة أو بتمويل عربي توجه باللغة العربية من أوروبا إلى العالمين العربي والإسلامي، متأثرة بالمحيط والتوجهات الأوروبية، لا العكس. الواقع الذي يمكن لأي باحث التأكد منه من خلال المقارنة بين مضمون النسخ المطبوعة من العدد الواحد بنفس التاريخ في عواصم مختلفة.
ومن ناحية أخرى فإننا نرى، أن الصحافة العربية والإسلامية شأنها شأن الدول النامية كلها تواجه العديد من التحديات الخارجية، ويأتي في مقدمتها تحدي العولمة الإعلامية، التي أدت إلى زيادة هيمنة وسائل إعلام الدول المتقدمة،[10] مثال: وكالات الأنباء والقنوات الفضائية والصحف والمجلات وشبكات الاتصال الإلكترونية، عبر شبكة الانترنيت على الصعيد العالمي. وإضعاف قدرة الصحافة ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية ليس في الوطن العربي وحسب، بل وفي الدول الإسلامية والنامية بشكل عام، على المنافسة ومواجهة التدفق الهائل لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المتقدمة. وتعتمد هذه الهيمنة المعلوماتية على العديد من الوسائل والآليات، في مقدمتها بطبيعة الحال واقعة التطور التكنولوجي والقدرات المادية الضخمة وطغيان النموذج الغربي، بالإضافة إلى أن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الغربية تستخدم كل الوسائل والتقنيات المتاحة لها، مثل حرية تدفق المعلومات، من أجل التغلغل في الدول النامية ومن بينها الدول العربية والإسلامية وفرض هيمنتها المعلوماتية عليها، وتيسير المزيد من التدفق للأنباء والمعلومات من الدول المتقدمة إلى مجتمعات العالم الثالث بأسره، لا لتساعد على تنميته بل لتكرس التخلف والصراعات الدينية والعرقية فيه.
وخلال الآونة الأخيرة، اتخذت العولمة الإعلامية العديد من المظاهر والتجليات الجديدة، ولعل أبرزها كان اتجاه بعض وسائل الإعلام الجماهيرية وكبريات الصحف والمجلات الأمريكية والغربية نحو ترجمة بعض برامجها الإذاعية المسموعة والمرئية وإصداراتها الأسبوعية والشهرية إلى العربية، وبثها وتسويقها وتوزيعها في الدول العربية والإسلامية، وهو ما يمثل نموذجاً مصغراً لظاهرة يمكن أن يتسع نطاقها في المستقبل. وإذا لم يتم تطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية العربية والإسلامية، فإن قطاعات واسعة من القراء والمستمعين والمشاهدين قد يتجهون لتفضيل البرامج الإذاعية المسموعة والمرئية والصحف والمجلات الغربية، وبالذات الأمريكية، سواء باللغات الأصلية أو المترجمة إلى العربية ولغات العالم الإسلامي الأخرى كالتركية، والأوزبكية، والأذربيجانية، والتترية، والألبانية، والفارسية، والأوردية، والإندونيسية، والماليزية، وغيرها من لغات العالم الإسلامي، إضافة لسهولة الانتشار ومخاطبة الساحة الإعلامية في الدول العربية والإسلامية ثنائية اللغة التي تستخدم إلى جانب لغاتها القومية إحدى اللغات كالإنكليزية، أو الفرنسية، أو الروسية، وهو ما يمثل دافعاً إضافياً أمام الدول العربية لتطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية التقليدية وتحسين أدائها ليشمل الجمهوريات التي استقلت بعد انهيار الاتحاد السوفييتي السابق. فهناك فارق أساسي بين متابعة البرامج الإذاعية المسموعة والمرئية والصحف الغربية بغرض متابعة ما ينشر فيها، والتعرف على وجهات النظر الغربية الواردة فيها، وبين أن تصبح تلك البرامج والصحف مصدراً رئيسياً أو وحيداً للمتابعة والمعرفة للجمهور العربي والإسلامي، وهو ما نحذر منه بشدة، لخطورته البالغة على تشكيل الرأي العام وانحراف المواقف وابتعادها عن الحقائق التي يعتبرها البعض أنها مبدئية وثابتة، ولكنها فعلياً متغيرة تحت وطأة الإعلام المدروس والموجه بكثافة من الدول المتقدمة نحو دول العالم النامي ومن بينها الدول العربية والإسلامية.
وبالتالي، فإن هذه التحديات تؤكد أنه هناك ضرورات متنوعة داخلياً وخارجياً، للتفكير في مستقبل وسائل الإعلام التقليدية العربية والإسلامية، ومستقبل الاتجاهات الضرورية لتطويرها، والمطلوب هو تقوية وتعزيز وتوسيع أدوار وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية العربية والإسلامية في المستقبل من خلال التطوير التكنولوجي والمؤسسي والقانوني والمهني والسياسي والتكاملي بينها، لمواجهة طوفان العولمة بالتكتل سياسياً واقتصادياً وثقافياً وإعلامياً، والأخذ بأسباب القوة العسكرية والمعلوماتية.[11]
فعلى المستوى القانوني والمؤسسي، لابد من التركيز على معالجة الثغرات القانونية والمؤسساتية التي تحد من انطلاق وسائل الإعلام التقليدية العربية والإسلامية، وذلك من خلال مواصلة الجهود لتبني مشروع جديد لقوانين الصحافة تعده الجهات المختصة بالتعاون مع الخبراء والفقهاء البارزين من الدول العربية والإسلامية، والتحاور بشأنه مع القيادات السياسية والمؤسسات الدستورية، في إطار التجمعات القارية والإقليمية وغيرها من المنظمات الإقليمية والدولية المعنية تمهيداً لإصداره. بالإضافة إلى ضرورة تنقية القوانين والأوامر التنفيذية الحالية من القيود غير المبررة والمعارضة للواقع الراهن الذي تفرضه العولمة والمجتمع المعلوماتي، سواء من أجل الوصول بحرية الصحافة إلى أعلى مستوياتها أو من أجل ضمان التجانس والانسجام التشريعي بين الدول العربية والإسلامية فيما يتعلق بالصحافة المقروءة والمسموعة والمرئية. وفي الوقت نفسه لابد من العمل على ضمان التمتع بحق الاتصال بقنوات المعلوماتية والنص على هذا الحق في المشروع القومي والإسلامي لقانون الإعلام، وغيره من التشريعات ذات الصلة في حال صدورها، والعمل على تفعيل ميثاق شرف صحفي عربي إسلامي والدفاع بحزم عن أخلاقيات المهنة، وتشجيع ارتياد مجالات الصحافة الإلكترونية والصحافة المسموعة والمرئية لتدعيم اقتصاديات مهنة الإعلام، واستخدام آليات المناقشة والحوار ونبذ الخلافات وتفعيلها بين الدول العربية والإسلامية في حوار إيجابي وبناء بين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية والإسلامية التقليدية، ودفعها للحوار الإيجابي والفعال مع وسائل الإعلام الأجنبية سواء أكانت في الدول المتقدمة أو في الدول النامية الأخرى.
أما على المستوى المهني، فإن التركيز يجب أن ينصب كما نعتقد على النهوض بوسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية التقليدية، واستعادة ريادتها على الساحتين العربية والإسلامية، والوصول بها إلى أعلى مستويات المصداقية والتنافسية والجدارة على المستويين العربي والإسلامي والدولي، بما يمكنها من مواجهة الإعلام المضاد. وهناك العديد من المجالات التي ينبغي العمل بها، وفي مقدمتها التحديث التكنولوجي وزيادة كفاءة نظم الإنتاج والتوزيع، وتوسيع السوق الاستهلاكية الإعلامية والإعلان على المستوى العربي وضبطها وخاصة فيما يتعلق بالمواد الأجنبية منها بالتحديد، والعمل على تحقيق التوازن المطلوب بينها، والسعي لحل وإنهاء الاختناقات التمويلية الضرورية التي تحتاجها، وضرورة إسهام الدول العربية والإسلامية في الوفاء بمتطلبات تطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية والإسلامية التقليدية وخاصة من خلال الإعانات والهبات غير المشروطة، وإسقاط الديون وتخفيف العبء الضريبي وإعفاء المؤسسات الصغيرة منه.
ولا بد من نشر الوعي في الأوساط الإعلامية العربية والإسلامية، بمتطلبات النهضة العلمية والتقنية لوسائل الاتصال والمعلوماتية الحديثة بدرجة أكبر تتفق ومتطلبات الثورة المعلوماتية والعولمة، وتشجيع المؤسسات الصحفية على تنويع أنشطتها، وقيام مؤسساتها الصغيرة بأنشطة تعاونية مشتركة فيما بينها، وحثها على الاندماج والتركيز في مؤسسات أو تجمعات إعلامية قوية، ولتكوين هياكل أكبر عندما يكون ذلك مناسباً، لأن الاندماج والتركيز حتمياً لبقائها واستمرارها وازدهارها في عصر العولمة والمجتمع المعلوماتي. ولا بد من قيام الأجهزة والاتحادات والمؤسسات الإعلامية على المستوى الثنائي، والجماعي على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية، والجامعة العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، وغيرها من المنظمات بتدعيم أجهزتها ومؤسساتها الإعلامية ومراكز البحث العلمية فيها للقيام بوظائف أكثر حيوية وأوسع نطاقاً لمساندة التركيز والدمج بين تلك المؤسسات، بدلاً من مساندة جميع تلك المؤسسات وخاصة الصغيرة منها.
وفي الوقت نفسه، فإن النهوض بوسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية التقليدية يتطلب أيضاً ابتكار صيغة عامة للمشاركة بين المؤسسات الإعلامية والجماعات المثقفة والعلماء والباحثين في الداخل والخارج، من أجل استنباط أطر جديدة ومتنوعة للتعاون. ولا بد هنا من التركيز على مسائل التمويل وتنظيم الأنشطة المكلفة التي تتطلب درجة عالية من المخاطرة، مثل التوسع في فتح المكاتب الخارجية، ونشر النشاطات الصحفية والإعلامية لتشمل أكبر ساحة إعلامية في العالم، وتغطية الأحداث المهمة في المناطق البعيدة والقيام بالدراسات والبحوث العلمية وعمليات التصنيع والاستيراد والتصدير ذات الصلة بالنشاطات الصحفية والإعلامية، وبحوث التسويق والتوزيع في الداخل والخارج وغيره من النشاطات المرتبطة بالتحقق من الانتشار والتوزيع.
يضاف إلى ذلك، أن التعاون بين تلك الجهات سوف يساعد على النهوض بوسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية التقليدية من خلال تنمية التعاون بينها من أجل التوسع في إنشاء مراكز البحوث والدراسات الإعلامية القادرة على العمل والأداء المثمر، وعقد ورشات عمل مشتركة، ومنح فرص أكبر للمفكرين والباحثين للإسهام بالرأي لتطوير وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية والإسلامية التقليدية، الرأي الذي يمكن أن يساعد على تقصير الطريق نحو ولوجها المدروس والسليم لعصر العولمة والمجتمع المعلوماتي الذي أصبح يطرق أبواب المجتمع العربي والإسلامي.
وهنا تبرز مسألة تدريب الصحفيين وتأخذ مكان الصدارة بين القضايا المهنية الحيوية، لأن الصحفي هو جوهر عملية نهوض وتطوير عمل وسائل الاتصال والمعلوماتية الجماهيرية وتقنياتها. لهذا لابد من الاهتمام بالوصول بالصحفي إلى أعلى المستويات المتوفرة على الساحة العالمية من خلال التدريب الشامل والمستمر، بهدف زيادة المستوى المهني والتقني للمؤسسات الإعلامية وللصحفيين العرب والمسلمين بشكل عام. الأمر الذي يفرض الاهتمام ببرامج التدريب المستمر على مهارات استخدام تقنيات وتكنولوجيا الحاسب الآلي وبرامجه المتطورة، وتقنيات استخدام شبكات المعلومات الدولية وخاصة شبكة الانترنيت العالمية، والاهتمام بدراسة اللغات الأجنبية لأنها عصب عملية الاتصال، والتي اعتبرها بروفيسور الأكاديمية الدبلوماسية الروسية، غيورغي خازن دليلاً للثقافة الرفيعة.[12] وكحد أدنى الاهتمام باللغات الست الأكثر انتشاراً والمعتمدة في عمل المنظمات التابعة لمنظمة الأمم المتحدة وهي: الإنجليزية، والإسبانية، والروسية، والصينية، والعربية، والفرنسية. لأن اللغات الأجنبية هي صلب ومحور عملية الاتصال والتبادل الإعلامي الدولي.[13] ولا بد كذلك من التوسع في إرسال واستقبال البعثات الإطلاعية، وإيفاد البعثات التدريبية إلى الدول الأجنبية المتقدمة في هذا المضمار من أجل الوصول إلى أعلى مستويات الأداء الإعلامي العالمية، وزيادة قدرات الكوادر الإعلامية المهنية والتقنية من أجل تقديم خدمات حقيقية ومتطورة للساحات الإعلامية المستهدفة من عملية الاتصال والإعلام، وهو ما يمثل ضرورة قصوى في ظل الثورة المعلوماتية التي يشهدها المجتمع الدولي في مجال وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية والمعلومات.
الأخطار لا تواجه بالانغلاق، بل بالانفتاح وتحصين المتلقي لمواجه سيل المعلومات المتدفقة عليه: ومما سبق نرى أن الولوج في المجتمع المعلوماتي مرتبط بالعولمة الإعلامية التي تهيمن فيها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المتقدمة، ولا يمكن مواجهة أخطارها في دول العالم الثالث، ومن بينها الدول العربية والإسلامية عن طريق الانغلاق أو منع التدفق الإعلامي الخارجي، وإنما من خلال تحصين المتلقي أينما كان في مواجهة سيل المعلومات والإعلام الجماهيري المتدفق من الدول المتقدمة، بحيث يستطيع المتلقي العربي والإسلامي كغيره من المتلقين في دول العالم الثالث الاستفادة من إيجابيات الإعلام الخارجي، وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، وتحييد سلبياته التي تستهدف كيان الإنسان ووجدانه، كما أنه من الضروري زيادة قدرة وسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية على المنافسة على الساحة الدولية.[14] ويأتي هذا عن طريق التركيز على كل المجالات والقضايا المهمة التي تمس وجهة النظر والمصالح العربية والإسلامية من مختلف القضايا الوطنية والعالمية، وعدم الاكتفاء بنقل المواقف ووجهات النظر الوطنية إلى الرأي العام العربي والإسلامي فقط كما هي الحال في الوقت الراهن، بل مضاعفة التركيز على الرأي العام العالمي في عملية النقل تلك دون تحريف أو تشويه بشأن تلك القضايا الهامة والملحة من وجهة النظر العربية والإسلامية، والتصدي للمغالطات والأكاذيب والافتراءات التي تنشرها وسائل الاتصال والإعلام في الدول المتقدمة ضد المصالح العربية والإسلامية.[15]
وأخيراً فإنه هناك دور حقيقي ومهم ينبغي على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية والإسلامية أن تقوم به مجتمعة على المستوى الاقتصادي، والسياسي، والثقافي، والعلمي الوطني والعالمي استمراراً لدورها الرائد والطليعي في خدمة القضايا الوطنية والدفاع عن القيم الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الأمة العربية والإسلامية، ومنها أن تخوض وسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية التقليدية والحديثة على السواء، المعركة الإعلامية الدولية بهدف توضيح الحقائق الأساسية الناتجة عن الافتراءات على الدين الإسلامي، وأزمات النفط وأسعاره التي تسببها الاحتكارات في الدول المتقدمة المستهلكة للنفط والتي تخلق مشاكل كثيرة للدول المنتجة للنفط وخاصة منها دول الخليج العربية التي يعتمد اقتصادها وخططها التنموية أساساً على الموارد النفطية.[16] والصراعات الحدودية مع دول الجوار التي خلفها الاستعمار الأوروبي وتغذيها وتؤججها بعض القوى الخارجية التي لها مصلحة في إبقاء التوتر وعدم الاستقرار في المنطقة العربية والعالم الإسلامي، والصراع التاريخي والظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني، وفضح ممارسات العدوان الإسرائيلي المستمر والمتعاظم ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية والإسلامية بشكل عام، جنباً إلى جنب مع خوض المعركة للمطالبة بالتطبيق الكامل لقرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، ومناهضة التطبيع الاقتصادي والمهني والسياسي مع إسرائيل قبل اعترافها وإعادتها للحقوق العربية المغتصبة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
كما أنه من الضروري الدفاع عن حقوق ومصالح جميع الشعوب العربية والإسلامية والإسهام في إنهاء النزاعات والصراعات الداخلية بينها، والعمل على تصفية نظام العقوبات المجحدة التي تعاني منها عدة أقطار عربية وإسلامية منذ سنوات طويلة، كالعقوبات التي فرضت على العراق قبل احتلاله، وليبيا قبل تسوية أزمة لوكربي، والسودان المهدد بالانشطار والتمزق، وقطاع غزة المنكوب، لرفع الظلم والمعاناة الأليمة عن تلك الشعوب من جراء الحصار الطويل، عن طريق الحوار البناء الدائم والإيجابي مع الساحة الإعلامية الدولية ورموزها.
ويتطلب تحقيق تلك الأهداف حشد كل القدرات والإمكانيات الاقتصادية والعلمية والتقنية والمعرفية، والاستعانة بالإنجازات الحديثة لتكنولوجيا المعلوماتية والإعلام وتقنيات الاتصال المتطورة. ومن أجل هذا نكرر أنه لابد من إعداد الكوادر غير التقليدية المتخصصة والمدربة بشكل جيد للقيام بهذه المهمة على الصعيد الدولي، وتمكينها من التأثير على الرأي العام ليس المحلي فقط، بل والرأي العام العالمي في كل أرجاء العالم بما فيه التأثير الإيجابي على الرأي العام الإسرائيلي والرأي العام الدولي المؤيد لإسرائيل. من خلال توضيح أهداف ومرامي الخيار الاستراتيجي للعرب الذين اختاروا السلام العادل والحل السلمي للصراع المحتدم منذ أكثر من نصف قرن مضى.
ولابد من تعزيز التعاون بين وسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية، والمؤسسات الإعلامية مع دول الجوار للدول العربية من خلال دعم كل صور التبادل العلمي والفكري والثقافي على المستوى القومي معها، وهي مهمة تقع في رأيي على عاتق أصحاب القرار السياسي في الدول العربية والإسلامية، واتحاد الصحفيين العرب، ومعه كل المنظمات المعنية بالإعلام، العربية والإسلامية للاضطلاع بالمهام الملقاة على عاتقها في المجال الإعلامي والفكري والعلمي، والعمل على تعزيز قدرة وسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية لإرساء أسس السلام العادل وتعزيز الأمن والاستقرار داخل الأقطار العربية والإسلامية وفي مناطق التوتر وفي العالم أجمع، دون إغفال أهمية التعاون الإيجابي مع الاتحادات والمؤسسات الإعلامية العالمية المعنية بتقدم الإعلام وحرية التعبير والثقافة، وهي مسألة تأخر فيها العرب كثيراً حسب رأي الصحفي العربي المعروف إبراهيم نافع.[17]
وأرى أنه لابد من وضع برنامج منطقي وواقعي على المستوى العربي والإسلامي لتحقيق التعاون والتنسيق في العمل، بالشكل الذي يتعزز فيه مشاركة صحفيي الدول العربية والإسلامية من خلال نقاباتهم المهنية ومؤسساتهم الإعلامية ومن خلال المنابر الإعلامية والمهنية العالمية، ومشاركتهم الفاعلة في صناعة الخبر عن أهم الأحداث العالمية الجارية هنا وهناك وفي مقدمتها الأحداث الجارية في العالمين العربي والإسلامي. وقبل ذلك بطبيعة الحال، فإنه من الضروري تنمية علاقة المشاركة والتعاون البناء بين الأوساط الصحفية العربية والإسلامية والدولة ومؤسساتها السياسية والدستورية في كل الأقطار العربية والإسلامية، على أساس من العمل المشترك لمصلحة الوطن والنهوض به قطرياً وعربياً وإسلامياً، وفي الوقت نفسه الاضطلاع بالمهام المطلوبة على المستوى الإقليمي والعالمي.[18] وهذا يتطلب الإسراع في وضع وتطبيق برنامج إعلامي عربي وإسلامي يضمن فاعلية أكبر لوسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية، ويضمن لها دوراً أكثر فاعلية يساعدها في أداء أدوارها المتنوعة في مجالات التوعية العلمية والاقتصادية والتقنية والمعرفية والتنويرية والتثقيفية والتربوية وفي التصدي لأعباء التنمية الشاملة. كما أنه سوف يساعد أيضاً على الارتقاء بوسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية إلى مصاف كبريات وسائل الاتصال والإعلام العالمية، وسوف يساعد بالضرورة على تمكين وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية والإسلامية من الأخذ بدورها الريادي والطليعي في كل القضايا الوطنية والقومية والإسلامية، في الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي المنفتح وليد العولمة وتداعياتها الإعلامية، بشكل أكثر إيجابية وفاعلية وتأثير. وهنا يتبادر في الذهن عدة أسئلة عن ماهية المجتمع المعلوماتي، التي سنحاول الإجابة عليها في الفقرات التالية من البحث.
مفهوم المجتمع المعلوماتي: ومن أجل تسهيل فهم القصد من العولمة الإعلامية التي حملت لنا معها مفهوم المجتمع المعلوماتي إن جاز هذا التعبير، لابد لنا من محاولة التعريف بجوهر هذا المجتمع، فهو حسب رأي العديد من الباحثين في شؤون الإعلام والاتصال هو: المجتمع الذي تتاح فيه لكل فرد فرصة الحصول على معلومات موثقة من أي شكل ولون ومذهب واتجاه ومن أي دولة من دول العالم دون استثناء، عبر شبكات المعلومات الدولية، بغض النظر عن البعد الجغرافي وبأقصى سرعة وفي الوقت المناسب للمشاركة في عملية التبادل الإعلامي؛ وهو المجتمع الذي تتحقق فيه إمكانية الاتصال الفوري والكامل بين أي عضو من أعضاء المجتمع، وأي عضو آخر من المجتمع نفسه أو من المجتمعات الأخرى، أو مع، أو بين مجموعات محددة من السكان، أو مع المؤسسات والأجهزة الحكومية، أو الخاصة بغض النظر عن مكان وجود القائمين بعملية الاتصال والتبادل الإعلامي داخل الكرة الأرضية أو حتى خارجها في الفضاء الكوني؛ وهو المجتمع الذي تتكامل فيه نشاطات وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية، وتتسع فيه إمكانيات جمع وحفظ وإعداد ونشر المعلومات المقروءة والمسموعة والمرئية، من خلال التكامل مع شبكات الاتصال والمعلومات الإلكترونية الرقمية الدولية دائمة التطور والنمو والاتساع. والتي تشكل بالنتيجة وسط إعلامي مرئي ومسموع ينشر معلوماته عبر قنواته التي تشمل حتى وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية من خلال شبكات الاتصال والمعلومات المحلية والإقليمية والدولية؛ وهو المجتمع الذي تختفي فيه الحدود الجغرافية والسياسية للدول التي تخترقها شبكات الاتصال والمعلومات، وهو الاختراق الذي يشكل تهديداً مباشراً وخطيراً للأمن الوطني وقوانين الدول وللأعراف والتقاليد داخل المجتمعات المختلفة، وخاصة في الدول الأقل حظاً من التطور والنمو بشكل عام.[19]
ويعتبر انتقال ونشر المعلومات دون عوائق أو قيود من أساسيات تشكل المجتمع المعلوماتي، الذي يعتمد بالكثير على المنجزات والاكتشافات العلمية في مجال تقنيات الإعلام والاتصال.[20] وهو ما يضع الأوساط العلمية أمام واجب التصدي لمشاكل غير متوقعة، ناتجة عن تداعيات تشكل المجتمع المعلوماتي، سواء أكانت تنظيمية أم اجتماعية أم اقتصادية أم قانونية. والهدف من التصدي لتلك المشاكل هو خلق الظروف الملائمة لتلبية حاجات السوق الاستهلاكية المعلوماتية، دون الإضرار بمصالح الدول وحقوق المواطنين وأمن وسلامة أجهزة السلطات الدستورية، والمؤسسات الاقتصادية والمنظمات الشعبية والمهنية والعلمية، والهيئات العامة والخاصة، من خلال إيجاد الضوابط الكفيلة بتوفير شروط الأمن الإعلامي الشامل عند تشكيل وتداول الموارد المعلوماتية باستخدام تكنولوجيا المعلوماتية المتطورة.[21]
خطوات الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي: وبالفعل نرى أن الكثير من دول العالم المتقدم تقوم فعلياً بإعداد أو تتابع إعداد برامج لترسيخ الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي، وتتخذ العديد من الخطوات العملية من أجل تحقيق مثل تلك البرامج في الواقع العملي. وتنتظر تلك الدول من تطبيق تلك البرامج الوصول إلى الأهداف التالية: رفع مستوى التكامل والحوار بين الهياكل الحكومية، والصناعية، ورجال الأعمال، والأفراد في المجتمع الواحد، بهدف تحقيق الاستخدام الأقصى لإمكانيات تقنيات الاتصال والإعلام الحديثة من أجل تطوير المجتمع اقتصادياً وتحقيق فرص العمل لكل الشرائح السكانية؛ وتحديث وتوسيع وتقوية البنية التحتية لوسائل الاتصال والإعلام التقليدية ورفع مستوى فاعلية أدائها الوظيفي؛ والدفاع عن مصالح المجتمع، وحقوق الأفراد في خضم استخدام تكنولوجيا تخزين ونقل المعلومات؛ وحماية الموارد المعلوماتية المتوفرة في الشبكات المعلوماتية؛ وتوسيع إمكانيات استخدام تكنولوجيا الاتصال والإعلام في كافة المجالات العلمية والتطبيقية وفي الاقتصاد الوطني؛ وتشجيع وتعميم استخدام تكنولوجيا الاتصال والإعلام وتعميم أساليب المعلوماتية الحديثة في الأجهزة الحكومية، قبل غيرها بغية تأمين حقوق المواطنين في تبادل المعلومات والحصول عليها من تلك الأجهزة؛ وتعميم استخدام تكنولوجيا الاتصال والمعلوماتية على جميع الأنشطة الإنسانية، مثل: العمل، والمواصلات، وحماية البيئة، والصحة وغيرها من الأنشطة الإنسانية التي تهم المجتمع بأسره؛ وتوفير إمكانيات المنافسة الحرة والشريفة في إطار المجتمع المعلوماتي؛ وتحسين ظروف وصول وتداول المعلومات التكنولوجية والتقنية والبيئية والاقتصادية والعلمية وغيرها من الموارد المعلوماتية عبر شبكات الاتصال والمعلوماتية؛ وتطوير البحوث العلمية والبحوث التمهيدية في مجال تطوير تكنولوجيا وتقنيات الاتصال والمعلوماتية؛ وتنسيق الجهود الوطنية والقومية والدولية أثناء وضع سياسة الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي بما يضمن تحقيق المصالح الوطنية من التعاون الدولي والاعتماد المتبادل بين الدول.[22]
وفي هذه الحالة يعتقد البعض أن يصبح المجال المعلوماتي الدولي من أهم مجالات التعاون الدولي، ومجالاً للتنافس الحر والشريف بين الدول الأكثر تطوراً والتي تملك البنية التحتية المعلوماتية الحديثة، من خلال وضع مقاييس تكنولوجية موحدة لمنتجاتها من تكنولوجيا وتقنيات المعلوماتية. وأن تقدمها للمستهلكين من الدول غير المصنعة لتلك الوسائل أي الدول النامية، دون فرض أية شروط على كيفية تشكيل واستثمار البنى التحتية المعلوماتية في تلك الدول، وأن ينحصر تأثير الدول المتقدمة على تطوير مجالات المعلوماتية للدول غير المصنعة لتكنولوجيا المعلوماتية فقط، دون التأثير على مواردها المعلوماتية. بما يضمن عدم المساس بالأمن والمصالح الوطنية العليا للدول الصناعية المتطورة والدول الأقل تطوراً والدول النامية على حد سواء، أثناء وضع سياسات تطوير وتوفير وحماية أمن مجالات المعلوماتية للدول الصناعية المتطورة.
مصاعب الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي: تحتم مشكلة إعداد نظم الاتصال الكفيلة بتوفير الموارد المعلوماتية الضرورية لتطور العلوم النظرية والتطبيقية في ظروف إصلاح النظم المعلوماتية القائمة والتطور الاقتصادي على الدول الأقل حظاً أن يكون التصدي لهذه المشكلة من المهام الأساسية للسياسات الحكومية وواجباتها لتلبية احتياجات نمو وتطور الاقتصاد الوطني، سيما وأن العنصر الرئيسي اللازم للأبحاث العلمية والاستفادة العملية من نتائجها، يبقى مرتبطاً بالكامل بأشكال وأساليب توفير المعلومات والحقائق العلمية الحديثة والمتطورة. أخذين بعين الاعتبار أهمية مؤشرات ونوعية الموارد المعلوماتية المتاحة لكوادر البحث العلمي في أي بلد من بلدان العالم. لأن أي قصور في تأمين حاجة الباحثين العلميين من المعلومات الضرورية لمواضيع أبحاثهم العلمية سيؤدي حتماً ومن دون أدنى شك إلى تأخير تطور البحث العلمي، وبالتالي إلى تخلف حركة التطور العلمي والاقتصادي والثقافي والمعرفي في جميع فروع الاقتصاد الوطني.[23]
وتحت تأثير مجموعة من الأسباب الموضوعية القائمة في الدول الأقل تطوراً وفي الدول النامية، لابد من إعادة النظر بكل مستويات أنظمة توفير الموارد المعلوماتية العلمية للمجتمع، بما فيها التعليم والبحث العلمي والاقتصاد الوطني بشكل عام. رغم محدودية الإمكانيات والموارد المتاحة التي لا تكفي حتى لتزويد المكتبات الوطنية ومراكز المعلومات الوطنية بالإصدارات الدورية العلمية المتخصصة والتقنية، سواء منها المطبوعة أم الإلكترونية محلية كانت أم أجنبية في تلك الدول. ومع ذلك فإننا نلمس تفاؤلاً كبيراً في تلك الدول يتجه نحو إمكانية حل تلك المعضلات في إطار برامج التعاون العلمي الدولي، وإطار الاعتماد المتبادل بين دول العالم من أجل تحسين أداء شبكات الموارد المعلوماتية العلمية الإلكترونية الدولية، وتخفيض تكاليفها، وأجور استثمارها لمجالات البحث العلمي للدول التي تعاني من مشاكل مالية على الأقل. ومساعدة تلك الدول على إقامة شبكاتها المعلوماتية العلمية وبنوك المعلومات الخاصة بها، ومكتباتها الإلكترونية ووضعها تحت تصرف المستخدمين في تلك الدول.
خاصة وأننا نرى من خلال نظرة سريعة في عالم اليوم أن المؤسسات العامة والخاصة على السواء، في أكثر دول العالم تقوم اليوم باستخدام تكنولوجيا المعلوماتية المتقدمة والحديثة، بغض النظر عن المشاكل المالية والاقتصادية التي تعاني منها تلك الدول. وأن العديد من دول العالم تقوم اليوم بإنتاج مصنفات معلوماتية إلكترونية على اسطوانات مضغوطة وغيرها من التقنيات الناقلة للمعلومات، إضافة لظهور آلاف النوافذ Web في شبكة الانترنيت Internet العالمية، فتحتها وتقوم بتشغيلها المؤسسات الحكومية والعامة والخاصة وحتى الأفراد في مختلف دول العالم. وتحوي تلك النوافذ على كم هائل من المعلومات المتنوعة العلمية والثقافية والتجارية والاقتصادية والسياسية والترفيهية والثقافية وغيرها، إضافة للبرامج التعليمية والتربوية والتثقيفية بما فيها برامج التعلم عن بعد. كما ونرى سعي مؤسسات التعليم العالي والمتوسط والمكتبات العامة وحتى المتاحف ووسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية المغمورة في مختلف دول العالم لفتح نوافذها Web الخاصة في شبكة الانترنيت العالمية.
ضرورة وضع ضوابط وخطط شاملة للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي: وهذا الوضع يفرض على تلك الدول الإسراع في وضع خطط شاملة تنطلق من أسس موضوعية وواقعية وموجهة في إطار برامج ومشاريع التنمية الشاملة لإنشاء بنية تحتية معلوماتية وطنية تعتمد على برامج التعاون الإقليمي والدولي في هذا المجال الهام، وتوجيه تلك البرامج والمشاريع لخدمة وتطوير البحث العلمي وتأمين توزيع الموارد المعلوماتية توزيعاً سليماً وحمايتها، بما يكفل الوصول إلى المستوى العالمي المطلوب للخدمات المعلوماتية عبر الشبكات الإلكترونية في كل المجالات العلمية والتعليمية والثقافية والطبية والاقتصادية والمواصلات وغيرها من المجالات الهامة لمشاريع التنمية والاقتصاد الوطني بشكل عام.
وإقامة نظام متكامل للموارد المعلوماتية وتداولها، يعني إقامة شبكات اتصال إلكترونية تعتمد على الحاسبات الآلية الشخصية، تستخدم مقاييس معينة متفق عليها لإدخال واسترجاع المعلومات بشكل مدروس وممنهج، وإعادة توزيع تلك المعلومات على المستخدمين محلياً وإقليمياً وعالمياً. ومشروع كهذا يمكن أن يبدأ في إطار شبكة المؤسسات الحكومية التي يمكن أن تتكامل مع شبكات الموارد المعلوماتية وبنوك المعلومات الأخرى الكبرى داخل الدولة، وداخل دول الجوار الإقليمي، والشبكات العالمية، آخذين بعين الاعتبار مصالح الأمن القومي والمصالح العليا للدولة في إطار هذا التكامل، والذي يمكن أن يأخذ الشكل التالي: الشبكات الإلكترونية المرتبطة بوزارة الإعلام والمؤسسات الإعلامية أي المشروع الوطني لبنوك المعلومات؛ والشبكات الإلكترونية العلمية للمكتبات ومراكز المعلومات لمؤسسات التعليم المتوسط والعالي ومراكز البحث العلمي. والتي بدورها يمكن أن تتكامل مع الشبكات الإلكترونية الإقليمية والدولية. والإنفاق على مثل تلك الشبكات يمكن توفيره من خلال التعاون المشترك وتضافر الإسهامات المالية المحلية والإقليمية والدولية للمعنيين بتنظيم تراكم ومعالجة وتداول تلك المعلومات.
والأهم من كل ذلك أن تنظيم البنية التحتية الأساسية للموارد المعلوماتية العلمية الوطنية، وتنظيم تكاملها الشبكي مع الموارد المعلوماتية الإقليمية والدولية لابد وأن يمر عبر قاعدة قانونية دقيقة تشمل حمايتها عن طريق تنظيم: الضوابط القانونية للملكية الفكرية الخاصة، وحقوق الملكية الفكرية المشتركة، التي تصبح في ظلها أية مادة إعلامية أو أي مصنف معلوماتي إلكتروني في الظروف التقنية الحديثة سهل السحب والنسخ؛ والوضع القانوني للإصدارات الإعلامية الإلكترونية ونشرها؛ والضوابط القانونية لضمان عدم مخالفة مضمون المصنفات الإعلامية الإلكترونية للقوانين النافذة؛ والوضع القانوني للقائمين على تقديم وتقييم الخدمات الإعلامية عبر شبكات المعلوماتية الإلكترونية المسموعة والمرئية؛ والأوضاع القانونية والمالية لموزعي المعلومات، وخاصة المؤسسات الممولة من ميزانية الدولة وغيرها من المؤسسات؛ وفاعلية الرقابة على تنفيذ مشاريع تنظيم البنية التحتية للموارد المعلوماتية العلمية الوطنية، وتكاملها الشبكي الإقليمي والدولي؛ وضوابط الوصول للمعلومات الإلكترونية عن نتائج الأبحاث العلمية الوطنية، وشروط الاستفادة من تلك النتائج خدمة للأوساط العلمية المحلية والإقليمية والدولية.
وبقي أن نشير هنا إلى ضرورة وضع الأدلة (الفهارس) الإلكترونية والمطبوعة، ووضع أسس لنشرها في وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الإلكترونية والتقليدية وتوزيعها، لضمان تسهيل عمليات الوصول للموارد المعلوماتية العلمية المحكمة عبر البنى التحتية لموارد المعلوماتية الوطنية، وعبر شبكات المعلوماتية الدولية بما فيها شبكة الانترنيت العالمية. لأنه دون التعريف بعناوين وطرق الوصول لتلك الموارد المعلوماتية العلمية المحكمة لا يمكن الاستفادة منها ومن الكم الهائل من المعلومات المتوفرة حتى الآن في شبكات المعلوماتية الوطنية والإقليمية والدولية بشكل كامل.
تطوير البنى التحتية اللازمة للمجتمع المعلوماتي رهن بالسياسات الحكومية: ولا أحد ينكر أن تطور البنى التحتية المعلوماتية العلمية الإلكترونية تحتاج لموارد مادية هائلة، وأنها تعتبر من مهام بناء المجتمع المعلوماتي الذي يعتبر جزءاً لا يتجزأ من حضارة القرن الحادي والعشرين، وهي رهن بالسياسات الحكومية الرسمية،[24] وأن عملية بناء المجتمع المعلوماتي هي عملية متكاملة، تحتاج لتكثيف جهود الجميع، ومختلف الاتجاهات العلمية، ويجب أن يؤخذ بعين الاعتبار كل التخصصات العلمية، ومصطلحاتها ومشاكلها الناشئة نتيجة لدخولها عصر المجتمع المعلوماتي، ودراسة المشاكل الفلسفية والاجتماعية والاقتصادية، وتأثيرها الناتج عن الانتشار الواسع والسريع للمعلومات وتكنولوجيا الاتصال المتقدمة، والقيام بمجموعة من الأبحاث العلمية النظرية والتطبيقية، دعماً للجهود المتواصلة لخلق الظروف المواتية للانتقال إلى المجتمع المعلوماتي سمة القرن الحادي والعشرين.
الثورة المعلوماتية طغت على حياة الناس وغيرت من طبيعة حياتهم اليومية: فعالم اليوم يعيش ثورة معلوماتية حقيقية طغت على حياة الناس وغيرت من طبيعة حياتهم اليومية بشكل جذري، وبدلت من تطلعاتهم، وخصائص تشكلهم في شرائح داخل المجتمع المحلي حتى أنها مست علاقة الفرد بذاته. وعلى العكس من الثورات التكنولوجية السابقة التي انطلقت من المادة والطاقة، فإن هذه التغييرات الجذرية الجديدة التي نعيشها اليوم تعرضت لمفاهيمنا عن الزمان، والمكان، والأفق، والمسافة، والمعرفة.[25] وتشكل في جوهرها الثورة المعلوماتية الناتجة عن التطور الهائل لتكنولوجيا المعلومات ووسائل الإعلام والاتصال المتنوعة، التي توصلت إليها عبقرية الإنسان خلال القرون الأخيرة. ورغم عدم كفاية واكتمال الدراسات العلمية التي تناولت مرحلة الثورة المعلوماتية التي تمر بها البشرية في الوقت الحاضر، فإننا نلمس من حيث الجوهر أنها قربت لنا مفاهيم الثورة المعلوماتية التي أضحت أكثر فهماً ووضوحاً من ذي قبل.
حتمية الثورة الاتصالية والمعلوماتية في ظل العولمة: ومع ذلك فإن الثورة الاتصالية والمعلوماتية التي تعمل على تغيير معالم العالم بسرعة هائلة، وحتمية هذه التغييرات تجعلها في وضع لا مفر منه وشاملة، وتزداد سرعتها بشكل دائم ومضطرد. وتختلف نتائجها الاقتصادية، لأنها تجلب معها فوائد ليست أقل أهمية وفاعلية ومؤثرة على القيم الإنسانية من فوائد الثورات الإنسانية السابقة في مختلف دول العالم ومن بينها الدول الأقل نمواً والنامية أيضاً.
ومن ظواهر التفوق المعلوماتي اليوم في الدول المتقدمة أن الناس أصبحوا يتفاعلون مع الثورة المعلوماتية بالمقارنة مع غيرها من الثورات الإنسانية السابقة في دول العالم بأشكال طالت المجتمع الإنساني بأسره. حتى أصبح مصطلح "المعلوماتية" يملك وقعاً سحرياً بالفعل، بعد أن أصبحت تكنولوجيا المعلوماتية الحديثة اليوم القوة المحركة الحقيقية والمتحكمة بالاقتصاد العالمي والتقدم التكنولوجي في العالم بأسره، وأصبحت مصدراً هاماً لمضاعفة المعارف والقيم الروحية الجديدة لدى الإنسان، وتخريبها والتأثير عليها في آن معاً، خاصة بعد توسع وانتشار مجالات استخدام المنجزات العلمية والتكنولوجية للقرن العشرين.[26]
لأن الإنسان في المجتمع المعلوماتي أصبح يقف وجهاً لوجه أمام فضاء معلوماتي واحد متنوع ومفتوح، تعتبر فيه وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية من أهم وسائل التفاعل بين المواطن والسلطة بفروعها الثلاث التشريعية والتنفيذية والقضائية. ولأنها تساعد على شفافية عمل تلك السلطات، وعلنية التفاعلات السياسية في المجتمع. أما تقنيات الاتصال الحديثة في ظل "العولمة" والمجتمع المعلوماتي فقد أضافت عنصر الحوار الدولي الذي انبثق عنه "مجتمع الأربع والعشرين ساعة"، ذلك المجتمع الذي يعمل على مدار الساعة دون توقف، مضيفاً إمكانيات هائلة جديدة، منها على سبيل المثال: تكامل الدورة الاقتصادية التي أصبحت تعمل دون توقف أيضاً، بحيث تبدأ في آن معاً من أية نقطة في العالم وتعود من جديد ودون توقف من حيث أتت، مما فرض على العاملين في المجالات الاقتصادية والمالية، ضرورة إعادة النظر في جداول أعمالهم بما يتلاءم مع هذه الدورة الاقتصادية المعلوماتية خاصة بعد الأزمة المالية والاقتصادية التي ألمت بعالم اليوم ويعتقد الكثيرون أن سببها الرئيسي كان العولمة. ومجتمع الأربع والعشرين ساعة هذا أصبح يمس اليوم كل نواحي الحياة الاجتماعية دون استثناء، ومنها وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية التي أصبحت تملك قنوات جديدة للحصول على المعلومات ونشرها تفوق القدرات التقليدية المعروفة لقنوات الاتصال.[27]
ويعتقد البعض أن الوصول للمعلومات الموثقة لا يمكن من دون وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية التقليدية، التي تبقى الوسيلة الرئيسة والأهم لإعلام الرأي العام والإسهام في تطويره، وخاصة منها الوسائل المطبوعة، من خلال ما تسجله على صفحاتها من معلومات يمكن أن تحفظ وتنتشر أكثر إن كان بطرق التوزيع التقليدية، أو من خلال أجهزة الحاسب الآلي الشخصية المتصلة بشبكات المعلومات المحلية والإقليمية والدولية داخل المجتمع الواحد. نظراً للكلفة الزهيدة للحصول عليها والاستفادة منها، لأن ما يدفع ثمناً لها بالمقارنة مع تكاليف استخدام شبكات المعلومات الإلكترونية الحديثة، للحصول على مواد الصحف، والمجلات، ولقاء سماع البرامج الإذاعية المسموعة والمرئية هو زهيد جداً. بالإضافة إلى أن تكاليف سماع ومشاهدة البرامج الإذاعية المسموعة والمرئية بالطرق التقليدية خارج شبكة الانترنيت لا تكلفنا سوى قيمة استهلاك أجهزة الاستقبال الإذاعية والتلفزيونية، وقيمة الطاقة الكهربائية المستهلة، وهذا بحد ذاته من الحقائق الهامة التي تؤكد حتمية التطور اللاحق لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية بأشكالها المقروءة والمسموعة والمرئية. إلا أن استخدام شبكات المعلومات الإلكترونية يصبح بالتدريج حاجة ملحة بعد انتشارها وتعدد استخداماتها وقنواتها داخل المجتمعات الحديثة. لأن تلك الشبكات تصبح ناقلة لصفحات الصحف والمجلات قبل وصولها للمشتركين عبر شبكات التوزيع التقليدية بزمن كبير، هذا إن لم نتحدث عن جودة وصفاء الصوت والصورة للبرامج الإذاعية والتلفزيونية المنقولة من أماكن بعيدة جداً عبر شبكات المعلومات الدولية.
ومع ذلك نلاحظ في بعض الدول كالنرويج، والسويد، وفنلندا، وحتى داخل الولايات المتحدة الأمريكية نفسها المتقدمة جداً في هذا المجال،[28] أن استخدام شبكات المعلوماتية الإلكترونية لم يؤثر على أعداد المشتركين في الصحافة الدورية، بل على العكس كان عددهم أعلى بكثير من عدد المشتركين بشبكة الانترنيت الدولية. وهو ما يؤكد أن دور وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية وخاصة الصحافة المطبوعة في المجتمعات المتطورة سيبقى مهماً حتى في المجتمع المعلوماتي، الذي سيضيف أشكالاً متنوعة وجديدة وأكثر فاعلية وواقعية للخدمات المعلوماتية المباشرة في ظروف الانفتاح الإعلامي. وهو ما يمكن اعتباره عنصراً هاماً من عناصر تطوير النظام التقليدي لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، وخاصة وظيفة نقل المعلومات عبر العالم بحرية ودون عوائق أو قيود، تلك التي هي من خصائص المجتمع المعلوماتي.
وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية والدولة القومية في المجتمع المعلوماتي: الكثيرون يتحدثون اليوم عن اضمحلال الدولة القومية في ظروف العولمة والمجتمع المعلوماتي. بينما يختلف معهم البعض الآخر عندما يؤكدون أن المعلوماتية تأتي في إطار الدول والقوميات، لأن المجتمع المعلوماتي أساساً يحمل في طياته عناصر قومية عابرة للقوميات، تتخطى الحدود القومية عبر النشاطات العالمية للمؤسسات المالية والاقتصادية والسياسية الدولية، والاتحادات والشركات متعددة الجنسيات. ومن الأمثلة الواقعية للتطور الناجح للمجتمع المعلوماتي في إطار الدولة القومية: فنلندا، والسويد، والدانمرك، وغيرها من الدول الاسكندينافية التي تملك كل منها نظاماً متزناً خاصاً بها لوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الوطنية كاف لحماية خصائصها القومية الخاصة بها في إطار العولمة والمجتمع المعلوماتي.
أما فيما يتعلق بالشبكات العابرة للقوميات، فإن تلك الدول تشجع قيام جماعات محلية من مختلف الشرائح الاجتماعية، وطبعاً من بينها النخبة المثقفة ورجال الإعلام للحوار ومخاطبة مثيلاتها من النخب المثقفة ورجالات الإعلام في الولايات المتحدة الأمريكية، وبريطانيا، وفرنسا، وألمانيا، وروسيا، واليابان، والصين، وغيرها من دول العالم، بغض النظر عن المسائل القومية الخاصة بتلك النخب. ويؤدي هذا الحوار وبشكل عفوي إلى ظهور اتحادات إعلامية عابرة للقوميات بين المتحاورين، تتطور تلقائياً وتتعزز نشاطاتها مع اتساع رقعة حوارها عبر الدول القومية. ومن هنا يرى البعض أن حوار كهذا في بعض الأحيان قد يكون صعباً بسبب التناقضات العميقة والصعبة الحل بين بعض الجماعات القومية المتشددة، وهو ما يوحي بأن العولمة ليست حلاً للمشاكل القومية المستعصية، بل هي أسلوباً متقدماً للحوار الذي قد يساعد على إزالة العقبات عن طريق التفاهم بين تلك الجماعات، وبالتالي إزالة مشاكل التطور القومي بالحوار الواعي والبناء في إطار المجتمع المعلوماتي المفتوح، ولوسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية طبعاً دوراً هاماً يجب أن تلعبه فيه.
شروط بناء المجتمع المعلوماتي في الدول النامية: وتتمثل في تشكيل ساحة معلوماتية عالمية موحدة. وتعميق عمليات التكامل الإعلامي والاقتصادي لأقاليم ودول وشعوب العالم؛ وإنشاء قاعدة مادية تعتمد على المنجزات التكنولوجية الحديثة، ومنها تكنولوجيا المعلوماتية، وشبكات الحاسب الآلي، وشبكات الاتصال المسموعة والمرئية عبر الأقمار الصناعية، ووضعها في خدمة الاقتصاد الوطني، الذي لا بد وأن يعتمد على استخدام تكنولوجيا المعلوماتية وإمكانياتها الواعدة؛ وإنشاء سوق معلوماتية واعتباره أحد عوامل الإنتاج مثله مثل استخدام الموارد الطبيعية، وقوة العمل، ورأس المال، لأن الموارد المعلوماتية هي من موارد التطور الاجتماعي والاقتصادي والثقافي، والعمل على تلبية الحاجات الاستهلاكية للمجتمع وهي من منتجات الخدمات الإعلامية؛ وتطوير البنية التحتية للاتصالات المسموعة والمرئية، والمواصلات، وتنظيمها؛ ورفع مستوى التعليم بمستوياته وتخصصاته المختلفة، وتطوير العلوم والتكنولوجيا والثقافة من خلال توسيع إمكانيات نظم تبادل المعلومات على المستوى القومي والإقليمي والعالمي، ورفع مستوى الكفاءة المهنية وتشجيع المواهب الإبداعية؛ وتوفير سبل حماية الأمن الإعلامي للفرد، والمجتمع، والدولة؛ ووضع السبل الكفيلة باحترام وحماية حقوق الأفراد والمؤسسات العامة والخاصة في حرية الوصول والحصول على المعلومات وتوزيعها كشرط من شروط التطور الديمقراطي.[29]
وهنا لابد من الإشارة إلى ضرورة السعي أثناء تشكل المجتمع المعلوماتي، نحو تعميم مهارات استخدام المنجزات التقنية والتكنولوجية لوسائل الاتصال والإعلام الحديثة على جميع أفراد المجتمع، لتمكينهم من الاستفادة والتعامل مع الخدمات المعلوماتية المتاحة لهم، والتي لابد أن توفر شروط التنافس الشريف بين المؤسسات الإنتاجية والخدمية قدر الإمكان. والعمل على توفير أقصى قدر ممكن من التكامل بين الشبكات المعلوماتية الوطنية والقومية والإقليمية والدولية من خلال تطوير وسائل الاتصال ونقل المعلومات المرئية والمسموعة وتحديثها بشكل دائم. وطبعاً تحقيق هذا الطلب لا يمكن أن يتم بجهود حكومية فقط، بل بتضافر جهود كل الشرائح الاجتماعية والقطاعين العام والخاص، وجهود المؤسسات العلمية والهيئات والمنظمات الشعبية والاجتماعية ووسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية التقليدية.
وتطور المجتمع المعلوماتي يجر وراءه توفير فرص عمل جديدة، لم تكن معروفة من قبل وتحتاج لإعداد مهني خاص رفيع المستوى، وإلى إعادة تأهيل الكوادر المهنية القائمة على عملها بشكل دائم. وهو ما يفرض الحاجة لتنظيم حملة وطنية تعليمية شاملة ودائمة، تشترك في إعدادها وتنفيذها كافة الإدارات والمؤسسات الحكومية والعامة والخاصة والمنظمات المهنية والشعبية والاجتماعية، ومؤسسات التعليم والبحث العلمي والهيئات الاستشارية وغيرها.
ولضمان نجاح الحملة التعليمية الوطنية لابد من ضمان حصول المشاركين في الدورات القائمة على المعلومات الجديدة في هذا المجال، واستخدام أحدث المنجزات التكنولوجية في مجال الإعلام والاتصال، والتوسع بإدخال الإعلام المرئي ضمن وسائل التعليم عن بعد، والتوسع في تحديث نظام تأهيل وإعادة تأهيل المعلمين والمحاضرين والمدربين القائمين على الحملة الوطنية التعليمية الدائمة والشاملة، لإعداد وتهيئة الإنسان القادر على تقبل واقع المجتمع المعلوماتي. ولابد أيضاً من تدخل الدولة من أجل وضع مستوى مقبول من الأجور والتعرفات الخاصة باستخدام خدمات شبكات المعلوماتية والاتصالات الوطنية والإقليمية والدولية. ووضع تعرفات مخفضة خاصة لمؤسسات البحث العلمي ومؤسسات التعليم العالي وما قبل الجامعي والطلاب والمدرسين، والعاملين في وسائل الإعلام الجماهيرية التقليدية.
ومن الشروط الضرورية لنجاح الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي، الاستمرار في إجراء واستكمال الأبحاث العلمية الجارية في مجالات تقنيات وتكنولوجيا ووسائل الاتصال والإعلام وتطويرها، والعمل على تطبيق نتائجها في مختلف مناحي الحياة وخاصة فروع الاقتصاد الوطني مع مراعاة حاجة ومتطلبات السوق المعلوماتية المحلية. والأخذ بنتائج تلك الأبحاث لدى وضع البرامج الخاصة بتطوير عملية إدخال واستخدام المعلومات العلمية والتقنية في خدمة المجتمع المعلوماتي. ومراعاة حاجة جميع الشرائح الاجتماعية من المعلومات الإلكترونية المفتوحة للاستخدام العام، ونوعية وخصائص المعلومات الإلكترونية ذات الاستعمال الخاص والمعنية بالمعلومات الرسمية، وبأسرار الأبحاث العلمية الهامة، والأسرار التجارية والمالية والاقتصادية وكل ماله علاقة بالأمن القومي والمعلوماتي والمصالح الوطنية العليا، وأخذها كلها بعين الاعتبار عند العمل على توحيد مقاييس الانفتاح والتكامل مع الشبكات المعلوماتية الإلكترونية القومية والإقليمية والدولية في ظروف العولمة، وعدم الاكتفاء بالنوايا الطيبة وحدها فيما يتعلق بالساحة المعلوماتية المنفتحة.[30]
الذات الفردية في المجتمع المعلوماتي: الكثيرون ممن تناولوا موضوع الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي يتحدثون عن حتمية هذا الانتقال. ويعتبرون المجتمع المعلوماتي، الأكثر ملائمة لتبادل ونقل المعلومات بانفتاح كامل ودون أية عوائق، بين مواطني المجتمع الواحد، والمجتمعات الأخرى. ويعتبر البعض أن المجتمع المعلوماتي ينقذنا أخيراً من الاحتكار الإعلامي ومن استغلال الاحتكارات الإعلامية الدولية !! ولكن السؤال الذي يطرح نفسه هنا ألا يساعد ذلك على ظهور أنواعاً جديدة من الاحتكارات المسيطرة على شبكات نقل المعلومات الدولية ؟ ومنها مثلاً على سبيل المثال احتكار المتمكنين فقط لاستخدام شبكات المعلوماتية الإلكترونية الحديثة عالية التكاليف، بما ينبئ بتحولها إلى وسيلة للحوار بين شرائح معينة داخل كل مجتمع، وبين المجتمعات المختلفة.
ومن نظرة إلى السيل الجارف للمعلومات التي تحملها شبكات المعلوماتية الإلكترونية، نرى أنها تحمل سيلاً جارفاً من المعلومات التجارية والمالية، ونشرات أسعار البورصات العالمية، وأسعار الأسهم، ونشرات أسعار صرف العملات الأجنبية، وخدمات شركات التأمين، والإعلانات المختلفة، وحركة وسائط النقل البري والبحري والجوي، وخدمات شركات النقل، ونشرات الأحوال الجوية، وكلها معلومات تهم أساساً رجال الأعمال، وكلها طبعاً تسرع من عملية تطور وتكامل النظم المالية في الدول المختلفة سلباً وإيجاباً في آن معاً.
وهنا تظهر بحدة مشكلة الإدارة والتحكم بسيل المعلومات المتدفق إلى داخل المجتمع المعلوماتي، والمفترض أن تكون مفتوحة وحرة ولا تتعرض لأية حواجز أو عوائق. فأسلوب التحكم من الأعلى إلى الأسفل لا يصلح إذاً للمجتمع المعلوماتي. لأنه من المستحيل فيه تعميم المعلومات من خلال مركز واحد، لأن شبكات المعلومات الإلكترونية هي شبكات منفتحة ومتعددة الأطراف.
وشبكات المعلوماتية الإلكترونية تقدم المعلومات الواردة من شتى الاتجاهات والمستويات المختلفة إلى حد كبير، ويلبي هذا التنوع حاجات إقامة أساس لبنية كل خلية من خلايا شبكات تبادل المعلومات. ولكن هذه الخلايا والشبكات ليست بالضرورة بنى ديمقراطية تحترم فيها حقوق كل الأطراف المشاركة فيها. ومن الطبيعي جداً أن تطغى معلومات شرائح النخبة بإمكانياتها المادية والتقنية والتكنولوجية على المجال المعلوماتي لتلك الشبكات، بحيث تصبح شبكات شرائح النخبة المسيطرة التي تحظى بمجال أكبر للحركة ونشر المعلومات داخل المجتمع المعلوماتي العالمي المنفتح. وهو ما يدعو مؤسسات الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية والإسلامية للتركيز في جهودها والعمل الجاد والجماعي لأخذ موقعها المبادر في ذلك المجتمع الجديد الذي أصبح يطرق الأبواب.
الخاتمة
ومما سبق نرى أن الولوج في المجتمع المعلوماتي مرتبط بالعولمة الإعلامية التي تهيمن فيها وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية للدول المتقدمة، ولا يمكن مواجهة أخطارها في دول العالم الثالث، والدول العربية والإسلامية عن طريق الانغلاق أو منع التدفق المعلوماتي الخارجي، وإنما من خلال تحصين المتلقي أينما كان وزيادة وعيه وإدراكه في مواجهة سيل المعلومات والإعلام الجماهيري المتدفق من الدول المتقدمة، بحيث يستطيع المتلقي العربي كغيره من المتلقين في دول العالم الثالث الاستفادة من إيجابيات الإعلام الخارجي، وخاصة في مجال العلوم والتكنولوجيا والتقنيات الحديثة، وتحييد سلبياته التي تستهدف كيان الإنسان ووجدانه، كما أنه من الضروري زيادة قدرة وسائل الاتصال والمعلوماتية العربية والإسلامية على المنافسة على الساحة الدولية. ويأتي هذا عن طريق التركيز على كل المجالات والقضايا المهمة التي تمس وجهة النظر والمصالح العربية والإسلامية من مختلف القضايا العربية والإسلامية والعالمية، وعدم الاكتفاء بنقل المواقف ووجهات النظر العربية والإسلامية إلى الرأي العام المحلي فقط كما هي الحال في الوقت الراهن، بل مضاعفة التركيز على الرأي العام العالمي وباللغات التي يفهمها في عملية النقل تلك دون تحريف أو تشويه بشأن تلك القضايا الهامة والملحة من وجهة النظر العربية والإسلامية، والتصدي للمغالطات والأكاذيب والافتراءات التي تنشرها وسائل الاتصال والمعلوماتية للدول المتقدمة ضد المصالح العربية والإسلامية.
وأخيراً فإنه هناك دور حقيقي ومهم ينبغي على وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية العربية والإسلامية أن تقوم به مجتمعة على المستوى الاقتصادي، والسياسي، والثقافي، والعلمي القومي استمراراً لدورها الرائد والطليعي في خدمة القضايا الوطنية والدفاع عن القيم الديمقراطية والحريات العامة وحقوق الأمتين العربية والإسلامية، ومنها أن تخوض وسائل الاتصال والإعلام العربية التقليدية والحديثة على السواء، المعركة المعلوماتية الدولية بهدف توضيح الحقائق الأساسية الناتجة عن أزمات النفط وأسعاره التي تسببها الاحتكارات والدول المتقدمة المستهلكة للنفط والتي تخلق مشاكل كثيرة للدول المنتجة للنفط وخاصة دول الخليج العربية التي يعتمد اقتصادها وخططها التنموية أساساً على الموارد النفطية؛ والصراعات الحدودية مع دول الجوار التي خلفها الاستعمار الأوروبي وتغذيها وتؤججها بعض القوى الخارجية التي لها مصلحة في إبقاء التوتر وعدم الاستقرار في العالمين العربي والإسلامي؛ والصراع التاريخي والظلم الذي لحق بالشعب الفلسطيني، وفضح ممارسات العدوان الإسرائيلي المستمر والمتعاظم ضد الشعب الفلسطيني والشعوب العربية بشكل عام، جنباً إلى جنب مع خوض المعركة للمطالبة بالتطبيق الكامل لقرارات الجمعية العمومية للأمم المتحدة، ومجلس الأمن الدولي، ومناهضة التطبيع الاقتصادي والمهني والسياسي مع إسرائيل قبل اعترافها وإعادتها للحقوق العربية المغتصبة وفقاً لقرارات الشرعية الدولية.
كما أنه من الضروري الدفاع عن حقوق ومصالح جميع الشعوب العربية والإسلامية والإسهام في إنهاء النزاعات والصراعات المحلية في العالمين العربي والإسلامي، والعمل على تصفية نظام العقوبات المجحد الذي تعاني منه عدة أقطار عربية منذ سنوات طويلة، ومن بينها العراق قبل وبعد احتلاله، والسودان المهدد بالانقسام، والحصار المفروض على الشعب الفلسطيني، لرفع الظلم والمعاناة الأليمة عن شعوب تلك الدول من جراء الحصار الطويل، عن طريق الحوار البناء الدائم والإيجابي مع الساحات الإعلامية الدولية ورموزها.
ويتطلب تحقيق تلك الأهداف حشد كل القدرات والإمكانيات الاقتصادية والعلمية والتقنية والمعرفية، والاستعانة بالإنجازات الحديثة لتكنولوجيا وتقنيات الاتصال والمعلوماتية المتطورة. ومن أجل هذا نكرر أنه لابد من إعداد الكوادر غير التقليدية المتخصصة والمدربة بشكل جيد للقيام بهذه المهمة على الصعيد الدولي، وتمكينها من التأثير على الرأي العام ليس المحلي فقط، بل والرأي العام العالمي في كل أرجاء العالم. من خلال توضيح أهداف ومرامي الخيار الاستراتيجي للعرب الذين اختاروا السلام العادل والحل السلمي للصراع المحتدم مع الكيان الصهيوني منذ أكثر من نصف قرن مضى.[31]
ولابد من تعزيز التعاون بين وسائل الاتصال والإعلام العربية والإسلامية، والمؤسسات الإعلامية مع دول الجوار للدول العربية والإسلامية من خلال دعم كل صور التبادل العلمي والفكري والثقافي على المستوى القومي معها، وهي مهمة تقع في رأيي على عاتق أصحاب القرار السياسي في الدول العربية والإسلامية، واتحاد الصحفيين العرب، ومعه كل المنظمات الإعلامية العربية والإسلامية المعنية للاضطلاع بالمهام القومية في المجال الإعلامي والفكري والعلمي، والعمل على تعزيز قدرة وسائل الاتصال والإعلام العربية على إرساء أسس السلام وتعزيز الأمن والاستقرار داخل العالم الإسلامي وفي المنطقة العربية وفي العالم أجمع، دون إغفال أهمية التعاون الإيجابي مع الاتحادات والمؤسسات الإعلامية العالمية المعنية بتقدم الإعلام وحرية التعبير والثقافة، وهي مسألة تأخر فيها العرب كثيراً حسب رأي البعض.
وأرى أنه لابد من وضع برنامج منطقي وواقعي على المستوى العربي لتحقيق التعاون والتنسيق في العمل، بالشكل الذي يتعزز فيه مشاركة الصحفيين من خلال نقاباتهم المهنية ومؤسساتهم الإعلامية في المنابر الإعلامية والمهنية العالمية، ومشاركتهم الفاعلة في صناعة الخبر عن أهم الأحداث العالمية الجارية هنا وهناك. وقبل ذلك بطبيعة الحال، فإنه من الضروري تنمية علاقة المشاركة والتعاون البناء بين الأوساط الصحفية والدولة ومؤسساتها السياسية والدستورية في كل الأقطار العربية والإسلامية، على أساس من العمل المشترك لمصلحة الوطن والنهوض به قطرياً وعربياً وإسلامياً، وفي الوقت نفسه الاضطلاع بالمهام المطلوبة على المستوى الإقليمي والعالمي. وهذا يتطلب الإسراع في وضع وتطبيق برنامج إعلامي واقعي يضمن فاعلية أكبر لوسائل الإعلام العربية والإسلامية، ويضمن لها دوراً أكثر فاعلية يساعدها في أداء أدوارها المتنوعة في مجالات التوعية العلمية والاقتصادية والتقنية والمعرفية والتنويرية والتثقيفية والتربوية وفي التصدي لأعباء التنمية الشاملة. كما أنه سوف يساعد أيضاً على الارتقاء بوسائل الإعلام العربية والإسلامية إلى مصاف كبريات وسائل الإعلام العالمية، وسوف يساعد بالضرورة على تمكين وسائل الإعلام والاتصال الجماهيرية العربية والإسلامية من الأخذ بعين الاعتبار دورها الريادي والطليعي في كل القضايا الوطنية والقومية والإسلامية، وفي عملية الانتقال إلى المجتمع المعلوماتي المنفتح وليد العولمة وتداعياتها الإعلامية، بشكل أكثر إيجابية وفاعلية وتأثير.
انتهت مراجعته يوم الخميس 4/12/2008
مراجع البحث:
1. إبراهيم نافع: مستقبل الصحافة في مصر. // القاهرة: الأهرام، 29 يونيو/حزيران 2001، العدد 41843.
2. د. إحسان علي بوحليقة: تقنيات المعلومات وقضايا التنمية في الدول العربية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
3. أحمد عبد الله: السيادة الوطنية في ظل التغيرات العالمية، تعليقات وأفكار للمناقشة. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 123/1996.
4. حسام عبد القادر: البابا شنودة في لقاء مفتوح. // القاهرة: أكتوبر، العدد 1288، 1/يوليو 2001.
5. خازن غ.س.: فوق حاجز اللغات. // موسكو: مجلة الولايات المتحدة وكندا، العدد 9/2000. (باللغة الروسية)
6. خالد يوسف السلمي: العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجماعة الأوروبية. الرياض: في بحوث دبلوماسية. معهد الدراسات الدبلوماسية، 1999.
7. ريتشارد هيجوت: العولمة والأقلمة: اتجاهان جديدان في السياسات العالمية. أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 1998
8. زاسورسكي يا. ن.: المجتمع الإعلامي ووسائل الإعلام الجماهيرية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/2_1.htm (باللغة الروسية)
9. سعود عبد الحميد دهلوي: تأثير القنوات التلفزيونية الفضائية على البنية والعلاقات الاجتماعية – التأثيرات الأمنية على المجتمع. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
10. سليمان الخراشي: العولمة. الرياض: دار بلنسة، 1420 هـ.
11. سيونتيورينكو و.ف.: المجتمع المعلوماتي والمعلومات العلمية. http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_1.htm (باللغة الروسية)
12. صاحب السمو سعود الفيصل وزير الخارجية ورئيس مجلس معهد الدراسات الدبلوماسية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
13. د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار علاء الدين، 1999.
14. صاموليان غ.ل.، تشيريشكين د.س.، فيرشينسكايا و.ن.، وآخرون: طريق روسيا إلى المجتمع المعلوماتي (الأسس، المؤشرات، المشاكل، والخصائص). موسكو: معهد نظم التحليل في أكاديمية العلوم الروسية، 1997. (باللغة الروسية)
15. صلاح سالم زرنوقة: أثر التحولات العالمية على مؤسسات الدولة في العالم الثالث. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 122.
16. طلال محمد داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/1420 هـ – 2000 م.
17. د. عبد اللطيف العوفي، ود. عادل مرداد: نشأة ظاهرة الطرق السريعة للمعلومات: تطورها وانعكاساتها العربية والخليجية، مع رؤية مستقبلية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
18. عبد الوهاب الحكمي: العولمة: معناها ومبناها ومفهومها في الثقافة العربية والإسلامية. // لندن: صحيفة الشرق الأوسط، 27/10/1420هـ.
19. عبد القادر طاش: واقع الإعلام الخليجي في ظل ثورة التكنولوجيا والمعلومات، نحو رؤية إسلامية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
20. علي راجح حميدان: الخليج وتحديات العولمة. // أبو ظبي: صحيفة الإتحاد، 24/4/1997
21. د. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن الإعلامي الوطني. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001.
22. د. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الاثنين 22 يناير 2001.
23. د. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000.
24. د. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي، مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. (باللغة الروسية)
25. د. محمد البخاري: وكالات الأنباء والصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. (باللغة الروسية)
26. د. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي، مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. (باللغة الروسية)
27. د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. (باللغة الروسية)
28. د. محمد نعمان جلال: العولمة بين الخصائص القومية والمقتضيات الدولي. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد 145، يوليو 2001.
29. مصطفى المصمودي: شبكات الاتصال الدولية واقعها ومستقبلها. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
30. نايف عبيد: العولمة والعرب. // المستقبل العربي، العدد 120.
31. ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.
32. هيثم الكيلاني: العولمة والعسكرة وأثرها على العالم الإسلامي. // الرياض: مجلة الحرس الوطني، العدد 202.
33. Castells M. The Information Age. Economy, Society and Culture. Volume I. The Rise of the Network Society. - Oxford: Blackwell Publishers, 1996.
34. The Information Society and the Developing World: A South Africa Perspective (Draft 5, Version 5.1, April 1996).
هوامش:[1] صاحب السمو سعود الفيصل وزير الخارجية ورئيس مجلس معهد الدراسات الدبلوماسية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995. ص9-11.[2] د. عبد القادر طاش: واقع الإعلام الخليجي في ظل ثورة التكنولوجيا والمعلومات، نحو رؤية إسلامية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995. ص 13-41.[3] د. مصطفى المصمودي: شبكات الاتصال الدولية واقعها ومستقبلها. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995. 99-138.[4] طلال محمد داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/1420 هـ – 2000 م. ص 175-184.[5] د. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي، مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. ص 26-38. (باللغة الروسية)؛ وطلال داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/2000؛ وأحمد عبد الله: السيادة الوطنية في ظل التغيرات العالمية، تعليقات وأفكار للمناقشة. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 123/1996؛ وعلي راجح حميدان: الخليج وتحديات العولمة. // أبو ظبي: صحيفة الإتحاد، 24/4/1997؛ وسليمان الخراشي: العولمة. الرياض: دار بلنسة، 1420 هـ؛ ونايف عبيد: العولمة والعرب. // المستقبل العربي، العدد 120؛ وعبد الوهاب الحكمي: العولمة: معناها ومبناها ومفهومها في الثقافة العربية والإسلامية. // لندن: الشرق الأوسط، 27/10/1420هـ؛ وريتشارد هيجوت: العولمة والأقلمة: اتجاهان جديدان في السياسات العالمية. أبو ظبي: مركز الإمارات للدراسات والبحوث الإستراتيجية، 1998؛ وهيثم الكيلاني: العولمة والعسكرة وأثرها على العالم الإسلامي. // الرياض: مجلة الحرس الوطني، العدد 202؛ وندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995.[6] طلال داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/2000. ص 183.[7] طلال داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/2000. ص 180-181؛ وخالد يوسف السلمي: العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجماعة الأوروبية. الرياض: في بحوث دبلوماسية. معهد الدراسات الدبلوماسية، 1999. ص 103- 180؛ وعبد الوهاب الحكمي: العولمة: معناها ومبناها ومفهومها في الثقافة العربية والإسلامية. // لندن: الشرق الأوسط، 27/10/1420هـ.[8] نايف علي عبيد: العولمة والعرب. المستقبل العربي، العدد 120. ص 31.[9] حسام عبد القادر: البابا شنودة في لقاء مفتوح. // القاهرة: أكتوبر، العدد 1288، 1/يوليو 2001. ص 27.[10] د. محمد البخاري: وكالات الأنباء والصحافة الدولية في إطار العلاقات الدولية. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. (باللغة الروسية)؛ وسليمان الخراشي: العولمة. الرياض: دار بلنسة، 1420 هـ. ص 30؛ وهيثم الكيلاني: العولمة والعسكرة وأثرها على العالم الإسلامي. // الرياض: مجلة الحرس الوطني، العدد 202. ص 56.[11] سليمان الخراشي: العولمة. الرياض: دار بلنسة، 1420 هـ. ص 36-37؛ ونايف علي عبيد: العولمة والعرب. // المستقبل العربي، العدد 120. ص 32-37.[12] خازن غ.س.: فوق حاجز اللغات. // موسكو: مجلة الولايات المتحدة وكندا، العدد 9/2000. ص 104. (باللغة الروسية)[13] د. محمد البخاري: مبادئ الصحافة الدولية والتبادل الإعلامي الدولي. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. ص 52-55. (باللغة الروسية)[14] سليمان الخراشي: العولمة. الرياض: دار بلنسة، 1420 هـ. ص 36-37؛ وهيثم الكيلاني: العولمة والعسكرة وأثرها على العالم الإسلامي. // الرياض: مجلة الحرس الوطني، العدد 202. ص 56.[15] طلال داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/2000. ص 180-182؛ وعبد الوهاب الحكمي: العولمة: معناها ومبناها ومفهومها في الثقافة العربية والإسلامية. // لندن: الشرق الأوسط، 27/10/1420هـ.[16] خالد يوسف السلمي: العلاقات التجارية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول الجماعة الأوروبية. الرياض: في بحوث دبلوماسية. معهد الدراسات الدبلوماسية، 1999. ص 103- 180.[17] إبراهيم نافع: مستقبل الصحافة في مصر. // القاهرة: الأهرام، 29 يونيو/حزيران 2001، العدد 41843.[18] صلاح سالم زرنوقة: أثر التحولات العالمية على مؤسسات الدولة في العالم الثالث. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 122. ص 57.[19] http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_1.htm سيونتيورينكو و.ف.: المجتمع المعلوماتي والمعلومات العلمية. (باللغة الروسية)[20] د. عبد اللطيف العوفي، ود. عادل مرداد: نشأة ظاهرة الطرق السريعة للمعلومات: تطورها وانعكاساتها العربية والخليجية، مع رؤية مستقبلية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995. 65-98.[21] د. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي، مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. ص 26-38. (باللغة الروسية)[22] http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/1_1.htm سيونتيورينكو و.ف.: المجتمع المعلوماتي والمعلومات العلمية. (باللغة الروسية)؛ ود. محمد نعمان جلال: العولمة بين الخصائص القومية والمقتضيات الدولي. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، عدد 145، يوليو 2001. ص 42-48؛ ود. محمد البخاري: العلاقات العامة كهدف من أهداف التبادل الإعلامي الدولي، مقرر لطلاب الماجستير. طشقند: معهد طشقند الحكومي العالي للدراسات الشرقية، 2000. ص 18-66. (باللغة الروسية)؛ ود. محمد البخاري: الحرب الإعلامية والأمن الإعلامي الوطني. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الثلاثاء 23 يناير 2001. صفحة 33؛ ود. محمد البخاري: الأمن الإعلامي الوطني في ظل العولمة. // أبو ظبي: صحيفة الاتحاد، الاثنين 22 يناير 2001. صفحة 34؛ ود. محمد البخاري: العولمة والأمن الإعلامي الدولي. // دمشق: مجلة "معلومات دولية" العدد 65/ صيف 2000. ص 129 – 144.[23] طلال داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/2000. ص 181-182؛ ود. إحسان علي بوحليقة: تقنيات المعلومات وقضايا التنمية في الدول العربية. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995. 43-64.[24] صلاح سالم زرنوقة: أثر التحولات العالمية على مؤسسة الدولة في العالم الثالث. // القاهرة: مجلة السياسة الدولية، العدد 122. ص 57؛ وطلال داعوس: العرب والعولمة: الظاهرة والتحديات. // الرياض: مجلة الدراسات الدبلوماسية، العدد 14/2000. ص 182.[25] The Information Society and the Developing World: A South Africa Perspective (Draft 5, Version 5.1, April 1996).[26] طريق روسيا إلى المجتمع المعلوماتي (الأسس، المؤشرات، المشاكل، والخصائص) غ.ل. صاموليان، د.س. تشيريشكين، و.ن. فيرشينسكايا، وآخرون. موسكو: معهد نظم التحليل في أكاديمية العلوم الروسية، 1997. ص 64. (باللغة الروسية)؛ وسعود عبد الحميد دهلوي: تأثير القنوات التلفزيونية الفضائية على البنية والعلاقات الاجتماعية – التأثيرات الأمنية على المجتمع. في ندوة الإعلام والمعلوماتية وتحديات القرن الواحد والعشرين. الرياض: معهد الدراسات الدبلوماسية، 1995. ص 203-222.[27] http://intra.rfbr.ru/pub/vestnik/V3_99/2_1.htm زاسورسكي يا. ن.: المجتمع الإعلامي ووسائل الإعلام الجماهيرية. (باللغة الروسية)[28] نفس المصدر السابق. ص 12-16.[29] طريق روسيا إلى المجتمع المعلوماتي (الأسس، المؤشرات، المشاكل، والخصائص). تأليف: غ.ل. صاموليان، د.س. تشيريشكين، و.ن. فيرشينسكايا، وآخرون. موسكو: معهد نظم التحليل في أكاديمية العلوم الروسية، 1997. ص 64. (باللغة الروسية)[30] Castells M. The Information Age. Economy, Society and Culture. Volume I. The Rise of the Network Society. - Oxford: Blackwell Publishers, 1996. – 556 p.[31] د. صابر فلحوط، د. محمد البخاري: العولمة والتبادل الإعلامي الدولي. دمشق: دار علاء الدين، 1999.
والمجتمع المعلوماتي الآخذ بالانتشار السريع يضع التجمعات القارية والإقليمية ومن بينها: مجلس التعاون لدول الخليج العربية، وجامعة الدول العربية، ومنظمة المؤتمر الإسلامي، ومنظمة الوحدة الإفريقية، ورابطة الدول المستقلة، ومنظمة شنغهاي للتعاون، والاتحاد الاقتصادي لجمهوريات آسيا المركزية، الذي شكلته جمهوريات: أوزبكستان، وقازاقستان، وقرغيزيا، وتركمانستان، بعد استقلالها عن الاتحاد السوفييتي السابق، واندمج برابطة أوروآسيا للتعاون الاقتصادي التي تضم اليوم بالإضافة لتلك الدول: روسيا، وبيلاروسيا، وتجمع معظمهم العضوية بمنظمة شنغهاي للتعاون، وغيرها من التجمعات أمام تحد من نوع جديد يفرض عليها أن تحذو حذو الاتحاد الأوروبي والمجلس الأوروبي للاتصالات اللذان قاما بإعداد مشروعات خاصة جديدة للانتقال الواعي والمدروس إلى المجتمع المعلوماتي، وهو المجتمع الذي يحتاج إلى معدات وتقنيات غالية الثمن وباهظة التكاليف تعجز عنها دولة عربية أو إسلامية نامية بحد ذاتها، لتبرز الحاجة "لجهود موحدة ترتكز على إرادة سياسية في قالب عربي وإسلامي متكامل حتى لا نبكي على حاضرنا ونتحسر على ماضينا ونلطم على مستقبلنا" حسب تعبير المتخصص العربي طلال داعوس
ردحذف