السبت، 26 يناير 2013

مراحل تكون الصحافة في في القارة الآسيوية


أ.د. محمد البخاري: مراحل تكون الصحافة في في القارة الآسيوية 2 من كتابي "التبادل الإعلامي في ظروف العلاقات الدولية المعاصرة".
2
مراحل تكون الصحافة في في القارة الآسيوية
في المملكة الأردنية الهاشمية تصدر: - صحيفة أخبار الأسبوع من عام 1959 بمائة ألف نسخة؛ - وصحيفة الجماهير، من عام 1967 بتسعين ألف نسخة؛ - وصحيفة الدستور من عام 1967 بتسعين ألف نسخة؛ - وصحيفة الأخبار من عام 1975؛ - وصحيفة جوردان تايمز باللغة الإنكليزية من عام 1975 بخمسة عشرة ألف نسخة؛ - ومجلة الأقصى من عام 1970.
أما في دولة الإمارات العربية المتحدة فقد بلغ عدد الصحف والدوريات الصادرة منذ عام 1961 وحتى عام 1996 نحو 185 دورية عربية وأجنبية تضمنت جميع الدوريات التي تولت إصدارها أو تمويلها أو تحريرها مؤسسات حكومية أو خاصة أو جهات أكاديمية أو هيئات متخصصة، وقد توقفت منها 39 دورية حتى عام 1996 لأسباب سياسية واقتصادية وفنية وإدارية. ومن بين الإصدارات في الإمارات ثماني صحف يومية خمسة منها باللغة العربية، وهي: الاتحاد، والخليج، والبيان، والوحدة، والفجر، وأربع صحف باللغة الإنكليزية هي: الخليج تايمز، والغلف نيوز، والإمارات نيوز، وغلف توداي.
وأصدر الشيخ راشد بن سعيد آل مكتوم رئيس مجلس الوزراء عام 1979 قراراً بوقف تراخيص إصدار مطبوعات أخرى جديدة في الدولة نظراً لكثرة الموجود منها في الساحة المحلية، وتوقف الكثير منها، إضافة لعدم انتظام العديد من هذه المطبوعات في الصدور، ويمكن تصنيف ما يصدر من دوريات في الإمارات العربية المتحدة على النحو التالي: - 27 دورية في المجال الاقتصادي؛ - إلى جانب 18 دورية عامة؛ - و18 دورية في مجال الرياضة والشباب؛ - و12 دورية في مجال التعليم والتربية؛ - و11 صحيفة يومية وأسبوعية منها 6 باللغة العربية و5 باللغة الإنكليزية؛ - و10 دوريات للمرأة والأسرة؛ - و8 دوريات في القانون؛ - و7 دوريات إسلامية؛ - و6 دوريات في الفنون؛ - و5 دوريات في مجال النفط؛ - و6 دوريات في مجال البلديات؛ - و8 دوريات في مجال الأدب والفكر؛ - و4 دوريات في الإحصاء؛ - و4 دوريات في مجال الطيران المدني؛ - و4 دوريات سياسية؛ - و3 دوريات في مجال الشرطة والأمن؛ - و3 دوريات في العلوم التطبيقية؛ - و3 دوريات في العلوم البحتة؛ - و4 دوريات عسكرية؛ - و3 دوريات في مجال الهندسة؛ - و3 دوريات للمعاقين؛ - ودوريتان في كل من المجالات الاجتماعية والإدارة والتاريخ والإسكان والطفل والحاسب الإلكتروني؛ - ودورية واحدة في كل من المجالات التالية: الآثار والبريد والزراعة والسياحة والديكور والشؤون البحرية. ومن بينها: - صحيفة الاتحاد وتصدر من تاريخ 20/10/1969 بـ 50 ألف نسخة؛ - وصحيفة إمارات نيوز وتصدر من تاريخ 7/5/1970؛ - وصحيفة الخليج وتصدر من تاريخ 19/10/1970 بـ 82 ألف نسخة؛ - ومجلة ماجد وتصدر من تاريخ 28/2/1979؛ - ومجلة زهرة الخليج وتصدر من تاريخ 21/3/1979؛ - وصحيفة البيان وتصدر من تاريخ 10/5/1980 بـ 49 ألف نسخة؛ - ومجلة الرياضة والشباب وتصدر من عام 1981 بـ 45 ألف نسخة؛ - ومجلة كل الأسرة وتصدر من تاريخ 20/10/1993؛ - ومجلة الشروق وتصدر من تاريخ 9/4/1994؛ - وصحيفة The gulf today وتصدر من تاريخ 16/4/1996.
وشكل في دولة الإمارات العربية المتحدة مجلس وطني للإعلام من أجل الوصول الى مستوى عالمي في مجال تنظيم قطاع الإعلام لتحقيق التنمية المستدامة في الدولة. وتطوير وتنظيم قطاع إعلام وطني متكامل ومتميز يبرز مكانة الدولة داخلياً وخارجياً من خلال رسم السياسات والتشريعات الإعلامية اللازمة ومتابعتها بالتعاون مع الجهات ذات الصلة. وتوفير بيئة تنظيمية متكاملة تسهم في تطوير قطاع الإعلام. وإبراز إنجازات دولة الإمارات إعلاميا في الداخل والخارج. وضمان تقديم جميع الخدمات الإدارية واللامركزية بجودة وكفاءة وشفافية عالية وفي الوقت المحدد.

ويقدم المجلس الوطني للإعلام أربع فئات من الخدمات للمتعاملين من الإعلاميين والمؤسسات الإعلامية والأنشطة الإعلامية هي: - التراخيص الإعلامية وتشمل خدمات تراخيص جديدة أو تجديد تراخيص قائمة لتشكيلة واسعة من المؤسسات والأنشطة الإعلامية المنتشرة في الدولة سواء على المستوى المحلي أو على مستوى المناطق الإعلامية الحرة؛ - ومتابعة المحتوى الإعلامي، ومنح الموافقة لتداول تشكيلة واسعة من المحتويات الإعلامية التي تشمل الكتب والمجلات والصحف والأفلام السينمائية واسطوانات الفيديو وألعاب الفيديو والمواد الصوتية وغيرها؛ - واعتماد الصحفيين والمراسلين، وتشمل منح الموافقات المعتمدة لممارسة العمل الصحفي للمراسلين الأجانب على أرض الدولة خلال فترات زمنية محددة قابلة للتجديد؛ - وخدمات إخبارية، وتشمل الأخبار التي تبثها وكالة أنباء الإمارات "وام" لوسائل الإعلام والنشرات اليومية والرسائل القصيرة وغيرها.

ويحرص المجلس الوطني للإعلام على بناء علاقات تشاركية مع عدد كبير من المؤسسات الإعلامية وغير الإعلامية بهدف تحقيق رسالته التنظيمية والإعلامية داخل الدولة وخارجها. وتشمل فئات الشركاء الذين يتمتع المجلس بعلاقات قوية معهم: - المؤسسات الإعلامية الوطنية، حيث يحرص المجلس على إقامة علاقات تنسيقية وتواصلية مع المؤسسات الإعلامية من خلال المجلس الاستشاري والمجلس التنسيقي بهدف إشراك تلك المؤسسات في صياغة السياسات الإعلامية وتطوير صناعة الإعلام؛ - والمؤسسات الإعلامية الإقليمية والدولية. ويتمتع المجلس بعلاقات تعاون مع وكالات الأنباء العالمية مثل رويترز، والأسوشيتد برس، ووكالات الأنباء في دول الخليج العربية، ووكالة الأنباء الكورية، ووكالة الأنباء الإيطالية، ووكالة الأنباء الأوكرانية، وجهاز تلفزيون الخليج، ومؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية؛ - والمناطق الإعلامية الحرة، وتشمل منطقة دبي للتكنولوجيا والإعلام (تيكوم)، والمنطقة الإعلامية الحرة في أبوظبي twofour54، ومنطقة الفجيرة الإعلامية، ومدينة رأس الخيمة الإعلامية.

ويتعاون المجلس مع المناطق الحرة من أجل توفير بيئة عمل مهنية متطورة للمؤسسات المستضافة بما يسهم في تعزيز دورها في الاقتصاد الوطني للدولة؛ - والمؤسسات الاتحادية والمحلية: يتعاون المجلس مع العديد من الوزارات والهيئات الاتحادية والمحلية بهدف بناء نظام متكامل للعمل الإعلامي وفق أبع معايير، ومن هذه المؤسسات هيئة تنظيم الاتصالات، وحكومة الإمارات الالكترونية، ودائرة التنمية الاقتصادية في دبي، وجمعية الصحفيين؛ - والمؤسسات الإعلامية الإقليمية والدولية. ويتمتع المجلس بعلاقات تعاون مع وكالات الأنباء العالمية مثل رويترز، والأسوشيتد برس، ووكالات الأنباء في دول الخليج العربية، ووكالة الأنباء الكورية، ووكالة الأنباء الإيطالية، ووكالة الأنباء الأوكرانية، وجهاز تلفزيون الخليج، ومؤسسة الانتاج البرامجي المشترك لمجلس التعاون لدول الخليج العربية.

أما في جمهورية أوزبكستان فتذكر المصادر أن أول صحيفة صدرت بعد الإحتلال الروسي عام 1870 باسم تركستانسكيه فيدومستي باللغة الروسية وكانت تصدر بألف نسخة فقط. وفي عام 1883 صدرت أول صحيفة باللغة الأوزبكية وحملت اسم تركستانينغ غازييتي. وبعد إستقلال جمهورية أوزبكستان عن الاتحاد السوفييتي السابق بلغ عدد المطبوعات التي صدرت فيها أكثر من 600 إصدارة دورية منها 444 صحيفة والباقي مجلات ونشرات دورية. باللغات الأوزبكية والروسية والإنكليزية والعربية والقازاقية والقرغيزية والطاجيكية والتركمانية والقره قلباقية. أهمها صحيفة خلق سوزي باللغة الأوزبكية ونارودنويه صلوفا وبرافدا فاستوكا باللغة الروسية.
ووفق معلومات الوكالة الأوزبكستانية للصحافة والإعلام جرى حتى 1/12/2012 تسجيل 1305 وسيلة إعلام جماهيرية في القيود الرسمية. منها 712 صحيفة، و264 مجلة، و16 نشرة إعلامية، و4 وكالات أنباء، و63 قنوات تلفزيونية، و34 قنوات إذاعية. باللغات: الأوزبكية والروسية والقره قلباقية والإنكليزية والفرنسية والألمانية والعربية والفارسية والطاجيكية والقازاقية والقرغيزية وغيرها. كما تم تسجيل أكثر من 210 ويب سايت كوسائل إعلام جماهيرية. ومن أصل كل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بلغت نسبة وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية غير الحكومية 43% إصدارات مطبوعة، و53% قنوات تلفزيونية، و85% قنوات إذاعية.

وفي جمهورية الصين الشعبية تختلف وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية عن غيرها من دول العالم، ومفهوم حرية الصحافة فيها يختلف تماماً عن مفهومه في الدول الرأسمالية، ولو أن عودة مستعمرة هونغ كونغ البريطانية السابقة إلى الوطن الأم الصين عام 1997 قد خلق ظروفاً جديدة داخل الصين الشعبية التي أصبح يتعايش ضمنها كيانان مختلفان تماماً الأول شيوعي والثاني رأسمالي في هونغ كونغ المتمتعة باستقلال ذاتي ضمن جمهورية الصين الشعبية.

وحدد دستور جمهورية الصين الشعبية الصادر عام 1954 أن الدولة هي التي تضمن حرية المواطنين في القول والتجمع والتظاهر، وهي التي تضع تحت تصرفهم الوسائل المادية الضرورية للتمتع بها، وتلزم وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية بوجهة النظر الماركسية فقط، وتخضع كل المواد المتعلقة بسياسة الحزب الشيوعي الصيني لتعليمات السلطات الحزبية المختصة وبذلك يكون مضمون وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية متمشياً مع المهام والأهداف الراهنة والبعيدة للحزب الشيوعي الصيني.

وقد أشار الباحث الفرنسي روجر بليسييه في مقالة نشرتها له الصحافة الفرنسية عام 1971 إلى أن الحزب وحده هو الذي يقرر تاريخ ومكان وعدد الصحف التي تنشأ، وكذلك الأوساط الإجتماعية التي يجب أن تتوجه إليها تلك الصحف، وذكر مثالاً على ذلك: أن اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني قررت في عام 1956 إنشاء 360 صحيفة موجهة للأرياف في نفس الوقت الذي بدأت فيه أعمال تشكيل التعاونيات الزراعية في الصين. وتعتبر الصحافة الصينية مثل هذه القرارات أمراً طبيعياً وهو ما تؤكده صحيفة الشعب اليومية في مقالة إفتتاحية لها عندما ذكرت: "أن الصحافة سلاح فعال يمكن للحزب بواسطته نشر الثقافة الإشتراكية بين الجماهير".

ورغم وجود بعض الاستثناءات في الصحف النادرة الصادرة في الصين بالتعاون بين الحزب الشيوعي الصيني والبرجوازية الوطنية الصينية، فإن وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الصينية بكاملها خاضعة مباشرة للسلطات الحزبية بما فيها صحف الحائط الشهيرة في الصين تو تسو باو، وتخضع المواد الإعلامية لرقابة حزبية صارمة من قبل السلطات الحزبية المختصة بالصحافة، وفق التسلسل الإداري للجان الحزبية على مختلف المستويات، إضافة لخضوع السلطات الحزبية الأدنى للرقابة الدورية للسلطات الحزبية الأعلى التي تتابع عمل ونشاطات وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية، والغرض منها التأكد من الخط الفكري الذي تلتزم به الصحف وإعادة النظر بهذا الخط عند الضرورة.

كما يخضع محررو الصحف الصينية لدورات تدريبية دورية وندوات تدعو إليها السلطات الحزبية المركزية لضمان الالتزام بالخط الفكري للحزب، أما تعيينهم للعمل فيتم حصراً من قبل السلطات الحزبية المختصة للمستوى الذي تصدر فيه الصحيفة بعد موافقة السلطات الحزبية الأعلى، ويتم إختيار المحررين عادة من بين أعضاء الحزب الأكثر التزاماً بالخط الفكري للحزب والمتخرجين من معهد الصحافة في بكين. وهذا الأمر ينطبق أيضاً على عشرات آلاف المراسلين الصحفيين الصينيين المنتشرين في جميع أنحاء جمهورية الصين الشعبية.

وتشير المصادر إلى أن قلة أعداد نسخ الصحف الصادرة في الصين بالمقارنة مع عدد السكان لابد أنه مرتبط بأسلوب مطالعة الصحف المتبع في الصين، مثال: صحيفة جين مين جي باو (الشعب) اليومية التي أسستها اللجنة المركزية للحزب الشيوعي الصيني بتاريخ 15/6/1949 لتنطق باسمها، ولا يتجاوز عدد النسخ الصادرة منها عن المليونين. حيث توزع على المنظمات الحزبية والأجهزة الحكومية التي تلتزم بتنظيم قراءتها على العمال والفلاحين والجنود، إضافة لنشاطات نوادي المطالعة التي أنشئت في الإدارات الحكومية والمنظمات الشعبية والوحدات العسكرية والمصانع والإدارة المحلية والمدارس والجامعات، لتنظيم المطالعة الجماعية للصحف، كما ويتم إعادة نشر افتتاحياتها وموادها الهامة في الصحف الريفية، وتبث مقتطفات منها عن طريق الإذاعة المسموعة. ولهذا اعتقد روجر بليسييه أن الصحافة الصينية تصل إلى أغلبية الشعب الصيني بما فيهم الأميين.

ومن الصحف الصينية الهامة الأخرى: - صحيفة جي فانجن باو (جيش الشعب) اليومية، التي يزيد عدد نسخ إصدارها اليومي عن المليون نسخة؛ - وصحيفة هانغ هاي وين هوي باو، الموجهة للمعلمين، وهي التي أعطت إشارة الانطلاق للثورة الثقافية في الصين عام 1965 عندما نشرت مقالة ياو وين يوان التي حرض فيها على تلك الثورة؛ - ومجلة هونغ كوي (العلم الأحمر)، المجلة نصف الشهرية الفكرية للحزب الشيوعي الصيني، وتصدر بأكثر من مليون نسخة.

أما في جمهورية كوريا "الجنوبية" فكان يصدر 100 صحيفة يومية و6841 إصدارة دورية ما بين أسبوعية وشهرية وربع سنوية، و2000 إصدارة غير تجارية، أي ما مجموعه 6955 صحيفة ومجلة ونشرة دورية مع نهاية عام 1992. ويعود تاريخ الصحافة الكورية الحديثة إلى القرن التاسع عشر، عندما قام الطبيب والمبشر الأمريكي  فيليب جي صن، المعروف باسمه المحلي المستعار سو تشجي بخبل، بإصدار صحيفة تونيب سينمون (الصحيفة المستقلة) عام 1896 بـ 300 نسخة من القطع الصغير ثلاث مرات في الأسبوع بأربع صفحات، باللغتين الإنكليزية والكورية. وتعتبر صحيفة تشاسون إلبو وصحيفة تونا إلبو اللتان أسستا عام 1920 من أقدم الصحف المعاصرة التي لم تزل تصدر في كوريا، وقد صاحب ظهورهما فترة نضال الشعب الكوري ضد الاحتلال الياباني.

وتحرص الصحف الكورية على عدم نشر آية أرقام إحصائية عن عدد النسخ المطبوعة والموزعة فعلياً معتبرة ذلك من الأسرار التجارية التي لا يجوز البوح بها، ورغم تشكيل المكتب الكوري للتحقق من الإنتشار بتاريخ 31/8/1989، فإنه لم ينشر أية أرقام حتى الآن. وتعتمد الصحافة الكورية في مصادرها المالية أساساً على ما تنشره من دعاية وإعلانات حيث تبلغ نسبة الدخل منها 70% من مجموع الموارد المالية الإجمالية للصحف، والتي بلغت 1.1 تريليون فون عام 1992، وهو ما يعادل 4.1 مليار دولار أمريكي. وتعادل هذه النسبة 40.5% من إجمالي الدخل الوطني من صناعة الدعاية والإعلان في كوريا الجنوبية.

وفي المملكة العربية السعودية تشير المصادر إلى أن الإعلام يكتسب أهمية بالغة في الوقت الراهن لما عرف عنه من رصانة وعقلانية ومنطقية في الطرح أجبرت وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية الأخرى على تكثيف متابعته وتحليل مضامينه وتوثيق تطوراته. وباتت قنوات وصحف ووسائل إعلامية محلية وعربية ودولية تعتمد الاقتباس والمتابعة المستمرة والنقل اليومي عن أبرز تحركات الإعلام السعودي، وطروحات قنواته وإذاعاته وصحفه التي حظيت باهتمام ملكي غير مسبوق من قبل خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز آل سعود (رحمه الله) الذي دفع بإعلام بلاده إلى أعلى المستويات، بإصدار قرارات إستراتيجية ذكية، وحشد الآلات والتقنيات الإعلامية، وجلب الأيدي العاملة لإكساب السعوديين المزيد من الحرفية والمهنية الإعلامية، وإبتعاث العاملين في حقل الإعلام إلى المعاهد التدريبية خارج المملكة العربية السعودية.

وأجمع عدد من العاملين في الإعلام السعودي على أن الملك فهد (رحمه الله) كان له إهتمام خاص بالإعلام السعودي بكافة وسائله، إذ شهدت الصحافة السعودية في عهده تطورات كبيرة أوصلتها للتمتع بهامش مناسب من الحرية، ومكنتها من نشر آراء قادة الرأي والمجتمع بكل شفافية ووضوح حول مختلف القضايا، إلى جانب التطور الهائل في الإمكانات التقنية والتجهيزات الفنية الحديثة والكوادر البشرية المؤهلة. كما حظيت الإذاعة المرئية (التلفاز) والإذاعة المسموعة بالتطورات ذاتها فخرجت البرامج الجماهيرية المباشرة على موجات الإذاعتين المسموعة والمرئية، مع قدرة فائقة لدى الكوادر الإعلامية السعودية على إدارة هذه البرامج بكل حرفية، وبث آراء بعض المفكرين والمحللين والمراقبين حتى وان لم تتفق مع بعض آراء الجهات الحكومية.
ويرجح د. فهد بن عبد العزيز العسكر تطور الصحافة في عهد الملك فهد (رحمه الله)، بأن هامش الحرية الذي أتيح أمام الصحف السعودية يعود إلى قناعة خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز (رحمه الله)، وأن ما تنشره الصحافة السعودية إنما يستهدف الصالح العام، وقناعته بأهمية دور الصحافة في المجتمع، ورغبة القيادة السعودية في فتح قنوات للحوار بين المسؤولين في الأجهزة المختلفة والمستفيدين من خدمات هذه الأجهزة من المواطنين والمقيمين من خلال هذه الصحف التي تعد مائدة يومية لكل مواطن ومقيم على الأراضي السعودية. وأكد د. محمد الأحمد أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، أن عهد الملك الراحل تضمن العديد من القفزات الهائلة في مجال الاتصال والإعلام، إذ زاد عدد القنوات الفضائية إلى أربع قنوات: - إحداها عامة؛ - والثانية تبث باللغتين الإنجليزية والفرنسية؛ - والثالثة متخصصة في الحقل الرياضي وموجهة للشباب؛ - والرابعة إخبارية متخصصة في السياسة والاقتصاد.

إضافة لصدور صحيفة الوطن السعودية، وتأسيس مؤسسة عسير للصحافة والنشر، ليصبح عدد المؤسسات الصحافية السعودية 9 مؤسسات، مما أثرى وسائل الاتصال والإعلام السعودي المقروء، وأعطى مزيداً من هامش الحرية والمنافسة، فضلاً عن سماح السعودية بدخول وسائل الإتصال والإعلام الإلكتروني والبث المرئي والمسموع عبر شبكة الإنترنت. وتابع الأحمد أن دمج الثقافة مع الإعلام، ونقل جميع المؤسسات الثقافية تحت مظلة وزارة الثقافة والإعلام، يعدان نقلة نوعية في عهد المرحوم الملك الفهد (رحمه الله)، إضافة إلى الأوامر السامية بتحويل وكالة الأنباء السعودية والإذاعتين المسموعة والمرئية إلى مؤسسات، ويضيف أستاذ الإعلام أن «هناك آمال عريضة، غير أننا نتطلع إلى رؤية مؤسسات مرتبطة بالقطاع الخاص ومدينة إعلامية سعودية، وكليات إعلام للفتاة السعودية في عهد الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله).
ومن جانبه رأى عادل المكينزي أستاذ الإعلام في جامعة الملك سعود، أن مرحلة حكم الملك فهد (رحمه الله) شهدت العديد من التطورات والمؤثرات على الصعيد الإعلامي، أبرزها إنطلاق الفضائيات على المستوى الإعلامي العربي والدولي، والمرحلة الإنتقالية لبعض الصحف من المحلية إلى العربية والعالمية والعكس للبعض الآخر، إلى جانب تطور الطواقم الإعلامية السعودية وتطور البرامج المهنية والحرفية، بشكل أفضل من السابق. وأكد المكينزي على أن اهتمام الملك فهد (رحمه الله) الخاص بالإعلام ألقى بظلاله على الأداء الإعلامي وعلى المؤسسات الإعلامية السعودية، حيث لوحظ تطور نوعي في المهنية والتقنية داخل المؤسسات الإعلامية، على المستوى التنظيمي، وفي ذات الإعلاميين السعوديين أنفسهم، مشيراً إلى أن إهتمام القيادة السعودية بالإعلام بث الحيوية داخل المؤسسات الإعلامية، وأبرز شخصية إعلامية سعودية مختلفة عن بقية الإعلامات الأخرى الموجودة على الساحة. ووصل المكينزي إلى نتيجة بأن الإعلام السعودي تغلب على العديد من التحديات التي أحاطت بالإعلام السعودي، أبرزها ما حدث خلال حرب الخليج حينما كان الإعلام العراقي يمثل تحديا كبيراً، إلتفت إليه الإعلام السعودي وحرص على التطوير السريع والحضور القوي في المحافل المختلفة، من خلال المراقبين السعوديين والمثقفين والمفكرين. وتطلع المكينزي إلى إستمرارية الدور الإعلامي في عهد خادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز (حفظه الله)، في إستيعاب التحديات الإقليمية والدولية، وإتاحة مساحة جيدة من الحرية للإعلاميين السعوديين في ظل الثوابت الوطنية والدينية التي ارتضاها المجتمع، وفي ظل حكم رجل ذي رؤية تطويرية، مشيراً إلى أن النظرة التطويرية لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز آل سعود (حفظه الله) التي تسير في جميع الإتجاهات ستؤتي أكلها الإيجابي وسترفع من أسهم الإعلام السعودي وتعلي صوته في المحافل المختلفة.

وفي عام 1999 كانت تصدر في المملكة العربية السعودية أكثر 100 صحيفة ومجلة، منها: - صحيفة البلاد التي صدرت من عام 1934 بحوالي 20 ألف نسخة؛ - وصحيفة الندوة بـ 10 آلاف نسخة من عام 1958؛ - وصحيفة المدينة المنورة التي صدرت من عام 1937 بـ20  ألف نسخة؛ - وصحيفة الرياض التي صدرت من عام 1964 بـ 10 آلاف نسخة؛ - وصحيفة نيوز فروم ساودي أرابيا News from Saudi Arabia التي تصدرها وزارة الإعلام باللغة الإنكليزية منذ عام 1961.

وتعتبر الصحافة الدورية في المملكة من أوائل وسائل الاتصال والإعلام الجماهيرية في الدول العربية وبدأت في الصدور من كانون أول/ديسمبر 1924 عندما صدرت صحيفة أم القرى في مكة المكرمة. وفي نهاية خمسينات القرن العشرين أصدرت الحكومة السعودية قراراً بتركيز إصدار الصحف في دور النشر، ومن أهمها دار اليمامة التي تصدر صحف: الرياض من عام 1965، والرياض ديلي، ومجلة اليمامة، وصحيفة عكاظ من عام 1960، وصحيفة الجزيرة من عام 1964. كما تصدر في المملكة صحف باللغة الإنكليزية هي: أراب نيوز، والرياض ديلي، وساعودي غازييت. وعن أسباب صدور الصحف بلغات أجنبية في المملكة تحدث علي شراية في مقالة نشرتها له صحيفة الشرق ذكر فيها: "تشكل 4 صحف ناطقة بلغات أجنبية تصدر في السعودية المصدر الأبرز والأهم لنحو 4 ملايين وافد ينتشرون في أنحاء السعودية، إضافة إلى نحو 7 ملايين معتمر يتوافدون على البلاد طيلة العام، بإعتبار أنها تصل إليهم بنفس لغتهم التي يتحدثونها. ويشكل الملحق الأسبوعي باللغة الفلبينية وأربعة صحف تصدر بلغات مختلفة منها إثنتان باللغة الإنجليزية المتنفس الوحيد للمقيمين غير المتحدثين بالعربية لمعرفة الأحداث الدائرة في البلاد ومعرفة أخبار بلدانهم من خلال شبكة المراسلين التي وفرتها الصحف. وفي ظل تأخر وصول صحف بلدانهم إلى السعودية بنحو 24 ساعة وهو الأمر الذي شكل حافزا جديداً لنجاح تلك الصحف وزيادة إنتشارها. ويوضح طارق مشخص منسق تحرير صحيفة أوردو نيوز، أن الصحف الناطقة بغير العربية في السعودية تنقسم إلى قسمين، الأولى ناطقة باللغة الإنجليزية كصحيفة عرب نيوز وصحيفة سعودي غازيت وهي صحف موجهة للقارئ الأجنبي بشكل عام، فيما يمثل الجانب الآخر بصحف ناطقة بلغات أخرى مثل ماليالم نيوز لغة جنوب الهند، وأوردو نيوز باللغة الأردية، إضافة إلى ملحق أسبوعي تصدره صحيفة عرب نيوز باللغة الفلبينية وهي صحف موجهة للناطقين بتلك اللغات والبالغ عددهم في السعودية نحو 4 ملايين متحدث بتلك اللغات إضافة للمقيمين من تلك الجنسيات في دول الخليج



وحول بداية ظهور تلك الصحف يشير خالد المعينا رئيس تحرير صحيفة عرب نيوز إلى إن صحيفته تعد أول صحيفة سعودية ناطقة بغير العربية، من عام 1975 وبعدها بعام أصدرت مؤسسة «عكاظ للصحافة والنشر» صحيفتها الناطقة باللغة الإنجليزية سعودي غازيت. وهو ما أكده فاروق لقمان رئيس تحرير صحيفتي أوردو نيوز وماليالم نيوز، الذي أشار إلى أنهما صدرتا بعد نجاح صحيفة عرب نيوز كأول صحيفتين ناطقتين باللغة الأردية ولغة الماليالم، وموجهتين إلى الجاليات الباكستانية والهندية والجاليات المتحدثة بتلك اللغات والمقيمة في السعودية ودول الخليج بشكل كبير. وأوضح خالد المعينا «كانت الصحف في بدايتها وسيلة لنقل الأخبار لأفواج المقيمين الذين أتوا للمملكة وقتها من أوروبا وأميركا والقارة الهندية وشرق آسيا للعمل في المملكة، وقدمت نفسها بما يشبه صحف «التابلويد» كوسيلة لنقل الأخبار المحلية والتنظيمات الحكومية للمقيمين غير الناطقين بالعربية. فيما رأى الدكتور محمد الشوكاني رئيس تحرير صحيفة سعودي غازيت الصادرة عن مؤسسة «عكاظ للصحافة والنشر» باللغة الإنجليزية نحن «نستهدف من صحيفتنا المقيمين في السعودية من خلال تقديم الأخبار والصفحات الخاصة بهم وبقضاياهم في بلدانهم إضافة لترجمة ثلاث صفحات يومية من صحيفة عكاظ.

وأكد فاروق لقمان رئيس تحرير صحيفتي ماليالم نيوز، وأوردو نيوز على أن وجود الجاليات الهندية والباكستانية في السعودية ودول الخليج بشكل كبير منحهما قبولا كبيراً، خاصة في ظل الحاجة الكبيرة من المقيمين من أبناء تلك الدول لصحف تتحدث بلغاتهم لكونهم لا يقرأون العربية، فقدمت لهم الخبر السعودي بلغاتهم إضافة إلى الخبر الهندي والباكستاني من خلال شبكة المراسلين في تلك الدول ونقلا عن وكالات الأنباء العالمية، وهو الأمر الذي وضع القارئ في قلب الحدث خصوصا مع تأخر وصول الصحف الهندية والباكستانية لليوم التالي. وأضاف لقمان: «لا نبالغ إن قلنا إننا أصبحنا ننافس تلك الصحف بما نقدمة من ماده صحفيه أجبرت القارئ على متابعتنا وإنتقلنا من الداخل إلى الدول المجاورة وخاصة دول الخليج». وأكد الدكتور محمد الشوكاني رئيس تحرير صحيفة سعودي غازيت أن وجود الصحف الناطقة بغير العربية ضرورة ملحه بحكم وجود 8 ملايين مقيم في السعودية، والغالبية العظمى منهم لا تتحدث العربية، فكان لا بد من وجود صحف تعبر عما يدور في البلد وتوضح القوانين التي تسير عليها، وإستطاعت هذه الصحف أن تجعل من المقيمين في المملكة سفراء لنقل الصورة الحقيقية لبلدانهم.

 وعلق خالد المعينا بقوله: «الصحف السعودية الناطقة بالإنجليزية أصبحت بما تقدمة المرجع الأول لوكالات الأنباء العالمية لنقل الأخبار السعودية، كونها تكتب باللغة الإنجليزية الأم في العالم، وساعد على ذلك وجود المواقع الإلكترونية لتلك الصحف على الإنترنت». وأضاف المعينا: «الصحف الأجنبية تلعب دورا أكبر أحيانا، أكبر مما تقوم به وكالات الأنباء وننقل الخبر السعودي وحتى المقال إلى العالمية، بما نقوم به من ترجمة لأهم وأبرز المقالات في الصحافة السعودية يوميا، وهي بذلك تقدم خدمة رائدة للإعلاميين السعوديين ونافذة للصحف السعودية تطل منها على الخارج». وأشار طارق مشخص إلى أن وجود الفضائيات بشكل كبير خلال السنوات الأخيرة مثل تحديا لتلك الصحف في تقديم الخبر الهندي والباكستاني، فتميزت هذه الصحف في تقديم الخبر المحلي والخبر الدولي مع التحليل وتقديم ما وراء الخبر بالحياد، وهو ما تفتقده الصحف الهندية والباكستانية بحكم الحزبية في تلك البلدان. وتعتمد تلك الصحف كافة الآراء التي إلتقتها من الشرق الأوسط وعلى المترجمين نقل الخبر المحلي للقارئ المستهدف، وأشار فاروق لقمان إلى الإستفادة من أبناء المقيمين في السعودية ممن هم من مواليد المملكة في جانب التحرير التي مكنت الصحف من تحقيق مرادهم بالالتحاق بالعمل الصحافي في غربة والديهم.


وأشار كل من خالد المعينا والدكتور محمد الشوكاني إلى الإستعانة بخبراء في العمل الإعلامي من أفضل الصحف الأجنبية ليس في مجال الصياغة فقط، بل في مجالات تدريب وتأهيل شباب سعوديين للعمل في الصحف الصادرة باللغات الأجنبية. ويقول المعينا «لدينا فريق من المتدربين، وأصبحنا نتبنى استقطاب صحافيين سعوديين لا يتحدثون الإنجليزية يقومون بتقديم الخبر، ونقوم بترجمته وندربهم أيضا ونقدم لهم دورات في اللغة الإنجليزية وهو ما يشكل لهم دافعا للعمل والتدريب في ذات الوقت. وفريق المحررين من الجنسيات الأخرى شكلوا أيضا مع المتدربين السعوديين فريق عمل متكامل مدرك للعمل الصحفي غير الناطق باللغة الإنجليزية». ولم يخف الدكتور محمد الشوكاني مشكلة غياب الصحفي السعودي الذي يجيد اللغة الإنجليزية على الرغم من وجود بعض الكوادر السعودية التي تحظى بقبول أكبر وفرص وظيفة أكبر للعمل في الوكالات العالمية التي تقدم لهم رواتب مغريه وحوافز أكبر، إلا أنه استدرك بالقول: «حرصنا في سعودي غازيت على تدريب مجموعة منهم حتى أصبح ما نسبته 50% من الصحيفة من إنجاز الشباب السعودي المدرب». وعن اللغات الأخرى أكد خالد المعينا أن عرب نيوز تقدم كل يوم أحد ملحقا أسبوعيا بلغة «التاقالوا» لغة الفلبين «ونقدم فيه كل ما يخص الشأن الفلبيني داخل المملكة وخارجه عن طريق محررين متعاونين، وتلقى رواجا كبيرا من خلال ثماني صفحات». وعلى الجانب الآخر تقدم صحيفة عكاظ في موسم الحج مجموعة من الملاحق بلغات مختلفة تخدم الحجاج في موسم الحج. ويقول الدكتور محمد الشوكاني رئيس تحرير سعودي غازيت عن تلك التجربة: «فيما يخص ملاحق الحج يتم التنسيق لها عن طريق وزارة الإعلام، ونقوم نحن في الصحيفة بتقديم الإمكانات لهم من أجهزة وغالبا ما يقومون بترجمة الأخبار لتلك اللغات».

يتبع

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق