الأحد، 22 نوفمبر 2015

الفنان التشكيلي الأوزبكي المبدع أكمال وهاب جانوفيتش نوردينوف


الفنان التشكيلي الأوزبكي المبدع أكمال وهاب جانوفيتش نوردينوف
(أكمال نور)
ولد أكمال وهاب جانوفيتش نوردينوف (أكمال نور) بمدينة نمنغان عام 1959 وعاش معظم حياته وعمل بمدينة طشقند. وبعد تخرجه من معهد ب. بينكوف المتوسط للفنون الجميلة في طشقند عام 1978، التحق بمعهد منان ويغور الحكومي للفنون الجميلة في طشقند وتخرج منه عام 1984.


وبعد ذلك تابع دراسته في الورشة الإبداعية لأكاديمية الفنون الجميلة باتحاد الجمهوريات السوفييتية الإشتراكية بمدينة طشقند من عام 1985 وحتى عام 1989.
وفي عام 1990 أصبح أكمال نور عضواً في الإتحاد الإبداعي، بأكاديمية الفنون الجميلة الأوزبكستانية. وفي عام 1997 أنتخب عضواً عاملاً بأكاديمية الفنون الجميلة بجمهورية أوزبكستان. وحصل في عام 2005 على لقب الشرف "فنان الشعب الأوزبكستاني"، وحصل في عام 2011 على جائزة الدولة بجمهورية أوزبكستان. ومن مارس/آذار عام 2012 عين رئيساً لأكاديمية الفنون الجميلة بجمهورية أوزبكستان.
وأعمال الفنان التشكيلي الأوزبكي المبدع أكمال نور موجودة حالياً في:
- متحف الفنون الحكومي الأوزبكستاني بمدينة طشقند؛
- وإدارة المعارض بأكاديمية الفنون الجميلة في جمهورية أوزبكستان؛
- والبنك القومي بجمهورية أوزبكستان؛
- وإنفيست بنك أوزبكستان؛
- ومتحف أ. إكراموف لتاريخ العمارة في سمرقند؛
- وصالة أورغينيتش للفنون الجميلة (أوزبكستان).
- ومتحف الفنون الحديثة (يوغسلافيا)؛
- وصالة ديفيدسون بمدينة سيتيل (الولايات المتحدة الأمريكية)؛
- وصالة "أرت خيريتاج"، وأكاديمية لاليت كالا بمدينة دلهي (الهند)؛
- ومجموعة كريديت سفيسس بانك (سويسرا)؛
- وفي بعض المجموعات الخاصة في: هولاندا، وألمانيا، وبلجيكا، وأستراليا، والولايات المتحدة الأمريكية، وإسرائيل، وكندا، والمغرب، والهند، وتركيا، والسويد.

وخلال سنوات حياته فعل أكمال نور الكثير من أجل الفنون التشكيلية في أوزبكستان، ودخل عالمها بشكل سريع جداً. ومنذ إنهائه لدراسته بكلية الفنون الجميلة، في معهد الفنون الجميلة بطشقند عام 1984 شغل مكانة بارزة بين أبناء الجيل الجديد من الفنانين التشكيليين الأوزبكستانيين في نهاية ثمانينات القرن العشرين. وخلال عقدين من الزمن نظم عدة معارض شخصية ضخمة، داخل وخارج أوزبكستان.
وتميزت أعمال أكمال نور بالفرادة في استخدام التقنيات اللونية، وسمحت لغة اللون المتميزة له بالإنفراد داخل جماعة الفنانين التشكيليين، حتى عن أقربهم للخط الفني الذي اختاره لنفسه في الفنون التشكيلية.


وفي عام 1997 كان أكمال نور أصغر عضواً عاملاً شاباً بأكاديمية الفنون الجميلة الأوزبكستانية. وإنطوت هذه الديناميكية على مزاجية خاصة عبرت عن إنفراده بخطه الفني التشكيلي. وعلى الرغم من إلتزام أكمال نور بخطه الفني المتميز بالهدوء، وعمق دراسة الشخصيات المعبر عنها في لوحاته. إلا أنه لم يتمرد، ولم يدافع عن خطه الأكاديمي المتميز، بل على العكس كان متمسكاً بالإتجاهات الحديثة في الفنون التشكيلية، ولم يكن من أنصار الطليعية، بل من أنصار الفن البديل، على الرغم من أن كل تلك العناصر التي سبق ذكرها يمكن إكتشافها في بعض لوحاته.

وشكلت الفترة الممتدة من عام 1988 وحتى عام 1989 المرحلة الأولى من مراحل تطور أكمال نور الإبداعي الفني. ففي ذلك الوقت ركز على رسم مناظر طبيعية بتقنية متميزة، شملت لوحاته: "الثلج الأخير"، و"الشتلات". أو لوحاته التي تلاعب بمضامينها التعبيرية دون القيام بأية محاولة متسرعة للتحليل الفلسفي، ومنها لوحاته: "المدينة القديمة - مهدي"، و"كبر السن"، و"عند العتبة".

وفي نفس الوقت تقريباً رسم أكمال نور سلسلة أخرى من اللوحات التشكيلية، مكنت من الإحساس بحرفيته الرفيعة، ومقدرته على تصوير مواضيع عبر عنها من خلال الشكل واللون. وإرتبط هذا الأسلوب في لوحاته التشكيلية بالإنتقال من التعبير النفسي للفنان، نحو تأثير الأجواء الإجتماعية التي عاشها خلال سنوات البريسترويكا القاتمة (الإتحاد السوفييتي السابق)، ودخوله مستنقع لوحات اللون الرمادي "المقبرة"، و"تيشيك –تاش"، و"حارس الروح"، التي أثارت شعوراً باليأس عند الإنسان، الذي اقتصر دوره على متلازمة الإنصياع.

وعبر أكمال نور عن نقده للأحوال الإجتماعية المذلة، والحالة الداخلية للنفس البشرية الواقعة تحت تأثير ضغوط التعبيرات الخارجية، في لوحته "الضحية" بتعبير تعكسه صوره ذبح خروف. وعلى أعتباب إستقلال أوزبكستان عام 1990 انتهت مرحلة بحثه الإبداعي باستخدام الواقع الإجتماعي المرير والإنكسار النفسي والعوامل الداخلية، برسمه لوحة "حمولة الثور". والتي يمكن أن يمتد الشعور في أسلوبها إلى مدخل جديد، من خلال خلفياتها المأساوية الرهيبة، رغم أنها لم تشر إلى أي محاولة للفنان التشكيلي لتطوير مشاكل التصوير التشكيلي عن طريق حلول لونية مميزة.

وتمتع موضوع الحب بأهمية خاصة لدى أكمال نور، وكان الحب موضوعاً رئيسياً في بعض أعماله التشكيلية الإبداعية. وعبر عنها بتسميات مجازية ، مثل لوحة: "تفاحة الحب"، و"حديقة الحب"، و"نهر الحب" (1995)، و"جزيرة الحب" (1998). والتي استخدم فيها أشكالاً رمزية مستعارة، شملت: القمر، وقرون الثور، والسمك، والزورق. ولكن الرمزية كانت حركة عامة مهيمنة في تلك اللوحات، وعبر عنها من خلال التفاحة كخلفية، تميزت أحياناً بالضخامة وقسمها إلى نصفين، وأجلس العاشقين بداخلها، على خلفية أخذت شكل فواكه محلقة في السماء. وبهذا المعنى نرى أن القدسية انتقلت إلى الخط الثاني في خلفياته التشكيلية، وتحول تصويره للتفاحة إلى نجاح، جاء من خلال التعبير الدقيق باستخدام الألوان بانسيابية بالغة. وهو ما يمكن ملاحظته من خلال مراحل تطور العمل في هذه المرحلة بلوحة: "جزيرة الحب"، التي رسمها عام 1998، والتي يمكن ملاحظة تميزها عن لوحاته المنفذة عام 1995 بالسهولة والحلول المبتكرة الناعمة والبارعة.

وجاءت سلسلة لوحاته التي رسمها عام 1998 بأناقة خاصة لأسلوبه الزخرفي الذي ظهر في لوحاته: "الفتاة، تعزف على الدف"، و"الملامسة"، و"طبيعة صامتة من ريشتان"، و"الشاعرية". وحددت تلك اللوحات بالكامل اتجاه جديد اتبعه أكمال نور في أعماله الإبداعية، من خلال سعيه نحو تشكيل أطر تشكيلية جديدة، وبحثه عن تعبير لوني أكثر تعبيراً في اللوحة.


ونوقشت أعمال أكمال نور، في المعارض، وفي الصحافة، بشكل واسع منذ بداية تسعينات القرن العشرين، ولم تقتصر تلك المناقشات على حفل الإفتتاح غير العادي لمعارضه، بل وفي حفل ختامها أيضاً، وكان المميز في ذلك الوقت تناوله لمواضيع إسلامية كـ: "الملاك"، و"الصلاة"، و"الطريق إلى مكة"، وغيرها من المواضيع. دون استخدام جوهر النظريات الصوفية أو الإشارة إليها صراحة في لوحاته. وكانت مهمته كفنان تشكيلي متواضعة، وهي التركيز على الأطر اللونية التشكيلية، التي تلامس تلك المواضيع المتنوعة كما كانت في السابق، مع ملامسة الآفاق الفلسفية والأخلاقية (فكرة الإستسلام للقدر، والإنتباه والحذر، والبحث عن جوهر الحياة النقية). ولكنه كان كما في السابق، يلامس المواضيع الممنوعة آنذاك من جوانبها الفلسفية والأخلاقية (فكرة الخضوع للمصير وتهديداته، والبحث عن الفكرة الحياتية في الأجواء العليا، وغيرها). ولهذا شكلت هذه السلسلة دفعة لتطوير شفافية الألوان المثيرة للاهتمام، رغم أنها لم تحصل على التطوير المنتظر منها.


وتميز توجه أكمال نور الفني بمواضيع تطلعت نحو أشكال تقليدية مستمدة من عرائس مسرح "مصخرة باظ"، كلوحاته: "الدمى"، و"العرائس النائمة"، وغيرها (عام 1995). وكان هذا الموضوع بمثابة نوع من أنواع الإبتعاد عن الحياة الفلسفية. وقال أكمال نور أعتقد أن "كل من تمكن من ذلك، أراد تصوير هذه الفكرة من خلال أعماله". وأضاف: "محاولاتي كفنان تشكيلي مبنية على التعبير عن الفكرة الفلسفية، المبنية على الظواهر وخلفياتها الإجتماعية، وقد تمكنت من ذلك بفاعلية عبر الإنسياب التشكيلي، في هذه السلسلة غير الكبيرة من اللوحات. والتحليل الفلسفي الإجتماعي أظهر أنه يمكن الإيحاء باللون والحركة في وقت واحد للتعبير عن الشكل، والفكرة الإبداعية".

ونجح أكمال نور بترجمة لمحات ملموسة إلى اللغة التشكيلية التصويرية، صور من خلالها الحجارة الظاهرة بشفافية تحت طبقات المياه الشفافة المنسابة في أنهار المنطقة الجبلية خومسان، وجاءت تلك التجربة كنتيجة لمراقبته الطويلة للملامح الطبيعية تلك. ونضجت الفكرة لديه لاحقاً بالكامل وبالتفصيل، وأثمرت عن ظهور تقنيات شفافة، مثل: تدحرج الأحجار المتساقطة على خلفية تصور ظل حيوانات، وطيور، وأسماك، غامضة، وغيرها من الخلفيات. بالإضافة لجملة من المزاجيات عبر عنها في لوحاته التشكيلية، وأعطت لكل لوحة خاصية تميزتها عن غيرها من اللوحات. وكانت تعبر عن دورة الأفكار التي يعرضها من خلال التحول الثنائي: - المجال الدلالي للوحات، - والمهام الدلالية الخاصة في اللوحة.

وسلسلة لوحاته الأخيرة، تميزت بأسلوب رفيع المستوى، ونمط شرقي متميز، بالإضافة للإنسيابية الجمالية التي أخذت مكانة خاصة في التعبير عن جمالية الفضاء باللون الأبيض، وأحاطها أكمال نور بطقسية روحية خاصة، عبر عنها بأن: "الرغبة البيضاء تكتب بالأبيض". وهنا لابد من الإشارة إلى لوحاته: "قصائد بيضاء"، و"مليكا"، و"الموسيقى"، و"العروس البخارية" (عام 1998)، أما عند الحديث عن بحثه الجمالي في لوحته "قصائد بيضاء"، الذي بدأه منذ أواسط تسعينات القرن الماضي، فيمكن الإحساس به بشكل جيد من خلال إنسيابية اللون في لوحاته: "العروس البخارية" (1995)، و"رحلة الفكر" (1996). وهذه السلسلة كانت محاول واضحة من الفنان التشكيلي لجمع التقاليد الفلسفية الشرقية، المبنية على الرمزية متعددة المعاني، والمعاني المجازية، والمبادئ الجمالية لمرحلة ما بعد الحداثة، وإلتزامها بأحادية اللون، والإنسيابية الجمالية الطبيعية في الحلول الفنية.
 ولا تنفي التعددية في الأساليب التشكيلية والتقنيات التي مارسها أكمال نور في لوحاته، تكامل تطلعاته الفنية التشكيلية مع الخط العام لتطوير الفنون التشكيلية في أوزبكستان، بل تؤكد فقط على فكرة واحدة هي: أن حركة بحثه المستمرة، وتوجهه نحو التآملات الفلسفة، عبر عنها بحركة لونية جميلة وناحجة.

***********
بحث كتبه أ.د. محمد البخاري في طشقند، بتاريخ 21/11/2015 بتصرف نقلاً عن الصفحة الإلكترونية لأكاديمية الفنون الجميلة في أوزبكستان باللغة الروسية

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق