طشقند: 30/1/2017
ترجمها وأعدها أ.د. محمد البخاري. اخترت
لكم من الفلكلور الأوزبكي المتداول نوادر حجي نصر الدين أفندي (جحا)
1
لحية المسلم
في يوم مشمس جميل حلق
حجي نصر الدين أفندي لحيته. لأنها على مايبدو كانت تزعجه، أو لأنه أراد أن يبدو
أكثر شباباً.
وعندما وصل إلى
المسجد، أخذ الإمام يسخر منه وتركه عرضة للضحك، وأخذ يوجه له الإنتقادات اللاذعة
في كلامه، وقال له:
- نبينا صلى الله
عليه وسلم، أطلق لحيته، وكل المسلمين الحقيقيين يطلقون لحاهم.
استمع نصر الدين
أفندي، واستمع، وبعدها صرخ قائلاً:
- اسمع أيها الواعظ، عندي
جَدي في البيت لحيته أطول من لحيتك. فهل يعني أنه مسلم مؤمن أكثر منك ؟
2
أقل بمرتين
سألوا نصر الدين أفندي:
- لماذا تتحدث قليلاً
وتسمع كثيراً ؟
فأجاب:
- كم لسان عندي ؟
فأجابوه:
- لسان واحد.
وقال:
- كم أذن عندي ؟
فأجابوه:
- أذنين اثنتين.
فقال:
- الآن احكموا
بأنفسكم: على الإنسان أن يسمع مرتين ويتحدث مرة واحدة فقط.
3
عندما قسم الخالق الحمار
تورمت أذن نصر الدين
أفندي من المرض. وعندما جاء إلى القاضي لقضاء بعض حاجاته، قال له القاضي:
- أهلاً وسهلاً يا أفندي
! ما الذي حدث لأذنك ؟ هل أخذتها من الحمار ؟
فأجابه نصر الدين
أفندي:
- في الحقيقة عندما
قسم الخالق الحمار، أعطاك رأسه، وأعطاني أذنيه.
4
خداع المخادع
عاش في الحي الذي
يسكنه نصر الدين أفندي إنسان يحب التفاخر، وذات مرة قال المتفاخر:
- أنا مخادع. ولا
يمكن لأحد أن يخدعني أبداً !
وفي أحد الأيام سأله نصر
الدين أفندي:
- أهذا أنت الذي يفخر
بأن لا أحد يستطيع خداعه ؟
- أجابه المتفاخر بفخر:
نعم. هذا أنا.
- فقال له نصر الدين أفندي:
- حسناً، قف هنا
قليلاً سأحضر لك إنساناً يمكنه خداعك، لتذكره في بقية أيام حياتك ! وذهب.
انتظر المتفاخر طويلاً،
وانتظر .
وبعد مدة طويلة جاء صديقه
وسأله:
- لماذا تقف هنا تحت
الشمس المحرقة ؟
فأجابه المتفاخر:
- آه، نعم، نصر الدين أفندي وعدني أن يحضر لي
شخصاً يمكنه خداعي. وها أنا أنتظر عودته.
- فقال له صديقه:
- إيه، أيها الأحمق !
بالفعل، خدعك نصر الدين أفندي !
5
الحمار المنجم
سئم نصر الدين أفندي من
عمله كمنجم في القصر، وأراد أن يترك العمل عرافاً، لأن هذا العمل خطير جداً، وينتظر
المنجم دائماً الوقوع في شر أعماله.
وذات مرة أخذ أفندي حماره إلى قاعة القصر مباشرة،
ووقف تحت كرسي عرش الحاكم، وقال:
- يا مولانا العظيم
خدمتكم عرافاً لفترة طويلة، فاعفوني من هذا العمل المضني.
أجابه الحاكم العظيم:
- كيف تحضر يا نصر
الدين أفندي حمارك القذر إلى هنا، ليسير على الممرات المغطاة بالسجاد ؟
فأجابه نصر الدين
أفندي:
- الآن ستعرف يا
مولاي. ولكن عندي رغبتة بسيطة أولاً، أرغب تقديم نائبي لكم.
فأجابه الحاكم
العظيم:
- حسناً، قدم لنا
نائبك.
فأجابه نصر الدين
أفندي:
- هذا هو نائبي، مشيراً
إلى الحمار.
فأجابه الحاكم
العظيم:
- ولكن هذا المخلوف
ضعيف على ما أعتقد. وكيف يمكن لحمارك هذا أن ينجم ؟
فأجابه نصر الدين
أفندي:
- لنائبي أذنان
طويلتان، ليسمع الأسئلة الغبية، وليمكنه الإجابة عليها. ولكن الجميع لا يفهمون
نهيقه، وهنا الطامة الكبرى.
ضحك الحاكم وأعفى أفندي
من ممارسة التنجيم.
6
ثمار الشجرة
قرأ نصر الدين أفندي
في كتاب "عالم الحيوانات المدهشة"، وعندما وصل إلى السطر التالي:
"في الأماكن التي يصعب على قدمي الإنسان الوصول إليها، تنمو شجرة مدهشة،
ثمارها تشبه الناس كثيراً، وفي الليل تنزل الثمار من على الأغصان إلى الأرض، وعند
الصباح تعود مرة أخرى إلى أماكنها، لتبقى متدلية كالثمار. ولكن خلافاً عن الناس
العاديين فإنها تمتاز بالغباء التام".
فكر نصر الدين أفندي
قليلاً ثم صرخ بأعلى صوته:
- آه، يعني أن حاكم
مدينتنا هو من ثمار تلك الشجرة! ولكن كيف سقط علينا هنا في المدينة، لا أفهم!
7
إحترام العباءة
وصل نصر الدين أفندي إلى
حفل عرس أقامه جاره الباي الغني، بعد العمل مباشرة وهو يلبس عباءة قديمة ممزقة. وهنا
لم يسمح خدام الباي الغني له حتى بتخطي عتبة الدار.
وصرخوا بوجهه:
- لا مكان لك هنا ! ألا تخجل، عجيب أمرك حتى كل
جائع أخذ يأتي إلى هنا!
فما كان من نصر الدين
أفندي إلا أن توجه إلى بيته، ولبس عباءة جديدة، ولف رأسه بعمامة بيضاء، وعاد مرة
أخرى إلى العرس.
وعندها قابله خدم
الباي الغني بسعادة وترحيب، وأجلسوه في أفضل الأماكن التي تليق به، وأحضروا له كل
أنواع الضيافة. وهم يرددون:
- تفضل كل هذا... تفضل
تذوق ذاك...
فما كان من نصر الدين
أفندي إلا أن أدلى نهاية كمه إلى الطعام، قائلاً:
- تفضلي ياعباءتي...
فتعجب الباي الغني منه
وقال له:
- ما هذا يا نصر
الدين أفندي ؟
فأجابه نصر الدين
أفندي:
- إذا كان كل هذا الإحترام
للعباءة، فلتتمتع عباءتي بحسن ضيافتكم !
8
الحمار البطيئ وحصان السباق
بعد أن تقدمت به سنوات
العمر تزوج حاكم البلاد من فتاة جميلة جداً، جاء بها من قرية آغاليك الواقعة على
بعد بضعة كيلو مترات عن سمرقند. وسرعان ما طلبت المرأة الشابة أن تزور أهلها، فسمح
لها، وبعد فترة قصيرة اشتاق الحاكم لها كثيراً. فاستدعى نصر الدين أفندي وأمره:
- إذهب إلى آغاليك
وأحضر لي زوجتي.
فقال نصر الدين أفندي
له:
- أمرك مطاع يا مولاي.
وبعد انقضاء يوم كامل
عاد نصر الدين أفندي مع زوجة الحاكم.
وهنا غضب الحاكم منه،
وقال له:
- لا، لا، كيف أرسلتك
أنت العجوز، وعلى حمارك البطيئ هذا ؟
انقضت الأيام، وذهبت
زوجة الحاكم مرة أخرى إلى آغاليك. وبعد أن فرغ صبر الحاكم إرسل في هذه المرة وراءها
قائد عسكري شاب على حصان سريع. مر يوم، ويومين، وبعد أسبوع وصلت زوجة الحاكم مع القائد
العسكري إلى سمرقند.
وهنا أطرق الحاكم رأسه
مفكراً، ووجه كلامه لنصر الدين أفندي:
- حمارك البطيئ، يا نصر
الدين أفندي، كان أكثر صدقاً من الحصان السريع.
فهمس نصر الدين أفندي
في أذنه قائلاً:
- عليك أن تعرف، من
ترسل يامولاي.
9
ملك الخراب
نصر الدين أفندي تفاخر،
قائلاً:
- أنا أعرف لغة
الطيور جيداً !
وصل هذا الكلام إلى الملك،
فدعاه إلى رحلة صيد.
وعندما عبروا مدينة
مهدومة. سمع صوت بوم. فسأل الملك نصر الدين أفندي:
- ماذا يقول ملك
الخراب هذا ؟
فأجابه نصر الدين
أفندي:
- يقول البوم يامولاي:
"إذا استمر الملك بحكم الدولة هكذا، فستكون بلاده ملكاً لي قريباً".
10
كيف تعلم الحمار القراءة
استدعى أمير البلاد نصر
الدين أفندي، وقال له وهو يشير إلى حمار واقف في الساحة:
- أكلفك بتعليم صاحب
الآذان الطويلة هذا القراءة!
وأعطاه من خزنته 200
تنغا ذهبية. ركب نصر الدين أفندي الحمار، وتوجه إلى بيته. حيث عاش شهرين مع أسرته برغد
ورفاهية ولم يبخل على نفسه بشيء، وفي اليوم المحدد عاد نصر الدين أفندي على الحمار
إلى القصر، وتوجه إلى الأمير العظيم، وطلب منه إصدار أمر يدعو فيه كل علماء سمرقند
ليشاهدوا الحمار وهو يقرأ.
وعندما اجتمع العلماء
في صالة العرش. دفع الفضول الوزير للحضور، وحضر حتى القادة العسكريون، والنبلاء. وهنا
أدخل نصر الدين أفندي الحمار إلى الصالون، ووضع أمامه على الأرض كتاباً. تصفح الحمار
كل صفحات الكتاب بلسانه بسرعة وعندما وصل إلى آخر صفحة نهق بصوت مرتفع.
فما كان من نصر الدين
أفندي إلا أن إنحنى أمام الأمير، وسأله:
- هل أنتم مسرورون يا
مولاي ؟
عبر الأمير عن
إرتياحه، وأمر بإعطاء نصر الدين افندي مئتي تنغا ذهبية أخرى، وسأله:
- كيف استطعت يا نصر
الدين أفندي تعليم حيوان لا يتكلم القراءة.
فأجابه نصر الدين
أفندي:
- سأجيب إن أعطيتموني
الأمان.
فقال الأمير:
- أعطيك الأمان!
وهنا تحدث نصر الدين أفندي،
قائلاً:
- أمام أنظار الحمار وضعت
بين صفحات الكتاب شعيراً ووضعته في المخلاة. وعند وصولنا إلى هنا وضعت الكتاب
أمامه، فأحس الحمار برائحة الشعير الذكية، وعندها بدأ بالبحث عن الطعام، وقلب الصفحات
صفحة، صفحة، وهو يلعق الشعير بلسانه، وبعد أن فرغ نهق بأعلى صوته.
- وكما ترى ياصاحب
العظمة، أنا أعَّلِّم أي حمار القراءة، مهما كان غبياً، وهذا أمر ممكن بالكامل
وليس صعباً.
11
الأعمى
في يوم من الأيام، تجول
الأمير العظيم في شوارع سمرقند، وشاهد أعمى، يطلب حسنة من المارة.
فسأله الأمير العظيم:
- ما اسمك ؟
فأجابه الأعمى بهدوء:
- في يوم ميلادي أعطاني
أهلي اسم سعيد.
فضحك الأمير المتعالي،
وقال:
- يا الله، وهل يكون
الأعمى سعيداً ؟
هنا صرخ نصر الدين
أفندي أمام الأمير المبصر، وقال:
- يا الله، هل أقول لكم
من هو الأعمى ؟
فسأله الأمير:
- من ؟
فقال نصر الدين
أفندي:
- إن الأعمى هو من
يسخر من هذا الأعمى الحزين.
12
كم سعر الخروف
توجه نصر الدين أفندي
إلى السوق ليبيع خروفه.
وهناك ساله الناس:
- هل تطلب ثمناً
غاليا بخروفك هذا يا نصر الدين أفندي ؟
فأجاب نصر الدين
أفندي:
- اشتريته بخمس تنغات،
وأفكر ببيعه بست تنغات. ويمكن أن أعثر على إنسان يدفع سبعة تنغات. والخروف يساوي
ثمانية تنغات كاملة. وإذا أردتم شراءه سأبيعه لكم بعشرين تنغا، وأنتم ستضيفون تنغا
أخرى.
13
كلمات مقدسة
في الأيام الخالية عندما
كان الملا نصر الدين أفندي تلميذاً في المدرسة، ذات يوم سرقت محفظة دفاتره وأقلامه
وفيها نقوده، فسار منكساً رأسه غاضباً جداً. وهنا وبخه صاحب المدرسة قائلاً:
- إيه، يا نصر الدين أفندي،
أنت تتحمل المسؤولية كاملة ؟ كان عليك أن تكتب بعض الآيات المقدسة من القرآن الكريم
وتضعها في محفظة الدفاتر والأقلام. وهذا كان من الممكن أن يوقظ ضمير الحرامي و...
فقاطعه نصر الدين
أفندي، قائلاً:
- كيف ذلك والقرآن الكريم
كاملاً كان في المحفظة!
14
لا تتسرع!
كان مزاج حاكم البلاد
سيء جداً. لأنه كان يريد طرد الخاندر ولكن دون جدوى، وهنا دعى المنجمين ووجه لكل
منهم نفس السؤال على التوالي:
- كم عاماً بقي لي أن
أعيش في هذه الحياة ؟
ومهما تباينت أجوبة
المنجمين: "عشر سنوات"، "عشرين سنة"، "ثلاثين سنة" كان
الأمير يأمر بقطع رؤوسهم.
والشيء ذاته حدث مع
منجم آخر شارك رفاقه في هذا الحكم الظالم، لماذا ؟ لأنه قال أن الأمير سيعيش مئة
سنة.
وعندها قال الأمير:
- قطعت رؤوس أولئك لأنهم
خفضوا مدة حياتي جداً، ولكنك أنت أردت التباهى بخداعك لي.
وعندما وقع اختيار
الحاكم على نصر الدين أفندي.
قال له الأمير
غاضباً:
- إيه أيها الحكيم،
أنت أيضاً كنت في وقت من الأوقات من بين منجمي القصر. كم سنة بقي لي أن أعيش في الحياة
كحاكم لكم ؟
اقترب نصر الدين أفندي
من كرسي العرش، وخر على ركبتيه مجيباً:
- يا مولاي، يوم الأمس
رأيت تناسب حركة النجوم وحركة كواكبكم.
فقال الأمير:
- وماذا رأيت ؟
فقال نصر الدين
أفندي:
- رأيت أنكم ستموتون
ياصاحب العظمة بعد يوم واحد من موتي. ولهذا لا تستعجل بقطع رأسي.
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق