الاثنين، 3 يوليو 2017

القائد العسكري والأمير البخاري يلنغتوش بهادر


القائد العسكري والأمير يلنغتوش بهادر (1576-1656)

ولد القائد العسكري، والبيك، والسياسي، وحاكم الميراث الضخم، وأمير لخانات بخارى على سمرقند يلنغتوش بهادر (بالأوزبكية Yalangto'sh Bahodir) عام 1576م في جيزاخ وتوفي عام 1656م. وعلى ما يبدو أن اسم يلنغتوش بهادر في السجلات يعني لقب يمنح مدى الحياة ويترجم "بطل بصدر مفتوح".
ونصادف اسم يلنغتوش كقائد عسكري مثل: يلنغتوش بيه بالمصادر المكتوبة في خانية بخارى، وفي الدولة الصفوية.
وأطلق عليه في علم التاريخ بروسيا قبل الثورة اسم يلنغتوش بيه فقط. وفي المعجم الموسوعي بروكغاوز وبفرون أطلق عليه "يلنغتوش بهادر" أيضاً.
واستخدم في المراجع الإستشراقية العالمية اسم يلنغتوش بيه فقط.
وعلى شواهد القبور الحجرية التي شيدها أحفاده نحت اسم يلنغتوش بيه.

وعلى اللوحة الحجرية المشيدة على قبره نقش اسمه باللغة الأوزبكية الحديثة بالحرف الكيريلي على الشكل التالي "Ялангтуш Боходур".
ووفقاً للمصادر المكتوبة انحدر يلنغتوش بهادر من السلالة الأوزبكية ألتشين، وأطلق على أبيه اسم باي خوجه، والأب وإبنه كانا من تلاميذ خوجه هاشم داغبيدي حفيد الزعيم الصوفي الشهير في الحركة النقشبندية مخدومي أعظم (1461م-1542م). ويلنغتوش بهادر ودفت ابنتيه (إكليمه بانو، وأويبيبي) في مقبرة بداغبيتي عند قدمي خوجه هاشم داغبيدي. ووفقاً لوثيقة مؤرخة في عام 1643م كان لديه ابن اسمه بويبيك، وكان متعلماً أيضاً وتوفي قبل أبيه، وفي وثيقة تعود لنفس العام كتب أنه توفي عام 1650م.
وأطلق المؤلفون الروس قبل الثورة وفي العهد السوفييتي عليه أيضاً اسم يلنغتوش بهادر وصفة قائد أوزبكي. وأشار أ.ب. خوروشخين خاصة إلى أن: "...تيلا قاري وشيردار شيدهما قبل أكثر من 200 سنة مضت حاكم سمرقند يالانغ بيه أو يالانغ تاش بهادر بالأموال والكنوز التي نهبها من مدينة مشهد بفارس. انحدر يالانغ تاش (الحجر الأملس) من سلالة ألتشين الأوزبكية".

وأشار د.إ. إيفارنيتسكي إلى أن: "مسجد تيلا قاري شيده في عام 1618 ميلادية يلنغتوش بهادر من السلالة الأوزبكية ألتشين. ومسجد شيردار شيد عام 1616م بأمر من أبو طاهر خوجه، المشار إليه أعلاه يلنغتوش بهادر، من السلالة الأوزبكية ألتشين، ويعتبر من أروع المباني بين المساجد الثلاث المشيدة في ريغيستان".
وأشار ف.إ. ماسالسكي إلى أن: "مسجد ومدرسة تيلا قاري (وهذا يعني أنهما منفصلان) شيدهما عام 1647م الأمير يلنغتوش بهادر (قائد وإمام كوليخان) من السلالة الأوزبكية "ألتشين". وعلى يمين تيلا قاري وعلى زاوية مستقيمة منه يقع مسجد شيردار (أي المزين بالأسود)، وشيده نفس الأمير يلنغتوش عام 1618م".
وكتب ب.ب. إيفانوف أنه: "رافق إنهيار الأهمية السياسية للأشتارخانيين في بخارى نمو القوة العسكرية والسياسية لبعض الإقطاعيين البخاريين من بين النبلاء الأوزبك، المنتمين على سبيل المثال للشخصية الكبيرة المعروفة في عهد (آتاليك) خان عبد العزيز (1645م-1680م)، بيه يالانتوش، مشيد مدرستي شيردار وتيلاقاري الشهيرتان في سمرقند".

والسؤال المطروح للنقاش هو اسم والد يلنغتوش بهادر، فوفق الروايات الشفهية القازاقية ينطق سييتقول، وفي الوثائق القانونية المكتوبة، كانت تسمية أباه باي خوجا. ومن المتوقع أن الحديث يدور حول شخصين مختلفين. إذ ترك جالانتوس باطير أحفاداً كثيرون، بينما كان ليلنغتوش بيه إبناً واحداً، توفي ولم يترك بعده أحفاداً من الذكور.
ووفقاً للروايات المتداولة تربى يلنغتوش من سن الـ 12 في محيط خان بخارى دين محمد. و حصل على تعليمه الأولي في المدرسة. كما ودرس في المدرسة الحربية الخاصة، التي تعلم فيها حكام المستقبل والقادة العسكريون. وبالنتيجة حصل بشكل مبكر على علوم الإدارة والشؤون العسكرية. وفي عام 1593م وهو بسن الـ 17 أختير يلنغتوش بيكاً على قطعات سلالة علي ملا. ووفق المعلومات أنه تعلم بمدينة بغداد خلال السنوات الممتدة من عام 1595م وحتى عام 1598م.
وفي المصادر المكتوبة تشكل سلم يلنغتوش بيك الوظيفي بشكل آخر: إذ كان أبوه باي حجي أميراً ومن كبار شخصيات خانية الأشتارخانيديين، وعلى هذا الشكل تربى يلنغتوش بيك من طفولته في قصر خانات بخارى.
وعرف يلنغتوش بشكل ممتاز اللغتين الفارسية والعربية. وكل الوثائق الحقوقية التي بقيت بإسمه ومن ضمنها الكتابات على جدران واحدة من مدارس ساحة ريغستان كتبت باللغة الفارسية.
وبعد وفاة حاكم الأشتارخانيديين البيك محمد خان عام 1605م، دعم يلنغتوش في البداية والي محمد خان، وبعدها وقف ضده في عام 1611م، ودعم حاكماً آخر للأشتارخانيديين هو الإمام قولي خان. وبالنتيجة عين الخان الجديد يلنغتوش أميراً على سمرقند في عام 1612م، وبعدها على أتاليك أيضاً.
وملك يلنغتوش أراضي واسعة في مختلف مناطق وسط آسيا. وعلى سبيل المثال: حررت بتاريخ 30 أبريل/نيسان عام 1650م وثيقة الشراء التالية: "يلنغتوش باي بن بوي حجي باي، اشترى من نيوز بيك وحجي بيك، أبني عاشور قوشبيغي سدسي بستان وسدسي قطعة الأرض، الكائنة في محلة بوسارتشاك في تومان شوفدور بسمرقند لقاء 1000 تانغه".
وتميز يلنغتوش بهادر بالصمود والبراغماتية العسكرية وحصل على لقب باطير.
وفي عام 1612م على رأس قوات إمام قولي خان استولى على طشقند وتركستان.
وفي عام 1612م أرسله إمام قولي خان على رأس قواته لمحاربة يسيم خان.
وفي عام 1614م قام يلنغتوش بحملة على خوراسان، وفي عام 1618م على هيرات. وخلال عشرينات ذلك القرن قاتل على أراضي أفغانستان المعاصرة، وقام بحماية الحدود الجنوبية لدولة الأشتارخانيين.
وفي عام 1621م تولى قيادة قوات الأشتارخانيين لمواجهة هجمات قوات تورسون سلطان القازاقية.
وفي عام 1628م وبأمر من إمام قولي خان قضى يلنغتوش على قوات تورسون سلطان القازاقي بالقرب من طشقند وأجبره على الفرار إلى قشغار.
وفي عام 1636م قامت قوات إمام قولي خان بقيادة يلنغتوش بيه بحملة على سايرام، وبالقرب منها هاجمت القبائل القازاقية. واستمرت الحملة حتى سهوب ديشتي كيبتشاك.
وفي عام 1640م قضت تلك القوات بقيادة يلنغتوش على المهاجمين في أراضي القازاق والأوزبك الرحل الجونغار. وبعدها حصل جالانتوس (بالقازاقية) على رتبة تومان باشي (قائد فرقة من 10 آلاف عسكري). ولم يتوقف التوسع العسكري للجونغار بل قاموا بنهب أراضي جيتيس. وجاء جالانتوس بهادر من سمرقند لمساعدة القازاق على رأس مفرزة يبلغ عدد أفرادها 30 ألف عسكري مسلحين بشكل جيد. وساعدت قوات جالانتوس على وقف التوسع في سيميريتش وجونغارام بقيادة باتور خان تاجي.
وفي عام 1643م وصل يلنغتوش بهادر لمساعدة الخان القازاقي جانغير خان في معركة أوربولاق. وفي هذه المرة كانت قواته المؤلفة من 20 ألف عسكري كافية للتأثير الإيجابي على نتائج المعارك الجارية.
وفي عام 1646م نشب صراع بين خان بخارى عبد العزيز خان، وشاه جاهان. وتطلعت خانية بخارى ودولة المغول العظام نحو السيطرة على المدن الإستراتيجية خوراسان وبالخ. وبالنتيجة اشتعلت الحرب بينهم.  ووفقاً للمعلومات التاريخية الواردة في المرجع "تاريخي كيبتشاك خاني" لخوجه مقولي بيك بالخي، دعى عبد العزيز خان القادة العسكريين وقادة القطعات العسكرية الأوزبكية إلى قورلتاي (مؤتمر) عظيم. وبعد المشاورات والتخمينات تقرر أنه دون إسهام سلاطين الفازاق لايمكن التصدي لهذه الهجمات. وتوجه الشيوخ والعلماء والنيونيون مع الخان إلى طشقند، حيت نظم الأوزبك والقازاق والقره قلباق إجتماعاً كبيراً. وبعد المجلس أقام 300 ألف شخص مع لاق من الفرسان القازاق (اللاق يضم 100 ألف فارس) حزاماً للمساعدة. وفي النهاية قضى هذا الإتحاد الذي ضم عبد العزيز خان مع توره القازاقي، ويلنغتوش آتاليك وآلتشين بيك أوغلي بيه على قوات شاه جاهان.
وكان يلنغتوش في حالة عداء مع عبد العزيز خان ورغم الإتفاق العسكري المبرم، لم يتوقف هذا العداء حتى أثناء حملتهم العسكرية المشتركة ضد شاه جاهان.
وبعدها قام يلنغتوش بحملات ناجحة كثيرة استولى خلالها ونهب مشهد، ومن هناك جلب الكثير من الحرفيين الأسرى.
كما اشتهر يلنغتوش باهادور بإسهامه في بناء منشآت جديدة وبدعمه للفنون.
وفي قلب سمرقند وعلى ساحة ريغستان وبإسهام من يلنغتوش بهادر شيدت مدرسة شيردور (مدرسة الأسود)، التي تحولت فيما بعد إلى موقع أثري تاريخي وثقافي.
وأشارت الكتابات المكتوبة باللغتين الفارسية والطاجيكية على جدران مدرسة شيردور إلى أن "مؤسسها هو الأمير والقائد العسكري العادل يلنغتوش بهادر".
كما شيد في سمرقند تيلاقاري (المزينة بالذهب). وتعتبر هذه المشيدات المعمارية زينة  لسمرقند المعاصرة وتجذب السياح من كل أنحاء العالم.
وتشغل هذه المباني من حيث مهارة تشييدها مكانة عالية في كل الفنون المعمارية التاريخية الشرقية.
ودفن يلنغتوش بهادر في داغبيتي الواقعة على مسافة 12 كم عن سمرقند عند أقدام مربيه الروحي. كما ودفنت هناك بناته أيضاً. وبوفاة بوي بيك من سلالة يلنغتوش بهادر الذكور لم يبقى أحد من سلالته، ووفقاً لمعلومات م.يي. ماسون، أن واحدة من بناته تابعت بناء المدرسة على ساحة ريغستان.
ووفق المصادر التاريخية القازاقية يعيش أحفاد جالانتوس بهادور في سمرقند وفي محافظة قيزل أوردة ومنطقة قازالين في قازاقستان المجاورة.
كما وأطلق اسم يلنغتوش بهادر على أحد الشوارع الرئيسية في سمرقند المعاصرة. وأطلق اسم جالانتوس على شوارع في المدن القازاقستانية: ألما أتا، وسيمبلاتينسك، وقزل أوردة، كذلك.
وفي قزيل أوردة أطلق اسمه على مدرسة جالانتوس بهادر سيتكولولي الداخلية بمحافظة قزيل أوردة للأطفال الرياضيين الموهوبين.
وفي منطقة قيزل بمحافظة قزل أوردة أطلق اسمه على المركز السكاني الريفي "جلانتوس باطير".
وفي عام 2001 نظم بمدينة قيزيل أورده مؤتمر علمي نظري بموضوع "جلانتوس بهادر والدولة القازاقية في القرون الوسطى". وشارك في المؤتمر علماء، وسياسيون، وكتاب، من قازاقستان وأوزبكستان وغيرهم من الدول. كما وجرت في قيزيل أورده مسابقة خصصت للذكرى السنوية الـ 425 للباطير الشهير.
وفي الوقت الراهن شيد بمدينة قيزل أورده (قازاقستان) نصب جالانتوس بهادر التذكاري.
وفي عام 2014 جرى في سمرقند تقديم لوحة للفنان التشكيلي أ. عماروف "حاكم سمرقند يلنغتوش بهادر أثناء تشييد مدرسة شيردور".
* * * * *
طشقند 3/7/2017 دراسة مختصرة أعدها بتصرف: أ.د. محمد البخاري، دكتوراه في العلوم السياسية (DC)، تخصص: الثقافة السياسية والأيديولوجية، والقضايا السياسية للنظم الدولية وتطور العولمة. ودكتوراه فلسفة في الأدب (PhD)، تخصص صحافة. بروفيسور. عن المادة المنشورة في الرابط الإلكتروني Ziyonet.


ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق